مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادىء القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الخامسة عشرة - العدد الأول (من أول اكتوبر سنة 1969 إلى منتصف فبراير سنة 1970) - صـ 91

(15)
جلسة 3 من يناير سنة 1970

برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمد شلبى يوسف رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذه يوسف إبراهيم الشناوى ومحمد عبد العزيز يوسف ومحمد صلاح الدين السعيد وأبو بكر محمد عطية. المستشارين.

القضية رقم 323 لسنة 11 القضائية

(أ) - عقد ادارى. "تنفيذه" - غرامة عدم تعيين مهندس مقيم - عند حسابها لا تخصم أيام العطلات الأسبوعية، أساس ذلك.
(ب) - عقد أدرى - عقد مقاولة - التأمين النهائى - لا يجوز مصادرته لمجرد التأخير في تنفيذ الأعمال، أساس ذلك.
1- انه ليس صحيحا في القانون ما انتهى إليه الحكم من خصم أيام العطلات الأسبوعية من حساب غرامة عدم تعيين مهندس، ذلك أن هذه الغرامة مقررة في العقد كجزاء على فعل سلبى هو الامتناع عن استخدام مهندس وهذا الامتناع هو موقف ارادى مستمر غير متجزء سواء في أيام العمل أو في أيام العطلات الأسبوعية وقد قررتها المادة 19 من العقد على وجه عام مطلق دون استثناء لأيام العطلات الرسمية أو تحفظ من هذا القبيل، بل أن هذه المادة صريحة في فقرتها الثانية في وجوب اقامة المهندس بمنطقة العمل، ومفهوم هذا في ضوء حكمة النص أن تكون الاقامة دائمة ومتصلة لمواجهة جميع الاحتمالات والطوارىء ولتلقى الأوامر التى تصدر إليه من مهندس الحكومة وسرعة تنفيذها وليس معنى أن يوما ما هو عطلة رسمية من حق المهندس أن يحصل فيه على أجازة أو راحة أن تنقطع صلته في هذا اليوم بالمقاول أو بالعمل لتعود فتجدد في اليوم التالى أو أن يتجزا الالتزام فيقوم في أيام العمل ويسقط في غيرها.
2- أن خصم التأمين النهائى لا لسبب الا لتأخره في تنفيذ الأعمال المنوطة به فليس ثمة ما يبرره من شروط العقد أو القانون، ذلك أن العقد قد تكفل ببيان مهمة التأمين النهائى والغرض منه فقضى في المادة 14 منه على أن يكون بمثابة ضمان لاجراء العمل على الوجه الأكمل ولتحصيل الجزاءات والتعويضات وغير ذلك من المبالغ التى تستحق على المقاول طبقا للعقد إلى أن يتم العقد نهائيا وبطريقة مرضية، واتفق على ما يبين من أحكام المواد 28، 29، 31 من العقد على أن تكون مدة تنفيذ الالتزام ستة أشهر من التاريخ المحدد في الأمر ببدء العمل وعلى أن يكون جزاء التأخير في أتمام العمل وتسليمه كاملا في الموعد المحدد، هو توقيع غرامات تأخيرية لا تزيد على 10% من قيمة الختامى، وسحب العمل من المقاول بالشروط المتفق عليها ومع ما يترتب على هذا السحب من حقوق وتعريضات. ولما كان مفاد الأوراق أن جهة الادارة لم تر ثمة ما يبرر سحب العمل من المدعى بسبب تأخره في انجاز العمل واستمر بارادتها قائما به إلى أن أتمه وسلمه طبقا لشروط العقد ومواصفاته، وأعملت الجهة الادارية في شأنه الحكم الخاص بغرامات التأخير بأقصى حد لها وهو 10% من قيمة الختامى فان هذه الجهة لا تستطيع والحالة هذه أن تطالب المدعى بأكثر من ذلك ولا يسوغ لها أن تنزل عليه بعض الآثار المترتبة على سحب العمل التى انطوى عليها العقد من مصادرة التأمين أو المطالبة بتعويض لأنها نتائج لا تقوم إلا على سببها وهو سحب العمل الذى لم تنشط الادارة إلى أتخاذه ضد المدعى.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الايضاحات، وبعد المداولة.
