مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادىء القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الخامسة عشرة - العدد الأول( من أول اكتوبر سنة 1969 إلى منتصف فبراير سنة 1970) - صـ 38

(6)
جلسة 29 من نوفمبر سنة 1969

برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمد شلبى يوسف رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذه محمد عبد العزيز يوسف ومحمد صلاح الدين السعيد وعلى لبيب حسن وأبو بكر محمد عطية. المستشارين.

القضية رقم 1365 لسنة 12 القضائية

(أ) اختصاص "ما يدخل في اختصاص القضاء الادارى". "قرار ادارى".
القرار الصادر من المحافظ بفصل مدير الجمعية التعاونية الاستهلاكية بالمحافظة هو قرار ادارى مما يختص مجلس الدولة بهيئة قضاء ادارى بنظر طلب الغائه. أساس ذلك.
(ب) قرار ادارى "عيوبه". صدور القرار من جهة غير منوط بها اصداره قانونا يعيبه بعيب جسيم ينحدر به إلى حد العدم - أمكان الطعن فيه دون التقيد بميعاد....
1- أن القرار الصادر من محافظة الفيوم بالنيابة بصفته ممثلا للسلطة التنفيذية في محافظة الفيوم والمتولى الاشراف على تنفيذ السياسة العامة للدولة على فروع الوزارات في المحافظة ومن بينها وزارة التموين التى تتبعها المؤسسة المصرية التعاونية الاستهلاكية العامة التى تشرف على الجمعية التعاونية الاستهلاكية لمحافظة الفيوم طبقا للقرارات الجمهورية الصادرة في هذا الشأن وقد هدف باصداره إلى احداث أثره القانونى وهو فصل المدعى من عمله كمدير للجمعية التعاونية الاستهلاكية بمحافظة الفيوم وذلك للأسباب المبينة بتقرير اللجنة السابق تشكيلها بالقرار رقم 333 لسنة 1962 والتى أدت - كما جاء بالتقرير - إلى فقد أموال المواطنين المساهمين والجهات العامة التى تقوم على تموين الجمعية، وما أنطوت عليه تصرفاته من سوء الادارة والخروج بالجمعية عن أهدافها التى أنشئت من أجلها، وقد أحدث هذا القرار أثره وتنفذ فعلا منذ تاريخ صدوره في 9/ 12/ 1962 ومن ثم فهو قرار اكتملت له كل مقومات القرار الادارى مما يختص مجلس الدولة بهيئة قضاء ادارى بنظر طلب الغائة طبقا للفقرة السادسة من المادة الثامنة من القانون رقم 55 لسنة 1959 بشأن تنظيم مجلس الدولة.
2- اذا فقد القرار الادارى أحد أركانه الأساسية فانه يعتبر معيبا بخلل جسيم ينزل به إلى حد الانعدام، والاتفاق منعقد على أنه سواء أعتبر الاختصاص أحد أركان القرار الادارى أم أحد مقومات الارادة التى هي ركن من أركانه، فان صدور القرار الادارى من جهة غير منوط بها أصداره قانونا يعيب جسيم ينحدر به إلى حد العدم. طالما كان في ذلك افتئات على سلطة جهة أخرى لها شخصيتها المستقلة.
ومن حيث أن هذه المحكمة سبق أن قضت بأنه إذا كان العيب الذى يشوب الفرار ينزل به إلى حد غصب السلطة فانه ينحدر بالقرار إلى مجرد فعل مادى معدوم الأثر قانونا لا تلحقه أية حصانة ولا يزيل عيبه فوات ميعاد الطعن فيه، ومن ثم يكون الدفع بعدم قبول الدعوى شكلا لرفعها بعد الميعاد المقرر في القانون رقم 55 لسنة 1959 بتنظيم مجلس الدولة مثله مثل سابقيه، على غير أساس سليم من القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الايضاحات وبعد المداولة.
