مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السادسة عشرة - العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1970 إلى منتصف فبراير سنة 1971) - صـ 62

(10)
جلسة 19 من ديسمبر سنة 1970

برئاسة السيد الأستاذ المستشار يوسف إبراهيم الشناوي رئيس المحكمة وعضوية السادة الأساتذة محمد عبد العزيز يوسف ومحمد صلاح الدين السعيد وعلي لبيب حسن وأحمد حسن العتيق المستشارين.

القضية رقم 774 لسنة 12 القضائية

موظف - تأديب - اختصاص المحكمة التأديبية.
إن القانون رقم 117 لسنة 1958 بإعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية قد ساوى طائفة الدرجة الأولى وما فوقها بطائفة وكلاء الوزارات والوكلاء المساعدين ومن في مرتبتهم أو في مرتبة أكبر موحداً العقوبات التي تنزلها المحاكم التأديبية عليهم - اختصاص المحكمة التأديبية بتأديبهم دون أدنى اختصاص قي هذا الشأن للسلطة الرئاسية.
يبين من استقراء أحكام القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة أن محاكمة الموظفين، من وكلاء الوزارة والوكلاء المساعدين ومن في مرتبتهم أو في مرتبة أكبر، كانت وفقاً لحكم المادة 17 منه معدلة بالقانون رقم 73 لسنة 1957 من اختصاص مجلس التأديب الأعلى، وكانت العقوبات التي يوقعها هذا المجلس عليهم وفقاً لحكم المادة 101 منه هي (1) اللوم (2) الإحالة إلى المعاش (3) العزل من الوظيفة مع الحرمان من كل أو بعض المعاش أو المكافأة.
وقد استثنت المادة 99 من هذا القانون الموظفين المشار إليهم من حكم المادتين 84، 85 بما من مقتضاه تأكيد اختصاص مجلس التأديب الأعلى دون غيره بمحاكمة ومجازاة هؤلاء الموظفين وعدم قانونية توقيع أي جزاء آخر عليهم عدا تلك المنصوص عليها في المادة 101 المشار إليها. وقصر المشرع بذلك توقيع الجزاءات الإنذار والخصم من المرتب....... الخ المنصوص عليها في المادة 84 من القانون رقم 210 لسنة 1951، على من هم أدنى درجة من وكلاء الوزراء والوكلاء المساعدين ومن في مرتبتهم أو في مرتبة أكبر، وبصدور القانون رقم 117 لسنة 1958 بإعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية، قسم الموظفين على ما يبين من نص المادتين 18، 31 منه إلى طائفتين، الأولى طائفة الموظفين من الدرجة الأولى وما فوقها والثانية طائفة من الدرجة الثانية فما دونها، وشكل لكل طائفة محكمة تختص بمحاكمتهم. ونصت المادة 31 منه على أن يكون للمحاكم التأديبية بالنسبة إلى الموظفين من الدرجة الثانية فما دونها توقيع جزاءات الإنذار والخصم من المرتب لمدة لا تجاوز شهرين... الخ وهي ذات الجزاءات المنصوص عليها في المادة 84 من قانون نظام موظفي الدولة دون تعديل، وأضافت المادة 31 آنفة الذكر أنه بالنسبة للموظفين من الدرجة الأولى فما فوقها فللمحكمة أن توقع جزاءات اللوم والإحالة إلى المعاش والعزل من الوظيفة مع الحرمان من كل أو بعض المعاش أو المكافأة هي ذات الجزاءات التي تضمنتها المادة 101 من قانون نظام موظفي الدولة المشار إليها ومؤدى نص المادة 31 من القانون رقم 117 لسنة 1958 أن المشرع استهدف توسيع دائرة طائفة الموظفين التي كانت خاضعة للجزاءات المنصوص عليها في المادة 101 من قانون موظفي الدولة دون غيرها، وساوى بذلك طائفة موظفي الدرجة الأولى وما فوقها بطائفة وكلاء الوزراء والوكلاء المساعدين ومن في مرتبتهم أو في مرتبة أكبر، موحداً العقوبات التي تنزلها المحاكم التأديبية عليهم، وما يستتبع ذلك بحكم اللزوم من وجوب خضوعهم في تأديبهم لنظام موحد، يتمثل في اختصاص المحكمة التأديبية بتأديبهم دون أدنى اختصاص في هذا الشأن للسلطة الرئاسية.
