مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادىء القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الخامسة عشرة - العدد الأول (من أول اكتوبر سنة 1969 إلى منتصف فبراير سنة 1970) - صـ 146

(24)
جلسة 17 من يناير سنة 1970

برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمد شلبى يوسف رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذه يوسف إبراهيم الشناوى ومحمد عبد العزيز يوسف ومحمد صلاح الدين السعيد ومحمد بهجت محمود عتيبة. المستشارين.

القضية رقم 1222 لسنة 12 القضائية

(أ) - عقد ادارى "تنفيذه".تعديل الثمن.
أن الثمن المتفق عليه في العقود الادارية يقيد طرفيه كاصل عام - لا يوجد مانع قانونا من الاتفاق على تعديله - أثر ذلك.
(ب) - عقد ادارى. تعديل الثمن. علاوة تحويل العملة.
انطواء الثمن في العقود الادارية على فروق علاوة تحويل العملة وما في حكمها ليس ثمة ما يمنع قانونا من الاتفاق على زيادة الثمن بما يوازى قيمة هذه العلاوة - عدم مخالفة هذا الاجراء للائحة المخازن والمشتريات، أساس ذلك.
1 - أن النص الذى يتحدد باتفاق المتعاقدين في العقود الادارية وأن كان يقيد كأصل عام طرفيه، إلا أن لا يمنع قانونا من الاتفاق على تعديله، إذا ما تلاقت ارادة السلطة الادارية المختصة بإبرام العقد الأصلي صريحة وقاطعة مع ارادة المتعاقد معها على تعديل الثمن كان واجب النفاذ وامتنع الخروج عليه الا في حدود القانون.
2 - ليس ثمة حظر من قانون أو نظام عام على أن ينطوي الثمن في العقود الادارية على فروق علاوة تحويل العملة أو ما في حكمها، فلا مخالفة والحالة هذه في اتفاق طرفي العقد على زيادة الثمن بما يوازى قيمة هذه العلاوة. ولا تنهض الفقرة التاسعة من المادة 137 من لائحة المخازن والمشتريات التى كان معمولا بها في حينه، والتي تقابل الفقرة العاشرة من المادة 43 من لائحة المناقصات والمزايدات الصادرة في 22 من يولية سنة 1954 والتى لم يتم نشرها، لا تنهض هذه الفقرة حجة ضد صواب هذا النظر، لأن مجال هذه الفقرة هو بيان الحالات التى تلتزم فيها الجهة الادارية بتسوية الرسوم والضرائب التى تحصل عن الاصناف الموردة في المدة الواقعة بين تقديم العطاء وآخر موعد للتوريد، دون ثمة حجر على حرية الادارة في الاتفاق على زيادة الثمن في غير هذه الحالات للاعتبارات التى تقدرها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الايضاحات، وبعد المداولة.
ومن حيث أن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث أن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يخلص من أوراق الطعن - في أن السيد/ روبير ديوب بصفته مديرا لشركة التوكيلات المصرية للآلات الهندسية ولوازم السيارات "روبير ديوب وشركاه" أقام الدعوى رقم 686 لسنة 16 القضائية ضد السيدين/ وزير التربية والتعليم ومدير الادارة العام للتعليم الصناعى بوزارة التربية والتعليم بصفتيهما، بعريضة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الادارى في الأول من ابريل سنة 1962، طلب فيها "الحكم بالزام المدعى عليهما، بصفتيهما، متضامنين بأن يدفعا له بصفته مبلغ 450مليم و 2073جنيه والفوائد بواقع 5% سنويا من تاريخ المطالبة الرسمية حتى تمام السداد مع المصاريف ومقابل أتعاب المحاماة ومع حفظ كافة الحقوق الأخرى".