من حيث ان الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة، حسبما يبين من أوراق تتحصل في أن المطعون أقام الدعوى 1418 لسنة 17 القضائية ضد السادة/ محافظ الفيوم ووزير الحكم المحلى ورئيس مجلس ادارة المؤسسة التعاونية الاستهلاكية ووزير التموين بموجب صحيفة أودعت سكرتارية محكمة القضاء الادارى في 4 من يونيه 1963 وطلب فيها وقف تنفيذ القرار الصادر بتاريخ 9/ 12/ 1962 من السيد محافظ الفيوم بالنيابة بفصله من وظيفة مدير الجمعية التعاونية الاستهلاكية لمحافظة الفيوم والحكم بإلغاء هذا القرار مع ما يترتب على ذلك من آثار والزام المحافظة مصروفات الدعوى ومقابل أتعاب المحاماة وقال شرحا لدعواه أنه عين مديرا للجمعية التعاونية الاستهلاكية بالفيوم منذ 25/ 1/ 1961 بمرتب شهرى قدره ستون جنيها يضاف إليه عموله مقدارها 2% من صافى الربح السنوى، وانه بتاريخ 9/ 12/ 1962 تلقى اخطارا من السيد/ محافظ الفيوم بالنيابة يتضمن فصله من عمله اعتبارا من التاريخ المذكور، وقد استند في هذا الفصل إلى ما جاء بتقرير اللجنة المؤقتة لادارة الجمعية ولأسباب أدت إلى فقد أموال المواطنين المساهمين والجهات العامة التى تقوم على تمويل الجمعية وما انطوت عليه تصرفات المدير (المدعى) من سوء الادارة والخروج بالجمعية عن أهدافها التى انشئت من أجلها، وقد تقدم المدعى بشكوى إلى مكتب العمل في الفيوم احيلت إلى محكمة الفيوم المستعجلة وقيدت برقم 49 لسنة 1963 مستعجل الفيوم، وفي 15/ 1/ 1963 وأثناء عرض النزاع على المحكمة المذكورة بعث المدعى بتظلم من القرار الصادر بفصله إلى السيد مفوض الدولة لوزارة الحكم المحلى مستندا فيه إلى أن هذا القرار صدر ممن لا يملك اصداره ولم يسبقه تحقيق يكشف عن نتائج الفصل وانه مخالف لما تنص عليه القوانين العمالية المطبقة، ولكنه لم يتلق ردا على تظلمه.
وبجلسة 28 من مايو 1963 أصدرت المحكمة المستعجلة حكمها بعدم اختصاصها بنظر الدعوى على أساس أن القرار المطعون فيه هو قرار ادارى محله احداث أثر قانونى هو فصل المدعى من عمله كمدير للجمعية التعاونية الاستهلاكية لمحافظة الفيوم.
وقد أوضح المدعى أنه يستند في طعنه على قرار الفصل إلى الأوجه الآتية:
أولا: عيب سوء استعمال السلطة، ويقوم المدعى في بيان هذا الوجه أنه كان لنجاحه في عمله صداه في نفوس خصومه الذين يحقدون على كل ناجح في عمله فعملوا على تقديم الشكاوى ضده وقد تولت تحقيق هذه الشكاوى لجنة عين رئيسها - بعد تنحية المدعى - رئيسا لمجلس الادارة المؤقت الذى نيط به ادارة الجمعية، وقد كان هذا السيد يرنو إلى هذا المنصب فسلك كل سبيل ملتوية توصله اليه وتشهد على ذلك أساليبه في وضع التقرير الذى ملاه بالاكاذيب والافتراءات.
ثانيا: عيب مخالفة القانون - ويقوم المدعى في بيان هذا الوجه أن قرار الفصل لم تسبقه تحقيقات تسمع فيها أقواله ويحقق دفاعه.
ثالثا: عدم صحة ما نسب إلى المدعى من وقائع كانت سببا في صدور قرار الفصل، وفي هذا الصدد قال المدعى انه غير صحيح ما نسب إليه في تقرير اللجنة من أنه حكم عليه في جريمة عش وكذلك ما ذهبت إليه اللجنة من وجود عجز في الزيت مقداره 15 طنا، فهذه الكمية لا تمثل في حقيقة الأمر أى عجز وانما تمثل كمية من زيت التموين، وهذه الفروق لا تسدد للمديرية ألا بعد موافقتها على هذا التحويل فهى لا تسدد في موعد ملزم حتى يقال أن المدعى تأخر في سدادها، أما ما ذهب إليه التقرير من أن هناك بضائع تالفه كانت تعرض للبيع فغير صحيح ذلك أن البضائع التى يشير إليها التقرير - وقيمتها لا تتجاوز العشرة جنيهات - كانت ملقاة بدورة المياة أى في حكم العدم ولم تكن معروضة للبيع، وأن تلف هذه الكمية من الأمور الطبيعية إذا ما روعى أن الجمعية تبيع في السنة بضائع بمئات الألوف من الجنيهات.
