مجلس الدولة - المكتب الفني لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثانية والأربعون - الجزء الأول (من أول أكتوبر سنة 1996 إلى آخر فبراير سنة 1997) - صـ 449

(45)
جلسة 19 من يناير سنة 1997

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ رائد جعفر النفراوي نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة المستشارين/ محمد عبد الرحمن سلامة، والسيد محمد السيد الطحان، وأحمد عبد العزيز أبو العزم، وسامي أحمد محمد الصباغ نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 423 لسنة 41 قضائية عليا

تخطيط عمراني - تقسيم الأراضي - اختصاص المحافظات والوحدات المحلية بشئون تقسيم الأراضي - أثر ذلك. المواد 3 و6 و11 و12 و16 و23 و24 من القانون رقم 3 لسنة 1992 بإصدار قانون التخطيط العمراني, واللائحة التنفيذية لقانون نظام الإدارة المحلية الصادر بالقانون رقم 43 لسنة 1979 الصادر بقرار وزير الإسكان رقم 600 لسنة 1982.
ناط المشرع بالمحافظة والوحدات المحلية ممارسة اختصاصات على ما يتعلق بشئون تقسيم الأراضي وما يتصل بذلك من مراجعة لمشروع التقسيم والتحقق من مدى التزام المقسمين بالشروط الواردة في قائمة التقسيم وتحديد الشروط المتطلبة لاعتماد التقسيم والتي جعلها المشرع في حكم الشروط البنائية والتي تستلزم أن تكون المباني مطابقة للمواصفات والاشتراطات القانونية اللازمة حتى تقوم الوحدات المحلية المختلفة بعد ذلك بإصدار تراخيص البناء، ومن ثم فإن كل ما يتعلق بممارسة الوحدات المحلية باعتبارها سلطة عامة لأعمال البناء بدءاً من اعتماد التقسيم ووضع شروطه وما يعقب ذلك من إصدار تراخيص البناء ومتابعة التزام المرخص لهم بالبناء بشروط التقسيم وشروط التنظيم وكل ما يتصل بممارسة الوحدات المحلية باعتبارها ممثلة للسلطة العامة - كل ذلك يعتبر من قبيل ممارسة الوحدات المحلية لاختصاصات السلطة العامة التي يتعين أن تظل منوطة بالوحدات المحلية المختلفة وبدون مشاركة في هذا الاختصاص - مؤدى ذلك - أن شركات الإسكان يقتصر دورها في علاقتها العقدية بالمشترين منها والتي لا شأن للجهة الإدارية بها متى التزم المشترى بالاشتراطات الواجبة التطبيق وفقاً لقانون التخطيط العمراني وتوجيه أعمال البناء - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الأحد الموافق 27/ 11/ 1994 أودع الأستاذ الدكتور ......... المحامي بصفته وكيلا عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 423 لسنة 41 ق في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري دائرة منازعات الأفراد بجلسة 10/ 11/ 1994 في الدعوى رقم 6600 لسنة 47 ق والذي قضى برفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة ولائيا بنظر الدعوى وباختصاصها وبقبول الدعوى شكلاً ورفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام الشركات المدعية المصروفات.
وطلبت الشركات الطاعنة في ختام تقرير طعنها وللأسباب الواردة به الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً بوقف تنفيذ قرار محافظ القاهرة رقم 349 لسنة 1993 وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الادارية المصروفات، وقد تم إعلان تقرير الطعن إلى الجهة الإدارية المطعون ضدها على الوجه المبين بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني في الطعن طلبت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه ووقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون في 20/ 2/ 1995 وبجلسة 20/ 5/ 1996 - قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا - الدائرة الأولى موضوع - لنظره بجلسة 4/ 8/ 1996.
نظر الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا على الوجه المبين بمحاضر الجلسات إلى أن قررت المحكمة حجز الطعن للحكم بجلسة اليوم وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق والمستندات وسماع الإيضاحات والمداولة.
حيث إن الحكم المطعون فيه قد صدر في 10/ 11/ 1994 وأقيم الطعن الماثل في 27/ 11/ 1994 ومن ثم يكون مقبولاً شكلاً.
ومن حيث إن واقعات النزاع تتحصل في أنه بتاريخ 1/ 7/ 1993 أقامت الشركات الطاعنة الدعوى رقم 6600 لسنة 47 ق أمام محكمة القضاء الإداري بالقاهرة بطلب الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ قرار محافظ القاهرة رقم 349 لسنة 1993 - الصادر بتاريخ 4/ 5/ 1993 فيما تضمنه من اعتبار الشركات في حكم تقسيم الأراضي وحرمانها من إصدار موافقاتها المتعلقة بالاشتراطات التخطيطية أو البنائية وفقا لشروط التقسيم ولوائحه وما تضمنه كذلك من عدم الاعتداد بموافقتها بشأن الشروط البنائية بتقاسيمها والأمر بتنفيذ الحكم بمسودته وبغير إعلان.
