مجلس الدولة - المكتب الفنى لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السادسة والأربعون - الجزء الأول (من أول 15 أكتوبر سنة 2000 إلى آخر فبراير سنة 2001) - صـ 593

(73)
جلسة 23من يناير سنة 2001

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ جمال السيد دحروج نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة/ كمال زكى عبد الرحمن اللمعي، ومحمود إبراهيم عطا الله، وسالم عبد الهادى محروس جمعة، ويحيى خضرى نوبى محمد نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 8140 لسنة 44 القضائية

عقد إدارى - تنفيذه - الجزاءات التى توقعها جهة الإدارة على المتعاقد المقصر - سحب العمل والتنفيذ على الحساب، غرامة التأخير.
المواد (26)، (28)، (29) من قانون المناقصات والمزايدات رقم 9 لسنة 1983، المادة (82) من اللائحة التنفيذية لهذا القانون الصادرة بموجب قرار وزير المالية رقم 157 لسنة 1983 سحب العمل من المقاول المقصر وسيلة الإدارة فى التنفيذ العينى للعقد الادارى - والالتجاء إلى التنفيذ على الحساب لا يتضمن إنهاء العقد بالنسبة للمتعاقد معها بل يظل هذا المتعاقد مسئولاً أمام الجهة الإدارية عن التنفيذ ويتم العمل لحسابه وتحت مسئوليته المالية ويتحمل الزيادة فى التكاليف كتعويض للإدارة عن الأضرار التى أصابتها فى هذا الخصوص - فضلاً عن - حقها فى توقيع غرامة التأخير والحصول على ما تكبدته من مصاريف إدارية وأية أضرار قد تصيبها من جراء ذلك ولها فى سبيل اقتضاء مستحقاتها - الحق فى مصادرة التأمين والحجز على مستحقاته لديها أو لدى أية جهة إدارى أخرى - حق الجهة الإدارية فى سحب العمل ينشأ من مجرد تباطؤ المتعاقد معها فى التنفيذ أو إخلاله بنصوص العقد ولها الحق فى استعماله فى الوقت الذى يتراءى لها فيه - مؤدى ذلك - لا يجوز إجبارها على الانتظار إلى حين انتهاء مدة العقد حتى تستعمل هذا الحق ما دام يبين لها أن المقاول غير جاد فى تنفيذ التزاماته، أو توقف عن التنفيذ - القول بغير ذلك يعطل سير المرفق العام - تطبيق.


إجراءات الطعن

فى يوم الثلاثاء الموافق 1/ 9/ 1998 أودعت الأستاذة ........... المحامية بصفتها وكيلا عن الطاعن بصفته تقرير الطعن الماثل قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا طعنا على الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بأسيوط الدائرة الأولى والذى قضى بأحقية المدعى فى استرداد ما يخصه من كل خطاب الضمان والتأمين الجارى وغرامة التأخير وقيمة آخر مستخلص وألزمت جهة الإدارة المصروفات وطلب الطاعن فى ختام تقرير طعنه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاة مجدداً برفض الدعوى رقم 1033/ 3 ق وبإلزام المقاول المطعون ضده بالمصروفات عن درجتى التقاضي.
وقد أعلن تقرير الطعن إلى المطعون ضده على النحو الثابت بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضى الدولة تقريراً بالرأى القانونى ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً برفض الدعوى رقم 1033 لسنة 3 ق مع إلزام المطعون ضده المصروفات.
