مجلس الدولة - المكتب الفنى لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السادسة والأربعون - الجزء الثالث (من يونيه سنة 2001 إلى آخر سبتمبر 2001) - صــ 2494

(294)
جلسة 9 من يوليه سنة 2001

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ جمال السيد دحروج نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة/ كمال زكى عبد الرحمن اللمعى، ومحمود إبراهيم عطا الله، وسالم عبد الهادى محروس جمعة، ويحيى خضرى نوبى محمد نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 2003 لسنة 45 القضائية

(أ) حكم - حجية الأحكام - شروط التمسك بالحجية
المادة 101 إثبات - شروط التمسك بالحجية تنقسم إلى قسمين فبالنسبة للأول يتعلق بالحكم فيجب أن يكون حكما قضائيا وصادرا من جهة ذات ولاية فى إصداره وأن يكون قطعيا وحاسما ومنهياً للخصومة تطبيق
(ب) بعثات - الإلتزام بالدراسة وخدمة الجهة الإدارية - الإلتزام البديل
* القانون 112 لسنة 1959 بتنظيم شئون البعثات والأجازات الدارسية والمنح - وإلزام عضو البعثة بخدمة الجهة التى أوفدته فى بعثة أو منحة المدة المنصوص عليها قانونا - الإخلال بهذا الإلتزام يوجب على العضو رد كافة المرتبات والنفقات التى صرفت عليه طوال فترة وجوده بالخارج - إنهاء خدمة المبعوث أو قبول استقالته ليس من شأنه الإعفاء من التزامه برد النفقات - لكلا الأمرين مجاله المستقل عن الآخر - إنهاء الخدمة يتعلق بموقف المبعوث الوظيفى بينما الالتزام بالرد يستند إلى نص المادة (33) من القانون المذكور - تطبيق.


إجراءات الطعن

فى يوم الاثنين الموافق 25/ 1/ 1999 أودع الأستاذ/ ........... المحامى بالإدارة القانونية بجامعة الأزهر بصفته نائبا عن الطاعن - تقرير الطعن الماثل قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا طاعناً على الحكم الصادر من دائرة العقود والتعويضات بجلسة 29/ 11/ 1998 فى الدعوى رقم 2496 لسنة 48ق والذى قضى بقبول الدعوى شكلا وفى الموضوع برفضها وإلزام الجهة الإدارية المصروفات. وطلب الطاعن فى ختام تقرير الطعن - للأسباب الواردة فيه - الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وإلزام المطعون ضدها بأن تؤدى للجامعة مبلغ قدرة 8996.52 جنيها (ثمانية آلاف وتسعمائة وستة وتسعون جنيها وإثنين وخمسون مليما فقط لا غير) وقد أعلن تقرير الطعن إلى المطعون ضدهما على النحو الثابت بالاوراق.
وأودعت هيئة مفوضى الدولة تقريرا بالرأى القانونى ارتآت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجددا بعدم جواز نظر الدعوى رقم 2496 لسنة 48ق لسابقة الفصل فيها وإلزام الطاعن المصروفات.
