مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السادسة عشرة - العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1970 إلى منتصف فبراير سنة 1971) - صـ 78

(12)
جلسة 19 من ديسمبر سنة 1970

برئاسة السيد الأستاذ المستشار يوسف ابراهيم الشناوي رئيس المحكمة وعضوية السادة الأساتذة محمد عبد العزيز يوسف ومحمد فهمي طاهر ومحمد صلاح الدين السعيد وأبو بكر محمد عطية المستشارين.

الطعن رقم 1001 لسنة 13 القضائية

عقد إداري "مزايدة" فسخه.
أن لائحة إجراءات الشراء والبيع الخاصة بالهيئة العامة لشئون السكك الحديدية لا تحرم الجمع بين مصادرة التأمين واقتضاء تعويض يتمثل في الفرق بين السعر الذي رسا به المزاد وبين السعر الذي سيرسو به المزاد عند طرح الصفقة في المزاد ثانية - هذا الجمع جائز في حالة الفسخ - أساس ذلك.
أن المستفاد من نص المادة 206 من لائحة إجراءات الشراء والبيع الخاصة بالهيئة أنه إذا تأخر من رسا عليه المزاد في دفع باقي الثمن خلال أسبوع من رسو المزاد صادر التأمين المدفوع وتطرح الصفقة في المزاد ثانية.
وترى المحكمة أن هذا النص لا يحرم الهيئة من الجمع بين مصادرة التأمين واقتضاء تعويض يتمثل في الفرق بين السعر الذي رسا به المزاد وبين السعر الذي سيرسو به عند طرح الصفقة في المزاد ثانية، وهذا الجمع جائز في حالة فسخ العقد لأنه يمثل التعويض عن الأضرار التي تعرضت لها الهيئة نتيجة إخلال المطعون ضده بتنفيذ التزامات قبل الهيئة كما أن اقتضاء رسوم أرضية عن الهمات التي تراخى المطعون ضده في استلامها هو صورة من صور التعويض عن الأضرار التي تعرضت لها الهيئة كما نتيجة شغل مساحات من الأراضي المملوكة للهيئة لمدة جاوزت المدة المنصوص عليها في العقد الأمر الذي يوجب تعويض الهيئة عنه بغير حاجة إلى نص صريح تقرره في مثل هذه الحالة وحسب اللائحة أنا قررت بنص صريح وجوب اقتضاء هذه الرسوم في حالة تخلف المشتري الذي أدى الثمن عن استلامها في الموعد المحدد إذ أنها واجبة التطبيق من باب أولى في حالة المشتري الذي لم يؤد الثمن إطلاقا كما هو الحال بالنسبة إلى المطعون ضده وإلا كان المشتري الذي لم يؤد الثمن إطلاقا أحسن حالا ممن قام بأدائه ورسوم الأرضية في هذه الحالة وهي حالة فسخ العقد تمثل التعويض عن شغل الأرضية بغير حق نتيجة إخلال المتعاقد بتنفيذ التزامه واضطرار الهيئة إلى فسخ العقد وإعادة طرح الصفقة في المزاد ثانية.
ومن حيث أن فسخ العقد - أيا كان هذا العقد - يخضع لقاعدة قانونية عامة تقضي بأن للدائن الذي أجيب إلى فسخ العقد أن يرجع بالتعويض عما أصابه من ضرر على المدين إذا كان عدم قيام هذا المدين بتنفيذ التزامه راجعا إلى خطئه لإهمال أو تعمد، وترتب على هذا الخطأ ضرر، وهذه القاعدة بحكم عموميتها تطبق في حالة فسخ العقد الإداري كما تطبق في حالة فسخ العقد المدني على حد سواء، ومن ثم فإن هذا التعويض الذي مرده إلى القاعدة القانونية العامة مستقل في سببه كما أنه مختلف في طبيعته، ووجهته وغايته، عن شرط مصادرة التأمين الذي هو أحد الجزاءات المالية، التي جرى العرف الإداري على اشتراطها في العقد الإداري، والتي مردها إلى ما يتميز به هذا العقد عن العقد المدني من طابع خاص مناطه احتياجات المرفق العام الذي تستهدف العقد تسييره وتغليب وجه المصلحة العامة في شأنه على مصلحة الأفراد الخاصة. وهذا الطابع المعين هو الذي يترتب على تمتع الإدارة في العقد بسلطات متعددة منها سلطة توقيع الجزاءات المالية ومن بينها مصادرة التأمين. وما دام السبب في كل من مصادرة التأمين من جهة والتعويض من جهة أخرى مستقلا، والطبيعة، والوجهة والغاية في كل منهما متباينة، فلا تسريب أن اجتمع حالة فسخ العقد الإداري، مع مصادرة التأمين استحقاق التعويض أيضا. وإذ لا يعتبر الجمع بينهما ازدواجا للتعويض محظورا، حتى ولو لم ينص العقد الإداري على استحقاق التعويض، لأن استحقاقه كما سلف البيان إنما هو تطبيق للقواعد العامة.
