مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادىء القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الخامسة عشرة - العدد الأول (من أول اكتوبر سنة 1969 إلى منتصف فبراير سنة 1970) - صـ 128

(21)
جلسة 11من يناير سنة 1970

برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمد مختار العزبى نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذه محمد طاهر عبد الحميد وسليمان محمود جاد ومحمد فهمى طاهر ومحمد بهجت عتيبة المستشارين.

القضية رقم 187 لسنة 10 القضائية

موظف. "وظيفة طبيب كل الوقت". لها ميزات نص عليها قرار مجلس الوزراء الصادر في 11 من أغسطس سنة 1953 تمنح لشاغلها إذا ما توفرت فيه الشروط التى حددها هذا القرار - لجهة الادارة سلطة تقديرية في اختيار من يشغل هذه الوظيفة - لا معقب عليها في ذلك ما دامت لم تنحرف في استعمال سلطتها.
أن وظيفة طبيب كل الوقت هي وظيفة ذات ميزات نص عليها قرار مجلس الوزراء الصادر في 11 من أغسطس سنة 1953 تمنح لشاغلها إذا ما توفرت فيه الشروط التى حددها هذا القرار وأن جهة الادارة قد خولت سلطة تقديرية في اختيار من يشغل وظائف طبيب كل الوقت وذلك بالنسبة إلى الأطباء كافة سواء منهم من كان مرخصا له بمزاولة المهنة في الخارجة أو من سبق نقلهم إلى وظائف غير مصرح لشاغلها بمزاولة المهنة في الخارج وهو ما يبين من سياق المادتين الأولى والسابعة من قرار مجلس الوزراء المشار إليه، فاذا مما استعملت الوزارة رخصتها في شغل وظائف أطباء كل الوقت مما يعتبر بمثابة التعيين في تلك الوظائف المتميزة في الميزانية فانه لا معقب عليها في ذلك ما دامت لم تنحرف في استعمال سلطتها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الايضاحات وبعد المداولة.
من حيث أن الحكم المطعون فيه صدر في 20 من يونية سنة 1963 وقدم الطاعن طلب الاعفاء رقم 409 لسنة 9 القضائية إلى لجنة المساعدة القضائية بالمحكمة الادارية العليا في 15 من أغسطس سنة 1963 خلال الستين يوما التالية لصدور الحكم المطعون فيه فصدر قرار باعفائه من الرسوم القضائية في 11 نوفمبر سنة 1963 فأودع الطاعن تقرير الطعن في 5 من يناير سنة 1964 قبل انقضاء ستين يوما على صدور قرار الاعفاء ومن ثم يكون الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية وفقا لما جرى فيه قضاء هذه المحكمة فيما يتعلق بأثر طلب المساعدة القضائية في قطع ميعاد الطعن.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يبين من الأوراق - في أن المدعى أقام الدعوى رقم 26 لسنة 15 القضائية ضد السيد/ وزير الصحة بصفته بعريضه أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الادارى في 10 من اكتوبر سنة 1960وطلب في عريضة الدعوى "الحكم بتسوية حالة الطالب بمساواته بزملائه الذين شملهم القرار الصادر من وزارة الصحة برقم 900 لسنة 1960، والمعتمد في 7 من يولية سنة 1960 وبمنحه الدرجة الثالثة كل الوقت مع ما يترتب على ذلك من آثار والمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة". وتوجز اسانيد دعواه في انه حصل على بكالوريوس الطلب والجراحة من كلية الطب عام 1932 وعين بوزارة الصحة عقب تخرجه ومنح الدرجة السادسة اعتبارا من 31 من مارس سنة 1936 ورقى إلى الدرجة الخامسة في اكتوبر سنة 1946 ثم صدر قرار لجنة شئون الموظفين المعتمد في 12 من أبريل سنة 1949 بنقله إلى وظيفة مفتش بقسم الأمراض المتوطنة بالوزارة قيدا على الدرجة الرابعة وتسلم عمله بهذه الوظيفة في 23 من أبريل سنة 1949 وظل يتقاضى مرتب طبيعة العمل المقرر لوظائف اطباء كل الوقت منذ التاريخ المذكور، وفي ديسمبر سنة 1951 رقى إلى الدرجة الرابعة بالأقدمية في وظيفة مفتش كل الوقت واستمر شاغلا لوظيفة مفتش بقسم الأمراض المتوطنة حتى صدر قرار