مجلس الدولة - المكتب الفنى لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السادسة والأربعون - الجزء الثالث (من يونيه سنة 2001 إلى آخر سبتمبر 2001) - صــ 2559

(301)
جلسة 30 من يوليو سنة 2001

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ جمال السيد حروج نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة/ كمال زكى عبد الرحمن اللمعى، ومحمود إبراهيم عطا الله، وسالم عبد الهادى محروس جمعة، ويحيى خضرى نوبى محمد نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعون رقم 6956 لسنة 43 القضائية و98 لسنة 44 القضائية

هيئات قضائية - قضاة - نقل القاضى إلى وظيفة غير قضائية - سلطة تحديد الجهة المنقول إليه
قانون السلطة القضائية الصادر بالقانون رقم 46 لسنة 1972 أن المشرع قرر أصلا عاما فى فصل القضاة إلى وظائف غير قضائية بالجهاز الإدارى للدولة مقتضاه أن يكون النقل إلى وظيفة معادلة لوظيفته القضائية وأوجب احتفاظه بمرتبه حتى لوجاز نهاية المربوط - بشغل درجة شخصية حتى تسوى حالته على أول درجة أصلية تخلو فى الجهة المنقولة إليها - الاختصاص بتحديد الجهة الإدارية منوط برئيس الجمهورية مصدر قرار النقل ونفاذا لحكم الصلاحية - تطبيق.


إجراءات الطعن

أولا الطعن رقم 6956 لسنة 43ق.ع:

فى يوم الثلاثاء الموافق 30/ 9/ 1997 أودع الأستاذ ........... المحامى بصفته وكيلا عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير الطعن الماثل طالبا فى ختامه - للأسباب الواردة بالتقرير - الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من نقل إلى وزارة الداخلية وبإلزام المطعون ضده الأول بصفته بالتعويض المناسب عن الأضرار المادية والأدبية والنفسية التى أصابته من جراء بطلان القرار الطعين مع إلزامه بالمصروفات والأتعاب عن درجتى التقاضى.

ثانيا: الطعن رقم 98 لسنة ق.ع:

فى يوم الثلاثاء الموافق 7/ 10/ 1997 أودع الأستاذ ............... المستشار المساعد بهيئة قضايا الدولة نائبا عن الطاعنين قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير الطعن الماثل طالبين فى ختامه - للأسباب الواردة بالتقرير - الحكم بقبول الطعن شكلا وبوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وفى الموضوع بإلغائه والقضاء مجددا برفض الدعوى مع إلزام المطعون ضده المصروفات والأتعاب عن درجتى التقاضى.
وقد تم إعلان تقريرى الطعن المشار إليهما على النحو المبين بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضى الدولة تقرير بالرأى القانونى ارتأت فيه الحكم بقبول الطعنين شكلا وفى الموضوع بتعديل الحكم المطعون فيه بأحقية فيه بأحقية المدعى فى التعويض عن الأضرار الأدبية التى لحقت به من جراء صدور القرار المطعون فيه بالقدر الذى تقدره عدالة المحكمة وبرفض الطعن رقم 98 لسنة 44ق عليا وإلزام الجهة الإدارية بمصروفات الطعنين الماثلين.
وقد نظر الطعنان أمام الدائرة الثانية فحص طعون بالمحكمة الإدارية العليا والتى قررت بجلسة 9/ 8/ 1999 ضم الطعن رقم 98 لسنة 44ق عليا إلى الطعن رقم 9656 لسنة 43ق عليا للارتباط وليصدر فيهما حكم واحد.
وبجلسة 22/ 11/ 1999 قررت تلك الدائرة إحالة الطعنين إلى الدائرة الثالثة عليا فحص طعون للاختصاص ولنظرهما بالجلسة التى تحددها يخطر بها الخصوم.
