مجلس الدولة - المكتب الفنى لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السادسة والأربعون - الجزء الأول (من أول 15 أكتوبر سنة 2000 إلى آخر فبراير سنة 2001) - صـ 703

(84)
جلسة 30 من يناير سنة 2001

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ جمال السيد دحروج نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة: كمال زكى عبد الرحمن اللمعى، محمود إبراهيم عطا الله، سالم عبد الهادى محروس جمعة، منير صدقى يوسف خليل نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 339 لسنة41 القضائية

( أ ) دعوى - إثبات - حجية الأمر المقضي
المادة (101) من قانون الإثبات الصادر بالقانون رقم 25 لسنة 1968 - الأحكام التى حازت قوة الأمر المقضى تكون حجة فيما فصلت من الحقوق - شروط ذلك - اتحاد الخصوم والحق محلا وسببا - المحكمة تقضى بهذه الحجية من تلقاء نفسها - جدير بالذكر - السبب يفترق عن الدليل فالسبب هو المصدر الذى تولد عنه الحق المدعى به، بينما الدليل وهو وسيلة إثبات هذا الحق مؤدى ذلك - تعدد الأدلة لا يحول فى ذاته قيام حجية الأمر المقضى إذا توافرت شروطها - تطبيق.
(ب) إصلاح زراعى - قواعد الاعتداد بالتصرفات.
المادة الأولى والثانية من القانون رقم 15 لسنة 1970 معدلا بالقانون رقم 50 لسنة 1979 - يشترط للاعتداد بالتصرف شرطين - أن يكون المالك قد أثبت التصرف المطلوب الاعتداد به فى الإقرار المقدم منه للإصلاح الزراعى - إلا تزيد المساحة موضوع كل تصرف عن خمسة أفدنة - فضلا عن شرط انتفاء المانع المنصوص عليه فى المادة الثانية من هذا القانون وهو صدور قرار نهائى من اللجنة القضائية أو صدور حكم من المحكمة الإدارية العليا فى هذا التصرف - تطبيق.


إجراءات الطعن

فى يوم الخميس الموافق 3/ 11/ 1994 أودع الأستاذ ......... المحامى بصفته نائبا عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير الطعن الماثل طعنا على القرار الصادر من اللجنة القضائية للإصلاح الزراعى فى الاعتراض رقم 184 لسنة 1987 جلسة 5/ 9/ 1994 الذى قضى برفض الدفع بعدم جواز نظر الاعتراض لسابقة الفصل فيه، وبقبول الاعتراض شكل، واستبعاد مساحة 11 قيراط كائنة بثلاثة أحواض بزمام الناصرية مركز دير مواس محافظة المنيا موضحة الحدود والمعالم بتقرير الخبير المودع - من المساحات المستولى عليها قبل الخاضع......... نفاذا لأحكام القانون رقم 50 لسنة 1969 وذلك لصالح ورثة المرحوم/ ......... مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وطلب الطاعن بصفته فى ختام تقرير طعنه للأسباب الواردة به الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه ورفض الاعتراض مع إلزام المطعون ضدهما المصروفات والأتعاب وأعدته هيئة مفوضى الدولة تقريرا مسببا بالرأى القانونى انتهت فيه إلى أنها ترى الحكم بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا مع إلزام الهيئة الطاعنة المصروفات.
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون على النحو الثابت بمحاضر جلساتها وقررت بجلسة 5/ 7/ 2000 إحالة الطعن إلى الدائرة الثالثة بالمحكمة الإدارية العليا وحددت لنظره أمامها جلسة 29/ 8/ 2000، وتداول أمام هذه المحكمة على النحو المبين بمحاضر الجلسات وقررت بجلسة 14/ 11/ 2000 إصدار الحكم بجلسة اليوم 30/ 1/ 2001 وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية فهو مقبول شكلا.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص حسبما يبين من الأوراق فى أن المطعون ضدهما (المعترضين) أقاما الاعتراض رقم 184 لسنة 1987 أمام اللجنة القضائية للإصلاح الزراعى بصحيفة أودعت بتاريخ 7/ 4/ 1987 طالبا فى ختامها الحكم بقبول الاعتراض شكلا وفى الموضوع بالاعتداد بالعقد المبرم بتاريخ 10/ 12/ 1958 واستبعاد المساحة موضوع هذا العقد ومقدارها 11 قيراط بزمام الناصرية مركز دير مواس محافظه المنيا الموضحة الحدود والمعالم بالعقد مما يكون قد استولى عليه قبل الخاضع/ .......... بالتطبيق لأحكام القانون رقم 50 لسنة 1969.
