مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادىء القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الخامسة عشرة - العدد الأول ( من أول اكتوبر سنة 1969 إلى منتصف فبراير سنة 1970) - صـ 14

(2)
جلسة 8 نوفمبر سنة 1969

برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمد شلبى يوسف رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذه يوسف إبراهيم الشناوى ومحمد عبد العزيز يوسف وعلى لبيب حسن وأبو بكر محمد عطية. المستشارين.

القضية رقم 1441 لسنة 13 القضائية

(أ) اختصاص. "ما يخرج عن اختصاص القضاء الادارى"..
أن نص المادة 21 من القانون رقم 100 لسنة 1964 قد خول اللجنة القضائية للاصلاح الزراعى الاختصاص بنظر المنازعات المتعلقة بطرح النهر والتعويض عن أكله - قصد المشرع وهو نزع الاختصاص الوظيفى لمجلس الدولة بهيئة قضاء ادارى من نظر هذه المنازعات.
(ب) قانون. أثر مباشر. قانون المرافعات.
الأصل أن قوانين المرافعات الجديدة تسرى بأثر حال على ما لم يكن قد فصل فيه من الدعاوى أو تم من الاجراءات قبل تاريخ العمل بها - تخرج على هذا الأصل الاستثناءات التى نصت عليها المادة الأولى من قانون المرفعات الجديد فى فقراتها الثلاث - بها بعد اقفال باب المرافعة في الدعوى - مثال.
(ج-) اختصاص. دعوى. "احالتها".
الاحالة عند الحكم بعدم الاختصاص يجب ألا تكون إلا بين محكمتين سواء كانتا تابعتين إلى جهة قضائية واحدة أو إلى جهتين - اللجنة القضائية للاصلاح الزراعى ليست محكمة ولذلك فلا تجوز احالة الدعوى إليها.
1- أن القانون، وقد تضمن النص على تخويل اللجنة القضائية للاصلاح الزراعى الاختصاص بنظر المنازعات المتعلقة بطرح النهر والتعويض عن أكله أنما هو قانون متعلق بالاختصاص، لأن المشرع قصد به في الواقع من الأمر، نوع الاختصاص الوظيفى لمجلس الدولة بهيئة قضاء أدارى، من نظر المنازعات المتعلقة بتوزيع طرح النهر والتعويض عن اكله، وناط الاختصاص بذلك إلى جهة أخرى.
2- إن المادة الأولى من قانون المرافعات قد نصت على أن قوانين المرافعات الجديدة تسرى بأثر حال على ما لم يكن قد فصل فيه من الدعاوى، أو تم من الاجراءات قبل تاريخ العمل بها، ثم أخرجت تلك المادة من هذا النطاق، الاستثناءات التى نصت عليها في فقراتها الثلاث، ومفاد أولها عدم سريان القوانين المعدلة للاختصاص متى كان تاريخ العمل بها بعد اقفال المرافعة في الدعوى، فمن ثم تسرى أحكام القانون رقم 100 لسنة 1964 المشار إليه على الدعوى الحالية التى لم ترفع بايداع صحيفتها سكرتيرية محكمة القضاء الادارى إلا بتاريخ 14 من مارس سنة 1965 أى بعد تاريخ العمل بالقانون المشار إليه.
3- طبقا لنص المادة 110 من قانون المرافعات، فان الاحالة عند الحكم بعدم الاختصاص، لا تكون إلا بين محكمتين سواء أكانتا تابعتين إلي جهة قضائية واحدة أو إلى جهتين واللجنة القضائية للاصلاح الزراعى ليست محكمة بالمعنى الذى عناه المشرع فى المادة 10 المشار إليها، ولذلك فلا تجوز أحالة الدعوى إليها، وإنما يكون الطاعنون وشأنهم فى طرح النزاع على تلك اللجنة وفقا للأوضاع التى حددها القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الايضاحات، وبعد المداولة.
من حيث أن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن وقائع المنازعة تتحصل، حسبما يبين من أوراق الطعن، فى أن المدعين أقاموا الدعوى رقم 1686 لسنة 19 القضائية ضد السادة: وزيرى الاصلاح الزراعى والخزانة وحسن رضوان وتوفيق مرزوق وعلى حسن عبد الله بعريضة أودعوها سكرتيرية محكمة القضاء الادارى فى 14 مارس سنة 1965 طالبين الحكم: أصليا بالغاء قرار وزير المالية الصادر باعتماد توزيع طرح البحر بناحية نزلة حسين على فيما تضمنه من تسليم المدعى عليه الثالث دون الطاعنين ما مقداره 17س و9ط و26ف المبينة الحدود والمعالم بعريضة الدعوى وما يترتب على ذلك من آثار واعتباره كأن لم يكن، واحتياطيا: بالزام المدعى عليهم متضامنين بتعريض قدره عشرة آلاف جنيه مصرى بصفة تعويض، وقالوا شرحا لدعواهم أنهم يملكون 17س و9ط و26ف أكل نهر بحوض الجزيرة رقم 10 وأرده فى تكليف مورثهم المرحوم السيد/ شفيق مرزوق عبد المسيح عدا 16س و13ط و2ف منها فكانت واردة في تكاليف جدهم المرحوم مرزوق عبد المسيح وكان الأكل قد حدث فى شهر نوفمبر سنة 1943. وفي سنة 1953 علم المدعون أن وزارة المالية وزعت طرح نهر بناحية تزلة حسن على وصدر باعتماده قرار من وزير المالية في سنة 1946 وقد تسلم المطعون ضده الثالث ما يخص المدعين ، فبادروا إلى رفع الدعوى رقم 651 لسنة 1953 كلى المنيا طالبين الحكم بثبوت ملكيتهم للاطيان التى تسلمها المدعى عليه الثالث، وإلغاء كافة التسجيلات التى وقعت لصالحه وصالح المدعى عليهما الرابع والخامس، وبجلسة 26 من ديسمبر سنة 1963 حكمت محكمة المنيا بعدم اختصاصها ولأئيا بنظر الدعوى، مستندة في ذلك إلى أن القضاء بثبوت ملكية المدعين لطرح النهر هو قضاء ضمنى بالغاء قرار وزارة المالية باعتماد تسليم طرح النهر، وهو ما لا يملكه القضاء العادى، وقد تأيد هذا الحكم استئنافيا بتاريخ 14 من يناير سنة 1965، فاقاموا الدعوى الحالية بالطلبات المضمنة صحيفة الدعوى، ونعى المدعون على القرار الصادر بتوزيع الاطيان على المدعى عليه الثالث مخالفة القانون، لأن ملكيتهم لأكل النهر ثابتة من إدراج المساحة المشار إليها فى الكشوف الرسمية باسم مورثهم، ولأن المدعى عليه الثالث حصل على التعويض بطريق الغش إذ قدم عقود بيع مزورة كانت هي السبب في منحه التعويض.
ومن حيث أن الجهة الادارية ردت على الدعوى يمذكرة دفعت فيها بعدم اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء ادارى بنظر الدعوى استنادا إلى نص المادة 21 من القانون رقم 100 لسنة 1964 التى قضت باختصاص اللجنة القضائية للاصلاح الزراعى المنصوص عليها في المادة 13 مكررا من المرسوم بقانون 178 لسنة 1952 بالفصل فى المنازعات المتعلقة بتوزيع طرح النهر والتعويض عن أكله وباعتبار قرارات اللجنة القضائية نهائية وغير قابلة لأى طعن. كما دفعت بعدم جواز سماع الدعوى لنهائية قرار وزير المالية عملا بنص المادة العاشرة من القانون 48 لسنة 1932 التى تنص على أن يوزع الطرح بقرار من وزير المالية ويكون ذلك التوزيع نهائيا ولا تجوز المعارضة فيه، وأما بالنسبة إلى الموضوع فقد طلبت الجهة الادارية رفض الدعوى، استنادا إلى أن التوزيع كان لأصحاب أكل النهر طبقا لما هو ثابت بالعقود المسجلة باسمهم وانه لذلك يكون القرار الصادر باعتماد التوزيع مطابقا للقانون وتكون الدعوى بطلب الغاء ذلك القرار أو التعويض عنه على غير أساس.
ومن حيث انه بجلسة 27 من يونيه سنة 1967 حكمت المحكمة بعدم اختصاصها بنظر الدعوى والزمت المدعين بالمصروفات وأقامت المحكمة قضاءها على أن ما تضمنه القانون رقم 100 لسنة 1964 من تخويل اللجنة القضائية للاصلاح الزراعى سلطة الفصل في المنازعات المتعلقة بتوزيع طرح النهر والتعويض عن أكله، وباعتبار قرارات اللجنة نهائية وغير قابلة لأى طعن، أنما هو تعديل في اختصاص مجلس الدولة يسرى على الدعوى الحالية طبقا لنص المادة الأولى من قانون المرافعات، التى تقضى بأن تسرى قوانين المرافعات على ما لم يكن قد فصل فيه من الدعاوى ذلك لأن الدعوى الحالية لم ترفع إلا بعد تاريخ العمل بالقانون المشار إليه، وأما بالنسبة لما ورد في المادة 71 من القانون المشار إليه التى تنص على أن جميع التصرفات التى تمت قبل العمل بهذا القانون على عقارات كانت داخلة فى ملكية الدولة الخاصة، تبقى نافذة بذات الشروط والأحكام السارية وقت اقرارها، فإن هذه المادة أنما تشير إلى الأحكام الموضوعية التى تحكم التصرعات السابقة، ولا تتعدى هذا المجال إلى الأحكام المنظمة للتقاضى. ولما كانت عبارة المادة 21 من القانون 100 لسنة 1964 المشار إليه قد وردت عامة على نحو يجعل اللجنة القضائية، دون مجلس الدولة، هي صاحبة الولاية العامة بالنسبة إلى جميع المنازعات المتعلقة بتوزيع طرح النهر والتعويض عن أكله سواء كانت هذه المنازعات خاصة بطلب الغاء قرارات ادارية أو طلبات متعلقة بهذه التصرفات، فإن الدعوى الحالية بطلباتها الاصلية والاحتياطية وهي لا تخرج عن أن تكون منازعات متعلقة بتوزيع طرح النهر والتعويض عن أكله، تكون مما تختص بنظره اللجنة القضائية، ويتعين لذلك الحكم بعدم اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إدارى بنظر الدعوى بكامل اشطارها.
من حيث أن مبنى الطعن فى الحكم، على ما جاء بعريضة الطعن والمذكور الشارحة، وأن المادة 71 من القانون رقم 100 لسنة 1964 تنص على أن "جميع التصرفات التى تمت قبل العمل بالقانون المذكور الواردة على عقارات كانت داخلة فى ملكية الدولة الخاصة تبقى نافذة بذات الشروط والاحكام السارية وقت اقرارها" ولم يفرق هذا النص يبن الأحكام الموضوعية وتلك المتعلقة بالاختصاص، وعلى ذلك يكون ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من قصر تطبيق هذا النص على الأحكام الموضوعية وحدها أمراً مخالفا للقانون، ويضاف إلى ذلك أن سريان قوانين المرافعات على ما لم يكن قد فصل فيه من الدعاوى منوط بعدم المساس بالحقوق المكتسبة، ولما كان القانون رقم 100 لسنة 1964 قد قصر حق التعويض عن أكل النهر على التعويض النقدى دون التعويض العينى، فانه بذلك يمس الحق المكتسب للطاعن في الحصول على التعويض عينا، كما أن محكمة القضاء الادارى ما زالت مختصه بالنظر فى طلب التعويض، ذلك لأنه طلب تعويض عن قرار ادارى صدر قبل العمل بالقانون 100 لسنة 1964 بأمد بعيد، فاذا ما انتهى الرأى إلى أن القضاء الادارى لا زال مختصا بنظر المنازعة فإن حق الطاعنين بالنسبة إلى الموضوع ثابت وظاهر إذ لم يصدر منهم أو من مورثهم أى تصرف في أكل النهر الذى يملكونه. والعقود التى قدمها المدعى عليه الثابت والمنسوب صدورها إلى مورث الطاعنين هي عقود غير صحيحة. أما إذا رأت المحكمة قبول الدفع بعدم الاختصاص،فان الطاعنين يطلبون احالة الطعن إلي اللجنة القضائية للأصلاح الزراعى عملا بحكم المادة 110 من قانون المرافعات.
ومن ثم أنه بتاريخ 23 من مارس سنة 1964 نشر القانون رقم 100 لسنة 1964 بتنظيم تأجير العقارات المملوكة للدولة ملكية خاصة التصرف فيها ، وقد استحدث هذا القانون أحكاما جديدة فى شأن المسائل المتعلقة بطرح النهر والتعويض على أكله تضمنها الباب الثانى من القانون ونصت المادة 21 من هذا الباب على أن "تختص اللجنة القضائية للاصلاح الزراعى المنصوص عليها فى المادة 13 مكررا من المرسوم بقانون 178 لسنة 1952 المشار إليه - بالفصل في المنازعات المتعلقة بتوزيع طرح النهر والتعويض عن أكله - وتكون القرارات الصادرة من اللجنة نهائية وغير قابلة لأي طعن بعد التصديق عليها من مجلس ادارة الهيئة العامة للاصلاح الزراعى وتنفذ بالطريق الادارى" وليس من شك فى أن القانون المشار إليه وقد تضمن على تخويل اللجنة القضائية للاصلاح الزراعى الاختصاص بنظر المنازعات المتعلقة بطرح النهر والتعويض عن أكله أنما هو قانون متعلق بالاختصاص، لأن المشرع قصد به في الواقع من الأمر، نزع الاختصاص الوظيفى لمجلس الدولة بهيئة قضاء أدارى، من نظر المنازعات المتعلقة بتوزيع طرح النهر والتعويض عن اكله، وناط الاختصاص بذلك إلى جهة أخرى،
ولما كانت المادة الأولى من قانون المرافعات قد نصت على أن قوانين المرافعات الجديدة تسرى بأثر حال على ما لم يكن قد فصل فيه من الدعاوى، أو تم من الاجراءات قبل تاريخ العمل بها، ثم أخرجت تلك المادة من هذا النطاق، الاستثناءات التى نصت عليها في فقراتها الثلاث، ومفاد أولها عدم سريان القوانين المعدلة للاختصاص متى كان تاريخ العمل بها بعد اقفال المرافعة في الدعوى، فمن ثم تسرى أحكام القانون رقم 100 لسنة 1964 المشار إليه على الدعوى الحالية التى لم ترفع بايداع صحيفتها سكرتيرية محكمة القضاء الادارى إلا بتاريخ 14 من مارس سنة 1965 أى بعد تاريخ العمل بالقانون المشار إليه ويكون الحكم المطعون فيه قد أصاب الحق في قضائه إذ أنتهى إلى عدم اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء ادارى بنظر الدعوى.
ومن حيث إنه لا اعتداد في الشأن بما أثاره الطاعنون فى طعنهم من أن مؤدى المادة 71 من القانون المشار إليه التى وردت فى باب الأحكام الانتقالية استبقاء اختصاص مجلس الدولة بالنسبة إلى المنازعات المتعلقة بطرح النهر والتعويض عن أكله السابقة على تاريخ العمل بالقانون، أو بأن مجلس الدولة لا زال مختصا بنظر طلب التعويض، لا اعتداد بذلك، لأنه بالنسبة إلى الاعتراض الأول فان ما قضت به المادة 71 المشار إليها من أن "جميع التصرفات التى تمت قبل العمل بهذا القانون الواردة على عقارات كانت داخله في ملكية الدولة الخاصة تبقى نافذة بذات الشروط والأحكام السارية وقت أقراراها..". حسب مفهومهاً الصحيح، إنما يتناول الأحكام والشروط الموضوعية التى تبحث على أساسها مشروعية التصرفات التى تمت قبل العمل بالقانون الجديد ولا يمتد بطبيعة الحال إلى الأحكام المنظمة للتقاضى وتحديد اختصاص جهات القضاء، وأما بالنسبة إلى الاعتراض الثانى فان المشرع على ما سلف بيانه قصد إلى نزع ولاية مجلس الدولة بهيئة قضاء ادارى في نظر المنازعات المتعلقة بطرح النهر والتعويض عن أكله، وليس من شك في أن عبارة "المنازعات المتعلقة بتوزيع طرح النهر والتعويض عن أكله" التى استعملها المشرع وضمنها نص المادة 21 من القانون هي من العموم والشمول بحيث يتضمن جميع المنازعات المتعلقة بهذا الموضوع سواء كانت فى صورة طلبات الغاء قرارات ادارية أو في صورة طلبات تعويض عنها.
ومن حيث إنه بالنسبة إلى ما طلبه الطاعنون من إحالة الطعن إلى اللجنة القضائية للاصلاح الزراعى ، إذا ما انتهت المحكمة إلى عدم اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء ادارى بنظر المنازعة، فان طلب على غير أساس، ذلك لأنه طبقا لنص المادة 110 من قانون المرافعات، فان الاحالة عند الحكم بعدم الاختصاص ، لا تكون إلا بين محكمتين سواء أكانتا تابعتين إلي جهة قضائية واحدة أو إلى جهتين. واللجنة القضائية للاصلاح الزراعى ليست محكمة بالمعنى الذى عناه المشرع فى المادة 110 المشار إليها، ولذلك فلا تجوز أحالة الدعوى إليها، وإنما يكون الطاعنون وشأنهم فى طرح النزاع على تلك اللجنة وفقا للأوضاع التى حددها القانون.
ومن حيث إنه يخلص من كل ما تقدم أن الحكم المطعون فيه أصاب الحق في قضائه بعدم اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء ادارى بنظر الدعوى بجميع اشطارها، ومن ثم فإن الطعن يكون على غير أساس سليم من القانون، ويتعين الحكم بقبول الطعن شكلا وبرفضه موضوعا مع الزام الطاعنين بالمصروفات.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وبرفضه موضوعا وألزمت الطاعنين بالمصروفات.