مجلس الدولة - المكتب الفنى لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السادسة والأربعون - الجزء الأول (من أول 15 أكتوبر سنة 2000 إلى آخر فبراير سنة 2001) - صـ 559

(69)
جلسة 21 من يناير سنة 2001

برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور/ عادل محمود ذكى فرغلى نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الاساتذة/ على فكرى حسن صالح، وأسامة محمود عبد العزيز محرم، عبد المنعم أحمد عامر، وسعيد سيد أحمد نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعنان رقما 3779، 6566 لسنة 42 القضائية

دعوى - حكم - حجية الأحكام - الخطأ المادي
المادة (3) من مواد إصدار القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة - المادة (11) من قانون المرافعات المدنية والتجارية - المحكمة تستنفذ ولايتها بإصدار الحكم فى النزاع فلا يجوز لها بعدئذ العدول عنه أو التعديل فيه أو الإضافة إليه - استثناء من هذه القاعدة يجوز للمحكمة تصحيح ما وقع فى حكمها من أخطاء مادية كتابية أو حسابية - مناط إعمال هذا الاستثناء - أن يكون الخطأ الذى وقع فى الحكم ماديا سواء كان كتابيا أو حسابيا - ويكون فى الحكم أساس يدل على الواقع الصحيح فى نظر المحكمة ويبرر بالتالى ما خالفه من خطأ إذا قورن بهذا الواقع الصحيح الثابت فى الحكم - مقتضى ذلك - لا يتخذ التصحيح ذريعة للرجوع على الحكم بما يمس حجيته - تطبيق.


إجراءات الطعن

فى يوم الأربعاء الموافق 8/ 5/ 1996 أودع الأستاذ ............. المحامى بصفته وكيلا عن الطاعن فى الطعن الأول قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 3779/ 42 ق. ع فى الحكم الصادر من المحكمة التأديبية لوزارة التربية والتعليم بجلسة 11/ 3/ 1996 فى الطعن رقم 179/ 28 ق.
وطلب الطاعن للأسباب الواردة بتقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلا و فى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من إلغاء عقوبة الخصم الموقعة على المطعون ضده ومقدارها ثلاثة عشر يوما.
وفى يوم السبت الموافق 14/ 9/ 1996 أودع الأستاذ ............ المحامى نائبا عن الأستاذ ............ بصفته وكيلا عن الطاعن فى الطعن الثانى قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 6566/ 42 ق. ع فى الحكم الصادر من المحكمة التأديبية لوزارة التربية والتعليم وملحقاتها بجلسة 11/ 3/ 1996 فى الطعن رقم 179/ 28 ق.
وطلب الطاعن للأسباب التى استند إليها الحكم بما يلي:
أولا: قبول الطعن شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما تضمنه من:
أ - إلغاء القرار رقم 2686/ 93 بمجازاة الطاعن بخصم ثلاثة عشر يوما من أجره وإلغائه فيما تضمنه من مجازاة الطاعن بخصم ثلاثة أيام فقط.
ب - إلغاء الحكم المطعون فيه فيما تضمنه من رفض طلبات المدعى بخصوص إلغاء القرارين رقمى 2601، 2980/ 93 وإلغاء هذين القرارين فيما تضمنه كل منهما من مجازاة الطاعن بخصم خمسة أيام من مرتبه.
ثانيا: تعويض الطاعن بمبلغ عشرة آلاف جنيه قيمة الأضرار المادية والأدبية التى أصابته من جراء ذلك.
أودعت هيئة مفوضى الدولة تقريرا بالرأى القانونى فى الطعنين ارتأت فيه الحكم بقبول الطعنين شكلا ورفضهما موضوعا.
وتحدد لنظر الطعنين أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة (الدائرة الرابعة) جلسة 8/ 7/ 1998 حيث تداولت نظرهما بعد ضمهما ثم قررت بجلسة 12/ 1/ 2000 إحالتهما إلى المحكمة الإدارية العليا/ الدائرة الرابعة موضوع لنظرها بجلسة 5/ 2/ 2000 حيث جرى تداولهما على النحو المبين بمحاضر الجلسات إلى أن قررت الدائرة إحالة الطعنين إلى هذه الدائرة (السابعة) للاختصاص والتى قررت بجلسة 17/ 12/ 2000 اصدار الحكم فيهما بجلسة اليوم فصدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعنين قد أقيما فى الميعاد المقرر قانونا قد استوفيا أوضاعهما الشكلية الأخرى.
