مجلس الدولة - المكتب الفنى لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السادسة والأربعون - الجزء الأول (من أول 15 أكتوبر سنة 2000 إلى آخر فبراير سنة 2001) صـ 975

(116)
جلسة 27 من فبراير سنة 2001

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ جمال السيد دحروج نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة/ محمود إبراهيم عطا الله، وسالم عبد الهادى محروس جمعة، ويحيى خضرى نوبى محمد، ومنير صدقى يوسف خليل نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 3894 لسنة 42 القضائية

عقد إدارى - عقد توريد - مناط استحقاق الفروق الجمركية فى حالة تأخر التوريد - المادة 64/ د من اللائحة التنفيذية لقانون المناقصات والمزايدات رقم 9 لسنة 1983 الصادرة بقرار وزير المالية رقم 157 لسنة 1983 - الفروق الجمركية فى حالة التأخير فى التوريد عن الموعد المحدد - مناط استحقاقها - قيام حالة القوة القاهرة التى حالت بين المورد وبين تنفيذ التزامه فى موعده - تطبيق.


إجراءات الطعن

فى يوم الثلاثاء الموافق 14/ 5/ 1996 أودع الاستاذ .............. المحامى بصفته وكيلاً عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن قيد بجدولها برقم 3894 لسنة 42 ق. عليا ضد وزير الدفاع والإنتاج الحربى بصفته فى الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإدارى بجلسة 31/ 3/ 1996 فى الدعوى رقم8852 لسنة 45 ق. والذى قضى بقبول الدعوى شكلاً ورفضها موضوعاً وإلزام المدعى المصروفات.
وطلب الطاعن للأسباب الواردة فى تقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم بأحقية الطاعن بصفته فى فرق الرسوم الجمركية المسددة بواسطة شركة الدلتا للأنظمة الإلكترونية ومقدارها 56953.170 جنيها والمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن درجتى التقاضى.
وتم إعلان تقرير الطعن إلى المطعون ضده على الوجه الثابت بالأوراق.
وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريراً بالرأى القانونى فى الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعن المصروفات.
وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 7/ 1/ 1998 حيث تدوول بالجلسات على النحو الثابت بمحاضرها وبجلسة 17/ 3/ 1999 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا وحددت لنظره جلسة 25/ 5/ 1999 حيث نظرته المحكمة بهذه الجلسة وبجلسة 7/ 12/ 1999 أودع الحاضر عن هيئة قضايا الدولة مذكرة بدفاعه طلب فيها الحكم برفض الطعن مع إلزام الطاعن بالمصروفات، وبتلك الجلسة قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 25/ 1/ 2000، وبها قررت إعادة الطعن للمرافعة لجلسة 7/ 3/ 2000 للسبب المبين بمحضر الجلسة، واستمر تداول الطعن بالجلسات على النحو الثابت بمحاضرها حيث أودع الطاعن بجلسة 25/ 7/ 2000 حافظة مستندات، كما أودع بجلسة 2/ 8/ 2000 حافظة مستندات أخرى وبجلسة 28/ 11/ 2000 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 13/ 2/ 2001، وفيها قررت مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم 27/ 2/ 2001 لاتمام المداولة، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية فمن ثم يكون مقبولاً شكلاً.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص - حسبما يبين من الأوراق - فى أنه بتاريخ 9/ 2/ 1991 أقامت الشركة المدعية الدعوى رقم 2957 لسنة 1991 مدنى كلى شمال القاهرة أمام محكمة شمال القاهرة الابتدائية بصحيفة أودعت قلم كتاب تلك المحكمة ضد كل من وزير الدفاع بصفته ومدير إدارة المهمات بصفته طالباً فيها الحكم بإلزام المدعى عليه الثانى بالتضامن مع المدعى عليه الأول بأن يدفعا لها مبلغ 56953.170 جنيهاً والمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وذكرت الشركة المدعية شرحاً لدعواها أنها تعاقدت بتاريخ 13/ 5/ 1989 مع إدارة المهمات لتوريد بضاعة "قماش وأحبال" بمبلغ 1781455 جنيهاً على أن يتم التوريد خلال 12 أسبوعاً من تاريخ استلام الدفعة المقدمة وذلك بمقتضى عقد التوريد. وأنه بتاريخ 20/ 7/ 1989 صدر القرار الجمهورى رقم 305 لسنة 1989 متضمناً تعديل التعريفة الجمركية على الفئات الواردة بجدول التعريفة الجمركية المرفقة بالقرار رقم 351 لسنة 1986 ومن بين تلك الأصناف، المتعاقد عليها. وأنه طبقاً لأحكام المادة 64 من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 9 لسنة 1983 يحق للشركة المحاسبة على الزيادة الجمركية الحاصلة بالقرار الجمهورى رقم 305 لسنة 1989 والتى حدثت أثناء مدة التوريد الأصلية والتى بلغت 56953.170 جنيها. وخلصت الشركة إلى طلب الحكم بطلباتها سالفة البيان.
