مجلس الدولة - المكتب الفنى لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السادسة والأربعون - الجزء الأول (من أول 15 أكتوبر سنة 2000 إلى آخر فبراير سنة 2001) - صـ 795

(94)
جلسة 6 من فبراير سنة 2001

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ جمال السيد دحروج نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة/ كمال زكى عبد الرحمن اللمعى، ومحمود إبراهيم عطا الله، وسالم عبد الهادى محروس جمعة، ويحيى خضرى نوبى محمد نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 6616 لسنة 44 قضائية. عليا:

( أ ) موظف - عاملون مدنيون بالدولة - ندب.
المادة 56 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 - الندب موقوف بطبيعته - إذ يتم على أساس التوقيت وليس على أساس الدوام - مؤدى ذلك المشرع ناط بالسلطة المختصة إجراء الندب وحدها دون أن يستوجب عرضه على لجنة شئون العاملين - فضلاً عن - أنه عرضه للإلغاء فى أى وقت.
(ب) قرار إدارى - عيوبه - عيب إساءة استعمال السلطة أو الانحراف بها - تعريفه - عبء إثباته.
الأصل فى القرارات الإدارية صحتها - عيب إساءة استعمال السلطة أو الانحراف بها من العيوب القصدية فى القرار الإدارى - تعريفه - أن يكون لدى الإدارة قصد الإساءة أو الانحراف بحيث تهدف من القرار وصفاً آخر غير المصلحة العامة كالانتقام من شخص أو محاباة آخر على حسابه أو يكون باعثها لا يمت للمصلحة العامة بصلة - عبء إثباته - على من يدعيه إقامة الدليل عليه وإثابته فلا يمكن افتراضه لارتباطه بسلوكيات الإدارة - تطبيق.


