مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادىء القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الخامسة عشرة - العدد الأول) من أول اكتوبر سنة 1969 إلى منتصف فبراير سنة 1970) - صـ 152

(25)
جلسة 17 من يناير سنة 1970

برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمد شلبى يوسف رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذه يوسف إبراهيم الشناوى ومحمد صلاح الدين السعيد وعلى لبيب حسن وأبو بكر محمد عطية. المستشارين.

القضية رقم 1425 لسنة 12 القضائية

اختصاص - محكمة تأديبية - قانون - سريانه.
أن القانون رقم 46 لسنة 1964 قد عدل اختصاص المحكمة التأديبية وذلك بسحب ولايتها على العاملين الشاغلين لوظائف مؤقتة بعد أن كانت غير مختصة بذلك في ظل القانون رقم 210 لسنة 1951 - اعتبار القانون رقم 46 لسنة 1964 في هذا الشأن من القوانين الاجرائية التى تسرى بأثر مباشر على الدعاوى التى لم يفصل فيها بعد - أساس ذلك.
أن القانون رقم 46 لسنة 1964، وقد عدل اختصاص المحكمة التأديبية على النحو السالف ذكره، وذلك بسحب ولايتها على العاملين الشاغلين لوظائف مؤقتة بعد أن كانت غير مختصة بذلك، في ظل القانون رقم 210 لسنة 1951، فانه يعتبر في هذا الشأن من القوانين الاجرائية التى تسرى طبقا لحكم المادة الأولى من قانون المرافعات المدنية والتجارية بأثر مباشر على الدعاوى التى لم يفصل فيها بعد - ولما كان يبين أن القانون رقم 46 لسنة 1964 كان ساريا أثناء نظر الدعوى التأديبية، مثار هذه المنازعة، وقبل الفصل فيها، وأن المحكمة التأديبية تصبح مختصة بنظرها، وما كان يجوز أن تقضى بعدم اختصاصها بنظرها، ومن ثم تكون قد خالفت حكم القانون، الأمر الذى يتعين معه الغاء حكمها، والقضاء باختصاصها بنظر الدعوى التأديبية وأعادتها إليها للفصل فيها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الايضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من أوراق الطعن - تتحصل في أن النيابة الادارية قدمت في 17 من يونية 1965 تقرير اتهام اودع قلم كتاب المحكمة التأديبية لوزارة الاسكان والمرافق ضد المطعون عليه جاء به أن المذكور قد خالف القانون وخرج على مقتضى الواجب بأن انقطع عن عمله في غير الحدود المسموح بها قانونا منذ 27 من نوفمبر سنة 1963، وانه بذلك قد أرتكب المخالفة الادارية المنصوص عليها في المادتين 57 و83 من القانون رقم 210 لسنة 1951 والمادتين 48، 59 من القانون رقم 46 لسنة 1964، والمادة الخامسة من القانون رقم 296 لسنة 1956 المعدل بالقانون رقم 74 لسنة 1946 في شأن المهندسين المكلفين، ولذلك طلبت النيابة الادارية محاكمة المذكور تأديبيا بالمواد سالفة الذكر، وتطبيقا للمادتين 14 من القانون رقم 117 لسنة 1958 و61 من القانون رقم 46 لسنة 1946.