وقد تدوول نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون على النحو الثابت بمحاضر جلساتها وبجلسة 3/ 5/ 2000 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى الدائرة الثالثة بالمحكمة الإدارية العليا وحددت لنظره أمامها جلسة 18/ 7/ 2000 وتم نظر الطعن أمام هذه المحكمة بالجلسة المشار إليها والجلسات التالية وبجلسة 31/ 10/ 2000 قررت المحكمة إصدار الحكم فى الطعن بجلسة اليوم 23/ 1/ 2001 وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الثابت من الأوراق أنه بتاريخ 25/ 5/ 1992 أقام المطعون ضده الدعوى رقم 1033 لسنة3 ق ضد الهيئة الطاعنة طالباً الحكم بإلزامها برد قيمة خطاب الضمان والتأمين الجارى وغرامة التأخير وقيمة آخر مستخلص مستحق عن عملية إنشاء كبارى مصرف المساعيد وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام جهة الإدارة المصروفات وقد تداولت المحكمة نظر الدعوى على النحو الثابت بمحاضر جلساتها وبجلسة 8/ 7/ 1998 حكمت المحكمة بأحقية المدعى فى استرداد ما يخصه من كل من خطاب الضمان والتأمين الجارى وغرامة التأخير وقيمة آخر مستخلص وألزمت جهة الإدارة المصروفات، وأسست المحكمة قضائها على أن الثابت من أوراق الدعوى أنه سبق أن اسند للمدعى وآخرين هما/ .......... و........... عمليات انشاء ثلاثة كبارى على بعض المصارف التى تقع بدائرة الإدارة العامة للصرف بسوهاج وتم إضافة كوبرى رابع للعملية على أن يتم التنفيذ فى ميعاد غايته يوم 14/ 5/ 1990 وتم تنفيذ أحد الكبارى عدا بعض الاستكمالات به وهو ما يمثل 30% من الأعمال وتم صرف المستخلصات الأول والثانى والثالث لهم وتوفقوا على العمل اعتباراً من 27/ 9/ 1989 وتم إنذارهم أكثر من مرة دون جدوى وبتاريخ 7/ 1/ 1990 تقرر سحب العمل من المقاولين رغم أن الكوبرى الرابع يزيد عن 25% من قيمة الأعمال ويختلف فى نوعيته عن الأعمال المسندة لهم حسبما قرره المدعى ولم تجحده جهة الإدارة ورغم عدم حلول الميعاد المقرر لنهو الأعمال وبالتالى فإن قرار سحب العمل قد صدر بالمخالفة للقانون ذلك أنه كان يتعين على جهة الإدارة التريث لحين حلول هذا الميعاد حتى يستبين ما إذا كان المدعى يستأنف العمل أو لا وهل سيتم إنجاز كافة الأعمال أو كلها أو بعض منها وبالتالى تحديد الغرامات المستحقة بعد ذلك وتكاليف التنفيذ على الحساب خاصة وأنه لا يوجد برنامج زمنى يلتزم به المقاولون ومن ثم يكون من حق المدعى استرداد ما يخصه من قيمة خطاب الضمان والتأمين الجارى وغرامة التأخير وقيمة آخر مستخلص وهى طلباته فى الدعوى وإلزام جهة الإدارة المصروفات.
وإذ لم يرتض الطاعن بصفته الحكم المشار إليه أقام طعنه الماثل على أسباب حاصلها الخطأ فى تطبيق القانون، إذ أهمل الحكم المطعون فيه نصوص العقد المبرم بين الجهة الإدارية الطاعنة والمطعون ضده، وقد خولت نصوص العقد الجهة الإدارية الحق فى سحب العمل لمجرد التباطؤ فى التنفيذ، ونظمت المادة (39) من العقد آثار سحب العمل وأهمها الحق فى مصادرة التأمين، والتنفيذ على الحساب، وتحميل المقاول فروق الأسعار والامتناع عن صرف مستحقات المقاول لاستئداء المستحقات ونصوص العقد هى واجبة الإعمال فضلاً عن أن هذه النصوص لا تتعارض مع نص المادة (82) التى تعطى الجهة الإدارية سلطة سحب العمل فى حالة التباطؤ فى التنفيذ. واختتم الطاعن تقرير طعنه بطلباته سالفة الذكر.
ومن حيث إن مقطع النزاع فى الطعن الماثل ينحصر فى مدى أحقية الجهة الإدارية فى سحب العمل من المقاول المطعون ضده ومصادرة التأمين النهائى والحصول على مستحقاتها قبله من أية مبالغ مستحقة له قبلها أو قبل الجهات الإدارية الأخرى.
ومن حيث إن المادة (26) من قانون المناقصات والمزايدات الصادر برقم 9 لسنة 1983 تنص على أنه "إذا تأخر المتعاقد فى تنفيذ العقد عن الميعاد المحدد له جاز للسلطة المختصة إذا اقتضت المصلحة العامة إعطاء المتعاقد مهلة إضافية لإتمام التنفيذ على أن توقع عليه غرامة عن مدة التأخير بالنسب وطبقا للأسس وفى الحدود التى تبينها اللائحة التنفيذية وينص عليها فى العقد...."
