مجلس الدولة - المكتب الفنى لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السادسة والأربعون - الجزء الثالث (من يونيه سنة 2001 إلى آخر سبتمبر 2001) - صــ 2767

(323)
جلسة 30 من أغسطس سنة 2001

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ عادل محمود ذكى فرغلى نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الاساتذة/ على فكرى حسن صالح، وحسين كمال أبو زيد شلال، وأسامة محمود عبد العزيز محرم، وعبد المنعم أحمد عامر نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 3855 لسنة 43 القضائية

مسئولية - مسئولية أمناء المخازن.
رغبة من المشرع فى اسباغ أكبر قدر من الحماية على الأموال العامة افترض الخطأ فى جانب أمناء المخازن بحيث يكون أمين المخزن متى توافرت له الرقابة والسيطرة الكاملة على عهدته مسئولاً عما بعهدته من أصناف وعن حفظها والاعتناء بها وعن صحة وزنها وعن نظافتها وما يصيبها من نقص أو تلف وذلك ما لم يثبت أن هذا النقص أو التلف قد حدث لأسباب قهرية أو ظروف خارجة عن إرادته ولم يكن فى امكانه التحوط لها. تطبيق.


إجراءات الطعن

فى يوم الثلاثاء 20/ 5/ 1997 أودع الأستاذ/ ......... المحامى بصفته وكيلا عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 3855/ 43 ق.ع فى الحكم الصادر من المحكمة التأديبية بطنطا بجلسة 22/ 3/ 1997.
وطلب الطاعن للأسباب المبينه بتقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بالغاء الحكم المطعون فيه والقضاء برفض الدعوى والزام المطعون ضده المصروفات ومقابل أتعاب المحاماه.
وتم إعلان تقرير الطعن إلى المطعون ضده على الوجه المبين بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضى الدولة تقريراً فى الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بالغاء الحكم المطعون فيه والقضاء برفض الطعن التأديبى مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وجرى نظر الطعن أمام الدائرة الخامسة بالمحكمة الإدارية العليا على النحو المبين بمحاضر الجلسات فحصا وموضوعا حتى قررت إحالته إلى هذه الدائرة للاختصاص تنفيذا لقرار المستشار رئيس مجلس الدولة الصادر فى هذا الشأن.
وبجلسة 8/ 4/ 2001 قررت هذه المحكمة إصدار الحكم فى الطعن بجلسة اليوم وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى سائر أوضاعه الشكلية.
ومن حيث عن عناصر هذه المنازعة تخلص حسبما يبين من الأوراق فى أن المطعون ضده كان قد أقام الطعن رقم 723/ 24 ق بايداع عريضته قلم كتاب المحكمة التأديبية بطنطا طالبا فى ختامها الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بالغاء القرار رقم 19/ 96 الصادر فى 10/ 4/ 96 فيما تضمنه من مجازاته بخصم شهر من راتبه مع عرض أمر تحميله بقيمة مصاريف النقل وغربلة الكمية وأجرة العمالة كافة المصاريف التى ترتبت على ذلك.
وذكر الطاعن شرحا لطعنه أنه يشغل وظيفة أمين شونة البنك بقرية الماى بربط مالى 620/ 6720 وبتاريخ 10/ 4/ 96 اصدر المطعون ضده القرار المذكور لما نسب إليه من قيامه بالتلاعب بخلط القمح المحلى بالتراب مما تسبب فى انخفاض درجة النظافة المسلم بها القمح وأنه تظلم من هذا القرار إلا أنه لم يتلق ردا على تظلمه فاقام طعنه ناعيا على القرار مخالفة القانون الاجحاف بحقوقه على سند من القول بأنه ليس هناك دليل واحد على خلطه القمح بالتراب وأنه لم يحدث أى انخفاض فى درجة النظافة مطلقا وخلص إلى طلب الحكم له بما سلف بيانه من طلبات.
وبجلسة 22/ 3/ 97 أصدرت المحكمة التأديبية الحكم المطعون فيه والذى قضى بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بالغاء القرار رقم 19/ 96 فيما تضمنه من مجازاة الطاعن بخصم شهر من راتبه مع ما يترتب على ذلك من آثار أهمها عدم تحميله بأية مبالغ تحت بند مصاريف النقل وغربلة الكمية وأجرة العمالة وكافة المصاريف التى ترتبت على ذلك وأقامت المحكمة قضاءها على أساس أن الأوراق قد خلت من دليل يقطع بثبوت المخالفة فى حق الطاعن الأمر الذى يكون معه القرار المطعون فيه قد جاء فيما خلص إليه من نتيجة غير مستخلص من وقائع ثابتة تنتجه قانوناً ومن ثم يكون مفتقرا إلى السبب المبرر له قانونا بما يتعين معه إلغاءه مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وإذ لم يلق هذا القضاء قبولا لدى الطاعن أقام طعنه الماثل على أسباب حاصلها أن الحكم المطعون فيه أخطأ تطبيقه القانون وتأويله لأن المطعون ضده وهو أمين شونه