مجلس الدولة - المكتب الفنى لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السادسة والأربعون - الجزء الأول (من أول 15 أكتوبر سنة 2000 إلى آخر فبراير سنة 2001) - صـ 935

(110)
جلسة 21من فبراير 2001

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ جودة عبد المقصود فرحات نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الاساتذة/ السيد محمد السيد الطحان، وسامى أحمد محمد الصباغ، ومصطفى محمد عبد المعطى، وأحمد حلمى محمد نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 110 لسنة 43 القضائية

أملاك الدولة العامة والخاصة - التصرف فى الأراضى المملوكة للدولة
المادة (28) من قانون نظام الإدارة المحلية رقم 43 لسنة 1979 المعدل بالقانون رقم 50 لسنة 1981.
أعطى المشرع للمحافظ - بعد موافقة المجلس الشعبى المحلى للمحافظة - فى حدود القواعد التى يضعها مجلس الوزراء أن يقدر قواعد التصرف فى الأراضى المعدة للبناء المملوكة للدولة ووحدات الإدارة المحلية والأراضى القابلة للاستزراع على أن تعطى الأولية لأبناء المحافظة المقيمين فيها والعاملين بها - يجوز أن تنظم هذه القواعد حالات التصرف فى هذه الأراضى دون مقابل لأغراض التعمير والإسكان واستصلاح الأراضى وتهيئتها للزراعة.


