مجلس الدولة - المكتب الفنى لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السادسة والأربعون - الجزء الأول (من أول 15 أكتوبر سنة 2000 إلى آخر فبراير سنة 2001) - صـ 763

(90)
جلسة 30من يناير سنة 2001

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ جمال السيد دحروج نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة/ كمال زكى عبد الرحمن اللمعى، وسالم عبد الهادى محروس جمعة، ويحيى خضرى نوبى محمد، منير صدقى يوسف خليل نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 5827 لسنة 45 قضائية. عليا:

- دعوى - الحكم فى الدعوى - الطعن فى أحكام المحكمة الإدارية العليا - أسباب عدم الصلاحية (دعوى البطلان الأصلية) - مسودة الحكم ونسخته الأصلية.
المادة 146 و 147 و 286 من قانون المرافعات المدنية والتجارية.
المادة 146و 147 والمادة 286 من قانون المرافعات - عدم صلاحية القاضى للفصل فى الدعوى - علة ذلك - إن الإفتاء أو المرافعة أو الكتابة فى الدعوى تدل على الميل إلى جانب الخصم الذى حصل ذلك لمصلحته كما فيه إظهار لرأى القاضى وقد يأنف عن التحرر منه - عدم صلاحية القاضى فى نظر الدعوى التى أدلى فيها بشهادة - علة ذلك - أن القاضى لا يجوز أن يقضى بناء على معلوماته الشخصية - عدم صلاحية القاضى للفصل فى الدعوى التى سبق له نظرها قاضيا أو خبيرا أو محكما - علة ذلك - الخشية من أن يلتزم برأيه فيتأثر قضاؤه - كل هذه الأحوال مردها ما يشترط فى القاضى من خلو الذهن عن موضوع الدعوى - أسباب عدم صلاحية القاضى لنظر الدعوى متعلقة بالنظام العام ويجوز التمسك بها لأول مرة أمام محكمة الطعن - أحكام المحكمة الادارية العليا وهى خاتمة المطاف وأعلى محكمة طعن فى القضاء الإدارى وأحكامها باتة فلا يجوز قانونا أن يعقب على أحكامها ولا تقبل الأحكام الصادرة منها الطعن بأى طريق من طرق الطعن إلا إذا انتفى عنها صفة الأحكام القضائية بأن يصدر الحكم من مستشار قام به سبب من أسباب الصلاحية أو أن يقترن الحكم بعيب جسيم تقوم به دعوى البطلان الأصلية - الحكم يصدر ويوجد بالفصل والنطق به وإيداع مسودته المشتملة على أسبابه - يجوز للمحكمة أن تأمر بتنفيذه بموجب مسودته عملا بحكم المادة 286 من قانون المرافعات - ميعاد الطعن يبدأ من تاريخ صدور الحكم وليس من تاريخ تحرير نسخته الأصلية التى يتم تحريرها بعد جلسة النطق بالحكم ويتم توقيعها من كاتب الجلسة ورئيس المحكمة - غاية ذلك - توثيق الحكم فى محرر يشتمل على كافة أركان العمل القضائى ويكون المرجع فى أخذ الصورة التنفيذية وفى الطعن عليه - تطبيق.


إجراءات الطعن

فى يوم الثلاثاء الموافق 8/ 6/ 1999 أودع السيد المستشار ......... عن نفسه قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا عريضة دعوى البطلان الأصلية الماثلة طالبا فى ختامها الحكم بقبولها شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم الصادر بجلسة 5/ 12/ 1998 فى الطعن رقم 2775 لسنة 43 ق. عليا والحكم مجددا بالطلبات الواردة بتقرير هذا الطعن مع حفظ حقه فى التعويض وقد أعلنت عريضة الدعوى على النحو الثابت بالأوراق.
وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريرا مسببا بالرأى فى الدعوى ارتأت فيه الحكم/ برفض الدعوى.
وقد نظرت الدعوى أمام المحكمة الإدارية العليا - الدائرة الثانية - (موضوع) على النحو المبين بمحاضر جلساتها وبجلسة 24/ 6/ 2000 قررت تلك الدائرة إحالة دعوى البطلان الأصلية إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثالثة - موضوع) لاستشعار الهيئة الحرج ولنظرها بإحدى الجلسات التى تحددها يخطر بها الخصوم.