ومن حيث إن عناصر هذا النزاع تخلص حسبما يبين من الأوراق فى أن المطعون ضده كان قد أقام الطعن رقم 179/ 28 ق بإيداع عريضته قلم كتاب المحكمة التأديبية لوزارة التربية والتعليم وملحقاتها فى 17/ 2/ 1994 طالبا فى ختامها الحكم بإلغاء القرارات الصادرة بمجازاته بالخصم من أجره ثلاثة عشر يوما وما يترتب على ذلك من آثار مع تعويضه بمبلغ عشرة آلاف جنيه نتيجة الأضرار المادية والأدبية التى اصابته من جراء ذلك.
وقال شرحا لطعنه أنه يعمل موظفات بالهيئة القومية للتأمينات الاجتماعية وأنه يتظلم من القرارات أرقام 2601، 2686، 2980/ 93 والذى قضى أولهم بمجازاته بخصم خمسة أيام من أجره لقيامه فى 17/ 10/ 1993 لطلب إجازة مرضية من عيادة، الألفى للتأمين الصحى بدون وجه حق وعدم تمكنه من توقيع الكشف عليه وتقرير حالته المرضية على النحو الوارد بالقرار الطعين والصادر فى 6/ 11/ 1993 كما قضى القرار الثانى بمجازاته بخصم ثلاثة أيام من أجره لتهجمه على مدير عام المعاشات بحجرته فى 17/ 10/ 1993 ومحاولته الاعتداء عليه وقيامه بإلقاء الملفات الموجودة على الأرض كما قضى القرار الثالث بمجازاته بخصم خمسة أيام من أجره لعدم إنجازه الأعمال المكلف بها خلال شهر سبتمبر سنة 1993 دون عذر مقبول وقيامه بانجاز حالتين فقط من ملفات الشهر المذكور المقدم من مدير عام المعاشات وتعطيله زملائه من العاملين على النحو الوارد تفصيلا بالقرار.
وأضاف الطاعن أنه يعمل منذ تعيينه عام 1977 بإدارة المعاشات ونظرا لتميزه فى عمله كلفته الهيئة بتنفيذ اتفاقية التأمينات المبرمة بين مصر والسودان ولضخامة العمل بالهيئة فقد أدخل نظام الحاسب الآلى فى أعمالها وفى شهر سبتمبر 1993 منح الطاعن دورة تدريبية على أعمال الحاسب الآلى وبعد الدورة قام بإنجاز الحالتين اللتين طلب منه إنجازهما على الكمبيوتر وبتاريخ 25/ 8/ 1993 حصل الطاعن على إجازة اعتيادية ستة أيام تنتهى فى 30/ 8/ 1993 وعند عودته فوجئ بخطاب إدارة معاشات الأجانب تكلفة للعمل بمعاشات الأجانب والخطاب ممهور بتوقيع نائب رئيس الهيئة للشئون الفنية فاستلم العمل بذلك القسم أثناء إجازة رئيس الإدارة المركزية للخدمات التأمينية الذى فور عودته ثار فى وجه الطاعن بدعوى أنه لا يحق للطاعن العمل فى المكان الجديد إلا بموافقته الشخصية فأحضر له الطاعن خطاب التكليف المشار إليه فمزقه فى وجهه وعليه دأب رئيس الإدارة المركزية فى افتعال المشاكل مع الطاعن وأثناء ذلك شعر الطاعن بمغص كلوى حاد فحصل على خطاب توجه به إلى عيادة الألفى وتقابل مع الطبيب الذى رفض منحه إجازة رغم مرضه بدعوى أن لديه تعليمات بعدم منح إجازات لأحد فانصرف الطاعن وتوجه إلى عيادة شبرا التى رفضت قبوله لعدم وجود تحويل من عيادة الألفى ففوجئ الطاعن بتحويله للتحقيق ومجازاته بخصم خمسة أيام من أجره بزعم تعديه على الطبيب الممارس كل ذلك نكاية فى الطاعن من رئيس الإدارة المركزية ليس هذا فحسب بل دبر له مدير عام المعاشات مكيدة أخرى بإيعاز من رئيس الإدارة المركزية وافتعل مشاجرة فى مكتبه إذ أرسل فى طلب الطاعن وفور دخوله مكتبه فوجئ به تلقى بالملفات على الأرض ويستغيث بـ.......... و............... وعليه أحيل الطاعن للتحقيق وتم مجازاته بخصم ثلاثة أيام من أجره بالتحقيق رقم 78/ 93 رئاسة الهيئة وزيادة فى التنكيل بالطاعن أحيل التحقيق لعد إنجازه ما كلف به من أعمال وتم مجازاته بخصم خمسة أيام من أجره فى التحقيق رقم 658/ 93 وعلم بهذه القرارات فى 25/ 1/ 1994 فور عودته من الإجازة المرضية.