وقد تدوول نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون على النحو الثابت بمحاضر جلساتها وبجلسة 21/ 2/ 2001 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا الدائرة الثالثة وحددت لنظره أمامها جلسة 10/ 4/ 2001 وتم نظر الطعن أمام هذه المحكمة بالجلسة المشار إليها وبجلسة 15/ 5/ 2001 قدم الحاضر عن المطعون ضدهما مذكرة دفاع طلب فى ختامها الحكم أصليا بعدم جواز نظر الطعن لسابقة الفصل فيه وإحتياطيا: رفض الطعن وتأييد الحكم الطعين وإلزام الطاعن المصروفات، وبذات الجلسة قررت المحكمة إصدار الحكم فى الطعن بجلسة اليوم 9/ 7/ 2001 وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
وحيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إنه عن موضوع الطعن فإن الثابت من الأوراق أنه بتاريخ 17/ 1/ 1994 أقام الطاعن بصفته الدعوى رقم 2496 لسنة 48ق أمام دائرة العقود والتعويضات بمحكمة القضاء الإدارى طالبا الحكم بإلزام المطعون ضدهما متضامنين بأن يؤديا له بصفته مبلغا مقداره 8996.5205 جنيها والمصروفات، وتداولت المحكمة نظر الدعوى على النحو الثابت بمحاضر جلساتها وبجلسة 29/ 11/ 1998 حكمت المحكمة بقبول الدعوى شكلا وفى الموضوع برفضها وإلزام الجهة الإدارية المصروفات، وأسست المحكمة قضاءها على أن الثابت أن الجهة الإدارية قد حالت بين المدعى عليها الأولى وبين تنفيذ التزامها الأصيل بالعمل رغم قيامها بوضع نفسها تحت تصرف الجهة الإدارية وأنه وإن كانت المدعى عليها الأولى (المطعون ضدها الأولى) قد حصلت على رسالة الدكتوراة فى أغسطس سنة 1991 وتم اعتمادها فى يناير سنة 1992 ولم تحضر إلى أرض الوطن فور اعتماد رسالة الدكتوراه وحضرت فى يناير 1993 بعد اتمام فترة التدريب إلا إن ذلك كان لا يمنع من قيام الجهة الإدارية المدعية من إعادة تعيينها بناء على طلبها وموافقة مجلس الكلية على ذلك خاصة وأن الثابت أن الفترة بين اعتماد رسالتها للدكتوراة وتاريخ عودتها لاستلام العمل قريبة و من ثم تكون الجهة الإدارية قد حالت بين المدعى عليها الأولى وتنفيذ إلتزامها بالعمل لديها وينتفى سند مطابتها وضامنها بأداء المبلغ محل المطالبة وتضحى الدعوى فاقدة لسندها القانونى خليقة بالرفض.
وإذا لم يرتض الطاعن بصفته القضاء السابق فقد أقام طعنه الماثل على أسباب حاصلها مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والخطأ فى تأويله وذلك لكون الجامعة أنذرت المطعون ضدها بالعودة بتاريخ 9/ 11/ 1991 ولم تعد إلى عملها، وأنها انتهت من مناقشة رسالة الدكتوراه فى عام 91 وتم اعتماد الرسالة فى عام 1992 وظلت بالولايات المتحدة ولم تعد إلى أرض الوطن إلا فى 1/ 3/ 1993 أى بعد إنتهاء مناقشة الرسالة واعتمادها بعامين وعدم عودتها للعمل والسبب فى مطالبتها بالمبالغ المطالب بها خاصة وأنها لم تلتحق بالعمل فى أية جهة إدارية أخرى.
ومن حيث أن المطعون ضدهما قد دفعا بعدم جواز نظر الطعن لسابقة الفصل فيه بالحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بجلسة 30/ 11/ 1997 فى الدعوى رقم 5251 لسنة 48ق المقامة من وزير التعليم العالى ضد المطعون ضدهما والدعوى رقم 7812 لسنة 49ق المقامة من المطعون ضده الثانى ضد وزير التعليم العالى، ورئيس جامعة الأزهر،........... (المطعون ضدها الأولى والقاضى أولا: بقبول الدعوى رقم 5251 لسنة 48ق شكلا ورفضها موضوعا وإلزام المدعى المصروفات وثانيا: بقبول الدعوى رقم 7813 لسنة 49 القضائية شكلا وفى الموضوع ببراءة ذمة المدعى من المبلغ المطالب به وإلزام المدعى عليهما الأول والثانى المصروفات، وقد تأيد هذا الحكم بالحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا - دائرة فحص الطعون بجلسة 16/ 6/ 1999 فى الطعن رقم 2258 لسنة 44ق. عليا.
ومن حيث إن المادة (101) من قانون الإثبات فى المواد المدنية والتجارية الصادر بالقانون رقم 25 لسنة 1968 تنص على أن (الأحكام التى حازت قوة الأمر المقضى تكون حجة فيما فصلت فيه من الحقوق ولا يجوز قبول دليل ينفى هذه الحجية ولكن لا تكون لتلك الأحكام هذه الحجية إلا فى نزاع قام بين الخصوم أنفسهم دون أن تتغير صفاتهم وتتعلق بذات الحق محلا وسببا وتقضى بهذه الحجية من تلقاء نفسها.)