وأحيلت الدعوى إلى هذه المحكمة وحدد لنظرها أمامها جلسة 15/ 8/ 2000 وبهذه الجلسة حضر الطاعن شخصيا وأودع حافظة مستندات حوت بيان بحالته الوظيفية. ومذكرة بدفاعه التمس فى ختامها الحكم بإلغاء الحكم الصادر فى الطعن رقم 2775 لسنة43 ق عليا والقضاء مجددا بقبول الدعوى شكلا وفى الموضوع بإلغاء قرار وزير العدل رقم 5242 لسنة 1994 واعتباره كأن لم يكن مع كافة ما يترتب على ذلك من آثار وبتعويضة على النحو الوارد بطلباته وإلزام المدعى عليهم بصفتهم بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة مع شمول الحكم بالنفاذ المعجل وبمسودته. وبذات الجلسة قررت المحكمة تأجيل نظر الدعوى لجلسة 24/ 10/ 2000 للاطلاع وتقديم مذكرات وبتلك الجلسة قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 19/ 12/ 2000 وفيها قررت المحكمة مد أجل النطق بالحكم لجلسة 23/ 1/ 2001 لإتمام المداولة وفيها قررت مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم 30/ 1/ 2001، وفيها صدر الحكم أودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطاعن يطلب الحكم ببطلان حكم المحكمة الإدارية العليا فى الطعن رقم 2775 لسنة 43 ق عليا الصادر بجلسة 5/ 12/ 1998 والقضاء مجددا فى طلباته الواردة الطعن المذكور.
ومن حيث إن القانون لم يحدد ميعادا معينا لرفع دعوى البطلان الأصلية بالطعن بالبطلان فى أحكام المحكمة الإدارية العليا. لذلك يكون الطعن مقبولا شكلا.
ومن حيث إن الثابت بالأوراق أنه بتاريخ 26/ 3/ 1997 أودع الأستاذ .......... المحامى بصفته نائبا عن الأستاذ ............ المحامى بصفته وكيلا عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا - الدائرة الثانية - تقرير طعن قيد بجدولها برقم 2775 لسنة 43 ق عليا طلب فيه الحكم بإلغاء قرار وزير العدل رقم 5242 لسنة 1994 فيما تضمنه من إنهاء خدمته مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وقامت هيئة مفوضى الدولة بتحضير هذا الطعن وأعدت فيه تقريرا رأت فيه الحكم بقبوله شكلا وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من إنهاء خدمة الطاعن للانقطاع عن العمل بدون إذن وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام جهة الإدارة المصروفات.
وقد نظر الطعن أمام المحكمة المذكورة على النحو المبين بمحاضر الجلسات.
وبتاريخ 21/ 3/ 1998 تقدم الطاعن بمذكرة أضاف فيها إلى طلبه الأصلى طلبا آخر وهو الحكم بتعويضه بمبلغ مليون جنيه عما لحقه من أضرار مادية وأدبية من جراء صدور القرار رقم 5242 لسنة 1994 بإنهاء خدمته فأمرت المحكمة بإعادة الأوراق إلى هيئة مفوضى الدولة لإعداد تقرير تكميلى فى الطلب الإضافى فأعدت تقريرا ارتأت فيه - للأسباب المبينة به - قبول طلب التعويض شكلا وفى الموضوع بإلزام جهة الإدارة بتعويض الطاعن عن الأضرار الأدبية والتى لحقته من جراء صدور القرار رقم 5242 لسنة 1994 بإنهاء خدمته.
وتدوول نظر الطعن أمام تلك المحكمة على النحو الثابت بالمحاضر. وبجلسة 5/ 12/ 1988 حكمت المحكمة: أولا: بعدم قبول طلب إلغاء القرار رقم 5242 لسنة 1994 الصادر بإنهاء خدمة الطاعن لرفعه بعد الميعاد، وإلزام الطاعن المصروفات.
ثانيا: بقبول طلب التعويض شكلا ورفضه موضوعا وإلزام الطاعن المصروفات.
