مجلس الدولة - المكتب الفنى لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السادسة والأربعون - الجزء الثالث (من يونيه سنة 2001 إلى آخر سبتمبر 2001) - صــ 2545

(300)
جلسة 30 من يوليو سنة 2001

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ جمال السيد حروج نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة: كمال زكى عبد الرحمن اللمعى، ومحمود إبراهيم عطا الله، وسالم عبد الهادى محروس جمعة، ويحيى خضرى نوبى محمد نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم2909 لسنة 37 القضائية

إصلاح زراعى - قاعدة الحد الأقصى للملكية من النظام العام - جزاء مخالفتها بطلان التصرف - قوانين الاصلاح الزراعى المتعاقبة تلتزم بقاعدة الحد الأقصى لملكية الأراضى الزراعية والأراضى البور - هذه القاعدة من النظام العام - جزاء مخالفتها بطلان التصرفات ومنع تسجيلها - تطبيق.


إجراءات الطعن

فى يوم الأربعاء الموافق 12/ 6/ 1991 أودع الأستاذ/ ......... المحامى بصفته وكيلاً عن الطاعن بصفته قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير الطعن الماثل طعنا على القرار الصادر من اللجنة القضائية للإصلاح الزراعى فى الاعتراض رقم 698 لسنة 1980 بجلسة 14/ 4/ 1991 الذى قضى بقبول الاعتراض شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الاستيلاء الواقع على المسطح 13س - 2 ط - 100ف الموضح الحدود والمعالم بتقرير الخبير مع إعمال قوانين تحديد الملكية اللاحقة لذلك.
وطلب الطاعن بصفته فى ختام تقرير طعنه للأسباب الواردة به الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بإلغاء قرار اللجنة القضائية للاصلاح الزراعى المطعون فيه رقم 698 لسنة 1980 والقضاء بعدم استبعاد المساحة موضوع الاعتراض عن الاستيلاء والزام المطعون ضده المصروفات.
وقد أعلن تقرير الطعن إلى المطعون ضده على النحو المبين بالأوراق.
وأعدت هيئة مفوضى الدولة تقريراً مسبباً بالرأى القانونى انتهت فيه إلى إنها ترى الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعن المصروفات.
وقد نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون حيث قررت بجلسة 2/ 4/ 1997 إحالة الطعن إلى الدائرة الثالثة بالمحكمة الإدارية العليا وحددت لنظره أمامها جلسة 22/ 4/ 1997 وتدوول الطعن أمام هذه المحكمة على النحو الثابت بمحاضرات الجلسات حيث قررت المحكمة بجلسة 30/ 1/ 2001 اصدار الحكم بجلسة 3/ 4/ 2001 ثم مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم 30/ 7/ 2001 وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية فهو مقبول شكلاً.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص حسبما يبين من الأوراق فى أن المطعون ضده (المعترض) أقام الاعتراض رقم 698 لسنة 1980 أمام اللجنة القضائية للإصلاح الزراعى طالبا الحكم بقبول الاعتراض شكلا وفى الموضوع بإلزام الهيئة العامة للاصلاح الزراعى بالإفراج عن مساحة 2س - 6 ط - 127ف البور بمحافظة قنا والموضح بيانها بأبحاث الملكية المحرر بمعرفة تفتيش مساحة المنيا عام 1964 من أملاك المعترض طبقا لقرار مجلس إدارة الهيئة فى 13/ 10/ 1959 وتسليمها له تسليما ماديا وفعليا للتصرف فيها خلال المدة القانونية.