ونعى الطاعن على هذه القرارات مخالفتها لأحكام القانون والانحراف بالسلطة وانتهى إلى طلب الحكم له بما سلف من طلبات.
وبجلسة 11/ 3/ 1996 أصدرت المحكمة التأديبية الحكم المطعون فيه والذى قضى بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بإلغاء القرار رقم 2686/ 93 فيما تضمنه من مجازاة الطاعن بخصم ثلاثة عشر يوما من أجره مع ما يترتب على ذلك من آثار ورفض ما عدا ذلك من طلبات.
وأقامت المحكمة قضائها على أساس أنه بالنسبة للقرار رقم 2601/ 93 والمتضمن مجازاة الطاعن بخصم خمسة أيام من أجره لما نسب إليه من أنه بتاريخ 13/ 10/ 1993 طلب إجازة مرضية من طبيب عيادة الألفى للتأمين الصحى بدون وجه حق وعدم تمكينه من توقيع الكشف الطبى عليه وتقدير حالته المرضية بانصرافه من العيادة دون مبرر بعد دخوله حجرة الكشف الطبى فضلا عن استيلاءه على بطاقته العلاجية دون وجه حق واحتفاظه بها لديه المدة من 13 حتى 24/ 10/ 1993 ودون مبرر لذلك فقد ثبت للمحكمة من التحقيق الذى أجرته الجهة الإدارية أن الطاعن ارتكب تلك المخالفات المنسوبة إليه ومن ثم يكون ذلك القرار قائما على سببه أما بالنسبة للقرار رقم 2686/ 93 الصادر بمجازاة الطاعن بخصم ثلاثة أيام من أجره لدخوله على مدير المعاشات بحجرته بتاريخ 17/ 10/ 93 ومحاولته الاعتداء عليه وقيامه بإلقاء الملفات الموجودة على الأرض فقد استندت المحكمة فى قضائها بإلغاء هذا القرار على أن الأوراق قد خلت من أى دليل من الواقع أو شهادة الشهود على ارتكاب الطاعن تلك المخالفة سوى ما ورد بمذكرة مدير عام المعاشات بما يجعل الواقعة غير ثابتة فى حق الطاعن ومن ثم يكون ذلك القرار قد صدر دون سبب يبرره حريا بالإلغاء.
أما بشأن القرار رقم 2980/ 93 الصادر بمجازاة الطاعن بخصم خمسة أيام من أجره فقد صدر لما ثبت بشهادة الشهود من تقاعسه عن القيام بالعمل المكلف به وأنه لم يقدم أى إنجاز خلال شهر سبتمبر سوى حالتين فقط وقيامه بتعطيل زملائه.
أما بالنسبة للقضاء برفض طلب الطاعن التعويض بمبلغ عشرة آلاف جنيه عن الأضرار التى أصابته من جراء القرارات المطعون فيها فيقوم على أساس انتفاء ركن الخطأ فى جانب الإدارة بالنسبة للقرارين رقمى 2601، 2980/ 93 بعد ثبوت صحتهما أما القرار رقم 2686 فإنه ولئن ثبت عدم صحته وتوافر ركن الخطأ بشأنه إلا أن خير تعويض للطاعن هو إلغاء ذلك القرار مع ما يترتب على ذلك من آثار.