من حيث أن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث ان عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يخلص من أوراق الطعن - في أن المدعى (مورث المطعون ضدهم) أقام الدعوى رقم 1209 لسنة 16 القضائية ضد السيد/ وزير الاسكان والمرافق في 18 من أغسطس سنة 1962 طلب فيها "الحكم بالزام وزارة الاسكان والمرافق بأن تدفع مبلغ 250مليم و1216جنيه مع المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة" وقال بيانا لدعواه أن الوزارة أسندت إليه في الأول من أبريل سنة 1951 عملية أنشاء مجموعات حنفيات شرب وتوصيل المياه الصالحة للشرب في بعض بلاد محافظة سوهاج، ونص العقد على أن تتكفل الوزارة باعداد المواسير وملحقاتها اللازمة للعملية، وذلك في مقابل مبلغ قدره 250مليم و2761 جنيه وصدر إليه أمر التشغيل في 13 من أبريل سنة 1951 على أن تتم العملية في سنة أشهر أى في موعد أقضاه 12 من أكتوبر سنة 1951، وقد تأخرت الادارة الهندسية القروية بسوهاج في تسلميه خطاب استلام المواسير شهرا كاملا، كما أنه عند تنفيذ عملية ادفا تعرض له الاهالى ورجال الشرطة لوضع T في أماكن أخرى خلاف تلك المبينة في العقد وقد توقف العمل بسبب ذلك ثلاثة أشهر حتى صدر إليه الأمر بالموافقة على هذا الطلب، وانه عند تنفيذ عملية المدمر اعترض تفتيش الرى على اجراء الحفر وتعطل العمل نتيجة لذلك حوالى سنة، ثم طلبت منه الادارة الهندسية المذكورة بعض الزيادات في عملية المدمر ولم تقم بتسليم المواسير اللازمة لهذه الزيادة إليه حوالى السنتين وانتهى الأمر بتسليم العملية بمواصفاتها الأولى دون هذه الزيادة. واشار المدعى بالنسبة إلى عملية أولاد يحيى أن تفتيش الرى تسبب في تعطيله عن العمل مدة سنتين من يوليه سنة 1951 إلى 12 من اكتوبر سنة 1953 وانه تأخر في تنفيذ عملية نزلة القاضى مدة سنتين ونصف بسبب تغيير المهندس المباشر الطريق الذى توضع فيه المواسير. وانتهى المدعى من ذلك إلى أنه بالرغم من أن التأخير في أتمام العملة كان راجعا إلى أسباب لا يد له فيها، فقد خصمت جهة الادارة من استحقاقاته مبلغ 235 جنيها مقابل غرامة التأخير و500 جنيه مقابل غرامة مهندس ومبلغ 178 جنيها قيمة مواسير كانت مسلمة إليه و78 جنيها ثمن زجاج لغطاء عدادات المياه رفضت الادارة الهندسية استلامها كما خصم في استحقاقه 20 جنيها، وفضلا عن ذلك امتنعت الادارة عن رد التأمين النهائى إليه وقدره 125 مليم و276جنيه بالرغم من انجازه العمل. وقدم المدعى مذكرة بالرد على تقرير هيئة مفوضى الدولة انتهى فيها إلى أن جملة الاستقطاعات الواجب خصمها منه هي 976مليم و127 جنيه مقابل غرامة التأخير ،862 مليم و160 جنيه ثمن مواسير وزجاج محابس باقية في عهدته وجنيهان أجرة اصلاحات أجرتها الادارة في خط مواسير نزلة القاضى، ومجموعها 838 مليم و290 جنيه وبخصمها من المبالغ التي يستحقها قبل الوزارة المدعي عليها وقدرها 125مليم 1269 جنيه فيكون الباقى له 287 مليم و978 جنيه وهو ما طالب الحكم به.
