أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
السنة 27 - صـ 1004

جلسة 27 من ديسمبر سنة 1976

برياسة السيد المستشار جمال صادق المرصفاوى رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ محمد صلاح الدين الرشيدى، وإسماعيل محمود حفيظ، والسيد محمد مصرى شرعان، ومحمد على راغب بليغ.

(225)
الطعن رقم 886 لسنة 46 القضائية

(1) ارتباط. عقوبة. "عقوبة الجرائم المرتبطة". محكمة الموضوع. "سلطتها فى تقدير العقوبة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره"
تحقق الارتباط بين جريمة القتل الخطأ وباقى التهم المسندة إلى المتهم. عدم لزوم التحدث عن كل من هذه التهم استقلالا. طالما قد أوقع عقوبة الجريمة الأشد.
(2) حكم. "بيانات الحكم". بطلان. نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تحرير الحكم على نموذج مطبوع لا يقتضى بطلانه. ما دام قد استوفى أوضاعه الشكلية وبياناته الجوهرية.
(3) إثبات. "شهود". محكمة الموضوع. "الإجراءات أمامها". محكمة ثانى درجة. "إجراءات نظرها الدعوى والحكم فيها" حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
استغناء المحكمة عن سماع الشهود. بقبول المتهم أو المدافع عنه ذلك صراحة أو ضمنا.
محكمة ثانى درجة تحكم على مقتضى الأوراق. لا تجرى من التحقيقات إلا ما ترى هى لزوما لاجرائه.
سبق سكوت الطاعن عن التمسك بسماع الشهود أمام محكمة أول درجة. يعتبر تنازلا عن ذلك.
(4) دعوى جنائية "تحريكها" نظام عام. إثبات. "بوجه عام". محكمة الموضوع. "سلطتها فى تقدير الدليل". دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
الدفع بإقامة الدعوى الجنائية ممن لا يملكها. متعلق بالنظام العام. يسوغ إبداءه لأول مرة أمام محكمة النقض. ولو بعد مضى الأجل المضروب. شرطه. عدم تطلب تحقيق موضوعى.
المحكمة غير ملزمة بتتبع المتهم فى مناحى دفاعه والرد على ما كان منها ظاهر البطلان.
1 - لما كانت وقائع الدعوى كما أثبتها الحكم بذاتها تنبئ عن الارتباط القائم بين جريمة القتل الخطأ وباقى التهم الثلاث المسندة إلى الطاعن - مخالفته لإشارة المرور، وقيادته سيارة دون أن يهدئ السير عند الاقتراب من ملتقى الطرق، وقيادته سيارة بحالة تعرض حياة الأشخاص والأموال للخطر - فإن إغفال الحكم التحدث عن إحدى هذه التهم الثلاث على استقلال لا يوجب نقضه ما دام أنه قد انتهى إلى معاقبة المتهم بعقوبة واحدة هى عقوبة الجريمة الأشد.
22 - إن تحرير الحكم على نموذج مطبوع لا يقتضى بطلانه ما دام الحكم قد استوفى أوضاعه الشكليه، والبيانات الجوهرية التى نص عليها القانون على ما هو عليه الحال فى هذه الدعوى - فإن نعى الطاعن على الحكم لهذا السبب لا يكون مقبولا.
3 - من المقرر أن نص المادة 289 من قانون الإجراءات الجنائية بعد تعديله بالقانون رقم 113 سنة 1957 يخول للمحكمة الاستغناء عن سماع الشهود إذا قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك - يستوى فى ذلك أن يكون القبول صريحا أو ضمنيا، بتصرف المتهم أو المدافع عنه بما يدل عليه - وأن محكمة ثانى درجة إنما تحكم فى الأصل على مقتضى الأوراق، وهى لا تجرى من التحقيقات إلا ما ترى هى لزوما لإجرائه، ولا تلتزم إلا بسماع الشهود الذين كان يجب سماعهم أمام محكمة أول درجة، فإذا لم تر من جانبها حاجة إلى سماعهم، وكان المدافع عن الطاعن وإن أبدى طلب سماع أقوال الشهود أمام المحكمة الاستئنافية، فإنه يعتبر متنازلا عنه بسبق سكوته عن التمسك به أمام محكمة أول درجة.
4 - إن ما أثاره الطاعن من إقامة الدعوى الجنائية عليه ممن لا يملك رفعها قانونا وفق المادة 63 من قانون الإجراءات الجنائية، إنما هو سبب متعلق بالنظام العام مما يسوغ إبداءه لأول مرة أمام محكمة النقض ولو بعد مضى الأجل المضروب لإيداع أسباب الطعنين، بشرط ألا يتطلب تحقيقا موضوعيا، لما كان ذلك، وكان الدفع سالف الذكر يخالطه واقع، وكان هذا الواقع يستمد من مجرد الاطلاع على الأوراق المطروحة على بساط البحث - كالحال فى الدعوى الماثلة دون حاجة إلى تحقيق وكان الواقع الثابت من المفردات المضمومة أن رئيس النيابة العامة قد أذن بإقامة الدعوى على الطاعن وكان فى ذاك ما يدحض واقع هذا الدفع فإن الحكم المطعون فيه - والحال كذلك - لم يكن ملزما بالاشارة إلى ذلك الدفع ولا تثريب عليه فى الالتفات عنه، اعمالا لما هو مقرر من عدم إلزام المحكمة بتعقب المتهم فى مناحى دفاعه، والرد على ما كان منها ظاهر البطلان.