وغنيا عن البيان أن الجمع بين مصادرة التأمين والتعويض رهن بألا يحظر العقد الإداري صراحة هذا الجمع وأن يكون الضرر لا يزال موجودا بعد مصادرة التأمين بمعنى أن يكون قدر الضرر أكبر من مبلغ هذا التأمين، فإذا كانت مصادرة التأمين قد جبرت الضرر كله، فلا محل إذا للتعويض تطبيقا للقواعد العامة ما لم يتفق على خلاف ذلك.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الايضاحات وبعد المداولة.
من حيث أن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
من حيث أن عناصر هذه المنازعة تتحصل في أن الهيئة العامة لشئون السكك الحديدية أقامت الدعوى رقم 643 لسنة 19 القضائية أمام محكمة القضاء الإداري (هيئة العقود الإدارية والتعويضات ضد السيد/ عبد العزيز أبو عجيزة بصحيفة أودعتها سكرتيرية المحكمة بتاريخ 16/ 12/ 1964 طلبت فيها الحكم بالزام المدعى عليه بأن يدفع للهيئة المدعية مبلغ 344 جنية و521 مليم والفوائد القانونية بواقع 4% سنويا من تاريخ المطالبة القضائية حتى السداد فضلا عن المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة وقالت شرحا للدعوى أنها بتاريخ 19/ 3/ 1959 أشهر عن مزاد بيع مهمات عبارة عن قطع صلب خردة مبارد وسلك نحاس وكاوتش وفرش وزيت رواسب ورسا على المدعى عليه شراء هذه المخلفات بمبلغ و789 جنيه 725 مليم وأخطرته الهيئة في 25/ 4/ 1959 بقبول عطائه وطلبت منه المبادرة إلى سداد باقي الثمن وعمولة الدلالة في خلال أسبوع من تاريخ وصول هذا الكتاب إليه وإلا يصادر التأمين ويفسخ البيع وبتاريخ 15/ 7/ 1959 تقدم المدعى عليه يطلب من الهيئة تقسيط هذه المبالغ لأنه في عسر مالي فوافقت الهيئة على التقسيط وأخطرته بذلك في 9/ 8/ 1959 فقام بسداد ثمن سلك النحاس والكاوتش والفرش والزيت وأقلام الشعر وتم تسليمه هذه الأصناف في 31/ 8/ 1959 وبتاريخ 27/ 9/ 1959 أخطرته الهيئة بدفع ثمن المبارد وزيت رواسب التكرير إلا أنه لم يقم بالسداد فاضطرت الهيئة إلى إنذاره بسداد المبالغ المطلوبة في ظرف ثلاثة أيام وألا طبقت عليه الجزاءات الواردة في شروط المزاد ثم أخطرته الهيئة في 16/ 1/ 1960 بمصادرة التأمين وطرح الصفقة في المزاد مرة ثانية على حسابه وطلبت منه الحضور أن رغب في المزاد الثاني، وبجلسة 16/ 2/ 1960 رسا مزاد الصنفين اللذين تخلف عن استلامهما على شركة هليوبوليس للمعادن وحكيم ميخائيل، وقد تكبدت الهيئة مبلغ 344 جنيه و521 مليم مقابل ما أصابها من أضرار نتيجة تنفيذها على حساب المدعى عليه، وقد طالبته بسداد هذا المبلغ فرفض وأنه لما كانت المادة 706 من لائحة إجراءات الشراء والبيع الخاصة بالهيئة تنص على أنه إذا تأخر من رسا عليه المزاد في دفع باقي الثمن خلال أسبوع من رسو المزاد يصادر التأمين المدفوع وتطرح الصفقة في المزاد ثانية كما نصت الفقرة الثالثة من ذات المادة على أنه إذا تأخر من رسا عليه المزاد في تسلم المهمات خلال