مجلس الدولة - المكتب الفني لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السادسة والأربعون - الجزء الثالث (من يونيه سنة 2001 إلى آخر سبتمبر 2001) - صــ 2629

(308)
جلسة 8 من أغسطس سنة 2001

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ جمال السيد دحروج نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة: كمال زكى عبد الرحمن اللمعى، وسالم عبد الهادى محروس جمعة، ويحيى خضرى نوبى محمد، ومنير صدقى يوسف خليل نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعنان رقما 6221 لسنة 43، 2212 لسنة 44 القضائية

دعوى - حق الدفاع - المساواة بين المتقاضين - إعلانهم بما يقدم للمحكمة من أى منهم.
حق الدفاع أصالة أو بالوكالة حق مقدس لا تقوم له قائمة إلا بتوفير المساواة الحقة بين المتقاضين.
ضرورة كفالة حق الرد على ما يقدمه أحد الخصوم إلى المحكمة - لا يجوز للمحكمة قبول أية أوراق أو مذكرات من أحد الخصوم فى غير جلسة دون اطلاع خصمه عليها أو إعلانه بها - إذا قبلت ذلك - يجب عليها ألا تعول عليها وإلا كان الحكم باطل - يقوم مقام الاعلان أو الاطلاع على المذكرات أية واقعة تفيد هذا الاطلاع وتحقق الغاية منه - تطبيق.


إجراءات الطعن

فى يوم الثلاثاء الموافق 26/ 8/ 1997 أودع الأستاذ ............ المحامى بصفته وكيلاً عن رئيس مجلس إدارة هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة تقرير الطعن رقم 6221 لسنة 43ق. عليا قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا طعناً على الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى دائرة الترقيات بجلسة 5/ 7/ 1997 فى الدعوى رقم 4680 لسنة 50ق والذى قضى بقبول الدعوى شكلاً وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه إلغاءً مجرداً مع ما يترتب على ذلك من آثار وألزمت الجهة الإدارية المصروفات. وطلب الطاعن للأسباب الواردة بتقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض دعوى المطعون ضده وإلزامه المصروفات.
وفى يوم الأحد الموافق 25/ 1/ 1998 أودع الأستاذ .......... المحامى بصفته وكيلا عن الطاعن فى الطعن رقم 2212 لسنة 44 ق. ع قلم كتاب المحكمة الإدارية طعناً على ذات الحكم الصادر فى الدعوى رقم 4680 لسنة 50ق وطلب الطاعن فى ختام تقرير الطعن شكلاً وفى الموضوع القضاء مجدداً بأحقية الطاعن فى شغل إحدى الوظيفتين موضوع الطعن اعتباراً من 26/ 11/ 1995 وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام المطعون ضدهما المصروفات.
وتم إعلان تقريرى الطعن على النحو الثابت بالأوراق. وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريراً بالرأى القانون ارتأت فيه الحكم بقبول الطعنين شكلاً، ورفضهما موضوعاً.
وقد تدوول نظر الطعنين أمام دائرة فحص الطعون على النحو الثابت بمحاضر الجلسات وبجلسة 17/ 1/ 2001 قررت الدائرة إحالة الطعنين إلى الدائرة الثالثة بالمحكمة الإدارية العليا لنظرهما بجلسة 20/ 3/ 2001 وتم نظر الطعنين بالجلسة المشار إليها وبجلسة 8/ 5/ 2001 قررت المحكمة إصدار الحكم فى الطعنين بجلسة يوم 30/ 7/ 2001 وفيها قررت المحكمة مد أجل النطق بالحكم بجلسة اليوم 8/ 8/ 2001 وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
وحيث إن الطعنين قد استوفيا أوضاعهما الشكلية أخذ فى الاعتبار الأثر المترتب على طلب المساعدة القضائية المقدم من الطاعن فى الطعن رقم 2212/ 44 ق بتاريخ 31/ 8/ 1997 برقم 445 لسنة 43 ق.ع والذى قضى بقبوله بجلسة 29/ 11/ 1997.
