مجلس الدولة - المكتب الفنى لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السادسة والأربعون - الجزء الأول (من أول 15 أكتوبر سنة 2000 إلى آخر فبراير سنة 2001) - صـ 845

(101)
جلسة 13 من فبراير سنة 2001

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ جمال السيد دحروج نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة/ كمال زكى عبد الرحمن اللمعى، ومحمود إبراهيم عطا الله، وسالم عبد الهادى محروس جمعة، ويحيى خضرى نوبى محمد نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم4268 لسنة 43 قضائية عليا

(أ) عقد إدارى - تنفيذه - الجزاءات التى توقعها جهة الإدارة على المتعاقد المقصر - فسخ العقد - مصادرة التأمين.
المادة 29 من القانون رقم 9 لسنة 1983 بإصدار قانون تنظيم المناقصات والمزايدات - صدور قرار جهة الإدارة بفسخ العقد لإخلال المتعاقد بالتزاماته - شرط - لمصادرة التأمين النهائى بإرادتها المنفردة دون اللجوء للقضاء - أساس ذلك - أنه امتياز لجهة الادارة ولتعلق العقد الإدارى بالمرفق العام الذى يستهدف تسييره وتغليب المصلحة العامة على الخاصة - صدور قرار بفسخ العقد بعد انقضاء مدته يكون باطلاً لوروده على غير محل - أثر ذلك - عدم جواز ركون جهة الإدارة إلى هذا القرار للمطالبة بمصادرة التأمين النهائى - تطبيق.
(ب) فوائد قانونية - الفائدة المستحقة على عائد أعمال استغلال المحاجر المادة 226 من القانون المدنى.
أعمال استغلال المحاجر والعمليات الاستخراجية التى تهدف إلى استخراج المعادن والصخور ومواد البناء وغيرها من باطن الأرض لا تعد عملا تجاريا طبقا للمادة الثانية من قانون التجارة الصادر بالأمر العالى فى 13 من نوفمبر سنة 1883 وتعديلاته - مؤدى ذلك - اعتبارها عملا مدنيا.
أثر ذلك - احتساب الفوائد القانونية المستحقة بواقع4% سنويا - تطبيق.


إجراءات الطعن

فى يوم الثلاثاء الموافق 3/ 6/ 1997 أودع الأستاذ/ بدوى عبد العليم النائب بهيئة قضايا الدولة نيابة عن الطاعن بصفته قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير الطعن الماثل طالبا فى ختامه - للأسباب الواردة بالتقرير - الحكم/ بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بتعديل الحكم المطعون فيه الصادر فى الدعوى الفرعية رقم 3998 لسنة 47 ق ليكون بإلزام المطعون ضده بأن يؤدى للطاعن بصفته مبلغ مقداره 9200 جنيها (تسعة آلاف ومائتى جنيه) والفوائد القانونية عن هذا المبلغ بواقع 5% سنويا من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة فى 15/ 3/ 1994 وحتى تمام السداد مع إلزام المطعون ضده بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن درجتى التقاضى.
وقد أعلن تقرير الطعن إلى المطعون ضده على النحو الثابت بالأوراق.
وقد أودعت هيئة مفوضى الدولة تقريراً مسبباً بالرأى القانونى ارتأت فيه الحكم/ بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بتعديل الحكم المطعون فيه ليكون بإلزام المطعون ضده بأن يؤدى للطاعن بصفته مبلغا مقداره 4200 جنيه (أربعة آلاف ومائتان جنيه) والفوائد القانونية بواقع 4% عن هذا المبلغ من تاريخ صدور الحكم بتاريخ 6/ 4/ 1991 وحتى تمام السداد، مع إلزام المطعون ضده المصروفات.
