مجلس الدولة - المكتب الفنى لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السادسة والأربعون - الجزء الثالث (من يونيه سنة 2001 إلى آخر سبتمبر 2001) - صــ 2379

(279)
جلسة 4 من يوليو سنة 2001

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ جودة عبد المقصود فرحات نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الاساتذة/ السيد محمد السيد الطحان، وسامى أحمد محمد الصباغ، ومصطفى محمد عبد المعطى، وأحمد حلمى محمد أحمد نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 2959 لسنة 44 القضائية

أملاك الدولة العامة - أداة تحقيقها - تحول الأملاك الخاصة إلى أملاك عامة بالفعل
 المادة (78) من القانون المدنى - المادة 26 من قانون الإدارة المحلية رقم 43 لسنة 1979 - الطرق والشوارع والقناطر والجسور وغيرها المخصصة للمنفعة العامة تعتبر أملاكا عامة يتم تخصيصها بأداة قانونية من السلطة المختصة يوجد التخصيص الفعلى بان يكون الطريق أو القنطرة أو الجسر أو الترعة مخصصا للاستعمال العام لفترة زمنية طويلة - يجوز للأفراد فتح طرق أو شوارع خاصة أو جسور وقناطر فى ملكهم الخاص. وتبقى ملكا خاصا لصاحبها - يمكن نقل هذه الطرق وغيرها من الملك الخاص إلى التخصيص الفعلى للمنفعة العامة بترك حق الاستعمال للجمهور مدة معقولة، وتكون لها حرمة خاصة باعتبارها ملكا عاما ارتبطت به مصالح الجمهور ويتعين على السلطات العامة والأفراد حمايتها باعتبارها من الاملاك العامة. تطبيق.