والقول بغير ذلك يؤدي إلى نتيجة تتأبى مع المنطق القانوني، مقتضاها أن تملك السلطة التأديبية الرئاسية بالنسبة لموظفي الدرجة الأولى توقيع جزاءي الإنذار والخصم من المرتب بما لا يجاوز خمسة عشر يوماً عليهم، ويمتنع على المحكمة التأديبية ذلك بالرغم من أنها بحكم القانون، هي صاحبة الولاية الأعم في شئون التأديب.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الايضاحات وبعد المداولة.
من حيث أن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث أن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يخلص من أوراق الطعن - في أن المدعي (المطعون ضده) أقام الدعوى رقم 1148 لسنة 18 القضائية ضد السيدين/ وزير الصحة ومحافظ الشرقية بصفتيهما، بعريضة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الإداري في 11 من يوليه سنة 1964، طلب فيها "الحكم بقبول الدعوى شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء القرار الذي أصدره السيد/ محافظ الشرقية في 25 من مارس سنة 1964 بمجازاته بخصم أربعة أيام من مرتبه واعتباره كأن لم يكن مع ما يترتب على ذلك من آثار مع إلزام الحكومة بالمصروفات والأتعاب" ونعى المدعي على هذا القرار مخالفته القانون لصدوره من غير الجهة المختصة قانوناً، تأسيساً على أن مجلس التأديب العالي هو وحده المختص بتأديبه بالتطبيق لحكم المادة 31 من القانون رقم 117 لسنة 1958 باعتبار أنه من موظفي الدرجة الأولى، ولا يملك المحافظ والحالة هذه مجازاته. كما نعى المدعي على القرار المطعون فيه انعدام السبب الذي قام عليه.
اكتفت الجهة الإدارية بإيداع ملف خدمة المدعي وأوراق التحقيق والتظلم المقدم منه وبجلسة 8 من مارس سنة 1967 قضت المحكمة بإلغاء القرار المطعون فيه وبإلزام الجهة الإدارية بالمصروفات وأقامت قضاءها على أن القانون رقم 117 لسنة 1958 بإعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية قد نص في المادة الثالثة منه على حق الجهة الإدارية في الرقابة وفحص الشكاوى والتحقيق وهو ما اتبعته المنطقة الطبية بالشرقية إذ أجرت التحقيق بمعرفتها وأنه سواء أجرت الجهة الإدارية تحقيق بمعرفتها أو أجرته النيابة الإدارية فإن جزاء الخصم من المرتب لموظفي الدرجة الأولى وما فوقها لا زال قائما لم يلغ بصدور القانون رقم 117 لسنة 1958 بدليل أن المادة 12 من هذا القانون تنص على أنه إذا رأت النيابة الإدارية حفظ الأوراق أو أن المخالفة لا تستوجب توقيع جزاء أشد من الخصم من المرتب مدة لا تجاوز 15 يوما تحيل أوراق التحقيق إلى الوزير أو من يندب من وكلاء الوزراء أو الرئيس المختص. وأن ما قضى به الشق الثاني من المادة 31 وهو عقوبات اللوم والاحالة إلى المعاش والعزل مع الحرمان من كل أو بعض المكافأة بالنسبة لموظفي الدرجة الأولى وما فوقها فهو خاص بالعقوبات التي توقعها المحكمة التأديبية الخاصة بهم. استخلصت المحكمة من هذه الأسباب إلى أن للجهة الإدارية أن توقع عقوبة الخصم من الراتب دون أن تحيل إلى المحكمة التأديبية، وذلك بالنسبة للموظفين الداخلين الهيئة بما فيهم موظفي الدرجة الأولى، لأن قانون اعادة تنظيم النيابة الإدارية لم يلغ المادة 84 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة، واعترف صراحة بحق الجهة الإدارية في توقيع عقوبتي الإنذار والخصم، وانتهت المحكمة من هذا إلى رفض دفاع المدعي في هذا الشأن. ثم ناقشت المحكمة سبب القرار المطعون فيه وخلصت إلى أن المخالفة المنسوبة إلى المدعي لا تجد لها أصولا في التحقيق ومن ثم يكون القرار المطعون فيه قد صدر مشوبا بعيب مخالفة القانون خليقا بالإلغاء.
ومن حيث أن الطعن يقوم على أن سبب القرار المطعون فيه مستخلص استخلاصا سائغا من الأوراق وإذا ذهب الحكم المطعون فيه غير هذا المذهب يكون قد خالف حكم القانون جديرا بالإلغاء.
