مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادىء القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الخامسة عشرة - العدد الأول (من أول اكتوبر سنة 1969 إلى منتصف فبراير سنة 1970) - صـ 158

(26)
جلسة 17 من يناير سنة 1970

برئاسة السيد الأستاذ محمد شلبى يوسف رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذه يوسف إبراهيم الشناوى ومحمد صلاح الدين السعيد وعلى لبيب حسن وأبو بكر محمد عطية. المستشارين.

القضية رقم 925 لسنة 13 القضائية

(أ) حكم جنائي "أثر إيقاف العقوبة" موظف "انتهاء خدمة" إذا أمر الحكم الجنائي بأن يكون إيقاف تنفيذ العقوبة شاملا لجميع الآثار الجنائية انصرف هذا الأمر إلى جميع العقوبات التبعية وغيرها من الآثار الجنائية التي تترتب على الحكم المذكور - إنهاء خدمة الموظف بالتطبيق لحكم الفقرة الثامنة من المادة 107 من القانون 210 لسنة 1951 هو أثر من آثار الحكم الجنائي.
(ب) حكم جنائى "أثر انقضاء مدة ايقاف العقوبة دون الغائه". موظف "انتهاء خدمة" قرار ادارى أن الحكم الجنائى بعد انقضاء فترة ايقاف العقوبة يعتبر كان لم يكن ويزول كل أثر لهذا الحكم - صدور قرار إنهاء خدمة الموظف بعد انقضاء مدة وقف تنفيذ العقوبة استنادا للحكم الجنائى الصادر بها يعتبر فاقدا للسبب الذى قام عليه، أساس ذلك.
(ج) موظف "الغاء قرار الفصل". "مرتب".
أن الغاء قرار الفصل يترتب عليه أن تكون الرابطة الوظيفية وكأنها دائمة - ليس من شأن ذلك أن يعود للموظف حقه في المرتب طوال مدة الفصل تلقائيا وإنما قد ينشأ له مجرد الحق في التعويض عن فصله غير المشروع، أساس ذلك.
(د) موظف "وقف عن العمل".
وقف الموظف عن العمل احتياطيا لا يسوغ إلا إذا كان ثمة تحقيق يجرى معه واقتضت مصلحته هذا الإيقاف - صدور قرار الوقف بعد الانتهاء من التحقيق يكون قد تم على غير ما يقضى به القانون - قرار إيقاف الموظف بمناسبة النظر في إنهاء خدمة صدوره بعد انقضاء المدة أمر الحكم الجنائي بوقف تنفيذ العقوبة خلالها يجعله فاقدا للسبب الذي قام عليه.
1- إذا أمر الحكم الجنائي بأن يكون إيقاف تنفيذ العقوبة شاملا لجميع الآثار الجنائية انصرف هذا الأمر إلى جميع العقوبات التبعية وغيرها من الآثار الجنائية التى تترتب على الحكم المذكور سواء ورد النص عليها في قانون العقوبات أم في غيره من القوانين، ذلك أن طبيعتها جميعا واحدة، ولو تعددت التشريعات التى تنص عليها ما دام أنها كلها من آثار الحكم الجنائى، وأن أنهاء خدمة الموظف بالتطبيق لحكم الفقرة الثامنة من المادة 107 من القانون رقم 210 لسنة 1951 في شأن نظام موظفى الدولة، إذا حكم عليه في جناية أو في جنحة مخلة بالشرف، أن هو الا أثر من آثار الحكم الجنائي الذي يصدر بالإدانة.
2- أن المادة 59 من قانون العقوبات تقضى بأنه "إذا انقضت مدة الإيقاف ولم يصدر خلالها حكم بالغائة فلا يمكن تنفيذ العقوبات المحكوم بها ويعتبر الحكم بها كأن لم يكن" وظاهر هذا النص واضح في أن الحكم بعد انقضاء مدة الإيقاف يعتبر كأن لم يكن ويزول كل أثر لهذا الحكم. ولما كانت المدة التى أمر الحكم الجنائي المشار إليه بوقف تنفيذ العقوبة خلالها وقدرها ثلاث سنوات قد مضت قبل انهاء خدمة المدعى بالقرار الصادر في 9 من ديسمبر سنة 1961 استنادا إلى صدور الحكم الجنائي المشار إليه ضده، فان هذا القرار يكون قد صدر مستندا إلى حكم يعتبره القانون بعد انقضاء هذه المدة كأن لم يكن ومن ثم يكون القرار المذكور قد صدر فاقدا لسبب الذي قام عليه.
