مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادىء القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الخامسة عشرة - العدد الأول (من أول اكتوبر سنة 1969 إلى منتصف فبراير سنة 1970) - صـ 60

(9)
جلسة 14 من ديسمبر سنة 1969

برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمد مختار العزبى نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذه محمد طاهر عبد الحميد وسليمان محمود جاد ومحمد فهمى طاهر ومحمد بهجت عتيبة المستشارين.

القضية رقم 1045 لسنة 11 القضائية

موظف. مجند "أولوية التعيين".
أولوية التعيين التى تقررها المادة 59 من القانون رقم 505 لسنة 1955 في شأن الخدمة العسكرية والوطنية - وجوب توافر في المجند شروط التعيين المنصوص عليها في المادة 6 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفى الدولة للتمتع بأولوية التعيين.
أن الفقرة الثانية من المادة 59 من القانون رقم 505 لسنة 1955 في شأن الخدمة العسكرية والوطنية أن كانت عدلت من حكم المادة 25 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفى الدولة، فهى لم تعدل من حكم المادة 6 من القانون الذى يوجب توفر شروط معينة فيمن يعين في احدى الوظائف ومن بين هذه الشروط أن تثبت لياقته الصحية، ومفاد ذلك أن المتمتع بالأولوية المنصوص عنها في الفقرة الثانية من المادة 59 من القانون رقم 505 لسنة 1955 رهين بتوفر شروط التعيين في المجند.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الايضاحات، وبعد المداولة.
من حيث أن الحكم المطعون فيه، قد صدر بجلسة 15 من مارس سنة 1965 وتقدم الطاعن في 15 من مارس سنة 1965 أى خلال ستين يوما من تاريخ صدوره، إلى لجنة المساعدة القضائية بهذه المحكمة، بطلب قيد برقم 166 لسنة 11 القضائية، لاعفائه من الرسوم القضائية المقررة على الطعن في هذا الحكم، ولما رفض هذا الطلب بجلسة 12 من يونية سنة 1965 قام بايداع تقرير هذا الطعن قلم كتاب المحكمة في 8 من أغسطس سنة 1965 - أى خلال الستين يوما التالية لصدور قرار لجنة المساعدة القضائية - ومن ثم يكون الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية وفقا لما جرى عليه قضاء هذه المحكمة في خصوص أثر طلب المساعدة القضائية القاطع لميعاد الطعن.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة، تتحصل - حسبما يبين من أوراق الطعن - في أن المدعى تقدم في 15 من ديسمبر سنة 1962 بطلب إلى لجنة المساعدة القضائية بمحكمة القضاء الادارى، لاعفائه من رسوم التقاضى، ولما تقرر رفضه بجلسة 15 من يناير سنة 1963، أقام الدعوى الراهنة ضد وزارة الخزانة بعريضة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الادارى في 23 من مارس سنة 1963 وطلب في هذه العريضة "الحكم باعتبار تعيين المدعى في الدرجة السادسة بوزارة الخزانة من 16 من أبريل سنة 1960، وعلى أن يسبق زملاءه التالين له في ترتيب النجاح في المسابقة رقم 47 لسنة 1959 مع ما يترتب على ذلك من آثار، مع الزام الحكومة بالمصروفات والاتعاب وقال بيانا لدعواه، أنه حصل على بكالوريوس التجارة في يناير سنة 1959، وتقدم إلى امتحان المسابقة رقم 47 لسنة 1959 ونجح فيه فرشحه ديوان الموظفين للعمل بوزارة الخزانة في الدرجة السادسة الادارية، هو وآخرين معه من الناجحين في هذه المسابقة وطلبت الوزارة المذكورة من المدعى عن طريق اللواء الذى كان يعمل فيه مجندا التوجه إلى القومسيون الطبى في القاهرة يوم 12 من مارس سنة 1960 لتوقيع الكشف الطبى عليه، تمهيدا لتعيينه، فاعتذر اللواء عن اجابة هذا الطلب، لوجود الوحدة التى يعمل فيها بالميدان، ولما سمحت الظروف بتوقيع الكشف الطبى على المدعى، وقع عليه الكشف الطبى في 30 من أبريل سنة 1960، ونجح فيه، ولما كان بعض زملاء المدعى قد عينوا بخدمة الوزارة في 16 من أبريل سنة 1960 فقد طلب اعتبار تعيينه من ذلك التاريخ على أن يكون ترتيبه سابقا على زملائه