مجلس الدولة - المكتب الفني لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السادسة والأربعون - الجزء الثالث (من يونيه سنة 2001 إلى آخر سبتمبر 2001) - صــ 2637

(309)
جلسة 26 من أغسطس سنة 2001

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ جودة عبد المقصود فرحات نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة: السيد محمد السيد الطحان، وسامى أحمد محمد الصباغ، ومصطفى محمد عبد المعطى، وأحمد حلمى محمد أحمد نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 4910 لسنة 44 القضائية

(أ) برك ومستنقعات - التخلص منها - الإستيلاء عليها - ردها إلى أصحابها.
القانون رقم 57 لسنة 1978 فى شأن التخلص من البرك والمستنقعات ومنع إحداث الحفر - منح المشرع الوحدات المحلية كل فى نطاق إختصاصها - سلطة التخلص من البرك والمستنقعات مع إخطار ملاكها وواضعى اليد عليها بعزمها على التخلص منها - للحافظ بناء على طلب الوحدة المحلية أن يصدر قرارا بالإستيلاء المؤقت على الأرض التى بها برك ومستنقعات للقيام بأعمال التخلص منها على أن تقوم الوحدة المحلية باخطار ملاكها بمصاريف أعمال التخلص قبل القيام بهذه الأعمال، على أن يؤدى الملاك خلال سنة من تاريخ إخطارهم بإتمام تلك الأعمال مصاريف التخلص، فإذا لم يقوموا بأداء المبالغ نقداً أو عيناً إلى الوحدات المحلية المختصة آلت ملكية تلك الأراضى إلى الوحدة المحلية من تاريخ صدور قرار الإستيلاء عليها - ولملاك البرك والمستنقعات التى ثم ردمها ولم تؤد تكاليف ردمها وأنقضت مواعيد إستردادها الحق فى شرائها، ويسقط الحق فى الشراء إذا لم يقدم طلب الشراء أو لم يؤد الثمن خلال المدة المحددة لذلك - تطبيق.
(ب) أملاك الدولة الخاصة - إزالة التعدى عليها - حدود سلطة القضاء الإدارى فى فحص مشروعية قرار الإزالة يجب أن يكون سند الجهة الإدارية فى الإدعاء بملكيتها للمال الذى تتدخل لإزالة التعدى عليها إدارياً سند جدى له أصل ثابت فى الأوراق، وأن يكون التعدى قائماً بحسب ظاهر الحال على الغصب والعدوان المادى على أموال الدولة الخاصة أو العامة، فإذا كان للأفراد أدلة قانونية ظاهرة على الملكيه أو الحيازة أو غير ذلك من الحقوق فإنه لا يسوغ للجهة الإدارية إستخدام حق التنفيذ المباشر لمنعهم من مباشرة حيازتهم ويتعين على الجهة الإدارية المختصة اللجوء إلى القضاء للحصول على أحكام بما لها من حقوق إن وجدت ولدحض إدعاءات الأفراد الثابتة بحسب الظاهر قانونا على المال المملوك للدولة - القضاء فى فحصه لمشروعية سبب قرار الإزالة لا يفصل فى نزاع قائم على الملكية بين الطرفين المتنازعين ولا يتغلغل فى فحص مايقدم منهم من مستندات بقصد الترجيح فيما بينهما، لأن ذلك من إختصاص القضاء المدنى الذى يملك وحده الحكم فى مضووع الملكية، إنم يقف إختصاص القضاء الإدارى عند حد التحقق الإدارى من إدعاء الجهة الإدارية لملكيتها للأرض محل قرار الإزالة إدعاء جدى له شواهده المبررة من واقع الأوراق - تطبيق.


إجراءات الطعن

فى يوم الأربعاء الموافق 6/ 5/ 1998 أودعت هيئة قضايا الدولة نائبة عن الطاعنين بصفتهم قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن رقم 4910 لسنة 44 ق.ع وذلك فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة بجلسة 10/ 3/ 1998 فى الدعوى رقم 6292 لسنة 48 ق والقاضى منطوقه "بقبول الدعوى شكلا وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وألزمت الجهة الإدارية المصروفات".
وطلب الطاعنون بصفتهم - للأسباب الواردة بتقرير الطعن - تحديد أقرب جلسة لنظر هذا الطعن أمام دائرة فحص الطعون لتأمر بصفته مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، ثم بإحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا لتقضى فيه بقبوله شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً برفض طب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه مع إلزام المطعون ضده بصفته المصروفات.