وبجلسة 14 من يونية سنة 1966 قضت المحكمة التأديبية بعدم اختصاصها بمحاكمة المتهم المذكور - وأقامت قضاءها على أن الثابت أن المهندس المتهم معين على بند المكافآت وليس على درجة دائمة بالميزانية، كما لم يتم تسوية حالته وان المشرع بموجب نص المادة السادسة من القرار الجمهوري رقم 2264 لسنة 1964 قد أخرج المعينين على بند المكافآت، وهم من الموظفين المعينين على وظائف مؤقتة من نطاق سريان القانون رقم 46 لسنة 1964 - واستخلصت المحكمة من نصوص المواد 4، 18، 15 من القانون رقم 117 لسنة 1958 في شأن أعادة تنظيم النيابة الادارية والمحاكمات التأديبية، أن المحاكم التأديبية لا تختص بمحاكمة جميع الموظفين، وانما تختص بمحاكمة الموظفين المعينين على وظائف دائمة، وأنه بالتالى يخرج عن اختصاصها المستخدمون الخارجون عن الهيئة (قبل نفاذ القانون رقم 111 لسنة 1960) - والعمال والموظفون المعينون على وظائف مؤقتة أو لأعمال مؤقتة، وأنه إذا كان القانون رقم 46 لسنة 1964 يسري على جميع العاملين الشاغلين لوظائف دائمة أو مؤقتة وأصبح اختصاص المحاكم التأديبية يشمل طائفة الموظفين المعينين على وظائف دائمة أو وظائف مؤقتة، إلا أن القرار الجمهورى رقم 2264 لسنة 1964 اخرج طائفة العاملين المؤقتين من اختصاص المحاكم التأديبية، إذ نصت المادة السادسة منه على بقائهم بأوضاعهم، بقولها: "يستمر العاملون المعينون بربط ثابت أو مكافآت بوضعهم الحالى إلى أن يتم تسوية حالاتهم أو يعينون على درجات". كما انتهت المحكمة إلى أنه لا يغير من هذا النظر كون المتهم قد كلف بالعمل، باعتبار أن التكليف وأن كان اداة استثنائية للتعيين في الوظائف العامة إلا انه بمجرد صدور أمر التكليف ينسحب المركز الشرطى الخاص بالوظيفة على المكلف بجميع التزاماتها ومزاياها في الحدود التى نصت عليها القوانين الصادرة في هذا الخصوص ويصبح بهذه المثابة شأنه شأن غيره من الموظفين، لأن الشخص قد يكلف للقيام بأعباء احدى الوظائف الدائمة وفي هذه الحالة تسرى في شأنه جميع الأحكام القانونية التى تترتب على هذا المركز، كما قد يكلف ليشغل احدى الوظائف المؤقتة وبالتالى يخضع للأنظمة التى يخضع لها الموظفون المعينون على الوظائف المؤقتة كما هو الحال بالنسبة للمتهم.
ومن حيث أن الطعن يقوم على أن القانون رقم 46 لسنة 1946 على خلاف القانون رقم 210 لسنة 1951 يقوم على أساس تحديد احدى درجات الكادر لكل وظيفة دائمة كانت أو مؤقتة، وانه بذلك لم يعد في ظل القانون الجديد موظفون مؤقتون غير شاغلين لاحدى الدرجات (المؤقتة) كما أن هذا القانون الجديد لم يخص الموظفين المؤقتين بتنظيم خاص، وأنما أخضع الجميع بلا تفرقة إلى أحكام موحدة إلا فيما ورد بشأنه نص خاص كما في الحالات المنصوص عليها في المادتين 73 ،77/ 08 وانه لا وجه للقول باستمرار العمل بأحكام قرار مجلس الوزراء الصادر في 31 من ديسمبر سنة 1952 بتنظيم شئون الموظفين المعينين على وظائف مؤقتة، أو لاعمال مؤقتة في كافة ما يتعلق بالعاملين المذكورين من شئون، بحجة عدم وضعهم على احدى درجات الكادر الملحق بقانون رقم 46 لسنة 1964، لأن العبرة في تطبيق أحكام القانون ليست بالوضع على الدرجة وانما هي تحقق صفة العامل في الوظيفة طبقا لنص المادة الثانية من قانون العاملين المدنيين بالدولة رقم 46 لسنة 1964 التى تنص على أنه: "يعتبر عاملا في تطبيق أحكام هذا القانون كل من يعين في أحدى الوظائف الدائمة أو المؤقتة بقرار من السلطة المختصة" وانه بصدور