أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائي
السنة 27 - صـ 722

جلسة 10 من أكتوبر سنة 1976

برياسة السيد المستشار حسن المغربى نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ أحمد فؤاد جنينة، ويعيش رشدى، ومحمد وهبة، وأحمد موسى.

(164)
الطعن رقم 478 لسنة 46 القضائية

(3،2،1) تشرد. تسول. جريمة "أركانها". ارتباط. عقوبة "عقوبة الجرائم المرتبطة".
(1) التشرد. معناه. متى يتحقق ؟
(2) جريمة التشرد فى صورتها القائمة على التسول. لا تقوم بمجرد قيام المتهم بفعل الاستجداء بل يلزم. بالإضافة إلى شرطى السن والجنس - أن يحترف المتهم مهنة التسول.
اعتراف التسول بالتشرد. يجعل الجريمتين مرتبطتين ارتباطا غير قابل للتجزئه يوجب أعمال المادة 32 عقوبات.
(3) ضوابط معرفة العقوبة الأشد فى نطاق تطبيق المادة 32 عقوبات.
عقوبة الوضع تحت مراقبة البوليس مماثلة لعقوبة الحبس.
ارتباط جريمتى التشرد والتسول يوجب توقيع عقوبة الجريمة الأولى فحسب باعتبارها الأشد. مخالفة ذلك. خطأ.
1 - من المقرر أن التشرد فى حكم المادة الأولى من المرسوم بقانون رقم 98 لسنة 1945 هو حالة واقعية تثبت للشخص كلما وجد ماديا بحالة ظاهرة للحس والعيان فى وضع يستدل منه على انتفاء الوسيلة المشروعة للتعيش وتتحقق بقعود الشخص عن العمل اختيارا وانصراف رغبته عن أبواب السعى الجائز لاكتساب الرزق أو باحترافه وسيلة غير مشروعة للتعيش - مع انتفاء أى مورد مالى مشروع يفى بحاجياته الضرورية فى الحالتين كلتيهما - فهو حالة توجد وتنقطع بوجود موجبها المادى وانقطاعه، ولما كان التسول يعد فى ذاته وسيلة غير مشروعة للتعيش فضلا عن أنه جريمة يعاقب عليها طبقا للمادة الأولى من القانون رقم 49 لسنة 1933، فإن تعاطى هذه الوسيلة المحرمة واتخاذها موردا للرزق تثبت به حالة التشرد.
2 - إن جريمة التشرد فى صورتها القائمة على التعويل فى كسب الرزق على التسول لا تتم من مجرد ضبط الشخص وهو يرتكب فعل الاستجداء من الغير الذى يكون جريمة التسول بل أنها تستلزم - بالإضافة إلى توافر شرطى السن والجنس الذى يتطلبه القانون فيمن يوجد فى هذه الحالة - أن تنصرف إرادة الجانى إلى احتراف تلك المهنة غير المشروعة وممارستها بالفعل على وجه يتحقق به هذا المعنى. وإذا اقترن التسول بجريمة التشرد فى نطاق الفهم سالف البيان يكونان معا جريمتين وإن تميزت كل منهما عن الأخرى إلا أنهما يرتبطان ببعضهما البعض ارتباطا لا يقبل التجزئة مما يوجب اعتبارهما معا جريمة واحدة والحكم بالعقوبة المقررة لأشدهما عملا بالفقرة الثانية من المادة 32 عقوبات.
3 - من المقرر أن العبرة فى جسامة العقوبة فى حكم المادة 32 عقوبات، هى النظر إلى نوعها بحسب ترتيب العقوبات الأصلية الذى درج الشارع عليه فى المواد من 10 إلى 12 من قانون العقوبات ولما كانت العقوبة المقررة لجريمة التسول هى بحسب نص المادة الأولى من القانون رقم 49 لسنة 1933 هى الحبس مدة لا تتجاوز شهرين، وكانت العقوبة المقررة لجريمة التشرد هى طبقا للفقرة الأولى من المادة الثانية من المرسوم بقانون رقم 98 لسنة 1945 الوضع تحت مراقبة البوليس مدة لا تقل عن ستة أشهر ولا تزيد عن خمس سنوات، وكانت عقوبة الوضع تحت مراقبة البوليس التى يحكم بها طبقا لأحكام هذا المرسوم بقانون مماثلة لعقوبة الحبس فيما يتعلق بتطبيق أحكام قانون العقوبات، وقانون الإجراءات الجنائية أو أى قانون آخر طبقا لما جرى به نص المادة العاشرة منه، ومن ثم تكون عقوبة جريمة التشرد بالمقارنة إلى العقوبة المقررة لجريمة التسول هى الأشد مما يقتضى أعمالها متى تحققت شروط المادة 32 عقوبات.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه بدائرة قسم أول طنطا محافظة الغربية (أولا) وجد متسولا بالطريق العام حال كونه صحيح البنية يبلغ من العمر أكثر من خمسة عشر عاما (ثانيا) عد متشردا إذا لم تكن له وسيلة مشروعة للتعيش. وطلبت عقابه بالمواد 1 و9 من القانون رقم 49 لسنة 1933. ومحكمة طنطا الجزئية قضت غيابيا عملا بمواد الاتهام بحبس المتهم ثلاثة أشهر مع الشغل والنفاذ عن التهمة الأولى ووضعه تحت مراقبة الشرطة فى المكان الذى يحدده وزير الداخلية لمدة ستة أشهر تبدأ من وقت إمكان التنفيذ عليه عن التهمة الثانية. فعارض وقضى فى معارضته باعتبارها كأن لم تكن. فاستأنفت النيابة العامة والمحكوم عليه هذا الحكم. ومحكمة طنطا الابتدائية - بهيئة استئناقية - قضت حضوريا. (أولا) عدم قبول استئناف المتهم شكلا للتقرير به بعد الميعاد. (ثانيا) قبول استئناف النيابة شكلا وفى الموضوع بتعديل الحكم المستأنف بالنسبة للتهمة الأولى والاكتفاء بحبس المتهم شهرا واحدا مع الشغل وبالنسبة للتهمة للثانية وبإجماع الآراء بتعديل الحكم المستأنف وجعل مدة المراقبة سنة فطعنت النيابة العامة فى هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ.