أسبوع من تاريخ أداء الثمن ولم يبد أسباباً مقبولة تبرر هذا التأخير يحصل منه رسم أرضية بواقع 2% من الثمن عن كل أسبوع تأخير أو جزء من أسبوع وفي نهاية الأسبوع الثاني من فترة التأخير يكون للهيئة الحق في إعادة بيع المهمات لحسابه وعلى مسئوليته في أقرب وقت يتبع في إجراءات البيع الأحكام الواردة في هذه اللائحة فإذا رسا المزاد بثمن أقل من الثمن الأول يحاسب المشتري المتخلف عن فرق الثمن فضلاً عن الأرضية والمصاريف، وأنه لما كان الثابت من أوراق التنفيذ أن الهيئة تكبدت مبلغ 344 جنيه و521 مليم نتيجة تخلف المدعى عليه عن تنفيذ التزامه فأنه يحق لها مطالبته بهذه المبالغ طبقاً للمادة 706 المشار إليها.
وقد قدمت الهيئة المدعية مذكرة بدفاعها قالت فيها أنه يحق لها أن تطالب بقيمة التأمين بواقع 20% من ثمن الأصناف التي امتنع المدعى عليه عن تسليمها فضلاً عن مقدار الفرق بين المزايدة الأولى والثانية والذي يمثل قيمة الأضرار الحقيقية التي أصابت الهيئة وذلك استناداً إلى المادة 706 المشار إليها و157 من القانون المدني وأنه يدخل في حساب قيمة الأضرار رسوم الأرضية ولو جاوزت مدتها أسبوعين لأن أحكام اللائحة لم تلزم الهيئة ببيع الأصناف التي تأخر استلامها بعد أسبوعين وإنما حظرت عليها التصرف فيها بالبيع قبل هذه المدة.
وبجلسة المرافعة أمام المحكمة القضاء الإداري المنعقدة في 5/ 2/ 1967 حضر المدعى عليه وقرر بتنازله عن التأمين الذي دفعه وطلب أجلاً لتقديم مذكرة بدفاعه إلا أنه لم يتقدم بأي دفاع.
وبجلسة 30/ 4/ 1967 قضت محكمة القضاء الإداري بإلزام المدعى عليه بأن يدفع للهيئة المدعية مبلغ 112 جنيه و455 مليم والفوائد القانونية بواقع 4% سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة في 19/ 12/ 1964 حتى السداد والمصروفات المناسبة وأقامت قضاءها هذا على أن الهيئة وقد صادرت التأمين وفسخت عقد البيع فإن إعادة طرح الصنفين المتبقيين دون استلام بالمزاد العلني على حسابه هو إجراء لا تعتبره المحكمة عملية تنفيذ على الحساب وإنما تأخذ في تقدير مقدار الضرر الذي تكبدته المدعية من جراء تخلف المشتري عن دفع ثمن الصنفين سالفى الذكر وأنه طالما أن فروق الأسعار بالنسبة إلى هذين قد جاوزت مقدار التأمين الذي كان واجباً على المدعى عليه أداؤه عنهما فأن المحكمة تستبعد قيمة هذا التأمين من مفردات المبالغ التي تمثل قيمة الأضرار كما تستبعد قيمة رسوم الأرضية التي لا محل لاقتضائها من المدعى عليه طالما لم يرد بها نص في حالة تخلف المشتري عن أداء ثمن المشتروات وفيما عدا ذلك تعتمد المحكمة عناصر التعويض الواردة في طلبات المدعية وتستنزل منها قيمة التأمين الذي دفعه المدعى عليه عن الصنفين اللذين تسلمهما ودفع ثمنهما وعمولة الدلالة عنهما كما تستنزل يمن بيع الصنفين المتبقيين في المزاد الثاني وذلك كله على النحو الوارد بالبيان المقدم من الهيئة المدعية.
