مجلس الدولة - المكتب الفنى لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السادسة والأربعون - الجزء الثالث (من يونيه سنة 2001 إلى آخر سبتمبر 2001) - صــ 2537

(299)
جلسة 29 من يوليو سنة 2001

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ عادل محمود ذكى فرغلى نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة/ على فكرى حسن صالح، وحسن كمال أبو زيد شلال، وأسامة محمود عبد العزيز محرم، وعبد المنعم أحمد عامر نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 7149 لسنة 44 القضائية

عاملون مدنيون بالدولة - ترقيات - سلطة الجهة الإدارية فى وضع موانع الترقية - إعاره.
المادة (10) من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978.
لا يجوز للجهة الإدارية أن تضع مانعا للترقية بالمخالفة لأحكام القانون، وليس لها أن تتخطى العامل فى الترقية بمقولة عدم شغله الوظيفة الأدنى شغلا فعليا لكونه فى إعارة أو أجازة خاصة لأن المعار أو المرخص له بأجازة خاصة يعتبر شاغلاً للوظيفة قانونا وذلك وفقاً للرخصة القانونية المقررة فى هذا الشأن والقول بغير ذلك يعنى إضافة مانع للترقية لم يرد عليه نص فى القانون - تطبيق.


إجراءات الطعن

فى يوم الأربعاء الموافق 22/ 7/ 1998 أودعت هيئة قضايا الدولة نيابة عن وزير الأشغال والموارد المائية (بصفته) قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن قيد برقم 7149 لسنة 44ق.ع فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بأسيوط (الدائرة الثانية) بجلسة 27/ 5/ 1998 فى الدعوى رقم 318 لسنة 7ق. والقاضى بإلغاء القرار رقم 925 لسنة 1989 فيما تضمنه من تخطى المدعية فى الترقية إلى وظيفة مدير أعمال ثانٍ من الدرجة الثانية، وإلغاء القرار رقم 24 لسنة 1996 فيما تضمنه من تخطيها فى الترقية إلى وظيفة مدير أعمال أول من الدرجة الأولى مع ما يترتب على ذلك من آثار، وبإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وطلبت الجهة الإدارية - فى ختام تقرير الطعن - الحكم بوقف تنفيذه ثم إلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجددا برفض الدعوى مع إلزام المطعون ضدها المصروفات عن درجتى التقاضى.
وأعدت هيئة مفوضى الدولة تقريراً بالرأى القانونى ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا مع إلزام الجهة الطاعنة المصروفات.
ونظر الطعن أمام الدائرة الثانية (فحص طعون) التى قررت بجلسة 12/ 6/ 2000 إحالته إلى الدائرة الثانية (موضوع) والتى احالته إلى هذه الدائرة للاختصاص حيث نظر أمامها على النحو المثبت بمحاضر الجلسات إلى أن قررت إصدار الحكم فيه بجلسة 3/ 6/ 2001 وبها قررت مد أجل النطق فيه لجلسة اليوم لاتمام المداولة حيث صدر وأودعت مسودته مشتملة على أسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص فى أن المطعون ضدها (المدعية) أقامت الدعوى برقم 318 لسنة 7ق بايداع صحيفتها قلم كتاب محكمة القضاء الإدارى بأسيوط بتاريخ 17/ 12/ 1995 للحكم لها وفقا لطلباتها الختامية - بإلغاء القرار رقم 925 لسنة 1989 الصادر بتاريخ 19/ 1/ 1989 فيما تضمنه من تخطيها فى الترقية إلى وظيفة مدير أعمال (ثانٍ) من الدرجة الثانية. وبإلغاء القرار رقم 24 لسنة 1996 الصادر بتاريخ 10/ 3/ 1996 فيما تضمنه من تخطيها فى الترقية إلى وظيفة "مدير أعمال أول" من الدرجة الأولى مع ما يترتب على ذلك من آثار. وقالت - شرحا لدعواها أنها حاصلة على بكالوريوس الهندسة عام 1976، وتعمل بالإدارة العامة للتوسع الأفقى ومشروعات الرى بأسيوط، وإذ فوجئت بصدور القرارين المطعون فيهما فقد تظلمت منها بمجرد علمها بهما بتاريخ 18/ 6/ 1996 وطلبت الحكم بإلغائهما بموجب صحيفة بتعديل طلبات معلنة فى 27/ 6/ 1996 ناعية عليها مخالفتها للقانون وإذ تضمنا ترقية من هو أحدث منها فضلا عن أن تقريرا كفايتها بمرتبة ممتاز وطلبت الحكم لها بطلباتها