مجلس الدولة - المكتب الفنى لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السادسة والأربعون - الجزء الثالث (من يونيه سنة 2001 إلى آخر سبتمبر 2001) - صــ 2721

(318)
جلسة 29 من أغسطس سنة 2001

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ جمال السيد دحروج نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة: كمال زكى عبد الرحمن اللمعى، ومحمود ابراهيم عطا الله، وسالم عبد الهادى محروس جمعة، ومنير صدقى يوسف خليل نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 5559 لسنة 43 القضائية

عقد إدارى - أركانه - التزام المتعاقدين بما تضمنه من أحكام - الرجوع إلى القانون فيما خلا العقد من أحكام.
العقد الإدارى - شأن سائر العقود - يتم بتوافق إرادتين تتجهان إلى إحداث أثر قانونى - إذا ما توقع المتعاقدان فى العقد خطأ معينا وضعا له جزاء معينا فإنه يجب أن تتقيد جهة الإدارة والمتعاقد معها بما جاء فى العقد ـ لا يقدح فى ذلك النص فى العقد على خضوعه لقانون المناقصات والمزايدات لأن الرجوع إلى القانون المذكور لا يكون إلا فيما يتم تنظيمه بحكم خاص - تطبيق.


إجراءات الطعن

فى يوم الثلاثاء الموافق 29/ 7/ 1997 أودعت هيئة قضايا الدولة نيابة عن رئيس حى حلوان بصفته قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن قيد بجدولها برقم 5559 لسنة 43 ق. عليا ضد ............. عن الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بجلسة 1/ 6/ 1997 فى الدعوى رقم 3983 لسنة 45 ق. والذى قضى بقبول الدعوى شكلاً ورفضها موضوعاً وإلزام المدعى بصفته المصروفات.
وطلب الطاعن بصفته للأسباب الواردة بتقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم مجدداً بإلزام المطعون ضده بأن يؤدى للطاعن بصفته مبلغ 6842 جنيهاً والفوائد القانونية عن هذا المبلغ بواقع 4% سنويا من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة فى 12/ 3/ 1991 وحتى تمام السداد والمصروفات عن درجتى التقاضى.
وأودعت هيئة مفوضى الدولة تقريراً مسبباً بالرأى القانونى فى الحكم ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم بإلزام المطعون ضده بأن يدفع للجهة الإدارية مبلغ 1500 جنيه والفوائد القانونية عن ذلك المبلغ بواقع 4%سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة فى 12/ 3/ 1991 وحتى تمام السداد والمصروفات عن درجتى التقاضي.
وأودعت هيئة مفوضى الدولة تقريراً مسبباً بالرأى القانونى فى الحكم ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم الطعون فيه والحكم بإلزم المطعون ضده بأن يدفع للجهه الإدارية مبلغ 1500 جنيهً والفوائد القانونية عن ذلك المبلغ بواقع 4% سنوياً منتاريخ المطالبة القضائية الحاصلة فى 12/ 3/ 1991 وحتى تمام السداد والمصروفات.
وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 17/ 3/ 1999 وتدوول بالجلسات على النحو الثابت بمحاضرها حيث أودعت هيئة قضايا الدولة بجلسة 17/ 11/ 1999 مذكرة دفاع عقبت فيها على تقرير هيئة مفوضى الدولة واختتمتها بالتصميم على طلباتها.