وقد ردت الجهة الادارية على الدعوى بقولها أن مجلس المحافظة يختص بالاشراف على شئون التعاون بالمحافظة وذلك بمقتضى الفقرة الأولى من المادة 45 من اللائحة التنفيذية لقانون نظام الادارة المحلية وله اقتراح حل مجالس ادارة الجمعيات التعاونية والهيئات التعاونية واقتراح تعيين مجالس مؤقته، وأن قرار المحافظ قد عرض على مجلس المحافظة فوافق عليه بالاجماع، ودفعت بصفة أصلية بعدم اختصاص المحكمة ولائيا بنظر النزاع، وقالت في بيان هذا الدفع أن فصل المدعى قد صدر في الواقع من السلطة التى تملكه وهى تتمثل في رئيس مجلس ادارة المؤسسة العامة التعاونية الاستهلاكية ذلك أن قرارى المحافظة بتعيين مجلس ادارة جديد وبفصل المدعى الصادرين 9/ 12/ 1962 قد عرضا على مجلس المحافظة فوافق عليهما في 12/ 12/ 1962 ثم صدر في 22/ 12/ 1962 قرار رئيس مجلس ادارة المؤسسة بتعيين مجلس ادارة مؤقت وهو نفس المجلس الذى شلكه المحافظ ووافق عليه مجلس المحافظة، وفي 24/ 12/ 1962 وافق مجلس ادارة الجمعية على تعيين مدير جديد بدلا من المدعى، ومن هذا يتضح أن قرار المحافظ الصادر بفصل المدعى لا يعدو أن يكون أقتراحا بالفصل، لأنه إذا كان المحافظ لا يملك فصل المدعى قانونا ومن ثم يفقد قراره في هذا الشأن صفته كقرار ادارى فانه يمكن أعتباره اقتراحا بالفصل وبالمثل يمكن اعتبار قرار مجلس المحافظة الصادر في 12/ 12/ 1962، وقد وافق رئيس مجلس ادارة المؤسسة على هذا الاقتراح واصدر قراره سالف الذكر، ثم دفعت الجهة الادارية بصفة احتياطية بعدم قبول الدعوى لانعدام المصلحة على أساس أن القرار المطعون فيه و الصادر من المحافظ هو مجرد اقتراح، كما دفعت اخيرا بعدم قبول الدعوى شكلا لرفعها بعد الميعاد القانونى وأوضحت ذلك بقولها انه لو سلم مع المدعى بأن من حقه أن يطعن على القرار الصادر من المحافظ باعتباره فردا من الأفراد أى طبقا للفقرة السادسة من المادة الثامنة من قانون مجلس الدولة رقم 55 لسنة 1959 فان الدعوى تكون قد رفعت بعد الميعاد القانونى وهو ستون يوما من تاريخ نشر القرار الادارى المطعون فيه في الجريدة الرسمية أو في النشرات التى تصدرها المصالح أو أعلان صاحب الشأن به، ولما كان المدعى يقر بعلمه بالقرار يوم صدوره في 9/ 12/ 1962 ولم ترفع الدعوى إلا في 4/ 6/ 1964 فتكون الدعوى غير مقبولة شكلا لرفعها بعد الميعاد، وبالنسبة إلى الموضوع فقد طلبت الجهة الادارية رفض الدعوى واستندت في ذلك إلى أن نظام العمل في الجمعية كان يسير في فوضى ضارية وبطريقة بعيدة كل البعد عن التنظيم العمالى الحديث وكان المسئول عن ذلك هو المدعى بصفته مديرا للجمعية، وقد ثبت للجنة الجرد المشكلة بقرار المحافظ لفحص أعمال الجمعية أنه يوجد عجز في كميات الزيت الذى تقوم الجمعية بتوزيعه على التجار وأن المدعى قد حول كميات من هذا الزيت إلى زيت حر وباعها للتجار دون المستهلكين مخالفا بذلك منشور وزارة التموين.. الخ ما نسب إليه، كما طلبت رفض الطلب المستعجل لعدم توافر شرطا الجدية والاستعجال.
وبجلسة 22 من يولية 1966 قضت محكمة القضاء الادارى:
أولا: برفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى وباختصاصها.
