مجلس الدولة - المكتب الفنى لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السادسة والأربعون - الجزء الأول (من أول 15 أكتوبر سنة 2000 إلى آخر فبراير سنة 2001) - صـ 735

(87)
جلسة 30من يناير سنة 2001

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ جمال السيد دحروج نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الاساتذة/ كمال زكى عبد الرحمن اللمعى، ومحمود إبراهيم عطا الله، وسالم عبد الهادى محروس جمعة، ويحيى خضرى نوبى محمد نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 4124 لسنة43 القضائية

قانون - سريانه من حيث الزمان - هيئة الشرطة - الالتزام بخدمة الشرطة مدة معينة بعد التخرج.
المادة 187 من الدستور الحالى - من المقرر أن القانون يحكم الوقائع والمراكز القانونية التى تتم تحت سلطانه أى فى الفترة ما بين تاريخ العمل به وإلغائه ولا يسرى بأثر رجعى إلا بنص صريح - أساس ذلك - إن سريان القاعدة القانونية من حيث الزمان لها وجهان وجه سلبى وهو انعدام الأثر الرجعى للتشريع، ووجه إيجابى هو أثره المباشر - التحاق طالب الشرطة فى ظل قاعدة قانونية تلزمه بخدمة الشرطة مدة معينة بعد التخرج - صدور قانون جديد يعدل هذه المدة بالزيادة - إذا أوفى الضابط التزامه بخدمة الشرطة بعد التخرج لمدة محددة فى ظل القانون القديم قبل نفاذ القانون الجديد فإن القانون الجديد لا يسرى على حالته - أساس ذلك قاعدة عدم رجعية القانون - أما إذا لم يكن قد قضى هذه المدة عند العمل بالقانون الجديد سرى هذا القانون الجديد على حالته - أساس ذلك - قاعدة الأثر المباشر للقانون - تطبيق.


إجراءات الطعن

أنه فى يوم الأربعاء الموافق 28/ 5/ 1997 أودعت هيئة قضايا الدولة بصفتها نائبة عن الطاعن بصفته قلم كتاب المحكم الإدارية العليا تقرير الطعن الماثل طعنا على الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى دائرة العقود الإدارية والتعويضات فى الدعوى رقم 2698 لسنة 43 ق بجلسة 30/ 3/ 1997 الذى قضى بقبول الدعوى شكلا ورفضها موضوعا مع إلزام المدعى بصفته المصروفات. وطلب الطاعن بصفته فى ختام تقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجددا بإلزام المطعون ضده بأن يؤدى للطاعن بصفته مبلغ 3338 جنيها والفوائد القانونية عن هذا المبلغ بواقع 4% سنويا من تاريخ المطالبة القضائية وحتى تمام السداد وإلزام المصروفات.
وقد تم إعلان تقرير الطعن للمطعون ضده على النحو المبين بالأوراق.
وأعدت هيئة مفوضى الدولة تقريرا مسببا بالرأى القانونى انتهت فيه إلى أنها ترى الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع برفضه.
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون على النحو المبين بمحاضر جلساتها حيث قدم الحاضر عن الطاعن بصفته بجلسة 17/ 11/ 1999 مذكرة صمم فى ختامها على طلباته الواردة بتقرير الطعن، وبجلسة 19/ 1/ 2000 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الادارية العليا - الدائرة الثالثة - لنظره أمامها بجلسة 14/ 3/ 2000.
وتدوول الطعن أمام هذه المحكمة على النحو المبين بمحاضر الجلسات حيث قررت بجلسة 18/ 4/ 2000 إصدار الحكم بجلسة 13/ 6/ 2000 ثم مدت أجل النطق به لجلسه 18/ 7/ 2000 ثم لجلسة 28/ 11/ 2000 ثم لجلسة اليوم وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية فهو مقبول شكلا.
ومن حيث إن عناصر النزاع تخلص حسبما هو ثابت من الأوراق فى أن المدعى بصفته (الطاعن) أقام الدعوى رقم 2698 لسنة 43 ق أمام محكمة القضاء الإدارى دائرة العقود الإدارية والتعويضات بصحيفة أودعت بتاريخ 6/ 2/ 1989 طلب فى ختامها الحكم بإلزام المدعى عليه (المطعون ضده) بأن يدفع له مبلغ 3338 جنيها والفوائد بواقع 4% سنويا من تاريخ المطالبة القضائية وحتى تمام السداد.