وقال بيانا لدعواه انه تقدم بصفته المذكورة في مناقصات 6 من أكتوبر سنة 1955،21،29،31 من يناير سنة 1956، 1، 6 من فبراير سنة 1956 بعطاءات لتوريد ماكينات وآلات وأجهزة للمدارس الصناعية، وقد أرست عليه ادارة التعليم الصناعي توريد بعد هذه الاصناف، على تبدأ مدد التوريد من تاريخ استلامه تراخيص الاستيراد، وعند حصوله على تراخيص الاستيراد اللازمة تقدم في شهر مارس سنة 1957 إلى بنك الاسكندرية طالبا فتح الاعتمادات المالية للموردين فأبلغه البنك بأن المراقبة العامة للنقد أفادته بأن يدفع طبقا للتعليمات المالية الجديدة فرق مبادلة قدره 10% من المبالغ المحولة إلى الخارج، فكتب في 8 من أبريل سنة 1957 إلى الادارة العامة للتعليم الصناعة مطالبا باعفائه من هذه العلاوة أو اضافتها إلى الأسعار المتعاقد عليها، وفي هذه الأثناء زيد سعر فرق المبادلة فأصبح 20% فأعاد الاتصال بالادارة المتعاقد معها للموافقة على أن يدفع هذه الحصة واضافتها إلى أسعار التعاقد، فأجابته الادارة بكتابها المؤرخ في 25 من مايو سنة 1957 بأن لا شأن لها بها وطلبت منه توريد الأصناف الراسية عليه بالأسعار المقدمة، فرد عليها في ذات التارخ موضحا وجهة نظره وخيرها بين أن تتخذ الاجراءات اللازمة لدى وزارة المالية والاقتصاد لا عفائه من سداد فرق المبادلة المذكور أو الموافقة على قيامه بسداده واضافته إلى أسعار التعاقد أو أعفاءه من التوريد دون تحمله أية مسئولية، فأخطرته ادارة التعليم الصناعى بكتابيها المؤرخين في 17، 19 من يونية سنة 1957 بموافقتها على قيامه بسداد هذه العلاوة وطلبت منه تقديم المستندات الدالة على هذا السداد. وأضاف المدعى بأن بناء على ذلك قام بسداد فرق المبادلة عن طريق بنك الاسكندرية، وورد جميع الاصناف المتعاقد عليها في هذه المناقصات، وقدم المستندات الدالة على سداد فرق المبادلة التى بلغ مقدارها 450مليم و2703جنيه وظل يطالب ادارة التعليم الصناعى بصرفها حوالى أربع سنوات، وأخيرا أخطرته الادارة المذكورة برفض صرف قيمة العلاوات فأقام دعواه الماثلة.
وأجابت المحكومة على الدعوى بأن الادارة العامة للتعليم الصناعى أجرت خلال المدة 6 من أكتوبر سنة 1955 إلى 6 من فبراير سنة 1956 عدة مناقصات وممارسات لتوريد الأصناف التى تلزمها من الخارج وقد رسا على الشركة المدعية توريد بعض هذه الأصناف، واتفق على أن يتم التوريد خلال مدد تتراوح بالنسبة لكل حالة بين أربعة وثمانية أشهر من تاريخ الحصول على أذون الاستيراد. وقد حصلت الشركة المدعية على أذون استيراد جميع المناقصات في شهر فبراير سنة 1957 بعض الأصناف في مناقصة 6 من أكتوبر سنة 1955 فقد حصلت على أذون استيرادها في شهر يولية سنة 1957، وفي أبريل سنة 1957 وقبل التوريد صدر منشور وزارة المالية رقم 200 بتحصيل فرق تحويل العملات الحرة إلى الخارج. وأشارت الحكومة إلى أن العلاوة المذكورة لا تعتبر رسما أو ضربية وانما هي مقابل تكاليف الحصول على العملات الأجنبية الحرة من الأسواق الخارجية، ومن ثم يلتزم بها المورد دون الجهة الادارية المتعاقدة معه طبقا لحكم البند العاشر عن المادة 43 من اللائحة العامة للمناقصات والمزايدات القديمة، ومن ثم فان كتابى الادارة العامة للتعليم الصناعى المؤرخين في 17، 19 من يونية سنة 1957 لا يلزمانها حيث لا تستطيع أن تتجاوز في تعاقدها مع الشركة حدود حكم هذه اللائحة، وبناء عليه طلبت الحكومة رفض الدعوى.
وبجلسة 15 من مايو سنة 1966 قضت الحكمة برفض طلبات المدعى وألزمته المصاريف وأقامت قضاءها على أن كتابى أدارة التعليم الصناعى المؤرخين في 17، 19 من يونية سنة 1957 سالف الاشارة إليهما لم يتضمنا تعهدا صريحا بالتزامها بسداد علاوة العملة، بل مجرد وعد منها ببحث أحقية الشركة المدعية في العلاوة على ضوء البند العاشر من المادة 43 من لائحة المناقصات والمزايدت، وفضلا عن ذلك فان ادارة التعليم الصناعى لا تستطيع أن تلتزم بما لا يلزمها به القانون، وإذا حمل كتاباها على أنهما تفسير خاطىء للأئحة فان هذه التفسير لا يولد للشركة المدعية حقا لا تمنحه لها اللائحة المذكورة.
