مجلس الدولة - المكتب الفنى لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السادسة والأربعون - الجزء الثالث (من يونيه سنة 2001 إلى آخر سبتمبر 2001) - صــ 2415

(284)
جلسة 5 من يوليو سنة 2001

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد أحمد الحسينى مسلم نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة/ أحمد إبراهيم عبد العزيز تاج الدين، وممدوح حسن يوسف محمود، ود. محمد ماهر أبو العينين حسين، وأحمد محمد حامد نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 3972 لسنة 43 القضائية

عاملون مدنيون بالدولة - وطوائف خاصة من العاملين - عاملون بالمحاكم - تأديبهم - شروط صحة قرارات مجالس التأديب.
المواد (175، 176، 178) من قانون المرافعات المدنية والتجارية.
تخضع محاكمة موظفى المحاكم والنيابات أمام مجالس التأديب للقواعد المطبقة فى المحاكمات التأديبية ومن هذه القواعد وجوب تسبيب الحكم أو القرار التأديبى ومؤدى نصوص المواد (175، 176، 178) من قانون المرافعات المدنية والتجارية أن المشرع قد أوجب أن يشتمل الحكم على الأسباب التى بنى عليها ورتب جزاء البطلان على صدور الحكم غير مشتمل على الأسباب التى أقام عليها قضاءه وأن تتضمن أسباب الحكم الادلة الواقعية والحجج القانونية التى استندت إليها المحكمة فى إصدار حكمها حتى يتضح وجه إستدلاله بها ولكى تتمكن محكمة الطعن من مراقبة تطبيقه تطبيقا صحيحا دون أن يكفى فى هذا الشأن سرد الوقائع دون تحديد واضح لما وقر فى ضمير المحكمة ووجدانها بثبوته فى حق المخالف فإن لم يتحقق ذلك فى الحكم أو القرار التأديبى فإنه يكون مشوباً يعيب يبطله.


