مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السادسة عشرة - العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1970 إلى منتصف فبراير سنة 1971) - صـ 160

(24)
جلسة 31 من يناير سنة 1971

برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمد مختار العزبي رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة الدكتور أحمد ثابت عويضه ومحمد فهمي طاهر ومحمد عوض الله مكي وأبو بكر محمد عطية المستشارين.

القضية رقم 269 لسنة 14 القضائية

موظف - ترقية - محاكمة تأديبية - جزاء الإنذار.
إن حجز الدرجة للموظف مدة لا تزيد على سنة طبقاً لحكم المادة 106 من القانون رقم 210 لسنة 1951 يدل على أن الموظف الذي حجزت له يستحق الترقية إليها وجوباً من تاريخ زوال المانع من الترقية وتعتبر أقدميته في الدرجة المرقى إليها من هذا التاريخ - زوال المانع في حالة الإحالة إلى المحاكمة التأديبية إنما يكون بصدور حكم نهائي فيها ما لم يصدر الحكم بتوقيع إحدى العقوبات التي يترتب على توقيعها تأجيل الترقية - أساس ذلك.
إن المادة 106 من القانون رقم 210 لسنة 1951 تقضى بحجز الدرجة للموظف مدة لا تزيد على سنة، وحجز الدرجة - في هذا الفرض - يدل دلالة واضحة على أن الموظف الذي حجزت له الدرجة يستحق الترقية إليها وجوباً من تاريخ زوال المانع من الترقية، وتعتبر أقدميته في الدرجة المرقى إليها من هذا التاريخ، أي بعد انقضاء الفترة التي لا يجوز ترقيته خلالها متى كان مستحقاً الترقية وقت حجز الدرجة والقول بغير ذلك يجعل النص على حجز الدرجة لغوا، ذلك أن الموظف المحجوز له الدرجة يكتسب بهذا الحجز مركزاً قانونياً في الترقية إليها لا يجوز المساس به متى انقضت المدة التي لا يجوز ترقيته خلالها، وبعبارة أخرى فإن مؤدى حجز الدرجة للموظف، أن يرقى إليها من تاريخ زوال المانع من الترقية، وزوال المانع في حالة الإحالة إلى المحاكمة التأديبية إنما يكون بصدور حكم نهائي فيها، بحيث تجب ترقيته من هذا التاريخ ما لم يصدر الحكم بتوقيع إحدى العقوبات التي يترتب على توقيعها تأجيل الترقية طبقاً لما تقضي به المادة 103 السابق الإشارة إليها، أما إذا صدر الحكم بتوقيع عقوبة الإنذار، وهي عقوبة لا تؤجل الترقية طبقاً لنص المادة 103 فإنه يتعين ترقية الموظف من تاريخ صدور الحكم النهائي.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث أن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث أن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يخلص من أوراق الطعن - في أن المدعي أقام الدعوى رقم 305 لسنة 18 القضائية ضد وزارة الخزانة بعريضة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الإداري في 9 من يناير سنة 1964، طلب فيها "الحكم بتعديل أقدميته في الدرجة الثانية بإسنادها إلى 30 من أغسطس سنة 1962 بدلاً من 29 من نوفمبر سنة 1962، ومع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام المدعى عليها بالمصروفات والأتعاب" وتوجز أسانيد دعواه في أنه في 30 من أغسطس سنة 1962 أجرت وزارة الخزانة حركة ترقيات إلى الدرجة الثانية، ونظراً لأنه كان محالاً إلى المحاكمة التأديبية منذ 29 من ديسمبر سنة 1961 فقد حجزت له درجة من الدرجات الثانية طبقاً لما تقضي به المادة 106 من القانون رقم 210 لسنة 1951 في شأن نظام موظفي الدولة، وفي 13 من نوفمبر سنة 1962، أي في خلال فترة حجز الدرجة ومقدارها سنة طبقاً لما تقضي به