مجلس الدولة - المكتب الفنى لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السادسة والأربعون - الجزء الأول (من أول 15 أكتوبر سنة 2000 إلى آخر فبراير سنة 2001) - صـ 813

(96)
جلسة 7 من فبراير 2001

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ جودة عبد المقصود فرحات نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الاساتذة/ السيد محمد السيد الطحان، وسامى أحمد محمد الصباغ، وأحمد عبد العزيز أبو العزم، ومصطفى محمد عبد المعطى نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 7007 لسنة 44 القضائية

تفويض - التفويض فى الاختصاصات الأصلية - التفويض فى الاختصاصات التى يستمدها الرئيس الإدارى من سلطة عليا.
التفويض الجائز وفقاً للقواعد العامة، إنما ينصرف إلى الاختصاصات الأصلية التى يستمدها المفوض من القوانين واللوائح مباشرة، أما الاختصاصات التى يستمدها الرئيس الإدارى من سلطة عليا بناء على قواعد التفويض فإنه لا يجوز له أن يفوض فيها بل يتعين عليه أن يمارس الاختصاصات المفوضة بنفسه - تطبيق.


إجراءات الطعن

فى يوم الأحد الموافق 19/ 7/ 1998 أودع الأستاذ/ .......... المستشار المساعد بهيئة قضايا الدولة بصفته نائباً عن الطاعن بصفته قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريرا بالطعن على الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بطنطا فى الدعوى رقم 2655 لسنة 4 ق بجلسة 26/ 5/ 1998 والذى قضى بقبول الدعوى شكلاً وبوقف تنفيذ قرار الإزالة المطعون فيه وإلزام الجهة الإدارية المصروفات، وطلب فى ختام تقرير الطعن للأسباب الواردة به الحكم بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه بصفة مستعجلة وبقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه والزام المطعون ضده المصروفات.
وقد أعلن تقرير الطعن وفقاً للثابت بالأوراق.
وأعدت هيئة مفوضى الدولة تقريراً بالرأى القانونى فى الطعن انتهت فيه للاسباب الواردة به إلى أنها ترى الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع برفضه وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
ونظرت الدائرة الأولى فحص طعون بالمحكمة الإدارية العليا الطعن بعدة جلسات وبجلستها المنعقدة بتاريخ 17/ 7/ 2000 قررت إحالة الطعن إلى الدائرة الأولى موضوع لنظره بجلسة 22/ 10/ 2000 ونفاذا لقرار السيد الأستاذ المستشار رئيس مجلس الدولة بإنشاء دوائر جديدة بالمحكمة الإدارية العليا وإعادة توزيع الاختصاص بين تلك الدوائر ورد الطعن إلى هذه الدوائر ونظرته بجلستها المنعقدة بتاريخ 1/ 11/ 2000 وبجلستها المنعقدة بتاريخ 6/ 12/ 2000 قررت حجز الطعن للحكم بجلسة 7/ 2/ 2001 وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة قانوناً.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية فهو مقبول شكلاً.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص فى أنه بتاريخ 15/ 4/ 1997أودع المطعون ضده قلم كتاب محكمة القضاء الإدارى بطنطا عريضة الدعوى رقم 2655 لسنة 4 ق طالباً فى ختامها الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء قرار الإزالة رقم 230 لسنة 1997 الصادر من محافظ المنوفية وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية المصروفات، وذلك على سند من القول بأنه يمتلك منزلاً بناحية ميت الموز زمام مليج مركز شبين الكوم منذ عشرين عاما وقد قامت لجنة بمعاينة ذلك المنزل أثبتت تمام بناء المنزل منذ فترة طويلة وأنه يقع فى ملك المدعى، ولم يتم تحرير أية مخالفه بناء له وإنما حرر له محضر تبوير أرض زراعية بتاريخ 12/ 4/ 1997 بناءاً على شكوى كيدية من