وقال المدعى بصفته (الطاعن) شرحا لدعواه أن المدعى عليه (المطعون ضده) تخرج من كلية الشرطه بتاريخ 10/ 8/ 1978، وقد انتهت خدمته بالقرار الوزارى 560 لسنة 1987 لأسباب ترجع إليه ولما كانت المادة (33) من القانون رقم 91 لسنة 1975 بإنشاء كلية الشرطة معدلة بالقانون رقم 53 لسنة 1978 تقضى بإلزام خريجى كلية الشرطة والضباط المتخصصين بخدمة الشرطة مدة لا تقل عن عشر سنوات من تاريخ التخرج، وإلا التزم برد ضعف نفقات الدراسة، ولما كان المدعى عليه لم يقم بخدمة الشرطة المدة المقررة قانونا فإنه يتعين إلزامه برد ضعف نفقات الدراسة التى بلغت 3338 جنيها والفوائد القانونية عن هذا المبلغ بواقع 4% سنويا من تاريخ المطالبة القضائية وحتى تمام السداد.
ونظرت محكمة القضاء الإدارى الدعوى على النحو الثابت بمحاضر جلساته، وبجلسة 30/ 3/ 1997 قضت بقبول الدعوى شكلا ورفضها موضوع، تأسيسا على أن المدعى عليه التحق بكلية الشرطة فى ظل العمل بأحكام القانون رقم 109 لسنة 1971 فى شأن هيئة الشرطة ومن ثم فإن أحكام هذا القانون هى التى تحكم شروط التحاق المدعى عليه وواجباته التى يلتزم بها أثناء الدراسة بالكلية وبعد التخرج منه، وإذ خلا هذا القانون من نص يلتزم الخريج بخدمة الشرطة مدة معينة بعد تخرجه وكان المدعى عليه قد وقع على تعهد ضمنه فيه والده بأن يخدم وزارة الداخلية مدة خمس سنوات على الأقل من وقت تخرجه وإلا التزم بالتضامن مع والده بدفع ما تكلفته خزانة الدولة أثناء دراسته، وإذ كان ما تضمنه التعهد المذكور يشكل القاعدة التنظيمية التى كانت سارية إبان التحاق المدعى عليه بكلية الشرطة، وكان الثابت أن المدعى عليه تخرج من كلية الشرطة فى 10/ 8/ 1978 وانتهت خدمته فى 15/ 12/ 1987 ومن ثم يكون قد خدم بوزارة الداخلية أكثر من خمس سنوات وهى المدة التى التزم بها فى تعهده، ولا وجه للقول بسريان المادة (33) من القانون رقم 91 لسنة 1975 بإنشاء أكاديمية الشرطة المعدلة بالقانون رقم 53 لسنة 1978 التى تلزم خريج كلية الشرطة بخدمة الشرطة مدة لا تقل عن عشر سنوات من تاريخ التخرج والالتزام برد ضعف نفقات الدراسة التى تكبدتها الأكاديمية لأن هذا النص لا يسرى إلا من تاريخ نشره فى الجريدة الرسمية فى 10/ 8/ 1978 وهو تاريخ لاحق لتاريخ تخرج المدعى عليه فى 5/ 7/ 1978 (وهو آخر يوم أدى فيه امتحان السنة النهائية باعتبار أن قرار إعلان النتيجة يعتبر كاشفا).
وإذ لم يصادف هذا القضاء قبولا لدى الطاعن بصفته فأقام طعنه الماثل ناعيا على الحكم المطعون فيه مخالفته للقانون والخطأ فى تطبيقه وتأويله، لأن المطعون ضده تخرج من كلية الشرطة بتاريخ 10/ 8/ 1978 وهو ذات تاريخ نشر القانون رقم 53 لسنة 1978 بتعديل المادة 33 من القانون رقم 91 لسنة 1975 فى الجريدة الرسمية، وبالتالى يسرى عليه حكم المادة المذكورة بعد التعديل ويحق للطاعن بصفته مطالبته بما تقضى به هذه المادة المعدلة برد ضعف نفقات الدراسة لإخلاله بالتزامه بخدمة الشرطة مدة لا تقل عن عشر سنوات من تاريخ التخرج.