وقال المعترض (المطعون ضده) شرحا لاعتراضه أن المرحوم والده/ ................. وكذا باقى أخوته ورثة المرحوم/ ......... كانوا يمتلكون مساحة 5780 فدانا أطيانا زراعية وأخرى بور بمحافظات بنى سويف والمنيا وقنا وذلك بمقتضى عقود مسجلة سنة 1940، وأضاف أن والده توفى فى 28/ 9/ 1952 قبل أن يقدم إقرار بملكيته طبقا للقانون 178 لسنة 1952 حيث لم يكن له وقتها أولادا وكان هو حملا مستكينا لم يولد بعد، الأمر الذى ترتب عليه عدم تمتعه بنص المادة الرابعة من القانون المذكور، وقد تقدم/ ........ بوصفه الحارس على تركة جده بإقرار إلى الهيئة العامة للإصلاح الزراعى موقعا عليه من جميع الورثة بملكيتهم فيما عدا والده الذى كان قد توفى فى تاريخ سابق (فى 28/ 9/ 1952) وقد أدرج فى هذا الإقرار ما يحتفظون به فى محافظتى المنيا وقنا، وترتب على ذلك قيام الهيئة العامة للإصلاح الزراعى بالاستيلاء على الأطيان الزائدة عن الاحتفاظ القانونى قيلهم وكان من بينها الأطيان الزارعية البور التى كانت مملوكة للمرحوم والده، ولما تمت ولادته حيا فى 22/ 1/ 1953 أقامت والدته ـ الوصيه عليه ـ الدعوى رقم 118 لسنة 1953 شرعى كلى القاهرة ضد أخوة والده ورثة المرحوم/ ........ وطلبت فيها الحكم بإثبات بنوته واستحقاقه لتركة والده، وقد صدر حكم من المحكمة الإستئنافية شرعى القاهرة فى 23/ 6/ 1962 بإثبات بنوته وبأحقيته فى كامل التركة باعتباره الوارث الوحيد لوالده، وأنه بتاريخ 13/ 10/ 1959 صدر قرار مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعى بالأطيان البور من أملاك عائلة.......... وتوزيعها على الورثة حيث إختص هو بمقدار 3س، 6ط، 127ف، بمحافظة قنا، ولم يكن وقتها قد صدر حكم نهائى فى الدعوى سالفة الذكر، وبعد صدور القانون رقم 127 لسنة 1961 تقدمت والدته بصفتها الوصية عليه بإقرار إحتياطى للإصلاح الزراعى أوضحت فيه أصل الملكية ووقائع النزاع القضائى، وأنه فى عام 1964 تمت أبحاث ملكية عائلة........، وقد أسفرت على تحديد ملكة المرحوم والده بالتطبيق لأحكام القانون 178 لسنة 1952، وأنه بالرغم من أن مساحة الأرض البور لم تكن محلا للاستيلاء، إلا أن الإصلاح الزراعى ظل مستوليا عليها ولم يفرج عنها.... وقد ظلت يده مغلولة عن التصرف فيها بسبب لا يد له فيه (الحراسة)، وبعد رفع الحراسة تقدم بالعديد من الطلبات للإفراج عنها وتسليمها له تسليما فعليا للتصرف فيها خلال المدة القانونية، ولما لم يقم الإصلاح الزراعى بتسليمه الأرض البور سالفة الذكر بالرغم من الطلبات العديدة التى تقدم بها فإنه إضطر لإقامة هذا الاعتراض.
وبجلسة 27/ 11/ 1982 قضت اللجنة القضائية للإصلاح الزراعى بإحالة الاعتراض لمكتب خبراء وزارة العدل لاداء المأمورية المبينة بهذا القرار.
وقد خلص الخبير فى تقريره إلى النتيجة التالية:
1 - الأطيان محل الاعتراض مساحتها 13س - 20ط - 100ف شيوعا فى أطيان أخرى كائنة على جملة زمامات وأحواض وردها تفصيلا المسجل رقم 1482 لسنة 1940، كما أوردتها أبحاث الملكية التى أجراها الإصلاح الزراعى عن هذه المساحة ضمن الأطيان التى تم الاستيلاء عليها قبل عائلة .......... بمركز إسنا.
2 - أطيان الاعتراض الحالى هى ضمن الأطيان البور، وقد سبق للورثة - وليس منهم المعترض - الاعتراض على الاستيلاء على هذه الأرض، وقد أعتد الإصلاح الزراعى بالاعتراض المقدم من ورثة/ .......... عن أطيانهم الواقعة بمركز إسنا، ومن بينها أطيان النزاع الماثل بشرط أن يتم التصرف فيها خلال ستة أشهر من التسليم الفعلى.