ثانياً: وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار وبتعويض مؤقت لكل شركة بمبلغ مليون جنيه عن كافة الأضرار التي تصيبها والمصروفات.
وذكرت الشركات بيانا لدعواها أن المدعى عليه (المطعون ضده في الطعن الماثل) أصدر القرار رقم 349 لسنة 93 في 4/ 5/ 1993 ناصاً في المادة الأولى منه على أن: تعتبر شركات القطاع العام للإسكان العاملة في نطاق محافظة القاهرة: شركة مصر الجديدة للإسكان والتعمير، شركة مدينة نصر للإسكان والتعمير، شركة المعادي للتعبئة والتعمير، شركة النصر للإسكان والتعمير في حكم التقسيم للأراضي، مفهوم تطبيق أحكام قانون التخطيط العمراني وقانون توجيه وتنظيم أعمال البناء.........
3- تتولى أجهزة الأحياء المختصة بالمحافظة - دون غيرها - تلقى طلبات تراخيص البناء للتقاسبم التي تعتمد لهذه الشركات من ذوي الشأن مباشرة، وإصدار التراخيص طبقاً للشروط البنائية المعتمدة لهذه التقاسيم كما تتولى أجهزة الأحياء الرقابة على الالتزام الكامل بهذه الاشتراطات، واتخاذ الإجراءات الضرورية قبل أية أعمال يشرع في إقامتها على خلافها.
3- لا يجوز لهذه الشركات إصدار أية موافقات تتعلق بالأمور التخطيطية أو البنائية بعد اعتماد شروط التقسيم، باعتبار أن هذه الأمور من صميم عمل أجهزة المحافظة وأحيائها.
4- لا يعتد بأية موافقات تصدر عن هذه الشركات تمس الشروط البنائية بتقاسيمها بعد اعتمادها وصيرورتها ملزمة لخروج ذلك عن اختصاصها.
ونعت الشركات على القرار المذكور مخالفته للقوانين لأنها كما تقول تكونت وأسست كشركات مساهمة مصرية بغرض التنمية والتعمير والإسكان، وقد باعت لها الحكومة المصرية أراضي صحراوية ونصت الشركات في عقود البيع على الالتزام بالاشتراطات البنائية - التخطيطية لقطع الأراضي واعتبرتها جزءاً لا يتجزء من عقد البيع، واحتفظت بحقها في دارسة المشروع قبل البناء والموافقة على دراسته، وفي سبيل ذلك قامت ببيع هذه الأراضي بأسعار مخفضة، وبمراعاة حقها القائم والثابت في عقد البيع والذي يخولها مراقبة الشروط البنائية المقررة قانوناً، أما إصدار تراخيص البناء فإن ذلك من اختصاص الأحياء بشرط موافقة الشركات على المشروع ومراجعته قبل التقدم بطلب الترخيص بالبناء - وأشارت الشركات في عريضة دعواها إلى أن القوانين الصادرة بتقسيم الأراضي المعدة للبناء مرت على استثناء هذه الشركات من مخاطبتها بأحكام قوانين البناء والتخطيط العمراني القانون رقم 52 لسنة 40 ومن بعده القانون رقم 3 لسنة 1952 الذي نص في المادة 23 على عدم سريانه على مدينة مصر الجديدة..... وعلى كل تقسيم يكون بحسب أهميته أو بسبب أن الحكومة تملكه كله أو بعضه كما أشارت الشركات المذكورة إلى أن القانون رقم 3 لسنة 1982 بشأن التخطيط العمراني والمعمول به حالياً أكد هذا الاستثناء، وأضافت الشركات المذكورة أن القرار المطعون فيه نص في البند 4 على عدم الاعتداد بأية موافقات صادرة منها تتصل بالشروط البنائية أو بتقاسيمها وهو ما ينطوى على مخالفة القانون إذ أن موافقة الشركات على البناء أو مراجعتها مشروع البناء أو مواصفات اشتراطاته تعتبر ضرورية وجزءاً لا يتجزأ من الشروط وهي تلزم الأحياء وتوجب عليها مراعاتها كشرط من شروط إصدار التراخيص كما أشارت عريضة الدعوى إلى مخالفة القرار المطعون فيه لأحكام القانون رقم 203 لسنة 1991 والذي اعتبر تلك الشركات من شركات قطاع الأعمال والتي ليس للمحافظ أية ولاية عليها.