ثانيا: يرفض الدفعين بعدم قبول الدعوى وبقبولها شكلا.
ثالثا: بالغاء القرار المطعون فيه والصادر بتاريخ 9/ 12/ 1962 وما يترتب على ذلك من آثار.
رابعا: بالزام الجهة الادارية بالمصروفات، وأقامت قضاءها على أن المحافظ يعتبر ممتلا للسلطة التنفيذية ويتولى الاشراف على تنفيذ السياسة العامة للدولة وعلى فروع الوزارات في المحافظة وذلك طبقا لنص المادة السادسة من القانون رقم 124لسنة 1960 باصدار قانون نظام الادارة المحلية ومن ثم فان كل قرار يصدره أو من يقوم مقامه بصفته ممثلا للسلطة التنفيذية يعتبر قرارا اداريا يهدف مصدره إلى احداث أثر قانونى معين، ولما كان القرار المطعون فيه قد صدر من محافظ الفيوم بالنيابة بصفته ممثلا للسلطة التنفيذية وهدف باصداره أحداث أثره القانوني وهو فصل المدعى من عمله كمدير للجمعية التعاونية الاستهلاكية وقد أحدث هذا القرار أثره وتنفيذ من تاريخ صدوره في 9/ 12/ 1962 فلا شك أنه قرار ادارى صدر من ممثل السلطة التنفيذية في محافظة الفيوم وبصفته هذه ومن ثم يخضع لرقابة القضاء الادارى وتختص المحكمة بنظر المنازعة الدائرة حوله ويكون الدفع بعدم اختصاصها على غير أساس، ثم استطردت المحكمة قائلة أن الجمعية التعاونية الاستهلاكية لمحافظة الفيوم هي جمعية خاصة انشئت طبقا لأحكام القانون رقم 317 لسنة 1956 باصدار قانون الجمعيات التعاونية وتخضع بالتالى لأحكامه، وخلصت بعد استعراضها لنصوص هذا القانون وما أدخل عليه من تعديلات إلى أن المختص طبقا للمادة 56 من هذا القانون بعزل مدير الجمعية التعاونية وحل مجلس ادارتها وتعيين مدير جديد ومجلس ادارة جديد مؤقت لها هو رئيس المؤسسة العامة التعاونية، وأن اختصاص المحافظة بالنسبة إلى الجمعيات التعاونية قد تحدد طبقا للمادة 45 من قرار رئيس الجمهورية باللائحة التنفيذية لقانون الحكم المحلى في اشراف مجلس المحافظة عليها واقتراح حل مجالس ادارة الجمعيات التعاونية اقتراح تعيين مجلس ادارة مؤقت، فلا يملك مجلس المحافظة أو المحافظ سلطة اصدار قرار حل مجلس الادارة أو عزل مدير الجمعية التعاونية، ومن ثم فان قرار محافظ الفيوم بتاريخ 9/ 12/ 1962 بفصل المدعى يكون قد صدر ممن لا يملكه فيعتبر قانونا في حكم العدم، والقرار المنعدم لا يتقيد الطعن عليه بالمواعيد الشكلية المقررة في القانون رقم 55 لسنة 1959 بتنظيم مجلس الدولة ومن ثم يكون الدفع بعدم قبول الدعوى شكلا على غير أساس، كما أنه لا محل للقول بأن القرار الصادر من محافظ الفيوم بالنيابة هو مجرد اقتراح منه إذ أن هذا القرار هو الذى ترتب عليه أثره القانونى من حيث فصل المدعى من عمله من تاريخ صدوره في 9/ 12/ 1962، أما قرار مجلس ادارة الجمعية المؤقت بتعيين مدير جديد فقد صدر لشغل منصب المدير الشاغر بعدم فصل المدعى، ومن ثم يكون الدفع بعدم قبول الدعوى لعدم المصلحة بدوره لا أساس له من الصحة.