ومن حيث أن الطعن يقوم على أن اهمال وتراخى ادارة التعليم الصناعى في الحصول على الموافقة المالية والنقدية مدة زادت على ثمانية أشهر نتج عنه عدم أمكان فتح الاعتمادات إلا بعد صدور قرارات تحصيل فرق للمبادلة ومن ثم تكون هي المسئولة عن أدائها دون الشركة المدعية، واذ التزمت الادارة المذكورة باضافة فرق مبادلة العملة إلى الأسعار فانها لا تكون قد خالفت حكم القانون.
ومن حيث أن الثمن الذى يتحدد باتفاق المتعاقدين في العقود الادارية وأن كان يقيد كأصل عام طرفيه، إلا أن لا يمنع قانونا من الاتفاق على تعديله، إذا ما تلاقت ارادة السلطة الادارية المختصة بابرام العقد الأصلى صريحة وقاطعة مع ارادة المتعاقد معها على تعديل الثمن كان واجب النفاذ وامتنع الخروج عليه إلا في حدود القانون. ولما كان الأمر كذلك وكان الثابت من الأوراق أن الشركة المدعية، بعد أن حصلت على أذون استيراد الأصناف المتعاقد على شرائها من الخارج واستبان لها صدور الأوامر إلى البنوك بتحصيل حصة قدرها 20% من قيمة المبالغ المطلوب تحويلها إلى الخارج لحساب وزارة المالية والاقتصاد مقابل فرق تحويل العملات الحرة الخارج، قد لجأت إلى الادارة العامة للتعليم الصناعى بوزارة التربية والتعليم المتعاقد معها ممثلة في شخص السيد/ مدير عام التعليم الصناعى، وعرضت عليه بكتابها المؤرخ 25 من مايو سنة 1957 ثلاثة اقتراحات أولها الاتصال بوزارة المالية والاقتصاد لاعفاء الشركة منها وثانيها: الموافقة على قيام الشركة بسداد علاوة تحويل العملة واضافتها إلى الأسعار المتعاقد عليها وثالثا: اعفاء الشركة من التوريد دون تحملها أية مسئولية، فأجابها السيد مدير عام الادارة المذكورة بكتابه رقم 2557 في 17 من يونية سنة 1957 بأن الادارة لا تمانع في قيام الشركة بسداد هذه العلاوة وتقديم المستندات الدالة على السداد، فانه يبين من ذلك أن ادارة التعليم الصناعى قد أفصحت عن نيتها صريحة وقاطعة في قبول اقتراح الشركة الثاني باضافة قيمة فروق تحويل العملية إلى أسعار التعاقد والتزام ادارة التعليم الصناعى بها، وهو الأمر الذى يزيده وضوحا وتأكيدا سبق رفض الادارة لهذا الاقتراح بكتابها رقم 2129 في 20 من مايو سنة 1957. وبذلك تكون ارادة الطرفين قد تلاقت على تعديل الثمن الأصلى المتفق عليه. وإذ صدر هذا التعديل عن السلطة المختصة التى أبرمت العقد الأصلى وهي السيد/ مدير عام أدارة التعليم الصناعى، فان التعديل يكون قد استوفى شرائطه القانونية واجب النفاذ. ولا ينال من هذ النظر ما انطوى عليه كتاب الادارة العامة للتعليم الصناعى المؤرخ 19 من يونية سنة 1957 إلى الشركة المدعية من دلالة على تعليق التزام الادارة بقيمة العلاوة المذكورة على ما تقضى به الفقرة العاشرة من المادة 43 من لائحة المناقصات والمزيدات، وذلك حين أشارت إلى ضرورة تقديم المستندات الدالة على سداد العلاوة إليها مستوفاة لإمكان رد قيمتها طبقا للبند العاشر المشار إليه، لا ينال هذا من النظر السالف، ذلك أن كتاب الادارة المذكورة، لا يعدو في الواقع من الأمر أن يكون محاولة غير صريحة منها للنكول عن قبولها الذى انعقد به الاتفاق على تعديل الثمن آنف البيان، لم يلق قبولا صريحا أو ضمنيا من جانب الشركة المدعية، آية ذلك أن الشركة المدعية كانت مصرة على عدم تحملها قيمة فروق المبادلة على ما يبين من كتابها المؤرخ في 25 من مايو سنة 1957 وهو الأمر الذى قبلته الادارة بكتابها المؤرخ في 17 من يونية سنة 1957، واستمرت على هذا الاصرار كما تفيد خطاباتها اللاحقة. وإذا كانت الشركة المدعية قد قامت بالتنفيذ في ظل كتاب ادارة التعليم الصناعى المؤرخ 19 من يونية سنة 1957 فان ذلك لا ينهض دليلا على عدولها عن اصرارها في تحميل الادارة بقيمة فروق المبادلة، خاصة وأن هذا الكتاب قد شابه الغموض وعدم الصراحة في محاولة الادارة العدول عن قبولها السابق، ومن ثم فان لا يعتد بكتاب الادارة الأخير.