وجرى إعلان تقرير الطعن للمطعون ضده بصفته على النحو المبين بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضى الدولة تقريراً بالرأى القانونى ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا وبرفضه موضوعا مع إلزام الطاعنين بصفاتهم المصروفات.
وقد عينت دائرة فحص الطعون لنظر الطعن جلسة 7/ 11/ 2000، وجرى تداوله أمامها بالجلسات على النحو المبين بالمحاضر إلى أن قررت إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة السادسة موضوع) لنظره بجلسة 4/ 4/ 2001 حيث جرى تداوله أمامها على النحو الثابت بالمحاضر، وبجلسة 20/ 6/ 2001 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 26/ 8/ 2001 لإتاحة الفرصة لتقديم مذكرات ومستندات لمن يشاء خلال أسبوعين.
وبجلسة اليوم صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه ومنطوقه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة قانونا.
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية المقررة.
ومن حيث إن وقائع هذا النزاع تتحصل - حسبما يبين من الأوراق - فى أنه بتاريخ 9/ 6/ 1994 أقام المطعون ضده بصفته الدعوى رقم 6292 لسنة 48 ق بإيداع عريضتها قلم كتاب محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة وطلب فى ختامها الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء القرار رقم 437 لسنة 1993 الصادر من إدارة التنظيم بحى الهرم بإزالة مبنى المقر الرئيسى للشركة القائم بالعقار رقم 43ق الأهرام بالجيزة وإعتباره معدوم الأثر قانونا.
وذكر شرحا لذلك أنه بموجب عقدين مؤرخين 27 من يناير، 30 من مارس سنة 1987 أشترت الشركة التى يمثلها من ورثة المرحوم/ ............ قطعتين من الأرض الفضاء المعدة للبناء بناحية نزلة السيسى وتحملان رقم 43 شارع الأهرام وحصلت الشركة على حكم بصحة ونفاذ العقدين من محكمة الجيزة الإبتدائية فى الدعويين رقمى 4880، 4881 لسنة1990 بجلسة 17/ 5/ 1990، كما حصلت الشركة على ترخيص البناء رقم 271 لسنة 1986 من الإدارة الهندسية لحى غرب الجيزة باسم أحد البائعين وهو/ ............ الذى كان وكيلا عن باقى الورثة، واكتملت المبانى التى أصبحت صرحا ضخما وأتخذت الشركة منه مقرا لها وقد تكلفت المبانى ما يقرب من عشرة ملايين من الجنيهات، وبتاريخ 27/ 1/ 1993 أوقعت الوحدة المحلية لمدينة الجيزة حجزا إداريا على أموال الشركة لدى البنك المصرى الأمريكى وفاء لمبلغ 118936.70 جنيه قيمة مقابل الإنتفاع عن الأرض التى أقيم عليها مبنى الشركة، ثم علمت الشركة بعد ذلك أن الجهات الإدارية التابعة لمحافظة الجيزة تنازعها الملكية فى الأرض المقام عليها المبنى بدعوى أنها من أراضى البرك والمستنقعات التى قامت الحكومة بردمها ولم يدفع الملاك نفقات الردم، وعليه صارت ملكا للدولة، وإذ تظلمت الشركة لجهة الإدارية التى أوقعت الحجز الإدارى فاستجابت لتظلم الشركة وقامت برفع إجراءات الحجز الإدارى، إلا أنه قد أستمر إدعاء تلك الجهات الإدارية بملكيتها للأرض قائما، الأمر الذى رأت معه الشركة المدعية أن تقيم أمام محكمة الجيزة الإبتدائية الدعوى رقم 1610 لسنة 93 مدنى كلى أختصمت فيها كل من محافظة الجيزة ومجلس مدينة الجيزة ومديرية الإسكان بها وكذلك البائعين للأرض محل النزاع، وبجلسة 29/ 1/ 1994 أصدرت المحكمة المذكورة حكمها بندب مكتب خبراء وزارة العدل بالجيزة ليندب أحد خبرائه المتخصصين لتحقيق عناصر النزاع على الملكية، ولم يبدأ الخبير المنتدب فى مباشرة المأمورية حتى الآن، وبتاريخ 24/ 4/ 1994 أخطرت الشركة بصدور القرار رقم 437 لسنة 1993 بإزالة المبانى القائمة على قطعة الأرض رقم 43ش الأهرام وهى المبانى التى شيدتها الشركة بأموالها وأتخذتها مقرا لإدارتها منذ قرابة أربع سنوات.
