مجلس الدولة - المكتب الفنى لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السادسة والأربعون - الجزء الثالث (من يونيه سنة 2001 إلى آخر سبتمبر 2001) - صــ 2429

(286)
جلسة 5 من يوليو سنة 2001

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ جودة عبد المقصود فرحات نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة/ السيد محمد السيد الطحان، وأحمد عبد العزيز أبو العزم، ومصطفى محمد عبد المعطى، وأحمد حلمى محمد أحمد نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 2300 لسنة 44 القضائية

أراضى زراعية - إزالة المخالفات عليها - سلطة القضاء الجنائى ووزير الزراعة
قانون الزراعة رقم 53 لسنة 1966 المعدل بالقانون رقم 116 لسنة 1983 - عالج المشرع حالة إقامة مبان أو منشآت فى الأرض الزراعية وما فى حكمها بالمخالفة للقانون بطريقين أحدهما قضائى والثانى إدارى، فأوجب الحكم فى حالة المخالفة أو الشروع فيها بحبس المخالف وتغريمه بغرامة لا تقل عن عشرة آلاف جنيه ولا تزيد على خمسين ألف جنيه، وفى حالة الإدانة الزم المحكمة بأن تأمر بإزالة المخالفة على نفقة المخالف وهذا هو الطريق القضائى أما الطريق الإدارى فقد خول المشرع وزير الزراعة حتى صدور الحكم فى الدعوى الجنائية أو يوقف أسباب المخالفة بالطريق الإدارى على نفقة المخالف - القضاء الجنائى وحده المختص فى حالة الإدانة بإزالة أسباب المخالفة - سلطة وزير الزراعة فى ابقاء الوضع على ما هو عليه والحيلولة دون المخالف واستكمال الأعمال - مؤدى ذلك عد تجاوز هذا الاختصاص إلى حد إزالة المبانى المخالفة - تطبيق.