وعين لنظر الطعنين أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 2/ 8/ 2000 قررت الدائرة إحالة الطعنين إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثالثة) وحددت لنظرهما أمامها جلسة 10/ 10/ 2000 ونظرته المحكمة بهذه الجلسة والجلسه التالية لها على النحو الثابت بالمحاضر حيث قررت المحكمة اصدار الحكم بجلسة 27/ 2/ 2001، وفيها قررت المحكمة مد اجل النطق بالحكم لجلسة 22/ 5/ 2001 لاتمام المداولة ثم قررت مد اجل النطق بالحكم لجلسة 29/ 5/ 2001 ثم ارجأت النطق بالحكم لجلسة اليوم 30/ 7/ 2001 وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعنين قد استوفيا أوضاعهما الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - فى أن الطاعن فى الطعن رقم 6956 لسنة 43ق عليا أقام الدعوى رقم 7819 لسنة 50ق بعريضة أودعها قلم كتاب محكمة القضاء الإدارى بتاريخ 1/ 7/ 1996 طالبا الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء القرار الطعين فيما تضمنه من نقله إلى وزارة الداخلية مع ما يترتب على ذلك من آثار منها صرف مرتبه من وزارة العدل مع إلزام المطعون ضدهم بالمصروفات والأتعاب على سند من القول انه أقيمت ضده الدعوى رقم 7 لسنة 1996 - صلاحية وصدر ضده حكم مجلس تأديب القضاة بجلسة 1/ 4/ 1996 بنقله إلى وظيفة غير قضائية لسبب ليس له اصل إلا أنه متدين ويراعى أوامر الله سبحانه وتعالى ولا سيما أن إحالته لمجلس الصلاحية تمت بناء على مذكرة وزير الداخلية التى أرسلت لوزير العدل يتهمه فيها بالتطرف ثم صدر بعد ذلك القرار الجمهورى رقم 174 لسنة 1996 بنقله لوظيفة غير قضائيه بوزارة الداخلية إمعانا فى ظلمه واضطهاده والضغط عليه لتقديم استقالته من عمله، ناعيا على هذا القرار مجافاته للصواب.
وتدوول نظر الدعوى أمام المحكمة المذكورة على النحو المبين بمحاضر جلساتها وبجلسة 26/ 5/ 1997 أودع المدعى مذكرته بالدفاع التمس فى ختامها الحكم بإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من نقله إلى وزارة الداخلية وإلزم المطعون ضده الأول بصفته بالتعويض المناسب عن الأضرار المادية والأدبية والنفسية التى منى بها من جراء تعنت الجهة الإدارية وما أنفقته فى إقامة هذه الدعاوى.
وبجلسة 11/ 8/ 1997 حكمت محكمة القضاء الإدارى "دائرة التسويات والجزاءات بقبول الدعوى شكلا وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من نقل المدعى إلى وزارة الداخلية دون تحديد الدرجة التى يشغلها والوظيفة التى يمارسها وذلك على النحو المبين بالأسباب وإلزام الجهة الإدارية المصاريف.
وشيدت المحكمة قضاءها على أن الثابت من الأوراق أن المدعى قد أحيل إلى الصلاحية وبجلسة 1/ 4/ 1996 صدر حكم مجلس الصلاحية متضمنا الحكم بقبول الطلب ونقل المدعى الذى كان يشغل وظيفة مستشار بمحكمة استئناف بنى سويف إلى وظيفة غير قضائية.
وأضافت المحكمة انه يتعين الفصل بين أمرين الأول: وهو الحكم الصادر من مجلس الصلاحية وهذا الحكم نهائى، ولا يجوز الطعن عليه وذلك بصريح نص المادة 107 من قانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1972 المعدل بالقانون رقم 35 لسنة 1984 ومن ثم فإنه يمتنع التعرض له أو المساس به بما فصل فيه. والثانى: هو نقل المدعى إلى وزارة الداخلية بعد أن فقد صفته القضائية واصبح من عداد العاملين المدنيين بالدولة وبالتالى يسرى بشأنه القانون رقم 47 لسنة 1978 والقانون رقم 5 لسنة 1991 ومن ثم يتعين التقيد بما نصت عليه المادة 54 من القانون رقم 47 لسنة 1978 التى حظرت فى عجزها نقل العامل من وظيفة إلى وظيفة أخرى درجتها اقل وكان الثابت من الأوراق أن الجهاز المركزى للتنظيم والإدارة أفاد أن الدرجة المالية فى الكادر العام المعادلة لوظيفة المدعى القضائية هى - درجة وكيل وزارة لذلك فأنه يتعين أن ينقل المدعى إلى وزارة الداخلية بدرجة وكيل الوزارة وبيان الوظيفة التى يشغلها وإذ صدر القرار المطعون فيه بنقل المدعى إلى وزارة الداخلية دون بيان درجته الوظيفية والوظيفة التى يمارس أعبائها فإنه يكون قد انطوى على مخالفة القانون ويتعين لذلك القضاء بإلغائه فى هذه الحدود دون سواها، وبالتالى يكون القرار قائما على سبه ومستوفيا كافة مقوماته دون ثمة مخالفة.