فضلا عن أن حق وزارة الداخلية فى المطالبة بهذه النفقات لا ينشأ إلا فى تاريخ إخلال الضابط بالتزامه بخدم الشرطة مدة عشر سنوات، وقد نشأ حق الإدارة الطاعنة فى مطالبة المطعون ضده بالنفقات فى 15/ 2/ 1987 وهو تاريخ انتهاء خدمته - قبل قضاء مدة الخدمة المطلوبة، وبالتالى يسرى عليه القانون المطبق فى ذلك التاريخ.
ومن حيث إن مقطع النزاع ينحصر فى بيان القاعدة القانونية الواجبة التطبيق على المطعون ضده فيما يتعلق بالمدة التى يجب على المطعون ضده تمضينها بخدمة وزارة الداخلية بعد تخرجه من كلية الشرطة والجزاء الذى ترتبه نتيجة الإخلال بهذا الالتزام.
ومن حيث إن المادة 187 من الدستور الحالى تنص على أن "لا تسرى أحكام القوانين الأعلى ما يقع من تاريخ العمل به، ولا يترتب عليها أثر فيما وقع قبلها".
ومن حيث إنه من المقرر أن القانون بوجه عام يحكم الوقائع والمراكز القانونية التى تتم تحت سلطانه أى فى الفترة ما بين تاريخ العمل به وإلغائه، وهذا هو مجال تطبيقه الزمنى فيسرى القانون الجديد بأثره المباشر على الوقائع والمراكز التى تقع أو تتم بعد نفاذه، ولا يسرى بأثر رجعى على الوقائع أو المراكز التى تقع أو تتم قبل نفاذه إلا بنص صريح يقر الأثر الرجعى، فسريان القاعدة القانونية فى الزمان لها وجهان، وجه سلبى وهو انعدام الأثر الرجعى للتشريع ووجه إيجابى هو أثره المباشر.
ومن حيث إنه وفقا لما تقدم فإذا التحق طالب الشرطة فى ظل قاعدة قانونية تلزمه بخدمة الشرطة مدة معينة بعد التخرج، ثم صدر قانون جديد يعدل هذه المدة بالزيادة، فإنه إذا أوفى الضابط التزامه بخدمة الشرطة بعد تخرجه بمدة محددة فى ظل القانون القديم قبل نفاذ القانون الجديد فإن القانون الجديد لا يسرى على حالته إعمالا لقاعدة عدم رجعية القانون، أما إذا لم يكن قد قضى هذه المدة عند العمل بالقانون الجديد، سرى هذا القانون الجديد على حالته إعمالا لقاعدة الأثر المباشر للقانون.