إجراءات الطعن

فى يوم الثلاثاء الموافق 27/ 1/ 1998 أودعت هيئة قضايا الدولة نائبة عن الطاعنين قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريرا بالطعن قيد بجدولها تحت رقم 2300 لسنة 44ق. ع فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بأسيوط فى الدعوى رقم 1109 لسنة 7ق بجلسة 3/ 12/ 1997 والقاضى بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وطلب الطاعنون - للأسباب الواردة بتقرير الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه مع إلزام المطعون ضده المصروفات.
وقد تم إعلان تقرير الطعن على النحو المبين بالأوراق، وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريرا مسبباً رأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبعدم قبول الدعوى لانتفاء القرار الإدارى وإلزام المطعون ضده المصروفات وتحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 17/ 10/ 2000 وبجلسة 20/ 1/ 2001 قررت إحالته إلى هذه الدائرة والتى نظرته بجلساتها على النحو الثابت بمحاضر الجلسات حتى قررت إصدار الحكم فى الطعن بجلسة اليوم، وبهذه الجلسة صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع المرافعة، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه المقررة.
ومن حيث إن عناصر النزاع تخلص - حسبما يبين من الأوراق - فى أنه بتاريخ 1/ 6/ 1996 أقام المطعون ضده الدعوى رقم 1109 لسنة 7ق بإيداع صحيفتها قلم كتاب محكمة القضاء الإدارى بأسيوط طلب فى ختامها الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء القرار المطعون فيه بكافة مشتملاتة مع إلزام المطعون ضدهم المصروفات، وقال شرحا للدعوى أنه فى غضون شهر مايو سنة 1996 صدر قرار بإزالة مبنى مملوك له مكون من حجرتين وصالة من الأمام وأربع حجرات داخل المبنى ومساحته 1575م بعرض 24م وبطول 65م ومبين الحدود والمعالم بصحيفة الدعوى، وأن هذا المبنى قديم وتم تأجيره إلى/ ............ بموجب عقد إيجار ثابت التاريخ قبل صدور قرار الإزالة وتم تجديده والآن يسكن فيه/ .......، وينعى المدعى على القرار المطعون فيه مخالفته للقانون لأن المادة (152) من القانون رقم 116 لسنة 1983 أعطت الحق لوزير الزراعة بوقف المخالفة، وأعطى للقضاء الحق فى الإزالة، كما أن هذا القرار صدر مجحفاً بحقوقه.
وبجلسة 3/ 12/ 1997 صدر الحكم المطعون فيه، وأقامت المحكمة قضاءها على أن البين من ظاهر الأوراق أنه تحرر للمدعى محضر مخالفة ارتكاب أفعال من شأنها تبوير الأراضى الزراعية والمساس بخصوبتها وهى إقامة سور وأن الجهة الادارية لم تقدم صورة هذا المحضر، وما تم بشأنه رغم قيام المحكمة بتأجيل نظر الدعوى أكثر من مرة لهذا السبب، وإذ صدر القرار المطعون فيه من محافظ المنيا بموجب التفويض الممنوح الصادر له بقرار وزير الزراعة رقم 1299 لسنة 1987 متضمناً وقف وإزالة الأعمال المخالفة فإن هذا القرار يكون قد صدر بالمخالفة للقانون فيما تضمنه من الإزالة التى هى من سلطة المحكمة دون الجهة الإدارية ومن ثم يتوافر فى طلب وقف تنفيذه ركن الجدية فضلا عن توافر ركن الاستعجال لما يترتب على الإزالة من نتائج يتعذر تداركها مما يتعين معه وقف تنفيذ القرار المطعون فيه.
ومن حيث إن مبنى الطعن مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والخطأ فى تطبيقه وتأويله، ذلك أن الأمر العسكرى رقم 1 لسنة 1996 خول الجهة الإدارية المختصة سلطة إزالة المبانى المخالفة على الأرض الزراعية بالطريق الإدارى على أساس أن فى ذلك حماية للضرورة القومية الأساسية للمجتمع كما أن غاية المشرع فى العبارات التى صاغها لتحديد الاختصاصات المخولة لوزير الزراعة بحسب نوع المخالفة ففى حين نص فى المادة 154 من قانون الزراعة بأن له حتى صدور حكم فى الدعوى أن يأمر بوقف الأعمال المخالفة وباعادة الحال إلى ما كانت عليه بالطريق الإدارى على نفقة المخالف وذلك فى حالة ترك الأرض غر منزرعة بالمخالفة لحكم المادة (151) ونص فى المادة (157) بأن لوزير الزراعة حتى صدور حكم فى الدعوى وقف أسباب المخالفة واعادة الحال إلى ما كانت عليه بالطريق الإدارى على نفقة المخالف وذلك فى حالة إقامة مصانع أو قمائن طوب فى الأرض الزراعية بالمخالفة لحكم المادة (153) مما مفاده أن المشرع قد قضى فى هذه الحالات وتعمد تحويل الاختصاص لوزير الزراعة بإزالة الأعمال المخالفة إداريا، واتفاقا مع هذا صدر الأمر العسكرى رقم 1 لسنة 1996 لمواجهة تلك الحالات ومن ثم فإن الوقف وإعادة الحال إلى ما كان عليه لحين صدور حكم جنائى إنما هو إجراء وقتى بطبيعته لحين صدور الحكم الجنائى، ويؤكد ذلك الاستناد إلى صريح عبارات الأمر العسكرى ذلك لأن إعادة الحال إلى ما كان عليه كما ورد النص عليها بالأمر العسكرى لا يعد اختصاصا إداريا عاديا تباشره السلطة الإدارية فى مواجهة المواطنين ولكنها سلطة غير عادية يخولها القانون صراحة للإدارة لكفالة تنفيذ أحكام القانون وإقرار سيادته.
