مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السادسة عشرة - العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1970 إلى متصف فبراير سنة 1971) - صـ 29

(5)
جلسة 21 من نوفمبر سنة 1970

برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور أحمد ثابت عويضة رئيس المحكمة وعضوية السادة الأساتذة محمد فهمي طاهر وأبو بكر محمد عطية المستشارين.

القضية رقم 1504 لسنة 14 القضائية

(أ) - اختصاص - المحكمة الإدارية العليا - دعوى البطلان الأصلية في الأحكام الصادرة منها
 اختصاص هذه المحكمة بالفصل في طلب إلغاء الحكم الصادر منها إذا ما شابه عيب جسيم يسمح بإقامة دعوى بطلان أصلية.
(ب) - حكم طعن - فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا
 - الطعن في أحكامها لم يأذن المشرع بالطعن في الحكم الصادر من دائرة فحص الطعون بأي طريق من طرق الطعن - أثر ذلك.
(جـ) - دعوى - دعوى البطلان الأصلية في الأحكام الصادرة بصفة انتهائية يقف عند الحالات التي تنطوي على عيب جسيم وتمثل إهدار للعدالة يفقد فيها الحكم وظيفته.
1- إن هذه المحكمة تختص بالفصل في طلب إلغاء الحكم الصادر منها إذا ما شابه عيب جسيم يسمح بإقامة دعوى بطلان أصلية.
2- إنه طبقاً للمادة 17 من القانون رقم 55 لسنة 1959 في شأن تنظيم مجلس الدولة تنظر دائرة فحص الطعون الطعن بعد سماع إيضاحات مفوضي الدولة وذوي الشأن إن رأى رئيس الدائرة وجهاً لذلك.... "وتبين المحكمة في المحضر بإيجاز وجهة النظر إذا كان الحكم صادراً بالرفض ولا يجوز الطعن فيه بأي طريق من طرق الطعن".
ومفاد هذا النص أن المشرع لم يأذن بالطعن في الحكم الصادر من دائرة فحص الطعون بأي طريق من طرق الطعن بحيث يتعذر التمسك بكل أوجه البطلان التي تعيب الأحكام الصادرة من محكمة القضاء الإداري أو المحاكم الإدارية أو المحاكم التأديبية التي تجيز الطعن فيها أمام المحكمة الإدارية العليا.
3- إذا أجيز استثناء الطعن بدعوى بطلان أصلية في الأحكام الصادرة بصفة انتهائية فإن هذا الاستثناء - في غير الحالات التي نص عليها المشرع كما فعل في المادة 147 من قانون المرافعات رقم 13 لسنة 1968 - يجب أن يقف عند الحالات التي تنطوي على عيب جسيم وتمثل إهدارا للعدالة يفقد فيها الحكم وظيفته.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن عناصر هذه الدعوى حسبما يبين من الأوراق تتحصل في أن المدعى أقام الدعوى رقم 1189 لسنة 14 القضائية ضد وزارة الاقتصاد بعريضة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الإداري في 29 من يونيه سنة 1960 طلب فيها الحكم بإلغاء القرار الصادر في 31 من ديسمبر سنة 1958 بترقية السيد/ حسين كامل عبد الرحمن سباق إلى الدرجة الثالثة بالكادر الإداري فيما تضمنه من تخطي المدعى في الترقية إلى هذه الدرجة مع ما يترتب على ذلك من آثار ومع إلزام المدعى عليها بالمصروفات، وقال شرحاً لدعواه انه صدر حكم لصالحه من المحكمة الإدارية العليا بجلسة 25 من أبريل سنة 1959 قضى باعتبار أقدميته في الدرجة السادسة راجعة إلى أول أغسطس سنة 1946 وما يترتب على ذلك من آثار وبذلك فهو يسبق زميله حسين كامل عبد الرحمن سباق المرقى إلى الدرجة السادسة في سنة 1948 والخامسة سنة 1953 والرابعة سنة 1956، وبجلسة 12 من أبريل سنة 1962 قضت محكمة القضاء الإداري برفض الدعوى وألزمت المدعى بالمصروفات وأقامت قضاءها على أن المدعى بالدرجة الرابعة الكتابية فلا يملك مزاحمة المطعون في ترقيته الذي رقى من الدرجة الرابعة الإدارية إلى الدرجة الثالثة الإدارية وقد طعن المدعى في هذا الحكم في أول سبتمبر سنة 1962 بالطعن رقم 1582 لسنة 8 القضائية وطلب الحكم بإلغائه وكذلك القرار الصادر في 31 من ديسمبر سنة 1958 بترقية السيد حسين كامل سباق إلى الدرجة الثالثة الإدارية فيما تضمنه من تخطي المدعى في الترقية إلى هذه الدرجة وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الحكومة بالمصروفات. وأشار في أسباب طعنه إلى أن حكم المحكمة الإدارية العليا الصادر بجلسة 22 من أبريل سنة 1959 نص صراحة على إرجاع أقدميته بالنسبة لشعبان عبد السلام الموظف بالكادر الإداري وأنهما قد جمعتهما أقدمية مشتركة في الدرجة السادسة الإدارية. وبجلسة أول يوليه سنة 1967 قضت دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثانية) بإجماع الآراء بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وأمرت بمصادرة الكفالة وألزمت الطاعن المصروفات.