3 - من واقع مستندات الإصلاح الزراعى واقوال الحاضر عن الإصلاح الزراعى يتضح أن الإصلاح يقر بأحقية المعترض فى أن يفرج له عن أطيان الاعتراض الحالى بشرط أن يطبق عليه القانون 50 لسنة 1969.
4- الأطيان تم الإستيلاء عليها قبل ورثة/ .............. وذلك ضمن أطيان أخرى على الشيوع، والقدر محل الاعتراض الحالى يدخل ضمن ما تم الاستيلاء عليه قبله وحيث كان قد تم الاستيلاء من ملكه على مساحة 2س، 6ط، 127ف أطيان بور أفرج عن مساحة 13س، 9ط، 26ف منها، تم التصرف فيها للغير، ويبقى من ملكه مساحة 13 س، 20ط، 100ف تم الاستيلاء عليها بالقانونين 178 لسنة 1952، 127 لسنة 1961 والتى يطالب فى الاعتراض الحالى بالإفراج عنها حتى يتمكن من التصرف فيها طبقا للقانون 178 لسنة 1952.
5 - لم يتم عمل محاضر استيلاء على تلك الأطيان أو كشوف تحديد، كما لم تتخذ بشأنها اجراءات اللصق والنشر ولا زالت على الشيوع ضمن أطيان ورثة/ .............
6 - الأطيان آلت إلى المعترض ميراثا عن والده/ .............. الذى آلت إليه بعضها ميراثا عن والده ووالدته وبعضها مشتراه من الغير، وقد آلت الأطيان أصلا إلى المورثين ضمن ما اشتمل عليه العقد المسجل رقم 1482 لسنة 1940.
7 - الأطيان وقت صدور القوانين 178 لسنة 1952، 127 لسنة 1961 الذى تم الاستيلاء بموجبها كان مقام بشأنها نزاع على أصل الحق حيث كان المعترض الحالى فى تاريخ صدور القانون 178 لسنة 1952 حملا مستكنا، وعند صدور القانون 127 لسنة 1961 كان النزاع ما زال قائما حول مدى أحقيه المعترض فى الإرث عن والده ولم يكن النزاع قد حسم بعد.
8 - لا ينازع أحد من الغير فى ملكية المعترض لأطيان النزاع إلا أن الإصلاح الزراعى استولى عليها تأسيسا على أنها ملك مورثه/ .......... وزائدة عن حد الاحتفاظ.
وبجلسة 14/ 4/ 1991 قضت اللجنة القضائية للإصلاح الزراعى بقبول الاعتراض شكلا وفى الموضوع بإلغاء الاستيلاء الواقع على المسطح 13س - 2ط - 100ف الموضحة الحدود والمعالم بتقرير الخبير مع إعمال قوانين تحديد الملكية اللاحقة لذلك.
وشيدت اللجنة القضائية قرارها بالنسبة لقبول الاعتراض شكلا على ما ورد بتقرير الخبير المنتدب أنه لم تتخذ فى شأن الاستيلاء على أرض النزاع إجراءات اللصق والنشر اللازمة والتى تبدأ معها مواعيد رفع الاعتراض، وبالنسبة للموضوع فقد شيدت اللجنة قرارها على أنه تم الإعتداد بقرار البور الصادر لصالح مورث المعترض عن مساحة 2س - 6ط - 127ف وأنه سبق الإفراج عن مسطح 13 س - 9 ط - 126ف وأن الاعتراض الماثل ينصب على باقى مسطح البور السابق الإعتداد به لعدم مضى خمسة وعشرون سنة على فتحه الرى حتى تاريخ العمل بالقانون رقم 178 لسنة 1952 أى حتى 23/ 7/ 1952 ومن ثم يكون من حق المعترض الإفراج عن باقى المساحة السابق إعتداد الهيئة بها لكونها بور مع إعمال قوانين تحديد الملكية اللاحقة لذل وهما القانونين 127 لسنة 1961، 50 لسنة 1969.