ونعى المدعى بصفته على القرار المطعون فيه مخالفته للقانون للأسباب الآتية:
أولاً: إنه صدر مشوبا بعيب عدم الإختصاص الجسيم لأنه كان يتيعن على الجهة الإدارية الا تصدر قرارها وتنتظر حتى يفصل القضاء فى دعوى تثبيت الملكية المقامة من الشركة المدعية.
ثانياً: أنه صدر مشوباً بعيب التعسف فى إستعمال السلطة لأنه لا يجوز للجهة الإدارية بعد أن رخصت بإقامة بناء على قطعة الأرض التى تدعى ملكيتها - والمكونة حاليا من سبعة أدوار - أن تصدر قرارها بإزالته بعد إنقضاء نحو ثمانى سنوات على سند من القول بأن الأرض من أراضى البرك التى آلت ملكيتها للدولة بالمخالفة للواقع والقانون.
وأضاف المدعى بصفته أن فى تنفيذ القرار الطعين نتائج يتعذر تداركها تتمثل فى إيقاف نشاط الشركة والإساءة لسمعتها دون إثم إرتكبته فضلا عن إهدار الملايين التى أنفقت فى التشييد، فضلا عن تشريد عدد ضخم من الموظفين والعمال.
وقد تدوول نظر الشق العاجل من الدعوى بجلسات المحكمة على النحو الثابت بالمحاضر وبجلسة 10/ 3/ 1998 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه.
وشيدت المحكمة قضاءها بعد إستعراضها لأحكام المادة 970 من القانون المدنى، والمادتين 26، 31 من قانون نظام الإدارة المحلية رقم 43 لسنة 1979 وتعديلاته والمواد أرقام 5، 8، 13 من القانون رقم 57 لسنة 1978 فى شأن البرك والمستنقعات - على أساس أن القرار المطعون فيه صدر بناء على قرار تعويض سابق على صدور قانون الإدارة المحلية رقم 43 لسنة 1978 الأمر الذى يجعله صادرا من غير مختص بإصداره قانونا، كما أن الأوراق لم تكشف عن أن رئيس حى الأهرام مفوض من محافظ الجيزة فى تاريخ لاحق على صدور قانون نظام الإدارة المحلية المشار إليه بإزالة التعدى الذى يقع على أملاك الدولة.
وأضافت المحكمة أن قطعة الأرض محل النزاع مسجلة عقاريا باسم/ ........... عن/ ............ بموجب العقد المسجل رقم 1158 لسنة 1941، 2056 لسنة 1942 ثم إنتقلت الملكية إلى ورثته ثم قام المدعى بصفته بشراء كامل أرض وبناء العقار محل قرار الإزالة المطعون فيه بموجب عقدين عرفيين من هؤلاء الورثة، وبجلسة 17/ 5/ 1990 صدر حكم بصحة ونفاذ العقدين المشار إليهما، فضلا عن وجود ترخيص بالبناء صادر من حى غرب الجيزة مصرح فيه للمدعى بصفته ببناء سبعة أدوار بالأرض والبد روم بعد أن تأشر على طلب الترخيص بأن الموقع المقام عليه البناء لا يقع ضمن أملاك الدولة وأراضى البرك، الأمر الذى يضحى معه القرار المطعون فيه قد صدر بالمخالفة لصحيح حكم القانون جديراً بالإلغاء، وهو ما يتوافر معه ركن الجدية فى شأن طلب وقف تنفيذه، فضلا عن توافر ركن الإستعجال لما يترتب على تنفيذ القرار المطعون فيه من هدم مبنى الشركة المدعية وهى نتائج يتعذر تداركها فيما بعد لو قضى بإلغاء القرار المطعون فيه.