وتنص المادة (28) من ذات القانون على أنه "إذا أخل المتعاقد بأى شرط من شروط العقد كان للجهة المتعاقدة الحق فى فسخ العقد أو فى تنفيذه على حساب المتعاقد بقرار من السلطة المختصة يعلن للمتعاقد بكتاب موصى عليه بعلم الوصول على عنوانه المبين فى العقد وتنص المادة (29) من ذات القانون على أنه "يكون للجهة المتعاقدة فى حالة فسخ العقد أو تنفيذه على حساب المتعاقد الحق فى مصادرة التأمين النهائى والحصول على ما تستحقه من غرامات مما يكون مستحقا للمتعاقد لديها أو لدى أية جهة إدارية أخرى من مبالغ وذلك دون حاجة إلى اتخاذ إجراءات قضائية."
وتنص المادة (82) من اللائحة التنفيذية لقانون المناقصات والمزايدات رقم 9 لسنة 1983 على أنه "إذا أخل المقاول بأى شرط من شروط العقد أو أهمل أو أغفل القيام بأحد التزاماته المقررة ولم يصلح ذلك خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ إخطاره بكتاب موصى عليه بعلم الوصول بالقيام بإجراء هذا الإصلاح كان لرئيس الإدارة المركزية الحق فى اتخاذ أحد الإجراءين التاليين وفقا لما تقتضيه المصلحة العامة:
1 - فسخ العقد....... (ب) سحب العمل من المقاول وتنفيذه على حسابه....... مع مصادرة التأمين النهائى المستحق للمقاول وقت سحب العمل والحصول على جميع ما تسحقه الجهات الإدارية من غرامات وتعويضات واسترداد جميع ما تكبدته من مصروفات وخسائر زيادة على قيمة العقد نتيجة سحب العمل.....".
وقد جرى قضاء هذه المحكمة على أن سحب العمل من المقاول المقصر هو وسيلة الإدارة فى التنفيذ العينى للعقد الإدارى وأن الالتجاء إلى التنفيذ على الحساب لا يتضمن إنهاء العقد بالنسبة للمتعاقد معها بلم يظل هذا المتعاقد مسئولاً أمام الجهة الإدارية عن التنفيذ ويتم العمل لحسابه وتحت مسئوليته المالية
ويتحمل المتعاقد مع الإدارة الزيادة فى التكاليف التى تنتج عن التنفيذ على حسابه بقيمة أعلى من تلك التى رست بها عليه الأعمال عند التعاقد، وذلك كتعويض للإدارة عن الأضرار التى أصابتها فى هذا الخصوص فضلاً عن حقها فى توقيع غرامة التأخير والحصول على ما تكبدته من مصاريف إدارية وأية أضرار قد تصيبها من جراء ذلك ولها فى سبيل اقتضاء مستحقاتها الحق فى مصادرة التأمين المستحق للمقاول لديها والحجز على مستحقاته لديها أو لدى أية جهة إدارية أخرى، حق الجهة الإدارية فى سحب العمل ينشأ من مجرد تباطؤ المتعاقد معها فى التنفيذ أو الاخلال بنصوص العقد ولها الحق فى استعماله فى الوقت الذى يتراءى لها فيه، ولا يجوز إجبارها على الانتظار إلى حين انتهاء مدة العقد حتى تستعمل هذا الحق طالما يبين لها أن المقاول غير جاد فى تنفيذ التزاماته، أو توقف عن التنفيذ، والقول بغير ذلك من شأنه أن يغل يد جهة الإدارة فى استخدام سلطتها المخولة لها قانونا وتعطيل سير المرفق العام، والثابت من الأوراق أنه تم إسناد عملية إنشاء عدد ثلاثة كبارى على بعض المصارف بدائرة الإدارة العامة للصرف بسوهاج بتاريخ 1/ 3/ 1989 إلى المطعون ضده ومقاولين آخرين بقيمة إجمالية مبلغ 94080 جنيها وصدر عن ذلك أن الشغل رقم 852 فى 4/ 5/ 1989 متضمنا أن تاريخ البدء فى التنفيذ هو يوم 15/ 5/ 1989 وتاريخ الانتهاء من الأعمال هو يوم 14/ 5/ 1990 ثم صدر أمر تشغيل آخر برقم (2) لإنشاء كبرى قدم على مصرف اخميم البحرى بمبلغ 10575 جنيها على أن يكون تاريخ البدء فى التنفيذ هو يوم 20/ 7/ 1989 وتاريخ النهو هو يوم 14/ 5/ 1990 وبذلك بلغت جملة الأعمال المسندة للمطعون ضده وآخرين مبلغ 104655 جنيه، وبعد تسليم موقع العمل تباشر المطعون ضده فى تنفيذ الأعمال وقامت الجهة الإدارية بصرف مستحقات المقاولين عن ما يتم تنفيذه على الوجه الآتي:
(1) المستخلص الأول بمبلغ 7980 جنيها وبتاريخ 29/ 6/ 1989 بالشيك رقم 0691012 (2) المستخلص الثانى بمبلغ 14850 جنيه فى 19/ 8/ 89 بالشيك رقم 0691076 (3) المستخلص الثالث بمبلغ 5050 جنيها فى 3/ 10/ 1989 بالشيك رقم 691157، إلا أنه بتاريخ 27/ 9/ 1989 توقف المقاول عن العمل تماماً فقامت الجهة الإدارية بإنذاره لاستئناف الأعمال بكتابها رقم 1561 فى 5/ 9/ 1989، كتابها رقم 1741 فى 11/ 10/ 1989، ورقم 2005 فى 21/ 11/ 1989 ورقم 2172 فى 18/ 12/ 1989 إلا أن المطعون ضده لم يستأنف العمل، وبتاريخ 21/ 12/ 1989 أرسل للجهة الإدارية خطابا يفيد أنه لن يتمكن من استكمال العملية لوجود خلاف بينه وبين شركائه ورفض تقديم برنامج زمنى لاستكمال الأعمال الباقية والتى قدرتها الجهة الإدارية بحوالى 70% من إجمال الأعمال والمدة الباقية لا تكفى لانجاز باقى الأعمال، وفى 7/ 1/ 1990 وافق رئيس الادارة المركزية لمشروعات صرف الوجه القبلى على سحب العمل من المطعون ضده وشركاه وتم إخطار المطعون ضده بهذا القرار بالخطاب رقم 107 فى 15/ 1/ 1990 وتم عمل لجنة لحصر وجرد الأعمال بتاريخ 29/ 1/ 1990 وتم طرح الأعمال الباقية للتنفيذ على حساب المطعون ضده وشركاه وقد أسفر الحساب الختامى للعملية عن مديونية المطعون ضده وشركاه للهيئة بمبلغ 44670.320 جنيها عبارة عن غرامة التأخير والمصاريف الإدارية وفروق قيمة الحديد ومواد البناء والزيادة فى التكاليف التى نتجت عن التنفيذ على الحساب.
ومن حيث إن الثابت مما تقدم أن الجهة الإدارية قامت بإصدار قرارها بسحب العمل من المقاول المطعون ضده بعد أن توقف عن العمل محل التعاقد تماما رغم إنذاره بضرورة استئناف الأعمال وإلا سوف يتم سحب العمل منه وتنفيذه على حسابه - وأنه ظل على توقفه عن العمل ورفض تقديم برنامج زمنى لإتمام الأعمال، وبعد أن أخطر الجهة الإدارية بأنه لا يستطيع استكمال الأعمال المسندة إليه لوجود خلاف بينه وبين شركائه. ومن ثم يكون هذا القرار قد صدر متفقا مع صحيح حكم القانون وقد قامت الجهة الإدارية بالتنفيذ على حساب المطعون ضده وآخرين ومن ثم يكون لها كامل الحق فى توقيع غرامة التأخير ومصادرة التأمين والحجز على مستحقاته لديها أو لدى أية جهة إدارية أخرى لاستئداء ما هو مستحق لها نتيجة التنفيذ على الحساب ويكون دعوى المدعى بطلب الإفراج عن المبالغ المستحقة له دون أن تستوفى جهة الإدارة مستحقاتها غير قائمة على سند من الواقع أو القانون مستوجبة للحكم برفضها وإذ ذهب الحكم المطعون فيه خلاف ذلك فإنه يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون مستوجبا للحكم بإلغائه، والحكم مجدداً برفض دعوى المطعون ضده وإلزامه المصروفات عن درجتى التقاضى إعمالاً لنص المادة (184) من قانون المرافعات المدنية والتجارية.

فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض دعوى المطعون ضده وألزمته المصروفات عن درجتى التقاضى