ومن حيث أنه ليس ثمة حظر من قانون أو نظام عام على أن ينطوى الثمن في العقود الادارية على فروق علاوة تحويل العملة أو ما في حكمها، فلا مخالفة والحالة هذه في اتفاق طرفى العقد على زيادة الثمن بما يوازى قيمة هذه العلاوة. ولا تنهض الفقرة التاسعة من المادة 137 من لائحة المخازن والمشتريات التى كان معمولا بها في حينه، والتى تقابل الفقرة العاشرة من المادة 43 من لائحة المناقصات والمزايدات الصادرة في 22 من يولية سنة 1954 والتى لم يتم نشرها، لا تنهض هذه الفقرة حجة ضد صواب هذا النظر، لأن مجال هذه الفقرة هو بيان الحالات التى تلتزم فيها الجهة الادارية بتسوية الرسوم والضرائب التى تحصل عن الاصناف الموردة في المدة الواقعة بين تقديم العطاء وآخر موعد للتوريد، دون ثمة حجر على حرية الادارة في الاتفاق على زيادة الثمن في غير هذه الحالات للاعتبارات التى تقدرها. وبناء على ذلك تنهار الحجة القائلة بأن كتابى ادارة التعليم الصناعى الصادرين في 17، 19 من يونية سنة 1957 المشار إليهما ما كانا ليلزماها بما لا يلزمها به القانون.
ومن حيث أن الثابت من الاطلاع على الأوراق ومن دفاع الحكومة أن الشركة المدعية حصلت في شهرى فبراير ويولية سنة 1957 على أذون استيراد الآلات والأجهزة المتعاقد على استيرادها من الخارج، وإذ نصت شروط التعاقد على أن يتم التوريد خلال مدد تتراوح بالنسبة لكل صنف بين أربعة وثمانية أشهر من تاريخ الحصول على أذون استيراد، وقد تقررت فروق علاوة تحويل العملة الحرة إلى الخارج في شهري أبريل ومايو سنة 1957، فانها تكون بذلك قد صدرت قبل انقضاء مواعيد التوريد، بما لا مجال معه لثمة خطأ ينسب إلى الشركة المدعية ينال من سلامة موقفها.
ومن حيث أن الشركة المدعية قد تقدمت بالمستندات الدالة على أدائها قيمة العلاوة مثار النزاع لحساب وزارة المالية والاقتصاد وقد بلغ مجموعها 450مليم و2703جنيه (ألفين وسبعمائة وثلاثة جنيهات وأربعمائة وخمسين مليما) دون أن توجه الحكومة إليها أى مطعن في صحتها فانه يتعين بالبناء على ما تقدم الزامها بأن تدفع للشركة المدعية هذا المبلغ وفوائده القانونية بواقع 4% سنويا من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة في الأول من ابريل سنة 1962 حتى تمام الوفاء. وإذ ذهب الحكم المطعون فيه غير هذا المذهب فانه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون ويتعين من ثم الغاؤه، والحكم على مقتضى ما تقدم مع الزام الحكومة بالمصروفات.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفي موضوعه بالغاء الحكم المطعون فيه وبالزام الحكومة بأن تدفع إلى الشركة المدعية مبلغ 450مليم و2703 جنيه (ألفين وسبعمائة وثلاثة جنيهات وأربعمائة وخمسين مليما) والفوائد القانونية بواقع 4% (أربعة في المائة سنويا) من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة في أول أبريل سنة 1962 حتى تمام الوفاء والمصروفات.