وإذ لم يلق الحكم المشار إليه قبولا لدى الطاعن فقد أقام عنه الطعن رقم 6956 لسنة 43ق عليا وقد بنى هذا الطعن على أسباب حاصلها: -
أولا: مخالفة القانون ذلك أن نص المادة 13/ ب من قانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1972 قضى بأنه فى حالة نقل القاضى إلى وظيفة أخرى ينقل بقرار رئيس الجمهورية إلى وظيفة تعادل وظيفته القضائية ويحتفظ بمرته فيها ولو تجاوز نهاية مربوط درجة الوظيفة المنقول إليها وذلك فأنه يخضع فى قرار نقل إلى النص المذكور وليس إلى نص المادة 54 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة كما ذهب الحكم الطعين، و من ثم يكون القرار الجمهورى الطعين قد ترك تعيين الدرجة المالية والوظيفة المعادلة إلى الجهة المنقول إلهيا لان ذلك ليس من اختصاص رئيس الجمهورية طبقا لنص قانون السلطة القضائية المشار إليه.
ثانيا: القصور الشديد فى التسبيب والفساد فى الاستدلال، ذلك أنه قد ورد بأسباب الحكم المطعون فيه ردا على أسباب الطعن على القرار الجمهورى رقم 147 لسنة 1996 سالف الذكر ما نصه: (وبالتالى يكون القرار قائما على سببه ومستوفيا كافة مقوماته دون ثمة مخالفة، فى حين أن مبنى طعنه على القرار المذكور انه اتصف بإساءة استعمال السلطة والانحراف بها عن تحقيق الصالح العام وذلك من واقع اختيار وزارة الداخلية لجهة عمل له رغم أنه أحيل إلى الصلاحية بناء على مذكرة وزير الداخلية إلى وزير العدل بشأن المسلك الدينى له، كما رفضت هذه الجهة تسليمه العمل رغم إنذارها على يد محضر ورغم وجود وظيفة شاغرة تعادل وظيفته وهى رئيس الإدارة المركزية لشئون العاملين المدنيين مع التقييم الكامل عن تحديد الدرجة المالية التى يشغلها وانه لا يوجد له مكتب يجلس عليه، فضلا عن استمرار المعاملة غير الإنسانية له بحرمانه من مرتبه ستة اشهر وهو يعول أسرة مكونة من ستة أفراد وليس له مورد رزق سوى راتبه مما حدا به إلى إقامة الدعوى رقم 9012 لسنة 50ق طالبا بصفة مستعجلة صرف راتبه واستلام عمله وصدر فيها حكم لصالحه أعلنه إلى وزير الداخلية حتى يسلمه العمل إلا انه لم يمثل فاقام ضده الجنحة رقم 4281 لسنة 97 عابدين ومازالت متداولة حتى الآن. ويضاف لما تقدم انه جاء بمذكره وزير الداخلية المرسلة لوزير العدل انه إرهابى ومتطرف فكيف ينقل من اتصف بذلك إلى وزارة الداخلية وهى التى تقوم باعتقال هؤلاء، وإذ لو صحت هذه المقولة فى شأنه لكان تم اعتقاله فورا فى ظل قانون الطوارئ ولا سيما وقد رفعت عنه حصانته القضائية، كما أن حالته تمثل السابقة الأولى التى ينقل فيها عضو هيئة قضائية إلى وزارة الداخلية لان جميع من صدر ضدهم أحكام الصلاحية نقلوا إلى جميع الوزارات ماعدا وزارتى الداخلية والدفاع.
ثالثا: مخالفة الثابت بالأوراق: ذلك أن طلباته أمام محكمة أول درجة قد تضمنت طلب التعويض عن الأضرار المادية والأدبية التى أصابته من جراء صدور القرار الطعين وما أنفقه من مصروفات فى إقامة الدعاوى وأتعاب المحامين وما أصابه من آلام نفسية وأدبية قد تولدت من امتهان وزارة الداخلية له دون سبب وفى شق الإلغاء من الدعوى قضت المحكمة إلغاء القرار الطعين إلا أنها رفضت ضمنا القضاء فى طلب التعويض رغم ثبوت المخالفة والأضرار.