ومن حيث أن الطعن يقوم على أن الحكم المطعون عليه قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه، ذلك أنه على فرض أن القرار الصادر من المحافظ بفصل المدعى قد صدر ممن لا يملكه، فان هذا القرار يحتوى على تصرف آخر صحيح، وهو اقتراح الفصل وانه ليس ثمة ما بمنع قانونا من تحول القرار الادارى إلى مجرد اقتراح صدر ممن يملكه، وانه إذا كان من المسلم به أن محكمة القضاء الادارى تملك الغاء القرار الادارى المعدوم، إلا أنها لا تختص ولائيا بالغاء الاقتراحات القانونية الصادرة من الجهات الادارية، وعلى ذلك لا يكون مجلس الدولة بهيئة قضاء ادارى مختصا بالغاء الاقتراح الصادر من المحافظ ويكون الحكم المطعون عليه قد أخطأ عندما قضى برفض هذا الدفع، كما أخطأ في قضائه برفض الدفع بعدم قبول الدعوى لانعدام المصلحة لأن الغاء القرار الصادر من محافظ الفيوم بفصل المدعى من خدمة الجمعية التعاونية لا يمكن أن يترتب عليه اعادته إلى عمله لأن رئيس مجلس ادارة المؤسسة الاستهلاكية العامة أصدر قرارا يتعيين مجلس ادارة جديد للجمعية ليس من بين أعضائه المدعى، وقد قام هذا المجلس بتعيين مدير خلفا للمدعى الذى لم يطعن على أى من هذين القرارين اللذين اصبحا نهائيين وبالتالى تنعدم مصلحة المدعى في طلب الغاء قرار المحافظ بفصله، هذا إلى أن المدعى شخص لا يطمئن إليه فيما يتعلق بأموال ومصالح الجمهور، وقد أحيل في 13/ 6/ 1966 إلى مستشار الاحالة في الجناية المقدمة ضده برقم 2965 لسنة 1965 جنايات يندر الفيوم، ومن ثم يكون قرار المحافظ قد صدر ابتغاء المصلحة العامة وبالمثل قرارات رئيس المؤسسة الاستهلاكية ومجلس أدارة الجمعية التى أصبحت قراراته نهائية.
وحيث إن الدفاع عن الطاعنين في المذكرة المقدمة منه أخيرا تعزيزا للدفع بعدم الاختصاص الولائى، أن الطعن في قرار رئيس مجلس ادارة المؤسسة بتعيين مدير أو مجلس أدارة مؤقت للجمعية، انما يكون طبقا للمادتين 56، 50 من القانون رقم 317 لسنة 1956 أمام المحكمة الابتدائية الكائن في دائرة اختصاصها مقر الجمعية، والنزاع الماثل لا يخرج عن كونه طعنا في القرار الصادر بحل مجلس ادارة الجمعية وفصل مديرها وتعيين مجلس ادارة مؤقت ومدير جديد لها، كما تضمنت المذكرة عود إلى التمسك بالدفع بعدم قبول الدعوى شكلا، وهو الدفع الذى خلت منه عريضة الطعن، وقد جاء في المذكرة أن الحكم المطعون عليه هو قرار منعدم لأنه صدر مشوبا يعيب عدم اختصاص، في حين أن عيب عدم الاختصاص الذى شابه هو عيب اختصاص موضوعى بسيط، وليس من عيوب الاختصاص الجسيمة التى تعدم القرار.
وحيث أن هيئة مفوضى الدولة قدمت تقريرا انتهت فيه إلى أنها ترى الحكم بعدم اختصاص القضاء الادارى بنظر هذه المنازعة حيث أنها تتعلق بالقرار الصادر من محافظ الفيوم بالنيابة بفصل المدعى من خدمة الجمعية التعاونية الاستهلاكية لمحافظة الفيوم، ويتبين من مطالعة هذا القرار أنه صدر بقصد إنهاء علاقة العمل التى تربط المدعى بالجمعية بوصفه معينا مديرا لها، ولم يصدر القرار المذكور بقصد احداث أثر قانونى في حق المذكور بوصفه فردا من الأفراد، ومن ثم وجب قبل التغلغل في بحث موضوع هذا القرار الوقوف على المركز القانونى للمدعى في علاقته مع الجهة التى فصل من خدمتها لبيان ما إذا كان هذا المركز يسبغ عليه صفة الموظف العام من عدمه فان كان كذلك انعقد الاختصاص بنظر المنازعة في قرار الفصل لمجلس الدولة بهيئة قضاء ادارى طبقا لنص الفقرة خامسا من المادة الثامنة من القانون رقم 55 لسنة 1959 في شأن تنظيم مجلس الدولة، أما إذا كان مركز المدعى القانونى في علاقته بالجمعية التى فصل من خدمتها لا يسبغ عليه صفة الموظف العام فان منازعته في هذا القرار وطلب الحكم بالغائه لا تدخل في اختصاص مجلس الدولة وخلصت بعد أن استعرضت نصوص القانون رقم 317 لسنة 1956 إلى أن الجمعيات التعاونية المنشاة طبقا لأحكامه تعتبر من أشخاص القانون الخاص، ومتى كان ذلك كذلك فان العاملين بتلك الجمعيات لا يعتبرون من عداد الموظفين العموميين.