وقد جرى قضاء هذه المحكمة على أن ثمة شروطا للتمسك بحجية الأمر المقضى - وفقا لنص المادة (101) من قانون الإثبات سالفة الذكر - بعضها يتعلق بالحكم الصادر فى الدعوى والبعض الأخر يتعلق بأركان الدعوى ذاتها من خصوم ومحل وسبب، وأنه بالنسبة للقسم الأول من تلك الشروط فإنها بدورها تتنوع إلى شروط ثلاثة أولها: أن يكون الحكم الذى ثبتت له الحجية حكما قضائيا صادرا من جهة قضائية بموجب سلطاتها فى منازعة معروضة عليها وثانيا: أن يكون صادر من جهة ذات اختصاص أى أن تكون المحكمة التى أصدرته ذات ولاية للقضاء فى موضوعه، والشرط الثالث والاخير أن يكون الحكم قطعيا أى حاسما فى موضوع النزاع أوفى جزء منه ومنهيا للخصومة فيه والثابت من أوراق الطعن الماثل أن الحكم الصادر فى الدعوى رقم 5251 لسنة 48ق المقامة من وزير التعليم العالى ضد المطعون ضدهما قد انتهى إلى قبول الدعوى شكلا ورفضها موضوعا وإلزام المدعى بصفته المصروفات، وموضوع هذه الدعوى هو مطالبة المطعون ضدهما بمبلغ قدره 337602.780 جنيها قيمة النفقات التى صرفت عليها طوال فترة البعثة، والحكم الصادر فى الدعوى رقم 7813 لسنة 49 ببراءة ذمة المدعى من المبلغ المطالب به وإلزام المدعى عليهما الأول والثانى المصروفات، إنما يتعلق بذات المبلغ الخاص بنفقات البعثة والذى وافقت اللجنة التنفيذية للبعثات على مطالبتها به ومبلغ (337602.780 جنيها) وقد صار الحكم فى الدعويين نهائيا وقاطعا بالنسبة لهذا المبلغ وذلك بالحكم الصادر من دائرة فحص الطعون بجلسة 16/ 6/ 1999 فى الطعن رقم 2258 لسنة 44ق عليا ومن ثم يحوز هذا الحكم حجية أمام هذه المحكمة فيما قضى به ولا يجوز إثارة النزاع بشأن المبلغ الذى قضى به مرة أخرى بأى وجه من الوجوه.
ومن حيث إن الطعن الماثل يتعلق بمبلغ 8996.52 جنيها قيمة المرتبات والأجور التى قامت جامعة الأزهر بصرفها للمطعون ضدها الأولى فى الفترة من 16/ 5/ 1985 وحتى 28/ 2/ 1991 - وهذا المبلغ يختلف عن المبلغ موضوع النزاع الدعويين 5251 لسنة 48ق، 7813 لسنة 46ق رغم اتحاد الخصوم والسبب و من ثم لا تنطبق عليه المادة (101) من قانون الإثبات ولا يجوز الحكم الصادر فيها حجية بشأن النزاع حول المبلغ (8996.52 جنيها) محل الطعن الماثل وذلك لإختلاف الدعويين فى المحل وينتفى تبعا لذلك مناط الدفع بحجية الأمر المقضى.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على إن القانون 112 لسنة 1959 بتنظيم شئون البعثات والاجازات الدراسية والمنح قد ألزم عضو البعثة بخدمة الجهة التى أوفدته فى بعثة علمية أو وإجازة دراسية أو ومنحة للحصول على شهادة أو مؤهل أو واكتساب خبرة مدة تقدر على الأساس المنصوص عليه فى المادة (31) منه فإذا أخل العضو بهذا لاإلتزام وجب عليه رد كافة المرتبات والنفقات التى صرفت عليه طوال فترة وجوده بالخارج فى بعثة أو وإجازة دراسية، وإن إنهاء خدمة المبعوث أو وقبول استقالته ليس من شأنه الإعفاء من إلتزامه برد المرتبات التى صرفت له أثناء وجوده فى البعثة أو والإجازة الدراسية لأن لكلا الأمرين مجاله المستقل عن الأخر فإنهاء الخدمة إنما يتعلق بموقف المبعوث الوظيفى بينما الإلتزام بالرد يستند إلى نص المادة (33) من القانون رقم 112 لسنة 1959 التى لم تعلق هذا الإلتزام على الموقف الوظيفى للموفد فى الجهة التى يعمل بها، والسبيل الوحيد للاعفاء من الالتزام بالرد هو الوفاء بالإلتزام المفروض على المبعوث فى المادة (31) من القانون المشار إليه.