ومن حيث إنه لما كان الثابت من الأوراق أن المطعون ضده التحق بكلية الشرطة عام 1974 فى ظل العمل بالقانون رقم 109 لسنة 1971 التى خلت أحكامه مما يلزم خريج كلية الشرطة بخدمة الشرطة مدة معينة بعد التخرج، بيد أن المطعون ضده وقع تعهدا عند التحاقه بكلية الشرطة التزم بموجبه بخدمة الداخلية مدة خمس سنوات على الأقل من وقت تخرجه، وهو ما يشكل القاعدة التنظيمية التى كانت سارية وقت التحاق المذكور بكلية الشرطة، وقد تخرج من كلية الشرطة عام 1978، وقد لحقه القانون رقم 91 لسنة 1975 معدلا بالقانون رقم 53 لسنة 1978 قبل أن يقضى بخدمة الشرطة بعد التخرج المدة التى التزم بها وهى خمس سنوات، وقد نصت المادة (33) من القانون المشار إليه على أن يلتزم خريج أياً كان من كلية الشرطة وقسم الضابط المتخصصين بخدمة الشرطة مدة لا تقل عن عشر سنوات من تاريخ التخرج، وإلا التزم برد ضعف نفقات الدراسة التى تكبدتها الأكاديمية وكل طالب بكلية الشرطة أو قسم الضابط المتخصصين يرك الدراسة بغير عذر مقبول يلتزم بالتضامن مع ولى أمره بدفع جميع النفقات التى تحملتها الاكاديمية خلال فترة دراسته بها "ومن ثم يسرى على المطعون حكم المادة المشار إليها وهى خدمة الشرطة مدة لا تقل عن عشر سنوات من تاريخ التخرج وإلا التزم برد ضعف النفقات الدراسية التى تكبدتها الأكاديمية إعمالا لقاعدة الأثر المباشر للقانون ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن المطعون ضده تخرج من كلية الشرطة وعين بخدمتها فى 1/ 8/ 1978 وانتهت خدمته بها اعتبارا من 15/ 2/ 1987 ومن ثم فإنه لا يكون قد أكمل مدة العشر سنوات بخدمة الشرطة منذ تخرجه حتى انتهاء خدمته والمنصوص عليها فى المادة 33 من القانون رقم 91 لسنة 1975 وتعديلاته، مما يتعين إلزامه برد ضعف النفقات الدراسية التى تكبدتها الأكاديمية طبقا لتلك المادة، ومقدارها 3338 جنيها حسبما هو ثابت بالكشف المرفق بحافظة مستندات الجهة الإدارية والفوائد القانونية عن هذا المبلغ بواقع 4% من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة فى 6/ 12/ 1989 وفقا لحكم المادة 226 من القانون المدنى.
ومن حيث إنه لا صحة لما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من أن إلزام المطعون ضده بخدمة الشرطة بعد التخرج يقتصر على خمس سنوات فقط استنادا للتعهد الموقع منه ومن ولى أمره - والتى كانت تشكل القاعدة المعمول بها فى ظل العمل بالقانون رقم 109 لسنة 1971 لأنه التحق بالكلية عام 1974 فى ظل العمل بهذا القانون، وتخرج منها فى 5/ 7/ 1978 (آخر يوم فى الامتحان) فى ظل العمل بذلك القانون أيضا قبل العمل بالمادة 23 من القانون رقم 53 لسنة 1978 (المعمول بها فى 10/ 8/ 1978)، ذلك لأنه من المقرر حسبما سلف البيان هو سريان القانون الجديد على الوقائع التى لم تكتمل فى ظل القانون القديم، والمطعون ضده لم يكن قد أكمل خمس سنوات بعد التخرج من خدمة الشرطة قبل نفاذ القانون الجديد الذى تراه هذه المدة إلى عشر سنوات، كما أن المطعون ضده -وهو ضابط شرطة - فى مركز تنظيمى قابل للتعديل طبقا لما تمليه المصلحة العامة، ومن المقرر أن علاقة الموظف بالحكومة هى علاقة تنظيمية تحكمها القوانين واللوائح التى تصدر فى شأنه، وهذا الصفة الحكومية للوظيفة تخص الموظف بمركز قانونى عام ويخضع فى تنظيمه أساسا لما تفرضه تلك القوانين من أحكام دون أن تكون للموظف الاحتجاج أو الإدعاء بالحق المكتسب المستند من القوانين السابقة.
ومن حيث إنه متى استبان ما تقدم، وإذ ذهب الحكم المطعون فيه غير هذا المذهب فإنه يكون قد خالف صحيح حكم القانون مما يتعين القضاء بإلغائه والحكم بإلزام المطعون ضده بأن يؤدى للطاعن بصفته مبلغا مقداره 3338 جنيها والفوائد القانونية بواقع 4% عن هذا المبلغ من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة فى 6/ 2/ 1987 وحتى تمام السداد.
ومن حيث إنه من خسر الدعوى يلزم بمصروفاتها عملا بحكم المادة (184) من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإلزام المطعون ضده بأن يؤدى للطاعن بصفته مبلغا مقداره 3338 جنيها (ثلاثة آلاف وثلاثمائة وثلاثون جنيها) والفوائد القانونية عن هذا المبلغ بواقع 4% سنويا من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة فى 6/ 2/ 1989 وحتى تمام السداد والمصروفات عن درجتى التقاضى.