3- بإلغاء قرار الفصل تكون الرابطة الوظيفية وكأنها لا تزال قائمة، بين الموظف وبين الجهة الادارية، بكافة آثارها، إلا أن ذلك ليس من شأنه أن يعود للموظف حقه في المرتب طوال مدة الفصل تلقائيا، ذلك أن الأصل في المرتب أنه مقابل العمل. ولما كان قد حيل بين الموظف وبين أدائة العمل المنوط به بالفصل غير المشروع وحرمت الجهة الادارية من خدمات الموظف طوال مدة هذا الفصل ، فان الموظف ينشأ له مجرد الحق في التعويض عن فصله غير المشروع إذا ما توافرت عناصره ومقوماته.
4- أن وقف الموظف عن العمل احتياطيا،لا يسوغ وفقا لحكم المادة 95 من القانون رقم 210 لسنة 1951 في شأن نظام موظفي الدولة، إلا إذا كان ثمة تحقيق يجرى معه واقتضت مصلحة التحقيق هذا الإيقاف ولما كان قرار إيقاف المدعى عن عمله في 3 من أكتوبر سنة 1961 قد صدر بعد انتهاء التحقيق الادارى الذى باشرته النيابة الادارية في القضية رقم 250/ 2 لسنة 1955 وبعد انتهاء التحقيق الذى أجرته النيابة العامة في الجناية رقم 2573 لسنة 1955 قسم ثان بور سعيد آنفة الذكر وصدر الحكم الجنائي النهائي في 11 من نوفمبر سنة 1957 في الاتهام الذى أوقف المدعى بسببه، فان قرار الوقف والحال كذلك يكون قد تم على غير ما يقضى به القانون، حيث لم يكن ثمة تحقيق يجرى مع المدعى تقتضى مصلحته هذا الإيقاف، وإنما صدر القرار على ما يبين من الأوراق بمناسبة النظر في انهاء خدمته وفقا لنص الفقرة الثامنة من المادة 107 من القانون رقم 210 لسنة 1951 للحكم عليه في الجناية المشار إليها، وإلى أن يتم استطلاع الرأى في مدى قانونية اتخاذ هذا الاجراء. وإذا كان الأمر كذلك وكان صدور قرار الايقاف بعد انقضاء المدة التى أمر الحكم الجنائى المشار إليه بوقف تنفيذ العقوبة خلالها واعتباره من ثم وكأنه لم يكن وفقا لحكم المادة 59 من قانون العقوبات على ما سلف بيانه، فان القرار المذكور يكون فاقد السبب الذى قام عليه مشوبا بالبطلان.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الايضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يخلص من أوراق الطعن - في أن المدعى كان يشغل وظيفة ناظر مدرسة بور سعيد الابتدائية، وأتهم في قضية الجناية رقم 2573 لسنة 1955 جنايات قسم ثان بور سعيد ، بأنه في المدة من سنة 1952 إلى مارس سنة 1955 بدائرة قسم ثان بور سعيد بصفته موظفا عموميا اختلس مبلغ 844 مليم و55 جنيه كانت مسلمة إليه بسبب وظيفته وكان أمينا،عليها وأحيلت القضية من غرفة الاتهام إلى محكمة بورسعيد الجزئية للفصل فيها على أساس عقوبة الجنحة، وصدر فيها الحكم حضوريا بحبسه ثلاثة أشهر مع الشغل وتغريمه 844 مليم و 55جنيه وأمرت المحكمة بايقاف تنفيذ عقوبتى الحبس والغرامة وأيقاف جميع الآثار الجنائية المترتبة على الحكم لمدة ثلاث سنوات تبدأ من تاريخ صيرورة الحكم نهائيا،وقد تأيد هذا الحكم استئنافيا في 11 من نوفمبر سنة 1957، ولم يطعن فيه بطريق التقض وأصبح نهائيا. وفي 23 من مارس سنة 1961 طلبت منطقة بور سعيد التعليمية أحالة المدعى إلى المحاكمة التأديبية، ولكن ادارة الدعوى