مجلس الدولة - المكتب الفني لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السادسة والأربعون - الجزء الثالث (من يونيه سنة 2001 إلى آخر سبتمبر 2001) - صــ 2649

(310)
جلسة 26 من أغسطس سنة 2001

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ جودة عبد المقصود فرحات نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة/ السيد محمد السيد الطحان، وسامى أحمد محمد الصباغ، ومصطفى محمد عبد المعطى، وأحمد حلمى محمد أحمد حلمى نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 871 لسنة 45 القضائية

( أ ) دعوى - تكييف الدعوى.
إنه ولئن كان للخصوم تحديد طلباتهم وتحديد الألفاظ والعبارات التى يصوغون بها هذه الطلبات على النحو الذى يرونه محققا لمصالحهم. إلا إن تكييف هذه الطلبات وتحديد حقيقتها أمر تستقل به المحكمة المنظور أمامها الدعوى لما هو مسلم به من أن هذا التكييف هو الذى تتوقف عليه تحديد ولاية المحكمة واختصاصها ومدى قبول الدعوى أمامها قبل الفصل فى موضوعها وهذا كله من المسائل الأولية المتصلة بالنظام العام - المحكمة وهى بصدد تكييف الدعوى تنقضى النية الحقيقية للخصوم ولا تقف عند ظاهر الألفاظ.
(ب) إختصاص - إختصاص القضاء الإدارى بالطعن على القرارات الإدارية السلبية - مناطه (قرار ادارى) إختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إدارى بنظر الطعن فى القرارات الإدارية السلبية منوط بأن يكون من الواجب على الجهة الإدارية قانونا إتخاذ القرار فإذا لم يكن ذلك واجبا وكان متروكا لمحض تقديرها، فإن سكوت الجهة الإدارية عن إتخاذ مثل هذا القرار لا يشكل الامتناع المقصود بالفقرة الأخيرة من المادة العاشرة من قانون مجلس الدولة الصادرة بالقانون رقم 47 لسنة 1972 - تطبيق.