إجراءات الطعن

فى يوم الأربعاء الموافق 1/ 7/ 1998 أودعت هيئة مفوضى الدولة نائبة عن الطاعن بصفته قلم كتاب المحكمة الإدارية تقرير الطعن الماثل طعنا عن الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى دائرة التسويات والجزاءات فى الدعوى رقم 2291 لسنة 51 ق بجلسة 11/ 5/ 1998 الذى قضى بقبول الدعوى شكلا وفى الموضوع بإلغاء القرار رقم 370 لسنة 1996 فيما تضمنه من ندب المدعية للعمل بالادارة المركزية للمعامل مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام جهة الإدارة المصاريف.
وطلب الطاعن بصفته فى ختام تقرير طعنه للأسباب الواردة به قبول الطعن شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء برفض الدعوى وإلزام المطعون ضده المصروفات والأتعاب عن درجتى التقاضى.
وقد تم إعلان تقرير الطعن للمطعون ضدها على النحو المبين بالأوراق، وأعدت هيئة مفوضى الدولة تقريرا مسببا بالرأى القانون انتهت فيه إلى أنها ترى الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع برفضه وإلزام الجهة الإدارية الطاعن المصروفات.
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون حيث قررت بجلسة 6/ 9/ 2000 إحالة الطعن إلى الدائرة الثالثة بالمحكمة الإدارية العليا وحددت لنظره أمامها جلسة 3/ 1/ 2000، وتدوول نظر الطعن أمام هذه المحكمة حيث قررت بجلسة 14/ 11/ 2000 إصدار الحكم بجلسة اليوم 6/ 2/ 2001 وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية فهو مقبول شكلا.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص - حسبما يبين من الأوراق فى أن المطعون ضدها (المدعية) أقامت الدعوى رقم 2291 لسنة 51 ق أمام محكمة القضاء الإدارى بصحيفة أودعت بتاريخ 21/ 12/ 1996 طلبت فى ختامها الحكم بإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام جهة الإدارة المصروفات.
وقالت شرحا لدعواها أنها كانت تشغل وظيفة مدير عام بالإدارة العامة لناقلات الأمراض التابعة لوزاره الصحة وذلك بعد جهد كبير منها فى مكافحة نواقل الأمراض، وكانت تقوم بعملها فى جدية والتزام، وقد فوجئت فى 23/ 9/ 1996 بصدور قرار وزير الصحة السكان رقم 37 لسنة 1996 متضمنا ندبها للعمل بالإدارة المركزية للمعامل، وقد تظلمت من هذا القرار فى 2/ 10/ 1996 ورفض تظلمها فى 2/ 11/ 1996 فأقامت دعواها بطلب إلغاء القرار نظرا لأنه تضمن عقوبة مقنعة، وإقصائها عن مجال خبرتها الأساسية التى اكتسبتها خلال 27 عام، فضلا عن أنه تضمن تنزيلا لها فى الوظيفة مما دعاها لإقامة هذه الدعوى.
وبجلسة 11/ 5/ 1998 قضت محكمة القضاء الإدارى بقبول الدعوى شكلا وفى الموضوع بإلغاء القرار رقم 37 لسنة 1996 فيما تضمنه من ندب المدعية للعمل بالإدارة المركزية للمعامل مع ما يترتب على ذلك من آثار وألزمت جهة الإدارة المصاريف.
وشيدت المحكمة قضاءها تأسيسا على أن قرار ندب المدعية المطعون فيه تم دون تحديد للوظيفة المنتدبة إليها المدعية، فضلا عن أن الندب تم لوظيفة أقل من مستواها عن الوظيفة التى كانت تشغله، كما أن هذا القرار تضمن عقوبة مقنعة عن المخالفات التى نسبت للمدعية.
وإذ لم يلق هذا القضاء قبولا لدى الطاعن بصفته فقد أقام طعن الماثل لأسباب حاصلها مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والخطأ فى تطبيقه وتأويله تأسيسا على أنه من المستقر أن الندب إجراء مؤقت لا يكسب الموظف حقا وتترخص به جهة الإدارة وفقا لسلطتها التقديرية، وإن ندب المطعون ضدها تم لصالح العمل، وذلك لأنه وردت شكاوى واتهامات متبادلة بين العاملين بالإدارة العامة لمكافحة ناقلات الأمراض بشأن مخالفات مالية تدخل فى اختصاص المطعون ضده، وقد أحيلت هذه الشكوى إلى جهات التحقيق، وقد أثر ذلك بالسلب على العمل، مما أضطر الجهة الإدارية إلى ندب المطعون ضدها لوظيفة من ذات درجتها وإن قرار الندب مؤقت بطبيعته، ولم يثبت أن قرار ندبها تم بقصد مجازاتها وإنما صدر لتحقيق صالح العمل وانتظامه.
ومن حيث إن المادة 56 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 تنص على أنه "يجوز بقرار من السلطة المختصة ندب العامل للقيام مؤقتا بعمل وظيفة أخرى من نفس وظيفته أو وظيفة تعلوها مباشرة فى نفس الوحدة التى يعمل بها أو فى وحدة أخرى إذا كانت حاجة العمل فى الوظيفة الأصلية تسمح بذلك.