وإذ لم يلق هذا القرار قبولا لدى الطاعن بصفته فقد أقام طعنه الماثل على أسباب حاصلها:
أولا: عدم قبول الاعتراض شكلاً تأسيسا على أن المعترض علم بقرار الإستيلاء بتاريخ 4/ 4/ 1977 وهو تاريخ تقديمه طلبا للإصلاح الزراعى للإفراج عن المساحة مثار النزاع برقم 883، كما تقدم بطلب آخر فى 13/ 1/ 1980.
ثانيا: صدور القرار المطعون فيه مشوبا بالفساد فى الاستدلال لأن الأرض مثار النزاع تم الاستيلاء عليها تطبيقا للقانون 178 لسنة 1952 لعدم التصرف فيها خلال المهلة المحددة، وأنه بصدور القانون رقم 127 لسنة 1961 سقطت الرخصة التى كانت ممنوحه للفرد فى الاحتفاظ بمائتى فدان من الأراضى البور والصحراوية.
ومن حيث إنه عن الوجه الأول من وجهى الطعن والخاص بعدم قبول الاعتراض شكلا استنادا إلى أن المعترض (المطعون ضده) علم علما يقينيا بقرار الاستيلاء على أرض النزاع فى 4/ 4/ 1977 - تاريخ تقديمه طلبا للإصلاح الزراعى للإفراج عنها فى حين أنه لم يرفع اعتراضه مثار الطعن الماثل إلا فى عام 1980، فإن هذا الوجه فى غير محله، ذلك أن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن علم أصحاب الشأن بقرار الاستيلاء يقوم مقام النشر فى الجريدة الرسمية، إلا أنه لكى يرقى هذا العلم إلى مرتبة النشر فى هذا الخصوص ويغنى عنه ينبغى أن يحقق الغاية منه بأن يكون علما يقينيا لا ظنياً أو افتراضيا وأن يكون شاملا لجميع محتويات القرار شاملا لكل العناصر التى يستطيع على هداها أن يتبين طريقه إلى الطعن فيه، لما كان ذلك وقد خلت الأوراق من علم المعترض بقرار الاستيلاء على أرض النزاع علما يقينياً شاملا لجميع محتوياته وعناصره على النحو السالف بيانه، خاصة وأن الخبير المنتدب قد أثبت فى تقريره أنه لم يتم تحرير محاضر استيلاء على تلك الأرض أو كشوف تحديد لها، فضلا عن أن القرار الصادر من مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعى فى 13/ 10/ 1959 ببور هذه الأرض تم تعديله بالقرار 2 لسنة 1975، وبهذه المثابة يكون هذا الوجه من أوجه الطعن غير قائم على سند صحيح من الواقع والقانون مما يتعين الإلتفات عنه.
ومن حيث إنه عن الوجه الثانى من وجهى الطعن والخاص بسلامة قرار الاستيلاء على الأرض البور الخاصة بالمطعون ضده فإن المادة الأولى من المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 بالإصلاح الزراعى تنص على أنه "لا يجوز لأى شخص أن يمتلك من الأراضى الزراعية أكثر من مائتى فدان، وكل عقد يترتب عليه مخالفة هذا الحكم يعتبر باطلا ولا يجوز تسجيله"، وتنص المادة الثانية منه على أنه: استثناء من حكم المادة السابقة....... أ........ ب ويجوز للأفراد أن يمتلكوا أكثر من مائتى فدان من الأراضى البور والأراضى الصحراوية لاستصلاحها ولا يسرى على هذه الأراضى حكم المادة الأولى إلا بعد إنقضاء خمس وعشرين سنة من وقت التملك، هذا مع عدم الإخلال بجواز التصرف فيها قبل انقضاء هذه المدة. فطبقا لهذا النص يختلف حكم الأرض البور عن الأرض الزراعية سواء من ناحية إطلاق الحد الأقصى لملكية الأرض الأولى - أى البور - خلال خمس عشرين سنة من تاريخ التملك أو من ناحية جواز التصرف فيها خلال هذه المدة، وأوردت المادة 5 من هذا المرسوم بقابون اختلافا ثالثا يتعلق بطريقة احتساب التعويض.
