مجلس الدولة - المكتب الفنى لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السادسة والأربعون - الجزء الثالث (من يونيه سنة 2001 إلى آخر سبتمبر 2001) - صــ 2843

(333)
جلسة 5 سبتمبر سنة 2001

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ جودة عبد المقصود فرحات نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة/ سامى أحمد محمد الصباغ، وأحمد عبد العزيز أبو العزم، ومصطفى محمد عبد المعطى، وأحمد حلمى محمد أحمد نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 7149 لسنة 45 القضائية

تعليم - طلبة - تأديب - رقابة القضاء لقرار الفصل.
القانون رقم 591 لسنة 1998 بشأن منع العنف فى المدارس - رقابة القضاء لمشروعية الجزاء التأديبى هى رقابة قانونية يحدها تحقق المحكمة من قيام السبب المبرر له بثبوت إرتكاب المخالفة، فلا تمتد هذه الرقابة إلى ملاءمة الجزاء لأن الجهة التى تملك توقيعه تترخص فى تقرير مدى جسامة الذنب وما يناسبه من جزاء ما دام فى حدود النصاب المقرر قانوناً ولم يشب إستعمالها لسلطتها غلو يقوم على عدم الملاءمة الظاهرة بين درجة خطورة الذنب ونوع الجزاء ومقداره إذ فى هذه الحالة يخرج التقدير عن نطاق المشروعية إلى نطاق عدم المشروعية ومن ثم تخضع لرقابه هذه المحكمة التى يخضع لها أيضا تعيين الحد الفاصل بين النطاقين - تطبيق.