وقال المعترضان شرحاً لاعتراضهما أنه بموجب عقد بيع مؤرخ 10/ 12/ 1958 آلت لمورثهما مساحة 11 قيراط بزمام الناصرية مركز دير مواس محافظة المنيا حوض السنطة 2 دير الناحية الركن وذلك بالشراء من.......... إلا أن الإصلاح الزراعى قام بالاستيلاء على تلك المساحة ضمن مساحات أخرى قبل البائع الخاضع نفاذا للقانون رقم 50 لسنة 1969 رغم أن التصرف وارد بإقرار الخاضع للجدول رقم 2.
وبجلسة 19/ 1/ 1998 قررت اللجنة القضائية ندب مكتب خبراء وزارة العدل بالمنيا ليندب بدوره أحد خبرائه المختصين لأداء المأمورية الواردة بمنطوق ذلك القرار.
وقد انتهى الخبير فى تقريره إلى النتيجة النهائية الآتية:
1 - لا خلاف بين طرفى النزاع حيث إن مساحة أرض الاعتراض 11 قيراط وهى أرض زراعية مربوطة بضريبة الأطيان الزراعية وتقع فى ثلاث أحواض بزمام الناصرية مركز دير مواس.
2 - قام الإصلاح الزراعى بالاستيلاء ابتدائيا على الأرض محل الاعتراض قبل الخاضع/ ........ نفاذا للقانون رقم 50 لسنة 69 بمحضر الاستيلاء المؤرخ 8/ 7/ 1972، وقام الإصلاح الزراعى باستمرار الاستيلاء عليها بمحضر الاستيلاء المؤرخ 3/ 9/ 1983 بعد سحب قراره رقم 42 بتاريخ 11/ 3/ 1980 الذى نص على الاعتداد بالتصرف العرفى الصادر من الخاضع إلى مورث المعترضين وذلك لرفض الاعتراض رقم 1014 لسنة 1971 المقام من الخاضع.
3 - سبق الخاضع.......... أن أقام الاعتراض رقم 1014 لسنة 1971 بشأن الإفراج عن أرض النزاع وبجلسة 7/ 12/ 1971 قررت اللجنة القضائية رفض الاعتراض.
4 - سند المعترضين هو عقد البيع العرفى المؤرخ 10/ 12/ 1958 وهو غير ثابت التاريخ لعدم وروده فى أى ورقة رسمية.
5 - أرض الاعتراض فى وضع يد المعترض الأول، وقرر رجال الإدارة والشهود من الجيران أن وضع يد المذكور امتداد لوضع يد والده بالمشترى من الخاضع، وأن وضع يدهما امتداد لوضع يد البائع......... لمدة تزيد على خمسة عشر سنة بنية التملك وضع يد هادئ ومستمر قبل 23/ 7/ 1969 إلا أن الثابت أو وضع اليد بالإيجار مع الإصلاح الزراعي.
6 - أورد.......... الخاضع للقانون رقم 50 لسنة 1969 هذا التصرف فى إقراره المقدم طبقا للقانون المذكور فى جدول التصرفات الغير مسجلة جدول (ب).. وأن هذه الأرض زراعية لا ينطبق عليها التفسير التشريعى رقم 1 لسنة 1963.
وبجلسة 5/ 9/ 1994 قضت اللجنة القضائية برفض الدفع بعدم جواز نظر الاعتراض، وقبوله شكلا واستبعاد المساحة مثار النزاع من الاستيلاء طبقا للقانون رقم 50 لسنة 1969 قبل الخاضع.......
وشيدت اللجنة قضاءها برفض الدفع بعدم جواز الاعتراض لسابقة الفصل فى الاعتراض رقم 1014 لسنة 1971 تأسيسا على اختلاف السبب فى الاعتراضين لأن الاعتراض الماثل يقوم على سبب جديد وهو القانون رقم 50 لسنة 1979 بينما يقوم السبب فى الاعتراض السابق على ثبوت تاريخ التصرف قبل العمل بالقانون رقم 50 لسنة 1969.