وشيدت المحكمة قضاءها بالنسبة لطلب الإلغاء على أساس أنه بتاريخ 15/ 10/ 1994 أصدر السيد/ وزير العدل القرار رقم 5242 لسنة 1994 بإنهاء خدمة الطاعن باعتباره مستقيلا عن عمله لانقطاعه عن العمل بدون إذن اعتبارا من 1/ 8/ 1994 تاريخ اليوم التالى لانتهاء إعارته لإدارة المشتريات بحكومة دبى فتظلم من هذا القرار بتاريخ 12/ 1/ 1995 وقد أفصح صراحة فى تظلمه المقدم منه إلى السيد/ وزير العدل أن أحد زملائه بهيئة النيابة الإدارية قد أبلغه هاتفيا بتاريخ 12/ 1/ 1995 بصدور هذا القرار، وأضاف بأن هيئة النيابة الإدارية قد أخطأت عندما اتخذت إجراءات إنهاء خدمته، إذ كان يتعين عليها انتظار صدور قرار رئيس الجمهورية بتجديد إعارته للعام السابع وهو ما تم بصدور قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 2646 لسنة 1994 بتجديد إعارته واختتم تظلمه بطلب سحب القرار الصادر بإنهاء خدمته، وبذلك فإن تاريخ 12/ 1/ 1995 هو التاريخ الذى يعول عليه فى علم الطاعن بالقرار المطعون فيه وتاريخ تظلمه منه، وإذ انقضت مدة الستين يوما المقررة للبت فى التظلم دون أن تجيب عليه جهة الإدارة مما يعد بمثابة رفض له فإنه كان يتعين عليه فى هذه الحالة رفع دعوى الإلغاء خلال الستين يوما التالية للستين يوما المقررة للبت فى التظلم أى فى ميعاد غايته 14/ 4/ 1995 وإذ أقام بتاريخ 6/ 12/ 1995 الدعوى رقم 64 لسنة 18 ق أمام محكمة القضاء الإدارى بالمنصورة بطلب إلغاء هذا القرار، وبجلسة 15/ 3/ 1997 قضت المحكمة بعدم اختصاصها نوعيا بنظر الدعوى، فأقام الطعن رقم 2775 لسنة 43 ق عليا أمام المحكمة الإدارية العليا - الدائرة الثانية - بتاريخ 26/ 3/ 1997، فإن الطاعن يكون قد أقام دعواه بعد انقضاء الميعاد المقرر قانونا.
وبالنسبة لطلب التعويض أقامت المحكمة قضاءها - بعد استعراض نصوص المواد 130 من القانون رقم 46 لسنة 1973 بشأن السلطة القضائية ونص المادة 65 والمادة 77 من ذات القانون، والإشارة إلى نص المادة 38 مكررا من القانون رقم 117 لسنة 1958 بشأن إعادة تنظيم النيابة الإدارية المعدل بالقانون رقم 12 لسنة 1989 - على أن إعارة أعضاء النيابة الإدارية سلطة جوازية لرئيس الجمهورية بعد موافقة المجلس الخاص للشؤون الإدرية ويتعين على العضو المعار العودة واستلام العمل خلال ثلاثين يوما من انتهاء إعارته وإلا اعتبر مستقيلا بحكم القانون "ويجوز للسلطة المختصة منح العضو المعار مهلة ستة أشهر بموجب قرار مجلس الوزراء الصادر فى 16/ 8/ 1975 والذى يجيز للوزير المختص منح العضو المعار مهلة ستة أشهر بعد انتهاء إعارته لإنهاء متعلقاته هو وأسرته، ومنح هذه المهلة أمر جوازى للسلطة المختصة.
ولما كان الثابت أن الطاعن كان يشتغل وظيفة نائب رئيس هيئة النيابة الإدارية وأعير للعمل بالنيابة العامة بدولة الإمارات العربية، وقد تجددت هذه الإعارة (ست سنوات انتهت فى 31/ 7/ 1994 ولم يوافق المجلس الأعلى للنيابة الإدارية بجلسته المنعقدة فى 18/ 7/ 1994 على تجديد الإعارة لعام سابع أخطر بذلك بالكتاب رقم 2083 فى 21/ 8/ 1994 الذى تضمن أنه عمل بدائرة المشتريات بعد الاستغناء عنه فى النيابة العامة بدولة الإمارات وإن طلب تجديد الإعارة المقدم منه لمكان ثالث هو دائرة الخدمات الاجتماعية والمبانى التجارية يعتبر إعارة جديدة وتنبه عليه بالحضور لاستلام عمله فى موعد غايته خمسة عشر يوما من تاريخه وإلا اعتبر مستقيلا وأعيد إنذاره بالكتاب رقم 3863 فى 29/ 8/ 1994، ومع ذلك لم يتمثل لهذا التنبيه فاعتبر مستقيلا وصدر القرار رقم 5242 فى 15/ 10/ 1994 بإنهاء خدمته فإن هذا القرار يكون قد صدر صحيحا مطابقا للقانون، ومتى انتفى ركن الخطأ فى جانب جهة الإدارة فإن دعوى التعويض تكون منهارة الأساس متعينة الرفض.