التأديبية رأت الاكتفاء بفصل المدعى بالتطبيق لحكم المادة 107 من القانون رقم 210 لسنة 1951 في شأن نظام موظفى الدولة وذلك نظرا لفقد الأوراق الأصلية من محكمة بورسعيد الجزئية أثناء العدوان على بور سعيد، وبناء على ذلك أحالت المنطقة الموضوع إلى أدارة الشئون القانونية بوزارة التربية والتعليم لاستطلاع رأيها في أمر فصل المدعى بالتطبيق لحكم الفقرة الثانية من المادة 107 سالفة الذكر، وأصدر السيد/ مدير التربية والتعليم بمنطقة بورسعيد التعليمية في 3 من أكتوبر سنة 1961 قرارا بوقف المدعى عن العمل احتياطيا لما نسب إليه في قضية النيابة الادارية رقم 350/ 2 لسنة 1955لاستيلائه على مبلغ 844 مليم و55 جنيه باقى سلفة التغذية من عام 52/1953 مع إيقاف مرتبه تنفيذا للمادة 95 من القانون رقم 210 لسنة 1951 المشار إليه، وفي 9 من ديسمبر سنة 1961 أصدرت المنطقة القرار رقم 107 مسلسل 27 بإنهاء خدمة المدعى ورفع أسمه من عداد موظفى الوزارة اعتبارا من 11 من نوفمبر سنة 1957 تنفيذا للمادة 107 من القانون رقم 210 لسنة 1951 وذلك للحكم عليه في الجناية رقم 2573 سنة 1955 على أن تحسب المدة من 11 من نوفمبر سنة 1957 إلى 2 من اكتوبر سنة 1961 (التاريخ السابق لوقفه عن العمل) أيام عمل بأجر. وقد تبين من الاطلاع على كتاب مكتب الشئون القانونية بمنطقة بور سعيد التعليمية المؤرخ في 27 من ديسمبر سنة 1961 أن ملف قضية النيابة الادارية رقم 250/2 لسنة 1955 قد فقد أيضا من نيابة بور سعيد الجزئية أثناء العدوان على بور سعيد. وقد أقام المدعى أربع دعاوى طعنا في القرارات الصادرة ضده هي: الأولى: الدعوى رقم 87 لسنة 9 القضائية ضد السيد/ وزير التربية والتعليم بصفته بعريضة أودعها قلم كتاب المحكمة الإدارية لوزارة التربية والتعليم في 14 من نوفمبر سنة 1961 طلب فيها "الحكم بصرف مرتبه حتى يقضى بإلغاء قرار الإيقاف الصادر من منطقة بور سعيد التعليمية في 3 من أكتوبر سنة 1961 مع الزام الوزارة بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة". وقد قضت المحكمة في 31 من ديسمبر سنة 1961"بأحقية المدعى في صرف راتبه بصفة مؤقتة حتى بفصل في طلب الغاء القرار الصادر بإيقافه عن العمل والزام الوزارة المصروفات ومبلغ مائتى قرش مقابل أتعاب المحاماة". وقد طعنت الحكومة في هذا الحكم وقيد طعنها بجدول المحكمة الادارية العليا تحت رقم 818 لسنة 8 القضائية وبجلسة 31 من يولية سنة 1962 قضت دائرة فحص الطعون بإثبات ترك الطاعنة للخصومة وألزمتها بالمصروفات. الثانية: وأقام المدعى الدعوى رقم 380 لسنة 9 القضائية ضد السيدين/ وزير التربية والتعليم ومدير منطقة بور سعيد التعليمية بصفتيهما بعريضة أودعها قلم كتاب المحكمة الإدارية لوزارة التربية والتعليم في 5 من مارس سنة 1962 طلب فيها "الحكم بإلغاء قرار إيقافه عن العمل الصادر من السيد/ مدير منطقة بور سعيد التعليمية في 3 من أكتوبر سنة 1961 وإعادته إلى العمل وما يترتب على ذلك من آثار مع الزام الجهة الادارية بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة".
