مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادىء القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الخامسة عشرة - العدد الأول (من أول اكتوبر سنة 1969 إلى منتصف فبراير سنة 1970) - صـ 166

(27)
جلسة 24 من يناير سنة 1970

برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمد شلبى يوسف رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذه يوسف إبراهيم الشناوى ومحمد صلاح الدين السعيد وعلى لبيب حسن وأبو بكر محمد عطية. المستشارين.

القضية رقم 1063 لسنة 11 القضائية

موظف "تسوية حالة". مسئولية الادارة. "تعويض".
أن التعويض لا يكون عن مجرد التأخير في التسوية، أساس ذلك.
أن التعويض لا يكون عن مجرد التأخير في التسوية، إذ أن التأخير أو الاهمال في اجرائها لا يعتبر قرارا اداريا، وما دام القانون لم يحدد وقتا لاجرائها، فان واجب الموظف أن يسعى في تقديم المستندات المؤيدة لطلب ضم مدة خدمته، وعندئد يستطيع محاسبة جهة الإدارة على تراخيها وتقصيرها في ضم خدمته تقصيرا أدى مباشرة إلى تفويت حقه في الترقية عند أجرائها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الايضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تتحصل، حسبما يبين من أوراق الطعن، في أن المدعى أقام الدعوى رقم 1171 لسنة 16 القضائية ضد وزير الشئون الاجتماعية بعريضة أودعها سكرتيرية محكمة القضاء الادارى في يوم 7 من أغسطس سنة 1962 طالبا الحكم بإرجاع أقدميته في الدرجة الخامسة إلى 19 من يونية سنة 1960 تاريخ ترقية زميله سعد زغلول يوسف وما يترتب على ذلك من آثار، وبصفة احتياطية بإلزام الوزارة المدعى عليها بأن تدفع له تعويضا مؤقتا مقداره قرش صاغ واحد عن الأضرار التى أصابته من جراء تخطيه في الترقية إلى تلك الدرجة، مع الزام المدعى عليه بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة، وقال شرحا لدعواه أنه التحق بالوزارة في وظيفة من الدرجة السادسة اعتبارا من 4 من أبريل سنة 1956 وبتاريخ أول مايو سنة 1958 قدم طلبا لضم مدة خدمته السابقة بشركة تفتيش وادى كوم أمبو من 31 من ديسمبر سنة 1953 إلى 21 من مارس سنة 1956، طبقا لقرار رئيس الجمهورية رقم 159 لسنة 1958، وعلى الرغم من أحقيته في ضم هذه المدة لتوافر الشروط التى يتطلبها القانون، فقد رفضت جهة الادارة طلبه في مبدأ الأمر ثم اجابته إلى ذلك بتاريخ 12 من يونية سنة 1961، وأرجعت اقدميته في الدرجة السادسة إلى 4 من أغسطس سنة 1954، وكانت الوزارة قد رقت بتاريخ 19 من يونية سنة 1960 زميلا له أحدث منه في ترتيب الأقدمية إلى الدرجة السادسة، فتظلم بتاريخ 8 من يولية سنة 1961 طالبا تعديل أقدميته في الدرجة الخامسة ليسبق زميله المشار إليه، الذى تخطاه في الترقية بسبب تأخر الوزارة في تعديل أقدميته في الدرجة السادسة، غير أن الوزارة لم تجبه إلى طلبه ومن ثم فان قرار التخطى يكون مخالفا للقانون وحقيقا بالالغاء، وأضاف المدعى بالنسبة إلي الطلب الاحتياطى أن قرار التخطى قد الحق به أضراراً مادية وأدبية يجب تعويضه عنها إذا لم يقض بالغاء القرار المطعون فيه.