إجراءات الطعن

فى يوم السبت الموافق 24/ 5/ 1997 أودع الأستاذ/ .......... المحامى الوكيل عن الطاعن - قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير بالطعن قيد برقم 3972/ 43ق. وذلك فى قرار مجلس التأديب للعاملين بمحكمة شمال القاهرة الإبتدائية فى الدعوى رقم 40/ 1996 والقاضى بجلسة 26/ 3/ 1997 بوقف الطاعن عن عمله لمدة شهر مع صرف نصف الأجر، وطلب الطاعن وللأسباب المبينة بتقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلا وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه و فى الموضوع بإلغائه ورفض الدعوى مع ما يترتب على ذلك من اثار.
وقد جرى إعلان تقرير الطعن على النحو المبين بالأوراق.
وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريرا بالرأى القانونى ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا.
نظرت دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة الطعن بجلسة 27/ 7/ 1999 وماتلاها من جلسات إلى أن قررت إحالة الطعن إلى الدائرة الخامسة عليا موضوع لنظره بجلسة 19/ 11/ 2000، ونظرت هذه المحكمة الطعن بتلك الجلسة وقررت إصدار الحكم بجلسة 27/ 5/ 2001 غير أنه تقرر مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم لإستكمال المداولة حيث صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة قانوناً.
ومن حيث إن الطعن قد تم تقديمه فى الأجل المقرر قانونا واستوفى أوضاعه الشكلية الأخرى ومن ثم يكون مقبولا شكلا.
ومن حيث إن الفصل فى موضوع الطعن يغنى عن الفصل فى طلب وقف التنفيذ.
ومن حيث إن وقائع المنازعة تخلص حسبما يبين من الأوراق فى أن رئيس محكمة شمال القاهرة أصدر قرارا بتاريخ 14/ 11/ 1996 بإحالة نائب المحضر الأول/ ...... بقلم محضرى مصر الجديدة إلى مجلس التأديب لما أسند إليه من قيامه بإيقاف إعلان أمر التقدير فى المطالبة رقم 2383 لسنة 92/ 93 فى القضية رقم 806/ 89 والمقيدة برقم 7734 مطالبة مصر الجديدة بأن حرر إجابة لم يستدل على المراد إعلانه فى حين ثبت من المعاينة أن المراد إعلانه يقيم بشقة فى العقار المسجل بأمر التقدير وعليها لافتة باسمه وأيضا صندوق بريد فى مدخل العمارة عليها اسم المراد اعلانه وقيام محضر آخر بإعلانه على نفس العنوان، وقد تداول مجلس التأديب نظر الدعوى التأديبية التى قيدت برقم 40/ 1996 تأديب شمال القاهرة على النحو المبين بمحاضر الجلسات إلى أن أصدر قراره الطعين بجلسة 26/ 3/ 1997 بوقف الطاعن عن العمل لمدة شهر مع صرف نصف الأجر وأقام المجلس قضاؤه إستنادا إلى أن المحال قد خالف التعليمات والكتاب الدورى رقم 1 لسنة 1992 والمادة 76/ 1 من قانون العاملين المدنيين بالدولة والتى توجب على العامل أن يؤدى عمله بذمة وأمانة.
ومن حيث إن مبنى الطعن مخالفة القرار المطعون فيه للقانون والواقع لما يلي:
1 - أن الذنب الإدارى المنسوب إلى الطاعن لا وجود له ذلك أن الطاعن قام بالعمل المنوط به على أكمل وجه كما هو ثابت من خطاب التحريات وأقوال الضابط الذى أقر بأن المراد إعلانه غير مقيم بذات العقار مما حدا بالطاعن إلى إعلانه فى مواجهة النيابة العامة وذلك بالتطبيق للفقرة (10) من المادة (13) من قانون المرافعات والتى تنص على أنه إذا كان موطن المعلن إليه غير معلوم فإن الورثة تسلم صورتها للنيابة العامة.
2 - إن السبب الذى بنى عليه الحكم المطعون فيه أن الطاعن خالف التعليمات والكتاب الدورى رقم 1 لسنة 1992 والمادة (76/ 1) من قانون العاملين بالدولة بتحرير إجابة لم يستدل على المراد إعلانه فى حين ثبت من المعاينة أن المراد إعلانه مقيم بشقة بالعقار المراد الإعلان عليه وهذا السبب غير قائم فى حق الطاعن من واقع التحقيقات والتى أكدته تماما من عدم وجود ثمة دليل يقطع بثبوت المخالفة المنسوبة إليه لكون التحريات التى أتت بها الجهة الإدارية والتى تمت عن طريق قسم شرطة مصر الجديدة أكدت أن المراد إعلانه وهو المدعو/ ........... ترك الإقامة بالعنوان المذكور منذ أربع سنوات بسبب نزاع بينه وبين زوجته ولا يوجد مؤسسة باسم/ ........ بالعنوان المذكور كما قررت زوجته بأنها لا تعرف عنوانه منذ تركه للإقامة معها.