وإذ لم يلق هذا القضاء قبولا لدى الطاعنين بصفتهم فقد بادروا إلى إقامة الطعن الماثل ناعين على الحكم المطعون فيه مخالفته للقانون والخطأ فى تطبيقه وتأويله وذلك تأسيساً على أن رئيس حى الهرم مفوض فى إصدار القرار المطعون فيه وإن هذا التفويض صريح وقائم ولم يتم إلغاءه أو سحبه من قبل محافظ الجيزة، كما أن المحكمة لم تطلب التفويض المشار إليه وأمتنعت جهة الإدارة عن تقديمه الأمر الذى يكون معه القرار المطعون فيه قد صدر من مختص بإصداره قانونا، ومن ناحية أخرى فإن ما أبرم من عقود بشأن الأرض محل النزاع لا يخرج عن كونه عقوداً عرفية لم تكن جهة الإدارة طرفا فيها كما أنها لم تختصم فيما أقيم بشأنها من دعاوى صحة ونفاذ، ومن ثم لا تسرى فى مواجهة جهة الإدارة ولا بما ورد فيها ولا يكون لها أى أثر فى شأن ملكية الدولة لهذه الأرض، وبالتالى يكون لجهة الإدارة إزالة ما يقع على أملاكها من تعديات، ولا ينال من ذلك وجود عقد مسجل بشأن الأرض محل النزاع باسم مورث البائعين وانتقل إلى ورثته لأن الأوراق قد خلت ما يفيد صحة هذا الإدعاء مما يجعل القرار المطعون فيه قد صدر من مختص بإصداره ومتفقا وصحيح حكم القانون.
ومن حيث إن المادة 5 من القانون رقم 57 لسنة 1978 فى شأن التخلص من البرك والمستنقعات ومنع إحداث الحفر تنص على أن "للوحدة المحلية التخلص من البرك والمستنقعات التى لم يقم ملاكها أو واضعى اليد عليها بالتخلص منها بإحدى الوسائل التى يحددها قرار وزير الاسكان ............
وعلى الوحدة المحلية فى هذه الحالة إخطار ملاك البرك والمستنقعات وواضعى اليد عليها بالطريق الإدارى بعزمها على التخلص منها فإن تعذر إخطارهم بسبب تغيبهم أو عدم الإستدلال على محال إقامتهم يلصق نسخة من الأخطار بلوحة الإعلانات بالوحدة المحلية المختصة وفى مقر عمدة الناحية أو فى مقر نقطة الشرطة.
ولملاك البرك والمستنقعات وواضعى اليد عليه أن يتقدموا خلال شهر من تاريخ الإخطار أو اللصق بحسب الأحوال بتعهد كتابى للقيام بأعمال التخلص من البركة أو المستنقع وبيان وسيلة التخلص والمدة التى يتم فيها ذلك فإذا لم يقدم الملاك أو واضعوا اليد هذه التعهدات أو قدموها ولم تقبلها الوحدة المحلية بقرار مسبب أو انقضت المدة المحددة لإتمام أعمال التخلص من البركة أو المستنقع دون إتمام ذلك أو تبين للوحدة بعد إنقضاء نصف المدة عجز مقدم التعهد عن القيام بما تعهدته به بطريقة سليمة كان للمحافظ بناء على طلب الوحدة المحلية المختصة أن يصدر قرارا بالإستيلاء المؤقت على الأرض التى بها البركة أو المستنقع للقيام بأعمال التخلص منها ويتضمن هذا القرار بيان موقع الأرض وحدودها ومساحتها ويرفق به رسم تخطيطى يوضح ذلك".
وتنص المادة رقم 8 من هذا القانون على أن "تخطر الوحدة المختصة ملاك البرك والمستنقعات التى تم الإستيلاء عليها بإتمام أعمال التخلص منها على أن يتضمن الإخطار قيمة البركة أو المستنقع قبل التخلص منها ومصاريف أعمال التخلص وكذلك قيمتها بعد إتمام تلك الأعمال........ ويؤدى الملاك خلال سنة من تاريخ إخطارهم جميع مصاريف التخلص المشار إليها وملحقاتها أو الزيادة فى القيمة بعد إتمام التخلص أيهما أقل........ فإذا لم يقم الملاك بأداء مستحقات الوحدة المحلية المختصة نقدا أو عينياً وفقا لما تقدم آلت إلى الوحدة المحلية ملكية أرض البركة أو المستنقع من تاريخ صدور قرار الإستيلاء عليها وذلك مقابل قيمتها قبل البدء فى أعمال التخلص........".
وتنص المادة 13 على أنه "يكون لملاك البرك والمستنقعات التى تم ردمها وفقا للقوانين السابقة ولم تؤدِ تكاليف ردمها أو يتنازل عنها أصحابها وانقضت مواعيد إستردادها وفقا لأحكم تلك القوانين حق شرائها بثمن يعادل تكاليف ردمها مضافا إليها 10% كمصاريف إدارية والفوائد القانونية بواقع 4% سنويا....... ويسقط حق المالك فى الشراء طبقا لأحكام هذه المادة إذا لم يقدم طلب الشراء أو لم يؤد الثمن خلال المدة المحددة لذلك.