ورد الدفاع عن الوزارة بان أمر التشغيل صدر إلى المدعى في 13 من أبريل سنة 1951 على أن يتم العمل خلال ستة أشهر في موعد اقصاه 12 من اكتوبر سنة 1951 إلا أن المدعى لم ينجزه إلا في 4 من نوفمبر سنة 1954 وكان هذا التأخير راجعا إلى توقفه عن العمل أما بتقصير منه أو بسبب تعرض الاهالى له. وقد قامت الادارة بحساب مدة التوقف الفعلى والاضطرارى فبلغ مجموعها 743 يوما وتكون بذلك مدة تنفيذ العملية 558 يوما، ولما كانت المدة المقررة للتنفيذ ستة أشهر فقد قامت الادارة بتوقيع غرامة تأخير على المدعى بواقع 10% من ختامى العملية طبقا للمادة 28 من شروط العقد بلغت 198مليم و 284 جنيه إلا أنها اكتفت بخصم مبلغ 235 جنيها فقط، كما قامت الادارة بخصم 558 جنيها قيمة غرامة عدم وجود مهندس طوال مدة التنفيذ وفقا لنص المادة 19 من شروط العقد، وخصمت منه 691 مليم و 107 جنيه، ثمن مواسير استلمها المدعى ولم يردها بالاضافة إلى 78 جنيها ثمن زجاج المحابس الزهر التى لم يسدد ثمنها وجنيهين مقابل أجرة اصلاحات قامت بها الادارة قبل التسليم النهائى، وصادرت الادارة قيمة التأمين وقدره 125مليم و 376 جنيه لأن التنفيذ تم على غير الوجه المتفق عليه. وخلص الدفاع عن الوزارة إلى أن الدعوى غير قائمة على أساس سليم متعين رفضها مع الزام رافعها بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وبجلسة 10 من يناير سنة 1965 "حكمت المحكمة بالزام وزارة الاسكان والمرافق بأن تدفع للمدعى عبد اللطيف محمد الهايش مبلغ 954 مليم و 687 جنيه والزمتها بنصف مصروفات الدعوى وأمرت بالمقاصة في مقابل أتعاب المحاماه ورفضت ماعدا ذلك من الطلبات "وأقامت قضاءها بالنسبة لغرامة التأخير على أن العملية كانت عن أربع شبكات مياه وقد تم تسليمها النهائى جميعا في وقت واحد، ولما كانت هذه الشبكات عملية مترابطة وقد تأخر المدعى أكثر من خمسة أسابيع في تسلميها فانه طبقا لحكم المادة 28 من شروط العقد يلزم بغرامة تأخير بواقع 10% من ختامى العملية كلها، ولما كان ختامى العملية قد بلغ 989مليم و2841 فان غرامة التأخير التى خصمت من المدعى ومقدارها 235 جنيها تكون متفقة مع القانون وشروط العقد. وبالنسبة لغرامة المهندس أشار الحكم إلى أن أيام العمل، بعد استبعاد أيام العطلات بواقع يوم في كل أسبوع، تبلغ 171 يوما وتكون غرامة المهندس المستحقة 171 علي المدعي جنيها فقط. وعن قيمة المواسير التى تسلمها المدعى من جهة الادارة فقد انتهى الحكم إلى أن قيمتها 862مليم و82 جنيه فقط يضاف إليها 78 جنيها قيمة زجاج المحابس وجنيهان قيمة الاصلاحات التى قامت بها الادارة قبل التسليم النهائى. أما عن مصادرة قيمة التأمين النهائى وقدره 125مليم و276جنيه فقد أشار الحكم المطعون فيه إلى عدم جوازه، إذا ما تم التنفيذ طبقا للعقد وتم الاستلام النهائى للاعمال مطابقا للشروط والمواصفات، استنادا إلى تأخير هذا التسليم، والا كان في هذه المصادرة مضاعفة لغرامة التأخير. وخلصت المحكمة من كل ذلك إلى انه لما كانت المبالغ المستحقة للمدعى لدى الادارة بما في ذلك التأمين النهائى المقدم منه هي 816 مليم و1256 وكانت المبالغ المستحقة على المدعى على الوجه السالف البيان هي 862 مليم و568 جنيه فقط فان المدعى يستحق قبل الادارة 954 مليم و687 جنيه وهو ما قضت به المحكمة.
ومن حيث أن وزارة الاسكان والمرافق قد طعنت في هذا الحكم وأقامت طعنها على ذات الاسباب التى ساقتها أمام محكمة القضاء الادارى.