وأضافت اللجنة أنه بالنسبة لمدى انطباق القانون 50 لسنة 1979 فإن الثابت من تقرير الخبير الذى تطمئن إليه اللجنة أن التصرف مثار النزاع أورده الخاضع فى إقراره المقدم طبقا للقانون رقم 50 لسنة 1969 فى جدول (ب) عن التصرفات العرفية الصادره قبل تاريخ نفاذ القانون المذكور، وأن المساحة موضوع التصرف لا تتجاوز خمسة أفدنة ومن ثم تنطبق أحكام القانون 50 لسنة 1979 على التصرف مما يتعين الاعتداد به طبقا لأحكام ذلك القانون.
وإذ لم يرتض الطاعن بصفته هذا القرار فقد أقام طعنه الماثل لأسباب حاصلها:
1 - أنه سبق أن أقيم الاعتراض رقم 1014 لسنة 1971 بين نفس الخصوم وعن ذات المساحة ولنفس السبب وقضى برفضه وبذلك يكون القرار حاز الحجية طبقا لقانون الإثبات، وأنه لم يتم الطعن عليه فأصبح نهائيا يمتنع معه آثارة النزاع مرة أخرى، كما يمتنع تطبيق أحكام المادة الأولى من القانون رقم 50 لسنة 1979 طبقا للمادة الثانية منه.
2 - عدم توافر اكتساب الملكية بالتقادم الطويل لأن وضع يد المعترضين بدأ من 10/ 12/ 1958 وبالتالى لا يكون قد اكتمل حتى 23/ 7/ 1969 تاريخ نفاذ القانون 50 لسنة 1969.
ومن حيث إنه عن الوجه الأول من وجهى الطعن فقد جرى قضاء هذه المحكم إن قرارات اللجان القضائية للإصلاح الزراعى تحوز قوة الأمر المقضى ما دامت قد صدرت فى حدود اختصاصها على الوجه المبين فى القانون.
ومن حيث إنه يستفاد من سياق المادة (101) من قانون الإثبات الصادر بالقانون رقم 25 لسنة 1968 أن الأحكام التى حازت قوة الأمر المقضى تكون حجة فيما فصلت فيه من الحقوق، ولا يجوز قبول دليل ينقض هذه الحجية، ولكن لا تكون لتلك الأحكام هذه الحجية إلا فى نزاع قام بين الخصوم أنفسهم دون أن تتغير صفاتهم ويتعلق بذات الحق محلا وسبب، وتقضى المحكمة بهذه الحجية من تلقاء نفسها. ومن ذلك يبين أنه يشترط لقيام حجية الأمر المقضى فيما يتعلق بالحق المدعى به إن يكون هناك اتحاد فى الخصوم والمحل والسبب، وغنى عن البيان إن السبب يفترق عن الدليل إذ يقصد بالسبب فى هذا المقام المصدر الذى تولد عنه الحق المدعى به، بينما الدليل هو وسيلة إثبات هذا الحق، وإذ كان المعول عليه فى قيام الحجية على الوجه المشار إليه هو وحده السبب وليس وحده الدليل فمن ثم فإن تعدد الأدلة لا يحول فى ذاته دون قيام حجية الأمر المقضى طالما توافرت شرائطها بالمفهوم سالف البيان.
ومن حيث إنه بالاطلاع على قرار اللجنة القضائية للإصلاح الزراعى الصادر فى الاعتراض 1014 لسنة 1971 بجلسة 7/ 12/ 1971، وعلى قرار اللجنة القضائية للإصلاح الزراعى الصادر فى الاعتراض مثار الطعن يتبين اختلاف كل منهما فى السبب، إذ السبب فى الاعتراض الأول ثبوت تاريخ العقد الصادر من الخاضع لمورث المعترضين قبل العمل بالقانون رقم 50 لسنة 1969، بينما السبب فى الاعتراض الثانى هو القانون رقم 15 لسنة 1970 معدلا بالقانون رقم 50 لسنة 1979 وبالتالى فإن الاعتراض الأول لا يحوز حجية الأمر المقضى مما يحجب اللجنة القضائية للإصلاح الزراعى عن نظر الاعتراض الثانى محل الطعن الماثل مما يتعين الالتفات عن هذا الوجه من الطعن.