ومن حيث إن مفاد هذه النصوص أن المشرع قد منح الوحدات المحلية - كل فى نطاق إختصاصها سلطة التخلص من البرك والمستنقعات التى لم يقم ملاكها أو واضعوا اليد عليها بالتخلص منها، وفى هذه الحالة فإنه على الوحدة المحلية إخطار ملاك البرك والمستنقعات وواضعى اليد عليها بالطريق الإدارى بعزمها على التخلص منها، كما أنه للمحافظ بناء على طلب الوحدة المحلية المختصة أن يصدر قرارا بالإستيلاء المؤقت على الأرض التى بها بركة أو مستنقع للقيام بأعمال التخلص منها، وتقوم الوحدة المحلية بإخطار ملاك البرك والمستنقعات التى تم الإستيلاء عليها بإتمام أعمال التخلص منها، ويتضمن الإخطار قيمة البركة أو المستنقع قبل التخلص منها ومصاريف أعمال التخلص وكذلك قيمتها بعد أتمام تلك الأعمال على أن يؤدى الملاك خلال سنة من تاريخ إخطارهم مصاريف التخلص المشار إليها وملحقاتها أو الزيادة فى القيمة بعد إتمام التخلص أيهما أقل. فإذا لم يقم الملاك بأداء المبالغ المستحقة نقداً أو عينيا للوحدة المحلية المختصة آلت ملكية أرض البركة أو المستنقع إلى الوحدة المحلية من تاريخ صدور قرار الإستيلاء عليها وذلك مقابل قيمتها قبل البدء فى أعمال التخلص منها، ولملاك البرك والمستنقعات التى تم ردمها ولم تؤد تكاليف ردمها أو يتنازل عنها أصحابها، وانقضت مواعيد إستردادها الحق فى شرائها بثمن يعادل تكاليف ردمها مضافا إليها 10% كمصاريف إدارية والفوائد القانونية بواقع 4% سنويا ويسقط حق المالك فى الشراء إذا لم يقدم طلب الشراء أو لم يؤد الثمن خلال المدة المحددة لذلك.
ومن حيث إنه قد جرى قضاء هذه المحكمة على أنه يجب أن يكون سند الجهة الإدارية فى الإدعاء بملكيتها للمال الذى تتدخل لإزالة التعدى عليه إداريا سند جدى له أصل ثابت فى الأوراق ويتعين لإستخدام الجهة الإدارية سلطتها فى إزالة التعدى بالتنفيذ المباشر التى أناطها لها القانون أن يكون هذا التعدى قائما بحسب ظاهر الحال على الغصب والعدوان المادى على أموال الدولة الخاصة أو العامة بأن يكون هذا التعدى من الأفراد أو الأشخاص الإعتبارية الخاصة غير مستند على أى وجه على سند قانونى ظاهر يجعل للأفراد بحسب الظاهر حق فى ملكية هذه الأموال أو حيازتها لا تدحضه المستندات القاطعة لجهة الإدارة، فإذا ما كان للأفراد أدلة قانونية ظاهرة على الملكية أو الحيازة أو غير ذلك من الحقوق فإنه لا يسوغ للجهات الإدارية إستخدام حق التنفيذ المباشر لمنعهم من حيازتهم ويتعين علي الجهة الإدارية المختصة اللجوء إلى القضاء للحصول على أحكام بما لها من حقوق إن وجدت ولدحض إدعاءات الافراد الثابتة بحسب الظاهر قانونا على المال المملوك للدولة وذلك إعلاء للشريعة وإحتراما لسيادة القانون والإلتزم بالحدود التى وضعها المشرع والحكمة التى تغياها من تمكين الإدارة من حماية الأموال العامة والخاصة والمملوكة للدولة من العدوان المادى والإغتصاب الذى لا سند له من الأفراد، كما أن القضاء الإدارى فى فحصه لمشروعية سبب قرار الإزالة لا يفصل فى نزاع قائم على الملكية بين الطرفين المتنازعين ولا يتغلغل فى فحص ما يقدم منهم من مستندات بقصد الترجيح فيما بينهما، لأن ذلك كله من إختصاص القضاء المدنى الذى يملك وحده الحكم فى موضوع الملكية - وإنما يقف إختصاص القضاء الإدارى عند حد التحقيق الإدارى من إدعاء الجهة الإدارية بملكيتها للأرض محل قرار الإزالة إدعاء جدى له شواهده المبررة من واقع الأوراق.