ومن حيث إن مبنى دعوى البطلان الأصلية الماثلة يتحصل فيما يأتي: -
1) أن الحكم محل هذه الدعوى قد شابه البطلان المتعلق بالنظام العام تأسيسا على إن هذا الحكم قد صدر من محكمة مشكلة برئاسة المستشار ............ نائب رئيس مجلس الدولة والمنتدب لبعض الوقت إلى رئاسة مجلس الوزراء المطعون ضده الأول) وبذلك يكون قد شارك فى إصدار هذا الحكم رغم عدم صلاحيته لنظر الدعوى وممنوعا من سماعها طبقاً لأحكام قانون المرافعات ولو لم يرده أحد الخصوم وذلك فى أحوال محددة منها أن يكون قد كتب فى موضوع الدعوى ولو كان ذلك قبل اشتغاله فى القضاء، ولما كان المستشار المذكور حال كونه رئيسا للدائرة الثانية للمحكمة الإدارية العليا سبق أن كتب فى موضوع الدعوى وقت عمله فى رئاسة مجلس الوزراء منتدبا بعض الوقت فقد وجه كتابه الرقيم 9787 فى 10/ 12/ 1997إلى المدعى عليه الثالث (رئيس هيئة النيابة الإدارية" وتلقى كتاب الأخير رقم 458 بتاريخ 22/ 12/ 1997 متضمنا أن قرار المدعى عليه الأول رقم 2646 لسنة 1994 بتجديد إعارته لعام سابع لم يرتب أثرا لدى المدعى عليه الثالث فكان يتعين عليه عدم المشاركة فى الحكم إلا أنه قد خالف ذلك حيث قام بالتوقيع على صورة الحكم الصادر بجلسة 5/ 12/ 1998 وصدرت الصورة الأصلية من الحكم واردا فى ديباجتها اسم سيادته، كما وقع على رول المحكمة.
2) ومن حيث إن المادة 146 من قانون المرافعات تنص على أنه: (يكون القاضى غير صالح لنظر الدعوى ممنوعا من سماعها ولو لم يرده أحد الخصوم فى الأحوال الآتية: (1)....... (2)......... (3)....... (4).........
(5) إذا كان قد أفتى أو ترافع عن أحد الخصوم فى الدعوى، أو كتب فيها ولو كان ذلك قبل اشتغاله بالقضاء أو كان قد سبق له نظرها قاضياً أو خبيراً أو محكما أو كان قد أدى شهادة فيها.
كما تنص المادة 143 من ذات القانون على أنه: (يقع باطلا عمل القاضى أو قضاؤه فى الأحوال المتقدمة الذكر ولو تم باتفاق الخصوم.
وإذا وقع البطلان فى حكم صدر من محكمة النقض جاز للخصم أن يطلب منها إلغاء الحكم وإعادة نظر الدعوى أمام دائرة أخرى."
ومن حيث إنه من المقرر أن الأحكام تدور وجودا وعدما مع علتها وكانت علة عدم صلاحية القاضى للفصل فى الدعوى فى الأحوال المنصوص عليها فى البند الخامس من المادة 146 من قانون المرافعات هى أن الإفتاء أو المرافعة أو الكتابة فى الدعوى تدل على الميل إلى جانب الخصم الذى حصل الإفتاء أو المرافعة أو الكتابة لمصلحته، كما أن فيه إظهاراً لرأى القاضى وقد يأنف عن التحرر منه، ومنح القاضى نظر الدعوى التى أدلى فيها بشهادة يتمشى مع مبدأ أن القاضى لا يجوز له أن يقضى بناء على معلوماته الشخصية، وعلة عدم صلاحية القاضى للفصل فى الدعوى التى سبق له نظرها قاضيا أو خبيرا أو محكماً هى الخشية من أن يلتزم برأيه الذى يشف عنه عمله المتقدم ويأنف عن التحرر منه فيتأثر قضاؤه، وكل هذه الأحوال تتعارض مع ما يشترط فى القاضى من خلو الذهن عن موضوع الدعوى ليستطيع أن يزن حجج الخصوم وزنا مجردا آخذا بأن إظهار الرأى قد يدعو إلى التزامه مما يتنافى مع حرية العدول عنه.
