مجلس الدولة - المكتب الفني لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السادسة والأربعون - الجزء الثالث (من يونيه سنة 2001 إلى آخر سبتمبر 2001) - صــ 2317

(272)
جلسة 27 من يونيه سنة 2001

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ جودة عبد المقصود فرحات نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة: السيد محمد السيد الطحان، وسامى أحمد محمد الصباغ، وأحمد عبد العزيز أبو العزم، وأحمد حلمى محمد أحمد نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 8273 لسنة 44 القضائية

أراضى زراعية - إزالة التعدى عليها - أمر الحاكم العسكرى - تفويض.
قانون الزراعة الصادر بالقانون رقم 53 لسنة 1966 المعدل بالقانون رقم 116 لسنة 1983 - أمر رئيس الجمهورية رقم (1) لسنة 1996 بتعيين نائب الحاكم العسكرى العام - أمر نائب الحاكم العسكرى العام رقم (1) لسنة 1996 بحظر تبوير وتجريف الأرض الزراعية وإقامة مبان أو منشآت عليها - قرار نائب رئيس الوزراء ووزير الزراعة رقم 572 لسنة 1996 بتفويض المحافظين كل فى دائرة اختصاصه فى الاختصاصات المخولة لوزير الزراعة بالأمر العسكرى المشار إليه - الحاكم العسكرى العام فوض نائب رئيس مجلس الوزراء ونائب الحاكم العسكرى العام فى مباشرة كافة اختصاصات رئيس الجمهورية المنصوص عليها فى قانون الطوارئ رقم 162 لسنة 1958 واستناداً لهذا القانون، واستمداداً من هذا التفويض أصدر نائب الحاكم العسكرى العام أمره رقم 1 لسنة 1996 بتفويض وزير الزراعة بالأمر بوقف الأعمال المخالفة المبينة فى الأمر المذكور وبإعادة الحالة إلى ما كانت عليه بالطريق الإدارى على نفقة المخالف لحين صدور الحكم فى الدعوى - أيا كان الرأى فى مدى سلامة التفويض الممنوح لوزير الزراعة فما كان يجوز لوزير الزراعة أن يفوض المحافظين فى مباشرة الاختصاصات المفوضة إليه - تطبيق.


إجراءات الطعن

فى يوم الثلاثاء الموافق 8/ 9/ 1998 أودعت هيئة قضايا الدولة نائبة عن الطاعن بصفته قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن قيد بجدولها تحت رقم 8273 لسنة 44ق. ع وذلك فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بطنطا بجلسة 12/ 7/ 1998 فى الدعوى رقم 4194 لسنة 3ق والقاضى منطوقه بإلغاء القرار المطعون فيه وألزمت الجهة الإدارية المصروفات.
وطلب الطاعن بصفته - للأسباب الواردة بتقرير الطعن - تحديد أقرب جلسة لنظر هذا الطعن أمام دائرة فحص الطعون لتأمر بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه لحين الفصل فى موضوع الطعن، وبإحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا لتقضى فيه أولاً: بقبول الطعن شكلاً، ثانياً: فى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً برفض الدعوى مع إلزام المطعون ضده المصروفات.
وجرى إعلان تقرير الطعن للمطعون ضده على النحو المبين بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضى الدولة تقريراً مسبباً بالرأى القانونى ارتأت فى ختامه الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع برفضه وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وقد عينت دائرة فحص الطعون لنظر الطعن جلسة 20/ 12/ 1999، وجرى تداوله أمامها إلى أن قررت إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الأولى موضوع) لنظره بجلسة 30/ 4/ 2000 حيث جرى تداوله أمامها على النحو الثابت بالمحاضر، ثم أحيل إلى هذه الدائرة للاختصاص والتى نظرته بجلسة 25/ 10/ 2000 وجرى تداوله بالجلسات على النحو الثابت بالمحاضر، وبجلسة 2/ 5/ 2001 قررت المحكمة اصدار الحكم بجلسة 27/ 6/ 2001 ومذكرات ومستندات لمن يشاء خلال أسبوعين.
وبجلسة اليوم صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه ومنطوقه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، والمداولة قانونا.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية المقررة.