إجراءات الطعن

فى يوم الاثنين الموافق 23/ 2/ 1998 أودعت هيئة قضايا الدولة نائبة عن الطاعنين قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 2959/ 44ق. ع فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بطنطا فى الدعوى رقم 708 لسنة 1ق بجلسة 25/ 12/ 1997 القاضى بقبول الدعوى شكلا وبإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام جهة الإدارة المصروفات.
وطلب الطاعنان للأسباب الواردة بتقرير الطعن قبوله شكلا، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وإلزام المطعون ضده المصروفات.
وجرى إعلان عريضة الطعن إلى المطعون ضده على النحو الثابت بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضى الدولة تقريرا بالرأى القانونى ارتأت فيه قبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا وإلزام الجهة الإدرية المصروفات.
وتحدد جلسة 6/ 12/ 1999 لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا حيث قررت احالته إلى دائرة الموضوع لنظره بجلسة 16/ 4/ 2000 وقد نظرته الدائرة الأولى/ موضوع حتى جلسة 24/ 1/ 2001 ثم اختصت الدائرة السادسة بنظره وتداوله على النحو الثالث بمحاضر جلساتها إلى أن قررت حجزه ليصدر فيه الحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية المقررة قانونا.
ومن حيث إن عناصر هذا النزاع تخلص حسبما يبين من الأوراق فى أن المطعون ضده أقام دعواه طالبا الحكم بالغاء القرار رقم 5 لسنة 1989 الصادر من رئيس مدينة ومركز الأقصر فيما تضمنه من إزالة المبانى التى أقامها على أرض الشارع العمومى بالقطعة رقم (1) بحوض جبانة النصارى رقم (5) منافع سكن بناحية منشأة العمارى بندر الأقصر مع ما يترتب على ذلك من آثار.
ونعى المدعى على القرار مخالفته للقانون ذلك لان منشأة العمارى لا يوجد بها خطوط تنظيم أو شوارع مقسمة ومرصوفة وأن الأهالى أقاموا مساكنهم منذ سنين طويلة على الحالة الراهنة الموجودة وانه قد آل إليه المنزل موضوع القرار عن والده، ويقيم فيه مع اسرته منذ سبعين عاما.
واختتم المدعى عريضة دعواه بطلبه المذكور.
وبتاريخ 25/ 12/ 1997 أصدرت محكمة القضاء الإدارى بقنا حكمها بإلغاء القرار الطعون فيه،وألزمت الجهة الإدارية المصروفات. وأقامت المحكمة قضاءها مستندة إلى ما ثبت لها من تقرير الخبير فى الدعوى من أن عقار التداعى عبارة عن منزل من الطوب الأخضر كائن بزمام منشأة العمارى بندر الأقصر وأن الأرض المقام عليها المبنى تقع داخل كتلة سكنية ومنزوعة من الأملاك الأميرية بموجب قرار وزارة المالية رقم 435/ 1908 وضمت لسكن الأهالى وأن المدعى يضع يده على العقار منذ أكثر من ثلاثين عاما وأن المبانى التى حرر عنها المحضر أقيمت عام 1988 إحلالا وتجديدا محل مبانى قديمة موجودة قبل ذلك بخمسين عاما دون إضافة مساحة جديدة من الشارع وليس فيها تجاوز لحدود المبانى القديمة، كما أن منشأة العمارى تخضع لأحكام قانون توجيه وتنظيم أعمال البناء رقم 106/ 1976 وأن كانت لا توجد خرائط تنظيمية معتمدة موضح عليها الشوارع حتى يمكن التحقق عما إذا كانت المبانى مقامة على شارع عام عدمه، مما ينفى وجود مثل هذا التعدى بحسبان أن الأرض من الأملاك الخاصة ولم تعد من أملاك الدولة بعد ضمها لسكن الاهالى وبذلك ينتفى صحة السبب الذى قام عليه القرار لذا يتعين القضاء بإلغائه.
وخلصت المحكمة من ذلك لقضائها السابق.
ومن حيث إن مبنى هذا الطعن يقوم على أساس مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والخطأ فى تطبيقه وتأويله ذلك لان الثابت أن مبنى التداعى مقام على ارض منزوعة من الأملاك الأميرية للدولة ومستخدمة منافع سكن للأهالى مما يجعلها من أراضى المنفعة العامة التى لا يجوز التعدى عليها، وإذا كان الحكم استند إلى تقرير الخبير ان المبنى تم إحلاله وتجديده على ذات المساحة التى تخص المبنى القديم فان هذا التقرير لم يجزم بان الأرض ليست من الشارع العام وبرر ذلك بعدم وجود خرائط معتمدة فى الوقت الذى أقر فيه بخضوع المنطقة لقانون تنظيم أعمال البناء 106/ 1976 وهذا يقتضى مراعاة أحكام هذا القانون ويؤكد وجود تعدى على شارع يدخل ضمن مساحة خصصت للنفع العام.
واختتمت الجهة الإدارية عريضة طعنها بطلباتها المذكورة.