المادة 104 التي أحالت إليها المادة 106 من قانون موظفي الدولة السابق الإشارة إليه، صدر حكم المحكمة التأديبية بتوقيع عقوبة الإنذار عليه، وبدلاً من أن تقوم وزارة الخزانة بترقيته إلى الدرجة الثانية اعتباراً من 30 أغسطس سنة 1962 تاريخ إجراء الحركة قامت بترقيته إلى هذه الدرجة اعتباراً من 29 من نوفمبر سنة 1962، وهو ينعى على تصرف الوزارة المذكورة على هذا النحو بأنه ينطوي على مخالفة القانون، إذ أنها اعتبرت الحكم بعقوبة الإنذار مانعاً من الترقية بأثر رجعي، مع أن الإنذار طبقاً لنص المادة 103 من قانون موظفي الدولة سالف الذكر لا يترتب عليه أثر وليس من العقوبات التأديبية التي يترتب عليها تأجيل ترقية الموظف والواردة في هذه المادة على سبيل الحصر، وأن القول بأن الإدانة مهما كانت تحول دون إرجاع أقدمية الموظف المحال إلى المحاكمة التأديبية يجعل - في نظره - من مجرد الإحالة إلى المحاكمة التأديبية عقوبة لم ينص عليها القانون، وأنه إذا كانت المادة 106 قد نصت على عدم جواز ترقية الموظف المحال إلى المحاكمة التأديبية في مدة الإحالة فإن ذلك - في رأيه - موقوت بصدور حكم تعود بصدوره إلى الموظف صلاحيته للترقية وفقاً للقواعد العامة المنصوص عليها في المادة 103، أنه يجب - حسب قوله - تفسير الإدانة المشار إليها في المادة 106 على أنها أحوال الإدانة التي اعتبرها المشرع في المادة 103 مبررة لتأجيل الترقية وليس من بينها الإنذار وأنه فضلاً عن ذلك فأن شرط عدم الإدانة التي تتطلبه المادة 106 لإرجاع الأقدمية في الترقية، محله - في نظره - أن تستطيل المحاكمة لأكثر من سنة، بمقولة أن المشرع أدرك أن المحاكمة التأديبية قد تطول فيلغى حجز الدرجة، فقضى بأنه إذا استطالت المحاكمة لأكثر من سنة وترتب على ذلك إلغاء الحجز فإن ذلك لا يؤثر على حق الموظف إذا ثبتت عدم إدانته، وأن هذه الحالة ليست حالته إذ أن محاكمته لم تظل لأكثر من سنة من تاريخ حجز الدرجة. وقد أجابت الجهة الإدارية عن الدعوى بأن المادة 106 من قانون موظفي الدولة رقم 210 لسنة 1951 نصت على أنه "لا يجوز ترقية موظف محال إلى المحاكمة التأديبية أو موقوف عن العمل في مدة الإحالة أو الوقف وفي هذه الحالة يسري حكم المادة 104، فإذا استطالت المحاكمة لأكثر من سنة وثبتت عدم إدانة الموظف وجب عند ترقيته احتساب أقدميته في الدرجة المرقى إليها من التاريخ الذي كانت تتم فيه لو لم يحل إلى المحاكمة التأديبية"، وأنه قد جاء بالنشرة الشهرية لديوان الموظفين رقم 12 لسنة 1960 أن مفاد هذا النص أنه يشترط لإرجاع أقدمية الموظف المحال إلى المحاكمة التأديبية والذي استطالت محاكمته لأكثر من سنة، إلى التاريخ الذي كانت تتم فيه ترقيته بالأقدمية أن يثبت عدم إدانته، فإذا انتفى هذا الشرط وثبتت إدانته فإن ترقيته تستند إلى تاريخ صدورها ولا ترد إلى التاريخ الذي كان يستحق الترقية فيه لو لم يحل إلى المحاكمة التأديبية، وأنه وإن كان الإنذار أخف العقوبات التأديبية إلا أن توقيعه يفيد حتماً معنى الإدانة، وأنه من ثم يحول توقيعه بعد محاكمة تستطيل لأكثر من سنة، دون إرجاع أقدمية الموظف إلى التاريخ الذي كانت تتم فيه ترقيته بالأقدمية لو لم يحل إلى المحاكمة التأديبية، وأنه لا يقدح في هذا النظر أن المشرع في المادة 103 من القانون المشار إليه قد استثنى الإنذار من الجزاءات التأديبية التي يترتب على توقيعها تأخير ترقية الموظف مدة معينة، ذلك أن هذا النص يحظر ترقية الموظف الذي توقع عليه