ومن حيث أن مبنى الطعن الأول المقام من الجهة الإدارية هو أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ فى تطبيق القانون وتضمنه خطأ فادحا فى منطوقه خلافا لما ورد بالحيثيات إذ تضمن المنطوق إلغاء القرار رقم 2686 لسنة 1992 فيما تضمنه من مجازاة الطاعن بخصم ثلاثة أيام عشر يوما من أجره فى حين ورد بالحيثيات إلغاء ذات القرار فيما تضمنه من خصم ثلاثة أيام من مرتب الطاعن وهو ما يتفق وباقى الحيثبات من رفض طلب إلغاء قرارى الجزاء الآخرين (رقمى 2601، 2980 لسنة 1993)فيما تضمنه كل منهما من خصم خمسة أيام من مرتب الطاعن ى أن منطوق الحكم تضمن إلغاء عقوبة الخصم الموقعة على المطعون ضده ومقدارها ثلاثة عشر يوما وهى مجموع الخصم بالقرارات الثلاثة المطعون عليها رغم إقرار الحكم بإلغاء قرار واحد فقط مما يستوجب إلغاء الحكم المطعون فيه.
وحيث إن الطعن الثانى المقام من............. يقوم على الأسباب الآتية:
1 - وقع الحكم المطعون فيه فى الخطأ إذ انتهى إلى القضاء بإلغاء القرار رقم 2686/ 93 فيما تضمنه من مجازاة الطاعن بخصم ثلاثة عشر يوما من أجره بينما هذا القرار الذى ألغته المحكمة تضمن مجازاة الطاعن بخصم ثلاثة أيام فقط من مرتبه.
2 - ما استندت إليه المحكمة فى رفضها الطعن على القرار رقم 2601/ 93 فيما تضمنه من مجازاة الطاعن بخصم خمسة أيام من راتبه يخالف الواقع و القانون حيث إن الطاعن كان مريضا فعلا إذ لا يعقل أن يذهب إلى عيادة التأمين الصحى ويطلب إجازة لسفره للبلد كما ورد بأقوال الطبيب المختص بينما الحقيقة هى أن الطبيب هو الذى رفض توقيع الكشف الطبى على الطاعن لوجود خلافات شديدة بين الطاعن ووكيل وزارة التأمينات والذى أوصى بعدم توقيع الكشف الطبى ومما يؤكد ذلك أن الطاعن قد حصل على إجازة مرضية لمدة 45 يوما ثم لمدة ثلاثة وثلاثين يوما وذلك من القومسيون الطبى العام عقب رفض طبيب التأمين الصحى توقيع الكشف الطبى عليه.
3 - استناد المحكمة فى رفضها طلب إلغاء القرار رقم 2980/ 93 فيما تضمنه من مجازاة الطاعن بخصم خمسة أيام من راتبه لما نسب إليه من عدم الدقة فيما يناط به من أعمال وواجبات وظيفته وذلك بتقاعسه عن القيام بالأعمال المكلف بها وعدم قيامه بإنجازها خلال شهر سبتمبر سنة 93 استنادها فى ذلك إلى شهادة الشهود يخالف الواقع والقانون حيث كان الطاعن خلال شهر سبتمبر سنة 93 فى دورة تدريبية للتسجيل على الحاسب الآلى وهى من الضروريات التى يتعين الالتزام بها ولا يجوز الانقطاع أو التغيب عنها مما تسبب فى عدم إنجازه لأعمال كثيرة خلال الفترة دون سبب يرجع إليه.
ومن حيث إن القانون رقم 47/ 72 بإصدار قانون مجلس الدولة يقضى فى المادة 3 من مواد الإصدار بتطبيق الإجراءات المنصوص عليها فيه وبتطبيق أحكام قانون المرافعات فيما لمن يرد فيه نص وذلك إلى أن يصدر قانون بالإجراءات الخاصة بالقسم القضائى وقد نص قانون المرافعات فى المادة 11 على أن "تتولى المحكمة تصحيح ما يقع فى حكمها من أخطاء مادية بحتة كتابية وحسابية وذلك بقرار تصدره من تلقاء نفسها أو بناء على طلب أحد الخصوم من غير مرافعة...........).