سالفة البيان، وبجلسة 27/ 5/ 1998 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه بإلغاء القرارين المطعون فيهما مع ما يترتب على ذلك من آثار، وشيدت قضاءها على أن تاريخ علم المدعية بالقرارين المطعون فيهما هو تاريخ تظلمها منها فى 18/ 6/ 1996 وهو ما لم تجحده الجهة الإدارية، ومن ثم تكون الدعوى مقبولة شكلاً، وأضافت المحكمة بالنسبة لموضوع الدعوى - بأن المدعية تشغل وظيفة "مساعد مدير أعمال أول" بالدرجة الثانية التخصصية اعتبارا من 12/ 6/ 1986 ورغم أن تقارير كفايتها من عام 1986 حتى عام 1989 بمرتبة ممتاز إلا أن الجهة الإدارية أصدرت القرار رقم 925 لسنة 1989 متضمنا تخطيها فى الترقية إلى وظيفة مدير أعمال ثانٍ من الدرجة الثانية استناداً لعدم قضائها مدة عمل فعلية مقدارها سنتان فى الوظيفة الأولى، وفقاً للمعايير التى وضعتها لجنة شئون العاملين وهو مالا يجد له سند فى القانون رقم 47 لسنة 1978 ولا فى قرار لجنة شؤون الخدمة المدنية رقم 1 لسنة 1981، وبذلك يكون هذا الشرط الإضافى مخالفاً للقانون مما يتعين معه الحكم بإلغاء القرار المطعون فيه رقم 925 لسنة 1989 المشار إليه، كما قضت تبعا لذلك بإلغاء القرار رقم 24 لسنة 1996 فيما تضمنه من تخطى المدعية فى الترقية إلى وظيفة مدير أعمال أول من الدرجة الأولى اعتباراً من 6/ 3/ 1996.
وإذ لم يصادف هذا القضاء قبولاً لدى الجهة الإدارية فقد أقامت طعنها الماثل ناعية على الحكم المطعون فيه أنه جاء مشوبا بعيب مخالفة القانون والخطأ فى تطبيقه وتأويله استناداً إلى أن المدة البينية والكلية ومدة الخبرة تستهدف كفالة تحقق الخبرة اللازمة لنقله للوظيفة الأعلى، وأن المطعون ضدها كانت فى أجازة بدون مرتب لمرافقة الزوج ولرعاية الطفل فى الفترة من 1/ 9/ 1983 حتى 14/ 8/ 1994 ولذلك فقد تم تخطيها فى الترقية إلى وظيفة "مدير أعمال ثان" من الدرجة الثانية لكونها لم تقض المدة الفعلية اللازمة فى الوظيفة الأدنى، وترتيبا على ذلك فإن القرار رقم 24 لسنة 1996 الصادر بتخطيها فى الترقية للدرجة الأولى يكون قد جاء أيضاً متضمنا وصحيح حكم القانون.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن المدعية حاصلة على بكالوريوس الهندسة المدنية دور نوفمبر 1976 وتم تعيينها بالجهة الادارية فى 20/ 7/ 1977 فى وظيفة من الدرجة الثالثة التخصصية، ثم شغلت وظيفة مساعد مدير أعمال أول "بالدرجة الثانية التخصصية اعتبارًا من 12/ 6/ 1986، وحصلت على أجازة خاصة بدون مرتب لمرافقة الزوج فى الفترة من 1/ 9/ 1983 حتى 31/ 8/ 1985 وعلى أجازة لرعاية الطفل فى الفترة من 1/ 9/ 1985 حتى 31/ 8/ 1991 ثم حصلت على أجازة خاصة لمرافقة الزوج من 1/ 9/ 1991 حتى 14/ 8/ 1994، واعتبارا من 15/ 8/ 1994 عادت إلى عملها وتسلمته. وبتاريخ 19/ 10/ 1989 أصدرت الجهة الإدارية القرار رقم 925 لسنة 1989 متضمنا تخطى المدعية فى الترقية إلى وظيفة "مدير أعمال ثان" من الدرجة الثانية استنادا إلى أنها لم تقض مدة عمل فعلية مقدارها سنتان على الأقل فى وظيفة "مساعد مدير أعمال أول" وفقا للمعايير التى وضعتها لجنة شئون العاملين المشتركة، وذلك لوجودها فى أجازة خاصة بدون مرتب، كما صدر القرار رقم 24 لسنة 1996 متضمنا تخطيها فى الترقية إلى وظيفة "مدير أعمال أول" من الدرجة الأولى استنادا على أنها لم تشغل وظيفة مدير أعمال ثان من الدرجة الثانية والتى يتم الترقية منها إلى وظيفة مدير أعمال أول من الدرجة الأولى.