ومن حيث إن وقائع هذا النزاع تتحصل - حسبما يبين من الأوراق - فى أنه بتاريخ 4/ 9/ 1996 أقام المطعون ضده الدعوى رقم 4194 لسنة 3ق بإيداع عريضتها قلم كتاب محكمة القضاء الإدارى بطنطا طالبا فى ختامها الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء القرار رقم 2378 المؤرخ 13/ 8/ 1996 مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وذكر شرحاً لذلك أنه بتاريخ 13/ 8/ 1996 صدر القرار رقم 2378 بإيقاف كافة الأعمال المخالفة على المساحات الموضحة بنواحى مركز بسيون وإعادة الحال إلى ما كان عليه بالطريق الإدارى على نفقة المخالف وضبط جميع وسائل النقل والآلات والمعدات المستخدمة والمواد المتحصلة بالطريق الإدارى.
ونعى المدعى على القرار المطعون فيه مخالفته لأحكام القانون للأسباب الآتية:
1 - أنه حصل على ترخيص بإنشاء مزرعة دواجن بناحية فرانشو مركز بسيون فى أغسطس 1983 على مساحة قدرها 305م2 وتم بالفعل إنشاء المزرعة وإقامة منزل على مساحة 70م2 وتمت معاينة المزرعة بعد الانتهاء من البناء عام 1985 بواسطة الإدارة الزراعية ببسيون.
2 - أنه حصل فى عام 1996 على ترخيص بالإحلال والتجديد للمزرعة من مديرية الزراعة بالغربية بعد المعاينة وإثبات التصدعات التى أصابتها من جراء الزلزال الذى حدث فى أكتوبر سنة 1992 وقد صدر الترخيص بعد اتخاذ كافة الإجراءات القانونية وعند البدء فى الإنشاء صدر الأمر العسكرى رقم 1 لسنة 1996 مما دفع الإدارة الزراعية ببسيون إلى تحرير محضر المخالفة رقم 14262 فى 7/ 8/ 1996 بحجة التوسع فى المبانى عن حدود الترخيص رغم مضى أكثر من 12 عاماً على إقامة القواعد والسملات فى حدود الترخيص.
3 - محضر المخالفة المذكور والذى صدر بناء عليه القرار المطعون فيه قد خالف الواقع والقانون من ناحية الحدود المساحية وقد تحرر بعد صدور الأمر العسكرى رغم أن بداية العمل فى إنشاء وتجديد المزرعة كانت سابقة على صدور الأمر العسكرى فى 11/ 5/ 1996.
تدوول نظر الشق العاجل من الدعوى بجلسات المحكمة على النحو الثابت بالمحاضر، وبجلسة 23/ 3/ 1997 أصدرت المحكمة حكمها بقبول شكلاً وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار............
أودعت هيئة مفوضى الدولة تقريراً مسببا بالرأى القانونى ارتأت فى ختامه الحكم بإلغاء القرار المطعون فيه رقم 2378 لسنة 1996 مع ما يترتب على ذلك من آثار وذلك على النحو المبين بالأسباب وإلزام جهة الإدارة المصروفات.
تدوول نظر الدعوى بجلسات المحكمة على النحو الثابت بالمحاضر، وبجلسة 12/ 7/ 1998 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه والقاضى بإلغاء القرار المطعون فيه وإلزام الجهة الإدارية المصروفات، وشيدت المحكمة قضاءها - بعد استعراض نص المادتين 152، 153 من قانون الزراعة رقم 53 لسنة 1966 المعدل بالقانونين 116 لسنة 1983، 2 لسنة 1985 - على أساس أن الثابت من الأوراق أن مديرية الزراعية بالغربية حررت ضد المدعى محضر مخالفة رقم 660 لسنة 1996 وقدم بناء عليه للمحكمة الجنائية التى قضت ببراءة المتهم من تهمة تعديه بالبناء على الأرض الزراعية بتاريخ 22/ 10/ 1996 تأسيساً على أن المساحة المتنازع عليها صادر لها ترخيص رقم 463 لسنة 1996 فى 9/ 3/ 1996 قبل تحرير محضر المخالفة الأمر الذى يضحى معه القرار المطعون فيه غير قائم على سببه المبرر له قانوناً.