ومن حيث أن الثابت من الاطلاع على الأوراق أن السيد/ وكيل وزارة الصحة أصدرت في 16 من مارس سنة 1964 القرار رقم 359 لسنة 1964 بترقية السيد/ المدعي الدكتور يوسف حنا عوض إلى الدرجة الأولى اعتبارا من تاريخ اعتماد السيد الوزير قرار لجنة شئون الموظفين في 27 من فبراير سنة 1964. وفي 12 من مارس سنة 1964 أشر السيد مدير عام الشئون الصحية بمحافظة الشرقية بمجازاة السيد الدكتور يوسف حنا عوض المدير المساعد بالقسم الوقائي بالمديرية بخصم خمسة أيام من مرتبه لما أسند إليه من تأخير في اتخاذ إجراءات تحصين أطفال ناحية الصوفية ضد مرض شلل الأطفال، وفي 14 من مارس سنة 1964 أشر السيد محافظ الشرقية بسحب هذا الجزاء ومجازاة المدعي بخصم أربعة أيام من مرتبه لما نسب إليه. وبناء على ذلك أصدر السيد مدير عام المديرية الصحية في 25 من مارس سنة 1964 القرار المطعون فيه بسحب الجزاء الأول - وتعديل الجزاء الموقع على المدعي إلى خصم أربعة أيام من مرتبه، فتظلم المدعي منه في 26 من أبريل سنة 1964، وفي 18 من مايو سنة 1964 تقرر رفضه، فأقام المدعي دعواه مثار هذا الطعن.
ومن حيث أن القرار المطعون فيه قد صدر بعد تاريخ ترقية المدعي إلى الدرجة الأولى، وقبل العمل بأحكام القانون رقم 46 لسنة 1964 بإصدار قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الذي عمل به اعتبارا من أول يوليه سنة 1964، وذلك على النحو السالف البيان، فإن الأمر يقضي ابتداء تحديد السلطة المختصة قانونا بتأديب المدعي - باعتباره من موظفي الدرجة الأولى - وبيان مدى اختصاص السلطة الرئاسية في تأديبه في ظل القواعد القانونية التي كانت سارية عند صدور القرار المطعون فيه الصادر بمجازاة المدعي.
ومن حيث أنه يبين من استقراء أحكام القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة أن محاكمة الموظفين، من وكلاء الوزارة والوكلاء المساعدين ومن في مرتبتهم أو في مرتبة أكبر، كانت وفقاً لحكم المادة 97 منه معدلة بالقانون رقم 73 لسنة 1957 من اختصاص مجلس التأديب الأعلى، وكانت العقوبات التي يوقعها هذا المجلس عليهم وفقاً لحكم المادة 101 منه هي (1) اللوم (2) الإحالة إلى المعاش (3) العزل من الوظيفة مع الحرمان من كل أو بعض المعاش أو المكافأة. وقد استثنت المادة 99 من هذا القانون الموظفين المشار إليهم من حكم المادتين 84، 85 بما من مقتضاه تأكيد اختصاص مجلس التأديب الأعلى دون غيره بمحاكمة ومجازاة هؤلاء الموظفين، وعدم قانونية توقيع أي جزاء آخر عليهم عدا تلك المنصوص عليها في المادة 101 المشار إليها. وقصر المشرع بذلك توقيع الجزاءات الإنذار والخصم من المرتب....... الخ المنصوص عليها في المادة 84 من القانون رقم 210 لسنة 1951، على من هم أدنى درجة من وكلاء الوزراء والوكلاء المساعدين ومن في مرتبتهم أو في مرتبة أكبر، وبصدور القانون رقم 117 لسنة 1958 بإعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية، قسم الموظفين على ما يبين من نص المادتين 18، 31 منه إلى طائفتين، الأولى طائفة الموظفين من الدرجة الأولى وما فوقها والثانية طائفة من الدرجة الثانية فما دونها، وشكل لكل طائفة محكمة تختص بمحاكمتهم. ونصت المادة 31 منه على أن يكون للمحاكم التأديبية بالنسبة إلى الموظفين من الدرجة الثانية فما دونها توقيع جزاءات الإنذار والخصم من المرتب لمدة لا تجاوز شهرين........ الخ وهي ذات الجزاءات المنصوص عليها في المادة 84 من قانون نظام موظفي الدولة دون تعديل، وأضافت المادة 31 آنفة الذكر أنه بالنسبة للموظفين من الدرجة الأولى فما فوقها فللمحكمة أن توقع جزاءات اللوم والإحالة إلى المعاش والعزل من الوظيفة مع الحرمان من كل أو بعض المعاش أو المكافأة هي ذات الجزاءات التي تضمنتها المادة 101 من قانون نظام موظفي الدولة المشار إليها ومؤدى نص المادة 31 من القانون رقم 117 لسنة 1958 أن المشرع استهدف توسيع دائرة طائفة الموظفين التي كانت خاضعة للجزاءات المنصوص عليها في المادة 101 من قانون موظفي الدولة دون غيرها، وساوى بذلك طائفة موظفي الدرجة الأولى وما فوقها بطائفة وكلاء الوزارات والوكلاء المساعدين ومن في مرتبتهم أو في مرتبة أكبر، موحداً العقوبات التي تنزلها المحاكم التأديبية عليهم، وما يستتبع ذلك بحكم اللزوم من وجوب خضوعهم في تأديبهم لنظام موحد، يتمثل في اختصاص المحكمة التأديبية بتأديبهم دون أدنى اختصاص في هذا الشأن للسلطة الرئاسية. والقول بغير ذلك يؤدي إلى نتيجة تتأبى مع المنطق القانوني، مقتضاها أن تملك السلطة التأديبية الرئاسية بالنسبة لموظفي الدرجة الأولى توقيع جزاءي الإنذار والخصم من المرتب بما لا يجاوز خمسة عشر يوماً عليهم، ويمتنع على المحكمة التأديبية ذلك بالرغم من أنها بحكم القانون، هي صاحبة الولاية الأعم في شئون التأديب.
ومن حيث انه بالبناء على ما تقدم يكون تأديب موظفي الدرجة الأولى في ظل أحكام القانونين رقم 210 لسنة 1951 ورقم 117 لسنة 1958 سالفي الذكر من اختصاص المحكمة التأديبية، وإذ أصدر السيد محافظ الشرقية القرار المطعون فيه، في ظل هذين القانونين، بمجازاة المدعي وكان قد رقى في تاريخ سابق إلى الدرجة الأولى، بعقوبة الخصم من المرتب، فإنه يكون قد تجاوز حدود اختصاصه واعتدى على اختصاص المحكمة التأديبية اعتداء جسيما ينحدر بالقرار المطعون فيه إلى حد اغتصاب السلطة ويحيله إلى قرار معدوم الأثر قانونا، مما يتعين معه إزالته باعتباره مجرد عقبة مادية. وإذ ذهب الحكم المطعون فيه غير هذا المذهب فإنه يكون قد خالف حكم القانون في هذا الشق منه. ولا حجة فيما استند إليه الحكم المطعون فيه تبريرا لوجهة نظره من أن القانون رقم 117 لسنة 1958 خول الجهة الإدارية حق الرقابة وفحص الشكاوى والتحقيق كما خول النيابة الإدارية إحالة أوراق التحقيق إلى الوزير أو من يندبه إذا رأت حفظ الأوراق أو أن المخالفة لا تستوجب توقيع جزاءات أشد من الخصم من المرتب مدة لا تجاوز 15 يوما لا حجة في هذا الاستناد لأنه فضلا عن أن هذه الأحكام لا دلالة لها في اطلاق اختصاص السلطة التأديبية الرئاسية في مجازاة موظفي الدرجة الأولى بجزاءي الإنذار والخصم من المرتب بما لا يجاوز خمسة عشر يوما، فإن هذه الأحكام مقيدة بالقواعد القانونية الأخرى التي توزع الاختصاص التأديبي بين السلطات التأديبية وبين المحاكم التأديبية تبعا لدرجة الموظف ونوع الجزاءات على الوجه السالف البيان، ولا يسوغ مخالفة صراحة النصوص الخاصة في هذا الشأن، استنادا إلى مجرد أحكام عامة لا تفيد المعنى الواسع الذي ذهب إليه الحكم المطعون فيه.
ومن حيث أنه لما تقدم يكون القرار المطعون فيه قد شابه عيب اغتصاب السلطة حقيقيا بالإلغاء لهذا السبب، ويكون الطعن والحالة هذه غير قائم على أساس سليم من القانون، ويتعين من ثم القضاء برفضه مع إلزام الحكومة بالمصروفات.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وبرفضه موضوعا وألزمت الحكومة بالمصروفات.