إجراءات الطعن

أنه فى يوم الأربعاء الموافق 9/ 10/ 1996 أودعت هيئة قضايا الدولة بصفتها نائبة عن الطاعنين بصفتهما قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريرا بالطعن قيد بجدولها تحت رقم 110 لسنة 43 ق. عليا وذلك طعنا على الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بالمنصورة بجلسة 17/ 8/ 1996 فى الدعوى رقم 2416 لسنة 15 ق والقاضى بمنطوقه بإلغاء القرار المطعون فيه على النحو المبين بالأسباب وما يترتب على ذلك من آثار وبرفض ما عدا ذلك من طلبات وألزمت المدعين والمدعى عليه الأول بصفته المصروفات مناصفة.
وطلب الطاعنان بصفتهما - للأسباب الواردة بتقرير الطعن - أن تأمر دائرة فحص الطعون بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه لحين الفصل فى موضوع الطعن وبإحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية لتقضى أولا: بقبول الطعن شكلا وثانيا: وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما تضمنه من القضاء بإلغاء قرار التخصيص المطعون فيه الوارد على القطعة رقم 31 المشار إليها والقضاء مجددا برفض الدعوى مع إلزام المطعون ضدهما المصروفات عن درجتى التقاضى.
وجرى إعلان تقرير الطعن للمطعون ضدهما على النحو المبين بالأوراق.
أودعت هيئة مفوضى الدولة تقريرا بالرأى القانونى فى الطعن ارتأت فى ختامه الحكم بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا وإلزام الجهة الإدارية الطاعنة بالمصروفات.
وقد عينت لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 4/ 1/ 1999، وبجلسة 5/ 4/ 1999 قررت دائرة فحص الطعون إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الأولى موضوع) لنظره بجلسة 16/ 5/ 1999، حيث جرى تداوله أمامها على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، وبجلسة 28/ 10/ 2000 قررت إحالته إلى هذه الدائرة للاختصاص لنظره بجلسة 29/ 11/ 2000، وبجلسة 3/ 1/ 2001 قررت إصدار الحكم فيه بجلسة اليوم، وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة قانونا.
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية المقررة.
ومن حيث إن وقائع هذا النزاع تخلص - حسبما يبين من الأوراق - فى أنه بتاريخ 11/ 9/ 1993 أقام المطعون ضدهما الدعوى رقم 2416 لسنة 15 ق بإيداع عريضتها قلم كتاب محكمة القضاء الإدارى بالمنصورة وطلب فى ختامها الحكم بوقف تنفيذ والغاء قرار محافظ الدقهلية رقم 778 لسنة 1992 فيما تضمنه من الاعتداء على ملكيتها وحيازتها مساحة 5 س - 7 ط بناحية منشأة البدوى مركز طلخا حوض داير الناحية بالقطعتين 30، 31 ودفع تعويض مناسب لها وإلزام المدعى عليهما المصروفات.
وذكرا شرحا لذلك أنه بتاريخ 17/ 6/ 1993 صدر قرار محافظ الدقهلية رقم 778 لسنة 1992 بتخصيص مساحة 5 س و 7 ط بناحية منشأة البدوى مركز طلخا دقهلية، وقد صدر هذا القرار بناء على موقع تم اختياره من اللجنة المشكلة لإقامة معهد دينى وتم اختيار القطعة 30، القطعة 31 بحوض داير الناحية وترتب على ذلك اغتصاب ملكهم، وأنهما تظلما من هذا القرار للجهة الإدارية دون جدوى.
وينعى المطعون ضدهما على هذا القرار مخالفته للقانون لأن ذلك يعتبر اعتداء على الملكية وأن سلطة المحافظ فى الاستيلاء على العقارات تتطلب وجود حالة طارئة ومستعجلة وأن يكون الاستيلاء مقابل تعويض عادل، وأن من شأن تنفيذ هذا القرار ترتيب نتائج يتعذر تداركها تتمثل فى الاعتداء على حق ملكيتهما للمساحة محل النزاع وحيازتهما لها.
وقد تدوول نظر الشق العاجل من الدعوى بجلسات المحكمة على النحو الثابت بمحاضر الجلسات وبجلسة 18/ 5/ 1995 قضت المحكمة بقبول الدعوى شكلا وفى الشق العاجل بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه على النحو المبين بالأسباب وما ترتب على ذلك من آثار.... وإحالة الشق الموضوعى إلى هيئة مفوضى الدولة لتحضيره وإعداد تقرير بالرأى القانونى فيه.
أعدت هيئة مفوضى الدولة تقريرا ارتأت فى ختامه الحكم بإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من الاعتداء على ملكيتهما وحيازتهما للقطعة 31 وما ترتب على ذلك من آثار، وإلزام جهة الإدارة بالتعويض المناسب الذى تقدره المحكمة مع إلزام جهة الإدارة المصروفات.
وقد تدوول نظر الدعوى بجلسات المحكمة على النحو الثابت بالمحاضر، وبجلسة 17/ 8/ 1996 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه بإلغاء القرار المطعون فيه على النحو المبين بالأسباب، وما يترتب على ذلك من آثار، وبرفض ماعدا ذلك من طلبات وألزمت المدعين والمدعى عليه الأول بصفته المصروفات مناصفة.
وقد قامت المحكمة قضاءها تأسيسا على أن الثابت من الأوراق إن القطعة رقم 30 حوض داير الناحيه منشأة البدوى مركز طلخا منافع عامة وفقا لإفادة السجل العينى بالمنصورة المؤرخة 8/ 6/ 1993، وإن القطعة رقم 31 بذات الحوض مملوكة لأفراد وليس بها منافع عامة وفقا لإفادة السجل العينى بالمنصورة المؤرخة 8/ 6/ 1993 ومن ثم فإن القرار المطعون فيه، قد تضمن تخصيص جزء من القطعة رقم 30 المشار إليها بدون مقابل لإقامة معهد دينى باعتبار أنها مملوكة للدولة يكون قد تم وفق صحيح حكم القانون، وإن التخصيص الذى ورد على القطعة رقم 31 قد تم مخالفا لصحيح حكم القانون باعتبار إنها ليست مملوكة للدولة، وليس بها منافع عامة ولم يصدر قرار من الوزير المختص أو المحافظ بالاستيلاء عليها وفقا للإجراءات المنصوص عليها فى المادة 15 من القانون رقم 10 لسنة 1990، وبالتالى فإن المحكمة تقضى بإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من التخصيص الوارد على القطعة رقم 31، وأضافت المحكمة بأنه بإلغاء القرار المطعون فيه فيما يتعلق بالقطعة رقم 31 والذى قصد به تحقيق وجه المصلحة العامة وبالتالى تقضى المحكمة برفض طلب التعويض باعتبار أن إلغاء القرار بالنسبة للقطعة رقم 31 هو خير تعويض للمدعين.