إحدى العقوبات التأديبية الواردة فيه إلا بعد انقضاء فترات معينة، أما نص المادة 106 فإنه يحظر ترقية الموظف المحال إلى المحاكمة التأديبية والموقوف عن عمله طوال مدة الإحالة أو الوقف بغض النظر عن النتيجة التي تنتهي إليها المحاكمة، فإذا انتهت المحاكمة إلى توقيع إحدى العقوبات المنصوص عليها في المادة 103 فإنه يتعين إعمال حكم هذا النص وذلك بتأخير الترقية الفترات المنصوص عليها وذلك بالإضافة إلى سبق إعمال المادة 106، ونظرا لأن المدعي لم تثبت عدم إدانته وإنما قررت المحكمة التأديبية بجلسة 13 من نوفمبر سنة 1962 مجازاته بالإنذار، فقد رأت لجنة شئون الموظفين بمحضرها المعتمد في 29 من نوفمبر سنة 1962 ترقيته إلى الدرجة الثانية ترقية غير منسحبة إلى 30 من أغسطس سنة 1962 تاريخ حجز درجة ثانية له. وبجلسة 23 من أكتوبر سنة 1967 قضت محكمة القضاء الإداري "بأحقية المدعي في أن ترجع أقدميته في الدرجة الثانية إلى 30 من أغسطس سنة 1962 مع ما يترتب على ذلك من آثار مع إلزام الإدارة المصروفات" وأقامت قضاءها على أن الواضح من حكم المادة 103 من القانون رقم 210 لسنة 1951 أن ثمة عقوبات تبعية تلحق الموظف المحكوم عليه بالعقوبات المبينة في هذه المادة، وهي تتمثل في تأجيل الترقية مدداً تتفاوت بمقدار ما جوزي به من عقاب، وهذه العقوبات التبعية تلحق عقوبات الخصم ابتداء من ثلاثة أيام حتى خفض الدرجة والمرتب، وتوقيع هذه العقوبات لا يحول دون اعتبار أن الموظف الذي حل عليه الدور في الترقية بالأقدمية يعتبر صالحاً للترقية في مفهوم المادة المذكورة على أن ترجأ هذه الترقية بسبب توقيع جزاء تأديبي عليه طيلة الفترات التي حددتها، ولم يقصد المشرع سلب الموظف حقه في الترقية، وقد أفصح عن قصده هذا في المادة 104، إذ ميز الموظف الذي وقع عليه جزاء بالخصم من الراتب لغاية خمسة عشر يوماً أو أجلت علاوته لمدة تقل عن سنة بأن أوجب حجز درجة له أن كان له حق في الترقية إليها بالأقدمية، وحجز الدرجة في هذه الحالة يدل دلالة واضحة على أن الموظف الذي حجزت له الدرجة يستحق الترقية وجوباً من تاريخ زوال المانع، وتعتبر أقدميته في الدرجة المرقى إليها من هذا التاريخ، وأنه يؤكد هذا المعنى أيضاً أن المشرع قد عبر عن هذا المنع في المادة 105 بأنه تأجيل للترقية، فالمادتان 104، 106 تقرران أصلاً من الأصول العامة التي يقتضيها حسن سير الإدارة وتنظيمها على نحو يوفق بين مصلحة الموظف والمصلحة العامة على أساس عادل، ومفاد هذا الأصل انتظار البت في ترقية الموظف حتى يفصل فيما نسب إليه مما يستوجب محاكمته تأديبياً، فإذا انتهت هذه المحاكمة تكشف مركز الموظف القانوني إزاء استحقاقه وهذه الترقية فإن انتهت المحاكمة إلى عدم قيام المانع من الترقية المذكورة المعلقة في خلال السنة المحجوز له درجة فيها، استحق الترقية إلى هذه الدرجة وجوباً من تاريخ حجزها لانقضاء الشرط الواقف الذي كان يحول بين الموظف وبين شغل الدرجة فعلاً ولما كانت وزارة الخزانة قد أجرت في 30 من أغسطس سنة 1962 حركة ترقيات إلى الدرجة الثانية وقامت بحجز درجة للمدعي حتى يفصل في الدعوى التأديبية المقامة ضده، وإذ صدر الحكم في هذه المحاكمة في 13 من نوفمبر سنة 1962 أي خلال السنة المحجوز له درجة خلالها، بعقوبة الإنذار وهي ليست من العقوبات التي يترتب عليها إرجاء الترقية طبقاً للمادة 103 سالفة الذكر، فإن المدعي يكون مستحقاً للترقية إلى الدرجة المحجوزة له اعتباراً من تاريخ هذا الحجز.