ومن حيث إنه عن موضوع الطعنين فإن الثابت من الأوراق أنه بتاريخ 13/ 3/ 1996 أقام ....... الدعوى رقم 4680 لسنة 50 ق أمام محكمة القضاء الإدارى طالباً الحكم بإلغاء القرار رقم 203 لسنة 1995 فيما تضمنه فى التعيين فى إحدى وظيفتى رئيس إدارة مركزية للمشتريات والمخازن برئاسة الهيئة ورئيس إدارة مركزية لتنمية المجتمعات العمرانية برئاسة الهيئة مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الادارية المصروفات و مقابل أتعاب المحاماة.
وقد تداولت المحكمة نظر الدعوى على النحو الثابت بمحاضر جلساتها وبجلسة 5/ 7/ 1997 حكمت المحكمة بقبول الدعوى شكلاً وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه إلغاءً مجرداً مع ما يترتب على ذلك من آثار وألزمت الجهة الإدارية المصروفات.
وشيدت المحكمة قضاءها بعد استعراض نصوص القانون رقم 5 لسنة 1991 بشأن الوظائف القيادية ولائحته التنفيذية الصادرة بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1596 لسنة 1991 باللائحة التنفيذية للقانون المشار إليه على أن الثابت من الاطلاع على قرار رئيس مجلس إدارة هيئات المجتمعات العمرانية الجديدة رقم (15) لسنة1994 والذى صدر القرار المطعون فيه فى ظل العمل به أن القرار نص فى مادته الأولى على أن يعاد تشكيل اللجنة الدائمة للترشيح والاختيار والإعداد لشغل الوظائف القيادية الشاغرة من الدرجة العالية ودرجة مدير عام بالهيئة وأجهزتها على النحو التالى:
السادة نواب رئيس الهيئة - رؤساء أجهزة المدن شاغلى وظائف الدرجة الممتازة ويتولى رئاسة اللجنة أقدم السادة النواب - ولم يتضح منه ما إذا كان تشكيل اللجنة الدائمة زوجياً أو فردياً ما إذا كانت اللجنة تتكون من عدد خمسة فأقل أو أكثر إذ لم يحدد القرار أعضاء اللجنة بالاسم أو الوظيفة والدرجة وذلك حتى تتحقق المحكمة عما إذا كانت لجنة الوظائف القيادية تشكل طبقاً لأحكام القانون من عدمه ومن ثم يكون قرار التشكيل مخالفاً لأحكام القانون وبالتالى يكون القرار المطعون فيه الصادر استناداً إليه معيباً ومخالفاً لأحكام القانون الأمر الذى يتعين معه الحكم بإلغائه إلغاءً مجرداً وما يترتب على ذلك من آثار.
وإذ لم ترتض هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة القضاء السابق أقامت طعنها الماثل على أسباب حاصلها الاخلال بحق الدفاع إذ أن المطعون ضده (المدعى) قدم بجلسة 24/ 5/ 1997 بعد ورود تقرير هيئة مفوضى الدولة للمحكمة ثلاث حوافظ مستندات ومذكرة بدفاعه ولم تمكن المحكمة الهيئة الطاعنة من الاطلاع عليها فضلاً عن أن الأخطار بجلسة المرافعة الوحيدة لم يرد إلى الهيئة إلا بتاريخ 2/ 6/ 1997 أى بعد تاريخ الجلسة بتسعة أيام بالمخالفة لنص المادة 30/ 2 من القانون 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة. كما أخطأ الحكم الطعون فيه فى تطبيق القانون إذ استنتج من القرار رقم 15 لسنة 1994 أن تشكيل لجنة القيادات مخالف للقانون والأصل أن تبنى الأحكام على اليقين لا الظن والتخمين، والثابت من محضر لجنة القيادات التى قامت بالترشيح للقرار المطعون فيه أنها مشكلة من خمسة أعضاء هم: 1 - مهندس......... نائب رئيس الهيئة للشئون الفنية رئيساً للجنة، 2 - د. مهندس........ نائب رئيس الهيئة للشئون الاقتصادية والمالية والإدارية، 3 - مهندس......... نائب رئيس الهيئة للمتابعة والتنسيق، 4 - مهندس........... رئيس القطاع لشئون جهاز تنمية مدينة السادات، 5 - مهندس.......... رئيس القطاع لشئون جهاز مدينة6 أكتوبر، وهو الأمر الذى يجعل تشكيل اللجنة متفقاً مع القانون ويكون الحكم المطعون فيه قد خالف صحيح القانون فيما ذهب إليه.