التالين له في ترتيب النجاح في المسابقة، ولكن الوزارة لم تقم بتعيينه إلا في 19 من أكتوبر سنة 1960، واضاف المدعى أن في تعيينه في ذلك التاريخ، مخالفة لأحكام المادة 16 من قانون نظام موظفى الدولة رقم 210 لسنة 1951 التى تقضى بتعيين الناجحين في الامتحان على حسن درجة الاسبقية الواردة في الترتيب النهائى لنتائج الامتحان، وفيه مخالفة أيضا لاحكام المادة 59 من قانون التجنيد رقم 505 لسنة 1955 وهى تقضى بالاحتفاظ للمجندين باقدمية مساوية لاقدمية زملائهم في التخرج. وقد أجابت الوزارة بأن الدعوى من دعاوى الالغاء، فهى تتقيد في رفعها بالمواعيد المقررة الدعاوى الالغاء، ولما كان المدعى قد تقدم للوزارة بتظلمين، أولهما في 12 من نوفمبر سنة 1961 وثانيهما في 12 من يولية سنة 1962، وقد أخطر برفضهما، الأول في 19/ 4/ 1962 والثانى في 16 من أكتوبر سنة 1962، ولم يتقدم بطلب اعفائه من رسوم هذه الدعوى إلا في 15 من ديسمبر سنة 1962 أى بعد مضى أكثر من سنة على تقديم التظلم الأول وأكثر من خمسة أشهر على تقديم التظلم الثانى فان الدعوى تكون غير مقبوله شكلا، لا قامتها بعد الميعاد. وعن موضوع الدعوى قالت الوزارة انها طلبت من المدعى تقديم مسوغات تعيينه، والتقدم للكشف الطبى - مع بعض زملائه الناجحين معه في المسابقة - ولما وقع عليه الكشف الطبى في 8 من فبراير سنة 1960، لم ينجح فيه، فطلبت منه الوزارة في 28 من فبراير سنة 1960 التقدم ثانية للكشف الطبى في 12 من مارس سنة 1960 إلا أن "الألاى" الذى كان مجندا فيه، طلب تأجيل هذا الموعد بسبب وجود الوحدة المجند للعمل بها بالميدان، وقد صدر في 16 من أبريل سنة 1960 قرار بتعيين بعض زملاء المدعى الناجحين معه في المسابقة وبعد ذلك نجح المدعى في الكشف الطبى الذى أجرى عليه في 30 من أبريل سنة 1960 وارجىء اصدار قرار تعيينه وبعض زملائه الناجحين في المسابقة لحين استيفاء هؤلاء الزملاء مسوغات تعيينهم لكى يصدر قرار واحد بتعيينهم جميعا، وطلب من المدعى في 4 من أغسطس سنة 1960 التقدم لاعادة الكشف الطبى عليه - لمضى أكثر من ثلاثة أشهر على تاريخ نجاحه في الكشف السابق - فلم يتقدم للوزارة الا في 20 من أغسطس سنة 1960 ووجد غير لائق عندما كشف عليه في اليوم التالى - إذ وجد عنده زلال بالبول - كما وجد غير لائق في الكشف التالى لذات السبب، واخيرا وجد لأئقا - بنظارة - في الكشف الثالث الذى اجرى عليه في 19 من سبتمبر سنة 1960 فصدر قرار تعيينه في 19 من أكتوبر سنة 1960 وانتهت الوزارة إلى القول بأنه لابد لها في أرجاء تعيينه إلى ذلك التاريخ، وأن أحدا من زملائه الناجحين معه في المسابقة لم يسبقه في التعيين وقت أن كان هو صالحا للتعيين، ومن ثم فانه يكون غير محق في دعواه. وبجلسة 15 من مارس سنة 1965 قضت محكمة القضاء الادارى "برفض الدفع بعدم قبول الدعوى، وبقبولها وفي الموضوع، برفضها مع الزام رافعها المصروفات". وأقامت قضاءها فيما يتعلق بالدفع بعدم قبول الدعوى على أن الدعوى الحالية من قبيل دعاوى التسوية التى يستمد المدعى حقه فيها مباشرة من نصوص القانون عند توفر الشروط التى وردت في هذه النصوص، وأقامت قضاءها برفض الدعوى على أن المدعى لم يكن مستوفيا لشروط التعيين في 16 من أبريل سنة 1960، كما أن نجاحه في الكشف الطبى بتاريخ 30 من أبريل سنة 1960 لا يغير من الأمر شيئا لأن الجهة الادارية تترخص قانونا في اختيار الوقت الملائم لا ستصدار قراراتها ولا يحدها في ذلك سوى عيب اساءة استعمال السلطة وهو ما لم يقم عليه دليل من الأوراق، كما أن ارجاء توقيع الكشف الطبى على المدعى - في 12 من مارس سنة 1960 - بسبب وجود الوحدة العسكرية التى كان مجندا بها في الميدان، لا يكسبه أى حق من الحقوق التى يطالب بها "لأنه فضلا عن أن مبررات النظام العسكرى ودواعيه - وهما واجب وطنى - هى التى حالت دون حضوره هذا الكشف، فانه لا يمكن التنبؤ مقدما بنجاحه فيه، خاصة إذا لوحظ أنه رسب فيه لوجود زلال بالبول ثلاث مرات".
