مجلس الدولة - المكتب الفنى لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السادسة والأربعون - الجزء الثالث (من يونيه سنة 2001 إلى آخر سبتمبر 2001) - صــ 2421

(285)
جلسة 5 من يوليو سنة 2001

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد أحمد الحسينى مسلم نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة: أحمد إبراهيم عبد العزيز تاج الدين، وممدوح حسن يوسف محمود، ود. محمد ماهر أبو العينين حسين، وأحمد محمد حامد نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعنان رقما 778، 785 لسنة 44 القضائية

( أ ) عاملون مدنيون - طوائف خاصة من العاملين - عاملون بالمحاكم - تأديبهم - الاختصاص بالتأديب بما يتضمنه من تشكيل خاص يعد من النظام العام.
أناط المشروع بالمواد 165، 166، 167 من قانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1972 بمجالس تأديب العاملين بالمحاكم ولاية تأديب هؤلاء العاملين لما يصدر عنه من إخلال بواجبات وظائفهم - الاختصاص بالتأديب لما يتضمنه من تشكيل خاص يعد من النظام العام - لا يجوز الخروج عليه أو التفويض فيه - مشاركة من لم يحددهم نص القانون فى تشكيل مجلس التأديب يعتبر تدخلاً فى ولاية التأديب يبطل به تشكيل مجلس التأديب - أيضاً تبطل إجراءات المساءلة التأديبية التى تمت أمامه.
(ب) عاملون مدنيون بالدولة - تأديب - مجالس التأديب - الطبيعة القانونية لقرارات مجالس التأديب التى لا تخضع لتصديق من جهات إدارية عليا.
القرارات الصادرة من مجالس التأديب التى لا تخضع لتصديق من جهات إدارية عليا أقرب فى طبيعتها إلى الأحكام التأديبية منها إلى القرارات الإدراية، لذا فإنه تعامل معاملة هذه الأحكام. ومن ثم فإنه يتعين فيها مراعاة القواعد الأساسية للأحكام، ومن بين هذه القواعد أن يصدر الحكم من هيئة مشكلة تشكيلاً صحيحاً وطبقاً للقانون، ويترتب على مخالفة هذه القواعد بطلان الحكم لتعلق ذلك بالنظام العام.


