مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السادسة عشرة - العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1970 إلى منتصف فبراير سنة 1971) - صـ 49

(8)
جلسة 6 من ديسمبر سنة 1970

برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمد مختار العزبي نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة الدكتور أحمد ثابت عويضة وسليمان محمود جاد ومحمد فهمي طاهر وأبو بكر محمد عطية المستشارين.

القضية رقم 1315 لسنة 13 القضائية

الأزهر - معادلات دراسية - المجلس الأعلى للأزهر.
ليس للمجلس الأعلى للأزهر أي اختصاص في شأن معادلة الشهادات التي تمنحها الجامعة الأزهرية بغيرها من الشهادات التي تمنحها جامعات الجمهورية - أساس ذلك.
يبين من مطالعة نصوص المرسوم بقانون رقم 26 لسنة 1936 في شأن الأزهر - وقد حصل المدعى على شهادة في ظل أحكامه أنه خلا من أي نص يخول المجلس الأعلى للأزهر أي اختصاص في شأن معادلة الشهادات التي تمنحها الجامعة الأزهرية بغيرها من الشهادات التي تمنحها جامعات الجمهورية، كما لا يوجد أي نص في قانون آخر يخول المجلس الأعلى للأزهر أي اختصاص في هذا الشأن أما المادة 22 من المرسوم بقانون رقم 26 لسنة 1936 سالف الذكر، التي تنص على أن يختص المجلس الأعلى للأزهر باقتراح إنشاء الكليات وأقسام دراسة الأجازات وأقسام التخصص والمعاهد الدينية وتقرير إنشاء الأقسام العامة والنظر في كل ما يتعلق بخطة الدراسة فلا يفيد نصها سواء باستقراء عباراته أو باستيعاب مفهومه، أن المجلس الأعلى للأزهر يختص بإجراء معادلة الشهادات التي تمنحها الجامعة الأزهرية بغيرها من الشهادات التي تمنحها جامعات الجمهورية، هذا فضلاً عن أن منطق الأمور يقضي بأنه إذا جاز أن يكون للمجلس الأعلى دور في هذا الشأن، فإن مجال ذلك أن تكون المعادلة المطلوب إجراؤها هي معادلة شهادة من الشهادات التي تمنحها إحدى جامعات الجمهورية بشهادة من الشهادات التي تمنحها الجامعة الأزهرية وليس العكس.
ولا يصح الاستناد إلى نص المادة 75 فقرة ثانية من القانون رقم 103 لسنة 1961 في شأن إعادة تنظيم الأزهر التي تقضي بأن درجة التخصص في دراسة من الدراسات المقررة في إحدى كليات جامعة الأزهر تعادل درجة الماجستير في تقرير معادلة الشهادة الحاصل عليها المدعي لدرجة الماجستير ذلك أن هذه المادة إنما تتناول الشهادات والدرجات التي تمنحها كليات جامعة الأزهر، التي نظمها القانون سالف الذكر، فلا يسري حكمها على الشهادات التي كانت تمنحها الجامعة الأزهرية قبل صدور هذا القانون، والتي كانت تغاير تمام المغايرة الشهادات والدرجات العلمية التي تمنحها جامعة الأزهر.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الايضاحات وبعد المداولة.