وبجلسة 4/ 10/ 2000 أودع محضر إعلان المطعون ضده بتقرير الطعن فى مواجهة النيابة العامة لعدم الاستدلال. وبجلسة 18/ 10/ 2000 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثالثة) وحددت لنظره أمامها جلسة 2/ 1/ 2001 حيث نظرته المحكمة بهذه الجلسة وفيها أودعت هيئة قضايا الدولة حافظة مستندات ومذكرة دفاع وتدوول الطعن بالجلسات على النحو الثابت بمحاضرها. وبجلسة 8/ 5/ 2001 أودعت تلك الهيئة حافظة طويت على تحريات الشرطة عن محل إقامة المطعون ضده وإعلانه بصحيفة الطعن فى مواجهة النيابة العامة لعدم الاستدلال. وبتلك الجلسة قررت المحكمة إصدار الحكم فى الطعن بجلسة اليوم 30/ 7/ 2001، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على منطوقه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية فمن ثم يكون مقبولاً شكلاً.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص - حسبما يبين من الأوراق - فى أنه بتاريخ 12/ 3/ 1991 أقام الطاعن بصفته الدعوى رقم 3983 لسنة 45 ق. أمام محكمة القضاء الإدارى - دائرة العقود الإدارية والتعويضات ضد المطعون ضده طالباً فى ختامها الحكم بإلزام المدعى عليه بأن يؤدى له بصفته مبلغ 6842 جنيهاً والفوائد القانونية بواقع 4% سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية وحتى تمام السداد والمصروفات.
وذكر المدعى بصفته شرحاً لدعواه أنه بتاريخ 26/ 10/ 1985 تم ترسية مزاد استغلال الكشك رقم 2 بعين حلوان على المدعى عليه وذلك لبيع جميع المرطبات والمصنوعات الوطنية لمدة ثلاث سنوات تبدأ من 6/ 1/ 1986 وتنتهى فى 6/ 1/ 1989 وذلك نظير جعل شهر مقداره "250" جنيها وتأمين ابتدائى مقداره 500.05 جنيه وتسرى فائدة مركبة قدرها 7% عن المبالغ المتأخرة.
وتسلم المدعى عليه الكشك بتاريخ 16/ 1/ 1986 وبدأ استغلاله منذ ذلك التاريخ. إلا أنه بتاريخ 6/ 5/ 1986 امتنع عن سداد الإيجار الشهرى بالرغم من تكرار إنذاره، وبتاريخ 6/ 11/ 1986 تم إنذاره بفسخ العقود ومصادرة التأمين وإعادة المزاد على حسابه إذا لم يقم بالوفاء بالقيمة الإيجارية المتفق عليها إلا أنه لم يلتزم بالسداد. وإنه إزاء ذلك تم إعادة المزاد مرة أخرى لاستغلال الكشك موضوع الدعوى، وذلك على حساب المدعى عليه حيث رسا هذا المزاد على المدعو.......... بإيجار شهرى مقداره 55 جنيهاً لمدة تبدأ من 31/ 3/ 1987 وتنتهى فى 6/ 1/ 1989. وبذلك يكون المدعى عليه مديناً بمبلغ 2708 جنيهاً قيمة استغلال الكشك عن الفترة من 6/ 5/ 1986 حتى 31/ 3/ 1987 أى "مدة 25 يوم 10 شهر" استناداً إلى العقد المبرم بينه وبين المدعى بصفته. يضاف إلى ذلك مبلغ 4134 جنيهاً - قيمة الفرق بين الإيجار الوارد فى العقد بينه وبين المدعى بصفته، والعقد المبرم بين المدعى بصفته وبين المدعو.......... ولما كان مجموع المبلغ المستحق بناء على ذلك هو 6842 جنيهاً، وهو مبلغ حال الأداء معين المقدار فمن ثم تستحق عليه فوائد قانونية بواقع 4% سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية وحتى تمام السداد عملاً بحكم المادة 226 من القانون المدنى وخلص المدعى بصفته إلى طلب الحكم بطلباته سالفة البيان.