ومن حيث إنه عن مدى توافر شروط الاعتداد بالتصرف مثار المنازعة طبقا للقانون رقم 15 لسنة 1970 معدلا بالقانون رقم 50 لسنة 1979 فإن المادة الأولى من ذلك القانون تنص على أنه "استثناء من أحكام المادة (3) من المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 بالإصلاح الزراعي، والمادة (3) من القانون رقم 127 لسنة 1961 فى شأن تعديل بعض أحكام قانون الإصلاح الزراعي، والمادة (3) من القانون رقم 15 لسنة 1963 بحظر تملك الأجانب للأراضى الزراعية وما فى حكمه، والمادة (6) من القانون رقم 50 لسنة 1969 يتعين حد أقصى لملكية الأسرة والفرد فى الاراضى الزراعية وما فى حكمها يعتد بتصرفات الملاك الخاضعين لأحكام أى من هذه القوانين ولو لم تكن ثابتة التاريخ قبل العمل به متى توافر الشرطان الآتيان:
1 - إن يكون المالك أثبت التصرف فى الإقرار المقدم منه إلى الهيئة العامة للإصلاح الزراعى تنفيذا لأحكام أى من هذه القوانين إذ كان المتصرف إليه قد أثبت هذا التصرف فى الإقرار المقدم منه إلى الهيئة العامة للإصلاح الزراعى تطبيقا لحكم المادة (8) من القانون رقم 15 لسنة 1963 المشار إليه.
2 - إلا تزيد مساحة الأرض موضوع كل تصرف عن خمسة أفدنه..."
وتنص المادة الثانية من هذا القانون على أنه "لا تسرى أحكام المادة السابقة على قرارات اللجان القضائية التى أصبحت نهائية بالتصديق عليها من مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعى ولا على قرارات هذه اللجان التى أصبحت نهائية لعدم الطعن فيها أمام المحكمة الإدارية العليا بمجلس الدولة ولا على أحكام هذه المحكمة الصادرة فى هذه التصرفات."
ومن حيث إنه مفاد ما تقدم أنه يشترط للاعتداد بالتصرف طبقا لأحكام القانون رقم 15 لسنة 1970 معدلا بالقانون رقم 50 لسنة 1979 توافر الشرطين المنصوص عليهما فى المادة الأولى من هذا القانون وهو إن يكون المالك قد أثبت التصرف المطلوب الاعتداد به فى الإقرار المقدم منه للإصلاح الزراعى طبقا للقوانين المشار إليه، وإلا تزيد المساحة موضوع كل تصرف عن خمسة أفدنه، كما يشترط أيضا انتفاء المانع المنصوص عليه فى المادة الثانية من هذا القانون وهو صدور قرار نهائى من اللجنة القضائية أو صدور حكم من المحكمة الإدارية العليا فى هذا التصرف.
ومن حيث إنه لما كان ذلك وكان الثابت من الأوراق أنه بتاريخ 7/ 12/ 1971 أصدرت اللجنة القضائية قرار فى الاعتراض رقم 1014 لسنة 1971 قضى برفض الاعتداء بالتصرف الصادر من الخاضع.......... على مورث المعترضين المرحوم......... فى المساحة مثار النزاع الحالى وأصبح هذا القرار نهائيا لعدم الطعن عليه أمام المحكمة الإدارية العليا حسبما زعم الإصلاح الزراعى ولم ينكره المطعون ضدهم ومن ثم فإن القانون 15 لسنة 1970 المعدل بالقانون رقم 50 لسنة 1979 لا يسرى على المنازعة الماثلة وبالتالى لا يجوز الاعتداد بالتصرف مثار النزاع طبقا لذلك القانون وإذ ذهبت اللجنة القضائية فى قرارها المطعون فيه غير هذا المذهب وقضت بالاعتداد بالتصرف لتوافر الشرطين المنصوص عليهما فى المادة الأولى من القانون المشار إليه دون تطبيق المادة الثانية منه، فإنها تكون قد خالفت أحكام القانون، فضلا عن أنه لم تتوافر شروط اكتساب المطعون ضدهما ملكية هذه المساحة بالتقادم لأن الثابت إن وضع يدهما بدأ منذ عام 1958 وبالتالى لا يكتمل مدة الخمس عشر سنة حتى تاريخ العمل بالقانون المطبق فى الاستيلاء وهو القانون رقم 50 لسنة 1969 مما تقضى معه المحكمة بإلغاء القرار المطعون فيه والقضاء برفض الاعتراض.
ومن حيث إنه من خسر الدعوى يلزم بمصروفاتها عملا بحكم المادة (184) من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكل، وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه، وبرفض الاعتراض وألزمت المطعون ضدهما المصروفات.


فى ذات المعنى (ب) الطعن رقم 62 لسنة 40 ق.ع بذات الجلسة (30/ 1/ 2001).