ردت جهة الادارة على الدعوى بمذكرات دفعت فيها بعدم قبول الطلب الأصلى لرفعه بعد الميعاد القانونى، مؤسسة ذلك على أن المدعى وقد تظلم من القرار المطعون فيه في 8 من يوليو سنة 1961، ولم يقيم دعوى الالغاء إلا في 7 من أغسطس سنة 1962 فانه يكون قد فوت على نفسه الميعاد، وأما بالنسبة إلى الطلب الاحتياطى، فقالت جهة الادارة أن أركان التعويض غير متوافرة ذلك لأن الثابت أن المدعى لم يجب إلى طلب ضم مدة خدمته السابقة في مبدأ الأمر بسبب تقصيره وحده، فهو لم يقدم ما يثبت أن الجهة التى كان يعمل فيها أثناء خدمته السابقة تتبع شركة مساهمة عربية، إلا بعد أن طلبت منه جهة الادارة ذلك، فالتأخير في حساب مدة الخدمة السابقة لسبب يرجع إلى المدعى، لا يكون ركن الخطأ في جانب الوزارة، ويضاف إلى ذلك أن علاقة السببية بين الخطأ والضرر منقطة، لأن عدم حصول المدعى على حقه راجع إلى خطئه بسبب عدم مراعاة المواعيد القانونية المقررة لرفع دعوى الالغاء بعدم تقديم تظلمه. وانتهت الوزارة إلى أن الدعوى على غير أساس حقيقة بالرفض مع الزام المدعى بالمصروفات.
ومن حيث أنه بجلسة 10 من يونية سنة 1965 حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى شكلا بالنسبة إلى الطلب الأصلى لرفعها بعد الميعاد القانونى، وبإلزام المدعى عليها بأن تدفع للمدعى تعويضا قدره قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت، وأقامت قضاءها بالنسبة إلى الطلب الأصلى، إلى أن المدعى تظلم من القرار المطعون فيه في 8 من يولية سنة 1961، غير أنه لم يقم الدعوى إلا بتاريخ 7 من أغسطس سنة 1962 أى بعد عام من تظلمه، ولم يتضح من الأوراق أن الوزارة المدعى عليها اتخذت مسلكا ايجابيا في سبيل تحقيق طلبه، ومن ثم فان الدعوى تكون مرفوعه بعد الميعاد القانونى، وأما بالنسبة إلى الطلب الاحتياطى فقد أقامت المحكمة قضاءها على أن المدعى قدم طلبا في 9 من أبريل سنة 1958 لحساب مدة خدمته السابقة في وظيفة ناظر زراعة بتفتيش وادى كوم أمبو، وقد تراخت الوزارة في اتخاذ اجراءات ضم مدة الخدمة السابقة نحو سنتين وثمانية أشهر، ثم بدأت في 15 من ديسمبر سنة 1960، في التحرى من مصلحة الشركات عن مركز الشركة التى كان يعمل بها، وأصدرت في 30 من أبريل سنة 1961 قرارا باجابته إلى طلبه ولا شك في أن ملف خدمة المدعى وطلب ضم مدة خدمته السابقة كانا تحت نظر الوزارة، حين أصدرت القرار المؤرخ 19 من يونية سنة 1960 بترقية زميله، وبذلك تكون الوزارة قد تسببت بخطئها في تفويت دور المدعى في الترقية، وقد الحق به هذا القرار أضرارا مادية وآلاما نفسية تضر بمستقبله، أما ما ذكرته الوزارة من أن المدعى فوت على نفسه فرصة الطعن في قرار الترقية بتفويته الميعاد، فانه لا يعد السبب المباشر المنتج للضرر الذى لحق بالمدعى، ومن ثم يكون المدعى على حق في المطالبة بالحكم له بالتعويض ويتعين أجابته إلى طلبه.