وبجلسة 1/ 6/ 1997 أصدرت محكمة القضاء الإدارى حكمها المطعون فيه. وأقامت قضاءها على أن الثابت من العقد المبرم بين المدعى بصفته وبين المدعى عليه قد وضع جزاءات صريحة فى المادة 7 منه فى حالة الامتناع أو التوقف عن سداد مقابل الاستغلال لمدة تزيد عن شهرين، وهو جزاء فسخ العقد دون حاجة لحكم من القضاء، وأنه لما كان العقد شريعة المتعاقدين ولا يجوز نقضه أو تعديله إلا باتفاق الطرفين أو للأسباب التى يقررها القانون، فمن ثم يكون الجزاء الذى تم الاتفاق عليه هو الواجب الإعمال دون غيره من جزاءات أخرى واردة فى القانون رقم 9 لسنة 1983 بشأن المناقصات والمزايدت ولائحته التنفيذية، وعلى الأخص جزاء التنفيذ على الحساب وأضافت المحكمة أنه لا يقدح فى ذلك أن العقد المبرم بين المدعى بصفته والمدعى عليه نص على أن أحكام القانون المذكور تعتبر مكملة للعقد فيما لم يرد فيه نص فى العقد. ذلك أن الثابت أن العقد تضمن جزاءً صريحاً على مخالفة الامتناع عن سداده الأجرة، ووهو فسخ التعاقد، فيكون هو الجزاء الواجب الإعمال. ذلك أنه من غير المقبول عقلاً وقانوناً الجمع بين جزاءى الفسخ والتنفيذ على الحساب فى آن واحد، ذلك أن الجزاء الأول، وهو الفسخ، يفترض إنهاء الرابطة التعاقدية.
أما مؤدى الجزاء الثانى، وهو التنفيذ على الحساب فيفترض، بقاء الرابطة التعاقدية قائمة بين الإدارية وبين المتعاقد الذى أخل بالتزاماته ولا يتصور عقلاً وقانوناً انتهاء رابطة تعاقدية وبقاؤها فى نفس الوقت.
وأضافت المحكمة أنه بالرجوع إلى العقد المبرم بين الطرفين يبين أن مدته ثلاث سنوات تبدأ من 6/ 1/ 1986 وتنتهى فى 6/ 1/ 1989 وأن الجعل الشهرى هو250 جنيهاً وأن المدعى عليه سدد مبلغ 500.050 جنيه قيمة تأمين ابتدائى كما سدد مبلغ 400.050 قيمة التأمين النهائى بتاريخ 27/ 10/ 1985. كما سدد الجعل الشهرى عن الفترة من 6/ 1/ 1986 حتى 5/ 5/ 1986 ثم توقف عن السداد اعتباراً من 6/ 5/ 1986. وأن الثابت من مواعيد سداد الجعل الشهرى المتفق عليه أن جهة الإدارة تقاضت الجعل الشهرى عن الأربعة اشهر الأولى من بدء التعاقد فى مواعيد مختلفة تجاوز سداد بعضها مدة الشهرين المقررة للتوقف أو الامتناع عن سداد هذا الجعل، فإذا ما قامت بعد ذلك بفسخ التعاقد لامتناع المدعى عليه أن أداء الجعل الشهرى المقرر للشهر الخامس من التعاقد - والذى يبدأ من 6/ 5/ 1986 فإن هذا الجزاء يكون هو الواجب الإعمال دون التنفيذ على الحساب مع حقها فى مطالبة المدعى عليه بالتعويض عن الأضرار التى لحقتها من جراء فسخ الرابطة التعاقدية بعد أن تحدد تلك الأضرار إن كانت، وليس مطالبة المدعى عليه بفروق التنفيذ على الحساب خاصة وأن جهة الإدارة قد تراخت فى طرح العملية من مزاد جديد لمدة سنة تقريباً منذ انتهاء التعاقد مع المدعى عليه.
واستطردت المحكمة قائلة أنه على ضوء فسخ الرابطة التعاقدية بين المدعى بصفته وبين المدعى عليه اعتباراً من تاريخ امتناعه عن سداد الجعل الشهرى للشهر الخامس وحتى الآن، فإن مطالبة المدعى بصفته له بأداء المبالغ موضوع هذه الدعوى والسابق الإشارة إليها لا تقوم على سند صحيح من العقد المبرم بينهما والقانون، وكل ما يمكن للمدعى بصفته المطالبة به هو تعويضه عن الأضرار التى لحقت به من جراء فسخ التعاقد بينه وبين المدعى عليه وهو ما خلت منه أوراق الدعوى. كما يكون للجهة الإدارية مصادرة التأمين المودع من المدعى عليه - وهو ماتفصح الأوراق عن مصادرته فعلاً. لما هو ثابت من أن مأمورية الإيرادات المتنوعة طلبت ذلك من سكرتير عام حى حلوان بموجب كتابها رقم 193 المؤرخ 6/ 11/ 1986. المرفق بالأوراق. وبذلك تكون الدعوى فاقدة سندها من الواقع أو القانون الأمر الذى يجعلها خليقة الرفض.