تنظيم وزارة الصحة فنقل إلى بنى سويف الطبية مديرا مساعدا في 15 من أغسطس سنة 1959 ولا يزال يشغل هذه الوظيفة حتى الآن واستطرد المدعى يقول أن الوزارة تخطته في الترقيات إلى الدرجة الثالثة كل الوقت منذ سنة 1957 بذريعة أن عمره تجاوز 52 سنة وذلك بالتطبيق لأحكام قرار مجلس الوزراء الصادر في 11 من أغسطس سنة 1953 وقد أصدرت الوزارة القرار رقم 900 لسنة 1960 المعتمد في 7 من يولية سنة 1960 نقلت بموجبه إلى الدرجة الثالثة كل الوقت اطباء تجاوزت اعمارهم الثانية والخمسين فتظلم منه في 9 من أغسطس سنة 1960 إلى السيد وزير الصحة ثم أضاف المدعى انه ممنوع من مزاولة المهنة في الخارج وقد أمضى في الدرجة الرابعة نحو عشر سنوات وقد عينته الوزارة في وظيفة مفتش كل الوقت منذ سنة 1949 وان طبيعة عمل المفتش تقتضى عدم مزاولة المهنة في الخارج واخذت الادارة عليه تعهدا بغلق عيادته وبذلك أصبح طبيبا كل الوقت وحرمته الوزارة في الوقت ذاته من الترقية إلى الدرجات المخصصة لأطباء كل الوقت ووضعته في الأقدمية مع الأطباء المصرح لهم بمزاولة المهنة في الخارج وأن الوزارة قد خالفت القانون بإصدارها القرار رقم 900 لسنة 1960 متضمنا النقل إلى الدرجة الثالثة كل الوقت اطباء يزيد سنهم عن 52 سنة - وقد أجابت الوزارة عن الدعوى بمذكرة تضمنت أن نقل الأطباء إلى كادر "كل الوقت" ثم بالقيد على الدرجة الثالثة اعتبارا من 7 من يولية سنة 1960 بموجب قرار من لجنة شئون الموظفين معتمد من الوزير في التاريخ المذكور وهذا النقل حق للادارة تجريه وفق ما تراه محققا للصالح العام وأن القول بأن الوزارة تخطت المدعى في الترقية إلى الدرجة الثالثة "كل الوقت" مردود بأنه ليس ثمة محل للمقارنة بين حالته وحالات المطعون فيه ترقيتهم حيث أن الأطباء الذين يشغلون وظائف "طبيب كل الوقت" المميزة بالميزانية بهذا الوصف أقدمية خاصة مستقلة عن الذين يشغلون وظائف "طبيب" المميزة بالميزانية بهذا الوصف وذلك طبقا لما تقضى به أحكام قرار مجلس الوزراء الصادر في 11 من أغسطس سنة 1953 وقد تمت ترقية المطعون فيه ترقيتهم إلى الدرجة الثالثة كل الوقت المخصصة لوظائفهم بالأقدمية فيما بينهم ولم تكن تجمع المدعى والمطعون في ترقيتهم أقدمية واحدة وقت أجراء الترقية فضلا عن أن المدعى رقى إلى الدرجة الثالثة (بكادر أطباء نصف الوقت) اعتبارا من 11 من أكتوبر سنة 1960 أى في التاريخ ذاته الذى رقى فيه الأطباء المطعون في ترقيتهم إلى الدرجة الثالثة "كل الوقت" وانتهت الادارة في مذكرتها إلى طلب رفض الدعوى - وبجلسة 20 من يونية سنة 1963 قضت محكمة القضاء الادارى "بقبول الدعوى شكلا ورفضها موضوعا والزمت المدعى المصروفات" وأقامت قضاءها على أن المدعى يهدف إلى الحكم بالغاء القرار رقم 900 لسنة 1960 وانه يبين من الاطلاع على محضر لجنة شئون الموظفين المعتمدة في 6 من يولية سنة 1960 أن اللجنة المذكورة وافقت على نقل بعض الأطباء من الدرجة الرابعة من كادر أطباء نصف الوقت إلى كادر أطباء كل الوقت قيدا على الدرجة الثالثة وقد ثم هذا النقل تطبيقا لقرار مجلس الوزراء الصادر في 11 من أغسطس سنة 1953 وهو رخصة مقررة لجهة الادارة ويضاف إلى ذلك أن القرار المطعون فيه لم يتضمن ترقية الأطباء المنقولين إلى كادر كل الوقت وانما يضمن قيدهم على الدرجة الثالثة والقيد على الدرجة لا يكسب حقا وان المدعى رقى إلى الدرجة الثالثة في ذلك التاريخ الذى رقى فيه إليها أطباء "كل الوقت" المطعون في ترقيتهم الذين يطلب مساواته بهم، وأن منح المدعى مرتب طبيعة العمل لا يرتب له حق الطعن في قرار يكون قد صدر ينقل بعض زملائه من كادر أطباء نصف الوقت إلى كادر أطباء كل الوقت ما دام أن هذا النقل ثم في حدود السلطة التقديرية للجهة الادارية ولم يثبت أن تصرفها قد اتصف بالانحراف أو أساءة استعمال السلطة.