ومن حيث انه يبين الاطلاع على المادة 28 من العقد أن المدعى قد التزم بانهاء العمل المنوط به في ستة أشهر من تاريخ صدور أول أمر كتابى إليه بالبدء فيه، وقد صدر له هذا الأمر على أن يبدأ في العمل في 13 من أبريل سنة 1951 ويتمه ويسلمه في 12 من أكتوبر سنة 1951 (وقد تضمنت الأوراق المقدمة من الادارة الهندسية أن بدء العمل في 14 من أبريل سنة 1951) كما أوجبت المادة 19 من العقد على المقاول أن يستخدم مهندسا أثناء سير العمل ألا أن المدعى خالف حكم هذه المادة فلم يعين مهندسا لملاحظة العمل.
ومن حيث أنه قد استبان من الأوراق أن الادارة الهندسية القروية بسوهاج لم تسلم المدعى المواسير اللازمة للعمل إلا في 2 من مايو سنة 1951 ولم يبدأ المدعى في العمل إلا في 22 من مايو سنة 1951 أى تأخر بدون عذر 20 يوما ويكون قد تأخر بسبب لا بد له فيه 18 يوما تخصم من غرامة التأخير وتوقف عن العمل 38 يوما تخصم من غرامة المهندس، استمر المدعى في العمل إلى أن تعرض له أهالى ادفا في 16 من أغسطس سنة 1951 فتوقف عن العمل 23 يوما إلى أن تم ازالة هذه التعرض في 8 من سبتمبر سنة 1951 ومن ثم يتعين خصم هذه الفترة من غرامة التأخير وغرامة المهندس. وفي 2 من سبتمبر سنة 1951 كان قد طلب إليه التوقف عن العمل إلى أن يتم تحديد مناسيب الأرض فتوقف إلى 27 من مارس سنة 1952 أى 201 يوما بعد استبعاد الفترة من 2 من سبتمبر إلى 7 من سبتمبر سنة 1951 لتداخلها في الفترة السابقة وتخصم من ثم هذه المدة عن غرامتى التأخير والمهندس. وفي 7 من يونية سنة 1952 توقف المدعى عن العمل دون عذر وانذر بسحب العمل منه ثم استأنفه في 14 من مارس سنة 1953 وبذلك يكون قد توقف دون مبرر 280 يوما تخصم من غرامة المهندس فقط. كما توقف في الفترة من 7 من أبريل سنة 1953 إلى 20 من مايو سنة 1953 وقدرها 34 يوما ومن 9 من فبراير سنة 1954 إلى 8 من مارس سنة 1954 أى 28 يوما بسبب عدم تسليمه المواسير والملحقات اللازمة للعمل، الأمر الذى يتعين معه خصم هاتين المدتين وقدرهما 62 يوما من غرامتى التأخير والمهندس. ثم توقف المدعى عن العمل 71 يوما 18 من مارس سنة 1954 إلى 27 من مايو سنة 1954 دون عذر تخصم غرامة المهندس فقط. وانهى العمل في 17 من يوليه سنة 1954 وان كانت الادارة لم تتسلم العمل إلا في 14 من نوفمبر سنة 1954 بسبب يرجع إليها وهو عدم استعداد لاجراء التجارب. وبذلك يكون المدعى قد توقف عن العمل دون مبرر مدة 371 يوما. ولما كانت مدة العمل الفعلية من تاريخ بدء العمل حتى تاريخ الانتهاء منه قد بلغت 1192 يوما، وبلغت جملة أيام التوقف خلالها 675 يوما فيكون الفرق بينهما هو مدة العمل التى يوقع عنها غرامة المهندس وهي 517 يوما.