وإذ لم يصادف هذا القضاء قبولا لدى الطاعن بصفته فقد أقام طعنه الماثل ناعيا على الحكم المطعون فيه مخالفته للقانون والخطأ فى تطبيقه وتأويله، وذلك على سند من القول بأن القرار المطعون فيه لم يصدر بوقف أعمال البناء التى قام بها المطعون ضده فى حدود الترخيص المرخص له بإقامة مزرعة، وإنما صدر بإيقاف أعمال البناء المخالفة التى قام بها المطعون ضده زيادة على المساحة المرخص له بالبناء عليها ومن ثم يكون القرار المطعون فيه قد جاء متفقا وصحيح حكم القانون ومع الأحكام المقررة فى المادتين الأولى والثانية من الأمر العسكرى رقم 1 لسنة 1996 بحظر تبوير وتجريف الأرض الزراعية أو البناء عليها، كما أن الحكم الصادر فى الجنحة رقم 660 لسنة 1996 جنح أمن دولة بسيون والقاضى ببراءة المطعون ضده من تهمة التعدى على الأرض الزراعية لا يجوز الاستناد إليه فى هذا الشأن لأن القرار الطعين صدر فى الجزء لم يشمله الترخيص المذكور.
ومن حيث إنه قد صدر أمر رئيس الجمهورية رقم (1) لسنة 1996 بتعيين نائب الحاكم العسكرى العام ونص فى مادته الثانية على أن "يفوض السيد الدكتور/ .......... رئيس مجلس الوزراء ووزير التخطيط ونائب الحاكم العسكرى العام فى كافة اختصاصات رئيس الجمهورية المنصوص عليها فى القانون رقم 162 لسنة 1958 بشأن حالة الطوارئ.
ثم صدر أمر نائب الحاكم العسكرى العام رقم (1) لسنة 1996 يحظر تبوير وتجريف الأرض الزراعية وإقامة مبانى أو منشآت عليها ونص فى مادته الأولى على أن "يحظر على مالك الأرض الزراعية أو حائزها أيا كانت صفته ما يلى:
1 - ارتكاب أى فعل أو الامتناع عن أى عمل من شأنه تبوير الأرض الزراعية أو المساس بخصوبتها.
2 - تجريف الأرض الزراعية أو نقل الأتربة منها لغير أغراض تحسينها زراعياً أو المحافظة على خصوبتها.
3 - إقامة أية مبانى أو منشآت على الأرض الزراعية أو اتخاذ إجراءات بشأن تقسيمها لهذه الأغراض..."
وتنص المادة الثانية على أنه مع عدم الإخلال بأية عقوبة أشد ينص عليها قانون العقوبات أو أى قانون آخر يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنتين ولا تجاوز خمس سنوات كل من يخالف أى حكم من أحكام المواد السابقة. ويحكم فضلا عن العقوبة بمصادرة جميع وسائل النقل والآلات والمعدات المستخدمة فى ارتكاب الجريمة والمواد المتحصلة منها. وفى جميع الأحوال لوزير الزراعة أن يأمر بوقف الأعمال المخالفة وبإعادة الحال إلى ما كانت عليه بالطريق الإدارى على نفقة المخالف لحين صدور الحكم فى الدعوى.
ومن حيث إن المادة 152 من قانون الزراعة رقم 53 لسنة 1966 المعدل بالقانون رقم 116 لسنة 1983 تنص على أنه "يحظر إقامة أية مبان أو منشآت فى الأرض الزراعية أو اتخاذ أية إجراءات فى شأن تقسيم هذه الأراضى لإقامة مبانى عليها......" وتنص المادة 156 من ذات القانون على أنه "يعاقب على مخالفة أى حكم من أحكام المادة 152 من هذا القانون أو الشروع فيها بالحبس......... ويجب أن يتضمن الحكم الصادر بالعقوبة الأمر بإزالة أسباب المخالفة على نفقة المخالف ولوزير الزراعة حتى صدور الحكم فى الدعوى وقف أسباب المخالفة بالطريق الإدارى على نفقة المخالف".
ومن حيث إنه صدر قرار نائب رئيس الوزراء ووزير الزراعة واستصلاح الأراضى رقم 572 لسنة 1996 ونص فى مادته الأولى على أن "يفوض السادة المحافظون كل فى دائرة اختصاصه فى الاختصاصات المخولة لنا بالأمر العسكرى رقم 1 لسنة 1996 المشار إليه فى وقف الأعمال المخالفة ووقف أسبابها وإعادة الحال إلى ما كانت عليه بالطريق الإدارى على نفقة المخالف وذلك فى جميع المخالفات المنصوص عليها فى المادة الأولى من هذا الأمر. ونص فى مادته الثانية على أن "يلغى كل حكم آخر يخالف أحكام هذا القرار".