ومن حيث أن مبنى الطعن في الشق الخاص بطلب التعويض، أن قرار رئيس الجمهورية رقم 159 لسنة 1958 يشترط لحساب مدة العمل السابقة، أن يتقدم الموظف بكافة المستندات المثبتة لمدة الخدمة السابقة، وإذا كان المدة قد قضيت في جهة غير حكومية، فانه يشترط أن تكون قد قضيت في احدى الجهات المحددة بالمادة الأولى من القرار ومن بينها شركات المساهمة العربية غير أن المدعى تقدم بطلبه دون أن يبين أن الجهة التى كان يعمل بها من شركات المساهمة، أو يبين المرسوم أو القرار الجمهوري الصادر بانشائها، فهو قد ارتكب خطأ كان هو السبب الحقيقى في تأخير ضم مدة خدمته السابقة، يؤكد ذلك أن مراقبة المستخدمين والمعاشات أخطرت المدعى في 12 من مارس سنة 1960، أى قبل أصدار قرار الترقية بما يزيد على ثلاث أشهر، بتعذر اجابته إلى طلبه حيث لم يثبت أن شركة تفتيش وادى كوم أمبو من الشركات المساهمة، غير أن المطعون ضده لم يبادر إلى تدارك خطئه وتقديم البيانات المثبتة لمركز الشركة إلا بتاريخ 27 من نوفمبر سنة 1961 أى بعد صدور القرار المطعون فيه بحوالى الخمسة أشهر، وقد بادرت الوزارة فور تلقيها ذلك الطلب إلى الكتابة إلى مصلحة الشركة للتحقق من صحة البيانات التى قدمها المدعى، ثم أصدرت قرار حساب المدة السابقة، ومن ذلك يتضح أنه لم يقع من جهة الادارة خطأ يمكن أن يرتب قبلها أى مسئولية وإلى جانب الخطأ المشار إليه الذى وقع من المطعون ضده، فقد ارتكب اخطاء أخرى تتحصل في أنه لم يرفع دعواه بالطعن في قرار الترقية في الميعاد القانونى، حتى يتيح الفرصة لجهة الادارة أو القضاء، بإرجاع أقدميته في الدرجة الخامسة إلى تاريخ القرار المطعون فيه، وهذه الأخطاء مجتمعة تجعل مسئولية المدعى عن الأضرار التى أصابته كاملة، ولا يخفف منها ما ينسبه إلى جهة الادارة من تراخ في اصدار قرار الضم وبذلك فإذا كان المدعى قد اصيب باضرار من جراء التخطى فلا توجد علاقة سببية بين الضرر وبين تصرف جهة الادارة، ويضاف إلى ذلك أن التعويض لا يكون إلا عن الأضرار المباشرة، وهي ما كانت نتيجة طبيعية للخطأ الذى أحدثته، ويعتبر الخطأ كذلك إذا لم يكن في استطاعة الدائن أن يتوقاه ببذل جهد مقبول، وليس من شك في أن المطعون فيه كان يستطيع أن يتوقى الأضرار التى يطالب بالتعويض عنها، إذا كان قد بادر إلى الرد على الوزارة عندما طالبته بتقديم ما يثبت أنه كان يعمل في شركة مساهمة، أو إلى أقامة الدعوى في المواعيد القانونية، وإذ لم يقم المدعى بأي عمل من هذه الأعمال. فليس له أصل حق في التعويض عن الأضرار التى أصابته، لأن الأضرار نشأت عن الأخطاء التى وقع فيها، وإذ قضى الحكم بغير ذلك فانه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
ومن حيث أن التعويض لا يكون من مجرد التأخير في التسوية، إذ أن التأخير أو الاهمال في اجرائها لا يعتبر قرارا اداريا، وما دام القانون لم يحدد وقتا لاجرائها، فان واجب الموظف أن يسعى في تقديم المستندات المؤيدة لطلب ضم مدة خدمته، وعندئذ يستطيع محاسبة جهة الادارة على تراخيها وتقصيرها في ضم خدمته تقصيرا أدى مباشرة إلى تفويت حقه في الترقية عند أجرائها.
ومن حيث أنه يبين من الاطلاع على أوراق الطعن، أن المطعون ضده تقدم بطلب في 9 من أبريل سنة 1958 لضم مدة خدمته السابقة بتفتيش وأدى كوم أمبو من 31 من ديسمبر سنة 1953 إلى 21 من مارس سنة 1956 طبقا لقرار رئيس الجمهورية رقم 159 لسنة 1958، وأرفق بطلبه شهادة صادرة من الشركة صياغتها كالآتى "تفتيش وادى كوم أمبو - يشهد تفتيش وأدى كوم أمبو بأن السيد/ أبو العينين إبراهيم الخولى كان يعمل بالتفتيش ناظر زراعة في المدة من 31/ 12/ 1953 إلى 21/ 3/ 1956 وحضرته خالى الطرف - وتحررت هذه الشهادة بناء على طلبه - مفتش تفتيش وادى كوم أمبو "وليس على الشهادة أى أشارة أو دليل على أن ذلك التفتيش من شركات المساهمة.