ومن حيث أن الطعن يقوم على أن مفاد نص المادة 106 من القانون رقم 210 لسنة 1951 أنه لا يجوز النظر في ترقية موظف محال إلى المحاكمة التأديبية، بل يجب الانتظار حتى يتم البت في أمر محاكمته، فإذا استطالت المحاكمة لأكثر من سنة وثبتت عدم إدانته، وجب عند الترقية احتساب أقدميته في الدرجة من الوقت الذي كانت تتم فيه لو لم يحل إلى المحاكمة التأديبية فالشرط الجوهري لامكان الرجوع بالأقدمية إلى الماضي هو صدور حكم بعدم الإدانة، أما إذا صدر حكم بالإدانة أياً كانت فإن الموظف لا يستفيد من أثر الرجعية ولا يمكن أن يطالب بإرجاع أقدميته في الترقية إلى التاريخ الذي كانت تتم فيه لو لم يحل إلى المحاكمة التأديبية، فإذا ثبت ذلك وكان المدعي قد وصم حكم المحكمة التأديبية بالإدانة وذلك بتوقيع جزاء الإنذار قبله فإنه لا يمكن له والحالة هذه أن يستفيد من حكم المادة 106 بإرجاع أقدميته في الترقية، وإذ ذهب الحكم المطعون فيه غير هذا المذهب فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
ومن حيث أن المادة 106 من القانون رقم 210 لسنة 1951 في شأن نظام موظفي الدولة التي تمت حركة الترقيات محل المنازعة في ظل أحكامه تقضي بأنه "لا يجوز ترقية موظف محال إلى المحاكمة التأديبية أو موقوف عن العمل في مدة الإحالة أو الوقف وفي هذه الحالة يسري حكم المادة 104 فإذا استطالت المحاكمة لأكثر من سنة وثبتت عدم إدانة الموظف وجب عند ترقيته احتساب أقدميته في الدرجة المرقى إليها من التاريخ الذي كانت تتم فيه لو لم يحل إلى المحاكمة التأديبية" وقد نصت المادة 104 على أنه "في حالة الخصم من المرتب لغاية خمسة عشر يوماً وفي حالة تأجيل العلاوة مدة تقل عن سنة تحجز الدرجة للموظف إن كان له حق في الترقية إليها بالأقدمية على ألا تزيد مدة حجز الدرجة على سنة".
ومن حيث أن الواضح من نص المادة 106 أنها تقرر أصلاً عاماً هو عدم جواز ترقية الموظف المحال إلى المحاكمة التأديبية أو الموقوف عن العمل في مدة الإحالة أو الوقف، وقد ورد هذا النص مطلقاً، لم يستثن من حكمه إلا حالة ما إذا استطالت المحاكمة لأكثر من سنة وثبتت عدم إدانة الموظف، فإنه يجب عند ترقية الموظف - في هذه الحالة دون سواها - احتساب أقدميته في الدرجة المرقى إليها من التاريخ الذي كانت تتم فيه لو لم يحل إلى المحاكمة، والقول بأن عدم جواز ترقية الموظف المحال إلى المحاكمة التأديبية أو الموقوف عن العمل في مدة الإحالة أو الوقف، موقوف بصدور حكم في المحاكمة أو انتهاء الوقف، تعود بعده للموظف صلاحيته للترقية بأثر رجعي، هو تخصيص للأصل العام الذي قرره النص بغير متخصص.
ومن حيث أنه وأن كان الإنذار أخف العقوبات التأديبية إلا أن توقيعه يفيد حتماً معنى الإدانة، ومن ثم فإن توقيعه يحول دون إرجاع أقدمية الموظف إلى التاريخ الذي كانت تتم فيه ترقيته بالأقدمية لو لم يحل إلى المحاكمة التأديبية، ولا يقدح في هذا النظر أن المشرع في المادة 103 من القانون رقم 210 لسنة 1951 قد استثنى الإنذار من الجزاءات التأديبية التي يترتب على توقيعها تأخير ترقية الموظف مدة معينة، ذلك أن هذا النص - إنما يحظر ترقية الموظف الذي توقع عليه إحدى العقوبات التأديبية الواردة فيه إلا بعد انقضاء فترات معينة، أما نص المادة 106 فأنه يحظر ترقية الموظف المحال إلى المحاكمة التأديبية والموقوف عن عمله طوال مدة الإحالة أو الوقف، فإذا انتهت المحاكمة إلى توقيع إحدى العقوبات المنصوص عليها وذلك بالإضافة إلى سبق أعمال حكم المادة 106، فتأخير الترقية طبقاً للمادة 103 أثر تبعى من آثار توقيع العقوبات المنصوص عليها في هذه المادة، في حين أن عدم إرجاع الترقية إلى التاريخ الذي كانت تتم فيه لو لم يحل الموظف إلى المحاكمة التأديبية تطبيقاً للمادة 106 إنما هو أثر للحكم بالإدانة أياً كانت العقوبة المقضي بها.
ومن حيث أن المادة 106 تناولت فرضين، أولهما يتعلق بوضع الموظف المحال إلى المحاكمة التأديبية أو الموقف عن العمل والذي لا تستطيل فترة محاكمته أو وقفه عن سنة من تاريخ استحقاقه الترقية إلى الدرجة التالية للدرجة التي يشغلها بالأقدمية المطلقة، وثانيهما يتعلق بوضع الموظف المحال إلى المحاكمة التأديبية أو الموقوف عن العمل والذي تستطيل فترة محاكمته أو وقف عن سنة من تاريخ استحقاقه الترقية إلى الدرجة التالية للدرجة التي يشغلها بالأقدمية المطلقة.
ومن حيث أنه بالنسبة إلى الفرض الأول - وهو الذي ينطبق على حالة المدعي - فإن المادة 106 من القانون رقم 210 لسنة 1951 تقضى بحجز الدرجة للموظف مدة لا تزيد على سنة، وحجز الدرجة - في هذا الفرض - يدل دلالة واضحة على أن الموظف الذي حجزت له الدرجة يستحق الترقية إليها وجوباً من تاريخ زوال المانع من الترقية، وتعتبر أقدميته في الدرجة المرقى إليها من هذا التاريخ، أي بعد انقضاء الفترة التي لا يجوز ترقيته خلالها متى كان مستحقاً الترقية وقت حجز الدرجة، والقول بغير ذلك يجعل النص على حجز الدرجة لغوا، ذلك أن الموظف المحجوز له الدرجة يكتسب بهذا الحجز مركزاً قانونياً في الترقية إليها لا يجوز المساس به متى انقضت المدة التي لا يجوز ترقيته خلالها، وبعبارة أخرى فإن مؤدى حجز الدرجة للموظف، أن يرقى إليها من تاريخ زوال المانع من الترقية، وزوال المانع في حالة الإحالة إلى المحاكمة التأديبية إنما يكون بصدور حكم نهائي فيها، بحيث تجب ترقيته من هذا التاريخ ما لم يصدر الحكم بتوقيع إحدى العقوبات التي يترتب على توقيعها تأجيل الترقية طبقاً لما تقضي به المادة 103 السابق الإشارة إليها، أما إذا صدر الحكم بتوقيع عقوبة الإنذار، وهي عقوبة لا تؤجل الترقية طبقاً لنص المادة 103 فإنه يتعين ترقية الموظف من تاريخ صدور الحكم النهائي.
ومن حيث أنه لما كان المدعي قد أحيل إلى المحاكمة التأديبية في 29 من ديسمبر سنة 1961 وصدرت حركة الترقيات إلى الدرجة الثانية في 30 من أغسطس سنة 1962 مع حجز درجة ثانية له وفي 13 من نوفمبر سنة 1962 صدر حكم المحكمة التأديبية بتوقيع عقوبة الإنذار عليه، فإنه تطبيق صحيح لحكم القانون في حقه - ما دامت محاكمته لم تستطل لأكثر من سنة، وما دامت هذه المحاكمة لم تنته بثبوت عدم إدانته وما دام قد جوزي بتوقيع عقوبة الإنذار - هو ترقيته من التاريخ الذي صدر فيه حكم المحكمة التأديبية، أي من تاريخ زوال المانع من ترقيته، طالما أنه كان مستحقاً الترقية وقت إجراء حركة الترقيات وأن الذي حال دون ترقيته هو إحالته إلى المحاكمة التأديبية.
ومن حيث أن الحكم المطعون فيه وقد ذهب غير هذا المذهب، وقضى بأحقية المدعي في الترقية من التاريخ الذي كانت تتم فيه لو لم يحل إلى المحاكمة التأديبية، يكون قد أخطأ في تأويل القانون وتطبيقه، ويتعين - والحالة هذه - القضاء بتعديله، واستحقاق المدعي احتساب أقدميته في الدرجة الثانية من 13 من نوفمبر سنة 1962 مع ما يترتب على ذلك من آثار، مع إلزامه بالمصروفات المناسبة.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بتعديل الحكم المطعون فيه، واستحقاق المدعي احتساب أقدميته في الدرجة الثانية من 13 من نوفمبر سنة 1962، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وألزمت المدعي بالمصروفات المناسبة.