المحكمة

حيث أن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دان المطعون ضده بجريمتى التسول والتشرد وقضى فى كل منها بعقوبة مستقلة قد أخطأ فى تطبيق القانون ذلك أن الجريمتين مرتبطتان ارتباط لا يقبل التجزئة مما يوجب اعتبارهما معا جريمة واحدة والحكم بالعقوبة المقررة لأشدهما وهى الجريمة الثانية عملا بالفقرة الثانية من المادة 32 من قانون العقوبات.
وحيث أنه من المقرر أن التشرد فى حكم المادة الأولى من المرسوم بقانون رقم 98 لسنة 1945 هو حالة واقعية تثبت للشخص كلما وجد ماديا بحالة ظاهرة للحس والعيان فى وضع يستدل منه على انتفاء الوسيلة المشروعة للتعيش وتتحقق بقعود الشخص عن العمل اختيارا وانصراف رغبته عن أبواب السعى الجائز لاكتساب الرزق أو باحترافه وسيلة غير مشروعة للتعيش مع انتفاء أى مورد مالى مشروع يفى بحاجياته الضرورية فى الحالتين كلتيهما - فهو حالة توجد وتنقطع بوجود موجبها المادى وانقطاعه، ولما كان التسول يعد فى ذاته وسيلة غير مشروعة للتعيش فضلا عن أنه جريمة يعاقب عليها طبقا للمادة الأولى من القانون رقم 49 لسنة 1933، فإن تعاطى هذه الوسيلة المحرمة واتخاذها موردا للرزق تثبت به حالة التشرد، غير أن هذه الجريمة فى صورتها القائمة على التعويل فى كسب الرزق على التسول لا تتم من مجرد ضبط الشخص وهو يرتكب فعل الاستجداء من الغير الذى يكون جريمة التسول بل أنها تستلزم - بالإضافة إلى توافر شرطى السن والجنس الذى يتطلبه القانون فيمن يوجد فى هذه الحالة - أن تنصرف إرادة الجانى إلى احتراف تلك المهنة غير المشروعة وممارستها بالفعل على وجه يتحقق به هذا المعنى. وإذا اقترن التسول بجريمة التشرد فى نطاق الفهم سالف البيان يكونان معا جريمتين وإن تميزت كل منهما عن الأخرى إلا أنهما يرتبطان ببعضهما البعض ارتباطا لا يقبل التجزئة مما يوجب اعتبارهما معا جريمة واحدة والحكم بالعقوبة المقررة لأشدهما عملا بالفقرة الثانية من المادة 32 عقوبات. لما كان ذلك وكان من المقرر أن العبرة فى جسامة العقوبات فى حكم المادة 32، هى النظر إلى نوعها يحسب ترتيب العقوبات الأصلية الذى درج الشارع عليه فى المواد من 10 إلى 12 من قانون العقوبات. ولما كانت العقوبة المقررة لجريمة التسول هى بحسب نص المادة الأولى من القانون رقم 49 لسنة 1933 هى الحبس مدة لا تتجاوز شهرين، وكانت العقوبة المقررة لجريمة التشرد هى طبقا للفقرة الأولى من المادة الثانية من المرسوم بقانون رقم 98 لسنة 1945 الوضع تحت مراقبة البوليس مدة لا تقل عن ستة أشهر ولا تزيد عن خمس سنوات، وكانت عقوبة الوضع تحت مراقبة البوليس التى يحكم بها طبقا لاحكام هذا المرسوم بقانون مماثلة لعقوبة الحبس فيما يتعلق بتطبيق أحكام قانون العقوبات، وقانون الإجراءات الجنائية أو أى قانون آخر طبقا لما جرى به نص المادة العاشرة منه، ومن ثم تكون عقوبة جريمة التشرد بالمقارنة إلى العقوبة المقررة لجريمة التسول هى الأشد مما كان يقتضى أعمالها متى تحققت شروط المادة 32 عقوبات. لما كان ما تقدم فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بعقوبة لكل من جريمتى التسول والتشرد التى دان المطعون ضده بهما رغم توافر شروط المادة 32 عقوبات، يكون قد اخطأ فى تطبيق القانون مما يتعين نقضه نقضا جزئيا وتصحيحه بإلغاء عقوبة الحبس والاكتفاء بعقوبة المراقبة عن التهمتين.