ومن حيث إن مبنى الطعن رقم 98 لسنة 44 ق عليا المقدم من الجهة الإدارية أن الحكم خالف القانون واخطأ فى تطبيقه للأسباب الاتية:
1 - إن قرار رئيس الجمهورية رقم 147 لسنة 1996 - الصادر إعمالا لحكم المادة 113 من القانون رقم 46 لسنة 1972 بشأن السلطة القضائية - قد صدر بنقل المطعون ضده إلى وظيفة بوزارة الداخلية تعادل وظيفته الحالية مع احتفاظه بمرتبه فيها، وبذلك يكون هذا القرار قد صدر متضمنا تحديدا كاملا للدرجة الوظيفية والمرتب الذى يتقاضاه المطعون ضده دونما لبس أوإبهام ومن ثم يكون قد صدر صحيحا من السلطة المختصة بإصداره محمولا على سببه الصحيح كما انه نفاذا لهذا القرار قامت وزارة الداخلية بتسليمه العمل إعمالا لما استقر عليه الرأى بكتاب الجهاز المركزى للتنظيم والإدارة والذى تضمن معادلة وظيفة مستشار بوظيفة وكيل وزارة بالكادر العام.
2 - أنه بالنسبة لما ينعيه المطعون ضده على القرار الطعين فيما تضمنه من اختيار وزارة الداخلية كمكان عمله المنقول إليه فان قضاء المحكمة الإدارية العليا قد استقر على أن مركز الموظف هو مركز لائحى يجوز تغييره فى أى وقت وفق مقتضيات الصالح العام، وليس للعامل حق فى التمسك بأداء وظيفة معينة أو عمل يؤديه فى مكان محدد.
3 - إن الحكم المطعون فيه قد اعتراه الخلط بحيث قرر فى اسبابه الآتى: (وإذ صدر القرار المطعون فيه بنقل المدعى إلى وزارة الداخلية دون بيان درجته الوظيفة والوظيفية الوظيفية التى يمارس أعبائها، فانه يكون قد انطوى على مخالفة القانون ويتعين لذلك القضاء بإلغائه فى هذه الحدود دون سواها وبالتالى يكون القرار قائما على سببه ومستوفيا كافة مقوماته دون ثمة مخالفة) وهذا التسبيب يثير التساؤل هل القرار المطعون فيه مخالفاً للقانون أم أن هذا القرار سليماً قائماً على سببه ومستوفياً كافة مقوماته دون ثمة مخالفة ومؤدى ذلك أن ينأى عن الإلغاء لسلامته، فهذا الخلط الذى اعترى الحكم المطعون فيه يجعل ما قضى به من إلغاء القرار المطعون فيه جديرا بالإلغاء.
ومن حيث إنه لما كان الثابت من الأوراق أن مجلس الصلاحية قد قضى بجلسة 1/ 4/ 1996 فى دعوى الصلاحية رقم 7 لسنة 1996 بنقل الطاعن - فى الطعن رقم 6956 لسنة 43ق عليا - إلى وظيفة غير قضائية ونفاذا لهذا الحكم صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 147 لسنة 1996 فى 3/ 6/ 1996، بنقل السيد/ ........... المستشار بمحكمة استئناف بنى سويف (الطاعن) إلى وظيفة غير قضائية بوزارة الداخلية تعادل وظيفة الحالية مع احتفاظه بمرتبه فيها.
كما صدر بتاريخ 12/ 6/ 1996 قرار وزير العدل رقم 2649 لسنة 1996 متضمنا رفع اسم الطاعن المذكور من سجل قيد رجال القضاء وأعضاء النيابة العامة اعتبار من 3/ 6/ 1996 تاريخ صدور القرار الجمهورى رقم 147 لسنة 1996 سالف الذكر.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن الطلبات الختامية للطاعن فى الطعن رقم 6956 لسنة 43ق عليا - سواء فى دعواه أمام محكمة أول درجة (موضوع طعنه الماثل) وتقرير هذا الطعن - انحصرت فى طلب الحكم بإلغاء القرار الجمهورى رقم 174 الصادر بتاريخ 3/ 6/ 1996 فيما تضمنه من نقله إلى وظيفة غير قضائية بوزارة الداخلية تعادل درجة وظيفته القضائية، مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام مصدره بصفته بالتعويض المناسب عن الأضرار المادية والأدبية والنفسية التى أصابته من جراء بطلان القرار الطعين مع إلزامه بالمصروفات.
ومن حيث إن مقطع النزاع الماثل يتحدد فى استظهار ما إذا كان القرار المطعون فيه - مثار النزاع - قد صدر سليما فى حدود السلطة التقديرية المقررة للجهة الإدارية أم إن تلك الجهة قد أساءت استعمال سلطتها فى هذا الخصوص.