وقد نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة وبجلسة 21/ 6/ 2000 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا الدائرة الثالثة وحددت لنظره أمامها جلسة 8/ 8/ 2000 وبعد تداوله بالجلسات على النحو الثابت بالمحاضر، قررت المحكمة بجلسة 17/ 10/ 2000 إصدار الحكم بجلسة 19/ 12/ 2000 وفيها قررت مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم 13/ 2/ 2001 لإتمام المداولة وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - فى أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 6741 لسنة 45 ق بعريضة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الإدارى بتاريخ 17/ 7/ 1991 مختصماً: مدير عام مشروع المحاجر وإنتاج مواد البناء بمحافظة القاهرة بصفته، طالبا فى ختامها الحكم/ بقبولها شكلا وفى الموضوع بفسخ وبطلان عقد الاستغلال المؤرخ 31/ 3/ 1990 وبطلان ما ترتب عليه من آثار منذ تحريره وحتى الآن، ومع إلزام المدعى عليه بصفته برد مبلغ التأمين المسدد ومقداره 3000 جنيها وبتحرير عقد إيجار للمحجر والزام الجهة الإدارية بذلك والمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة وذلك على سند من القول أنه بموجب عقد استغلال محجر مؤرخ 31/ 3/ 1990 استأجر محجرا بمسطح خمسة آلاف متر ومدته من 1/ 5/ 1990 حتى 30/ 4/ 1991 وبتأمين مقداره خمسة آلاف جنيه يسدد منه مبلغ ثلاثة آلاف جنيه وأنه يستأجر هذا المحجر منذ سنة 1981 بعقود سابقة وطالب المدعى عليه بتحرير العقد الأخير مثل العقود السابقة إلا أنه رفض وأرغمه على الإذعان لهذا العقد فأنذره على يد محضر فى 23/ 5/ 1991 ثم لجأ إلى القضاء لطلب الحكم بفسخ وبطلان هذا العقد لكونه قد تحرر مشوبا بعيب الإكراه والتدليس المبطل.
وبعريضة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الإدارى بتاريخ 15/ 3/ 1993 أقام الطاعن بصفته الدعوى رقم 3998 لسنة 47 ق بطلب الحكم بإلزام المطعون ضده بأن يؤدى له بصفته مبلغ 9200 جنيها وفوائده التجارية بواقع 5% سنويا من تاريخ المطالبة القضائية وحتى تمام السداد مع إلزامه بالمصروفات والأتعاب وذلك تأسيسا على أنه بتاريخ 22/ 3/ 1990 تقدم المطعون ضده لجهة الإدارة بطلب بقبول مبلغ ثلاثة آلاف جنيه كتأمين جدية تعاقد لمشاركتها فى استغلال المحجر رقم 10219/ أ المرخص له بمنطقة طريق المعادى - القطامية لمدة جديدة، وقد أرشد عن المحجر وقدم الرسومات الهندسية وبتاريخ 31/ 3/ 1990 تحرر عقد الاستغلال لمدة سنة تبدأ من 1/ 5/ 1990 حتى 30/ 4/ 1991 على أن تكون حصة جهة الإدارة من المحجر مبلغ 7200 جنيها تسدد على ثلاث دفعات متساوية تمثل كل دفعة 2400 جنيها بالإضافة إلى دفع مبلغ 5000 جنيه كتأمين يرد إليه عند نهاية التعاقد، وقام المطعون ضده باستغلال المحجر اعتبارا من 31/ 3/ 1990 ومع ذلك قد امتنع عن سداد مستحقات جهة الإدارة رغم إخطاره بذلك لأكثر من مرة، كما تم إنذاره فى 3/ 11/ 1990 بسرعة سداد مبلغ 9200 جنيها وإلا سيتم فسخ العقد ومصادرة التأمين وبسبب عدم تنفيذه ذلك قررت جهة الإدارة بتاريخ 11/ 7/ 1991 فسخ العقد ومصادرة التأمين ومطالبته بمستحقاتها وأخطر بذلك فى 16/ 7/ 1991 وتدوول نظر الدعويين أمام المحكمة المذكورة على النحو المبين بمحاضر جلساتها وبعريضة معلنة قانونا فى 22/ 11/ 1992 اختصم المدعى فى الدعوى رقم 6741 لسنة 45 ق محافظ القاهرة بصفته.
وبجلسة 12/ 3/ 1995 قررت المحكمة ضم الدعوى رقم 3998 لسنة 47 ق إلى الدعوى رقم 6741 لسنة 45 ق ليصدر فيهما حكم واحد.