ومفاد هذا أنه ولئن كانت القاعدة أن المحكمة تستنفد ولايتها بإصدار الحكم فى النزاع فلا يجوز لها بعدئذ العدول عنه أو الإضافة إليه إلا أنه استثناء من هذه القاعدة يجوز للمحكمة تصحيح ما وقع فى حكمها من أخطاء مادية كتابية أو حسابية وجلى أن مناط إعمال هذا الاستثناء أن يكون الخطأ الذى وقع فى الحكم ماديا سواء كان كتابيا أو حسابيا بأن يكون فى الحكم أساس يدل على الواقع الصحيح فى نظر المحكمة ويبرر بالتالى ما خلفه من خطأ إذا قورن بهذا الواقع الصحيح الثابت فى الحكم وبذا لا يتخذ التصحيح ذريعة للرجوع على الحكم بما يمس حجيته.
ومن حيث إنه بالاطلاع على الحكم المطعون فيه الصادر فى الطعن رقم 179/ 28 ق يبين أنه قضى فى منطوقه بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء القرار رقم 2886/ 93 فيما تضمنه من مجازاة الطاعن بخصم ثلاثة عشر يوما من أجره مع ما يترتب على ذلك من آثار مع رفض ما عدا ذلك من طلبات فى حين أن صحة مدة الخصم الوقع بهذا القرار هى ثلاثة أيام فقط ولهذا أصل فى أسباب الحكم حيث تناولت المحكمة التأديبية نظر القرار المذكور فذكرت صراحة سواء فى مسودة الحكم أو نسخته الأصلية (ص3) أنه وبالنسبة للقرار رقم 2686/ 93 الصادر بمجازاة الطاعن بخصم ثلاثة أيام من أجره ثم انتهت المحكمة بعد تقصيها لأسباب هذا القرار إلى أنه صدر دون سبب يبرره ومن ثم انتهت إلى القضاء بإلغائه الأمر الذى يتأكد معه بيقين أن ما وقع بمنطوق الحكم من أن مدة الخصم ثلاثة عشر يوما لا يعدو أن يكون خطأ ماديا كتابيا مما لا يترتب عليه بطلان الحكم ويجوز للمحكمة تصحيحه بقرار تصدره من تلقاء نفسها أو بناء على طلب أحد الخصوم ولا يعتبر الحكم المصحح معدلا للحكم الذى يصححه بل متما له.
ومن حيث إن الطاعنين يطلبان تصحيح هذا الخطأ المادى فى منطوق الحكم إذ كان المقرر أن الطعن أمام هذه المحكمة يطرح المنازعة فى الحكم برمتها ويفتح الباب أمامها لتنفيذ حكم القانون وأنه حفاظا على الأحكام واختصارا للوقت والإجراءات وتيسيرا للعدالة يكون لهذه المحكمة باعتبارها أعلى درجات القضاء الإدارى تصحيح هذا الخطأ المادى ليكون منطوق الحكم بخصم ثلاثة أيام من مرتب الطاعن ومن ثم تتناول الطعنين بالنظر لصلاحيتها للفصل فيهما بعد هذا التصحيح.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق خاصة التحقيق الذى أجرته الإدارة مع الطاعن فيما نسب إليه من المخالفات التى تمت مجازاته عنها بالقرارات الثلاثة أرقام 2601، 2686، 2980 لسنة 93 أما ما نسب إليه بالقرار الأول (رقم 2601/ 93 ومن أنه بتاريخ 13/ 10/ 93 طلب إجازة مرضية من طبيب عيادة التأمين الصحى بدون وجه حق وعدم تمكينه من توقيع الكشف الطبى عليه وتقدير حالته المرضية بانصرافه من العيادة دون مبرر بعد دخوله حجرة الكشف الطبى فكل ذلك ثابت فى حقه من خلال المذكرة التى قدمها الطبيب إلى رئيس مجلس إدارة هيئة التأمينات الاجتماعية فى هذا الشأن وكذلك ما شهد به كل من الموظفة المختصة بالتسجيل وأحد العاملين بعيادة التأمين الصحى مما يشكل مخالفة من الطاعن لمقتضيات وظيفته يتعين مساءلته عنها تأديبيا ولا وجه لما أثاره الطاعن بتقرير طعنه من أنه كان مريضا وأنه عقب رفض الطبيب منحه الإجازة حصل على إجازة مرضية من القومسيون الطبى العام قدرها 45 يوما ثم 33 يوما فهذا القول من الطاعن لا يتوافر عليه ى دليل من الأوراق فضلا عن أنه لا ينفى ما وقع منه من مخالفات لدى طلبه الإجازة من طبيب عيادة التأمين الصحي.