إجراءات الطعن

فى يوم الإثنين الموافق 16/ 11/ 1998 أودع الأستاذ ........... نائبا عن الاستاذ ........ المحامى قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 871 لسنة 45 ق.ع. فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة فى الدعوى رقم 6687 لسنة 52 ق. بجلسة 30/ 9/ 1998 القاضى بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد وإلزام المدعى المصروفات.
وطلب الطاعن - للأسباب الواردة بتقرير الطعن قبوله شكلا، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء بوقف تنفيذ القرار السلبى بالامتناع عن الرد على طلب الطاعن بعودته لكلية الشرطة وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وجرى إعلان عريضة الطعن إلى المطعون ضدهما على النحو الثابت بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضى الدولة تقريرا بالرأى القانونى إرتأت فيه قبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا والزام الطاعن المصروفات.
وتحدد جلسة 17/ 1/ 2000 لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا، وتداولت نظره على النحو الثابت بمحاضر جلساتها إلى أن قررت إحالته إلى الدائرة السادسة موضوع لنظره بجلسة 21/ 3/ 2001 وقد نظرته هذه المحكمة ثم قررت حجزه ليصدر فيه الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة قانونا.
من حيث أن الطعن إستوفى أوضاعه الشكلية المقررة قانونا.
من حيث إن عناصر هذا النزاع تخلص حسبما يبين من الأوراق فى أن الطاعن كان قد أقام الدعوى رقم 6687 لسنة 52 ق أمام محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة طالبا الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء القرار السلبى بالامتناع عن تقرير عودته كطالب بكلية الشرطة، وما يترتب على ذلك من آثار.
وقال شرحا لدعواه بأنه إلتحق بكلية الشرطة فى العام الدراسى 95/ 1996 واجتاز بنجاح السنة الدراسية الاولى والثانية، وفى السنة الثالثة طرأت عليه حالة نفسية وموجات اكتئاب أفقدته السيطرة على إرادته ودفعت به لتقديم إستقالته لمدير الكلية فى 5/ 12/ 1997 حيث تم قبولها، ولما أسبغ الله عليه نعمة الشفاء وعاد إلى وضعه الطبيعى تقدم بطلب فى 15/ 5/ 1998 لعودته للكلية مرة ثانية ولكنه لم يتلق ردا مما يعتبر رفضا له بغير وجه حق.
ونعى المدعى على هذا القرار السلبى بمخالفة القانون لما شاب إرادته وقت تقديم الطلب ومن ثم حتمية عودته بعد أن زال السبب الذى دفعه لتقديم الطلب المذكور.
واختتم المدعى عرضية دعواه بطلباته السابقة.
وبتاريخ 30/ 9/ 1998 أصدرت المحكمة حكمها بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد وألزمت المدعى المصروفات.
وأقامت قضاءها على أساس إن الثابت بالأوراق إن المدعى تقدم بطلب لمدير كلية الشرطة للموافقة على قبول استقالته وقد وقع على الطلب ووافقت والدته السيدة/ .......... عليه ثم ترك الدراسة وتحصل على بيان من الكلية للإلتحاق بكلية الحقوق جامعة المنصورة، ونظرا لأنه تقدم فى 15/ 5/ 1998 بطلب لعودته للكلية مرة ثانية بعد أن تقدم بطلب استقالته القائم على إرادة حرة ومن ثم يكون طعنه منصبا على قرار قبول استقالته وليس ذلك الذى يدعيه بالطعن على القرار السلبى بالامتناع عن إعادته مرة ثانية للدراسة بالكلية - وأضافت المحكمة أنه بالنظر إلى أن المذكور تقدم بطلب استقالته فى 15/ 12/ 1997 ولم يقم دعواه إلا فى 31/ 5/ 1998 أى بعد ما يزيد على خمسة شهور، ومن ثم يكون قد أقام دعواه بعد الميعاد المقرر قانونا طبقا لنص المادة 24 من قانون مجلس الدولة.
وخلصت المحكمة من ذلك لقضائها السابق.....
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل يقوم على أساس مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والخطأ فى تطبيقه على سند من أن المحكمة أغفلت طلبا صريحا للمدعى وأضفت تكييفا للدعوى بطلب صدر بشأنه قرار آخر غير ذلك الذى إبتغاه من إقامتها بما يخرج عن حقيقة الطلبات فيها، فضلا عن أن القرار الذى جعلته المحكمة أساسا لقضائها إعتوره عيب واضح يتعلق بالإرادة الصحيحة للطالب والتى لم تكن متحققة فى ظروف كتابته لطلب الإستقالة، أما وأن إستقامت حالته وأصبح فى حالة نفسية وطبية متحسنة ساعدته على أمر تقدمه بالطلب الخاص بعودته للدراسة فإن فى إغفال ذلك الطلب وعدم الرد عليه يشكل مسلكا سلبيا من جانب الجهة الإدارية يستوجب الطعن عليه.
وأضاف الطاعن أنه توجد تقارير طبية ضمن مستندات الدعوى تؤيد إنعدام إرادته وقت تقدمه بطلب الإستقالة وهى مستندات ينبغى التعويل عليها وعدم الإلتفات عنها لما لها من أثر فى موضوع الدعوى.
واختتم الطاعن عريضة طعنه بطلباته المذكورة.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة جرى على أنه ولئن كان للخصوم تحديد طلباتهم وتحديد الألفاظ والعبارات التى يصوغون بها هذه الطلبات على النحو الذى يرونه محققا لمصالحهم إلا أن تكييف هذه الطلبات وتحديد حقيقتها أمر تستقل به المحكمة المنظور أمامها الدعوى لما هو مسلم به من أن هذه التكييف هو الذى تتوقف عليه تحديد ولاية المحكمة واختصاصها ومدى قبول الدعوى أمامها قبل الفصل فى موضوعها وهذا كله من المسائل الأولية المتصلة بالنظام العام ومن ثم يكون للمحكمة وهى بصدد تكييف الدعوى أن تتقصى النية الحقيقة للخصوم ولا تقف عند ظاهر الألفاظ.
كما جرى قضاءها أيضا على أن إختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إدارى بنظر الطعن فى القرارات الادارية السلبية منوط بأن يكون من الواجب على الجهة الإدارية قانونا إتخاذ القرار فإذا لم يكن ذلك واجبا وكان متروكا لمحض تقديرها فإن سكوت الجهة الإدارية عن إتخاذ مثل هذا القرار لا يشكل الامتناع المقصود بالفقرة الأخيرة من المادة العاشرة من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47/ 1972.
ومن حيث إنه متى كان ذلك وكان الثابت من إستخلاص واقعات الدعوى أنه لا يوجد قرار سلبى بالمعنى الذى عناه المشرع فى المادة العاشرة من قانون مجلس الدولة المشار إليه إذ لا الزام على جهة الإدارة بأن ترد على طلب المدعى بعودته للدراسة بعد أن إستنفذت تلك الجهة ولايتها فى إنهاء علاقته بالكلية بصدور قرار قبول إستقالته منها وعلى ذلك تكون حقيقة الدعوى أن المدعى يطعن على قبول إستقالته الذى صدر فى 5/ 12/ 1997 بعد أن وقعت والدته معه على الطلب بما ينفى صحة الأسباب التى إرتكن إليها فى تبرير طعنه ويضحى قرار قبول الاستقالة صحيحا فإذا ما إبتغى المدعى أن يطعن عليه لأى سبب من الأسباب فإنه يتعين عليه مراعاة مواعيد رفع دعوى الإلغاء المنصوص عليها فى المادة 24 من قانون مجلس الدولة فإذا ما فوت على نفسه هذه المواعيد فإن الدعوى تكون غير مقبولة شكلا لرفعها بعد الميعاد القانونى.
ومن حيث إن الطاعن أقام دعواه الذى صدر فيها الحكم الطعين بعد ما يزيد على الخمسة أشهر من صدور قرار قبول إستقالته، فإن دعواه تكون غير مقبولة لرفعها بعد الميعاد.
وإذ أخذ الحكم المطعون فيه بهذا النظر فإنه يكون صحيحا مطابق للقانون ولا وجه للطعن عليه.
ومن حيث إن من يخسر الطعن يلزم بمصروفاته عملا بحكم المادة (184) من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وبرفضه موضوعا وألزمت الطاعن المصروفات.