ومن حيث أن طعن الهيئة المدعية يقوم على أساس أن الحكم قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله إذ يجوز الجمع بين مصادرة التأمين وإلغاء العقد والمطالبة بالتعويض عن الأضرار الفعلية ولا يعتبر ذلك ازدواجاً في التعويض لأن الأساس فيهما مختلف عن الآخر وعلى ذلك لا يجوز إجراء خصم مقدار التأمين من قيمة التعويض وإلا كان التعويض ومصادرة التأمين من طبيعة واحدة وعلى هذا الأساس يكون قيام الحكم المطعون فيه بخصم قيمة التأمين المصادر من مقدار فروق الأسعار يتعارض مع نص المادة 706 من لائحة إجراءات الشراء والبيع الخاصة بالهيئة وما استقر عليه قضاء المحكمة الإدارية العليا والنقض المدنية هذا إلى أن خصم قيمة التأمين من مقدار التعويض يؤدي إلى تصوير هذا الاجراء وكأنه تنفيذ على حساب المطعون في حين أن هذه الصورة تستلزم عدم إلغاء العقد وأن الثابت في النزاع أن جهة الإدارة قامت بإلغاء العقد ومن ثم لا يجوز خصم قيمة التأمين المصادر من قيمة التعويض بعد إلغاء العقد لأن طبيعة كل منهما تختلف عن الآخر على أساس أن نية الطرفين لم تنصرف البتة إلى اعتبار مصادر التأمين تعويض أو جزء من التعويض المستحق للإدارة عن هذه الأضرار.
كما أن الحكم المطعون فيه خالف أحكام القانون حين استبعد رسوم الأرضية استنادا إلى أن الفقرة الثالثة من المادة 706 من لائحة الشراء والبيع تواجه حالة المشتري الذي دفع الثمن وتأخر في تسلمها خلال أسبوع من تاريخ أدائه الثمن أما حالة المشتري الذي لم يدفع الثمن فقد خول النص للهيئة حق إلغاء الصفقة وليس ثمة محل بعد ذلك لمطالبة المشتري الذي ألغى عقده رسوم أرضية عن مهمات لم يعد له الحق فيها ذلك أن هذه التفرقة التي وضعها الحكم المطعون فيه لا تجد لها سند من النصوص لأن الحكمة من فرض رسوم الأرضية واحدة في الحالتين وتستهدف فرض رسوم اشغال أرضية نتيجة تقصير المتعاقد في استلام المهمات لا فرق في ذلك بين من دفع الثمن ومن لم يدفعه لأن مركز كل منهما واحد تجاه الهيئة ودليل ذلك أن تقصير المتعاقد في سداد الثمن يؤدي إلى شغل المهمات لمخازن جهة الإدارة وهو لا يختلف عن المتعاقد الذي دفع الثمن وشغل أرضيات الإدارة فالحكمة واحدة في الحالتين بيد أن حالة من لم يدفع الثمن تكون أقسى وأشد من المتعاقد الذي قصر فقط في استلام المهمات لأن جهة الإدارة ستطالب بفروق الأسعار بالاضافة إلى رسوم الأرضيات نتيجة التأخير في دفع الثمن واستلام المهمات وعلى هذا الأساس يتعين عدم التفرقة بين حالة من دفع الثمن وتأخر في استلام المهمات وحالة من امتنع عن دفع الثمن بعد رسوب المزايدة عليه.
