مجلس الدولة - المكتب الفنى لرئيس مجلس الدولة
- مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السادسة والأربعون - الجزء الأول (من أول 15 أكتوبر سنة 2000 إلى آخر فبراير
سنة 2001) - صـ 835
(99)
جلسة 11 من فبراير سنة 2001
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد أحمد الحسينى مسلم نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ ممدوح حسن يوسف محمود، وأحمد عبد الحليم أحمد صقر، ود. محمد ماهر أبو العينين حسين، وأحمد محمد حامد محمد حامد نواب رئيس مجلس الدولة.
الطعن رقم5278 لسنة 41 القضائية
عاملون - عاملون بالمحاكم - تأديب -وجوب قيام القرارالتأديبى على سببه
يجب أن يكون القرار الصادر بتوقيع الجزاء التأديبى قائما على سببه الصحيح وذلك بثبوت
ارتكاب الموظف للمخالفة - يجب أن تكون الأوراق شاهدة وواضحة فى ثبوت نسبة الاتهام إليه
- إذا تطرق الشك إلى أدلة الثبوت أو نسبة الاتهام إلى الموظف تعين الحكم ببراءته مما
هو منسوب إليه، بالإضافة إلى أنه يجب أن يتم تحديد الواجبات الوظيفية على نحو واضح
يمكن من خلاله تقييم سلوك الموظف لمعرفة مدى خروجه عليه - تطبيق.
إجراءات الطعن
فى 14/ 9/ 1995 أقام وكيل الطاعنين هذا الطعن بإيداع تقريره قلم
كتاب المحكمة طعنا فى القرار الصادر من مجلس تأديب العاملين بمحكمة الإسكندرية الابتدائية
بجلسة 26/ 7/ 1995 فى الدعوى التأديبية رقم 39 لسنة 1995 والقاضى فى منطوقه أولا برفض
الدفع المبدى من المحال .............. بسقوط الدعوى التأديبية بمضى المدة، ثانيا:
بمجازاة الموظفين/ ........،......... أمين السر بمحكمة الإسكندرية الابتدائية بالخصم
من الأجر لمدة شهرين.
وقد طلب الطاعنان للأسباب المبينة بتقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع
بإلغاء قرار مجلس التأديب المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وقد أعلن تقرير الطعن إلى المطعون ضدهما على النحو الثابت بالأوراق.
وقد انتهت هيئة مفوضى الدولة فى تقريرها إلى أنها ترى الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع
أولا بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء بسقوط الدعوى التأديبية بالنسبة للطاعن الأول،
ثانيا: برفض الطعن موضوعا بالنسبة للطاعنة الثانية.
وتدوول الطعن أمام دائرة فحص الطعون التى قررت بجلسة 26/ 10/ 1999 احالته إلى هذه المحكمة
لنظره حيث تدوول أمام هذه المحكمة وعلى النحو الثابت بمحاضر الجلسات حيث تقرر إصدار
الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق
به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة قانونا.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية المقررة فإنه يكون مقبولاً شكلاً..
ومن حيث إن واقعات الطعن تخلص فى أن السيد المستشار رئيس محكمة الإسكندرية الابتدائية
قد أصدر قرارا فى 29/ 6/ 1995 بإحالة الطاعنين إلى مجلس تأديب العاملين بالمحكمة لأنهما
الطاعن الأول حال كونه أمين سر الدائرة التاسعة تجارى كلى (عهدته الدعوى رقم 593 لسنة
86 تجارى كلي) أغفل إخطار الخبير المنتدب من الجدول لمباشرة المأمورية بالحكم التمهيدى الصادر بجلسة 16/ 12/ 1986 وحتى تاريخ تركه العمل بالدائرة وتسليم عهدته للثانية/ ............
فى 1/ 3/ 1987 مما أدى إلى تعطيل الفصل فى الدعوى لمدة تقرب من العام دون مقتضى والطاعنة
الثانية بوصفها كذلك أمين سر الدائرة المذكورة أغفلت إرسال إخطار لخبير الجدول المنتدب
لمباشرة المأمورية منذ أن استلمت القضية فى 1/ 10/ 87 حتى 27/ 11/ 1992 وبهذا تكون
قد تراخت فى الإخطار لمدة تناهز الخمس سنوات وعليه تمت إحالتها إلى مجلس التأديب المذكور.