إجراءات الطعن

فى يوم الأربعاء الموافق 5/ 11/ 1997 أودع الأستاذ ............. المحامى نائبا عن الأستاذ ........ المحامى بصفته وكيلا عن الطاعنين......... و........... قلم كتاب هذه المحكمة - تقرير بالطعن قيد بجدولها برقم 778 لسنة 44ق. عليا ضد وزير العدل بصفته فى قرار مجلس التأديب المشار إليه بعاليه فيما تضمنه من مجازاة كل منهما بخصم خمسة أيام من راتب كل منهما.
وطلب الطاعنان للأسباب المبينة بتقرير الطعن الحكم بقبول شكلا، وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه إعادة محاكمة الطاعنين مجددا من هيئة أخرى.
وأعلن تقرير الطعن إلى المطعون ضده بصفته فى مواجهة هيئة قضايا الدولة على النحو المبين بالأوراق.
وفى ذات يوم الأربعاء الموافق 5/ 11/ 1997 أودع الأستاذ/ ........... المحامى نائباً عن الأستاذ/ ........... المحامى بصفته وكيلا عن الطاعنين/ ........ و........... و......... قلم كتاب هذه المحكمة تقرير طعن قيد بجدولها برقم 785 لسنة 44ق. عليا ضد وزير العدل وآخرين بصفاتهم فى ذات قرار مجلس التأديب المشار إليه بعاليه فيما تضمنه من مجازاة كل منهم بخصم خمسة أيام من راتبه.
وطلب الطاعنون للأسباب المبينة بتقرير الطعن الحكم بقبوله شكلا وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار مع إلزام المطعون ضدهم المصروفات وأتعاب المحاماة.
وأعلن تقرير الطعن إلى المطعون ضدهم بصفاتهم فى مواجهة هيئة قضايا الدولة على النحو المبين بالأوراق.
وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريرا مسببا بالرأى القانونى فى الطعنين ارتأت فيه الحكم بقبولهما شكلا وفى الموضوع برفضهما.
ونظر الطاعنان أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة على النحو المبين بالمحاضر حيث أودع الطاعنين مذكرة دفاع، وبجلسة 28/ 11/ 2000 قررت إحالة الطعنين إلى الدائرة الخامسة (موضوع) لنظرهما بجلسة 7/ 1/ 2001 والتى نظرتهما بهذه الجلسة وماتلاها من جلسات حيث أودعت هيئة قضايا الدولة مذكرة بدفاع المطعون ضدهم بصفاتهم، حيث قررت المحكمة ضم الطعن رقم 785 لسنة 44ق عليا إلى الطعن رقم 778 لسنة 44ق ليصدر فيهما حكم واحد، وبجلسة 1/ 4/ 2001 قررت المحكمة إصدار الحكم فى الطعنين بجلسة 24/ 6/ 2001 وفيها قررت مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم لإستكمال المداولة، حيث أصدرت هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه ومنطوقه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات والمداولة قانوناً.
ومن حيث إن الطعنين استوفيا أوضاعهما الشكلية المقررة قانونا فمن ثم فإنهما يكونا مقبولان شكلا.
من حيث إن عناصر هذا النزاع، تتحصل حسبما يبين من الأوراق والمستندات فى أنه بتاريخ 17/ 5/ 1997 أصدر السيد المستشار رئيس الإستئناف - مدير النيابات - القرار رقم 213 لسنة 1997 بإحالة كل من/ .......... و......... و............ و............ و........ و................. و............ العاملين بدائرة نيابة جنوب القاهرة إلى مجلس تأديب العاملين بمحكمة جنوب القاهرة الإبتدائية لمحاكمتهم تأديبيا عما نسب إليهم بشأن أوجه القصور الواردة بتقرير اللجنة المشكلة بالقرار رقم 53 لسنة 1995 والمتمثلة فى الملاحظات الآتية:
1 - التأشير بإنهاء مدة حصر رغم تحصيل مبلغ أقل من المحكوم به وحصر قيمة الغرامة المحكوم بها بأقل مما حكم به.
2 - عدم إدراج بعض القضايا بالجلسات المحددة لها لنظرها أمام المحكمة وعدم عرض قضيتين للتصرف.
3 - التأشير فى دفتر حصر التنفيذ ببيانات المعارضة بالإستئناف بطريقة تعوق المراجعة لهذه البيانات.
4 - عدم ضم مفردات (67) قضية مما عطل الفصل فى هذه القضايا.
5 - تقديم مذكرة من القلم الجنائى بعدم وجود دفتر قيد يومية الجلسات رغم وجوده وعدم إنتظام كل الجلسات به.
6 - إنشاء أكثر من دفتر تقارير إستئناف وذلك بالمخالفة للتعليمات.
7 - عدم إرفاق قسائم السداد بالمخالفات الخاصة بها والإكتفاء بالتأشير بها فى دفتر الحصر.
وبجلسة 6/ 9/ 1997 أصدر المجلس المذكور القرار المطعون فيه والذى قرر مجازة المحالين بخصم خمسة أيام من راتب كل منهم......وشيد المجلس قراره إلى أن ما نسب إلى المحالين قد ثبت فى حقهم من واقع أوراق الدعوى وما جاء بالتحقيق الإدارى رقم (57) لسنة 1997 عام تفتيش جنائى وما جاء بقرار الإحالة وعدم دفعهم للإتهام بثمة دفاع، ولما كان فعلهم ينم عن عدم الدقة والإهمال وعدم مراعاتهم لواجبات وظائفهم...... وعليه إنتهى المجلس إلى قراره المتقدم.
ومن حيث إن مبنى الطعنين الماثلين على القرار المطعون فيه أن القرار خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه، فضلا أنه جاء مشوبا بالقصور فى التسبيب والفساد فى الإستدلال، وذلك لمخالفته لنص المادة (130) من قانون الإجراءات لعدم تسبيبه حتى تتمكن محكمة الطعن من مراقبة مدى تطبيق القانون تطبيقاً صحيحاً على المخالفات المنسوبة إليهم، كما أن هذا القرار لم يقم بالرد على دفاع الطاعنين بشأن نفى ما نسب إليهم مما يشوبه بالقصور فى التسبيب والإخلال بحق الدفاع....وعليه خلص الطاعنون إلى طلب الحكم لهم بطلباتهم المسطرة بصدر هذا الحكم.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن الطعن أمامها يفتح الباب لتزن الحكم المطعون فيه بميزان القانون غير مقيدة بطلبات الطاعن أو الأسباب التى يبديها.