القانون رقم 46 لسنة 1964، قد سقطت أحكام قرار مجلس الوزراء المشار إليه، وانه لا يغير من ذلك المادة (6) من القرار الجمهوري رقم 2264 لسنة 1964 بشأن قواعد وشروط وأوضاع نقل العاملين إلى الدرجات المعادلة لدرجاتهم الحالية، قد نصت على أن "يستمر العاملون المعينون بربط ثابت أو بمكافأة بوضعهم الحالى إلى أن يتم تسوية حالاتهم أو يعينون على درجات" لأن هذا القرار الجمهورى الصادر تنفيذا لأحكام القانون رقم 158 لسنة 1964 بوضع أحكام وقتية للعاملين المدنيين بالدولة أنما يتضمن حكما استثنائيا في خصوص معين هو أرجاء وضع هؤلاء العاملين على أحدى درجات الكادر واستمرارهم على وضعهم الحالى مؤقتا، وأن هذا الحكم الوقتى المتعلق بتنظيم معادلة الدرجات خلال فترة سريان أحكام القانون رقم 158 لسنة 1964 لا يسرى إلا في الخصوص الذى ينظمه دون أن يكون من شأنه الاخلال بخضوع الموظفين المذكورين المعينين بربط ثابت أو بمكافآت لكافة الأحكام التى يتضمنها القانون رقم 46 لسنة 1946 أسوة بغيرهم من العاملين المدنيين بالدولة، دائمين أو مؤقتين، وأخضعتهم جميعا لاختصاص المحاكم التأديبية، وأنه بذلك يكون قد عدل ضمنا المادة 18 من القانون رقم 117 لسنة 1958 - وانتهى الطعن إلى طلب الحكم بقبوله شكلا وفي الموضوع بالغاء الحكم المطعون فيه والقضاء باختصاص المحكمة التأديبية، بنظر الدعوى وأعادتها إليها للفصل في موضوعها.
ومن حيث أنه ثابت الأوراق أن المطعون ضده من الموظفين المعينين تكليفا على بند المكافأة الشاملة بمكافأة شهرية قدرها خمسة وعشرين جنيها، وبذلك فانه يعد من الموظفين المؤقتين لأنه وان كان عمله المكلف به مستديما لا ينقضي بزمن محدد، إلا أن قيامه به هو بصفة مؤقتة لمدة معينة كما انه غير معين على أحدى درجات الكادر، وبالتالي يخضع لأحكام قرار مجلس الوزراء الصادر في 31 من ديسمبر سنة 1952 بتنظيم شئون الموظفين المعينين على وظائف مؤقتة أو لأعمال مؤقتة باعتباره من العاملين المؤقتين، والذي صدر تنفيذا لحكم المادة 26 من القانون رقم 210 لسنة 1951 التى تنص على أنه: "تسرى على الموظفين المؤقتين الشاغلين وظائف دائمة جميع الأحكام الواردة في هذا القانون، أما الموظفون المعينون على وظائف مؤقتة أو لأعمال مؤقتة، فأحكام توظفهم وتأديبهم وفصلهم يصدر بها قرار من مجلس الوزراء بناء على اقتراح وزير المالية والاقتصاد بعد أخذا رأى ديوان الموظفين".
ومن حيث أنه بصدور القانون رقم 46 لسنة 1964 بإصدار قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة، وعمل به اعتبارا من أول يولية سنة 1964, وقد استحدث هذا القانون، بالنسبة للوظائف الدائمة والمؤقتة، تنظيما جديدا مغايرا لما كان يقضى به القانون الملغى رقم 210 لسنة 1951 سالف الذكر، فأخذ بمعيار طبيعة العمل في تعريف كل من الوظائف الدائمة والمؤقتة فعرف في المادة (3) منه الوظائف المؤقتة بانها تلك التى تقتضى القيام بعمل مؤقت ينتهى في زمن محدد، أو تكون لغرض مؤقت، وقد ادرج هذين النوعين من الوظائف في جدول الدرجات المرافقة للقانون دون تفرقة بينهما، فنص في المادة الرابعة على أنه: "تنقسم الوظائف العامة الدائمة والمؤقتة إلى أثنى شر درجة كما هو مبين بالجدول المرافق، وذلك فيما عدا وظائف وكلاء الوزارة والوظائف الممتازة".
وقد أخضع القانون في المادة الثانية منه شاغلى الوظائف الدائمة والمؤقتة جميعهم لأحكامه - دون ما استثناء على غير ما كان يذهب إليه القانون رقم 210 لسنة 1951 - إذ تنص على أنه.