من حيث أنه ولئن كان تقرير الطعن قد أودع قلم كتاب هذه المحكمة في 5 من أغسطس سنة 1967 على حين صدر الحكم المطعون فيه في 5 من يونيه سنة 1967 إلا أن يوم 4 من أغسطس سنة 1967، وهو آخر ميعاد الطعن، قد صادف عطلة رسمية هي عطلة يوم الجمعة - ومن ثم يمتد الميعاد - طبقاً للمادة 23 من قانون المرافعات المدنية والتجارية الذي كان سارياً وقتذاك - إلى أول يوم عمل بعدها وهو يوم السبت الموافق 5 من أغسطس سنة 1967 الذي أودع فيه تقرير الطعن قلم كتاب هذه المحكمة، ولذا يكون الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث أن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يخلص من أوراق الطعن - في أن المدعي أقام الدعوى رقم 1163 لسنة 18 القضائية ضد وزارة التربية والتعليم ومحافظة القاهرة ومنطقة جنوب القاهرة التعليمية والجهاز المركزي للتنظيم والإدارة بعريضة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الإداري في 13 من يوليه سنة 1964 وطلب فيها "الحكم بإلغاء القرار الصادر بتاريخ 9 من نوفمبر سنة 1963 بعدم استحقاقه علاوة الماجستير ومنحه هذه العلاوة اعتباراً من 18 من ديسمبر سنة 1960 تاريخ صدور قرار رئيس الجمهورية رقم 2287 لسنة 1960 وصرف الفروق المالية المترتبة على ذلك مع إلزام المدعى عليهم متضامنين بمصاريف الدعوى ومقابل أتعاب المحاماة وتوجز أسانيد دعواه في أنه حصل على شهادة العالمية من الجامعة الأزهرية سنة 1956 ثم حصل بعد ذلك على شهادة العالمية مع إجازة التدريس من كلية اللغة العربية سنة 1957 ولما كانت شهادة العالمية مع إجازة التدريس تعادل الماجستير طبقاً للقرار الصادر من المجلس الأعلى للأزهر بجلسته المنعقدة في 17 من مايو سنة 1959 فقد كان واجباً على جهة الإدارة أن تمنحه راتباً إضافياً قدره ثلاثة جنيهات شهرياً وذلك إعمالاً لقرار رئيس الجمهورية رقم 2287 لسنة 1960 الذي قضى بمنح هذا الراتب الإضافي للحاصلين على درجة الماجستير أو ما يعادلها، إلا أنها لم تمنحه هذا الراتب استناداً إلى ما ارتآه ديوان الموظفين من عدم استحقاقه له، بعد أن عرض مؤهله على المجلس الأعلى للجامعات فلم ير معادلته بدرجة الماجستير وقد أبلغ برأي ديوان الموظفين في 9 من نوفمبر سنة 1963، هذا على أن المجلس الأعلى للجامعات ليس - في نظره - هو الجهة صاحبة الاختصاص في تقدير درجته العلمية وإنما الاختصاص في ذلك معقود للمجلس الأعلى للأزهر وخلص إلى أن من حقه الطعن في القرار الصادر من ديوان الموظفين بعدم استحقاقه هذا الراتب والمبلغ له في 9 من نوفمبر سنة 1963. وقد أجابت الجهة الإدارية عن الدعوى بأن المادة الأولى من قرار رئيس الجمهورية رقم 2287 لسنة 1960 تقضي بأن "يمنح موظفو الكادر العالي (الفني والإداري) من الدرجة السادسة إلى الدرجة الرابعة، الحاصلون على درجة الماجستير أو الدكتوراه أو ما يعادلها راتبا إضافيا بالفئتين الآتيتين.. " ولم يشر قرار رئيس الجمهورية المشار إليه إلى شهادة العالمية مع إجازة التدريس وقد انتهى المجلس الأعلى للجامعات في جلستيه المنعقدتين في 27، 28 من مارس سنة 1963 إلى قرار بعدم الموافقة على معادلة الشهادة العالمية من كلية الشريعة والشهادة العالمية من اجازة القضاء الشرعي والشهادة العالمية مع اجازة التدريس، بدرجة الماجستير التي تمنحها كليات جامعات الجمهورية العربية المتحدة، وقد أفاد ديوان الموظفين بكتابة رقم 403 - 12/ 28 بأن المدعي لا يستحق راتب الماجستير بالتطبيق لأحكام قرار رئيس الجمهورية رقم 2287 لسنة 1960 وقد أشار إلى قرار المجلس الأعلى للجامعات الصادر في جلستيه المنعقدتين في 27 و28 من مارس سنة 1963 السابق الإشارة إليه، وأنه متى كان ذلك فتكون دعوى المدعي على غير أساس من القانون. وبجلسة 5 من يونيه سنة 1967 قضت محكمة القضاء الإداري "بقبول الدعوى شكلا وفي الموضوع بأحقية المدعي في الراتب الإضافي المقرر بموجب قرار رئيس الجمهورية رقم 2287 لسنة 1960 مع ما يترتب على ذلك من آثار وألزمت الوزارة المصروفات" وأقامت قضائها على أن قرار رئيس الجمهورية رقم 2287 لسنة 1960 وقد نص على منح راتب إضافي للحاصلين على درجة