كما ذكرت عريضة الدعوى أن القرار المطعون فيه انحرف عن غايته وصدر نتيجة لخلافات كانت قائمة ومعروفة بين المحافظ ووزير التعمير والإسكان - نقيب المهندسين والشركات التابعة له بصفته.
وقد دفعت الجهة الإدارية بعدم اختصاص القضاء الإداري بنظر هذا النزاع بمقولة أن الشركات المدعية من أشخاص القانون الخاص - يتعلق هذا النزاع بإدارة هذه الشركات واختصاصاتها وصلاحيتها عما يخرجه بحسب طبيعته عن كونه قراراً إدارياً.
وقد ارتأى الحكم المطعون فيه أن القرار المطعون فيه لا يعدو أن يكون قراراً إدارياً نهائياً مما يختص بالفصل في وقفه وإلغائه القضاء الإداري، ومن ثم رفض الحكم المطعون فيه الدفع المشار إليه، وعن موضوع النزاع فقد أقام الحكم المطعون فيه قضائه برفضه طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه في ضوء ما استخلصه الحكم المطعون فيه من أن الأحكام الواردة بالباب الثالث من قانون التخطيط العمراني رقم 3 لسنة 1982 وما أوردته نصوصه من ضوابط وضمانات تكفل التطبيق السليم لأحكامه والإجراءات التي تتخذ عند الخروج على هذه الأحكام كذلك ما ورد باللائحة التنفيذية للقانون المذكور واللائحة التنفيذية لقانون نظام الإدارة المحلية الصادر بالقانون رقم 43 لسنة 1979 والتي حددت المهام التي تتولاها المحافظة في مجال الإسكان والشئون العمرانية كل هذه الأحكام توجب التفرقة بين مرحلتين أساسيتين أولاً: المرحلة السابقة على اعتماد التقسيم والتي تسرى فيها العلاقة بين الشركات المقسمة وبين راغبي وطالبي البناء وهي علاقة يحكمها - بلا ريب - القانون الخاص ويكون فيها لهذه الشركات دور أساسي يتوج بالقرار الصادر باعتماد التقسيم وشروطه، وهو القرار الذي ينهى مهمة تلك الشركات في علاقتها بعملائها المشترين وبوقف سلطتها في استمرار التعامل معهم وملاحقتهم.
ثانياً: المرحلة اللاحقة على تمام الاعتماد وتسود فيها العلاقة بين المشتري والوحدات المحلية المختلفة والجهات القائمة على شئون التنظيم طبقاً للمدلول المحدد في القوانين، وهذه العلاقة يحكمها القانون العام التي تفرض أحكامه على هذه الوحدات احترام الشروط الواردة في قائمة التقسيم ومراعاتها سواء فيما يتعلق فيها بتفسير حقوق الارتفاق والحقوق العينية الأخرى واتخاذ إجراءات الشهر وغير ذلك.
وقد خلص الحكم المطعون فيه على هدى هذا التقسيم أن القرار المطعون فيه بحسب الظاهر من الأوراق لا يعدو أن يكون تجسيداً للممارسة الصحيحة للصلاحيات المخولة للجهات الإدارية المشار إليها بحيث لا يعدو القرار المطعون فيه إلا أن يكون تأكيداً لتفرد الأحياء المختلفة بالمحافظة بالقيام بتلك الصلاحيات دون غيرها الأمر الذي يعد معه القرار كاشفا ومقررا لحق أصيل أسندته التشريعات المختلفة لهذه الأحياء بغير افتئات على صلاحيات مقررة لجهة أخرى.
ومن ثم انتهى الحكم المطعون فيه إلى أن القرار المطعون فيه يكون قد قام بحسب الظاهر على أسباب صحيحة الأمر الذي يؤدى إلى تخلف ركن الجدية في طلب وقف تنفيذه - من ثم قضى الحكم المطعون فيه برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه.
ومن حيث إن الشركات الطاعنة أسست طعنها على أن الحكم المطعون فيه على مخالفته للثابت من الأوراق إذ تقول الشركات الطاعنة أن عقود البيع المحررة بين الشركات والمنتفعين وكذلك الشروط الواردة بدفتر الاشتراطات الملحقة بهذه العقود من أنه لا يجوز إقامة أية مبان قبل موافقة الشركة البائعة وعرض الرسومات الهندسية عليها لمراجعتها.