ومن حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه أخطأ فى تطبيق القانون وفى تأويله تأسيساً على أن المادة 28 من قانون تنظيم المناقصات والمزايدات رقم 9 لسنة 1983 والمادة 74 من اللائحة التنفيذية لهذا القانون أعطتا للجهة الإدارية - فى حالة إخلال المتعاقد معها بأى شرط من شروط العقد - الحق فى فسخ العقد أو تنفيذه على حسابه. وإن قضاء المحكمة الإدارية العليا قد جرى على أن التنفيذ على الحساب فى مجال العقود الإدارية هو وسيلة الإدارية فى تنفيذ الالتزام عيناً إعمالاً لامتيازات الإدارة، وهو تنفيذ تقوم به الإدارة بنفسها وعلى حساب المتعاقد معها وتحت مسئوليته بحيث يتحمل المتعاقد المقصر بفروق الأسعار تطبيقاً لقاعدة تنفيذ الالتزام عيناً...... وأن الطاعن بصفته تعاقد مع المطعون ضده على تأجير الكشك رقم (2) بعين حلول عن طريقا لمزاد لمدة ثلاث سنوات تبدأ من 6/ 1/ 1986 وتنتهى فى 6/ 1/ 1989 نظير جعل شهرى مقداره 250 جنيهاً وبعد أن تسلم ذلك الكشك امتنع عن سداد المقابل المتفق عليه مما حدا بالجهة الإدارية إلى إعادة طرح هذا الكشك فى مزاد علنى رسا المدعو/ .......... نظير جعل شهرى مقداره 55 جنيها شهريا فقط.
وأضاف الطاعن أنه - وعلى ما استقر عليه قضاء المحكمة الإدارية العليا - إن كان غير مقبول قانوناً أن تلجأ الإدارة إلى توقيع جزاء التنفيذ على حساب المتعاقد المقصر وجزاء إنهاء العقد، إلا أنه من المسلمات أن استخلاص إرادة الإدارة فى هذه الصدد هى المرجع وحدها فى تعيين أى إجراء استهدفت به تأمين سير المرفق من الجزاءات التى يتيحها العقد أو القانون أو العرف الإدارى. وإن استخلاص إرادة الجهة فى هذا الشأن لا ينبغى أن يقف عند المعنى الحرفى للألفاظ بل يجب أن يعتد فيه بالآثار التى رتبها الإدارة على تصرفها للكشف عما قصدت فى الحقيقة أن توقعه من جزاء. وأنه لما كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق أن جهة الإدارة قامت بإحلال شخص آخر محل المتعاقد (المطعون ضده) الذى قصر فى تنفيذ التزامه تقصيراً جسيماً. وبذلك تكون إرادتها المنفردة قد اتجهت إلى توقيع جزاء التنفيذ على الحساب، وهى قد اختارت هذا الطريق لتأمين سير المرفق، لأن الإحلال لا ينهى العقد. وهى لم تفسخ العقد..... كما أنها لم تجمع بين الفسخ والتعويض عن الأضرار التى نجمت عن فسخ العقد، وإنما هى تطالب بقيمة الإيجار الذى امتنع المطعون ضده عن سداده. بالإضافة إلى الفرق فى الإيجار بين العقد المبرم بينهما والعقد الذى رسا به المزاد والمبرم بين جهة الإدارة والمدعو........... وفقاً لحكم القانون رقم 9 لسنة 1983 ولائحته التنفيذية والبالغ مقداره 6842 جنيهاً وهو معين المقدار وحال الأداء ومن ثم تستحق عنه فوائد قانونية بواقع 4% سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية حتى تمام السداد.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن الطاعن بصفته تعاقد مع المطعون ضده على تأجير المحل رقم 2 بعين حلوان عن طريق المزاد العلنى لمدة ثلاثة سنوات تبدأ من 6/ 1/ 1986 وتنتهى فى 5/ 1/ 1989 نظر جعل شهرى مقداره 250 جنيهاً. ونصت المادة 7 من هذا العقد على أنه "على المستغل الالتزام بمراعاة كافة الاشتراطات الصحية والقوانين واللوائح لاستغلال الأماكن السياحية والأمن العام والتراخيص، ومن حق الجهة المالكة "حى حلوان" فسخ التعاقد فى حالة:
(أ) إذا أخل المستغل بنوع الاستغلال المطروح على أساسه المحل وفقاً للتعاقد.