وإذا لم يلق هذا القضاء قبولا لدى الطاعنين بصفتهما فقد أقام الطعن الماثل تأسيسا على أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه وتأويله لأن الثابت من المستندات المقدمة من الجهة الإدارية أمام محكمة أول درجة أنه قد تمت معاينة قطعة الأرض موضوع القرار المطعون فيه من مديرية الزراعة وتبين أن هذه المساحة غير محيزة وتقع داخل الكتلة السكنية وهى ملكى الوحدة المحلية وأنها معلاة بسجل (8) أملاك خاصة بالوحدة المحلية، هذا فضلاً عن أن المدعين لم يقدما أى مستندات تفيد ملكيتهما لقطعة الأرض 31 رغم أن هذه القطعة ملكا للدولة، كما أخطأ الحكم الطعين عندما ذهب إلى أن الإدارة لم تتخذ الإجراءات المنصوص عليها بالمادة (15) من القانون رقم 10 لسنة 1990 لأن هذا القانون لا ينطبق على واقعة النزاع، وإنما تخضع لأحكام قانون نظام الإدارة المحلية رقم 43 لسنة 1979.
ومن حيث إن المادة (28) من قانون الإدارة المحلية رقم 34 لسنة 1979 المعدل بقانون رقم 50 لسنة 1981 تنص على أن "يجوز للمحافظ بعد موافقة مجلس الشعب المحلى للمحافظة وفى حدود القواعد العامة التى يضعها مجلس الوزراء أن يقرر قواعد التصرف فى الأرض المعدة للبناء المملوكة للدولة ووحدات الإدارة المحلية فى المحافظة وقواعد التصرف فى الأراضى القابلة للاستزراع داخل الزمام والأراضى المقامة والممتدة لمسافة كيلو مترين التى تتولى المحافظة استصلاحها بعد أخذ رأى وزارة استصلاح الأراضى، على أن تعطى الأولية فى هذه التصرف لبناء المحافظة المقيمين فيها والعاملين فى دائرتها ويجوز أن تنظم هذه القواعد الحالات التى يتم فيها التصرف فى هذه الأراضى دون مقابل لأغراض التعمير والإسكان واستصلاح الأراضى وتهيئتها للزراعة...".
ومن حيث إنه مفاد ما تقدم من نصوص أن المشرع أعطى للمحافظ - بعد موافقة المجلس الشعبى المحلى للمحافظة - فى حدود القواعد التى يضعها مجلس الوزراء أن يقدر قواعد التصرف فى الأراضى المعدة للبناء المملوكة للدولة ووحدات الإدارة المحلية والأراضى القابلة للاستزراع على أن تعطى الأولوية لأبناء المحافظة المقيمين فيها والعاملين بها ويجوز أن تنظم هذه القواعد حالات التصرف فى هذه الأراضى دون مقابل لأغراض التعمير والإسكان واستصلاح الأراضى وتهيئتها للزراعة، وغنى عن البيان أنه يجب أن تكون هذه الأراضى من المملوكة ملكية خاصة للدولة أو وحدات الإدارة المحلية.
ومن حيث إنه لما كان ما تقدم وبتطبيقه على وقائع المنازعة وكان الثابت من الأوراق إن محافظ الدقهلية قد أصدر القرار رقم 778 بتاريخ 17/ 6/ 1992 متضمنا فى مادته الأولى النص على أن تخصص بدون مقابل مساحة 5 س، 7 ط بالقطعة رقم 30، 31 بحوض الزرقة داير الناحية 9 قسم ثان بناحية منشأة البدوى مركز طلخا لإقامة معهد ابتدائى أزهرى، وأنه استند فى إصداره للقرار المطعون فيه إلى القانون رقم 43 لسنة 1979 بشأن نظام الإدارة المحلية وتعديلاته، وعلى موافقة المجالس الشعبية المحلية المختصة وموافقة المجلس الشعبى المحلى للمحافظة فى 25/ 7/ 1990.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن القطعة رقم (31) بحوض الزرقة داير الناحية 9 قسم ثان منشأة البدوى مركز طلخا والصادر بشأن جزء منها قرار التخصيص المطعون فيه أنها مملوكة لأفراد وليس بها منافع عامة أو أملاك دولة خاصة أو عامة وذلك وفقا لإفادة مصلحة الشهر العقارى - مكتب سجل عينى المنصورة المؤرخة 8/ 6/ 1993 (حافظة المستندات المقدمة من المطعون ضدهما أمام محكمة أول درجة بجلسة 7/ 12/ 1994).
ومن حيث إنه لما كانت سلطة المحافظ فى إصدار قرارات التخصيص وفقا لنص المادة (28) سالفة الذكر تقتصر على التصرف فى الأراضى المملوكة للدولة ووحدات الإدارة المحلية فقط. ولما كان الثابت مما تقدم أن القطعة رقم 31 محل النزاع ليست مملوكة للدولة أو الوحدة المحلية مركز طلخا وليس بها منافع عمومية، وإنما ملك للأهالى، ومن ثم وإذ صدر قرار محافظ الدقهلية المطعون فيه متضمنا تخصيص جزء من القطعة رقم 31 لإقامة معهد دينى عليها فإنه يكون قد صدر بالمخالفة لأحكام القانون مما يتعين معه الحكم بإلغائه فيما تضمنه من تخصيص جزء من القطعة رقم 31 محل النزاع لإقامة معهد دينى عليها.
ومن حيث إنه لا ينال مما تقدم ما تدعيه جهة الإدارة من أن الأرض محل النزاع ملك الدولة ومعلاة بالسجل (8) أملاك الخاص بالوحدة المحلية بمركز طلخ، فإن ذلك مردود عليه بالثابت من إفادة مصلحة الشهر العقارى والتوثيق - مكتب السجل العينى بالمنصورة - سالفة البيان - من أن الدولة لا تملك أى مساحة فى القطعة رقم 31 وأنها أملاك أهالى وليست بها أى منافع عامة، ومن ناحية أخرى فإن الجهة الإدارية الطاعنة لم تقدم أى مستندات تثبت ملكية الدولة للأرض محل النزاع وتدحض حق ما جاء بإفادة مكتب السجل العينى سالفة الذكر، فضلا عن أنها لم تقدم أية مستندات تثبت أن الأرض محل النزاع مسجلة بسجلات أملاك الدولة.
وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى هذه النتيجة فإنه يكون قد أصاب الحق ولا مطعن عليه ويكون الطعن عليه قد جاء دون سند صحيح من الواقع والقانون جديرا بالرفض.
ومن حيث إن من خسر الطعن يلزم بمصروفاته عملا بحكم المادة (184) مرافعات.

فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، ورفضه موضوعا وألزمت الجهة الادارية المصروفات.