كما أشار تقرير الطعن إلى مخالفة الحكم المطعون فيه لأحكام القانون وذلك على سند من القول بأن القانون رقم 52 لسنة 1940 قد استثنى من أحكامه شركة مصر الجديدة للإسكان, حيث احتفظ لها بحقها في ملاحقة ومراجعة الاشتراطات البنائية، كما أشار تقرير الطعن إلى مخالفة القرار لأحكام القانون رقم 203 لسنة 1991 بشأن شركات قطاع الأعمال والتي من شأنها ألا يكون لمحافظ القاهرة أية سلطات أو صلاحيات في شأن تلك الشركات، كما أشار تقرير الطعن إلى تناقض أسباب الحكم مع منطوقه وإخلاله بحق الدفاع إذ لم يرد الحكم المطعون فيه على ما أبدي من دفاع يتحصل في انحراف القرار المطعون فيه وإساءة استعمال السلطة وما اعتور القرار المطعون فيه من غصب للسلطة، وخلص تقرير الطعن إلى طلب الحكم بالطلبات السابق بيانها.
ومن حيث إن موضوع النزاع الماثل يتحصل في مدى مشروعية قرار محافظ القاهرة رقم 349 لسنة 1993 السابق بيانه تفصيلاً.
ومن حيث إنه باستعراض النصوص الواجبة التطبيق في هذا الشأن فإن المادة الثالثة من القانون رقم 3 لسنة 1992 بإصدار قانون التخطيط العمراني تنص على أن تسري أحكام قانون الموافقة على طلبات التقسيم التي لم يصدر قرار باعتمادها حتى تاريخ العمل به.
وتنص المادة السادسة من قانون الإصدار على أن يلقى القانون رقم 52 لسنة 1940 بتقسيم الأراضي المعدة للبناء.......... كما يلغى كل نص يخالف أحكام القانون المرافق.
ونصت المادة 11 على أنه: "في تطبيق أحكام هذا القانون يقصد بالتقسيم كل تجزئة لقطعة أرض داخل نطاق المدن إلى أكثر من قطعتين.
وتنص المادة 12 على أنه لا يجوز تنفيذ مشروع تقسيم أو إدخال تعديل في تقسيم معتمد أو قائم بعد اعتماده وفقاً للشروط والأوضاع المنصوص عليها في هذا القانون ولائحته التنفيذية.
وتنص المادة 16 على أن يصدر باعتماد التقسيم وقائمة الشروط الخاصة به قرار من المحافظ........ ويترتب على صدور القرار أن تعتبر من الأملاك العامة المساحات المخصصة للشوارع والميادين والحدائق والمنتزهات العامة...
وتنص المادة 23 على أنه: "يجب أن يذكر في عقود التعامل على قطع التقسيم القرار الصادر بالتقسيم وقائمة الشروط الخاصة به وأن ينص على سريان هذه القائمة على المشترين وخلفائهم مهما تعاقبوا، وعلى مصلحة الشهر العقاري والتوثيق مراعاة ذلك وتعتبر قائمة الشروط المشار إليها جزءاً من قرار التقسيم.
كما تنص المادة 24 على أن تعتبر الشروط الواردة بالقائمة المنصوص عليها بالمادة السابقة شروطاً بنائية تأتي في مرتبة الأحكام الواردة بقوانين ولوائح المباني، وتسري على مناطق التقاسيم التي تتناولها.
على الوحدة المحلية مراقبة تطبيق تلك الشروط:.......... واتخاذ كافة القرارات التي تكفل وضعها موضع التنفيذ وفقاً لأحكام هذا القانون.
ومن حيث إن اللائحة التنفيذية لقانون نظام الإدارة المحلية الصادر بالقانون رقم 43 لسنة 1979 وهي اللائحة الصادرة بقرار وزير الإسكان رقم 600 لسنة 1982 قد تناولت المهام التي تتولاها المحافظة في مجال الإسكان والشئون العمرانية وهي تتعلق بدراسة ومراجعة مشروعات التخطيط العمراني في دائرتها والموافقة على الخطط المتعلقة بالإسكان والمرافق.
كما أوضحت تلك اللائحة الاختصاصات التي تباشرها الوحدات المحلية والتي تتمثل في تطبيق القوانين المتعلقة بأعمال التنظيم وتقسيم الأراضي والمباني وخاصة ما يتعلق بمطابقة المباني للمواصفات والاشتراطات اللازمة وإصدار التراخيص الخاصة بذلك بما فيها تراخيص البناء والهدم.