(يراجع حكم المحكمة الإدارية العليا فى الطعن 779 لسنة 32ق جلسة 17 مارس 1990 منشور بالجزء الثانى السنة 35ص 1479 وما بعدها.)
ومن حيث إنه لما كان الثابت من أوراق الطعن الماثل أن المطعون ضدها كانت تشغل وظيفة مدرس مساعد بكلية طب بنات جامعة الأزهر وأوفدت فى بعثة دراسية إلى أمريكا للحصول على درجة الدكتوراة لصالح جامعة الأزهر لمدة أربع سنوات وسافرت بتاريخ 19/ 5/ 1985 وتم مد بعثتها حتى 28/ 2/ 1992 وتم إنذارها بالعودة بتاريخ 9/ 11/ 1991 وبتاريخ 4/ 2/ 1991 تقرير إنهاء بعثتها مطالبتها وضامنها بالنفقات ووافقت الإجازات الدراسية،ووافق رئيس جامعة الأزهر على إنهاء خدمتها اعتبار من 18/ 2/ 1991 وبعد عودتها إلى أرض الوطن فى فبراير سنة 1993 تقدمت بطلب إعادتها إلى العمل إلا أن الجامعة رفضت ذلك.
ومن حيث إن المطعون ضدها قد أخلت بالتزامها بالعودة إلى أرض الوطن فور إنتهاء بعثتها، ولم تقم بأداء الإلتزام المفروض عليها بخدمة الجهة الموفدة - جامعة الأزهر - المدة المحددة فى القانون - فإن مطالبة الجامعة لها بالأجور والمرتبات التى صرفتها لها الجامعة خلال الفترة من 16/ 5/ 1985 وحتى 18/ 2/ 1991 ومقدراها 8996.52 جنيها يكون متفقا مع صحيح حكم القانون، وإذ ذهب الحكم المطعون فيه خلاف هذا المذهب فإنه يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون.
ولا ينال من ذلك ما ذهب إليه المطعون ضدهما والحكم المطعون فيه من أن الجهة الإدارية قد حالت بين المطعون ضدها الأولى وبين تنفيذ التزامها الأصيل بالعمل وذلك برفض إعادة تعيينها بعد عودتها إلى أرض الوطن فى يناير 1993 - ذلك أن هذا القول مجاله الطعن على قرار الجامعة برفض إعادة تعيينها أو قرار إنهاء خدمتها - وليس مجاله مطالبتها بالأجور والمرتبات التى صرفت لها من جامعة الأزهر، وإلا كان مقتضى ذلك إثرائها على حساب جامعة الأزهر بدون سبب - وخاصة أنها حصلت على حكم نهائى ببراءة ذمتها من مبلغ (337602.780 جنيها) الأمر الذى يتعين معه - والحالة هذه - إلزام المطعون ضدهما متضامنين برد مبلغ وقدره 8996.52 جنيها (ثمانية آلاف وتسعمائة وستة وتسعون جنيها واثنين وخمسون قرشا قيمة المرتبات والأجور التى حصلت عليها من جامعة الأزهر فى الفترة من 16/ 5/ 58 حتى 18/ 12/ 1991 وإلزامها المصروفات إعمالا لحكم المادة (184) من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والزام المطعون ضدهما متضامنين بأن يؤديا للطاعن بصفته مبلغ 8996.52 جنيها (ثمانية آلاف وستة وتسعون جنيها وإثنين وخمسون قرشا) وألزمتهما المصروفات.