ومن حيث أن الطعن يقوم على أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون عندما أهدر الطاعن النهائية والتى تتلخص في اعتباره طبيب كل الوقت منذ تعيينه مفتشا مع ما يترتب على ذلك من آثار، حيث عين بوظيفة مفتش بقسم الأمراض المتوطنة بوزارة الصحة بقرار لجنة شئون الموظفين المعتمد في 12 من أبريل سنة 1949 وتسلم وظيفته كطبيب كل الوقت في 23 من أبريل سنة 1949 وصرف مرتب طبيعة العمل الممنوح لطبيب كل الوقت اعتبارا من ذلك التاريخ ومن حقه أن يطلب اعتباره شاغلا لوظيفة من وظائف أطباء كل الوقت اعتبارا من التاريخ المذكور وأن تسوى حالته على هذا الاساس منذ ذلك التاريخ ويمنح المراكز القانونية المترتبة على ذلك بما في ذلك ترقيته اسوة بزملائه مع ما يترتب على ذلك من آثار. وأضاف الطاعن أن وزارة الصحة لمست الغبن الذى وقع عليه وصححت وضعه بنقله إلى وظيفة كل الوقت اعتبارا من 13 من سبتمبر سنة 1961 إلا انه كان يتعين اعتباره شاغلا لوظيفة كل الوقت من 23 من أبريل سنة 1949.
ومن حيث أن المادة 34 مكررا من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفى الدولة تنص على انه "يجوز بقرار من مجلس الوزراء بناء على اقتراح الوزير المختص ترقية الطبيب الذى يمنع من مزاولة مهنته بالخارج درجة أو درجتين وذلك بالشروط التى يقررها مجلس الوزراء" وقد صدر بناء على ذلك قرار مجلس الوزراء في 11 من أغسطس سنة 1953 ونص في المادة الأولى منه على أن "للوزارة الحق في نقل ألا طبيب مضى عليه مدة عشر سنوات على الأقل يزاول مهنة الطب في احدى الوظائف الحكومية إلى وظيفة تقتضى التفرغ وعدم مزاولة المهنة في الخارج بشرط أن يكون التقرير المقدم عنه في السنتين الأخيرتين بدرجة جيد" وتنص المادة الثالثة من القرار على أنه "يجوز أن يرقى الطبيب درجتين إذا كان قد مضى عليه في الخدمة عشر سنوات على الأقل ومضى عليه في درجته الأخيرة أربع سنوات على الأقل ويجوز أن يرقى الطبيب درجة واحدة إذا كان قد مضى عليه في الخدمة عشر سنوات على الأقل ومضى عليه في درجته الأخيرة سنتان على الأقل". وتنص المادة السادسة من القرار على أن "يمنح جميع الأطباء الشاغلين لوظائف تقتضى الحرمان من مزاولة المهنة في الخارج مرتب طبيعة العمل بالكامل" وتنص المادة السابعة منه على أن "لا تنطبق هذه القواعد على الأطباء الذين سبق نقلهم إلى وظائف غير مصرح لشاغليها بمزاولة المهنة في الخارج ولم تكن القواعد المنصوص عليها بقرار مجلس الوزراء بتاريخ أول يونية سنة 1942 تنطبق عليهم غير انه يجوز للوزارة تطبيقها على الأطباء الذين سبق اختيارهم لشغل وظائف غير مصرح لشاغليها بمزاولة المهنة في الخارج وحال تنفيذ القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفى الدولة دون السير في اجراءات ترقيتهم بشرط الا تكوم الترقية الي الدولة دون السير عن درجات الوظائف التى يقومون بأعمالها فعلا" وتنص المادة التاسعة من القرار على أن تعمل