ومن حيث أن الطعن يقوم على أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون إذ خالف أحكام المادة 16 من القانون رقم 210 لسنة 1951 التى تقضى بأن يعين الناجحون في الامتحان بحسب درجة الأسبقية الواردة في الترتيب النهائى لنتائج الامتحان ونص هذه المادة نص مطلق، لا يحول دون تطبيقها عدم النجاح في الكشف الطبى، كما خالف أحكام المادة 59 من القانون رقم 505 لسنة 1959 التى تقرر للمدعى بوصفه مجندا أولوية في التعيين على زملائه الناجحين معه في المسابقة، فلا يسوغ أن يضار بسبب تجنيده على أية صورة، ويقوم الطعن أيضا على أن نتيجة الكشف الطبى ليست منشئة، ولكنها كاشفة ومن ثم فان من حق المدعى متى نجح فيه، أن يحصل على كل حقوقه كمجند كما يقوم الطعن على أن عدم تقدم المدعى للكشف الطبى في 12 من مارس سنة 1960، بسبب وجود الوحدة العسكرية المجند فيها بالميدان يعتبر قوة قاهرة ولا يسوغ أن يضار المدعى بسبب تأديته لأشرف خدمة.
ومن حيث أن المدعى يهدف إلى ارجاع اقدميته في الدرجة السادسة إلى 16 من أبريل سنة 1960 وهو تاريخ تعيين بعض زملائه الناجحين معه في المسابقة رقم 47 لسنة 1959 على أن يوضع سابقا على من يلونه في ترتيب النجاح في أمتحان هذه المسابقة، وذلك تأسيسا على أن المادة 16 من القانون رقم 210 لسنة 1951 تقضى بتعيين الناجحين في امتحان المسابقة على حسب درجة الأسبقية في ترتيب النجاج، وعلى المادة 59 من القانون رقم 505 لسنة 1955 التى تقرر للمجند حقا في أولوية التعيين على زملائه الناجحين معه في أمتحان المسابقة.
ومن حيث إن زملاء المدعى، الناجحين معه في امتحان المسابقة الذين عينوا في 16 من أبريل سنة 1960 كانوا قد استوفوا شروط التعيين المنصوص عليها في المادة 6 من القانون رقم 210 لسنة 1951 أما المدعى فلم يكن قد استوفى أحد هذه الشروط، وهو شرط ثبوت اللياقة الصحية إذ لم يكن قد حاز درجة اللياقة اللازمة لنجاحه عند الكشف الطبى عليه في 8 من فبراير سنة 1960، ومن ثم فلا يسوغ له أن يتحدى بأن له الأولوية على المعينين في 16 من أبريل سنة 1960 بالتطبيق للفقرة الثانية من المادة 59 من القانون رقم 505 لسنة 1955 في شأن الخدمة العسكرية والوطنية أن كانت عدلت من حكم المادة 25 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفى الدولة، فهى لم تعدل من حكم المادة 6 من القانون المذكور الذى يوجب توفر شروط معينة فيمن يعين في احدى الوظائف ومن بين هذه الشروط أن تثبت لياقته الصحية، ومفاد ذلك أن التمتع بالأولوية المنصوص عنها في الفقرة الثانية من المادة 59 من القانون رقم 505 لسنة 1955 رهين بتوفر شروط التعيين في المجند، وهو ما لم يكن متحققا في حالة المدعى في 16 من أبريل سنة 1960 كما سلف البيان.
ومن حيث أنه لما تقدم يكون الطعن غير قائم على أساس سليم من القانون، وتعين - والحالة هذه - القضاء برفضه، مع الزام الطاعن بمصروفاته.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وبرفضه موضوعا، وألزمت الطاعن بمصروفاته.