(ب) إذا أخل بأى شرط من شروط التعاقد.
(ج) إذا امتنع أو توقف عن سداد مقابل الاستغلال لمدة تزيد عن شهرين.
ويعتبر العقد لاغياً بمجرد إخطار المالكة للمستغل بذلك دون حاجة إلى حكم القضاء.
كما نصت المادة 11 من هذا العقد على أن "كل ما لم يرد فى هذا العقد يرجع فيه إلى أحكام قانون المناقصات والمزايدات ولائحته التنفيذية وتعتبر مكملة لهذا العقد فيا لم يرد فيه النص.
وقد انتظم المرخص له المذكور (المطعون ضده) فى سداد الجعل المتفق عليه حتى 5/ 5/ 1986 ثم توقف عن السداد فقامت الجهة الإدارية بإنذاره بالعديد من الإنذارات لسداد الجعل المتفق عليه دون جدوى. وبتاريخ 5/ 11/ 1986 أعدت مأمورية الإيرادات مذكرة للعرض على سكرتير عام حى حلوان ضمنتها طلب فسخ العقد ومصادرة التأمين المدفوع وبتاريخ 6/ 11/ 1986 قام سكرتير عام حى حلوان بتوجيه إنذار إلى المطعون ضده أشار فيه إلى نص المادة 7 من العقد سالف.
وخلص إلى أن الحى بصدد الإعلان عن تأجير المحل المشار إليه فى مزاد علنى وأنه فى حالة رسو المزاد بأقل من القيمة المتفق عليها سوف يلتزم المطعون ضده بسداد الفرق فى الإيجار حتى نهاية المدة وذلك بعد مصادرة التأمين المقدم منه. وبتاريخ 10/ 12/ 1986 أصدرت الجهة الإدارية رقم 304 بإجراء مزاد علنى على استغلال المحل "الكشك" المشار إليه على حساب المستغل "المطعون ضده" وبتاريخ 7/ 2/ 1987 تم ترسية هذا المزاد على المدعو........... نظير مبلغ 55 جنيهاً شهرياً، وبتاريخ 26/ 3/ 1987 أخطرت الجهة الإدارية المطعون ضده بالحضور يوم الثلاثاء الموافق 31/ 3/ 1987 لتسليم الكشك مثار النزاع للراسى عليه المزاد إلا أنه تخلف عن الحضور فى هذا الموعد حيث قامت تلك الجهة بتسليم الكشك إلى المستغل الجديد.
ومن حيث إن المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن العقد الإدارى شأنه فى ذلك شأن سائر العقود يتم بتوافق ارادتين تتجان إلى إحداث أثر قانونى معين، وإذا ما توقع المتعاقد أن فى العقد الإدارى خطأ معيناً ووضعا له جزاءً بعينه، فإنه يجب أن تتقيد جهة الإدارة والمتعاقد معها بما جاء فى العقد ولا يجوز لهما مخالفته، كما لا يصح القانون القضاء على غير مقتضاه.
ومن حيث إنه متى استبان ما تقدم، وكان الثابت أن العقد المبرم بين الطرفين قد نظم الأثر المترتب على إخلال المطعون ضده بالوفاء بالتزامه بسداد الجعل المتفق عليه أو تأخره فى ذلك مدة معينة بأن أعطى للجهة الإدارية الطاعنة الحق فى فسخ العقد واعتباره لاغياً بمجرد إخطاره بذلك دون حاجة إلى أى إجراء آخر، ومن ثم وإذ اتضح أن المستغل المذكور قد توقف عن سداد الجعل المتفق عليه اعتباراً من 6/ 5/ 1986 وظل متوقفاً عن ذلك رغم تكرار إخطاره بالسداد فمن ثم فإنه إعمالاً لحكم المادة السابقة من العقد سالفة الذكر فإن الجزاء المترتب على ذلك يكون هو فسخ العقد المبرم بين الطرفين وإنهاء الرابطة العقدية بينهما مع حق الجهة الإدارية فى المطالبة بالتعويضات عما قد يكون أصابها من أضرار من جراء ذلك إعمالاً لأحكام المسئولية العقدية، إن كان ذلك وجه. وهو ما أفصحت عنه مأمورية الإيرادات الحكومية بكتابها المؤرخ 5/ 11/ 1986 المرفوع إلى سكرتير عام حى حلوان.