الثالثة: ثم أقام المدعى الدعوى رقم 690 لسنة 9 القضائية ضد السيدين/ وزير التربية والتعليم ومدير منطقة بور سعيد التعليمية بصفتيهما بعريضة أودعها قلم كتاب المحكمة الادارية لوزارة التربية والتعليم في الأول من أغسطس سنة 1962 طلب فيها "الحكم بإلغاء قرار فصله الصادر من السيد/ مدير منطقة بورسعيد التعليمية في 9 من ديسمبر سنة 1961 برقم 107 ومسلسل 27 إنهاء خدمته وأعادته إلى عمله وما يترتب على ذلك من آثار مع إلزام الجهة الإدارية بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة".
الرابعة: وأقام المدعى الدعوى رقم 50 لسنة 10 القضائية ضد السيدين/ وزير التربية والتعليم ومدير منطقة بور سعيد التعليمية بصفتيهما بعريضة أودعها قلم كتاب المحكمة الإدارية لوزارة التربية والتعليم في 4 من نوفمبر سنة 1962 طلب فيها "الحكم بصفة مستعجلة باستمرار صرف مرتبه من تاريخ انهاء خدمته في 9 من ديسمبر سنة 1961 حتى يقضى في دعوى الغاء قرار الفصل وذلك استمرارا لما قضى به الحكم الصادر في الدعوى رقم 87 لسنة 9 القضائية مع الزام الوزارة بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة".
وبجلسة 6 من ديسمبر سنة 1962 قررت المحكمة الادارية المذكورة ضم الدعويين رقمى 280 لسنة 9،690 لسنة 9 القضائيتين إلى الدعوى رقم 50 لسنة 10 القضائية. وفي 19 من يولية سنة 1965 قرر السيد/ رئيس المحكمة، بناء على حكم المادة 3 من القانون رقم 144 لسنة 1964 بتعديل أحكام القانون رقم 55 لسنة 1955 في شأن تنظيم مجلس الدولة. أحالة الدعوى رقم 50 لسنة 10 القضائية إلى محكمة القضاء الادارى للاختصاص، حيث قيدت برقم 3731 لسنة 19 القضائية، وهي مثار الطعن الماثل.
وبجلسة 12 من أبريل سنة 1967 قضت محكمة القضاء الادارى "أولا: بالغاء القرار رقم 107 الصادر في 9 من ديسمبر سنة 1961 بإنهاء خدمة المدعى اعتبارا من 11 من نوفمبر سنة 1957 وما يترتب على ذلك من آثار. وثانيا: بإلغاء القرار الصادر في 30 من أكتوبر سنة 1961 بوقف المدعى عن العمل. وثالثا: باعتبار الخصومة منتهية بالنسبة لطلب المدعى الاستمرار في صرف راتبه. ورابعا: بإلزام الجهة الإدارية بالمصروفات". وأقامت المحكمة قضاءها على أن إنهاء الخدمة المنصوص عليه في الفقرة الثامنة من المادة 107 من القانون رقم 210 لسنة 1951 في شأن نظام موظفى الدولة لا يخرج عن كونه أثرا من آثار الحكم الجنائي الذي يصدر بالإدانة فإذا أمرت المحكمة بوقف تنفيذ جميع الآثار الجنائية المترتبة على ذلك الحكم شمل وقف التنفيذ انهاء الخدمة باعتباره من تلك الآثار، فلا تعتبر خدمة الموظف المحكوم عليه في جناية أو جنحة مخلة بالشرف منتهية بقوة القانون لمجرد صدور الحكم المذكور ضده، ولما كانت محكمة بور سعيد الجزئية قد قضت بحبس المدعى ثلاثة أشهر وتغريمه مبلغ 844 مليم و55 جنيه
وأيقاف تنفيذ عقوبتى الحبس والغرامة وجميع الآثار المترتبة على الحكم لمدة ثلاثة سنوات تبدأ من صيرورة الحكم نهائيا وقد تأيد هذا الحكم استئنافيا في 11 من نوفمبر سنة 1957، فان القرار رقم 107 الصادر في 9 من ديسمبر سنة 1961 بإنهاء خدمة المدعى يكون قد جاء مخالفا للقانون، ويتعين الحكم بإلغائه. واستطردت المحكمة إلى أن مقتضى إلغاء قرار إنهاء خدمة المدعى أعادته إلى عمله وصرف راتبه، ومن ثم يكون طلب استمرار راتبه حتى يقضى في دعوى إلغاء قرار إنهاء خدمته قد أصبح والحالة هذه غير ذي موضوع وتكون الخصومة بشأنه منتهية مع إلزام الإدارة بالمصروفات حيث كان المدعى على حق عند رفع هذه الدعوى. وبالنسبة للطلب الخاص بإلغاء القرار الصادر في 3 من أكتوبر سنة 1961 بوقف المدعى عن العمل، اعتنقت المحكمة الأسباب التى ساقتها المحكمة الادارية لوزارة التربية والتعليم في حكمها الصادر بتاريخ 31 من ديسمبر سنة 1961 في الدعوى رقم 87 لسنة 9 القضائية سالف الاشارة إليها، وحاصلها أنه لم يكن ثمة تحقيق يجرى مع المدعى عند وقفه ولم يكن محبوسا احتياطيا أو تنفيذا لحكم جنائي وبالتالي فان وقفه عن العمل يكون قد تم بالمخالفة لحكم القانون، ويكون القرار الصادر في هذا الشأن غير مشروع.