إجراءات الطعن

فى يوم الأحد الموافق 25/ 7/ 1999 أودعت هيئة قضايا الدولة نائبة عن الطاعنين قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 7149/ 45 ق.ع فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بطنطا فى الدعوى رقم 3182 لسنة 6 ق بجلسة 1/ 6/ 1999 القاضى بقبول الدعوى شكلاً وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه فيما تضمنه من فصل نجل المدعى ............. مع ما يترتب على ذلك من اثار اخصها قيده بالصف الثانى الثانوى بمدرسة منوف الثانونية للبنين وتمكينه من أداء الإمتحان بالمرحلة الأولى من الثانوية العامة للعام الدراسى 98/ 1999 وطلب الطاعنين للأسباب الواردة بتقرير الطعن قبوله شكلاً وفى الموضوع بوقف تنفيذ الحكم بصفة مستعجلة وبإلغائه وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام المطعون ضده المصروفات.
وجرى إعلان عريضة الطعن إلى المطعون ضده على النحو الثابت بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضى الدولة تقريراً بالرأى القانونى ارتأت فيه قبول الطعن شكلا، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام المطعون ضده المصرفات.
وتحدد جلسة 7/ 11/ 2000 لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا التى قررت إحالته إلى الدائرة السادسة موضوع لنظره بجلسة 18/ 4/ 2001، وقد نظرته هذه المحكمة على النحو الثابت بمحاضر جلساتها إلى أن قررت حجزه ليصدر فيه الحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الإطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية المقررة قانوناً.
ومن حيث إن عناصر هذا النزاع تخلص حسبما يبين من الأوراق فى أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 3182 لسنة 6 ق أمام محكمة القضاء الإدارى بطنطا فى 13/ 4/ 1999 طالبا الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء القرار الصادر بفصل نجله ........ من الصف الثانى بمدرسة منوف الثانوية للبنين، وقال شرحا لدعواه بأن طلاب الفصل 2/ 9 قاموا بإحداث فوضى أثناء حصة اللغة العربية وقام البعض منهم بتكسير قطعة من الخشب والقوا بها ناحية السبورة من خلف ظهر مدرس الحصة فسقطت عليه وقد ارتأى نجله وهو يقوم بجمع بعضها والقائها من الشباك فاتهمه بالتعدى عليه وسايره فى هذه الاتهام مدير المدرسة بعد أن اصطنع تحقيقا تضمن أقوالاً متناقض من طلبة الفصل نتيجة للضغط عليهم وقد أسفر ذلك عن صدور قرار بفصل نجله بعد عرض الأمر على مجلس إدارة المدرسة.
وأختتم ا لمدعى عريضة دعواه بطلباته السابقة.
وبتاريخ 1/ 6/ 1999 أصدرت المحكمة حكمها بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه فيما تضمنه من فصل نجل المدعى مع ما يترتب على ذلك من اثار .......... وألزمت الجهة الإدارة المصروفات.
وأقامت المحكمة قضاءها على سند من أنه بتاريخ 17/ 3/ 1999 حرر مدرس اللغة العربية للفصل 2/ 9 بمدرسة منوف الثانوية للبنين مذكرة تقدم بها إلى مدير المدرسة أورد فيها أنه أثناء أدائه للدرس وكتابته على السبورة فوجئ بقطعة خشب تقع بجواره تلتها قطعة أخرى جاءت أسفل عينه اليمنى بحيث أدت إلى إصابته بجرح إلا أنه لم يحدد أسم الطالب أو الطلبة مرتكبى الفعل فقام الأخصائى الاجتماعى بإجراء تحقيق فى الموضوع سمع فيه أقوال بعض الطلبة الذين أقروا بصحة الواقعة ونسبتها إلى الطالب/ ..........، كما أقر هو شخصياً بإلقائه بقطعة واحدة مع آخرين، وعلى ذلك صدر قرار المدرسة بفصله بعد عرض أمره على مجلس إدارة المدرسة، وأضافت المحكمة أن هذا القرار بحسب الظاهر من الأوراق يكون مخالفا للقرار الوزارى رقم 515 لسنة 1998 وذلك لتضمنه أشد العقوبات المنصوص عليها فيه، وهى عقوبة تتطلب لتوقيعها تكرار مخالفات الطالب على أن تكون جسيمة لا يرجى إصلاحها وهو الأمر الذى لم يتحقق فى الحالة المعروضة هذا إلى جانب أن أقوال زملاء الطالب لم يذكر فى بعضها تحديد أسم نجل المدعى وهو الأمر الذى يلقى بظلال من الشك على صحة إسناد المخالفة للطالب فضلا عن الشطط الذى أنتهجه مجلس إدارة المدرسة فى توقيعه عقوبة الفصل وهى لا تتناسب مع خطورة الواقعة على فرض حدوثها خاصة أن الطالب فى سن صغيرة وفى مقتبل العمر وهو ما يتعارض مع أهداف القرار الوزارى المذكور من تقويم سلوك الطلاب وبالتالى يكون القرار صدر متسما بالغلو مما يخرجه عن نطاق المشروعية، ومن ثم يتحقق توافر ركن الجدية فى طلب وقف تنفيذه إلى جانب تحقق ركن الاستعجال لما يترتب على تنفيذ القرار من حرمان الطالب من مواصلة دراسته وهو أمر يتعذر تداركه.
وخلصت المحكمة من ذلك لقضائها السابق.