وبجلسة 26/ 7/ 1995 أصدر المجلس قراره المطعون فيه وأقام قراره على أنه بالنسبه لدفع
الطاعن الأول بسقوط الدعوى التأديبية قبله فإن هذا الدفع لا يستقيم مع وجود تعدد فى المتهمين حيث إن عدم الحاق التقادم بالنسبة لأحدهم يترتب عليه عدم إلحاقه بالنسبة للباقون
وبالنسبة لثبوت الاتهام فى حق الطاعنين فهو ثابت من خلال أوراق الدعوى وعليه انتهى
المجلس إلى قراره سالف البيان.
ويقوم الطعن على أن القرار المذكور قد خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه وتأويله حيث إن
القرار المطعون فيه لم يقم على سببه الصحيح حيث أن الثابت وجود صورة إخطار للسيد الخبير
فور سداد الأمانة فى 27/ 1/ 1987 موقع عليها باستلام الأصل وإمضاء موظف قلم القيودات
وأنه بالنسبة للطاعنة فإنه ليست هناك ثمة تعليمات توجب عليها إرسال إخطار إلى الخبير
من تلقاء نفسها خاصة فى ظل وجود التأشيرة على الملف بإطلاع الخبير وعليه انتهى تقرير
الطعن إلى الطلبات سالفة البيان.
ومن حيث إنه يبين من الاطلاع على الأوراق أن الدعوى رقم 593 لسنة 1986 تجارى كلى الدائرة
التاسعة مرفوعة من الهيئة القومية للاتصالات السلكية واللاسلكية ضد الاتحاد العربى للنقل البحرى وهى دعوى تعويض بمبلغ (646300جـ) وقد نظرت الدعوى بجلسة 25/ 3/ 1986 وبجلسة
16/ 12/ 1986 حكمت المحكمة قبل الفصل فى الموضوع بندب خبير الجدول الحسابى صاحب الدور
السيد/ .......... للاطلاع على ملف الدعوى وحددت جلسة 27/ 1/ 1987 لنظر الدعوى فى حالة
عدم سداد الأمانة وجلسة 24/ 3/ 1987 فى حالة سدادها وعلى قلم الكتاب إخطار الخبير فور
إيداع الأمانة لمباشرة المأمورية وظلت الدعوى تؤجل للتقرير حتى صدر بجلسة 26/ 11/ 1994
حكم باستجواب الخبير وحددت المحكمة لذلك جلسة 17/ 1/ 1995 ولم يحضر الخبير وقررت المحكمة
تغريمه خمسون جنيها لعدم الحضور وقد نفذت الغرامة فى 17/ 1/ 1995 وبجلسة 31/ 1/ 1995
وبجلسة 31/ 1/ 1995 حضر الأستاذ/ .............. عن الخبير المذكور وقرر بأنه لم تصرف
الأمانة المقررة بحكم مباشرة الدعوى وأنه لم يطلع إلا فى 28/ 11/ 1992 وأن ما دون على
ظهر الملف من قيام مندوب عن الخبير المنتدب بالاطلاع فى 14/ 3/ 1987 لا يتعلق بمكتب
الخبير الأستاذ/ .............. ومن ثم رفع مذكرة بهذه الوقائع إلى السيد رئيس المحكمة
فى 13/ 4/ 1994 الذى قرر بالحقيق فيما جاء بها بعد أخذ أقوال الخبير المذكور.
وقد تبين من الأوراق أن وكيل المذكور قد أفاد فى التحقيق الإدارى بأنه تم إخطار موكله
بتعيينه خبيرا فى الدعوى فى 27/ 11/ 1992 بعد ست سنوات على صدور حكم الندب وقرر أنه
ليس له أى علاقة بالتوقيع الوارد على ملف الدعوى من الداخل والذى يفيد إطلاعه على الملف
فى 11/ 3/ 1987 وأن هذا التوقيع لا يخص موكله وأنه ليس لهم أى علاقة به.
وقد قرر الطاعن الأول فى أقوله أن الدعوى المذكورة كانت عهدته وأنه قام بإخطار الخبير
وأودعت صورة من هذا الإخطار بملف الدعوى وأنه تم الاطلاع على ملف الدعوى فى نفس العام
بمقتضى التأشيرة الموجودة على الملف فى عام 1987 وأنه ترك الدائرة وسلمها للطاعنة الثانية
فى 1/ 1/ 1987 وأنه سلم الإخطار فى سركى القيودات.