ومن حيث إن المادة (152) من قانون الزراعة رقم 53 لسنة 1966 المعدل بالقانون رقم 116 لسنة 1983 تنص على أن "يحظر إقامة أيه مبان أو منشآت فى الأرض الزراعية، ويعتبر فى حكم الأرض الزراعية الأراضى البور القابلة للزراعة داخل الرقعة الزرعية، ويستثنى من هذا الحظر: أ - .............. ب - ............ ج - ........... د - .............. هـ - ................. وفيما عدا الحالة المنصوص عليها فى الفقرة (ج) يشترط فى الحالات المشار إليها آنفاً صدور ترخيص من المحافظ المختص، ويصدر بتحديد شروط وإجراءات منح الترخيص قرار من وزير الزراعة بالاتفاق مع وزير التعمير" وتنص المادة (156) على أن "يعاقب على مخالفة أى حكم من أحكام المادة (152) من هذا القانون أو الشروع فيها بالحبس وبغرامة لا تقل عن عشرة آلاف جنيه ولا تزيد على خمسين ألف جنيه وتتعدد العقوبة بتعدد المخالفات ويجب أن يتضمن الحكم الصادر بالعقوبة الأمر بإزالة أسباب المخالفة على نفقة المخالف وفى جميع الأحوال لا يجوز الحكم بوقف تنفيذ عقوبة الغرامة، ولوزير الزراعة حتى صدور الحكم فى الدعوى وقف أسباب المخالفة بالطريق الإدارى على نفقة المخالف.
وحيث إن لهذه المحكمة قضاء مستقر أن المشرع قد عالج حالة إقامة مبان أو منشآت فى الأرض الزراعية وما فى حكمها بالمخالفة للقانون بطريقين أحدهما قضائى والثانى إدارى فأوجب الحكم فى حالة المخالفة أو الشروع فيها بحبس المخالف وتغريمه بغرامة لا تقل عن عشرة آلاف جنيه ولا تزيد على خمسين ألف جنيه وفى حالة الإدانة الزم المحكمة بأن تأمر بإزالة المخالفة على نفقة المخالف وهذا هو الطريق القضائى، أما الطريق الإدارى فقد خول المشرع وزير الزراعة حتى صدور الحكم فى الدعوى الجنائية أن يوقف أسباب المخالفة بالطريق الإدارى على نفقة المخالف، وعلى ذلك فإن المشرع ناط بالقضاء الجنائى و حده فى حالة الإدانة الحكم بإزالة أسباب المخالفة على نفقة المخالف، أما سلطة وزير الزراعة فهى فى ابقاء الوضع على ما هو عليه والحيلولة دون المخالف واستكمال الأعمال القائمة وعلى ألا يتجاوز هذا الاختصاص إلى حد إزالة المبانى المخالفة بحسبان أن ذلك من اختصاص القضاء الجنائى وحده وذلك فى حالة القضاء بالإدانة.
ومن حيث إن البين من ظاهر الأوراق أن المطعون ضده قدم للمحاكمة الجنائية فى القضية رقم 1210 لسنة 1988 جنح أبو قرقاص لأنه فى يوم 4/ 6/ 1988 أقام بناء على أرض زراعية دون ترخيص من الجهة المختصة بدائرة أبو قرقاص، وحكم فيها بجلسة 9/ 4/ 1991 حضوريا اعتباريا بالحبس ستة أشهر شغل وكفالة 50 جنيه وغرامة عشرة آلاف جنيه والإزالة والمصاريف، واستأنف الحكم بالاستئناف رقم 5594 لسنة 1991 وحكم فيه بجلسة 29/ 10/ 1994 حضويا تأمين المصاريف وأمرت بوقف عقوبة الحبس فقط، وقام المطعون ضده بالنقض فى 7/ 12/ 1994 ولم يبت فيه حتى الآن ثم صدر بعد ذلك القرار المطعون فيه رقم 18 لسنة 1996 بتاريخ 25/ 5/ 1996 بوقف إزالة المخالفة بالطريق الإدارى على نفقة المخالف، وعلى ما تقدم فإن القرار الطعين لم يغتصب سلطة القاضى الجنائى وإنما صدر بعد الحكم الصادر فى الاستئناف المشار إليه بإزالة المبنى ومن ثم فإن هذا القرار يرتبط بالحكم المشار إليه ويكون متفقا وصحيح حكم القانون، وإذ ذهب الحكم الطعين غير هذا المذهب فإنه يكون مخالفا للقانون جديراً بالإلغاء ويرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه لعدم توافر ركن الجدية فى طلب وقف التنفيذ القرار المطعون فيه لعدم توافر ركن الجدية فى طلب وقف التنفيذ ودون الحاجة لبحث ركن الاستعجال لعدم جدواه.
ومن حيث إن من يخسر الطعن يلزم بالمصروفات عملا بحكم المادة (184) من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وألزمت المطعون ضده المصروفات.