وبجلسة 20/ 6/ 1991 حكمت المحكمة المدنية بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى وإحالتها إلى محكمة القضاء الإدارى المختصة وأبقت الفصل فى المصروفات ونفاذاً لهذا الحكم أحيلت الدعوى إلى محكمة القضاء الإدارى - دائرة العقود الإدارية والتعويضات وقيدت بجدولها برقم 8852 لسنة 45 ق. وبجلسة 31/ 3/ 1996 أصدرت حكمها المطعون فيه، وأقامت قضاءها على أن عقد العملية محل التداعى أبرم بين وزارة الدفاع "طرف أول" والشركة المدعية "طرف ثان" وعلى ذلك فإن المدعى عليه الأول يكون وحده صاحب الصفة فى الدعوى الماثلة ومن ثم يتعين الحكم بعدم قبول الدعوى بالنسبة للمدعى عليه الثانى بصفته لرفعها على غير ذى صفة.
وعن موضوع الدعوى، استعرضت المحكمة نص المادة 64 من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 9 لسنة 1983 بتنظيم المناقصات والمزايدات الصادرة بقرار وزير المالية رقم 157 لسنة 1983 - وأشارت إلى أن الثابت بالأوراق أنه بتاريخ 13/ 5/ 1989 أبرم عقد توريد بين الشركة المدعية والمدعى عليه الأول وجاء بالبند الأول منه تعهد الشركة بأن تورد إلى مخازن جهة الإدارة بالقاهرة الأصناف والكميات الموقع بيانها وشروطها وأسعارها بالملحق رقم (1) المرفق بالعقد، وهذه الأصناف عبارة عن قماش نايلون وأحبال للمظلات بالمواصفات والكميات المحددة بملحق العقد وبسعر مقداره 1781455.500 جنيهاً وتحددت مدة التنفيذ بأثنى عشر أسبوعاً تبدأ من تاريخ استلام الدفعة المقدمة وعلى دفعات غير محددة حتى نهاية مدة التوريد المحددة بالبند الثانى. ونص البند الثالث على أن "تشمل الأثمان الواردة بالمادة الأولى كافة ما يلزم من تكاليف ومصاريف أياً كانت وإلى أن يتم تسليم الأصناف إلى المخازن المتفق عليها. وأضافت المحكمة أن الثابت أيضاً أنه بتاريخ 8/ 6/ 1989 تسلمت الشركة المدعية الدفعة المقدمة وعلى ذلك تبدأ مدة التوريد (12 أسبوعا) من ذلك التاريخ المنتهى تبعاً لذلك فى 1/ 9/ 1989. وتم تسليم الأصناف المتعاقد عليها بمخازن جهة الإدارة فى 5/ 9/ 1989. وبتاريخ 21/ 7/ 1989 نشر القرار الجمهورى رقم 305 لسنة 1989 بتعديل فئات التعريفة الجمركية المرفقة بالقرار رقم 351 لسنة 1986، ونصت المادة الثانية منه على العمل به من اليوم التالى لتاريخ نشره. وأردفت المحكمة أن الثابت من أصل الشهادة رقم 59 الصادرة من مصلحة الجمارك فى 12/ 10/ 1995 أن الشهادة رقم 1248 بتاريخ 1/ 9/ 1989 باسم شركة الدلتا للأنظمة الإلكترونية تفيد أنه قد ورد إلى القاهرة بالبوليصة رقم 2576791 واحد وخمسون طرداً تحتوى على أحبال وقماش مظلات، وحصلت عليها رسوم جمركية قيمتها 446490.7 جنيهاً وضرائب قيمتها 6491.05 جنيهاً بالقسيمتين الجمركيتين رقمى 591519، 591518 واستخلصت المحكمة مما سبق أنه ولئن كانت الزيادة الجمركية المقررة بالقرار الجمهورى رقم 305 لسنة 1989 قد وقعت فى المدة بين تقديم العطاء وأخر موعد للتوريد، إلا أنه لما كان التوريد تم فى 5/ 9/ 1989، وبعد المدة المحددة لإتمام التوريد فى 1/ 9/ 1989، ولم تقدم الشركة المدعية من الأوراق ما يكشف عن وجود قوة قاهرة حالت بينهما وبين التوريد فى الميعاد المحدد له، فإن طلبها اقتضاء فروق الزيادة فى التعريفة الجمركية على غير سند ويتعين - من ثم الحكم برفضه.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أسباب حاصلها:
أولاً: أن الحكم المطعون فيه قد شابه القصور فى الإحاطة بوقائع الدعوى تأسيسا على أنه لو أن المحكمة أطلعت على حافظة المستندات المقدمة من الشركة المدعية أمام هيئة مفوضى الدولة بجلسة 9/ 9/ 1993 لتبينت أن هناك فتوى صادره من مجلس الدولة بتاريخ 19/ 5/ 1990 أحاطت بواقعة الدعوى بالتفصيل حيث تضمنت أن هناك شهادة أمريكية تفيد بوقف بضائع النسيج بالولايات المتحدة الأمريكية لمدة أسبوعين، وأن هذه الشهادة قدمتها الشركة ضمن أوراق الصرف إلى إدارة المهمات لكى تثبت أن هناك قوة قاهرة حالت دون التوريد فى موعده المتفق عليه فى العقد. وأن الحكم المطعون فيه لم يحط علما بهذه الواقعة الجوهرية المنتجة فى الدعوى، والتى لو اطلعت عليها المحكمة لتغير وجه الرأى فى الحكم.
ثانياً: أن الحكم المطعون فيه قضى بما لم يطلبه الخصوم، وآية ذلك أن إدارة المهمات بالقوات المسلحة وهى الطرف الأصيل فى الخصومة أقرت بتوافر القوة القاهرة التى حالت دون التوريد فى الموعد المتفق عليه فى العقد وبذلك يكون قد توافر الشرط الأول من شروط تطبيق المادة 64 من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 9 لسنة 1983 - أى وجود القوة القاهرة التى حالت دون التوريد فى الموعد المتفق عليه ومن ثم أصبحت الدعوى تدور وجوداً وعدماً حول مسألة الحق فى صرف الفرق فى الرسوم الجمركية. فإذا كان ذلك، فإن موقف المدعى عليه يصل إلى حد التسليم بطلبات المدعى قبل حجز الدعوى للحكم. وبالتالى فإذا جاء الحكم بشروط جديدة لم يثرها المدعى عليه فإنه يكون قد قضى بما لم يطلبه الخصوم الأمر الذى يدمغه بالبطلان طبقاً للمادة 211 من قانون المرافعات.
ومن حيث إن المادة 64/ د من اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم المناقصات والمزايدات رقم 9 لسنة 1983 الصادرة بقرار وزير المالية رقم 157 لسنة 1983 والواجبة التطبيق على النزاع الماثل كانت تنص على أن "يكون توريد الأصناف فى المواعيد والأماكن المبينة بقائمة الأسعار ويراعى عند وضع الأسعار بالعطاء:
(د)
فإذا حدث تغيير فى التعريفة الجمركية أو الرسوم أو الضرائب التى تحصل عن الاصناف الموردة فى المدة الواقعة بين تقديم العطاء وأخر موعد للتوريد وكان التوريد قد تم فى غضون المدة المحددة له فيسوى الفرق تبعاً لذلك بشرط أن يثبت المتعهد أنه أدى الرسوم والضرائب على الأصناف الموردة على أساس الفئات المعدلة بالزيادة وفى حالة التأخير فى التوريد عن المواعيد المحددة فى العقد وكان تعديل فئات الضرائب والرسوم قد تم بعد هذه المواعيد فإن المتعهد يتحمل عن الكميات المتأخرة كل زيادة فى الرسوم والضرائب المشار إليها إلا إذا أثبت المتعهد أن التأخير يرجع إلى القوة القاهرة".