الماجستير أو ما يعادلها لم يحدد جهة معينة تختص بتقرير هذه المعادلة، وإذ كان إجراء هذه المعادلة يتطلب خبرة فنية فإن الأقرب إلى طبيعة الأشياء أن تختص الجهة مانحة المؤهل موضوع المعادلة ببيان مستواه العلمي، وأنه من ثم يكون المجلس الأعلى للأزهر وهو الجهة مانحة مؤهل المدعي هو الأكثر دراية وخبرة بقيمة هذا المؤهل العلمية، ويكون لقراره في تحديد مستواه القول الفصل ما لم يكون هناك نص يحرمه من ذلك وأنه يبين باستقراء نص المادة 22 من المرسوم بقانون رقم 36 لسنة 1936 في شأن الأزهر التي تنص على أن يختص المجلس الأعلى باقتراح إنشاء كليات وأقسام دراسة الأجازات وأقسام التخصص والمعاهد الدينية وتقرير إنشاء الأقسام العامة والنظر في كل ما يتعلق بخطة الدراسة، وقد نقل المشرع مقتضى هذا النص إلى القانون رقم 103 لسنة 1961 في شأن تطوير الأزهر - يبين أن الاختصاص العام للمجلس الأعلى للأظهر يشابه ذلك الذي تقرره المادة 33 من القانون رقم 184 لسنة 1958 بالنسبة إلى المجلس الأعلى للجامعات، ومن ذلك يبين أن المجلس الأعلى للجامعات ليس له اختصاص في الشأن الذي تصدى له، وأن القانون رقم 103 لسنة 1961 بشأن اعادة تنظيم الأزهر قد نص في المادة 75 فقرة ثانية على أن درجة التخصص في دراسة من الدراسات المقررة في احدى الكليات تعادل درجة الماجستير وأنه من ثم يكون المشرع قد أيد قرار المجلس الأعلى للأزهر وتبني اجراء المعادلة وأصبح الأمر لا يحتاج إلى الالتجاء إلى هيئة لإجرائها وأنه لا يغير من هذا النظر قرار المجلس الأعلى للجامعات بأن مؤهل المدعي لا يعادل درجة الماجستير حيث يحجب اختصاص المجلس الأعلى للأزهر اختصاص المجلس الأعلى للجامعات في هذا الشأن.
ومن حيث أن الطعن يقوم على أن الحكم المطعون فيه أخطأ حين قضى بأحقية المطعون عليه في الراتب الاضافي المقرر للحاصلين على درجة الماجستير استنادا إلى أن المجلس الأعلى للأزهر قرر أن شهادة العالمية مع اجازة التدريس الحاصل عليها المطعون عليه تعادل الماجستير وأن المجلس الأعلى للأزهر هو الجهة المختصة بقدير هذه الشهادة وأن المجلس الأعلى للجامعات لا اختصاص له في هذا الشأن، وذلك أنه لا يوجد أي نص قانوني يخول المجلس الأعلى للأزهر اختصاصا في تقدير أو معادلة أية شهادة من الشهادات التي تمنحها الجامعة الأزهرية بالشهادات أو الدرجات الجامعية وأن الجهة التي تخبص بمعادلة شهادة المطعون ضده هي المجلس الأعلى للجامعات الذي يخوله القانون رقم 184 لسنة 1958 في شأن تنظيم الجامعات في المادة 33 منه وفي غيرها من مواد القانون كافة الاختصاصات والسلطة المتعلقة برسم السياسة العامة للتعليم الجامعي والبحوث العلمية بالجامعات والتنسيق بين الدراسات الجامعية ودرجاتها العلمية وغير ذلك من الأمور التي تجعل من المجلس الأعلى للجامعات السلطة العليا في كل شئون التعليم الجامعي والعالي ويدخل في هذه السلطة تحديد الشهادات التي تعادل الدرجات الجامعية التي تمنحها جامعات الجمهورية، هذا فضلا عن أن طبيعة الأمور تقضي - حتى لو افترض جدلا نصوص قانونية تخول المجلس الأعلى للجامعات هذا الاختصاص - أن يكون المجلس وحده المختص بتقدير أو معادلة أية شهادة بالشهادات أو الدرجات التي منحها جامعاته، ولو سلم جدلا بأن المجلس الأعلى للجامعات لا اختصاص له بمعادلة شهادة المطعون ضده وكان المجلس الأعلى للأزهر هو الآخر غير مختص فإن الاختصاص ينتقل طبقا لما قضت به المواد 9 وما بعدها من قانون نظام موظفي الدولة رقم 210 لسنة 1951 إلى ديوان الموظفين، وقد قرر أن مؤهل المطعون علية لا يعادل الماجستير أما الاستناد إلى المادة 75 فقرة ثانية من القانون رقم 103 لسنة 1961 السابق الإشارة إليها فغير سليم وذلك أن حكم هذه المادة خاص بدرجة التخصص في دراسة من الدراسات المقررة في احدى الكليات التابعة لجامعة الأزهر ولا شأن لها بشهادة المطعون عليه التي حصل عليها من الجامعة الأزهرية قبل إنشاء جامعة الأزهر، نظرا لأن الدرجات العلمية التي تمنحها جامعة الأزهر بعد انشائها بالقانون رقم 103 لسنة 1961 تغاير تمام الشهادة التي كانت تمنحها الكليات الأزهرية قبل انشاء هذه الجامعة.