"يعتبر عاملا في تطبيق أحكام هذا القانون كل من يعين في أحدى الوظائف الدائمة أو المؤقتة بقرار من السلطة المختصة".
وباستقراء نصوص القانون رقم 46 لسنة 1964 يبين انه جرى في معظمها على إيراد لفظ عامل ووظيفة مطلقا دون تخصيص، وفي باقى النصوص يجرى على تخصيصه كما هو الشأن في المادة 73 التى تنص على جواز احالة العامل المعين على وظيفة دائمة إلى الاستيداع، والفقرة (8) من المادة (77) التى تقرر انتهاء خدمة العامل بسبب الغاء الوظيفة المؤقتة، ودلالة ذلك أن أحكام هذا القانون تسرى كأصل عام على العاملين المعينين في الوظائف الدائمة والمؤقتة على السواء وذلك ما لم ينص صراحة على تقييد عموميتها وشمولها أو قصرها على نوع من الوظائف دون الآخر.
ومن حيث أن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن يبين من نصوص القانون 46 لسنة 1964 في الفصل التاسع منه، أن المشرع أطلق فيه لفظ العاملين والوظائف دون تخصيص، ومن ثم يتعين تفسيرها على عموميتها دون تفرقة بين عامل معين على وظيفة دائمة أو مؤقتة، وقد حددت المادة (63) من القانون، السلطات المختصة بتوقيع الجزاءات على العاملين دون تفرقة بين من يشغل منهم وظيفة دائمة أو مؤقتة، وقصرت توقيع بعض الجزاءات على المحكمة التأديبية، وأنه من مقتضى ذلك أن المحكمة التأديبية أصبحت مختصة بالنظر في الدعاوى التأديبية المقامة ضد العاملين بلا استثناء، وما ينطوى على ذلك من تعديل لحكم المادة 18 من القانون رقم 117 لسنة 1958 بسحب اختصاص المحكمة التأديبية في توقيع الجزاءات على العاملين الذين يشغلون وظائف مؤقتة أسوة بمن يشغل منهم وظيفة دائمة. ولا ينال من ذلك ما تقتضى به المادة السادسة من قرار رئيس الجمهورية رقم 2264 لسنة 1964 من قواعد أو شروط وأوضاع نقل العاملين إلى الدرجات المعادلة لدرجاتهم الحالية، سالف الذكر - ذلك أن أرجاء تسوية حالة العامل المعين بمكافأة شاملة والشاغل لوظيفة مؤقتة، شأن المطعون ضده، لا أثر له على مركزه القانونى المعتمد من أحكام القانون رقم 46 لسنة 1964، الذى من شأنه أن يخضعه لاختصاص المحكمة التأديبية.
ومن حيث أنه يبين أن القانون رقم 46 لسنة 1964، وقد عدل اختصاص المحكمة التأديبية على النحو السالف ذكره، وذلك بسحب ولايتها على العاملين الشاغلين لوظائف مؤقتة بعد أن كانت غير مختصة بذلك، في ظل القانون رقم 210 لسنة 1951، فانه يعتبر في هذا الشأن من القوانين الاجرائية التى تسرى طبقا لحكم المادة الأولى من قانون المرافعات المدنية والتجارية بأثر مباشر على الدعاوى التى لم يفصل فيها بعد - ولما كان يبين أن القانون رقم 46 لسنة 1964 كان ساريا أثناء نظر الدعوى التأديبية، مثار هذه المنازعة، وقبل الفصل فيها، وأن المحكمة التأديبية تصبح مختصة بنظرها، وما كان يجوز لها أن تقضى بعدم اختصاصها بنظرها، ومن ثم تكون قد خالفت حكم القانون، الأمر الذى يتعين معه الغاء حكمها، والقضاء باختصاصها بنظر الدعوى التأديبية وأعادتها إليها للفصل فيها.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وباختصاص المحكمة التأديبية للعاملين بوزارة الإسكان والمرافق بنظر الدعوى، وبإعادتها إليها للفصل فيها.