ومفاد كل تلك النصوص أن المشرع قد أناط بالمحافظة والوحدات المحلية ممارسة اختصاصات كل ما يتعلق بشئون تقسيم الأراضي وما يتصل بذلك من مراجعة لمشروع التقسيم والتحقق من مدى التزام المقسمين بالشروط الواردة في قائمة التقسيم وتحديد الشروط المتطلبة لاعتماد التقسيم والتي جعلها المشرع في حكم الشروط البنائية والتي تستلزم أن تكون المباني مطابقة للمواصفات والاشتراطات القانونية اللازمة حتى تقوم الوحدات المحلية المختلفة بعد ذلك بإصدار تراخيص البناء، ومن ثم فإن كل ما يتعلق بممارسة الوحدات المحلية باعتبارها سلطة عامة لأعمال البناء بدءاً من اعتماد التقسيم ووضع شروطه وما يعقب ذلك من إصدار تراخيص البناء ومتابعة التزام المرخص لهم بالبناء بشروط التقسيم وشروط التنظيم وكل ما يتصل بممارسة الوحدات المحلية باعتبارها مكنة للسلطة العامة - كل ذلك يعتبر من قبيل ممارسة الوحدات المحلية لاختصاصات السلطة العامة التي يتعين أن تظل منوطة بالوحدات المحلية المختلفة وبدون مشاركة في هذا الاختصاص مع شركات الإسكان التي يقتصر دورها في علاقتها العقدية بالمشترين منها والتي لا شأن للجهة الإدارية بها متى التزم المشتري بالاشتراطات الواجبة التطبيق وفقاً لقانون التخطيط العمراني وتوجيه أعمال البناء وهي الاختصاصات التي لا يجوز أن تباشر إلا من خلال السلطة العامة المتمثلة في الوحدات المحلية المختلفة.
ومن حيث إنه لا سند للقول أن بعض الشركات العامة قد استثنت من تطبيق القانون رقم 40 لسنة 1952 متى كان هذا القانون قد ألغي بالقانون رقم 3 لسنة 1982 حسبما سلف بيانه فضلاً عن أن المادة 23 من القانون رقم 3 لسنة 1982 المشار إليه تنص على أنه يجب أن يذكر في عقود التعامل على قطع التقسيم القرار الصادر باعتماد التقسيم وقائمة الشروط الخاصة به وأن ينص فيها على سريان هذه القائمة على المشترين وخلفائهم مهما تعاقبوا ذلك أن مصدر هذا الالتزام وصلاحية الجهة الإدارية في شأنها سندها القرار الصادر بالتقسيم باعتباره قراراً إدارياً وليس الشروط العقدية القائمة ما بين تلك الشركات والمشترين.
ومن حيث إنه وإن كان صحيحاً أنه ليس للمحافظ أن يصدر قراراً يتعلق بنشاط شركات قطاع الأعمال بحسبان أن ذلك قد أصبح منوطا بوزير قطاع الأعمال دون غيره - إذا كان - ذلك صحيحا إلا أن الفهم الصحيح لقرار محافظ القاهرة رقم 349 لسنة 1993 المشار إليه أنه جاء في حقيقته تأكيداً وتجديداً لواجبات الوحدات المحلية في مباشرة الاختصاصات المنوطة بها وهو ما يتفق مع أحكام قانون التخطيط العمراني رقم 3 لسنة 1992 وقانون تنظيم وتوجيه أعمال البناء رقم 106 لسنة 1976 وقانون نظام الإدارة المحلية ولائحته التنفيذية، ومن ثم فإنه بهذا الفهم الصحيح لما استهدفه القرار رقم 341 لسنة 1993 يغدو الدفع المبدىء من الشركات الطاعنة بانطواء القرار المشار إليه على غصب للسلطة على غير سند صحيح من القانون.
ومن حيث إنه لا سند أيضاً للقول بانحراف القرار المشار إليه عن تحقيق المصلحة العامة وصدوره لخلافات بين مصدر القرار ووزير الإسكان، لا وجه لذلك متى استبان على الوجه المتقدم أن القرار المشار إليه لا يغدو في حقيقته أن يكون تأكيداً وتحديداً لواجبات الوحدات المحلية المختصة في مباشرة اختصاصاتها التي حددتها التشريعات باعتبارها ممثلة السلطة العامة في هذا الشأن.
ومن حيث إنه وقد أخذ الحكم المطعون فيه بهذا الفهم الصحيح لأحكام القانون فإنه يكون قد صدر متفقا وصحيح حكم القانون ويغدو الطعن الماثل تبعا لذلك على غير سند صحيح خليقا بالرفض.

فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا, وفي الموضوع برفضه وألزمت الشركات الطاعنة المصروفات.