بعض المواطنين واللجنة التى حررت محضر المخالفة هى ذات اللجنة التى حررت محضر المعاينة، وفوجئ بصدور القرار المطعون فيه، بالمخالفة لأحكام القانون لأن المبنى مقام منذ أكثر من عشرين عاماً وواضح ذلك من المحضر الانضمامى المؤرخ 11/ 11/ 1986 ولم يتم تحرير محضر مخالفة إلا فى 12/ 4/ 1997 وأضاف أن القرار المطعون فيه مشوب بإساءة استعمال السلطة لأن اللجنة التى قامت بتحرير المخالفة تم تحويل عضو منها للشئون القانونية ونظرت المحكمة المذكورة الدعوى وفقاً لما هو وارد بمحاضر جلساتها وبجلستها المنعقدة بتاريخ 26/ 5/ 1998 أصدرت حكمها المطعون فيه، وأقامت قضاءها بعد استعراض بعض نصوص القانون رقم 53 لسنة 1966 وتعديلاته والأمر العسكرى رقم 1 لسنة 1996 على أن المشرع حظر إقامة منشآت أو مبانى على الأرض الزراعية وما فى حكمها إلا بترخيص من الجهة الإدارية المختصة وفى حالة المخالفة خول وزير الزراعة إصدار قرار بوقف أسباب المخالفة وإعادة الحال إلى ما كان عليه بالطريق الإدارى، وناط بالقضاء الجنائى وحده فى حالة الحكم بالإدانة الأمر بإزالة المخالفة وبذلك يمتنع على جهة الإدارة تجاوز اختصاصها إلى حد إزالة المبانى، وإذ تجاوز القرار المطعون فيه السلطة المخولة لمصدره فإنه يكون بحسب الظاهر من الأوراق مخالف لأحكام القانون ويتوافر ركن الجدية فى طلب وقف تنفيذه كما أن تنفيذه إزالة البناء وإصابة المدعى بأضرار يتعذر تداركها يتوافر ركن الاستعجال أيضا ويكون طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه موافقا صحيح القانون.
ولم يصادف هذا القرار قبولاً لدى جهة الإدارة فأقامت هذا الطعن ناعية على الحكم المطعون فيه مخالفته للقانون والخطأ فى تطبيقه وتأويله لأنه يحق لوزير الزراعة أو من يفوضه طبقاً لقانون الزراعة 53 لسنة 1966 وتعديلاته والأمر العسكرى رقم 1 لسنة 1996 إصدار قرار بإعاده الحال إلى ما كان عليه قبل ارتكاب المخالفة وذلك حماية للاقتصاد القومى ومصالح البلاد الحيوية فى الحفاظ على الرقعة الزراعية وإزالة ما يقع عليها من تعديات، وقد خالف المطعون ضده الأحكام السابقة بارتكابه فعلاً يؤدى إلى تبوير الأرض الزراعية ويكون القرار المطعون فيه صادراً من مختص بإصداره وقام على سببه المبرر له قانونا.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أنه يلزم لوقف تنفيذ القرار الإدارى توافر ركنين أولهما: ركن الجدية بأن يكون القرار المطعون فيه غير مشروع وأن يترتب على تنفيذه نتائج يتعذر تداركها.
ومن حيث إنه عن ركن الجدية فإن المادة 152 من قانون الزراعة رقم 53 لسنة 1996 المعدل بالقانون رقم 116 لسنة 1983 تنص على أنه "يحظر إقامة أية مبان أو منشآت فى الأراضى الزراعية واتخاذ أية إجراءات فى شأن تقسيم هذه الأراضى لإقامة مبانى عليها....." وتنص المادة 156 من ذات القانون على أن "يعاقب على مخالفة أى حكم من أحكام المادة 152 من هذا القانون أو الشروع فيها بالحبس....... ويجب أن يتضمن الحكم الصادر بالعقوبة الأمر بإزالة أسباب المخالفة على نفقة المخالف ولوزير الزراعة حتى صدور الحكم فى الدعوى وقف أسباب المخالفة بالطريق الإدارى على نفقة المخالف".
وبناء على أمر رئيس الجمهورية رقم (1) لسنة 1996 بتعيين نائب الحاكم العسكرى العام الذى نص فى مادته الثانية على تفويض السيد الدكتور/ ............ رئيس مجلس الوزراء ووزير التخطيط ونائب الحاكم العسكرى فى كافة اختصاصات رئيس الجمهورية المنصوص عليها فى القانون رقم 162 لسنة 1958 بشأن حالة الطوارئ أصدر نائب الحاكم العسكرى العام الأمر العسكرى رقم 1 لسنة 1996 بحظر تبوير وتجريف الأرض الزراعية وإقامة مبانى أو منشآت عليها ونص فى المادة الأولى منه على أن "يحظر على ملاك الأرض الزراعية أو حائزها أيا كانت صفته ما يلي:
1 - ارتكاب أى فعل أو الامتناع عن أى عمل من شأنه تبوير الأرض الزراعية المساس بخصوبتها.
2 - تجريف الأرض الزراعية أو نقل الأتربة منها لغير أغراض تحسينها زراعياً أو المحافظة على خصوبتها.
3 - إقامة أية مبان أو منشآت على الأرض الزراعية أو اتخاذ إجراءات بشأن تقسميها لهذا الأغراض..."وتنص المادة الثانية من الأمر العسكرى المذكور على أنه "مع عدم الإخلال بأية عقوبة أشد ينص عليها قانون العقوبات أو أى قانون آخر يعاقب الحبس مدة لا تقل عن سنتين ولا تجاوز خمس سنوات كل من يخالف أى حكم من أحكام المواد السابقة، ويحكم فضلا عن العقوبة بمصادرة جميع وسائل النقل والآلات والمعدات المستخدمة فى ارتكاب الجريمة والمواد المتحصلة منها وفى جميع الأحوال لوزير الزراعة أى يأمر بوقف الأعمال المخالفة وبإعادة الحال إلى ما كان عليه بالطريق الإدارى على نفقة المخالف لحين صدور حكم فى الدعوى" ثم صدر قرار نائب رئيس الوزراء ووزير الزراعة واستصلاح الأراضى رقم 572 لسنة 1996 ونص فى مادته الأولى على أن "يفوض السادة المحافظون كل فى دائرة اختصاصه فى الاختصاصات المخولة لنا بالأمر العسكرى رقم (1) لسنة 1996 المشار إليه فى وقف الأعمال المخالفة ووقف أسبابها وإعادة الحال إلى ما كان عليه بالطريق الإدارى على نفقة المخالف وذلك فى جميع المخالفات المنصوص عليها فى المادة الأولى من هذا الأمر".
ونص فى مادته الثانية على أن "يلغى كل حكم آخر يخالف أحكام هذا القرار".
ومن حيث أن مفاد ما سبق من نصوص أن الحاكم العسكرى العام قد فوض بمقتضى قراره رقم 1 لسنة 1996 رئيس الوزراء ونائب الحاكم العسكرى العام فى مباشرة كافة اختصاصات رئيس الجمهورية المنصوص عليها فى قانون الطوارئ رقم 162 لسنة 1958 واستناداً لهذا القانون واستمدادا من هذا التفويض أصدر نائب الحاكم العسكرى العام أمره رقم 1 لسنة 1996 يفوض فيه وزير الزراعة بالأمر بوقف الأعمال المخالفة المبينة فى الأمر المذكور وبإعادة الحال إلى ما كانت عليها بالطريق الإدارى على نفقة المخالف لحين صدور حكم فى الدعوى، وأيا كان الرأى فى مدى سلامة التفويض الممنوح لوزير الزراعة فما كان يجوز لوزير الزراعة على النحو الوارد بقراره رقم 572 لسنة 1996 أن يفوض المحافظين فى مباشرة الاختصاصات المفوضة إليه لمخالفة ذلك للمبدأ المستقر عليه فقهاً وقضاءً بأن التفويض الجائز وفقاً للقواعد العامة إنما ينصرف إلى الاختصاصات الأصلية التى يستمدها المفوض من القوانين واللوائح مباشرة، أما الاختصاصات التى يستمدها الرئيس الإدارى من سلطة عليا بناء على قواعد التفويض فإنه لا يجوز له أن يفوض فيها بل يتعين على أن يمارس الاختصاصات المفوضة بنفسه.
ومن حيث إن البين من ظاهر الأوراق أن القرار المطعون فيه صدر من محافظ المنوفية طبقاً لقرار وزير الزراعة رقم 572 لسنة 1996 المشار إليه وذلك بإزالة مخالفة البناء على الأرض الزراعية التى أقامها المطعون ضده، فإنه يكون بحسب الظاهر من الأوراق قد صدر بالمخالفة للقانون مما يتوافر معه ركن الجدية فى طلب وقف التنفيذ فضلا عن توافر ركن الاستعجال لما فى تنفيذ القرار المطعون فيه من ضرر يتعذر تداركه للمطعون ضده وأسرته مما يتعين معه وقف تنفذ القرار المطعون فيه وإذ ذهب الحكم المطعون فيه هذا المذهب وإن كان لغير ذلك من الأسباب فإنه يكون متفقا وأحكام القانون ويكون هذا الطعن غير قائم على أساس من القانون من المتعين القضاء برفضه وإلزام الطاعن بصفته المصروفات طبقاً لحكم المادة (184) مرافعات.

فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، ورفضه موضوعا والزمت الجهة الادارية الطاعنة المصروفات.