وقد أفادت الطاعنة الثانية فى أقوالها بأنها لم تقم بإخطار الخبير اعتمادا على التأشيرة
الموجودة على ملف الدعوى التى تفيد أنه قد تم إطلاعه على الملف وكانت تنتظر إيداع التقرير
وعندما تم مواجهتها بأنها تقاعست عن إخطار الخبير من 1/ 10/ 87 وحتى 28/ 11/ 1992 قررت
أنه لا علم لها بأن هناك استعجالات لورود التقرير وأنها تعلم أن التأشيرة الموجودة
داخل الملف تكفى لإيداع التقرير.
ومن حيث إنه من المقرر فى نطاق صحة القرار بتوقيع الجزاء التأديبى أن يكون القرار قائما
على سببه الصحيح بثبوت ارتكاب الموظف للمخالفة وأن تكون الأوراق شاهدة وواضحة فى ثبوت
نسبة الاتهام إليه فإذا تطرق الشك إلى أدلة الثبوت أو نسبة الاتهام إلى الموظف تعين
الحكم ببراءته مما هو منسوب إليه وأنه من المقرر حتى يتم مؤاخذة الموظف عن خروجه على
مقتضيات واجبات وظيفته أن تكون هذه الواجبات محددة على نحو واضح يمكن من خلاله تقييم
سلوك الموظف لمعرفة مدى خروجه عليها.
ومن حيث إنه بتطبيق المبادئ سالفة البيان على واقعات الطعن فإنه يبين من أوراقه أن
التحقيق قصر عن التحقيق من وجود ثمة تعليمات محددة توجب على أمناء السر إخطار الخبراء
لاستعجالهم لإتمام تقاريرهم ذلك أن الأصل أنه بعد سداد الأمانة المقررة للخبير يتم
تداول الدعوى أمام المحكمة فى الجلسة السابق تحديدها لذلك وما يتولها من جلسات حتى
يتسنى للخبير إيداع تقريره وأن استعجال الخبير لسرعة إيداع التقرير أنما هو مهمة المحكمة
تأمر بها سكرتير الدائرة ويبين من الأوراق أن الطاعن الأول قرر بوجود إخطار للخبير
لمباشرة مهمته عقب سداد الأمانة وأن هذا الاخطار موجود بالملف ولم يثبت بالتحقيق عدم
صحة هذه المعلومة بل أن التحقيق تطرق إلى مدى قيد هذا الإخطار فى دفتر القيودات من
عدمه رغم وجود توقيع على الصورة من الموظف المختص كما أبرز التحقيق وجود تأشيرة من
مكتب الخبير تفيد اطلاع محررها على قرار المحكمة وكان ذلك فى عام 1987 فهذه الشواهد
تبرز عدم وجود مخالفة مسلكيه من جانب الطاعنين فى ظل قصور التحقيق عن إبراز أوجه المخالفة
على نحو واضح من خلال التعليمات أو المنشورات أو الأوامر المصلحية فإذا كانت الأوراق
قد خلت من وجود ثمة تعليمات تنظم كيفية إخطار الخبير لاستعجاله لإيداع التقرير بل أن
المتبع أن تقوم المحكمة بذلك من خلال الجلسات التى تتداول الدعوى بها كما ظهر من الأوراق
وجود إخطار للخبير فى عام 1987 عقب سداد الأمانة وأن صورة الإخطار مودعة بالملف ولم
يظهر التحقيق عدم صحة هذا الإخطار لأن المحقق لم يتابع هذا الإخطار من خلال التحقيقات
كما أن هناك تأشيرة بالاطلاع عام 1987 من قبل من أدعى أنه ممثل عن الخبير المنتدب ولم
تظهر الأوراق أن هناك تعليمات تحدد إجراءات الاطلاع على نحو معين وعليه وفى ظل هذه
الشواهد لا يمكن نسبة الاتهام يقينا إلى الطاعن ويتعين تطبيق الأصل المقرر فى مجال
التأديب وهو أنه إذا شاب الاتهام شك ونسبته إلى المتهم تعين تبرأته منه عملا بأن الأصل
فى الإنسان البراءة وعليه يكون القرار الصادر بإدانتهما ومجازاتهما عن هذا الاتهام
غير قائم على سببه الصحيح جديرا بالإلغاء مع الحكم ببراءتهما مما هو منسوب إليهما.
فلهذه الأسباب:
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بإلغاء القرار الصادر فى الدعوى رقم 39 لسنة 1995 تأديب الإسكندرية والقضاء مجددا ببراءة الطاعن مما هو منسوب إليهما.