ومن حيث أن مبنى الطعن الذى أقامته الحكومة أنه ليس صحيحا ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من أن ما تقضى به الفقرة الثامنة من المادة 107 من القانون رقم 210 لسنة 1951 في شأن نظام موظفى الدولة هو من قبيل العقوبات التبعية، ذلك أن العقوبة التبعية المقصودة في حكم المادة 55 من قانون العقوبات هي تلك التى ينص عليها قانون العقوبات، وبناء على ذلك فان وقف تنفيذ العقوبة الذى يلحق الحكم الجنائى وآثاره لا ينصرف إلى الآثار الأخرى التى تترتب طبقا لحكم الفقرة الثامنة من المادة 107 سالفة الذكر. وأضاف الطعن أن قضاء المحكمة بالغاء قرار الوقف قضاء غير ذى موضوع لأن قرار الوقف ذاته زال أثره بعد صدور قرار أنهاء خدمة المدعى فضلا عن أن قرار الوقف المذكور صدر صحيحا ملتزما حكم القانون.
ومن حيث أن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن إذا أمر الحكم الجنائى بأن يكون إيقاف تنفيذ العقوبة شاملا لجميع الآثار الجنائية انصرف هذا الأمر إلى جميع العقوبات التبعية وغيرها من الآثار الجنائية التى تترتب على الحكم المذكور سواء ورد النص عليها في قانون العقوبات أم في غيره من القوانين، ذلك أن طبيعتها جميعا واحدة، ولو تعددت التشريعات التى تنص عليها ما دام أنها كلها من آثار الحكم الجنائى، وأن أنهاء خدمة الموظف بالتطبيق لحكم الفقرة الثامنة من المادة 107 من القانون رقم 210 لسنة 1951 في شأن نظام موظفى الدولة، إذا حكم عليه في جناية أو في جنحة مخلة بالشرف، أن هو إلا أثر من آثار الحكم الجنائى الذى يصدر بالادانة.
ومن حيث أن محكمة بور سعيد الجزئية قد قضت بحبس المدعى ثلاثة أشهر وتغريمه مبلغ 844 مليم و55 جنيه وأمرت بإيقاف تنفيذ عقوبتى الحبس والغرامة وجميع الآثار المترتبة على الحكم لمدة ثلاث سنوات تبدأ من تاريخ صيرورته نهائيا وقد تأيد هذا الحكم استئنافيا من محكمة جنح بور سعيد الاستئنافية في 11من نوفمبر سنة 1957، فان المحكمة تكون قد استهدفت بحكمها المقترن بإيقاف التنفيذ الشامل لجميع الآثار الجنائية المحافظة على مركز المدعى الوظيفى وعدم الاضرار بمستقبله، وكان مؤدى احترام حجية هذا الحكم ابقاء المدعى في وظيفته، وعدم أعمال حكم الفقرة الثامنة من المادة 107 من القانون رقم 210 لسنة 1951 في حقه باعتبار أن أنهاء الخدمة وفقا لحكم هذه الفقرة من الآثار الجنائية التى أوقف الحكم تنفيذها.