3 - أن الجزاء الموقع شابه الغلو وعدم التناسب مع الذنب المرتكب على النحو الوارد تفصيلا بعريضة الطعن.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن الطعن أمامها يطرح المنازعة فى الحكم المطعون فيه برمتها ويفتح الباب أمامها لتزن هذا الحكم بميزان القانون وزنا مناطه إستظهار ما إذا كانت قد قامت به حالة أو أكثر من الأحوال التى تعيبه ومن ثم فللمحكمة أن تنزل حكم القانون فى المنازعة على الوجه الصحيح غير مقيدة بأسباب الطعن ما دام المراد هو مبدأ المشروعية نزولا على سيادة القانون.
ومن حيث إن المستقر عليه فى قضاء هذه المحكمة أن محاكمة موظفى المحاكم والنيابات أمام مجالس التأديب إنما تخضع للقواعد المطبقة فى المحاكمات التأديبية ومن هذه القواعد وجوب تسبيب الحكم أو القرار التأديبى وإذا توجب المادة (175) من قانون المرافعات إيداع مسودة الحكم مشتملة على أسبابه عند النطق بالحكم وإلا كان الحكم باطلا كما تقضى المادة (176) من ذلك القانون بأنه يجب أن تشمل الأحكام على الأسباب التى بنيت عليها وإلا كانت باطلة وقضت المادة (178) بأن يشتمل الحكم على عرض مجمل بوقائع الدعوى وعلى أسباب الحكم ومنطوقه وأن القصور فى أسباب الحكم على الاسباب يترتب عليه بطلان الحكم ومؤدى ذلك أن المشرع قد أوجب أن يشتمل الحكم على الأسباب التى بنى عليها ورتب جزاء البطلان على صدور الحكم غير المشتمل على الأسباب التى أقام عليها قضاؤه وأن تتضمن أسباب الحكم الأدلة الواقعية والحجج القانونية التى استندت إليها المحكمة فى إصدار حكمها حتى يتضح وجه إستدلاله بها كى تتمكن محكمة الطعن من مراقبة تطبيقه تطبيقاً صحيحاً ودون أن يكفى فى هذا الشأن سرد الوقائع دون تحديد واضح لما وقر فى ضمير المحكمة ووجدانها بثبوته فى حق المخالف فإن لم يتحقق ذلك فى الحكم أو القرار التأديبى فإنه يكون مشوبا بعيب يبطله على ما سلف البيان وهو ما استقر عليه قضاء المحكمة الإدارية العليا فى هذا الخصوص.
ومن حيث إنه يبين من الإطلاع على القرار الطعين أنه قد تضمن بيان المخالفة التى أحيل الطاعن بسببها إلى مجلس التأديب وسرد أوجه دفاعه التى برر بها عدم صحة الواقعة المسندة إليه وكذا ما قرره الرائد/ ........... لدى سؤاله أمام مجلس التأديب فى شأن التحريات التى قام بإجرائها فى هذا الخصوص والتى أسفرت عن أن المراد التحرى عنه قد ترك السكن بسبب نزاع مع زوجته ورغم ذلك إستطرد الحكم المطعون فيه مقررا عقب ذلك بأن المحضر (الطاعن) قد خالف بذلك التعليمات والكتاب الدورى رقم 1/ 1992 والمادة 76/ 1 من قانون العاملين المدنيين بالدولة ثم وقع عليه الجزاء الذى إنتهى إليه دون أن يبين فى القرار المذكور الأدلة والبراهين التى استخلصها من التحقيق الذى أجرى فى هذا الشأن أو أقوال الرائد المذكور أمام مجلس التأديب والتى من شأنها أن تدين الطاعن من عدمه والأسانيد التى أقيمت عليها القناعة بهذا الأمر أو ذاك ودون مناقشة أوجه دفاعه أو وزن الشهادة التى أدلى بها الرائد المذكور وعلى ذلك فقد جاء القرار الطعين خاليا من أى تسبيب حقيقى للجزاء حتى يمكن لمحكمة الطعن تقرير مدى سلامة ما استخلصه مجلس التأديب بناء على تلك الأسباب وبالتالى يكون القرار المطعون عليه مشوبا بالبطلان واجب الإلغاء ومن ثم يتعين إعادة ملف الدعوى التأديبية رقم 40/ 1996 إلى محكمة شمال القاهرة الابتدائية للفصل فيها مجددا من هيئة أخرى.

فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بالغاء قرار مجلس التأديب المطعون فيه على ما يترتب على ذلك من آثار وأمرت بإعادة الدعوى التأديبية رقم 40/ 1996 إلى محكمة شمال القاهرة الإبتدائية للفصل فيها مجددا من هيئة أخرى.