ومن حيث إن المادة (10) من نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 تنص على أنه "يجوز فى حالة الضرورة القصوى تبعا لمقتضيات العمل الملحة فى بعض الوحدات وجود تقسيمات وظيفية من الدرجة المالية يتحرك فيها العامل دون أن يترتب على ذلك ميزة مادية قبل الارتقاء إلى وظيفة فى الدرجة المالية الأعلى ويصدر بتحديد هذه التقسيمات الوظيفية ونظام الحركة بينهما قرار من لجنة شئون الخدمة المدنية بناء على طلب السلطة المختصة". وبناء على هذا النص صدر قرار لجنة شئون الخدمة المدنية رقم (1) لسنة 1981 بشأن مسميات بعض وظائف المهندسين بديوان عام وزارة الرى ومصلحة الرى والهيئة المصرية العامة لمشروعات الصرف ومركز البحوث المائية، وقد تضمن هذا القرار بيانا بمسميات التقسيمات الوظيفية للمهندسين المدنيين فى كل من الدرجات الأولى والثانية والثالثة، ووردت وظيفة "مساعد مدير أعمال أول ضمن وظائف الدرجة الثانية ويتم الترقية منها إلى وظيفة مدير أعمال ثان من الدرجة الثانية أيضاً، ثم تكون الترقية من الوظيفة الأخيرة إلى وظيفة مدير أعمال أول وهى وظيفة من الدرجة الأولى. وقد حددت المادة الثانية من قرار لجنة شئون الخدمة المدنية ضوابط ومعايير الترقية داخل الدرجات الوظيفية فى الدرجة المالية الواحدة واشترطت الحصول على مرتبة كفاية ممتاز فى التقريرين الأخيرين على الأقل للترقية من وظيفة مساعد مدير أعمال أول إلى وظيفة مدير أعمال ثان.
ومن حيث إنه لما كانت المدعية قد شغلت وظيفة "مساعد مدير أعمال أول"
بالدرجة الثانية التخصصية اعتبارا من 12/ 6/ 1986 وكانت تقرير كفايتها بمرتبة ممتاز طوال فترة قيامها بأجازة خاصة لمرافقة الزوج ولرعاية الطفل من عام 1983 حتى عام 1994، وإذ أفصحت الجهة الإدارية عن السبب الذى استندت إليه فى تخطى المدعية فى الترقية إلى وظيفة "مدير أعمال ثان" من الدرجة الثانية بالقرار رقم 925 لسنة 1989 والذى يخلص فى عدم قضائها مدة عمل فعلية مقدارها سنتان على الأقل فى وظيفة "مساعد مدير أعمال أول" وذلك لوجودها فى أجازة خاصة بدون مرتب اعتبارا من 1/ 9/ 1983 وحتى 15/ 8/ 1994، ومن ثم فإن هذا السبب الذى ابدته الجهة الإدارية يخضع لرقابة القضاء الإدارى. ولما كان من المستقر عليه فى قضاء هذه المحكمة أنه لا يجوز للجهة الإدارية أن تضع مانعا للترقية بالمخالفة لأحكام القانون، وليس لها أن تتخطى العامل فى الترقية بمقولة عدم شغله الوظيفة الأدنى شغلا فعليا لكونه فى إعارة أو فى أجازة خاصة، لأن المعار أو المرخص له فى أجازة خاصة يعتبر شاغلا للوظيفة قانونا وذلك وفقا للرخصة القانونية المقررة فى هذا الشأن، والقول بغير ذلك يعنى إضافة مانع للترقية لم يرد عليه نص فى القانون.
وبناء على ذلك فإنه لما كانت المدعية قد استوفت شروط الترقية إلى وظيفة "مدير أعمال ثانٍ" من الدرجة الثانية بما فى ذلك شرط حصولها على تقريرى كفاية بمرتبة ممتاز عن العامين الآخرين السابقين على القرار المطعون فيه رقم 925 لسنة 1989 ومن ثم فإن تخطيها فى الترقية إلى الوظيفة المذكورة بموجب هذا القرار استنادًا إلى عدم قضاءها مدة عمل فعلية مقدارها سنتان على الأقل فى وظيفة "مساعد مدير أعمال أول" يكون مخالفا للتطبيق الصحيح لأحكام القانون مما يتعين معه القضاء بإلغائه.
ومن حيث إنه فى ضوء ما تقدم، ولما كان القرار المطعون فيه الآخر رقم 24 لسنة 1996 الذى تضمن تخطياً للمدعية فى الترقية إلى وظيفة "مدير أعمال أول" من الدرجة الأولى قد استند فقط إلى أنها لم تشغل وظيفة "مدير أعمال ثانٍ" من الدرجة الثانية، وهو شرط لازم لترقيتها إلى الوظيفة المذكورة، وإذ خلصت المحكمة إلى إلغاء القرار رقم 925 لسنة 1989 فيما تضمنه من تخطى المدعية فى الترقى إلى الوظيفة "مدير أعمال ثانٍ" على النحو سالف البيان، وهو ما يفوض السند الذى ارتكنت عليه الجهة الإدارية فى تخطيها للمدعية فى الترقية إلى وظيفة "مدير أعمال أول" من الدرجة الأولى، الأمر الذى يتعين معه القضاء بإلغاء القرار رقم 24 لسنة 1996 فيما تضمنه من تخطى المدعية فى الترقية إلى هذه الوظيفة.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد اخذ بهذا المذهب ومن ثم فإنه يكون متفقا والتطبيق السليم لأحكام القانون، ويكون الطعن عليه فى غير محله جديرا بالرفض.

فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا، وألزمت الجهة الادارية الطاعنة المصروفات.