الوقائع

إتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه بدائرة قسم مصر الجديدة محافظة القاهرة: (أولا) تسبيب خطأ فى وفاه ......... وكان ذلك ناشئا عن إهماله وعدم احتياطه ومراعاته القوانين بأن قاد سيارته بحالة ينجم عنها الخطر فصدم المجنى عليه فحدثت إصابته الموصوفة بالتقرير الطبى والتى أودت بحياته. (ثانيا) خالف إشارة المرور المنظمة لحركة المرور وقواعده. (ثالثا) وهو قائد سيارة لم يهدئ السير عند الاقتراب من ملتقى الطرق. (رابعا) قاد سيارة بحالة تعرض حياة الأشخاص والأموال للخطر. وطلبت عقابه بالمادة 238/ 1 من قانون العقوبات ومواد القانون رقم 449 لسنة 1955. ومحكمة جنح مصر الجديدة الجزئية قضت غيابيا عملا بمواد الاتهام بحبس المتهم ستة شهور مع الشغل وكفالة خمسة جنيهات لايقاف التنفيذ عن التهم الثلاث بلا مصاريف جنائية. عارض، وفى أثناء نظر المعارضة ادعى كل من...... زوجة المجنى عليه........... - والديه - مدنيا بمبلغ واحد وخمسين جنيها على سبيل التعويض المؤقت قبل المتهم والمسئول عن الحقوق المدنية ثم قضى فيها بقبولها شكلا وفى الموضوع بتعديل الحكم الغيابى المعارض فيه والاكتفاء بتغريم المتهم مائة جنيه عن التهم الثلاث وفى الدعوى المدنية بالزامه مبلغ واحد وخمسين جنيها على سبيل التعويض المؤقت ومبلغ مائتى قرش مقابل أتعاب المحاماة بلا مصروفات جنائية. فاستأنف المتهم هذا الحكم. ومحكمة القاهرة الابتدائية قضت حضوريا بقبول الاستئناف شكلا ورفضه موضوعا وتأييد الحكم المستأنف وألزمت المتهم بالمصاريف المدنية الاستئنافية. فطعن الاستاذ ........ المحامى بصفته وكيلا عن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض وقدم تقريرا موقعا عليه منه.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى بتأييد الحكم الابتدائى الصادر بإدانته بجريمة القتل الخطأ، قد شابه قصور فى التسبيب وإخلال بحق الدفاع. ذلك بأنه أيد الحكم الابتدائى آخذا بأسبابه رغم أنه أغفل الفصل فى إحدى التهم المسندة إليه، ولم يفصح عن أى منها هى التى دان الطاعن بها. هذا فضلا عن أنه حرر على نموذج مطبوع لم تراع فيه الأوضاع الشكلية والبيانات الجوهرية التى أوجبها القانون وقد أثار المدافع عن الطاعن لدى المحكمة بجلسة اليوم أن الدعوى قد رفعت ضد الطاعن وهو موظف عام بغير الطريق القانونى لعدم الحصول على إذن من رئيس النيابة العامة برفعها عملا بالمادة 63 من قانون الإجراءات الجنائية كما أن المحكمة لم تستجب إلى طلب الدفاع لسماع أقوال شرطى المرور وهو الشاهد الوحيد فى الدعوى.
وووحيث أنه يبين من الحكم الابتدائى المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه أنه اقتصر فى تحصيله واقعة الدعوى على واقعة القتل الخطأ التى دان الطاعن بها، وأورد على ثبوتها فى حقه أدلة تؤدى إلى ما رتبه عليها استمدها من أقوال شاهد الاثبات ......... شرطى المرور - ومن التقرير الطبى. وانتهى إلى أن أوقع على الطاعن العقوبة المقررة لتلك الجريمة المنصوص عليها فى الفقرة الأولى من المادة 238 من قانون العقوبات باعتبارها العقوبة الأشد للتهم المسندة إليه عملا بالمادة 32 من قانون العقوبات التى أشار الحكم إليها مع تلك المادة، لما كان ذلك وكانت وقائع الدعوى كما أثبتها الحكم تنبئ بذاتها عن الإرتباط القائم بين جريمة القتل الخطأ وباقى التهم الثلاث المسندة إلى الطاعن وهى مخالفته لإشارة المرور، وقيادته سيارة دون أن يهدئ السير عند الاقتراب من ملتقى الطرق، وقيادته سيارة بحالة تعرض حياة الأشخاص والأموال للخطر، فإن إغفال الحكم التحدث عن إحدى هذه التهم الثلاث على استقلال حسبما يثيره الطاعن فى أسباب طعنه. لا يوجب نقضه ما دامت أنه قد انتهى إلى معاقبة المتهم بعقوبة واحدة هى عقوبة الجريمة الأشد - القتل الخطأ - وهو ما كان الأمر سينتهى إليه حتما فى واقعة الدعوى عملا بحكم المادة 32 من قانون العقوبات التى أعملها الحكم ومن ثم فإن هذا النعى يكون غير سديد. لما كان ذلك وكان تحرير الحكم على نموذج مطبوع لا يقتضى بطلانه ما دام الحكم قد استوفى أوضاعه الشكلية، والبيانات الجوهرية التى نص عليها القانون على ما هو عليه الحال فى هذه الدعوى - فإن نعى الطاعن على الحكم لهذا السبب لا يكون مقبولا. لما كان ذلك، وكان البين من محاضر جلسات محكمة أول درجة ودفاع الطاعن الذى تضمنته مذكرته المقدمة لتلك المحكمة بجلسة 11 من مايو سنة 1974 المودعة للمفردات المضمومة تحقيقا للطعن أن المدافع عن الطاعن لم يطلب سماع أحد الشهود. لما كان ذلك وكان من المقرر أن نص المادة 289 من قانون الإجراءات الجنائية بعد تعديله بالقانون رقم 113 سنة 1957 يخول للمحكمة الاستغناء عن سماع الشهود إذا قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك - يستوى فى ذلك أن يكون القبول صريحا أو ضمنيا، بتصرف المتهم أو المدافع عنه بما يدل عليه - وأن محكمة ثانى درجة انما تحكم فى الأصل على مقتضى الأوراق، وهى لا تجرى من التحقيقات إلا ما ترى هى لزوم لإجرائه، ولا تلتزم إلا بسماع الشهود الذين كان يجب سماعهم أمام محكمة أول درجة، فإذا لم تر من جانبها حاجة إلى سماعهم، وكان المدافع عن الطاعن وإن أبدى طلب سماع أقوال الشهود أمام المحكمة الإستئنافية، فإنه يعتبر متنازلا عنه بسبق سكوته عن التمسك به أمام محكمة أول درجة ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن فى هذا الخصوص يكون غير سديد. لما كان ذلك وكان ما أثاره الطاعن بجلسة اليوم من إقامة الدعوى الجنائية عليه ممن لا يملك رفعها قانونا وفق المادة 63 من قانون الإجراءات الجنائية، إنما هو سبب متعلق بالنظام العام مما يسوغ إبداءه لأول مرة أمام محكمة النقض ولو بعد مضى الأجل المضروب لايداع أسباب الطعنين، بشرط أن لا يتطلب تحقيقا موضوعيا، لما كان ذلك وكان الدفع سالف الذكر يخالطه واقع، وكان هذا الواقع يستمد من مجرد الاطلاع على الأوراق المطروحة على بساط البحث - كالحال فى الدعوى الماثلة دون حاجة إلى تحقيق وكان الواقع الثابت من المفردات المضمومة أن رئيس النيابة العامة قد أذن بإقامة الدعوى على الطاعن وكان فى ذاك ما يدحض واقع هذا الدفع فإن الحكم المطعون فيه - والحال كذلك - لم يكن ملزما بالاشارة إلى ذلك الدفع ولا تثريب عليه فى الالتفات عنه، إعمالا لما هو مقرر من عدم إلتزام المحكمة بتعقب المتهم فى مناحى دفاعه، والرد على ما كان منها ظاهر البطلان، لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا ومصادرة الكفالة عملا بحكم المادة 236 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959.