ومن حيث إن المادة (87) من القانون المدنى تنص على أنه "تعتبر أموالا عامة العقارات والمنقولات التى للدولة أو للأشخاص الاعتبارية العامة والتى تكون مخصصة لمنفعة عامة بالفعل أو بمقتضى قانون أو مرسوم أو قرار من الوزير المختص.
وهذه الأموال لا يجوز التصرف فيها أو الحجز عليها أو تملكها بالتقادم.
وتنص المادة (26) من القانون رقم 43/ 1979 بشأن نظام الإدارة المحلية على أن يعتبر المحافظ ممثلا للسلطة التنفيذية بالمحافظة........... وللمحافظ أن يتخذ الإجراءات - الكفيلة بحماية أملاك الدولة العامة والخاصة وإزالة ما قد يقع عليها من تعديات بالطريق الادارى.
ومن حيث إن الطرق والشوارع والترع والقناطر والجسور وغيرها المخصصة للمنفعة العامة أى المخصصة لاستعمال الجمهور تعتبر أملاكا عامة ويتم التخصيص بإدارة قانونية من السلطة المختصة، كما يوجد التخصيص الفعلى بان يكون الطريق أو القنطرة أو الجسر أو الترعة مخصصا للاستعمال العام بالنقل أى مطروقا يمر فيه الناس والدواب ووسائل النقل لفترة زمنية طويلة كافية لاستقرار تخصيصه للنفع العام وذلك يثبت من المظاهر الواقعية للتخصيص للنفع العام، ولا يشترط لاعتبار شئ من ذلك مخصصاً للنفع العام وجود مصلحة تنظيم فى الجهة التى يوجد بها الطريق أو الجسر أو القنطرة كما أنه يجوز للأفراد فتح طرق أو شوارع خاصة أو بناء جسور وقناطر فى ملكهم الخاص وهذه الأشياء تبقى ملكا خاصا لصاحبها لا يستخدمها غيره ومن يأذن لهم دون غيرهم من الجمهور، ويشترط لهذه الخصوصية أن تدل عليها علامات مئوية بان يسد طرفى الطريق أو الجسر أو القنطرة بباب أو حاجز لمنع الجمهور، إلا انه يمكن نقل هذه الحالة من الملك الخاص إلى التخصيص الفعلى للمنفعة العامة بان يترك المالك حق الاستعمال للجمهور مدة معقولة حينئذ تنتقل الملكية الخاصة إلى الملك العام بحكم تخصيصها للمنفعة العامة بالفعل وتكون لهذه الأرض حرمة باعتبارها ملكا عاما ارتبطت به مصالح الجمهور، ويتعين على السلطات العامة والأفراد حمايتها باعتبارها من الأملاك العامة.
ومن حيث انه بتطبيق ما تقدم على وقائع هذا النزاع تبين أنه صدر قرار رئيس مدينة مركز الأقصر رقم 5/ 1989 ناصا فى مادته الأولى على إزالة المبانى والاشغالات التى أقامها المواطنون الآتى بيانهم على ارض الشارع العمومى بقطعة الأرض رقم 1 بحوض جبانة النصارى رقم 5 (منافع سكن "بناحية منشأة العمارى بندر الأقصر وهم: -
1 - ................ وذلك بالطريق الإدارى وعلى نفقة المتعدين طبقا للكروكى المرفق.
وكان ان سبق صدور هذا القرار قيام مهندس الأملاك ومندوب الوحدة لمجلس مدينة الأقصر بعمل معاينة فى 1/ 9/ 1988 لإثبات حالة التعدى الواقع من المواطن.......... وجاء فى المحضر أنه بالمعاينة على الطبيعة وبحضور الشاكى والمشكو فى حقه ............ انه تجد مساحة 200 متر مربع مقام عليها بناء منذ أسبوعين من الطوب الأخضر وبارتفاع ثلاثة أمتار وهى غير منزلى المذكورين القائمين داخل الكتلة السكنية وإنما تعتبر هذه المساحة تعديا على حرم الشارع حسب الطبيعة وقد ثبت من الرسم الكروكى المرفق أن البناء المذكور وهو عبارة عن "عشه.......... لا علاقة له بالمبنى الذى أجرى الخبير المنتدب معاينته عليه وحرر عنه تقريره إذ إنصب التقرير على المنزل المملوك للمدعى دون أن يتعرض لموضوع الشكوى التى هى صدور القرار الطعين وهو ذلك البناء الواقع فى حرم الشارع ويبعد عن منزل المدعى ولكنه يعترض مدخل منزل الشاكى مما يجعل قرار الإزالة الصادر بإزالة المبانى والأشغال وغيرها على ارض الشارع العمومى صحيحا لا ينال منه ذلك الزعم بان الأرض ملكا خاص للأهالى أقيمت عليها المبانى منذ عشرات السنين، فذلك مردود بما هو ثابت من أن الأرض فى الأصل كانت ملكا للدولة خصصت من بعد كمنافع مسكن وأن الشوارع التى تتخلل المنازل هى شوارع عمومية بحكم تخصيصها سواء بقرار وزارة المالية 435/ 1908 وبالفعل باعتبارها مطروقة لجميع الأهالى.
وإذ ذهب الحكم المطعون فيه إلى غير ذلك فإنه يكون خالف حقيقة الواقع وصحيح حكم القانون مما يتعين معه القضاء بإلغائه ويكون الطعن عليه صحيحا متعين القبول.
ومن حيث إن من يخسر الطعن يلزم بمصروفاته عمالا بحكم المادة (184) من قانون المرافعات.

فلهذه الاسباب:

حكمت المحكمة: بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى، وألزمت المطعون ضده المصروفات.