ومن حيث إن مبنى الطعن يقوم على أساس مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والخطأ فى تطبيقه ذلك لأن الثابت بالاوراق ومن واقع التحقيقات التى أجرتها جهة الإدارة حول صحة الواقعة أن زملاء الطالب أقروا بإرتكاب الفعل المنسوب إليه الذى أحدث أصابة بالمدرس أثناء القائه للدرس كما أن الحكم الطعنين لم ينف حدوث الواقعة على النحو المذكور أو نسبتها للطالب وإنما أستند إلى المغالاه فى توقيع العقوبة رغم ما تشكله المخالفة من إستهتار بالمعلمين وخروج على حسن الآداب والنظام أثناء اليوم الدراسى الأمر الذى يجعل القرار متفقا وأحكام القرار الوزارى رقم 76/ 1971 بشأن تأديب طلاب مدارس التعليم العال والفنى والذى تضمنت العقوبات الواردة فيه عقوبة الفصل النهائى بعد التحقق وبقرار مسبب، وكذلك القرار الوزارى رقم 591 المؤرخ 17/ 11/ 1998 الذى يعاقب بالفصل النهائى كل طالب ثبت إعتداءه على أحد المعلمين أو هيئات الإشراف.
واختتمت الجهة الإدارية طعنها بطلباتها المذكورة.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة جرى على أن ولاية محاكم مجلس الدولة فى وقف تنفيذ القرارت الإدارية مستقاة من ولايتها فى الإلغاء وفرع منها ومردها إلى الرقابة القانونية التى يسلطها القضاء الإدارى على القرار على أساس وزنه بميزان القانون وزنا مناطه المشروعية إذ يتعين على القضاء الإدارى ألا يوقف قرار إداريا إلا إذا تبين له بحسب الظاهر من الأوراق ودون مساس بأصل الحق أن طلب وقف التنفيذ توافر فيه ركنان أولهما: ركن الجدية وتمثل فى قيام الطعن على القرار على أسباب جدية من حيث الواقع والقانون تحمل على ترجيح الحكم بإلغائه عند نظر الموضوع.
ثانياً: ركن الاستعجال بأن يكون من شأن إستمرار القرار وتنفيذه نتائج يتعذر تداركها فيما لو قضى بإلغائه.
ومن حيث إنه بالنسبة لأمر الجدية فإن المادة الأولى من القرار الوزارى رقم 591 لسنة 1998 بشأن منع العنف فى المدارس تنص على أنه "يحظر حظراً مطلقا فى جميع مدارس مراحل التعليم قبل الجامعى بما فى ذلك مدارس التعليم الخاص إيذاء الطالب بدنياً بالضرب على أى وجه وبأى وسيله ...............
وتنص المادة 2 على أن يعاقب بالفصل النهائى كل طالب يثبت إعتداؤه على أحد من المعلمين أو هيئات الإشراف بجميع المدارس المشار إليها فى المادة السابقة.
وتنص المادة الثالثة على أنه يكون مديرو المديريات والادارات التعليمية ومديرو المدارس ونظارها مسئولين مسئولية كاملة عن متابعة تنفيذ هذا القرار وإتخاذ الإجراءات اللازمة بشأنها.
ومن حيث إن رقابة القضاء لمشروعية الجزاء التأديبى هى رقابة قانونية يحدها تحقيق المحكمة من قيام السبب المبرر له بثبوت أرتكاب المخالفة، فلا تمتد هذه الرقابة إلى ملاءمة ا لجزاء لأن الجهة التى تملك توقيعه تترخص فى تقدير مدى جسامة الذنب وما يناسبه من جزاء ما دام فى حدود النصاب المقرر قانونا ولم يشب إستعمالها لسلطتها غلو يقوم على عدم الملاءمة الظاهرة بين درجة خطورة الذنب ونوع الجزاء ومقداره إذ فى هذه الحالة يخرج التقدير من نطاق المشروعية إلى نطاق عدم المشروعية ومن ثم يخضع لرقابة هذه المحكمة التى يخضع لها أيضا تعيين الحد الفاصل بين النطاقين.
ومن حيث إن المادة 2 من القرار الوزارى المشار إليه جعلت عقوبة الفصل النهائى جزاء للإعتداء على أحد المعلمين أو هيئات الإشراف حتى يتحقق الإنضباط فى المدارس ويلتزم الطلبة بالسلوك القويم ويكون للمعلم مكانته الصحيحة ومن الأدبية بين صفوفهم، وعلى ذلك يكون القرار الصادر بفصل الطالب فى الحالة المعروضة صحيحا خاصة بعد أن أثبت التحقيق أرتكابه لهذا الفعل الذى كان من شأنه المساس بكرامة المدرس إلى جانب ما أحدثه من إصابة فى وجهة على النحو الوارد بالتقرير الطبى، ولا يغير من ذلك ما ساقه الحكم من تشكيك فى صحة أقوال بعض الطلبة فى نسبة الفعل لهذا الطالب تحديدا ذلك لأن أكثر من طالب ممن سمعت أقوالهم ذكر ذلك الاسم تحديدا ونسب إليه الفعل فضلا عما أقر به الطالب نفسه من أنه قذف بقطعة واحدة نائيا بنفسه عن إلقاء القطعة الأخرى.
ومن حيث إن القرار المذكور لم يتدرج فى تحديد عقوبة الإعتداء على هيئات التدريس حتى كان يمكن وصف قرار الفصل بالغلو على نحو ما ذهب إليه الحكم الطعين، من ثم تكون مشروعية هذا الجزاء منوطه فقط بمدى ثبوت الفعل من عدمه فإذا تحقق الفعل كان الجزاء مشروعا وبالتالى يكون قرار الفصل صحيحا مما يجعل طلب وقف تنفيذه مفتقدا لركن الجدية فيه ويتعين لذلك رفضه دون حاجة لبحث مدى تحقق ركن الاستعجال لعدم جدواه، وإذ ذهب الحكم المطعون فيه إلى غير ذلك فإنه يكون خالف القانون متعين الإلغاء، ويكون الطعن عليه قد استقام على سند صحيح من الواقع والقانون.
ومن حيث إن من يخسر الطعن يلزم بمصروفاته عملا بحكم المادة (184) من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة: بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وألزمت المطعون ضده المصروفات.