ومن حيث إن واقعة الدعوى - كما استظهرتها المحكمة من الأوراق - تخلص في أن محافظ الفيوم بالنيابة أصدر في 5/ 11/ 1962 القرار رقم 333 لسنة 1962 بتشكيل لجنة لفحص أعمال الجمعية التعاونية الاستهلاكية للمحافظة، وعلى ضوء ما انتهت إليه اللجنة أصدر سيادته قرارين مؤرخين 9/ 12/ 1962 أولهما بحل مجلس ادارة الجمعية وقيام اللجنة التى شكلت لفحص أعمال الجمعية بأعمال مجلس الادارة المؤقت، وثانيهما بفصل مدير الجمعية السيد/ محمد عبد الباقى خليفه وقد أبلغ سيادته بقرار فصله في يوم صدوره وقد عرض هذان القراران على مجلس المحافظة فوافق عليهما بالاجماع في 12/ 12/ 1962، وقام المحافظ بالنيابة بابلاغ هذين القرارين وغيرهما من القرارات التى اتخذها مجلس المحافظة في شأن الجمعية إلى المؤسسة المصرية التعاونية الاستهلاكية باعتبارها الجهة المشرفة على الجمعيات التعاونية بكتابه السرى رقم 141 المؤرخ 13/ 12/ 1962 لاتخاذ اللازم نحو تنفيذها وفي 22/ 12/ 1962 أصدر رئيس مجلس ادارة المؤسسة قراره بتعيين مجلس إدارة مؤقت للجمعية، وفي 24/ 12/ 1962 وافق مجلس ادارة الجمعية على تعيين السيد/ كمال زين الدين مديرا لها، وقد ذكر في محضر اجتماع الجمعية أن المؤسسة قامت باعارة السيد المذكور للجمعية بناء على طلب المحافظة المؤرخ 12/ 12/ 1962 وذلك بمناسبة صدور قرار المحافظ بفصل مدير الجمعية السابق.
ومن حيث أن القرار المطعون فيه والذى تدفع الحكومة بعدم اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء ادارى بنظر المنازعة الدائرة حول طلب الغائه هو قرار صادر من محافظ الفيوم بالنيابة بصفته ممثلا للسلطة التنفيذية في محافظة الفيوم والمتولى الاشراف على تنفيذ السياسة العامة للدولة على فروع الوزارات في المحافظة ومن بينها وزارة التموين التى تتبعها المؤسسة المصرية التعاونية الاستهلاكية العامة التى تشرف على الجمعية التعاونية الاستهلاكية لمحافظة الفيوم طبقا للقرارات الجمهورية الصادرة في هذا الشأن وقد هدف باصداره إلى احداث أثره القانونى وهو فصل المدعى من عمله كمدير للجمعية التعاونية الاستهلاكية بمحافظة الفيوم وذلك للأسباب المبينة بتقرير اللجنة السابق تشكيلها بالقرار رقم 333 لسنة 1962 والتى أدت - كما جاء بالتقرير - إلى فقد أموال المواطنين المساهمين والجهات العامة التى تقوم على تمويل الجمعية، وما أنطوت عليه تصرفاته من سوء الادارة والخروج بالجمعية عن أهدافها التى أنشئت من أجلها، وقد أحدث هذا القرار أثره وتنفذ فعلا منذ تاريخ صدوره في 9/ 12/ 1962 ومن ثم فهو قرار قد اكتملت له كل مقومات القرار الادارى مما يختص مجلس الدولة بهيئة قضاء ادارى بنظر طلب الغائة طبقا للفقرة السادسة من المادة الثامنة من القانون رقم 55 لسنة 1959 بشأن تنظيم مجلس الدولة.