ومن حيث إن المادة 113 من قانون السلطة القضائية الصادر بالقانون رقم 46 لسنة 1972 تنص فى فقرتيها الثانية والثالثة على انه: (......... وفى حالة صدور قرار بنقل القاضى إلى وظيفة أخرى ينقل بقرار من رئيس الجمهورية إلى وظيفة تعادل وظيفة القضائية ويحتفظ بمرتبه فيها حتى ولو جاوز نهاية مربوط درجة الوظيفة المنقول إليها.
ويمنح من ينقلون طبقا للفقرة السابقة درجة شخصية فى الجهة التى ينقلون إليها تسوى على أول درجة أصلية تخلو من تلك الجهة".
ومن حيث إن مؤدى نص المادة 113 سالفة الذكر - إن المشرع قرر أصلا عاما فى نقل القضاة إلى وظائف غير قضائية بالجهاز الإدارى للدولة مقتضاه أن يكون النقل إلى وظيفة معادلة لوظيفته القضائية وأوجب احتفاظه بمرتبه حتى ولو جاوز نهاية مربوط درجة الوظيفة المنقول إليها. والتى يشغلها على درجة شخصية حتى تسوى حالته على أول درجة أصلية تخلو فى الجهة المنقول إليها، وأناط برئيس الجمهورية الاختصاص بتحديد الجهة الإدارية التى ينقل إليها القاضى تطبيقا لنص المادة 113 من القانون رقم 46 لسنة 1972 سالف الذكر ونفاذا للحكم الصادر من مجلس الصلاحية بنقل القاضى إلى وظيفة غير قضائية.
ومن حيث إنه - متى استبان ما تقدم وكان الثابت أن اختيار جهة إدارية معينة ينقل إليها القاضى رهين بإرادة مصدر قرار النقل فى حدود السلطة التقديرية المخولة له بمقتضى القانون، حيث لم يقيد المشرع الاختصاص رئيس الجمهورية فى هذا الشأن بأية قواعد آمره مقيدة بشأن تحديد الجهات الإدارية التى ينقل إليها القاضى، ومن ثم فان تحديد الجهة الإدارية التى ينقل إليها القاضى رهين بمشيئة الجهة الإدارية المختصة.
ومن حيث أنه تأسيسا على ما سلف، فان القرار المطعون فيه بنقل الطاعن المذكور إلى وزارة الداخلية فى وظيفة معادلة لوظيفته القضائية المنقولة منها مع احتفاظه براتبه فى الوظيفة المنقول إليها - يكون قد صدر سليما فى حدود السلطة التقديرية المقررة للجهة الإدارية دون معقب عليها من القضاء مادام قرارها قد خلا من شائية الانحراف بالسلطة ولم تتعسف فى إصداره أو تهدر حقا للموظف المنقول أو تخالف أحكام القانون، فمن ثم يكون القرار المطعون فيه قد صادف صحيح حكم القانون فلا مطعون عليه ويكون الطعن عليه غير قائم على سند سليم من الواقع أو القانون متعين الرفض.
ومن حيث أنه لا يغير من النتيجة المتقدمة ما يتذرع به الطاعن من أن جهة الإدارة قد أساءت استعمال السلطة بإصدارها القرار الطعين المتضمن اختيار وزارة الداخلية كجهة عمل له على النحو الوارد بتقرير طعنه ذلك أن الثابت بالأوراق أن الجهة الإدارية أمسكت عن الإفصاح عن أسباب نقل الطاعن إلى وزارة الداخلية وحيث إن القانون لا يلزمها بتسبيب قرارها المشار إليه ولما كان الأصل فى القرار الإدارى هو حملة على الصحة بافتراض اتبنائه على سبب صحيح يحمله وصدوره مستهدفا الصالح العام ما لم يقم الدليل على عدم صحته ويقع على الطالب عبء إثبات أن القرار لم يكن مقصودا به الصالح العام وإذ ثبت من الأوراق أن جهة الإدارة قد التزمت فى إجراء نقل الطاعن الشروط والأوضاع المنصوص عليها قانونا ولم يقدم الطاعن ثمة دليل يفيد أن تلك الجهة قد أساءت استعمال سلطتها فى اختيار وزارة الداخلية كموقع عمل له، ولم يقم بالأوراق ما يفيد فساد هذا لااختيار فى حد ذاته، فضلا عن أن الطاعن فى وضع لائحى ومن ثم يجوز نقله إلى أى موقع عمل ولا يجوز له التمسك بالعمل فى موقع معين دون آخر ومن ثم يتعين الالتفات عما أثاره الطاعن فى هذا الشأن.