ثم صدر القانون رقم 148 لسنة 1957 فوضع فى المادة 2 منه حدا أقصى لمساحة الأرض البور التى يجوز تملكها هو مائتى فدان، ولا يحسب فى القدر المذكور ماتصرف فيه المالك وخرج من الاستيلاء وفقا لأحكام المرسوم بقانون المذكور، كما لا تخضع للاستيلاء الأراضى البور التى سبق التصرف فيها بعقود ثابتة التاريخ قبل العمل بهذا القانون، وأجاز للمالك خلال سنة من تاريخ العمل بهذا القانون، التصرف فى حدود مائتى فدان التى كان له أن يستبقيها من الأراضى البور إذا كانت المدة التى انقضت منذ الترخيص فى الرى قد استكملت خمسا وعشرين سنة خلال الفترة من بين يوم 9 من سبتمبر سنة 1952 وبين تاريخ العمل بهذا القانون فى 13 يوليو سنة 1957.
ثم صدر القانون رقم 121 لسنة 1958 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 148 لسنة 1957 وجعل المدة التى يجوز للمالك التصرف فيها فى حدود المائتى فدان التى كان له أن يستبقيها لنفسه حتى ستة أشهر من تاريخ إخطاره بقرار مجلس الإدارة النهائى فى شأن الإدعاء ببور الأرض إذا كان المدة التى انقضت منذ الترخيص فى الرى قد استكملت خمسا وعشرين سنة خلال الفترة ما بين 9 سبتمبر سنة 1952 ويوم 14 يوليه سنة 1957، ثم صدر القرار التفسيرى رقم 2 لسنة 1960 وأجاز للمالك هذا التصرف إذا كانت المدة المذكورة قد استكملت بعد يوم 13 يوليو سنة 1957.
أما بالنسبة للمدة التى يتعين على مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعى أن يصدر فيها قراره النهائى فى شأن الإدعاء ببور الأرض وإخطار المالك بذلك فقد كانت سنة من تاريخ العمل بالقانون رقم 122 لسنة 1958 (فى 24/ 8/ 1958) ثم مد هذا الميعاد بالقانون رقم 34 لسنة 1960 إلى آخر ديسمبر سنة 1960 ثم مده مرة أخرى بالقانون رقم 84 لسنة 1963 إلى آخر ديسمبر سنة 1964.
ومن حيث إنه وقد صدر القانون رقم 127 لسنة 1961 بتعديل المادة الأولى من القانون رقم 178 لسنة 1952 المتعلقة بالحد الأقصى للملكية وكما أخضع لتحديد الملكية جميع أنواع الأراضى ولغى بذلك الاستثناء الوارد فى المادة الثانية من القانون رقم 178 لسنة 1952، ويعتبر ما أورده القانونين رقمى 178 لسنة 1952، 127 لسنة 1961 فى المادة الأولى من كل منهما القاعدة الأساسية التى يقوم عليها الإصلاح الزراعى، وهذه قاعدة من قواعد النظام العام فيسرى حكمها بأثر مباشر على كل من يتملك وقت العمل بأى من هذين القانونين أكثر من القدر الجائز تملكه، كما يحظر قانونا تجاوز الملكية هذا الحد فى المستقبل، وبعد أن أرسى المشرع هذه القاعدة الأصلية نظم الأحكام التى تكفل تنفيذها بالنسبة للحاضر والمستقبل، ورأى فى سبيل توقى زيادة الملكية على هذا الحد فى المستقبل أن يضمن عدم تملك الزيادة إبتداء عن طريق تقرير بطلان العقود التى تؤدى إلى هذا التملك، ومنع تسجيلها حتى يوفر على نفسه متابعة التصرفات المستقبلية وملاحقتها على الدوام بالاستيلاء، ولهذا نص على بطلان كل عقد ناقل للملكية يترتب عليه مخالفة هذه الأحكام وعدم جواز تسجيله.