ومن حيث انه فضلا عما تقدم فان المادة 59 من قانون العقوبات تقضى بأنه "إذا انقضت مدة الايقاف ولم يصدر خلالها حكم بالغائة فلا يمكن تنفيذ العقوبات المحكوم بها ويعتبر الحكم بها كأن لم يكن" وظاهر هذا النص واضح في أن الحكم بعد أنقضاء مدة الايقاف يعتبر كأن لم يكن ويزول كل أثر لهذا الحكم. ولما كانت المدة التى أمر الحكم الجنائى المشار إليه بوقف تنفيذ العقوبة خلالها وقدرها ثلاث سنوات قد مضت قبل أنهاء خدمة المدعى بالقرار الصادر في 9 من ديسمبر سنة 1961 استنادا إلى صدور الحكم الجنائى المشار إليه ضده، فان هذا القرار يكون قد صدر مستندا إلى حكم يعتبره القانون بعد انقضاء هذه المدة كأن لم يكن ومن ثم يكون القرار المذكور قد صدر فاقدا للسبب الذى قام عليه ويكون الحكم المطعون فيه قد أصاب وجه الحق في قضائه بالغاء قرار إنهاء خدمة المدعى الصادر في 9 من ديسمبر سنة 1961.
ومن حيث أن المدعى وقد طالب بالآثار المترتبة على إلغاء قرار أنهاء خدمته، فان الأمر يقتضى النظر فيما ينطوى عليه الغاء هذا القرار من آثار بالنسبة لمرتب المدعى طوال مدة الفصل.
ومن حيث بإلغاء قرار الفصل تكون الرابطة الوظيفية وكأنها لا تزال قائمة، بين الموظف وبين الجهة الادارية، بكافة آثارها، إلا أن ذلك ليس من شأنه أن يعود للموظف حقه في المرتب طوال مدة الفصل تلقائيا، ذلك أن الأصل في المرتب أنه مقابل العمل. ولما كان قد حيل بين الموظف وبين أدائة العمل المنوط به بالفصل غير المشروع وحرمت الجهة الإدارية من خدمات الموظف طوال مدة هذا الفصل، فان الموظف ينشأ له مجرد الحق في التعويض عن فصله غير المشروع إذا ما توافرت عناصره ومقوماته.
ومن حيث أنه يبين من ظروف الدعوى وملابساتها أن المدعى أخل اخلالا جسيما بمقتضيات النزاهة والامانة، وهي أول ما يجب أن يتحلى به الموظف من حميد الخصال ويحرص عليه لينال شرف البقاء في الخدمة العامة، وذلك حين استباح لنفسه العدوان على أموال الدولة واختلس لنفسه منها مبلغ 844 مليم و55 جنيه وإذا كانت الجهة الادارية قد تنكبت الطريق القانونى الصحيح فأصدرت قرارها بإنهاء خدمة المدعى بالتطبيق لحكم الفقرة الثامنة من المادة 107 من القانون رقم 210 لسنة 1951 في شأن نظام موظفى الدولة، ولم تلجأ إلى اتخاذ الاجراءات التأديبية ضده والتى ما كان يحول دونها فقد التحقيقات الادارية والجنائية، وكان سلوك المدعى على هذا النحو غير القويم، فانه يكون قد هيأ العذر للادارة لا صدار قرارها المعيب، الأمر الذى ترى المحكمة معه، وبمراعاة أن المدعى لم يقم بأى عمل للحكومة مدة تنحيته عن وظيفته، أنه حسبه تعويضا له عن اصدار الادارة قرارها بإنهاء خدمته، أنه قد قضى لصالحه بإلغاء هذا القرار، ويكون الحكم المطعون فيه إذ قضى في سياق أسبابه بأنه من مقتضى الغاء قرار انهاء خدمة المدعى صرف مرتبه إليه طوال مدة الفصل في غير محله جديرا بالإلغاء.