ومن حيث إن مفاد ما سبق أن الحاكم العسكرى العام قد فوض بمقتضى قراره رقم (1) لسنة 1996 رئيس مجلس الوزراء ونائب الحاكم العسكرى العام فى مباشرة كافة اختصاصات رئيس الجمهورية المنصوص عليها فى قانون الطوارئ رقم 162 لسنة 1958 واستناداً لهذا القانون واستمداداً من هذا التفويض أصدر نائب الحاكم العسكرى العام أمره رقم 1 لسنة 1996 وفوض فيه وزير الزراعة بالأمر بوقف الأعمال المخالفة المبينة فى الأمر المذكور وبإعادة الحال إلى ما كانت عليه بالطريق الإدارى على نفقة المخالف لحين صدور الحكم فى الدعوى وأيا ما كان وجه الرأى فى مدى سلامة التفويض الممنوح لوزير الزراعة، فما كان يجوز لوزير الزراعة على النحو الوارد بقراره رقم 572 لسنة 1996. أن يفوض المحافظين فى مباشرة الاختصاصات المفوضة إليه لمخالفة ذلك للمبدأ المستقر عليه فقهاً وقضاءً بأن التفويض الجائز وفقاً للقواعد العامة إنما ينصرف إلى الاختصاصات الأصلية التى يستمدها المفوض من القوانين واللوائح مباشرة، أما الاختصاصات التى يستمدها الرئيس الإدارى من سلطة عليا بناء على قواعد التفويض، فإنه لا يجوز له أن يفوض فيها بل يتعين عليه أن يمارس الاختصاصات المفوضة بنفسه.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن مديرية الزراعة بالغربية قد رخصت للمطعون ضده فى 18/ 8/ 1983 بإنشاء مزرعة دواجن على مساحة 305م2 بحوض المللفة الشرقية نمرة 17 بناحية فرانشو مركز بسيون محافظة الغربية، وبتاريخ 9/ 3/ 1996 أصدرت مديرية الزراعة بالغربية الترخيص رقم 463 للمطعون ضده بإحلال وتجديد مزرعة الدواجن عن ذات المساحة (305م2) المنصرف لها الترخيص الصادر للمطعون ضده بتاريخ 18/ 3/ 1983، وبتاريخ 7/ 8/ 1996 حررت الإدارة الزراعية ببسيون للمطعون ضده محضر مخالفة رقم 14262 ونسبت فيه إليه القيام بالبناء على أرض زراعية وذلك بحفر قواعد خرسانية وسمل خرسانى على مساحة 119م2 دون ترخيص من وزارة الزراعة مما أدى إلى حد التوسع من حد الترخيص الممنوح له من وزارة الزراعة وأن هذا يعد مخالفا للمادة الأولى من الأمر العسكرى رقم 1 لسنة 1996 وترى تطبيق المادة الثانية من الأمر العسكرى المشار إليه. واستناداً إلى ذلك صدر قرار محافظ الغربية رقم 2378 بتاريخ 13/ 8/ 1996 المطعون فيه بوقف كافة الأعمال المخالفة على المساحات المشار إليها وإعادة الحال إلى ما كانت عليه بالطريق الإدارى وعلى نفقة المخالف.
ومن حيث إن الثابت من الاطلاع على ديباجة القرار المطعون فيه رقم 2378 لسنة 1996 أنه قد صدر من محافظ الغربية طبقاً لقرار وزير الزراعة رقم 572 لسنة 1996 المشار إليه ومن ثم فإنه يكون قد صدر بالمخالفة للقانون مما يتعين معه إلغاء القرار المطعون فيه، وإذ ذهب الحكم المطعون فيه هذا المذهب - وإن كان لغير ذلك من الأسباب - فإنه يكون متفقا وأحكام القانون ويكون الطعن عليه على غير أساس جديراً بالرفض.
ومن حيث إن من يخسر الطعن يلزم بالمصروفات عملاً بحكم المادة (184) مرافعات.

فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وبرفضه موضوعا وألزمت الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات.