مجلس الدولة - المكتب الفنى لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السادسة والأربعون - الجزء الثالث (من يونيه سنة 2001 إلى آخر سبتمبر 2001) - صــ 2477

(292)
جلسة 8 من يوليه سنة 2001

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ جودة عبد المقصود فرحات نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة/ سامى أحمد محمد الصباغ، وأحمد عبد العزيز أبو العزم، ومصطفى محمد عبد المعطى، وأحمد حلمى محمد أحمد نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 475 لسنة 44 القضائية

آثار - السلطة المختصة باعتبار العقار أثرا - إزالة التعدى على الآثار، بالطريق الإدارى.
القانون رقم 117 لسنة 1983 بشأن حماية الآثار - المشرع قرر حماية الآثار المملوكة للدولة والتى أعتبرت اثرا بمقتضى قرار من رئيس الوزراء بناء على طلب وزير الثقافة - لا يجوز إخراج هذه الأراضى من عداد الآثار إلا بذات الأداة التى قررت ذلك وكذا أراضى منافع الآثار إذا ثبت للهيئة خلوها من الآثار - عدم التعدى على هذه الأراضى أو التصرف فيها أو تملكها بالتقادم - مؤدى ذلك تخول رئيس مجلس إدارة الهيئه العامة للآثار بناء على قرار اللجنة الدائمة للآثار سلطة إزالة التعدى على الأثر بالطريق الإدارى - القرار الجمهورى رقم 267 لسنة 1981 أعتبر مشروع تكملة جبانة طيبة بالأقصر أثرا أو المنطقة المجاورة المحددة على الخريطة وحظر إقامة أو إضافة أية منشآت على ما هو قائم فيها، مفاد ذلك أن لرئيس المجلس الأعلى للآثار الذى حل محل رئيس مجلس إدارة هيئة الآثار بالقرار الجمهورى رقم 82 لسنة 1994 بإنشاء المجلس الأعلى للآثار أن يصدر القرارات الإدارية بإزالة التعديات على الآثار بناء على قرار اللجنة الدائمة للآثار فإذا صدر قرار الإزالة من غيره ودون إتباع الإجراءات التى قررها القانون كان القرار صادرا من غير مختص وغير مشروع مخالفا لاحكام القانون جديرا بالالغاء - تطبيق.


إجراءات الطعن

إنه بتاريخ 23/ 10/ 1997 أودعت هيئة قضايا الدولة نيابة عن الطاعن بصفته قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريرا بالطعن قيد بجدولها تحت رقم 475 لسنة 44ق.ع طعنا على الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بقنا بجلسة 28/ 8/ 1997 فى الدعوى رقم 422 لسنة 4ق والقاضى منطوقه بإلغاء القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وطلب الطاعن بصفته - للأسباب الواردة بتقرير الطعن - تحديد أقرب جلسة لنظر هذا الطعن أمام دائرة فحص الطعون لتأمر بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، ثم إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا لتقضى بقبوله شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم الطعين مجددا برفض الدعوى وإلزام المطعون ضده المصروفات عن درجتى التقاضى.
وقد تم إعلان تقرير الطعن للمطعون ضده على النحو المبين بالأوراق.
أودعت هيئة مفوضى الدولة تقريرا بالرأى القانونى ارتأت فى ختامه الحكم بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وقد عينت لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 23/ 2/ 1999، وبجلسة 21/ 2/ 2000 قررت إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الأولى موضوع) لنظره بجلسة 14/ 5/ 2000 وجرى تداوله أمامها على النحو الثابت بمحاضر الجلسات ثم أحيل لهذه الدائرة للاختصاص التى نظرته بجلسة 4/ 10/ 2000 وجرى تداوله بالجلسات على النحو الثابت بالمحاضر، وبجلسة 23/ 5/ 2001 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 8/ 7/ 2001 ومذكرات ومستندات لمن يشاء خلال أسبوعين.
وبجلسة اليوم صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه ومنطوقه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة قانوناً.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه وإجراءاته المقررة قانوناً.
ومن حيث إن وجيز النزاع تخلص - حسبما يبين من الأوراق - فى أنه بتاريخ 13/ 3/ 1996 أقام المطعون ضده الدعوى رقم 422 لسنة 4ق بإيداع عريضتها قلم كتاب محكمة القضاء الإدارى بقنا وطلب فى ختامها الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء القرار رقم 87 لسنة 1996 الصادر بتاريخ 13/ 2/ 1996 - والذى أخطر به فى 16/ 2/ 1996 - مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وذكر شرحا لذلك أنه فوجئ بصدور القرار المطعون فيه متضمنا إزالة منزله الكائن بزمام ناحية البعيرات مركز الأقصر بحجة قيامه بالتعدى على المحمية الأثرية مخالفا بذلك القرار الجمهورى رقم 267 لسنة 1981، وقد علم بهذا القرار فى 16/ 2/ 1996 وتظلم منه فى 2/ 3/ 1996، وأضاف أنه يقيم بالمنزل محل قرار الإزالة منذ أكثر من عشرين عاما، ونظرا لوقوع المنزل بجوار السكة الحديد وحدوث اهتزازات آثرت على الحوائط الخلفيه للمنزل بسبب مرور القطارات بجوارها فقد تشققت تلك الحوائط وتهدم بعض أجزاء منها، وأنه قام بإعادة ترميم ما تهدم من هذه الحوائط دون إضافة مبانى جديدة أو تغيير شئ فى معالم المنزل القديم وأن هذا ثابت فى محضر المعاينة الذى قامت به شرطة المرافق بتاريخ 16/ 2/ 1996 وأنه لم يقم بالتعدى على أرض الاثار من قريب أو بعيد كما تدعى جهة الإدارة لأن المنزل محل قرار الإزالة مقام على أرض مملوكة له ملكية خاصة لا ينازعه فيها أحد، ويؤكد ذلك محضر المعاينة الذى أجرته الشرطة، والحكم الصادر من محكمة الأقصر الإستئافية فى الدعوى رقم 1664 لسنة 1988 والحكم الصادر فى الجنحة رقم 607 لسنة 1988 بجلسة 3/ 1/ 1989 والإقرار الصادر من الجمعية التعاونية الزراعية بقرية البعيرات.
تدوول نظر الشق العاجل من الدعوى بجلسات المحكمة وبجلسة 24/ 10/ 1996 حكمت المحكمة بقبول الدعوى شكلا وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإحالة الدعوى إلى هيئة مفوضى الدولة لتحضيرها وإعداد تقرير بالرأى القانونى فى موضوعها.
أودعت هيئة مفوضى الدولة تقريرا بالرأى القانونى فى الدعوى ارتأت فى ختامه الحكم بقبول الدعوى شكلا وبإلغاء القرار المطعون فيه.
تدوول نظر الدعوى بجلسة المحكمة على النحو الثابت بمحاضرها، وبجلسة 28/ 8/ 1997 أصدرت المحكمة حكمها فيه وأقامت قضاءها على أساس أن القرار المطعون قد صدر من غير مختص بإصداره بإعتبار أن العقار محل قرار الإزالة يقع بقرية البعيرات وهى تابعة لمركز الأقصر ويمثلها رئيس الوحدة المحلية لمركز الأقصر على سند من صدور قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 784 لسنة 1995 بفصل مدينة الأقصر عن مركز الأقصر وأن رئيس المدينة يمثل المدينة فقط وإذ صدر القرار المطعون فيه من رئيس مجلس ومدينة الأقصر فإنه يكون قد صدر من غير مختص، وهذا فضلا عن أن الخبير فى الدعوى رقم 701 لسنة 1985 آثبت أن المنزل محل قرار الإزالة يقع فى ملك الرى "منافع رى" وغير مملوك للاثار.
وإذ لم يصادف هذا القضاء قبولا لدى الجهة الإدارية الطاعنة فقد أقامت طعنها الماثل ناعية على الحكم المطعون فيه أنه اخطأ فى تطبيق القانون وتأويله وصدر مخالفا له حيث أن الثابت أنه صدر قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 3284 لسنة 1995 بتعديل الحدود الادارية لمدينة الأقصر وأضاف مركز الأقصر حدوده الحالية إلى مدينة الأقصر أصبح رئيس مدينة الأقصر يمثلها قانونا وله على المركز المشار إليه كافة الاختصاصات والسلطات المخولة قانونا على مدينة الأقصر، و إذ صدر القرار المطعون فيه من رئيس مدينة الأقصر فإنه يكون قد صدر من المختص قانونا بإصداره وذلك بعد إلغاء كل أثر لقرار فصل مدينة الأقصر عن مركزها بموجب قرار رئيس مجلس الوزراء المشار إليه، ومن ناحية أخرى فإن إستناد الحكم المطعون فيه إلى تقرير الخبير فى الدعوى رقم 701 لسنة 1985 محل نظر بحسبانه قد مضى على هذا التقرير ما يقرب من آثنى عشر عاما ولا يجوز الإستناد إليه بإعتبار أنه قد صدر فى شأن الأرض المقام عليها المنزل محل القرار الطعين العديد من القرارات التى أعتبرت الأرض المجاورة لجبانة طيبة منافع عامة للاثار ولا يجوز إقامة أو إضافة أية مبان أو منشآت عليها دون ترخيص من الجهة الإدارية وأن المطعون ضده قد خالف هذا الحظر، وبالتالى يكون القرار الطعين قد صدر فى محله قانونا.
ومن حيث إن المادة (3) من قانون حماية الاثار الصادر بالقانون رقم 117 لسنة 1983 تنص على أن "تعتبر أرضا أثرية الأراضى المملوكة للدولة التى اعتبرت أثرية بمقتضى قرارات أو أوامر سابقة على العمل بهذا القانون أو التى قضى باعتبارها كذلك بقرار من رئيس مجلس الوزراء بناء على طلب الوزير المختص بشئون الثقافة، ويجوز بقرار من رئيس مجلس الوزراء بناء على عرض الوزير المختص بشئون الثقافة إخراج أية أراضى من عداد الأراضى الأثرية أو أراضى المنافع للاثار إذا ثبت للهيئة خلوها من الاثار وأصبحت خارج أراضى خط التجميل المعتمد للاثر.
وتنص المادة (6) من هذا القانون على أن "تعتبر جميع الاثار من الأموال العامة - عدا ما كان وقفا - ولا يجوز تملكها أو حيازتها أو التصرف فيها إلا فى الأحوال وبالشروط المنصوص عليها فى هذا القانون والقرارات المنفذة له".
وتنص المادة (17) من ذلك القانون على أنه "مع عدم الإخلال بالعقوبات المنصوص عليها فى هذا القانون أو غيره من القوانين يجوز لرئيس مجلس إدارة الهيئة بناء على قرار من اللجنة الدائمة للاثار دون حاجة إلى الإلتجاء إلى القضاء أن يقرر إزالة أى تعد على موقع أثرى أو عقار أثرى بالطريق الإدارى، وتتولى شرطة الاثار المختصة تنفيذ قرار الإزالة، ويلزم المخالف بإعادة الوضع إلى ما هو عليه والإجازة للهيئة أن تقوم بتنفيذ ذلك على نفقته".
ومن حيث إن المادة الأولى من قرار رئيس الجمهورية رقم 267 لسنة 1981 بشأن إعتبار الأراضى المجاورة لجبانة طيبة بالأقصر منافع عامة آثار تنص على أنه "يعتبر من أعمال المنفعة العامة مشروع تكملة جبانة طيبة الأثرية بالأقصر على الأراضى المبينة بالخريطة المرفقة وهى المناطق أ، ب، ج، د بإعتبارها مكملة للجبانة الأثرية ولا يجوز إقامة أو إضافة أية مبان أو منشآت عليها أو على ما هو قائم عليها حاليا.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن المشرع بموجب النصوص سالفة الذكر قرر حماية الاراضى المملوكة للدولة والتى أعتبرت اثرا بمقتضى قرار من رئيس مجلس الوزراء بناء على طلب وزير الثقافة ولا يجوز إخراج هذه الأراضى من عداد الاثار إلا بذات الأداء التى قررت ذلك وكذا أراضى منافع الاثار إذا ثبت للهيئة خلوها من الاثار، وقرر لتلك الأراضى حماية خاصة بعدم جواز التعدى عليها أو التصرف فيها أو تملكها بالتقادم، وفى حالة حدوث شئ من ذلك خول المشرع مجلس إدارة الهيئة العامة للاثار بناء على قرار من اللجنة الدائمة للاثار أن يقرر إزالة التعدى على الأثر بالطريق الإدارى، وقد أعتبر القرار الجمهورى رقم 267 لسنة 1981 مشروع تكملة جبانة طيبة بالأقصر أثرا وحدد تلك المناطق على الخريطة بـ أ، ب، ج، د بإعتبارها مكملة وحظر أقامة أو اضافة أية منشآت على ما هو قائم فيها، وهذا يفيد أن رئيس مجلس إدارة هيئة الآثار، والذى حل ، والذى حل محله رئيس المجلس الأعلى للآثار بالقرار الجمهورى رقم 82 لسنة 1994 بإنشاء المجلس الأعلى للاثار، هو الذى يجوز له إصدار القرارات الخاصة بإزالة التعديات على الاثار بناء على قرار اللجنة الدائمة للاثار، وإذا ما صدر قرار الإزالة من غير ودون إتباع الإجراءات التى قررها القانون كان القرار صادرا من غير مختص وغير مشروع مخالفا لأحكام القانون جديرا بالإلغاء.
ومن حيث إنه وفقا لما سلف ولما كان الثابت من الأوراق أن القرار المطعون فيه لم يصدر من رئيس المجلس الأعلى للاثار بناء على قرار من اللجنة الدائمة للآثار، وإنما صدر من رئيس المجلس الأعلى لمدينة الأقصر برقم 87 لسنة 1996 بإزالة المنزل الذى أقامه المطعون ضده المكون من دور أرضى وأعمدة الدور الأولى العلوى من الخرسانة المسلحة بناحية القرنة بالبر الغربى بالتعدى على لمحمية الأثرية بالمخالفة للقرار الجمهور برقم 267 لسنة 1981، ومن ثم فإن هذا القرار يكون قد صدر من غير مختص بإصداره ودون إتباع الإجراءات المقررة قانونا لإصداره مشوبا بعيب مخالفة القانون ويكون طلب الغائه موافقاً لصحيح حكم القانون، وإذ قضى الحكم المطعون فيه بذلك - وإن كان لأسباب أخرى غير ذلك - فإنه يكون موافقا لحكم القانون فيما إنتهى إليه، مما يتعين معه رفض هذا الطعن لعدم قيامه على أساس سليم من القانون.
ومن حيث إنه لا يغير من ذلك أن الثابت من الإطلاع على ديباجة القرار المطعون، فيه أنه قد أشار إلى قرار وزير الثقافة ورئيس المجلس الأعلى للاثار رقم 480 لسنة 1995 بشأن تفويض المحافظين ورؤساء الوحدات المحلية فى إصدار قرارات الإزالة والتعديات على المواقع والعقارات الأثرية، فإن قرار التفويض المشار إليه قد شابه مخالفة القانون لأن المشرع قد أعلى فى المادة (17) من قانون حماية الاثار المشار إليه إختصاص سلطة الإزالة الإدارية والتعديات الواقعة على الآثار بعد دراسة كل حالة على حده، وبالتالى فهو إختصاص لجهتين إداريتين يلزم صدوره منها معا، ولا يجوز لسلطة منهما الإنفراد به دون السلطة الأخرى أو التفويض فيه، ومن ثم فإن انفراد رئيس المجلس الأعلى للاثار بهذا الإختصاص وقيامه بتفويض المحافظين ورؤساء الوحدات المحلية فى إصدار قرارات الإزالة والتعديات على المواقع والعقارات الأثرية يكون قد جاء مخالفا لحكم المادة (17) سالفة الذكر.
ومن حيث إن من يخسر الطعن يلزم بمصروفات عملاً بحكم المادة (184) من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، ورفضه موضوعا وألزمت الجهة الإدارية الطاعنه المصروفات.