ومن حيث إنه يترتب على ذلك أن المادة الأولى من القانون رقم 127 لسنة 1961 التى ألغت الاستيلاء الذى كان واردا فى المادة الثانية من القانون رقم 178 لسنة 1952 تطبق بأثر مباشر وشامل، وهى إذ تقرر قاعدة من قواعد النظام العام تعلو على جميع أنواع القواعد القانونية سواء كانت قواعد عامة أو استثناءات منها مثل النظام الذى كان مقررا للبور ما يتضمنه هذا النظام من رجعية فى التصرف فيها ويشمل جميع أنواع الأرض بصريح نص المادة الأولى، وإذ نصت هذه المادة على بطلان أى تعاقد ناقل للملكية يترتب عليه مخالفة أحكامها فإنه قد أنهت من تاريخ العمل بهذا القانون رخصة التصرف التى أجازتها القوانين السابقة فى خصوص الأراضى البور.
ومن حيث إنه لا يتعارض مع هذه صدور القانون رقم 84 لسنة 1963 الذى نص على أن يستمر مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعى فى نظر اعتراضات البور المقدمة من الملاك وفقا لأحكام المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 على أن يحظر المجلس الملاك بقراراته النهائية خلال مدة تنتهى فى آخر ديسمبر سنة 1964، ونص فى المادة الثانية منه على أن يقدم الملاك المعترضون المستندات اللازمة للفصل فى الاعتراضات المقدمة منهم خلال ثلاثة أشهر من تاريخ نشر هذا القانون وإلا سقط حقهم نهائياً فى هذا الاعتراضات ويعمل بهذا القانون طبقا للمادة الثالثة منه من أول يناير سنة 1961 وأن هذه الأحكام لا تتعارض مع أحكام القانون رقم 127 لسنة 1961 ولن يترتب على العمل بالقانون رقم 127 لسنة 1961 إهمال لما جاء بالقانون رقم 84 لسنة 1963 ذلك أن الهدف من هذا القانون الأخير هو إتاحة الفرصة سواء لمجلس الإدارة أو المعترضون بشأن البور، للفصل فى طبيعة هذه الأراضى وهل تعتبر بورا أو زراعية وذلك لتحديد المراكز القانونية السابقة التى نشأت وقت أن كان ثمة الاستثناء الخاص بالأراضى البور، وقد صدر هذا القانون لأن هناك كثير من المراكز القانونية المعلقة والتى نشأت فى ظل العمل بأحكام نظام البور بالتطبيق للقانون رقم 178 لسنة 1952 والقوانين المعدلة قبل إلغاء التفرقة بين الأراضى الزراعية والأراضى البور بالقانون رقم 127 لسنة 1961، ولا يمكن أن تستقر هذه المراكز إلا إذا تحددت طبيعة الأرض، هل هى زراعية أم بور، ومن أجل الوصول إلى هذا التحديد كى تستقر المراكز المعلقة صدر القانون رقم 84 لسنة 1963 بمد المهلة التى يمارس فيها مجلس إدارة الهيئة سلطته فى هذا الشأن، فليس القصد من صدور القانون رقم 127 لسنة 1961 هو إلغاء كل ما تم فى ظل هذا الاستثناء من مراكز قانونية سابقة على القانون المشار إليه سواء لمالك الأرض أو لمن تصرف إليهم أو للإصلاح الزراعى، وهذه المراكز السابقة تتوقف على ما إذا كانت الأرض قبل العمل بالقانون رقم 127 لسنة 1961 تعتبر أرضا زراعية تخضع للمادة الأولى من القانون 178 لسنة 1952 أم بورا فتجرى عليها أحكام الاستثناء الذى نصت عليه المادة الثانية منه والقوانين المعدلة لها بكل ما يترتب على ذلك من آثار، ويضاف إلى ذلك أن خضوع الأرض البور للاستيلاء طبقا لأحكام القانون 127 لسنة 1961 يعطى المستولى عليه حقا فى التعويض، ولتقدير هذا التعويض أحكام خاصة يختلف عن الأحكام الخاصة بالأراضى الزراعية حسبما نصت على ذلك المادة الخامسة من القانون رقم 178 لسنة 1952 المعدلة بالقانون رقم 148 لسنة 1957 ومن أجل ذلك كان من اللازم إتاحة الفرصة لمجلس الإدارة وللأفراد كى يتم الفصل فى اعتراضات البور ليتمكن تحديد الآثار المترتبة على ذلك بالنسبة للحالات السابقة على صدور القانون 127 لسنة 1961.