ومن حيث إنه من المقرر أن أسباب عدم صلاحية القاضى لنظر الدعوى... تطبيقا لأحكام المادتين 146 و 147 من قانون المرافعات - متعلقة بالنظام العام، ويجوز التمسك بها لأول مرة أمام محكمة الطعن ومن حيث إن أحكام المحكمة الإدارية العليا هى خاتمة المطاف وأعلى محكمة طعن فى القضاء الإدارى وأحكامها باتة فلا يجوز قانونا أن يعقب على أحكامها ولا تقبل الأحكام الصادرة منها الطعن بأى طريق من طرق الطعن إلا أنه استثناء من هذا الأصل العام، فإنه إذا انتفى عن حكم صادر منها صفة الأحكام القضائية بصدوره من مستشار قام به سبب من أسباب عدم الصلاحية أو إذا ما شابه عيب جسيم تقوم به دعوى البطلان الأصلية، فإن المشرع أجاز اللجوء مباشرة إلى المحكمة الإدارية العليا بطلب إلغاء الحكم وإعادة نظر الطعن أمام دائرة أخرى طبقا لحكم المادة 147 سالفة الذكر.
ومن حيث إن الثابت من مطالعة محضر الجلسة المنعقدة يوم السبت الموافق 10/ 10/ 1998 لنظر الطعن رقم 2775 لسنة 43 ق عليا كانت منعقدة برئاسة السيد المستشار/ ........... وقد أثبت السيد المستشار/ رئيس الجلسة أن السيد المستشار/ ........... رئيس المحكمة متنحى عن نظر الطعن.
وبهذه الجلسة حضر الطاعن شخصيا ومحامى الدولة وطلبا حجز الطعن للحكم. وبذات الجلسة قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 14/ 11/ 1998، ووقع السيد/ المستشار.......... وسكرتير المحكمة على محضر هذه الجلسة.
كما ثبت من مطالعة محضر جلسة يوم السبت الموافق 14/ 11/ 1998 كانت منعقدة برئاسة المستشار/ .......... وفيها قررت المحكمة مد أجل النطق بالحكم لجلسة 5/ 12/ 1998 لاستمرار المداولة ووقع رئيس الدائرة المذكور وسكرتير المحكمة على محضر هذه الجلسة كما ثبت أيضا من مطالعة محضر جلسة يوم السبت الموافق 5/ 12/ 1998 كانت منعقدة برئاسة السيد المستشار/ ........... وفيها قررت المحكمة إعادة الطعن للمرافعة لجلسة اليوم لتغيير تشكيل الهيئة.
كما ثبت من مطالعة رول هذه الجلسة أن الحكم يصدر أخر الجلسة ووقع السيد المستشار/ رئيس الدائرة المذكورة وسكرتير المحكمة على محضر هذه الجلسة وثبت من مطالعة محضر جلسة يوم السبت 5/ 12/ 1998 (جلسة النطق بالحكم) كانت منعقدة برئاسة المستشار/ .......... وفيها سجل سكرتير المحكمة منطوق الحكم الصادر فى هذا الطعن بمحضر هذه الجلسة والذى وقع عليه من السيد المستشار/ رئيس الدائرة المذكورة وسكرتير المحكمة.