كما أقام الطاعن فى الطعن رقم 2212 لسنة 44 ق. ع طعنه على أسباب حاصلها الخطأ فى تطبيق القانون ومخالفته وذلك لكون الطاعن هو الأحق بشغل الوظيفة محل الطعن وكان على الحكمة أن تلغى القرار فيما تضمنه من عدم تعيينه فى الوظيفة محل الطعن إذ أن الالغاء المجرد لا يعطيه الحق فى شغل هذه الوظيفة رغم أفضليته فى شغلها من خلال إنجازاته وتاريخه الوظيفى وكان حرياً بالمحكمة أن تضع الحكم فى نصابه وتحكم بأحقية الطاعن فى شغل إحدى الوظيفتين موضوع القرار رقم 203 لسنة 1995 اعتباراً من 26/ 11/ 1995.
ومن حيث إنه عن الوجه الأول من أوجه طعن الجهة الإدارية والمتعلق بصدور الحكم مشوباً بالإخلال بحق الدفاع إذ لم تتمكن الهيئة من الحضور بجلسة المرافعة الوحيدة 24/ 5/ 1997 بسبب وصول الإخطار إليها بالجلسة بتاريخ 2/ 6/ 1997 كما لم تتمكن من الاطلاع على حوافظ المستندات الثلاثة ومذكرة الدفاع التى أودعها المدعى بذات الجلسة وتقرر فيها حجز الدعوى للحكم دون التصريح بالاطلاع أو تقديم مذكرات للهيئة المدعى عليها - الهيئة الطاعنة - فقد جرى قضاء هذه المحكمة على أن حق الدفاع أصالة أو بالوكالة حق مقدس لا تقوم له قائمة إلا بتوفير المساواة الحقية بين المتقاضين أمام منصة القضاة وأن من ألزم وسائل تحقيق هذه المساواة ضرورة كفالة حرية الرد على ما يقدمه أحد الخصوم إلى المحكمة من مستندات حتى يضع كل طرف تحت نظر المحكمة ما يعين له من أدلة لإثبات حقه، وبغير ذلك لا تتحقق المساواة التامة أمام القاضى الذى يكون مغمض العينين بالميزان لايرى أياً من طرفى الخصومة مجسداً وإنما يزن بالعدل الذى يستشعره فى أعماق وجدانه حجج الطرفين ويرجح ما يقتضيه تحقيق العدل وسيادة القانون بشأنها فإذا ما تمكن أحد الطرفين من أن يضع أمام عينى القاضى مستنداً لم يطلع عليه خصمه أو يمكن من الاطلاع عليه وبنى على ذلك المستند قضاءه كان هذا القضاء باطلاً، ولذلك لا يجوز للمحكمة قبول أية أوراق أو مذكرات من أحد الخصوم فى غير جلسة دون اطلاع خصمه عليها أوإعلانه بها، فإذا قبلت المحكمة مثل هذه المذكرة فإنها يجب ألا تعول عليها أو تتاثر بها فى حكمها وإلا كان الحكم باطلاً، ويقوم مقام إعلان الخصم أو اطلاعه على المذكرة أية واقعة تفيد هذا الاطلاع وتحقيق الغاية منه وهو إتاحة الفرصة للخصم للرد على دفاع خصمه، وكان ذلك لا يغل يد المحكمة فى تنظيم حق الدفاع ووضع القواعد التى من شأنها عدم إضاعة وقت المحكمة عبثا وعدم مباغته الطرف الآخر فيضطر إلى طلب التأجيل مما يعطل نظر القضية.