ومن حيث إن المستفاد ما تقدم جميعه أن إعمال أحكام القانون رقم 84 لسنة 1963 يجرى فى نطاق القاعدة الأساسية فى الإصلاح الزراعى وهى تحديد القدر الحائز تملكه وبطلان أى تصرف ناقل للملكية على الزائد على ذلك طبقا لأحكام القانون 127 لسنة 1961،
وهذا ما تضمنته المذكرة الإيضاحية للقانون 84 لسنة 1963 التى جاء فيها أن القانون رقم 127 لسنة 1961 ألغى حق الأفراد نهائيا فى تملك أى مساحة من الأراضى البور أو الصحراوية فوق الحد الأقصى المسموح بتملكه من الأراضى الزراعية أو ما فى حكمها، ومن الواضح أن إلغاء رخصة التصرف فى الأراضى البور بالقانون رقم 127 لسنة 1961 لا يترتب عليه إهمال القانون 84 لسنة 1963 لما سبق أن تبين أن إعمال هذا القانون يتم فى نطاق الأحكام الأخرى التى كان نظام البور يقررها بالنسبة للمراكز السابقة على صدور القانون رقم 127 لسنة 1961، ، وعلى ذلك فإنه بعد العمل بالقانون رقم 127 لسنة 1961 تسقط الرخصة التى كان نظام البور السابق يقررها للتصرف فى الأراضى الزائدة عن الأقصى للملكية سواء كانت الأرض زراعية أم بورا حتى لو كان تاريخ إخطار المعترض بقرار مجلس الإدارة فى شأن بور الأرض تاليا للعمل بالقانون 27 لسنة 1961، يؤكد ذلك أن القانون رقم 84 لسنة 1963 لم يشر فى ديباجته إلى القانون رقم 127 لسنة 1961 ولذلك جعل تاريخ العمل بالقانون رقم 84 لسنة 1963 سابقا على العمل بالقانون رقم 127 لسنة 1961 حتى لا يكون ثمة شك فى استبعاد تزامن العمل بالقنونين.
ومن حيث إنه متى إستبان ما تقدم وكان الثابت أن القانون رقم 127 لسنة 1961 قد أدرك الأرض مثار الطعن الماثل قبل التصرف فيها باعتبارها من الأراضى البور، فمن ثم يسرى عليها أحكامه بأثر مباشر لأنه ألغى رخصة التصرف التى أجازتها القوانين السابقة فى خصوص الأراضى البور، فضلا عن أن الثابت من الأوراق أنه لم يكن قد انقضى على الترخيص مدة خمس وعشرين سنة خلال الفترة ما بين 9/ 9/ 1952 ويوم 13/ 7/ 1957 بل وحتى تاريخ العمل بالقانون رقم 127 لسنة 1961 وذلك حسبما يستفاد من كتاب إدارة الاستيلاء الموجه إلى إدارة الملكية والتعويض المرفق بتقرير الخبير المنتدب من قبل اللجنة القضائية للإصلاح الزراعى، وبالتالى تخضع هذه المساحة للاستيلاء طبقا لأحكام القانون رقم 127 لسنة 1961، وإذ ذهب قرار اللجنة القضائية المطعون فيه غير هذا المذهب فإنه يكون قد خالف صحيح حكم القانون ويتعين الحكم بإلغائه وبرفض الاعتراض وإلزام المطعون ضده المصروفات عملا بحكم المادة 184 من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه، وبرفض الاعتراض والزمت المطعون ضده المصروفات.