وحيث إن الثابت من الاطلاع على رول الجلسات أن جميع الجلسات التى تدوول فيها نظر الطعن كانت منعقدة برئاسة السيد المستشار/ .......... - وهو الذى وقع على قرارات المحكمة ومن حيث إن الثابت من الاطلاع على نسخة الحكم الأصلية فى الطعن رقم 2775 لسنة 43 ق عليا المودعة ملف الطعن - أنه ورد بديباجة الحكم صدوره من هيئة مشكلة برئاسة السيد المستشار/ ............ وعضوية السادة المستشارين/.............. و......... و............ و............ وهم الذين اشتركوا فى المداولة والذين سمعوا المرافعة واشتركوا فى الحكم وحضروا جلسة النطق به وهم الذين وقعوا على مسودة الحكم المشتملة على منطوقه وأسبابه وقعوا على منطوق الحكم المدون فى رول جلسة 5/ 12/ 1998، ومن ثم فإن السيد المستشار/ ............ لم يشارك بشيء أثناء نظر الطعن المذكور ولا فى إصدار الحكم ولا المداولة فيه، وبهذه المثابة فإن انتدابه للعمل مستشارا قانونيا برئاسة مجلس الوزراء المطعون ضدها - لا أثر له من قريب أو بعيد على الحكم المذكور ومن ثم لا يلحقه بطلان من هذه الوجهة، أمام ما ساقه الطاعن من أن السيد المستشار/ ............ وقع على محضرى جلستى يوم 5/ 12/ 1998 كما وقع على النسخة الأصلية للحكم فإنه ولئن كان الثابت من مطالعة هذه الأوراق أنه كان يوجد عليها توقيع ما تم شطبه وطمسه بمزيل ثم قام السيد المستشار/ ............ بالتوقيع على محضرى الجلستين المذكورتين ونسخة الحكم الأصلية بصفته رئيس الدائرة التى نظرت الطعن، إلا أن الطاعن لم يقدم أى دليل يفيد أن التوقيع المطموس كان للسيد/ ............. وأن إدعائه فى هذا الشأن لا يسانده دليل من الأوراق. فضلا عن أنه من المسلم به أن الحكم يصدر يوجد بالفعل بالنطق به وإيداع مسودته المشتملة على أسبابه. ويجوز للمحكمة أن تأمر بتنفيذه بموجب مسودته عملا بحكم المادة 286 من قانون المرافعات، فضلا عن أن ميعاد الطعن يبدأ من تاريخ صدور الحكم وليس من تاريخ تحرير نسخته الأصلية. أما نسخة الحكم الأصلية التى يتم تحريرها بعد جلسة النطق بالحكم ويتم توقيعها من كاتب الجلسة ورئيس المحكمة، فإن المقصود من تحريرها هو توثيق الحكم فى محرر يشتمل على كافة أركان العمل القضائى ويشهد على وجوده وفقا للقانون وتحفظ فى ملف الدعوى وتكون المرجع فى أخذ الصورة التنفيذية، وفى الطعن عليه من ذوى الشأن، لما كان ذلك، وكان الثابت فى خصوصية المنازعة الماثلة - أن جميع الجلسات التى تدوول فيها نظر الطعن الصادر فيه الحكم مثار النزاع الماثل على النحو الثابت بمحاضر الجلسات ورول رئيس المحكمة كانت بتشكيل لا يضم رئيس المحكمة السيد المستشار/ ............ وأن هذه المحاضر والرولات وكذا نسخة الحكم الأصلية تم توقيعها من السيد المستشار/ ............. والأمر الذى يتعين معه الالتفات عما أثاره الطاعن فى هذا الصدد.
ومن حيث إنه لا وجه لما أثاره الطاعن بمذكرة دفاعه المودعة بجلسة 15/ 8/ 2000 من أن المحكمة قررت بجلسة 5/ 12/ 1998 إعادة الطعن للمرافعة لجلسة اليوم لتغيير تشكيل الهيئة والحكم أخر الجلسة دون أن يثبت بذلك المحضر التشكيل الجديد وأنه لم يحضر بهذه الجلسة ولم يترافع أمام هذا التشكيل وذلك أن الثابت من مطالعة محضر جلسة 5/ 12/ 1998 أنه تضمن التشكيل الجديد للدائرة التى نظرت الطعن، كما أن قرار فتح باب المرافعة فى الدعوى يعتبر إعلانا للخصم الذى لم يحضر جلسة النطق بهذا القرار إعمالاً لحكم المادة 174 مكررا من قانون المرافعات، إذ المفترض فيه أن يتابع سير دعواه سواء قبل إقفال باب المرافعة فيها أو بعده ما دام سير الجلسات متتابعا فى تسلسل لم يعترضه عائق وحضور الخصم إحدى هذه الجلسات أو تقديمه مستندات أو مذكرات بدفاعه.
ومن حيث إنه متى استبان ما تقدم، وكان الثابت، على نحو ما سلف بيانه، أنه لم تتوفر دعوى البطلان الأصلية الماثلة موجبات قبوله، إذ لم يثبت أن الحكم المطعون فيه قد انطوى على عيب جسيم يمثل إهدارا للعدالة بحيث ينحدر به إلى درجة الانعدام، ومن ثم يكون تلك الدعوى غير قائمة على سند صحيح من الواقع والقانون، مما يتعين معه القضاء برفضها.
ومن حيث إنه عن المصروفات فإن هذا الطعن معفى من الرسوم طبقا لحكم المادة 40 مكررا - 1 من القانون رقم 12 لسنة 1989 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 117 لسنة 1958 بشأن النيابة الإدارية.

فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة برفض الدعوى.