وبجلسة 6/ 4/ 1997 قضت محكمة القضاء الإداري:
أولا: بعدم قبول الدعوى رقم 6741 لسنة 45 ق بالنسبة للمدعى عليه الأول بصفته وبقبولها بالنسبة للمدعى عليه الثانى بصفته وبرفضها موضوعا وإلزام المدعى المصروفات.
ثانيا: بقبول الدعوى رقم 3998 لسنة 47 ق شكلا وفى الموضوع بإلزام المدعى عليه بأن يؤدى للمدعى بصفته مبلغا مقداره 4200 جنيها (أربعة آلاف ومائتان جنيه) ورفض ما عدا ذلك من الطلبات.
وشيدت المحكمة قضاءها بالنسبة لشكل الدعوى رقم 6741 لسنة 45 ق على أنه لما كان المدعى عليه الأول يتبع المدعى عليه الثانى بصفته وكان الأخير هو صاحب الصفة فى الدعوى فقضت بعدم قبول الدعوى بالنسبة للمدعى عليه الأول بصفته لرفعها على غير ذى صفة، وبقبولها شكلا بالنسبة للمدعى عليه الثانى بصفته. وبالنسبة لموضوع هذه الدعوى قالت المحكمة إن المدعى عجز عن تقديم ما يؤكده ما ذكره بصحيفة دعواه من أن توقيع عقد استغلال المحجر قد شابه إكراه وتدليس وأن وأوراق الدعوى قد كشفت عكس ذلك بما قدمته من طلب استغلال المحجر وما قدمته من تأمين جدية التعاقد وما أقر به صراحة من معاينته للمحجر وقبوله وصلاحيته للغرض المقصود من استغلاله، كما لم تكشف الأوراق عن إخلال جهة الإدارة بالتزاماتها معه، فإن المدعى - والحالة هذه - لا يكون له أصل حق فى المطالبة بفسخ العقد أو استرداد قيمة التأمين المدفوع أو تحرير عقد جدير للمحجر،كما أقام الحكم قضاءه بالنسبة لموضوع الدعوى رقم 3998 لسنة 47 ق على أن الثابت بالأوراق أن المدعى عليه (المطعون ضده) لم يعرف بالتزاماته قبل جهة الإدارة طبقا لعقد استغلال المحجر بالمشاركة المحرر بين الطرفين فى 31/ 1/ 1990 فلم يقم بسداد حصة جهة الإدارة فى المشروع كما لم يقم بسداد باقى تأمين جدية التعاقد ومقدارها مبلغ 2000 جنيها وذلك بالرغم من إنذاره بالوفاء بها أكثر من مرة، فإنه بذلك يكون قد تحققت فى حقه إحدى الحالات المحددة فى البند الثالث عشر من عقد الاستغلال المشار إليه والتى خولت جهة الإدارة حق فسخ العقد إذا عجز الطرف الثانى عن الوفاء بالتزاماته المترتبة على هذا العقد ومن ثم يكون قرار جهة الإدارة بفسخ العقد مع المطعون ضده متفقا وحكم القانون وما يترتب على ذلك من آثار وأخصها حقها فى مصادرة التأمين والحصول على مستحقاتها قبله.
وأضافت المحكمة أن حصة المشروع الواجب على المطعون ضده أن يؤديها لجهة الإدارة خلال عام التعاقد اعتبارا من 1/ 5/ 1990 وحتى 30/ 4/ 1991وإذ تقرر الفسخ وإلغاء الترخيص فى 11/ 7/ 1991 - بعد انتهاء مدة تنفيذ العقد - وطبقا لنظام المشاركة - مقدارها 7200 جنيها ولما كان المطعون ضده قد قام بسداد مبلغ 3000 جنيه من قيمة التأمين المطلوب لجدية التعاقد والمحدد مقداره مبلغ 5000 جنيه فيكون المبلغ المتبقى فى ذمة المطعون ضده لجهة الإدارة مبلغا مقداره 4200جنيه، يتعين بإلزامه بأن يؤديه لجهة الإدارة.