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن العقد المبرم بتاريخ 13/ 5/ 1989 بين الشركة الطاعنة وبين الجهة الإدارية المطعون ضدها بشأن توريد قماش نايلو وأحبال للمظلات بالمواصفات والكميات المحددة بملحق العقد، على أن يتم التوريد خلال 12 أسبوعا من تاريخ استلام الدفعة المقدمة - والذى تم بتاريخ 8/ 6/ 1989 لتنتهى مدة التوريد فى 31/ 8/ 1989، وبتاريخ 20/ 7/ 1989 صدر قرار رئيس الجمهوريه رقم 305 لسنة 1989 بتعديل فئات الجمارك. إلا أن الشركة المذكورة لم تقم بتوريد المهامت المتعاقد عليها إلا بتاريخ 5/ 9/ 1989 ولما كان مناط استحقاق الفروق الجمركية فى حالة التأخير فى التوريد عن الموعد المحدد طبقاً للمادة 64/ د من اللائحة التنفيذية بقانون تنظيم المناقصات والمزايدات سالفة الذكر هو قيام حالة القوة القاهرة التى حالت بين المورد وبين تنفيذ التزامه فى موعده وعلى ذلك، فإنه إزاء عدم ثبوت القوة القاهرة فى الحالة المعروضة على ما سلف بيانه، فإن الشركة الطاعنة لا ينشأن لها أصل حق فى استحقاق الفروق المقول بسدادها بالزيادة عما كان عند التعاقد على أساس أنه وفقاً للمادة 64/ أ سالفة الذكر فإن السعر يشمل رسوم الجمارك وجميع أنواع الرسوم والضرائب الأخرى.
ومن حيث إنه متى استبان ما تقدم، فإنه لا صحة لما ذهب إليه الطاعن فى تقرير طعنه أن هناك قوة قاهرة حالت بينه وبين التوريد فى الميعاد، والتى تتمثل فى توقف مصانع النسيج بأمريكا على ما جاء بالشهادة المقدمة منه أمام هيئة مفوضى الدولة أثناء تحضير الدعوى، لا صحة لهذا القول، ذلك أن إدارة الفتوى لوزارة الدفاع بمجلس الدولة كانت قد طلبت التصديق على تلك الشهادة إلا أنه عجز عن هذا الإجراء وبهذه المثابة يتعذر التعويل على ما جاء بهذه الشهادة، كما أنه لا صحة كذلك لما يقول به الطاعن أيضاً من أن الجهة الإدارية المطعون ضدها قد اعترفت بوجود القوة القاهرة، ذلك أن الثابت أن إدارة الفتوى قد انتهت فى فتواها المؤرخة 14/ 5/ 1990 أن حق الطاعن فى الحصول على الزيادة فى الرسوم الجمركية منوط بأن يكون التوريد قد تم فى خلال مدة التوريد الأصلية، ولذا ثبت أن التوريد لم يتم فى خلال تلك المدة، على ما سلف البيان، فقد رفضت الجهة الإدارية صرف الزيادة فى الرسوم، ولو كانت الجهة الإدارية اعترفت بوجود القوة القاهرة لما رفضت السداد، وإذ أخذ الحكم المطعون فيه بهذا النظر وقضى برفض الدعوى فإنه يكون قد صادف وجه الحق فى قضائه ويكون الطعن عليه غير قائم على أساس من القانون حرياً بالرفض.
ومن حيث إن من خسر الطعن يلزم بمصروفاته عملاً بحكم المادة (184) من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفى الموضوع برفضه وألزمت الطاعن المصروفات.