ومن حيث إن ما تذهب إليه الحكومة من أن قرار محافظ الفيوم بالنيابة بفصل المدعى، الذى وافق عليه مجلس المحافظة لم يكن مجرد اقتراح بالفصل طبقا للسلطة المخولة لمجلس المحافظة في هذا الشأن بقتضى المادة 45 من اللائحة التنفيذية لقانون الادارة المحلية، وأن المؤسسة قد وافقت على هذا الاقتراح بما أصدرته من قرارات في هذا الشأن ومن ثم فان القرار المطعون فيه يكون في حقيقة الأمر قرار المؤسسة وليس قرار المحافظ، وان تحول قرار المحافظ الصادر بفصل المدعى - وهو القرار الذى لا يملكه قانونا - إلى مجرد اقتراح - وهو التصرف القانونى الصحيح الذى يملكه - أمر جائز في القانون، ما تذهب إليه الحكومة في هذا الصدد مردود عليه، بأن ما يملكه مجلس المحافظة طبقا لنص المادة 45 من اللأئحة التنفيذية لقانون الادارة المحلية هو اقتراح حل مجالس ادارت الجمعيات التعاونية أو الهيئات التعاونية واقتراح تعيين مجالس ادارة مؤقته لها، وليس من بين الاقتراحات المخولة لمجلس المحافظة اقتراح فصل مديرى الجمعيات التعاونية، ولا يمكن أن ينصرف حق مجلس ادارة المحافظة في اقتراح حل مجالس ادارات الجمعيات التعونية إلى اقتراح فصل مديرها ولو كانوا أعضاء بمجالس الادارات، هذا على انه لو سلم جدلا بأن اقتراح حل مجلس ادارة الجمعية يجوز أن ينصرف إلى اقتراح فصل مديرها، فانه لا يمكن - في خصوصية الحالة المعروضة - اعتبار قرار محافظ الفيوم بالنيابة بفصل المدعى مجرد اقتراح، لأن هذا القرار أبلغ للمدعى وتنفذ فعلا منذ تاريخ صدوره، وكذلك تنفذ قرار المحافظ بحل مجلس ادارة الجمعية، ولم تفعل المؤسسة أكثر من إنها اتخذت الإجراءات المترتبة على تنفيذ هذين القرارين، فكل ما صدر عن المؤسسة في هذا الصدر هو قرارها بتشكيل مجلس ادارة مؤقت للجمعية بعد حل مجلس ادارتها، أم مجلس ادارة الجمعية فقد قام بتعيين مدير جديد لها بعد أن شغر هذا المنصب بفصل المحافظ بالنيابة لمدير الجمعية السابق على نحو ما ثبت بمحضر اجتماع الجمعية.
ومن حيث إنه تأسيسا على ما تقدم لا يكون هناك ثمت وجه لاستناد الحكومة - وهي في معرض الدفع بعدم اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء ادارى بنظر المنازعة المعروضه - إلى نص المادتين 56 ،50 من القانون رقم 317 لسنة 1956 في شأن الجميعات التعاونية التى تقضى بأن يكون الطعن في قرار الوزير المختص - وقد أصبح فيما بعد رئيس ادارة المؤسسة العامة التعاونية الاستهلاكية طبقا للقانون رقم 52 لسنة 1961 وقرار رئيس الجمهورية رقم 1608 لسنة 1961 - بتعيين مجلس ادارة مؤقت للجمعية إذا لم يرحلها، أمام المحكمة الابتدائية الكائن في دائرة اختصاصها مقر الجمعية، إذ أن النزاع الحالى لا ينصب على قرار المؤسسة بتعيين مجلس ادارة مؤقت للجمعية، وانما بثور حول قرار محافظ الفيوم بالنيابة بفصل مدير الجمعية، كما لا محل للاستناد في هذا الدفع إلى ما أوردته هيئة مفوضى الدولة بتقريرها من أن اختصاص مجلس الدولة بنظر المنازعة في قرار الفصل لا نعقد طبقا لنص الفقرة الخامسة من المادة الثامنة من القانون رقم 55 لسنة 1959 في شأن تنظيم مجلس الدولة إلا إذا كان مركز الموظف المفصول في علاقته بالجهة التى فصل من خدمتها يسبغ عليه صفة الموظف العام، وأن الجمعيات التعاونية المنشأة طبقا لأحكام القانون رقم 317 لسنة 1956 تعتبر من أشخاص القانون الخاص ومتى كان ذلك كذلك فان العاملين بتلك الجمعيات لا يعتبرون من عداد الموظفين العموميين، لا وجه لهذا الاستناد، إذ أن محله أن يكون القرار الصادر بفصل المدعى قد صدر من الجمعية التعاونية الاستهلاكية لمحافظة الفيوم أو من المؤسسة التى تتبعها هذه الجمعية حتى يمكن القول بأن مركزه القانونى في علاقته بالجهة التى فضل من خدمتها لا يضفى عليه صفة الموظف العام، أما حيث يكون قرار الفصل صادرا من المحافظ باعتباره ممثلا للسلطة التنفيذية بالمحافظة والمتولى الاشراف على تنفيذ السياسة العامة للدولة وعلى فروع الوزارات في المحافظة.. الخ فان قراره يخرج عن هذه الدائرة، دائرة بحث المركز القانونى للموظف، في علاقته بالجهة التى فصل من خدمتها، وإذا كان مجلس الدولة بهيئة قضاء ادارى لا يختص في هذه الحالة بنظر قرار فصل المدعى طبقا للفقرة الخامسة من المادة الثامنة من قانون تنظيم مجلس الدولة، فانه يختص بنظره طبقا للفقرة السادسة من المادة المذكورة على ما سلف البيان.