ومن حيث أن الفقرة أ من المادة 28 من العقد قد نصت على أن توقع على المقاول إذا تأخر عن أتمام العمل وتسليمه كاملا في المواعيد المحددة غرامة قدرها 2% من قيمة ختامى العملية جميعها عن كل أسبوع أو جزء من الاسبوع يتأخر فيه العمل بعد الميعاد المحدد بشرط إلا يزيد مجموع الغرامة على 10% من قيمة الختامى وذلك في الأحوال التى ترى فيها الادارة الهندسية أن الجزء المتأخر مهما قل قد منع الانتقاع بالعمل في المواعيد المحددة. ولما كان الثابت من الاطلاع على الأوراق أن المدعى انهى العمليات الأربع موضوع العقد معا في 17 من يولية سنة 1954 وكانت كلها إلى ما قبل هذا التاريخ غير صالحة للاستعمال لعدم اتمام بعض الاعمال الخاصة بها (ص 61، 63 الملف 17/ 3/ 5) ومن ثم فلم يكن من الممكن الانتفاع بها أو بجزء منها باعتبار أن كلا منها تكون وحدة متكاملة مترابطة لا تقبل التجزئة، وبالتالى كان من المتعين حساب غرامة التأخير بحدها الاقصى وهو 10% من قيمة ختامى العملية جميعها حيث تجاوزت مدة التأخير خمسة الأسابيع. وبما أن ختامى العملية قد بلغ 989مليم و2841 جنيه فان الادارة إذ خصمت من المدعى غرامة تأخير قدرها 299مليم و 235 جنيه على أساس أن قيمة الاعمال المتأخرة قد بلغت 989مليم و2352جنيه فانها لا تكون قد اهدرت حقا ما للمدعى ولا عبرة في هذا الشأن بما تضمنته مذكرة مديرية الاسكان والمرافق بسوهاج المؤرخة في 17 من سبتمبر سنة 1962 من حساب هذه الغرامة على أساس ما تم انجازه من أعمال دون نظر إلى أمكان الانتفاع بها لمخالفة ذلك لشروط العقد، ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه قد صادف وجه الحق استجاب لطلب الادارة في هذا الشأن مع تعديل قيمة هذه الغرامة إلى 299مليم و235جنيه.
ومن حيث أن المادة 19 من شروط العقد قد أوجبت على المقاول أن يستخدم أثناء العمل مهندسا للقيام بملاحظته فاذا قصر المقاول في ذلك فيلزم باداء غرامة قدرها جنيه واحد عن كل يوم من الأيام التى تمضى دون استخدام مهندس. ولما كان الثابت على الوجه المتقدم أن المدعى لم يعين مهندسا لملاحظة العمل طوال مدة التنفيذ وقدرها 517 يوما فان يتعين الزامه بأداء غرامة نظير ذلك قدرها 517 جنيها، ومن ثم فانه ليس صحيحا في الواقع ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من أن مدة العمل التى تحسب عنها غرامة المهندس هي 171 يوما، كما انه ليس صحيحا في القانون ما انتهى إليه الحكم من خصم أيام العطلات الأسبوعية من حساب غرامة عدم تعيين مهندس، ذلك أن هذه الغرامة مقررة في العقد كجزاء على فعل سلبى هو الامتناع عن استخدام مهندس وهذا الامتناع هو موقف ارادى مستمر غير متجزىء سواء في أيام العمل أو في أيام العطلات الأسبوعية وقد قررتها المادة 19 من العقد على وجه عام مطلق دون استثناء لأيام العطلات الرسمية أو تحفظ من هذا القبيل، بل أن هذه المادة صريحة في فقرتها الثانية في وجوب اقامة المهندس بمنطقة العمل، ومفهوم هذا في ضوء حكمة النص أن تكون الاقامة دائمة ومتصلة لمواجهة جميع الاحتمالات والطوارىء ولتلقى الأوامر التى تصدر إليه من مهندس الحكومة وسرعة تنفيذها وليس معنى أن يوما ما هو عطلة رسمية من حق المهندس أن يحصل فيه على أجازة أو راحة أن تنقطع صلته في هذا اليوم بالمقاول أو بالعمل لتعود فتجدد في اليوم التالى أو أن يتجزأ الالتزام فيقوم في أيام العمل ويسقط في غيرها.
من حيث انه عن ثمن المواسير التى خصمت من مستحقات المدعى فالثابت من مذكرة الادارة (ص 170 ملف 17/ 3/ 5) أن قيمتها مقومة بسعر المخازن وهو بزيد على سعر السوق ومضافا إليها 10% من قيمتها تبلغ 862مليم و82 جنيه ومن ثم فان هذه القيمة هي ما يتعين الزام المدعى بها دون المبلغ الذى خصم من مستحقاته وهو 691مليم و107جنيه والذى لا يجد له سندا من حق أو عدل، خاصة وان الادارة فرضته على المدعى على ما جاء بالمذكرة السابقة لا لسبب إلا لمجرد الضغط عليه ليضطر إلى رد المراسير ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه قد أصاب الحق في هذا الشق بما لا مطعن عليه.