ومن حيث إنه لما كان ما تقدم وكان الثابت من الأوراق أن المطعون ضده أقام دعواه محل الطعن الماثل طالباً إلغاء قرار الجهة الإدارية رقم 203 لسنة 1995 وتم إعلان صحيفة الدعوى إلى الجهة الإدارية وجرى تحضير الدعوى أمام هيئة مفوضى الدولة على النحو المبين بمحاضر جلساتها وتبادل الخصوم المذكرات والمستندات وقدم مفوضى الدولة تقريراً بالرأى القانونى، وتحدد لنظر الدعوى جلسة 24/ 5/ 1997 وتم إخطار الهيئة الطاعنة بالجلسة المحددة لنظر الدعوى إلا أنها لم تحضر بتلك الجلسة وحضر المدعى الذى قدم مذكرة أكد فيها على طلباته الواردة بصحيفة افتتاح الدعوى كما أن حوافظ المستندات التى قدمت منه فى تلك الجلسة هى مجرد تكرار للمستندات السابق تقديمها أمام هيئة مفوضى الدولة ولم يرد بها جديد يحتاج لإطلاع الطاعنة عليه قبل حجز الدعوى للحكم ولم يستند الحكم إلى هذه المستندات ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه قد صدر صحيحاً مبرءاً من عيب الإخلال بحق الدفاع ويضحى هذا الوجه من الطعن غير قائم على سند يبرره من الواقع أو القانون.
ومن حيث إنه عن الوجه الثانى من أوجه الطعن وهو المتعلق بتشكيل لجنة القيادات فإن الثابت من القرار رقم 15 لسنة 1994 أن تشكيل اللجنة على النحو الصادر به القرار المشار إليه مخالفاً لأحكام القانون وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى ذلك فإنه يكون قد صادف صحيح حكم القانون ولا ينال من ذلك ما ذهبت إليه الهيئة الطاعنة من أن ترشيح المطعون على ترقيته والصادر به القرار رقم 203 لسنة 1995 قد تم من قبل لجنة مشكلة من خمسة أعضاء إذ أن هذا الذى ذهبت إليه الهيئة الطاعنة مجرد قول مرسل لم يقم عليه دليل من الأوراق ولم تقدم الهيئة دليلاً عليه سواء فى مرحلة تحضير الدعوى أمام هيئة مفوضى الدولة كما لم تقدم دليلاً عليه بعد إقامة طعنها الماثل سواء أمام هيئة مفوضى الدولة أو أمام هذه المحكمة فى مرحلة تداول الطعن أمام دائرة فحص الطعون أو أمام دائرة الموضوع ومن ثم يضحى ادعاءها بصحة تشكيل لجنة القيادات التى قامت بالترشيح لشغل الوظيفة مجرد قول مرسل لا دليل عليه ويناقض تشكيل اللجنة الوارد بالقرار رقم 15 لسنة 1994 وهو تشكيل مخالف للقانون الأمر الذى يجعل هذا الوجه من الطعن أيضاً غير قائم على سند من الواقع مستوجباً رفضه.
ومن حيث إنه بالنسبة لما ينعاه الطاعن فى الطعن رقم 2212 لسنة 44ق. عليا على الحكم المطعون فيه من عدم إلغاء القرار المطعون فيما تضمنه من عدم تعينه وإلغاء القرار إلغاءً مجرداً رغم أفضليته الظاهرة فى شغل الوظيفة، فإن هذا النعى فى غير محله ذلك أن القرار المطعون فيه قد شابه عيب جوهرى فى الإجراءات ترتب عليه بطلانه ومن ثم فو لا يصلح فى ذاته بالشكل الذى صدر به لإنشاء مركز قانونى للطاعن أو المطعون على ترقيته وذلك لعيب فى القرار ذاته وذلك لمخالفة تشكيل اللجنة صدر القرار المطعون فيه استناداً إلى أعمالها لأحكام القانون الأمر الذى يتطلب صدور قرار جديد بإجراءات صحيحة ومطابقة للقانون - وليس من شأن إلغاء القرار فيما تضمنه من تخطى الطاعن فى التعيين فى إحدى وظيفتى رئيس الإدارة المركزية للمشتريات والمخازن - أن يتم تعيينه استناداً إلى قرار باطل لا يصلح لترتيب مثل هذا الأثر، وإذ انتهت المحكمة إلغاء القرار المطعون فيه إلغاءً مجرداً لعيب فى الإجراءات فإن حكمها المطعون فيه يكون قد صادف صحيح القانون، ويضحى الطعن المقام من الجهة الإدارية والطعن المقام من .......... غير قائمين على سند من الواقع أو القانون مستوجبين للحكم برفضهما وإلزام كل طاعن مصروفات طعنه.

فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة بقبول الطعنين شكلا، ورفضهما موضوعا وألزمت كل طاعن مصروفات طعنه.