من حيث أنه تأسيسا على ما تقدم يكون الدفع بعدم اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء ادارى بنظر المنازعة في غير محله ولا سند له من القانون.
وحيث أنه بالنسبة إلى الدفع بعدم قبول الدعوى لانعدام المصلحة المؤسس على أن قرار محافظ الفيوم بالنيابة لم يكن الا مجرد اقتراح بالفصل، وان قرار فصل المدعى يعتبر في حقيقة الأمر صادرا من المؤسسة، وهذا القرار لم يطعن عليه ومن ثم أصبح نهائيا، فانه بدوره - وتأسيسا على ما سبق أن أوردناه من أن قرار محافظ الفيوم بالنيابة لم يكن مجرد اقتراح وانما كان قرارا بالفصل أحدث أثره وتنفذ فور صدوره، يكون قائما على غير أساس سليم من الواقع أو القانون، أما ما صدر عن المؤسسة أو الجمعية من قرارات متعلقة بهذا الموضوع وما قد يكون لها من أثر فهو خارج عن نطاق البحث في هذه المنازعة التى انما تدور فقط حول قرار الفصل الصادر من المحافظ، والمدعى وشانه في الطعن على تلك القرارات أو مناقشة الآثار المترتبة عليها.
وحيث أنه بالنسبة إلى الدفع بعدم قبول الدعوى شكلا لرفعها بعد الميعاد، فان من المسلم به بين خصوم هذه الدعوى أن محافظ الفيوم بالنيابة لم يكن يملك قانونا سلطة فصل المدعى أو بمعنى آخر اصدار القرار الادارى المطعون فيه.
وحيث أن من المبادىء المقررة انه إذا فقد القرار الادارى أحد أركانه الأساسية فانه يعتبر معيبا بخلل جسيم ينزل به إلى حد الانعدام، والاتفاق منعقد على أنه سواء أعتبر الاختصاص أحد أركان القرار الادارى أم أحد مقومات الارادة التى هي ركن من أركانه، فان صدور القرار الادارى من جهة غير منوط بها اصداره قانونا يعيب جسيم ينحدر به إلى حد العدل. طالما كان في ذلك افتئات على سلطة جهة أخرى لها شخصيتها المستقلة.
ومن حيث أن هذه المحكمة سبق أن قضت بأنه إذا كان العيب الذى يشوب القرار ينزل به إلى حد غصب السلطة فانه ينحدر بالقرار إلى مجرد فعل مادى معدوم الأثر قانونا لا تلحقه أية حصانة ولا يزيل عيبه فوات ميعاد الطعن فيه، ومن ثم يكون الدفع بعدم قبول الدعوى شكلا لرفعها بعد الميعاد المقرر في القانون رقم 55 لسنة 1959 بتنظيم مجلس الدولة، مثله مثل سابقيه، على غير أساس سليم من القانون.
وحيث أنه لما تقدم يكون الحكم المطعون عليه قد أصاب وطبق القانون تطبيقا سليما حين قضى برفض الدفوع التى أبدبت من الحكومة في هذه المنازعة، وقضى بالغاء القرار المطعون فيه استنادا إلى أنه صدر ممن لا يملكه قانونا، ويكون الطعن على غير أساس سليم من القانون خليقا بالرفض.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وبرفضه موضوعا وألزمت الحكومة بالمصروفات.