وبالنسبة لطلب الفوائد القانونية عن المبلغ المطالب به طبقا لنص المادة 226مدنى، قالت المحكمة إنه لما كان المبلغ المطالب به وقت رفع الدعوى - وعلى ما انتهى إليه هذا الحكم غير معين المقدار ومن ثم يتعين رفض طلب الفوائد القانونية من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة فى 15/ 3/ 1993 إلا أنه وقد غدا المبلغ المقضى به حال الأداء ومعين المقدار بموجب هذا الحكم، فإنه يحق لجهة الإدارة الحصول على الفوائد القانونية عن المبلغ المقضى به اعتبارا من تاريخ الحكم وبواقع 4% سنويا وليس 5% كما تطالب جهة الإدارة باعتبار العقود الإدارية التى تبرمها جهة الإدارة ينخلع عنها وصف المعاملات التجارية طبقا للمادة 226 المشار إليها.
ومن حيث إن مبنى الطعن إن الحكم خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه وتأويله لأسباب حاصلة:
1- إن الحكم المطعون فيه خالف القانون فيما قضى به من خصم قيمة التأمين المدفوع من مستحقات الجهة الإدارية قبل المطعون ضده رغم أحقية جهة الإدارة فى مصادرة التأمين طبقا لحكم المادة 29من القانون رقم 9 لسنة 1983بتنظيم المناقصات والمزايدات طالما ثبت إن المطعون ضده أخل بالتزاماته بعدم أدائه باقى مبلغ التأمين ومقداره 2000جنيه وعدم سداده لحصة جهة الإدارة مقابل استغلاله المحجر موضوع العقد مثار النزاع مقدارها 7200 جنيه فأصدرت جهة الإدارة قرارها بفسخ العقد ومصادرة التأمين فيكون من حق جهة الإدارة مطالبته بما لم يدفعه من قيمة التأمين النهائى.
2 - إن الحكم المطعون فيه شاب التناقض فيما قضى به فى أسبابه من أحقية جهة الإدارة فى الفوائد القانونية عن المبلغ المقضى به اعتبارا من تاريخ هذا الحكم وبواقع 4% وليس 5% كما تطالب جهة الإدارة وفى المنطوق برفض هذا الشق والخاص بالفوائد عن المبلغ المطالب به بنسبة 5% سنويا فى حين تستحق جهة الإدارة هذه الفوائد بنسبة 5% سنويا ومن تاريخ رفع الدعوى وحتى تمام السداد طبقا لحكم المادة 226 من القانون المدنى.
ومن حيث إنه عن الوجه الأول من وجهى الطعن المتعلق بمخالفة الحكم لأحكام القانون فيما قضى به من خصم قيمة التأمين المدفوع والذى تم مصادرته من مستحقات جهة الإدارة فإنه لما كان الثابت من مطالعة أوراق الطعن وأن المطعون ضده تقدم بطلب مؤرخ 2/ 1/ 1990 إلى مدير عام المحاجر وإنتاج مواد البناء بخصوص طلب الترخيص له بمشاركة مشروع المحاجر وإنتاج مواد البناء فى استغلال المحجر رقم 10219 - أ حجر جيرى بطريق المعادى - القطامية - فأخطرته جهة الإدارة بكتابها رقم 5791 فى 3/ 2/ 1990 بسداد مبلغ 5000 جنية تأمين جدية التعاقد ثم أخطرته بكتابها رقم 1772 فى 11/ 2/ 1990 للحضور خلال خمسة عشر يوما من تاريخه لتوقيع عقد المشاركة مع المشروع وسداد مبلغ 5000 جنيه كتأمين لجدية المشاركة.
وبتاريخ 22/ 3/ 1990 تقدم المطعون ضده بطلب إلى مدير عام مشروع المحاجر وإنتاج مواد البناء مؤرخ 22/ 3/ 1990 مرفقا به الشيك رقم 6952 بتاريخ 21/ 3/ 1990 بمبلغ 3000 جنيه وذلك كتأمين لجدية مشاركة المشروع فتأشر على هذا الطلب بذات التاريخ بالآتي: "يقبل الشيك وتتم التسوية أوافق على سداد باقى تأمين جدية التعاقد 1/ 7/ 1990".