ومن حيث إن المستفاد من هذا النص أن الندب موقوف بطبيعته إذ يتم على أساس التوقيت وليس على أساس الدوام والاستقرار ومن ثم ناط المشرع بالسلطة المختصة إجراء هذا الندب وحدها دون أن يستوجب عرضه على لجنة شئون العاملين، فضلا عن أنه عرضه للإلغاء فى أى وقت، لذا أطلق يد الإدارة فى إجرائه حتى تستطيع تلبية حاجات العمل العاجلة ابتغاء حسن سيره وانتظامه.
ومن حيث إن الأصل فى القرارات الإدارية صحته، وإنها بذاتها دليل على هذه الصحة، وعلى توافر الأركان القانونية الموجبة للصحة، وإن الغاية فيها المصلحة العامة، ما لم يقدم المتضرر من القرار الإدارى عكس هذه القرينة، ومن ثم يكون عبء الإثبات واقعا على المتضرر من القرار، ولما كان عيب إساءة استعمال السلطة أو الانحراف بها من العيوب القصدية فى القرار الإدارى ويقوم حيث يكون لدى الإدارة قصد الاساءة أو الانحراف بحيث يهدف من القرار وصفا أخر غير المصلحة العامة كالانتقام من شخص أو محاباة آخر على حسابه، ويكون باعثها لا يمت للمصلحة العامة بصلة، وعلى ذلك فإن إثبات هذا العيب يقع على من يدعيه، ويجب أن يقوم الدليل عليه، حيث لا يمكن افتراضه لارتباطه بسلوكيات الإدارة.
ومن حيث أنه تأسيسا على ما تقدم وقد خلت الأوراق من دليل على أن القرار المطعون فيه قد شابه هذا العيب القصدى من عيوب القرارات الإدارية، إذ لا صحة لما تدعيه المطعون ضدها من أن قرار الندب المطعون فيه قصد به توقيع عقوبة مقنعة بهدف أبعادها عن مجال خبرتها التى تميزت فيها حيث لم يقم من الأوراق أى دليل على أن هذا الندب كان بغرض الانتقام من المطعون ضده، بل على العكس من ذلك فإن الثابت أن هذا القرار صدر ممن يملكه استهدف مصلحة عامة هو إبعاد المطعون ضدها عن موقعها وذلك فى مناسبة تدعو إلى هذا الإبعاد وهو تبادل الاتهامات بين موظفى الجهة التى تعمل بها المطعون ضدها وذلك تحقيقا للمصلحة العامة.
وحيث إنه لا مصلحة لما تزعمه المطعون ضدها من أن القرار المطعون فيه صدر مخالفا للقانون تأسيسا على أن حاجة العمل الأصلية لا تسمح بندب المطعون ضدها بدليل ندب شخص آخر هو المهندس ........... للقيام بأعماله، وإن ندبها تم لوظيفة غير محددة لا صحة لذلك كله لأن الثابت من الاطلاع على قرار الندب المطعون فيه رقم 370 لسنة 1996 أنه تضمن ندب المهندس ................ أخصائى أول زراعة بالمجموعة النوعية لوظائف الزراعة بالإدارة العامة للناقلات الأمراض مديرا عاما للإدارة العامة لناقلات الأمراض، وندب المطعون ضدها أخصائى أول بالمجموعة النوعية للعلوم للعمل بالإدارة المركزية للمعامل، مما يستفاد منه أن الوظيفة التى كانت تشغلها المطعون ضدها قبل الندب هى وظيفة أخصائى أول، بينما الوظيفة التى انتدب إليها المهندس .......... هى وظيفة مدير عام الإدارة العامة لناقلات الأمراض، أى وظيفة تختلف عن الوظيفة التى كانت تشغلها المطعون ضده، كما أن الثابت من رد الجهة الادارية عن الدعوى أمام محكمة القضاء الإدارى بمذكرتها المقدمة بجلسة 9/ 2/ 1998 أنه تم ندب السيدة المذكورة من وظيفة أخصائى أو كيمائى مبيدات بالإدارة العامة لمكافحة ناقلات الأمراض إلى وظيفة أخصائى أول كيمائى فحوص الصحة العامة بالإدارة المركزية للمعامل وهى وظيفة موجودة بالهيكل الوظيفى لجهة الإدارية.
ومن حيث إنه لا صحة لما تدعيه المطعون ضدها من عدم صحة القرار المطعون فيه بمقولة أن الندب صدر لمدة غير محددة، لا صحة لهذا القول، ذلك أن عدم تحديد مدة الندب فى القرار الصادر به لا يعنى أن هذا الندب مطلق، وإنما يستمد هذا الندب تحديده من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الذى جعل لهذا الندب حد أقصى لا يتجاوز أربعة سنوات.
ومن حيث إنه ترتيبا على ما تقدم يكون القرار المطعون فيه قد صدر مطابقا لصحيح حكم القانون لا مأخذ عليه وإذ ذهب الحكم المطعون فيه غير هذا المذهب فإنه يكون قد خالف حكم القانون جديرا بالإلغاء.
ومن حيث إنه من خسر الدعوى يلزم بمصروفاتها عملا بحكم المادة (184) من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض الدعوى، وألزمت المطعون ضدها المصروفات عن درجتى التقاضى.


يراجع فى ذات المبدأ الطعون أرقام 1443 لسنة 39 ق. ع جلسة 27/ 3/ 2001 والطعن رقم 1209 لسنة 40 ق. ع جلسة 15/ 5/ 2001والطعن رقم 6067 لسنة42 ق. ع جلسة 26/ 6/ 2001.