ومن حيث إنه لما كان ما تقدم وبتطبيقه على وقائع النزاع الماثل، وبالقدر اللازم لاستظهار ركن الجدية فى طلب وقف التنفيذ فإن الظاهر من الأوراق أن قطعة الأرض محل النزاع مسجلة باسم/ ............... بالعقدين المسجلين رقمى 1158 لسنة 1941 محكمة مصر المختلطة، و 2056 لسنة 1942 محكمة الجيزة الأهلية ثم إنتقلت الملكية إلى ورثته، وبتاريخ 27/ 1/ 1987، 30/ 3/ 1987 إشترى المطعون ضده بصفته بموجب عقدين عرفيين من ورثة المرحوم/ ............ مسطح 663.90م2، 772م2 وهما كامل أرض وبناء العقار رقم 43 شارع الأهرام والكائن بحوض المحجرة وبحر الخيل رقم 7 قطعة رقم 491 س 120 من 2 والقطعة رقم 187 مستنجدة من 107 والصادر بشأنهما حكمان صادران من محكمة الجيزة الإبتدائية فى الدعويين رقمى 4880، 4871 لسنة 1990 بجلسة 17/ 5/ 1990 بصحة ونفاذ هذين العقدين، وبتاريخ 21/ 3/ 1987 أصدر حى غرب الجيزة - ادارة التنظيم - ترخيص البناء رقم 271 لسنة 1986 تم التصريح فيه للمدعو/ ............ ببناء عقار من سبعة أدوار بالأراضى والبدروم بالوقع رقم 43 شارع الأهرام بعد أن تأشر على طلب الترخيص بأن الموقع لا يقع ضمن أملاك الدولة أو أراضى البرك، إلا أن محافظ الجيزة أصدر قراره رقم 341 لسنة 1988 متضمنا تعلية الأرض محل النزاع على أملاك الدولة نظرا لكونها تدخل ضمن أملاك الدولة الخاصة برك ومستنقعات، وبناء عليه أصدر رئيس حى الهرم القرار المطعون فيه رقم 437 لسنة 1993 متضمنا إزالة التعدى الواقع من المدعو/ ............. على قطعة الأرض رقم 1743 الكائنة بـ43 شارع الأهرام لكونها من أملاك الدولة الخاصة.
ومن حيث إنه فضلا عن أن البين من الأوراق والعقدين المسجلين سالفى الذكر أن الأرض محل النزاع ليست من أملاك الدولة الخاصة وليست من قبيل أراضى البرك والمستنقعات، وأن المطعون ضده قد إشتراها من ورثة المرحوم/ ............. المسجلة الأرض باسمه، فإنه يضاف إلى ذلك أن الجهة الإدارية لم تقدم المستندات الدالة على أن الأرض من أراضى البرك والمستنقعات والتى ينطبق عليها أحكام القانون رقم 57 لسنة 1978 المشار إليها ولم يقم أى دليل - من ظاهر الأوراق - على أن حيازة المطعون ضده للأرض محل النزاع تمثل عدوانا وغصبا ماديا لها، وهو الأمر الذى يضحى معه القرار المطعون فيه بإزالة التعدى الواقع من المدعو/ .............. على القطعة رقم 1743 الكائنة فى 43 شارع الأهرام قد جاء - بحسب الظاهر - بالمخالفة لصحيح حكم القانون، الأمر الذى يتوافر معه ركن الجدية فى طلب وقف تنفيذه. فضلا عن توافر ركن الإستعجال لأنه مما لا شك فيه أن فى تنفيذ القرار المطعون فيه من شأنه هدم مبنى الشركة المطعون ضدها وحرمان أصحابها من الإستفادة بأموالهم وهى نتائج يتعذر تداركها فيما بعد لوقضى بإلغاء القرار الطعين عند الفصل فى موضوعه.
وإذ توافر ركنا طلب وقف التنفيذ فإنه يتعين معه الحكم بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وإذ ذهب الحكم المطعون فيه هذا المذهب فإنه يكون قد واكب الصواب ويكون الطعن عليه قد جاء فاقدا لسنده جديرا بالرفض.
ومن حيث إن من يخسر الطعن يلزم بمصروفاته عملا بحكم المادة (184) من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة: بقبول الطعن شكلا، ورفضه موضوعا وألزمت الجهة الادارية الطاعنة المصروفات.