وحيث إنه بالنسبة لما نسب إلى الطاعن بالقرار رقم 2686/ 93 من التهجم على مدير عام المعاشات بحجرته بتاريخ 17/ 10/ 93 ومحاولته الاعتداء عليه وقيامه بإلقاء الملفات على الأرض فقد تبين من التحقيق الذى أجرته الإدارة فى هذا الشأن أنه لم ينهض على ذلك دليل قطعى وأن إدعاء المدير المذكور تعدى الطاعن عليه لا يظاهره سند صحيح الأمر الذى ينفى عن الطاعن ما نسب إليه فى هذا الشأن ويتعين من ثم إلغاء القرار رقم 2686/ 93 فيما تضمنه من مجازاته بخصم ثلاثة أيام من مرتبه لصدور بدون سبب يبرره من الواقع أو القانون ووفقا لما استقر عليه قضاء هذه المحكمة من أن الإدانة فى المجال التأديبى كما هو الحال فى المجال الجنائى يجب أن تقوم على القطع واليقين لا على الظن والتخمين وأن الدليل الذى تستند إليه المحكمة وتقم قضاءها عليه يجب أن يؤدى إلى النتيجة التى انتهى إليها بصورة قطعية لا ظنية ولا افتراضية.
ومن حيث إنه بالنسبة للقرار رقم 2980/ 93 المتضمن مجازاة الطاعن بخصم خمسة أيام من أجره لما نسب إليه من عدم مراعاة الدقة فيما يناط به من أعمال وواجبات وظيفته وعدم تنفيذه للأوامر الصادرة إليه من رؤسائه بدقة وأمانة بتقاعسه عن القيام بالأعمال المكلف بها وعدم قيامه بإنجازها خلال شهر سبتمبر 93 دون عذر مقبول فقد ثبت بالتحقيق الذى أجرته الإدارة فى هذا الشأن مع الطاعن وزملائه فى العمل وما قدمه ورؤسائه عنه من مذكرات وبيان الأعمال التى أنجزها زملائه خلال هذا الشهر ثبت من ذلك كله أن الطاعن لا يهتم بإنجاز ما يسند إليه من عمل إذ أنجز حالتين وإذ كان ذلك ثابتا فى حق الطاعن فإنه لا يشكل بأية حالة مخالفة تأديبية بالمعنى الذى عناه الشارع فى قانون العاملين وإن كان يقلل من قدرته على الإنجاز وكفاءته لتولى الوظائف العامة والاضطلاع بمسئوليتها هذا الأمر الذى يجد مداه فى التقارير الخاصة بتقرير كفايته ويستوجب تخفيفها واتخاذ الإجراءات المقررة قانونا لمواجهة ضعف قدراته على الأداء من توجهه ونقله حتى إبعاده عن الوظيفة التى يشغلها أو فصله نهائيا من الخدمة إذا حصل على تقديرين بمرتبة ضعيف وقررت اللجنة المختصة عدم صلاحيته لشغل أية وظيفة أخرى دون أن يكون ذلك محلا لمؤاخذته تأديبيا أو توقيع ى جزاء من الجزاءات المقررة قانونا للمخالفات التأديبية فقط فى حين بلغ إنتاج زملائه بالقسم 542، 104، 94 وإذ ذهب الحكم الطعين غير هذا المذهب فإنه يكون أخطأ فى تطبيق القانون مما يستوجب إلغاءه والغاء القرار رقم 2980/ 93 فيما تضمنه من مجازاته بخصم خمسة أيام من راتبه بسبب ضعف إنجازه.

فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة: - بقبول الطعنين شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإلغاء القرارين رقمى 2686/ 93، 2980/ 93 فيما تضمنه الأول من مجازاة الطاعن بخصم ما يوازى ثلاثة أيام من راتبه وما تضمنه الثانى من خصم ما يوازى خمسة أيام من راتبه ورفض ما عدا ذلك من طلبات.