وغنى عن البيان أنه ولئن كانت المادة الحادية عشر من ذلك العقد أشارت إلى خضوعه لأحكام قانون المناقصات والمزايدات - وهو القانون رقم 9 لسنة 1983 السارى وقت إبرام العقد ولائحته التنفيذية الذى يعطى للجهة الإدارية الحق فى تنفيذ العقد على حساب المتعاقد معها فى حالة إخلاله فى تنفيذ التزاماته، إلا أنه وبصريح نص المادة الحادية عشر آنفة الذكر فإن الرجوع إلى أحكام ذلك القانون يكون فيما لم يتم تنظيمه بحكم خاص. والحال أن إخلال المستغل (المطعون ضده) فى سداد الجعل المتفق عليه قد تم تنظيمه بحكم خاص على النحو السالف بيانه بما لا مجال معه للرجوع إلى أحكام القانون رقم 9 لسنة 1983 فى هذا الشأن باعتبار أن تلك الأحكام كانت ماثلة أمام الجهة الإدارية الطاعنة عند إبرام العقد، ومع ذلك فقد خصت الإخلال بالجعل المتفق عليه بحكم خاص يتعين الالتزام به دون سائر الأحكام الواردة فى قانون المناقصات والمزايدات رقم 9 لسنة 1983 ولائحته التنفيذية.
ومن حيث إنه ترتيباً على ما تقدم، وإذ تبين أن المطعون ضده توقف عن سداد المقابل المتفق عليه اعتباراً من 6/ 5/ 1986 وظل متوقفاً عن ذلك حتى تم استلام الكشك المشار إليه فى 31/ 3/ 1987 أى مدة 25 يوماً 10 أشهر وكان المقابل المتفق عليه هو 250 جنيهاً شهرياً فمن ثم فإنه يكون ملزماً بأن يؤدى للطاعن بصفته مبلغ 2708 جنيهاً. ولا وجه لما تطالب به من إلزامه بسداد الفروق المترتبة على إعادة طرح هذا الكشك فى مزاد علنى ورسوه على المدعو.......... على اعتبار أن هذا المبلغ تطالب به الإدارة الجهة الإدارية كفروق للتنفيذ على الحساب وهو مالا يجد له سنداً من أحكام العقد المبرم بين الطرفين. وإن كان ذلك بطبيعة الحال لا يخل بحق تلك الجهة فى المطالبة بالتعويض عن إخلال المطعون ضده بالتزاماته إن كان لذلك مقتض.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد أخذ بغير هذا النظر وقضى برفض الدعوى فإنه يكون قد صدر معيباً ومخالفاً لأحكام القانون مما يوجب إلغاءه والحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وإلزام المطعون ضده بأن يؤدى للطاعن بصفته مبلغ 2708 جنيهاً والفوائد القانونية المستحقة على هذا المبلغ بواقع4% سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة فى 12/ 3/ 1991 وحتى تمام السداد عملاً بحكم المادة 226 من القانون المدنى. ورفض ما عدا ذلك من طلبات.
ومن حيث إن الطاعن بصفته جيب إلى بعض طلباته وأخفق فى بعضها الآخر إلا أن المحكمة تلزم المطعون ضده بكامل المصروفات عملا بحكم المادة (186) من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبإلزام المطعون ضده بأن يؤدى للطاعن بصفته مبلغ 2708 جنيهاً (ألفان وسبعمائة وثمانية جنيهات) والفوائد القانونية بواقع 4% سنويا من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة فى 12/ 3/ 1991 وحتى تمام السداد والمصروفات.