وبتاريخ 31/ 3/ 1990 أبرم عقد استغلال محجر بالمشاركة بين الطرفين ناصا فى البند الثانى منه على أنه:"يقر الطرف الثانى بأنه قد عاين المحجر الوارد عليه التعاقد المعاينة النافية للجهالة وأنه يقرر أنه يصلح للغرض المقصود منه استغلاله، وأنه قد قبله تماما وبكل الرضا وبالحالة التى هى عليه وليس له الحق فى المطالبة بأية تعويضات أو خلافه فى الحال أو المستقبل عن هذا الاستغلال.
ونص البند الثالث من العقد المذكور على أنه: (مدة هذا العقد سنة واحدة ميلادية تبدأ من يوم 1/ 5/ 1990 وتنتهى فى 30/ 4/ 1991 ولا يتجدد هذا العقد إلا إذا أخطر الطرف الثانى الطرف الأول بذلك كتابة وقبل الطرف الأول ذلك - ويكون الإخطار كتابة قبل انتهاء مدة هذا العقد بما لا يقل عن شهرين.
ونص البند الرابع على أنه: (يدفع الطرف الثانى تأمينا مقداره خمسة آلاف جنيه لضمان جدية تنفيذ هذا الاتفاق ويرد له فى نهاية المدة على أن يخصم منه ما يكون مستحقا للطرف الأول أو أى جهة حكومية أخرى وعلى أن يتم دفع ثلاثة آلاف جنيه من جملة التأمين المذكور حالا وعند التوقيع على هذا العقد نقدا أو بشيك مقبول الدفع.
ونص البند السادس منه على أنه: (توزع حصيلة الاستغلال بين طرفى هذا التعاقد بعد أن تخصم كافة التكاليف وخلافه والمتفق على تحديدها بين الطرفين، ويكون هذا التوزيع بين الطرفين على أساس تحديد نسبة مئوية لكل منها يحق للطرف الأول منها 15% من حصيلة الإنتاج ويحق للطرف الثانى 85% على أن تكون المحاسبة فيما بين كل من الطرفين كل أسبوع ما لم يرد الطرف الأول غير ذلك فى المستقبل.
وينص البند الثالث عشر منه على أنه: (للطرف الأول حق فسخ هذا العقد دون تعويض من أى نوع فى الحالات الآتية:
1 - إذا أخل الطرف الثانى بشروط هذا العقد أو بأى منها.
2 - إذا عجز الطرف الثانى عن ا لوفاء بالتزاماته المترتبة على هذا العقد
3 - .......................
وقد تضمنت تعليمات نظام المشاركة مع المشروع التى أتم العاقد على أساسها بالنسبة لمادة الحجر الجيرى (موضوع الاستغلال) إن تأمين جدية التعاقد 5000 جنيه وقيمة المنتج سنويا منها 48000 متر مكعب وحصة جهة الإدارة من عائد الاستغلال السنوى مبلغ 7200 جنيه بنسبة 15% من قيمة المنتج سنويا وحصة الشريك (المطعون ضده) مبلغ 40800 بنسبة 85% من قيمة المنتج سنوى، وتسدد حصة المشروع على ثلاثة دفعات متساوية تبدأ بعد الثلاثة أشهر الأولى للتعاقد وبين كل منها ثلاثة شهور إلا أن المطعون ضده لم يسدد قيمة الدفعة الأولى فى موعدها فأخطرته جهة الإدارة بكتابها رقم 33241 بتاريخ 30/ 7/ 1990 بموافاتها بقيمة الدفعة الأولى ومقدارها 2400 جنيه - المحدد لسدادها 1/ 8/ 1990 خلال عشرة أيام من تاريخه - وكذا موافاتها بمبلغ 2000 جنيه باقى قيمة تأمين جدية التعاقد مع مشروع المحاجر - وإلا ستضطر لإيقاف التشغيل وفسخ العقد ومصادرة التأمين ثم كررت هذا الإخطار بالاستعجال رقم 1 بكتابها رقم 39051 فى 5/ 9/ 1990 ثم الاستعجال رقم 2 بكتابها رقم 43881 فى 8/ 10/ 1990 ثم الاستعجال رقم 3 بكتابها رقم 65403 فى 29/ 10/ 1990 وفى هذا الإخطار طالبته أيضا بسداد قيمة الدفعة الثانية المحدد لسدادها 1/ 11/ 1990 ثم أعقبته بإنذارها الأخير بكتابها رقم 66773 فى 3/ 11/ 1990.