اقدمية خاصة للأطباء الذين يشغلون وظائف كل الوقت في كل مصلحة على حدة ولا يجوز ترقية طبيب مصرح له بمزاولة المهنة في الخارج على وظيفة طبيب ممنوع من مزاولة المهنة كما لا يجوز ترقية طبيب ممنوع من مزاولة المهنة في الخارج على درجة مخصصة لطبيب مصرح له بمزاولة المهنة، ويبين من كل ما تقدم أن وظيفة طبيب كل الوقت هي وظيفة ذات ميزات نص عليها قرار مجلس الوزراء الصادر في 11 من أغسطس سنة 1953 تمنح لشاغلها إذا ما توفرت فيه الشروط التى حددها هذا القرار وأن جهة الادارة - خولت سلطة تقديرية في اختيار من يشغل وظائف طبيب كل الوقت وذلك بالنسبة إلى الأطباء كافة سواء منهم من كان مرخصا له بمزاولة المهنة في الخارج أو من سبق نقلهم إلى وظائف غير مصرح لشاغلها بمزاولة المهنة في الخارج وهو ما يبين من سياق المادتين الأولى والسابعة من قرار مجلس الوزراء المشار إليه، فاذا مما استعملت الوزارة رخصتها في شغل وظائف أطباء كل الوقت مما يعتبر بمثابة التعيين في تلك الوظائف المتميزة في الميزانية فانه لا معقب عليها في ذلك ما دامت لم تنحرف في استعمال سلطتها.
ومن حيث انه ولئن كان الثابت في الأوراق أن المدعى نقل إلى وظيفة مفتش قسم الانكلستوما والبلهارسيا بوزارة الصحة قيدا على الدرجة الرابعة اعتبارا من أبريل سنة 1949 وحصل خلال فترة سابقة على نفاذ قرار مجلس الوزراء الصادر في 11 من أغسطس سنة 1953 آنف الذكر على بدل طبيعة عمل مقابل حرمانه من مزاولة المهنة في الخارج فان ذلك لا يخوله الحق في المعاملة على مقتضى أحكام قرار مجلس الوزراء المذكور واعتباره شاغلا لوظيفة كل الوقت واندراجه في الأقدمية الخاصة بهذه الفئة من الأطباء، ما دام النقل إلى وظائف أطباء كل الوقت ليس حتميا يتم بقوة القانون وانما يتعين لانشاء المركز القانونى به صدور قرار من جهة الادارة يدخل في نطاق سلطتها التقديرية وبذا يكون القرار رقم 900 لسنة 1960 بنقل الأطباء الذين شملهم وكانوا يشغلون الدرجة الرابعة إلى وظائف كل الوقت قيدا على الدرجة الثالثة اعتبارا من 7 من يولية سنة 1960 الذى ينعى عليه المدعى مخالفته للقانون قرارا سليما مطابقا للقانون ما دام لم يقم ثمة دليل على انحراف جهة الادارة بسلطتها في اصداره ولا يكون للمدعى أصل حق في شغل وظيفة طبيب كل الوقت وفي الطعن - بالتالى - في قرارات الترقية الصادرة بالنسبة إلى هذه الفئة من الأطباء المنفردة بأقدمية خاصة إلا اعتبارا من 13 من سبتمبر سنة 1961 تاريخ اعتماد وزير الصحة لقرار لجنة شئون الموظفين بالوزارة بنقله لشغل وظيفة طبيب كل الوقت من ذات درجته (الدرجة الثالثة).
ومن حيث أنه لما تقدم يكون الحكم المطعون فيه قد أصاب الحق في النتيجة التى انتهى إليها ويكون الطعن - والحالة هذه - غير قائم على أساس سليم ويتعين من ثم القضاء برفضه مع الزام الطاعن بالمصروفات.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وبرفضه موضوعا، وألزمت الطاعن بمصروفاته.