وفي 30 من سبتمبر سنة 1968 أقام المدعى هذه الدعوى طلب فيها الحكم ببطلان حكم المحكمة الإدارية العليا الصادر في أول يوليه سنة 1967 في الطعن رقم 1582 لسنة 8 القضائية المشار إليه وأسس المدعى دعواه على أن الحكم المطعون فيه صدر دون أن يخطر بالجلسة التي حددت لنظره بالمخالفة لنص المادة 32 من القانون رقم 55 لسنة 1959 التي قررت أن يبلغ قلم كتاب المحكمة تاريخ الجلسة إلى ذوي الشأن ويكون قبل ميعاد الحضور بثمانية أيام على الأقل ويجوز في حالة الضرورة نقصه إلى ثلاثة أيام وقد ترتب على إغفال إعلان الطالب بتاريخ الجلسة أن هذا الحكم صدر دون أن يتمكن من التعقيب على تقرير السيد مفوض الدولة ودون أن يبدي أوجه دفاعه أمام المحكمة الإدارية العليا وهذا الإغفال يترتب عليه بطلان الحكم الصادر من المحكمة بجلسة أول يوليه سنة 1967. وأضاف المدعى في المذكرة المقدمة منه أنه تبين له من الاطلاع على سركى تسليم المراسلات المسجلة من المجلس إلى هيئة البريد - أن الإعلان المرسل إلى الأستاذ حنا ناروز المحامي المنتدب عن الطاعن قد أرسل خطأ إلى محام آخر.
ومن حيث أنه واضح مما تقدم أن المدعى يطعن في حكم صادر من دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا بدعوى بطلان أقامها مستنداً إلى أن ثمة بطلاناً وقع في الإجراءات أثر في الحكم المطعون فيه.
ومن حيث إن هذه المحكمة تختص بالفصل في طلب إلغاء الحكم الصادر منها إذا ما شابه عيب جسيم يسمح بإقامة دعوى بطلان أصلية.
ومن حيث إنه طبقاً للمادة 17 من القانون رقم 55 لسنة 1959 في شان تنظيم مجلس الدولة تنظر دائرة فحص الطعون الطعن بعد سماع إيضاحات مفوضي الدولة وذوي الشأن إن رأى رئيس الدائرة وجهاً لذلك.... "وتبين للمحكمة في المحضر بإيجاز وجهة النظر إذا كان الحكم صادراً بالرفض ولا يجوز الطعن فيه بأي طريق من طرق الطعن". ومفاد هذا النص أن المشرع لم يأذن بالطعن في الحكم الصادر من دائرة فحص الطعون بأي طريق من طرق الطعن بحيث يتعذر التمسك بكل أوجه البطلان التي تعيب الأحكام الصادرة من محكمة القضاء الإداري أو المحاكم الإدارية أو المحاكم التأديبية التي تجيز الطعن فيها أمام المحكمة الإدارية العليا.
ومن حيث إنه إذا أجيز استثناء الطعن بدعوى بطلان أصلية في الأحكام الصادرة بصفة انتهائية فإن هذا الاستثناء - في غير الحالات التي نص عليها المشرع كما فعل في المادة 147 من قانون المرافعات رقم 13 لسنة 1968 - يجب أن يقف عند الحالات التي تنطوي على عيب جسيم وتمثل إهدار للعدالة يفقد فيها الحكم وظيفته.
ومن حيث إن المدعى يستند في دعواه ببطلان حكم دائرة فحص الطعون بجلسة أول يوليه سنة 1967 في الطعن رقم 1582 لسنة 8 القضائية إلى أنه لم يعلن بميعاد الجلسة الأمر الذي فوت عليه التعقيب على التقرير الصادر من هيئة مفوضي الدولة ومنعه من إبداء أوجه دفاعه أمام المحكمة الإدارية العليا.
ومن حيث إن الثابت من الاطلاع على أوراق الدعوى أن تقرير هيئة مفوضي الدولة الذي قدم إلى دائرة فحص الطعون لم يشتمل على وجهة نظر لم يناقشها الطاعن ذلك لأن هذا التقرير انتهى إلى تأييد الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 12 من أبريل سنة 1962 وقد عالج المدعى في تقرير طعنه في هذا الحكم كل المآخذ التي وجهها إليه. ومن ناحية أخرى فإن المدعى حينما عرض في عريضة دعوى البطلان التي أقامها - إلى المطاعن التي نسبها إلى حكم محكمة القضاء الإداري المطعون فيه لم يأت بجديد على ما ذكره في أسباب الطعن التي كانت تحت نظر دائرة فحص الطعون ومن ثم يتعذر القول بأن إغفال إعلان الطاعن بميعاد الجلسة المحددة لنظر الطعن رقم 1582 سالف الذكر على فرض صحته - ينطوي على عيب جسيم ويمثل إهدارا للعدالة يفقد معها الحكم وظيفته وبذلك تكون هذه الدعوى لا تستند إلى أساس سليم من القانون ويتعين والحالة هذه القضاء برفضها وإلزام المدعى المصروفات.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة برفض الدعوى، وألزمت المدعى بالمصروفات.