ومن حيث إن المادة (165) من قانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1972 تنص على أن "من يخل من العاملين بالمحاكم بواجبات وظيفته أو يأتى ما من شأنه أن يقلل من الثقة الواجب توافرها فى الأعمال القضائية..... تتخذ ضده الإجراءات التأديبية". وتنص المادة (166) من ذات القانون على أنه "لا توقع العقوبات إلا بحكم من مجلس التأديب..".
وتنص المادة (167) من ذات القانون على أن "يشكل مجلس التأديب... وفى المحاكم الإبتدائية والنيابات من رئيس المحكمة ورئيس النيابة أو من يقوم مقامهما وكبير الكتاب، ويستبدل كبير المحضرين عند محاكمة أحد المحضرين ورئيس القلم الجنائى عند محاكمة أحد كتاب النيابات....."
ومن حيث إن مفاد النصوص المتقدمة أن قانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1972 قد ناط بمجلس تأديب العاملين بالمحاكم والنيابات ولاية تأديب هؤلاء العاملين لما قد يصدر منهم من إخلال بواجبات وظائفهم، ومن ثم فإن الإختصاص بالتأديب لما يتضمنه من تشكيل خاص يعد من النظام العام وبالتالى لا يجوز الخروج عليه أو التفويض فيه، ومن ثم فإن مشاركة من لم يقصدهم نص القانون فى تشكيل مجلس التأديب يعتبر تدخلا فى ولاية التأديب يبطل به تشكيل مجلس التأديب، وبالتالى تبطل إجراءات المساءلة التأديبية التى تمت أمامه..." الطعن رقم 3868 لسنة 44ق. عليا جلسة 17/ 12/ 2000".
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن قرارات مجالس التأديب التى لا تخضع لتصديق من جهات إدارية عليا أقب من طبيعتها إلى الأحكام التأديبية منها إلى القرارات الإدارية، لذا فإنها تعامل معاملة هذه الأحكام. ومن ثم فإنه يتعين فيها مراعاة القواعد الأساسية للأحكام، ومن بين هذه القواعد أن يصدر الحكم من هيئة مشكلة تشكيلا صحيحا طبقا للقانون، وأنه يترتب على مخالفة هذه القواعد بطلان الحكم لتعلق ذلك بالنظام العام.
"الطعن رقم 542 لسنة 39ق. عليا جلسة 19/ 3/ 1994".
ومن حيث إنه على هدى ما تقدم، ولما كان الثابت من الإطلاع على النسخة الأصلية لقرار مجلس التأديب المطعون فيه أن مجلس التأديب مصدره مشكل من رئيس محكمة ووكيل نيابة جنوب القاهرة ومدير عام الشئون الجنائية لنيابة جنوب القاهرة، ومن ثم يكون قرار مجلس التأديب المطعون فيه قد صدر من هيئة مشكلة بالمخالفة لنص المادة (167) من قانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1972، والتى أوجبت أن يكون تشكيل مجلس التأديب من ثلاثة أعضاء حددت المادة المذكورة وظائفهم تحديدا دقيقاً، الأمر الذى يؤدى إلى بطلان تشكيل مجلس التأديب المذكور وما يستتبعه من بطلان جميع إجراءات المجلس وما صدر عنه من قرار تأديبى، خاصة وأن هذه المحكمة قد طلبت من الجهة الإدارية التعقيب على صحة تشكيل مجلس التأديب المطعون فى قراره ومنحتها أجلا لجلسة 1/ 4/ 2001 - حيث تقدم محامى الدولة بمذكرة دفاع بهذه الجلسة ولم يشر فيها من قريب أو بعيد إلى صحة تشكيل المجلس المذكور، علاوة على ذلك فإن مجلس التأديب قد إنتهى إلى مجازاة الطاعنين بخصم خمسة أيام من راتب كل منهم على أساس أن التهمة ثابتة فى حق المتهمين مما جاء بالتحقيق الإدارى رقم (57) لسنة 1997 عام تفتيش جنائى وما جاء بقرار الإتهام وعدم دفع المتهمين التهمة بثمة دفاع، مما ينم عن عدم الدقة والإهمال وعدم مراعاتهم لواجبات وظائفهم...... دون أن يحدد القرار المطعون فيه المخالفة المنسوبة إلى كل من المحالين تحديدا دقيقا واضحا وكيفية ثبوتها فى حق كل منهم وهل هى أقوال الشهود أم إعتراف كل منهم أو غير ذلك من أدلة الإثبات المقررة قانونا، ومن ثم فإن القرار المطعون فيه يكون غير مستند إلى أسبابه التى تبرره واقعيا وقانونيا مما يجعله مشوبا بالقصور فى التسبيب وبالتالى يكون باطلا على ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة.
ومن حيث إنه ترتيبا على ما تقدم، فإنه يكون من المتعين إلغاء القرار المطعون فيه، وإعادة الدعوى التأديبية إلى مجلس تأديب العاملين بمحكمة جنوب القاهرة الإبتدائية للفصل فيها مجددا من هيئة أخرى مشكلة تشكيلا قانونيا صحيحا وبمراعاة ما سبق بيانه بما يتفق وصحيح القانون.

فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة بقبول الطعنين شكلا، وفى الموضوع بإلغاء قرار مجلس التأديب المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثاره وأمرت بإعادة الدعوى رقم 17 لسنة 1997 إلى مجلس تأديب العاملين بمحكمة جنوب القاهرة الابتدائية للفصل فيها مجددا من هيئة أخرى مشكلة تشكيلا صحيحا وبما يتفق وأحكام القانون على النحو الموضح بالأسباب.