وانتهى تقرير الطعن إلى طلب الحكم بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع بتعديل الحكم المطعون فيه والقضاء بإلزام المطعون ضده بأن يدفع للهيئة مبلغ 344 جنيه و521 مليم والفوائد القانونية بواقع 4% سنويا من تاريخ المطالبة القضائية حتى السداد فضلا عن المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
ومن حيث أن السيد مفوض الدولة قدم تقريرا بالرأي القانوني مسببا انتهى فيه إلى طلب المحكم بقبول الطعن شكلا وبرفضه موضوعا استنادا إلى أن الجمع بين مصادرة التأمين والتعويض يكون إذا لم يكفي مبلغ التأمين لجبر الضرر كله وأن العقد لم يتضمن نصا يخول الهيئة اقتضاء رسوم أرضية.
ومن حيث أن المستفاد من نص المادة 706 من لائحة إجراءات الشراء والبيع الخاصة بالهيئة أنه إذا تأخر من رسا عليه المزاد في دفع باقي الثمن خلال أسبوع من رسو المزاد يصادر التأمين المدفوع وتطرح الصفقة في المزاد ثانية.
وترى المحكمة أن هذا النص لا يحرم الهيئة من الجمع بين مصادرة التأمين واقتضاء تعويض يتمثل في الفرق بين السعر الذي رسا به المزاد وبين السعر الذي سيرسو به عند طرح الصفقة في المزاد ثانية، وهذا الجمع جائز في حالة فسخ العقد لأنه يمثل التعويض عن الأضرار التي تعرضت لها الهيئة نتيجة إخلال المطعون ضده التزاماته قبل الهيئة كما أن اقتضاء رسوم أرضية عن المهمات التي تراخى المطعون ضده في استلامها هو صورة من صور التعويض عن الأضرار التي تعرضت لها الهيئة نتيجة شغل مساحات من الأراضي المملوكة للهيئة لمدة جاوزت المدة المنصوص عليها في العقد الأمر الذي يوجب تعويض الهيئة عنه بغير حاجة إلى نص صريح يقررها في مثل هذه المحالة، حسب اللائحة أنها قررت بنص وجوب اقتضاء هذه الرسوم في حالة تخلف المشتري الذي أدى الثمن عن استلامها في الموعد المحدد إذ أنها واجبة التطبيق من باب أولى في حالة المشتري الذي لم يؤد الثمن إطلاقا كما هو الحال بالنسبة إلى المطعون ضده وإلا كان المشتري الذي لم يؤد الثمن إطلاقا أحسن حالا ممن قام بأدائه ورسوم الأرضية في هذه الحالة وهي حالة فسخ العقد تمثل التعويض عن شغل الأرضية بغير حق نتيجة إخلال المتعاقد بتنفيذ التزامه واضطرار الهيئة إلى فسخ العقد وإعادة طرح الصفقة في المزاد ثانية.
ومن حيث أن فسخ العقد - أيا كان هذا العقد - يخضع لقاعدة قانونية عامة تقضي بأن للدائن الذي أجيب إلى فسخ العقد أن يرجع بالتعويض عما أصابه من ضرر على المدين إذا كان عدم قيام هذا المدين بتنفيذ التزامه راجعا إلى خطئه لإهمال أو تعمد، وترتب على هذا الخطأ ضرر، هذه القاعدة بحكم عموميتها تطبق في حالة فسخ العقد الإداري، كما تطبق في حالة فسخ العقد المدني على حد سواء، ومن ثم فإن هذا التعويض الذي مرده إلى القاعدة القانونية العامة مستقل في سببه كما أنه مختلف في طبيعته، ووجهته وغايته، عن شرط مصادرة التأمين الذي هو أحد الجزاءات المالية، التي جرى العرف الإداري على اشتراطها في العقد الإداري، والتي مردها إلى ما يتميز به هذا العقد عن العقد المدني من طابع خاص مناطه احتياجات المرفق العام الذي تستهدف العقد تسييره وتغليب وجه المصلحة العامة في شأنه على مصلحة الأفراد الخاصة. وهذا الطابع المعين هو الذي يترتب على تمتع الإدارة في العقد بسلطات متعددة منها سلطة توقيع الجزاءات المالية ومن بينها مصادرة التأمين. وما دام السبب في كل من مصادرة التأمين من جهة والتعويض من جهة أخرى مستقلا، والطبيعة، والوجهة والغاية في كل منهما متباينة، فلا تثريب أن اجتمع حالة فسخ العقد الإداري، مع مصادرة التأمين استحقاق التعويض أيضا. وإذ لا يعتبر الجمع بينهما ازدواجا للتعويض محظورا، حتى ولو لم ينص العقد الإداري على استحقاق التعويض، لأن استحقاقه كما سلف البيان إنما هو تطبيق للقواعد العامة.