ومن حيث أنه لما كان ما تقدم، وإذ ذهب الحكم المطعون فيه غير هذا المذهب، فانه يكون قد جانب الصواب فى قضائه، الأمر الذى يتعين معه الحكم بإلغائه والقضاء برفض طلب إلغاء القرار المطعون فيه.
ومن حيث إنه عن نعى الطاعن فى الطعن رقم 6956 لسنة 44ق. عليا على الحكم المطعون فيه لإغفاله الفصل فى طلب التعويض، فإنه لما كان الثابت أن طلبات الطاعن المذكور الختامية أمام محكمة أول درجة تضمنت طلب إلزام المطعون ضده الأول بصفته بالتعويض المناسب عن الأضرار المادية والأدبية والنفسية التى منى بها من جراء تعنت جهة الإدارة معه وما أنفقه من مصروفات فى إقامة الدعاوى وأتعاب المحامين.
ومن حيث إن المادة 193 من قانون المرافعات تنص على انه: (إذا أغفلت المحكمة الحكم فى بعض الطلبات الموضوعية، جاز لصاحب الشأن أن يعلن خصمه بصحيفة للحضور أمامها لنظر هذا الطلب والحكم فيه)
ومن حيث إن مفاد هذا النص أن المشرع قرر علاجا لحالة إغفال المحكمة إغفالا كليا - سهوا أو خطأ الفصل فى طلب موضوعى قدم إليها بصورة واضحة، بما يجعل الطلب معلقا أمامها ويظل باقيا على حاله بدون فصل فيه - صراحة أوضمنا - بعد اتصالها بها، وبالوسيلة التى قدم بها إليها فجعل المشرع السبيل إلى الفصل فى هذا الطلب هو الرجوع إلى ذات المحكمة بطلب يعلنه صاحب الشأن إلى الخصم الآخر، دون أن يتقيد فى ذلك بميعاد الطعن لتستدرك ما فاتها الفصل فيه ومن ثم فانه لا يجوز الطعن على الحكم بسبب إغفاله الفصل - صراحة أو ضمنا - فى طلب موضوعى لان الطعن فى الحكم لا يقبل الطاعن الطلبات التى فصلت فيها محكمة الموضوع - صراحة أو ضمنا، ومن ثم يكون الطعن عن هذا الطلب غير مقبول.
ومن حيث إنه، متى كان ما تقدم الثابت أن طلب التعويض المشار إليه ورد ضمن الطلبات الموضوعية الختامية - التى كانت معروضة على محكمة القضاء الإدارى التى أصدرت الحكم المطعون فيه وقد أغفلت الحكم فى هذا الطلب ولم تتعرض له فى أسباب هذا الحكم ومنطوقة - لا صراحة ولا ضمنا - وعلى ذلك فان هذا الطلب يبقى معلقا أمامها وعلاج هذا الإغفال، وفقا للمادة 193 من قانون المرافعات، يكون بالرجوع إلى ذات المحكمة لتستدرك ما فاتها الفصل فيه إن كان له وجه، ومن ثم فهولا يصلح سببا للطعن أمام المحكمة الإدارية العليا، مما يتعين معه القضاء بعدم قبول الطعن عن طلب التعويض المشار إليه الذى أغفلت محكمة أول درجة الفصل فيه.
ومن حيث أنه - لما تقدم - فان المحكمة تنوه - بان الطاعن هو وشأنه فى أن يتقدم إلى قلم كتاب محكمة القضاء الإدارى التى أصدرت الحكم المطعون فيه، بعريضة لنظر طلب التعويض المشار إليه الذى أغفلت تلك المحكمة الفصل فيه - طالبا منها الحكم فيه.
ومن حيث إن من خسر الطعن يلزم بالمصروفات عملا بحكم المادة (184) من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة: بقبول الطعنين شكلا وفى الموضوع:
(أولا) بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من إلغاء القرار المطعون فيه وبرفض دعوى المدعى (الطاعن فى الطعن رقم 6956 لسنة 43ق عليا)
(ثانيا) بعدم قبول طلب التعويض الذى تضمنه تقرير الطعن رقم 6956 لسنة 43ق عليا، وذلك على النحو المبين بالأسباب.
(ثالثا) ألزمت المحكمة الطاعن فى الطعن رقم 6956 لسنة 43ق عليا المصروفات عن درجتى التقاضى.