ومن حيث أنه يبين من مطالعة نصوص المرسوم بقانون رقم 26 لسنة 1936 في شأن الأزهر - وقد حصل المدعى على شهادة في ظل أحكامه - أنه خلا من أي نص يخول المجلس الأعلى للأزهر أي اختصاص في شأن معادلة الشهادات التي تمنحها الجامعة الأزهرية بغيرها من الشهادات التي تمنحها جامعات الجمهورية، كما لا يوجد أي نص في قانون آخر يخول المجلس الأعلى للأزهر أي اختصاص في هذا الشأن أما المادة 22 من المرسوم بقانون رقم 26 لسنة 1936 سالف الذكر، التي تنص على أن يختص المجلس الأعلى للأزهر باقتراح إنشاء الكليات وأقسام دراسة الأجازات وأقسام التخصص والمعاهد الدينية وتقرير إنشاء الأقسام العامة والنظر في كل ما يتعلق بخطة الدراسة.. فلا يفيد نصها سواء باستقراء عباراته أو باستيعاب مفهومه، أن المجلس الأعلى للأزهر يختص بإجراء معادلة الشهادات التي تمنحها الجامعة الأزهرية بغيرها من الشهادات التي تمنحها جامعات الجمهورية، هذا فضلاً عن أن منطق الأمور يقضي بأنه إذا جاز أن يكون للمجلس الأعلى دور في هذا الشأن، فإن مجال ذلك أن تكون المعادلة المطلوب إجراؤها هي معادلة شهادة من الشهادات التي تمنحها إحدى جامعات الجمهورية بشهادة من الشهادات التي تمنحها الجامعة الأزهرية وليس العكس.
ومن حيث أنه لا يصح الاستناد إلى نص المادة 75 فقرة ثانية من القانون رقم 103 لسنة 1961 في شأن إعادة تنظيم الأزهر التي تقضي بأن درجة التخصص في دراسة من الدراسات المقررة في إحدى كليات جامعة الأزهر تعادل درجة الماجستير في تقرير معادلة الشهادة الحاصل عليها المدعي لدرجة الماجستير ذلك أن هذه المادة إنما تتناول الشهادات والدرجات التي تمنحها كليات جامعة الأزهر، التي نظمها القانون سالف الذكر، فلا يسري حكمها على الشهادات التي كانت تمنحها الجامعة الأزهرية قبل صدور هذا القانون، والتي كانت تغاير تمام المغايرة الشهادات والدرجات العلمية التي تمنحها جامعة الأزهر.
ومن حيث أن أيا كان الرأي في تعيين الجهة المختصة بمعادلة الشهادة الحاصل عليها المدعي بدرجة الماجستير وهل هي المجلس الأعلى للجامعات استنادا إلى ما ورد في المادة 33 وفي غيرها من نصوص القانون رقم 184 لسنة 1958 في شأن نظام الجامعات من أن المجلس الأعلى المذكور يختص برسم السياسة العامة للتعليم الجامعي والتنسيق بين الدراسات الجامعية ودرجاتها العلمية.. أو أن هذه الجهة هي ديوان الموظفين بالاتفاق مع وزارة التعليم العالي (التي حلت محل وزارة التربية والتعليم فيما أصبح من اختصاصها) طبقا لما تقضي به المادة 11 فقرة أخيرة من القانون رقم 210 لسنة 1951 في شأن تنظيم موظفي الدولة فإن كلا من الجهتين قد قالت كلمتها في عدم معادلة الشهادة الحاصل عليها المدعي لشهادة الماجستير، وعلى كل حال فإن القدر المتيقن هو أنه لم يصدر - في ضوء ما تقدم - قرار من جهة مختصة بمعادلة الشهادة الحاصل عليها المدعي بشهادة الماجستير التي تمنحها جامعات الجمهورية.
ومن حيث أنه تأسيسا على ما تقدم، يكون ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه، من أحقية المدعي في الراتب الإضافي المقرر للحاصلين على درجة الماجستير، استنادا إلى أن المجلس الأعلى للأزهر - وهو جهة غير مختصة على ما سلف البيان - قد قرر معادلة شهادة المدعي بشهادة الماجستير غير قائم على سند من القانون، ويتعين - والحالة هذه - القضاء بإلغائه وبرفض الدعوى مع إلزام المدعي بالمصاريف.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض الدعوى وألزمت المدعي بالمصروفات.