ومن حيث أنه عن طلب المدعى الحكم بصفة مستعجلة باستمرار صرف مرتبه إليه من تاريخ انتهاء خدمته في 9 من ديسمبر سنة 1961 حتى يقضى في دعوى إلغاء قرار الفصل، فانه لما كان الحكم مؤقتا بصرف المرتب كله أو بعضه، وفقا لحكم المادة 21 من قانون مجلس الدولة الصادر به القانون رقم 55 لسنة 1959، يرتبط بمصير دعوى الإلغاء، وكانت هذه المحكمة قد انتهت رغما عن إلغاء قرار إنهاء خدمة المدعى إلى عدم أحقيته تلقائيا لمرتبه من تاريخ تنفيذ قرار إنهاء خدمته في 9 من ديسمبر سنة 1961 وكذلك عدم استحقاقه ثمة تعويضات، فان الطلب المستعجل بصرف المرتب يكون قد قام على غير سبب جدي يبرر قانونا صرف مرتب المدعى إليه، منذ تاريخ إنهاء خدمته في 9 من ديسمبر سنة 1961، حقيقا بالرفض ويكون الحكم المطعون فيه قد خالف حكم القانون إذ ذهب غير هذا المذهب.
ومن حيث أن وقف الموظف عن العمل احتياطيا،لا يسوغ وفقا لحكم المادة 95 من القانون رقم 210 لسنة 1961 في شأن نظام موظفى الدولة، إلا إذا كان ثمة تحقيق يجرى معه واقتضت مصلحة التحقيق هذا الإيقاف ولما كان قرار إيقاف المدعى عن عمله في 3 من أكتوبر سنة 1961 قد صدر بعد انتهاء التحقيق الادارى الذى باشرته النيابة الادارية في القضية رقم 250/ 2 لسنة 1955وبعد انتهاء التحقيق الذي أجرته النيابة العامة في الجناية رقم 2573 لسنة 1955 قسم ثان بور سعيد آنفة الذكر وصدر الحكم الجنائى النهائى في 11 من نوفمبر سنة 1957 في الاتهام الذى أوقف المدعى بسببه، فان قرار الوقف والحال كذلك يكون قد تم على غير ما يقضى به القانون، حيث لم يكن ثمة تحقيق يجرى مع المدعى تقتضى مصلحته هذا الإيقاف، وإنما صدر القرار على ما يبين من الأوراق بمناسبة النظر في إنهاء خدمته وفقا لنص الفقرة الثامنة من المادة 107 من القانون رقم 210 لسنة 1951 للحكم عليه في الجناية المشار إليها، وإلى أن يتم استطلاع الرأي في مدى قانونية اتخاذ هذا الاجراء. وإذا كان الأمر كذلك وكان صدور قرار الإيقاف بعد انقضاء المدة التى أمر الحكم الجنائى المشار إليه بوقف تنفيذ العقوبة خلالها واعتباره من ثم وكأنه لم يكن وفقا لحكم المادة 59 من قانون العقوبات على ما سلف بيانه، فان القرار المذكور يكون فاقد السبب الذي قام عليه مشوبا بالبطلان، ويكون الحكم المطعون فيه قد التزم صحيح القانون إذا قضى بإلغاء قرار الإيقاف المطعون فيه.
ومن حيث أنه لما تقدم من أسباب يكون الحكم المطعون فيه قد أصاب الحق فيما قضى به من إلغاء قراري إنهاء خدمة المدعى ووقفه عن العمل المشار إليهما، وخالف حكم القانون فيما قضى به من اعتبار الخصومة منتهية بالنسبة لطلب الاستمرار في صرف مرتب المدعى إليه من تاريخ أنتهاء خدمته في 9 من ديسمبر سنة 1961 حتى يقضى في طلب الغاء قرار انهاء خدمته وكذلك فيما رتبه في أسبابه على الغاء قرار أنهاء الخدمة من صرف مرتب المدعى إليه طوال مدة الفصل، ويتعين والحالة هذه تعديل الحكم المطعون فيه على مقتضى ما تقدم وإلزام الحكومة بنصف المصروفات.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفي موضوعه بتعديل الحكم المطعون فيه على الوجه الآتى:
(أولا) بإلغاء قرار السيد مدير التربية والتعليم بمنطقة بور سعيد التعليمية الصادر في 3 من أكتوبر سنة 1961 بوقف المدعى عن العمل.
(ثانيا) بإلغاء قرار المنطقة المذكورة الصادر في 9 من ديسمبر سنة 1961 بإنهاء خدمة المدعى وما يترتب على ذلك من آثار في الحدود المبينة بأسباب هذا الحكم.
(ثالثا) برفض طلب المدعى الاستمرار في صرف مرتبه إليه من تاريخ أنهاء خدمته في 9 من ديسمبر سنة 1961.
(رابعا) بإلزام الحكومة بنصف المصروفات.