وبتاريخ 11/ 7/ 1991 قررت جهة الإدارة إلغاء الترخيص لعدم الجدية وسداد المبالغ المستحقة عليه ثم أخطرته بكتابها رقم 31001 فى 16/ 7/ 1991 بإلغاء الترخيص.
ومن حيث إن المادة 29 من القانون رقم 9 لسنة 1983 بإصدار قانون تنظيم المناقصات والمزايدات تنص على أنه: (يكون للجهة المتعاقدة فى حالة فسخ العقد أو تنفيذه على حساب المتعاقد الحق فى مصادرة التأمين النهائى والحصول على جميع ما تستحقه من غرامات مما يكون مستحقا للمتعاقد لديها أو لدى أية جهة إدارية أخرى من مبالغ، وذلك دون حاجة إلى اتخاذ أى إجراءات قضائية.
ومن حيث إن مؤدى هذا النص أنه فى حالة صدور قرار من جهة الإدارة بفسخ العقد لإخلال المتعاقد بالتزاماته، فإنه يكون من حقها مصادرة التأمين النهائى بإرادتها المنفردة ودون الالتجاء إلى القضاء باعتبار أن ذلك امتياز لجهة الإدارة لتعلق العقد الإدارى بالمرفق العام الذى يستهدف تسييره تغليب وجه المصلحة العامة فى شأنه على مصلحة الأفراد الخاصة وهذا الطابع الخاص هو الذى يترتب عليه تمتع الإدارة بسلطات متعددة إزاء المتعاقد معها.
ومن حيث إنه بتطبيق ما تقدم على واقعة النزاع فإنه لما كان الثابت من الأوراق أن المطعون ضده رخص له باستغلال محجر جيرى طبقا للعقد سالف الذكر لمدة سنة من 1/ 5/ 1990 حتى 30/ 4/ 1991 وقد استلم المحجر المرخص له به - إلا أنه لم يقم بسداد حصة جهة الإدارة من حصيلة استغلال هذا المحجر طبقا لما تم الاتفاق عليه وفقا للبند السادس من العقد مثار النزاع الماثل ومقدارها 7200 جنية وكان ملزما بسدادها على ثلاث دفعات - قيمة كل دفعة 2400 جنيه - وقد طالبته جهة الإدارة بالسداد مرات عديدة طبقا لما سلف بيانه حتى انقضت مدة العقد وقد خلت الأوراق من ثمة دليل يفيد تجديد هذا العقد لمدة أخرى طبقا للبند الثالث منه ومن ثم يكون القرار الصادر بفسخ هذا العقد بعد انقضاء مدته قد ورد على غير محل، ويكون باطلا ولا يرتب أى أثر قانونى وبالتالى لا يجوز لجهة الإدارة الركون إلى هذا القرار للمطالبة بمصادرة التأمين النهائى طبق لحكم المادة 29 من القانون رقم 9 لسنة 1983 المشار إليه.
ومن حيث إنه - وبالبناء على ما تقدم - يكون المطعون ضده مدينا لجهة الإدارة بمبلغ 7200 جنيه حصتها من عائد استغلال المحجر طبقا لشروط العقد موضوع الطعن الماثل - وبمراعاة إن طلبات جهة الإدارة بالنسبة لهذا المقابل اقتصرت على هذا المبلغ فقط، الأمر الذى يتعين معه التقيد بطلباتها دون تجاوز نطاقها كما أنه لا يكون لجهة الإدارة الحق فى المطالبة بمصادرة التأمين النهائى لافتقار هذه المطالبة لأى سند يبررها ومن ثم يكون مبلغ التأمين المدفوع ضمانا لاستيفاء مستحقات جهة الإدارة من قيمته طبقا للبند الرابع من العقد سالف الذكر وإذ قضى الحكم المطعون فيه بخصم مستحقات جهة الإدارة من التأمين المدفوع وبإلزام المطعون ضده بأن يؤدى المبلغ المتبقى فى ذمته لجهة الإدارة ومقداره 4200 جنيه فإنه يكون قد أصاب صواب الواقع والقانون ويكون النعى على هذا الشق من قضائه فى غير محلا محققاً بالرفض.