ومن حيث أنه عن خصم التأمين النهائى المقدم من المدعى وقدره 125مليم و276جنيه لا لسبب إلا لتأخره في تنفيذ الأعمال المنوط به فليس ثمة ما يبرره عن شروط العقد أو القانون، ذلك أن العقد قد تكفل ببيان مهمة التأمين النهائى والغرض منه فقضى في المادة 14 منه على أن يكون بمثابة ضمان لاجراء العمل على الوجه الأكمل ولتحصيل الجزاءات والتعويضات وغير ذلك من المبالغ التى تستحق على المقاول طبقا للعقد إلى أن يتم العقد نهائيا وبطريقة مرضية، واتفق على ما يبين من أحكام المواد 28،29 ،31 من العقد على أن تكون مدة تنفيذ الالتزام ستة أشهر من التاريخ المحدد في الأمر ببدء العمل وعلى أن يكون جزاء التأخير في أتمام العمل وتسليمه كاملا في الموعد المحدد، هو توقيع غرامات تأخيرية لا تزيد على 10% من قيمة الختامى، وسحب العمل من المقاول وبالشروط المتفق عليها ومع ما يترتب على هذا السحب من حقوق وتعويضات. ولما كان مفاد الأوراق أن جهة الادارة لم تر ثمة ما يبرر سحب العمل من المدعى بسبب تأخره في انجاز العمل واستمر بارادتها قائما به إلى أن أتمه وسلمه طبقا لشروط العقد ومواصفاته، وأعملت الجهة الادارية في شأنه الحكم الخاص بغرامات التأخير بأقصى حد لها وهو 10% من قيمة الختامى فان هذه الجهة لا تستطيع والحالة هذه أن تطالب المدعى بأكثر من ذلك ولا يسوغ لها أن تنزل عليه بعض الآثار المترتبة على سحب العمل التى انطوى عليها العقد من مصادرة التأمين أو المطالبة بتعويض لأنها نتائج لا تقوم إلا على سببها وهو سحب العمل الذى لم تنشط الادارة إلى اتخاذه ضد المدعى. وبناء عليه يكون الحكم المطعون فيه إذ انتهى إلى أجابة المدعى إلى طلب رد التأمين إليه. فقد صادف الحق، ويكون الطعن جديرا بالرفض في هذا الشق.
ومن حيث انه بالبناء على ما تقدم تكون الجهة الادارية على حق في أن تخصم من مستحقات المدعى 299مليم و235جنيه مقابل غرامات التأخير و517 مقابل غرامة عدم تعيين مهندس لملاحظة العمل و862مليم و82 جنيه مقبل ثمن مواسير وملحقاتها تسلمها المدعى ولم يردها إلى الجهة الادارية ويضاف إلى ذلك 78 جنيها مقابل زجاج المحابس الزهر التى لم يسدد المدعى ثمنها وجنيهان مقابل أجرة اصلاحات قامت بها الجهة الادارية قبل التسليم النهائى وليس ثمة نزاع بين طرفى الخصومة في شأنها فيكون مجموع المبالغ الواجب خصمها من مستحقات المدعى 161مليم و 915جنيه وإذ قامت الجهة الادارية بخصم 880مليم و980 من مستحقاته على ما يبين من التأشير المؤرخ في 24 يونيه سنة 1962 على صورة كشف ختامى العملية (ص 191 ملف رقم 17/ 3/ 5) فضلا عن التأمين النهائى المقدم من المدعى وقدره 125مليم و276جنيه ومجموعهما 005مليم و 1257جنيه فان حاصل ذلك أن الجهة الادارية قد خصمت من مستحقات المدعى دون وجه حق مبلغ 844 مليم و341جنيه وهو ما يتعين الحكم بالزام الحكومة برده إلى ورثة المدعى وتعديل الحكم المطعون فيه على مقتضى ذلك مع الزام الحكومة بالمصروفات المناسبة.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفي موضوعه بتعديل الحكم المطعون فيه وبالزام الحكومة بأن تدفع إلى ورثة المدعى مبلغ 844مليم و341جنيه (ثلثمائة وواحد وأربعون جنيها وثمانمائة وأربعة وأربعون مليما) والمصروفات المناسبة.