وغني عن البيان أن الجمع بين مصادرة التأمين والتعويض رهن بألا يحظر العقد الإداري صراحة هذا الجمع وأن يكون الضرر لا يزال موجودا بعد مصادرة التأمين بمعنى أن يكون قدر الضرر أكبر من مبلغ هذا التأمين، فإذا كانت مصادرة التأمين قد جبرت الضرر كله، فلا محل إذا للتعويض تطبيقا للقواعد العامة ما لم يتفق على خلاف ذلك.
وهذا ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة.
ومن حيث أن جملة المبالغ المطلوبة من المطعون ضده نتيجة فسخ العقود وإعادة المناقصة وإسنادها إلى شركة هليوبوليس للمعادن والسيد حكيم ميخائيل هي مبلغ 873 جنيه و301 مليم وبيانها كالآتي:
000 مليم 305 جنيه ثمن 10طن صلب خردة.
700 مليم 305 جنيه ثمن 38 كيلو + 10 طن زيت وراسب.
530 مليم 30 جنيه عمولة دلالة بواقع 5%.
962 مليم 109 جنيه رسوم أرضية مستحقة على المطعون ضده من تاريخ انتهاء المدة المحددة للاستلام حتى فسخ العقد.
140 مليم 122 جنيه تمثل 20% من ثمن الصنفين الموضحين بعاليه تعادل قيمة التأمين المؤقت 873010 جنيها جملة المطلوب.
ومن حيث أن جملة المبالغ المستحقة للمطعون ضده قبل الهيئة هي مبلغ 780 مليم 528 جنيه بيانها كالآتي:
000 مليم 184 جنيه التأمين المدفوع بمزاد 16/ 3/ 1959 عن الصنفين الذين تسلمهما بعد سداد الثمن وعمولة الدلالة.
500 مليم 222 جنيه ثمن الصنف الأول من المبارد والذي رفض المطعون ضده تسليمه بواقع 22 و500 جنيها فقط للطن بمزاد 15/ 2/ 1960.
280 مليم 122 جنيه ثمن الصنف الثاني من الزيت المتحصل بمزاد 15/ 2/ 1960 بواقع 6 جنيهات للطن بعد أن رفض المطعون ضده تسلم هذا الصنف.
780 مليم 528 جنيها جملة المستحق له.
ومن حيث أنه لذلك يكون صافي المبلغ المستحق للهيئة قبل المطعون ضده هو مبلغ 344 جنيه و521 مليم.
ومن حيث أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تأويل القانون وتطبيقه حين قام بخصم التأمين المصادر من مبلغ التعويض وحين استبعد رسوم الأرضية مع أنها لا تعدو أن تكون تعويضا عن شغل أرض الهيئة بغير حق نتيجة اخلال المطعون ضده بالتزامه وفسخ العقد وذلك على الوجه الذي سلف بيانه ويتعين لذلك القضاء بتعديل الحكم المطعون فيه والزام المطعون ضده بأن يؤدي إلى الهيئة مبلغ 344.521 جنيها والفوائد القانونية بواقع 4% من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة في 16/ 12/ 1964 حتى السداد والمصروفات القضائية.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفي موضوعه بتعديل الحكم المطعون فيه وبإلزام المطعون ضده بأن يؤدي إلى الهيئة الطاعنة مبلغ 344 جنيه و521 مليم (ثلاثمائة وأربعة وأربعون جنيها وخمسمائة وواحد وعشرين مليما) والفوائد القانونية بواقع 4% سنويا من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة في 16 من ديسمبر سنة 1964 حتى تمام السداد والمصروفات.