ومن حيث إنه عن الوجه الثانى من أوجه الطعن والخاص بمخالفة الحكم المطعون فيه للقانون بعدم قضائه بأحقية الإدارة فى المطالبة بالفوائد القانونية عن المبالغ المستحقة له، فإن هذا النعى سديد ذلك أن قضاء هذه المحكمة قد استقر على تطبيق حكم المادتين 226و 228 من القانون المدنى فى نطاق العقود الإدارية باعتبارها من الأصول العامة فى الالتزامات، ولا تتعارض مع طبيعة الروابط الإدارية، وكان المشرع قرر فى هاتين المادتين استحقاق الدائن تعويضا مقداره 4% فى المسائل المدنية و 5% من المسائل التجارية، إذا أجبره المدين على اللجؤ إلى القضاء للمطالبة بدين محله مبلغا من النقود معلوم المقدار ولم يبادر إلى سداده وقت الطلب، وذلك دون حاجة لالتزام الدائن بإثبات الضرر الذى لحقه بسبب تأخير المدين فى السداد.
ومن حيث إنه متى كان الأمر كذلك، فإن المبلغ المقضى به ومقداره 4200 جنيه قد تحققت به شروط تطبيق المادة 226 مدنى، فهو معلوم المقدار وقت الطلب، مستندا فى تحديده إلى أسس ثابتة باتفاق الطرفين، وقد تمت المطالبة القضائية به وتراخى المطعون ضده فى الوفاء به، مما يحقق معه إلزامه بالفوائد القانونية المستحقة على هذا المبلغ.
ومن حيث إنه عن مطالبة جهة الإدارة احتساب الفوائد القانونية عن المبلغ المطالب به بواقع 5% فإنه لا وجه لإجابة جهة الإدارة إلى هذا الطلب ذلك أن أعمال استغلال المحاجر لا تعتبر من قبيل الأعمال التجارية المنصوص عليها فى المادة الثانية من قانون التجارة الصادر بالأمر العالى فى 13 نوفمبر سنة 1883 وتعديلاته - الواجب التطبيق على المنازعة الماثلة - وحيث إن العمليات الاستخراجية التى تهدف إلى استخراج المعادن والصخور ومواد البناء وغيرها من باطن الأرض لا تعد عملا تجارى، ولذلك تعتبر عملا مدنى، ومن ثم يتعين احتساب الفوائد القانونية المستحقة عن المبلغ سالف الذكر بواقع4% سنويا من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة فى 15/ 3/ 1994، وحتى تمام السداد.
ومن حيث إنه تأسيسا على ما سلف، فإن الحكم المطعون فيه إذ أخذ بغير هذا النظر فيكون قد جاء على خلاف أحكام القانون وشابه الخطأ فى تطبيقه وتأويله، مما يتعين معه القضاء بتعديله فيما قضى به فى البند الثانى من قضائه ليكون بإلزام المطعون ضده بأن يؤدى للطاعن بصفته مبلغا مقداره 4200 جنيه (أربعة آلاف ومائتى جنيها) والفوائد القانونية المستحقة عن هذا المبلغ بواقع 4% من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة فى 15/ 4/ 1994 وحتى تمام السداد، مع إلزام المطعون ضده بالمصروفات عملا بحكم المادتين 184، 186 من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكل، وفى الموضوع بتعديل البند ثانيا من الحكم المطعون فيه إلى إلزام المدعى عليه (المطعون ضده) بأن يؤدى للطاعن بصفته مبلغا مقداره (4200 جنية) (أربعة آلاف ومائتى جنيه) والفوائد القانونية المستحقة عن هذا المبلغ بواقع 4% من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة فى 15/ 3/ 1994 م وحتى تمام السداد والمصروفات.