وفي 16 من فبراير سنة 1960 أرسلت مراقبة المستخدمين إلى الجهة التى يعمل بها المطعون ضده كتابا أفادت فيه بأنه يتعذر أجابة طلب ضم مدة الخدمة نظرا لأن التفتيش الذى كان يعمل به المطعون ضده ليس من المؤسسات الصادر بتأسيسها قانون أو مرسوم أو قرار جمهورى فرد المطعون ضده على ذلك بكتابه المؤرخ 27/ من ديسمبر سنة 1960 قال فيه أن منطقة دمياط أخطرته بمضمون خطاب مراقبة المستخدمين بتاريخ 12 من مارس سنة 1960، وأوضح أن التفتيش الذى كان يعمل به من شركات المساهمة وصدر بتأسيسه دكريتو بتاريخ 14 من أبريل سنة 1904 "صفحة 36 ملف 19 من 57/ 127"، ومرفق بملف خدمة المطعون ضده خطاب مرسل من شركة وادى كوم أمبو المساهمة إلى المطعون ضده بتاريخ 24 من نوفمبر سنة 1960 ردا على خطابه المؤرخ 6 من اكتوبر سنة 1960، جاء فيه أن الشركة من شركات المساهمة وصدر بتأسيسها دكريتو صادر بتاريخ 14 من أبريل سنة 1904،فاستفسرت مراقبة المستخدمين من مصلحة الشركات بوزارة الاقتصاد عن الوضع القانوني لتلك الشركة بكتابها المؤرخ 11من ديسمبر سنة 1960، وبعد أن ورد إليها الرد مؤيدا صحة البيانات التى قدمها المطعون ضده أرفقت الأوراق في شأن شرط أتحاد طبيعة العمل للعرض على لجنة شئون الموظفين ثم صدر قرار الضم في مايو سنة 1961.
ومن حيث أنه يتضح من ذلك أن جهة الادارة رأت أن المستندات التى قدمها المطعون ضده مع طلبه الأول، تعتبر غير كافية لاثبات أحقيته في ضم مدة خدمته السابقة، وكانت معذورة في ذلك، لأنه لم يرد بالشهاده التى قدمها المطعون ضده أى دليل على أن تفتيش وأدى كوم أمبو الذى كان يعمل به، من شركات المساهمة أن من الجهات المحددة على سبيل الحصر في المادة الثالثة من قرار رئيس الجمهورية رقم 159 لسنة 1958 وكذلك أرسلت إليه كتابا تخطره فيه برفض طلبه، وكان ذلك قبل صدور القرار المطعون فيه بأكثر من ثلاثة أشهر، غير أن المطعون ضده لم يرد على هذا الكتاب إلا بتاريخ 27 من ديسمبر سنة 1960 - الأمر الذى ينتفى معه القول بتراخى جهة الادارة في بحث طلب المطعون ضده بما أفضى إلى تفويت حقه في الترقية بالقرار الصادر في 29 من يونيه سنة 1960، إذ أن المطعون ضده لم يقدم طلبه مدعما بالمستندات اللازمة إلا بعد صدور القرار المطعون فيه، فيكون هو الذى تراخى وقصر بما أدى إلى تفويت حقه في الترقية، أما جهة الادارة فلم تكن مسئولة عن التأخير، بل كان موقفها واضحا، فقد رفضت الطلب في مبدأ الأمر مستندة في ذلك إلى المادة الثالثة من قرار رئيس الجمهورية رقم 159 لسنة 1958 الذى يجرى نصها على الوجه الآتى "يشترط لحساب مدد العمل السابقة أن يتقدم الموظف بطلب ضمها مع تدعيم طلبه بكافة المستندات في ميعاد لا يتجاوز ثلاثة أشهر من تاريخ نشر هذا القرار وإلا سقط حقه في حساب هذه المدة".. وعندما تقدم المطعون ضده بالمستندات المثبتة لأحقيته بادرت جهة الادارة إلى اتخاذ الاجراءات وأصدرت قرار التسوية.
ومن حيث أنه يخلص من كل ما تقدم أن جهة الادارة لا تعد مسئولة عن تخطى المطعون ضده في الترقية، لأنها لم تكن قد تبينت بعد عند اصدار القرار المطعون فيه حقيقة أقدميته ولأنه لم يتضح منها أى تراخى أو تقصير في اجراء التسوية، ومن ثم فان طلب التعويض يكون على غير أساس سليم من القانون حقيقا بالرفض، وإذ ذهب الحكم المطعون فيه مذهبا مخالفا فانه يكون قد أخطأ في تأويل القانون وتطبيقه ويتعين القضاء بالغائه وبرفض طلب التعويض والزام المدعى بالمصروفات دون حاجة إلى بحث باقى أوجه الطعن.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفى موضوعه بالغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به بالنسبة إلى طلب التعويض وبرفض هذا الطلب والزمت المدعى بالمصروفات.