يعتبر مسئولا عما بعهدته من أصناف وعن حفظها والاعتناء بها وصحة وزنها ونظافتها وصيانتها مسؤولية مفترضة إلا إذا ثبت ان التلف الفقد يرجع إلى سبب قهرى أو ظروف خارجه عن إرادته وهو ما لم يتوافر بشأنه بل الثابت من التحقيق الذى أجرى معه وما شهد به الشهود أنه مسئول مسئولية كاملة عن خلط القمح المسلم إليه بالأتربة مما أدى إلى انخفاض درجة نطافته حيث إنه إستغل وظيفته بأن قام فى أيام العطلات الرسمية بخلط القمح المحلى المسلم إليه كعهده بالأتربه مما نتج عنه تدنى درجة نظافته إلى 18 قيراطا بدلاً من النسبة الاصلية ا لمسلم بها وهى 22.5 قيراطا والتى تم اكتشافها بالصدفة وهو ما حمله على إعادة غربلة القمح واعادته إلى الحالة التى كان عليها عند استلامه من حيث الوزن ودرجة النظافة.
ومن حيث إن المادة 45 من لائحة المخازن تنص على أن:
أمناء المخازن وجميع أرباب العهد مسئولون شخصيا عن الاصناف التى فى عهدتهم وعن حفظها والاعتناء بها وعن صحة وزنها وعددها ومقاسها ونوعها وعن نظافتها وصيانتها من كل ما من شأنه أن يعرضها للتلف أن الفقد ولا تخلى مسئوليتهم إلا إذا ثبت للمصلحة أن ذلك قد نشأ عن أسباب قهرية أو ظروف خارجه عن إرادتهم ولم يكن فى الإمكان التحوط لها.
ومفاد ذلك أن المشرع رغبة منه فى إسباغ أكبر قدر من الحماية على الأموال العامة افترض الخطأ فى جانب امناء المخازن بحيث يكون أمين المخزن متى توافرت له الرقابة والسيطرة الكاملة على عهدته مسئولا عما بعهدته من أصناف وعن حفظها والاعتناء بها وعن صحة وزنها وعن نظافتها وما يصيبها من نقص أو تلف وذلك ما لم يثبت أن هذا النقص أو التلف قد حدث لأسباب قهرية أو ظروف خارجه عن إرادته ولم يكن فى امكانه التحوط لها.
لما كان ذلك وكان الثابت من الأوراق أن الطاعن يشغل وظيفة أمين شونه قرية المامى التابعة لفرع بنك التنمية والائتمان الزراعى بالمنوفيه (المطعون ضده)، وبهذه الصفة قام باستلام وتخزين القمح المحلى بوزن ودرجة نظافه لا تقل عن 22.5 قيراط ومن ثم كان يتعين عليه المحافظة على ما فى عهدته من القمح وزنا ونظافة حتى يتم تسليمه إلى المطاحن المتعاقدة مع الشونة المذكورة إلا إنه فى 13/ 1/ 96 تقدم مندوب مطحن ......... التابع لقطاع مطاحن المنوفية بشكوى إلى فرع البنك المذكور مفادها وجود نسبة كبيرة من الأتربة بالرصيد الموجود بالشونة من القمح وبالتالى تم تكليف لجنة مشكلة من مراقب الفرز بالبنك الرئيسى واحد الفرازين به. وآخر من فرع البنك المشرف على الشونة لفحص رصيدها من القمح وذلك بحضور الطاعن حيث تبين للجنة وجود أتربه بالقمح وأن درجة نظافته 18 قيراطا فى حين أن درجة نظافته الأصليه هى 22.5 قيراطا وتم اثبات ذلك بمحضر وقع عليه أعضاء اللجنة وأمين الشونة فى 14/ 1/ 96 والذى تم تكليفه تحت اشراف فراز الفرع وفراز البنك بغربلة رصيد القمح وقام بذلك فعلا وانتهت عملية الغربلة فى 21/ 1/ 96 حيث تم فحص القمح بعدها فوجد أنه أصبح فى درجة نظافته الاصلية ولا يوجد به عجز ومن ثم يكون قد ثبت اختلاط القمح بالتراب مما أدى إلى تدنى درجة نطافته عن الدرجة الذى استلمه بها أمين الشونة الطاعن والمسئول عن صيانة القمح ونظافته لكونه فى عهدت أيا ما كانت الطريقة الذى وقع بها هذا الاختلاط لا سيما وأنه لا يخفى ما يترتب على ذلك من اضرار بليغه على الصحة العامة للمواطنين وبالتالى يكون القرار المطعون فيه بمجازاه الطاعن بخصم شهر من مرتبه قائما على سببه المبرر له واقعا قانونا ويضحى الطعن عليه بغير سند خليقا بالرفض.
وإذ ذهب الحكم المطعون فيه غير هذا المذهب فإنه يكون مخالفا لاحكام القانون متعينا الغاءه والقضاء برفض الطعن التأديبى.
ولا يغير من القول بأن الأوراق قد خلت من دليل يقطع بثبوت المخالفة فى حق الطاعن فهذا القول مردود عليه بأن مسئولية الطاعن كأمين شونة تقوم على الخطأ المفترض فى جانبه ومقتضاها مسئوليته عن حفظ ونظافة ما فى عهدته من القمح مسئولية مفترضة إلى أن يثبت أن التلف يرجع إلى أسباب قهرية أو ظروف خارجة عن إرادته وهو ما لم يتوافر بشأن الطاعن إذا لم يقدم مبررا مقبولا للجنة التى اكتشفت بحضوره اختلاط القمح بالتراب وتدن درجة نظافته عن الدرجة المسلم بها إليه بل بادر إلى تنفيذ تكليفه بغربلة القمح واعادته إلى أصله من حيث النظافة والوزن الأمر الذى يؤكد توافر الخطأ فى جانبه بما يبرر تأديبيا.

فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بالغاء الحكم المطعون فيه وبقبول الطعن التأديبى شكلا ورفضه موضوعا.