مجلس الدولة - المكتب الفنى لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثالثة والأربعون - الجزء الثانى (من أول مارس سنة 1998 إلى آخر سبتمبر سنة 1998) - صــ 1021

(110)
جلسة 21 من مارس سنة 1998

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد جودت أحمد الملط نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الاساتذة المستشارين/ محمد مجدى محمد خليل، وعويس عبد الوهاب عويس، والإمام عبد المنعم إمام الخريبى، ومحمد عبد الحميد مسعود نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 621 لسنة 37 قضائية عليا

( أ ) دعوى الإلغاء - ميعاد رفعها - بدء سريان الميعاد - العلم اليقينى - مناطه.
المادة رقم 24 من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972.
إن العلم اليقينى الذى يقوم مقام نشر القرار الإدارى اللائحى أو إعلان صاحب الشأن به إذا كان قرارا إداريا فرديا يقوم بحسب تكييف المحكمة وإقتناعها بحصوله على ركنين، الأول: أن يكون يقينياً لا ظنياً وثابتاً لا إفتراضيا، فلا يكفى لبدء ميعاد رفع الدعوى الأخذ بالظن أو إفتراض علم صاحب الشأن بالقرار - يجب فى العلم الذى يقوم مقام النشر أو الإعلان أن يكون إيجابياً ومؤكدا لا مستنتجاً من قرائن تقبل العكس - ثانياً: أن يكون شاملاً لجميع عناصر القرار بما يمكن صاحب الشأن من تحديد مركزه القانونى بالنسبة إلى هذا القرار ويستطيع أن يحدد على مقتضى ذلك طريقه فى الطعن فيه - إذا تخلف أحد هذين الركنين فقد العلم المنتج أثره فى بدء سريان ميعاد دعوى الإلغاء - لا يعتبر من قبيل العلم اليقينى قيام الجهة الادارية بتنفيذ القرار دون أن يثبت إحاطة ذوى الشأن علماً بهذا التنفيذ أو بالقرار وأسبابه - تطبيق.
(ب) عاملون مدنيون بالدولة - ترقية - إحالة العامل إلى المحاكمة الجنائية - أثر ذلك وحكمه.
المادة رقم 87 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة رقم 47 لسنة 1978.
المشرع حظر ترقية العامل المحال إلى المحاكمة التأديبية أو المحاكمة الجنائية أو الموقوف عن العمل فى مدة الإحالة أو الوقف إذا إستحق الترقية خلال تلك المدة - المشرع أوجب فى هذه الحالة حجز الوظيفة له لمدة سنة - إذا إمتدت المحاكمة لأكثر من سنة تحللت جهة الإدارة من واجب حجز الوظيفة بل لها شغلها بغيره وتسوى حالة العامل تبعاً لنتيجة محاكمته - حدد المشرع متى يعتبر العامل محالاً إلى المحاكمة التأديبية وسكت عن تحديد التاريخ الذى يعد العامل محالاً فيه إلى المحاكمة الجنائية - يتعين لتحديد مفهوم الإحالة إلى المحاكمة الجنائية الرجوع للقواعد العامة المعمول بها فى قانون الاجراءات الجنائية والتى مؤداها أن الإحالة إلى المحاكمة الجنائية تتم بصدور أمر الإحالة من قاضى التحقيق أو بتكليف المتهم بالحضور أمام المحكمة المختصة من قبل النيابة العامة أو المدعى بالحق المدنى - أثر ذلك: أن مجرد إحالة العامل إلى النيابة العامة للتحقيق معه فيما نسب إليه من مخالفات تخالطها شبهة الجريمة الجنائية لا تعتبر إحالة إلى المحاكمة الجنائية بما يستتبع تطبيق حكم المادة المذكورة حتى لا يترتب الترك فى الترقية على مجرد شبهات تحوم حول العامل تستدعى سؤاله أمام سلطات التحقيق وقبل أن يوجه إليه أى إتهام - تطبيق.


إجراءات الطعن

فى يوم الاثنين الموافق 21/ 1/ 1991 أودعت هيئة قضايا الدولة نيابة عن السادة/ وزير التربية والتعليم، ومحافظ المنيا، ووكيل وزارة التربية والتعليم، قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن، قيد بجدولها برقم 621 لسنة 37 قضائية ضد السيد ............، فى حكم محكمة القضاء الإدارى (دائرة أسيوط) بجلسة 27/ 11/ 1990 فى الدعوى رقم 643 لسنة 1 قضائية، والقاضى "بقبول الدعوى شكلا، وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام الجهة الإدارية المصروفات".
وطلبت فى ختام تقرير الطعن - ولما تضمنه من أسباب - الحكم بقبول الطعن شكلا وبوقف تنفيذ ثم إلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء أولاً: وبصفة أصلية: بعدم قبول الدعوى، لرفعها بعد الميعاد" وثانياً: وبصفة إحتياطية (أ) بعدم قبول الدعوى، لرفعها على غير ذى صفة بالنسبة للمدعى عليهما الأول والثالث، (ب) وبرفض الدعوى، وفى أى من الحالات بالزام المطعون ضده المصروفات والأتعاب شاملة درجتى التقاضى.
وأعلن تقرير الطعن، وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريرا مسببا برأيها القانونى ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض الدعوى، وإلزام المطعون ضده المصروفات.
وتحددت جلسة 28/ 7/ 1997 لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون، وبها نظر، وبما تلاها من جلسات إلى أن قررت الدائرة بجلسة 24/ 11/ 1997 إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثانية) لنظره بجلسة 10/ 1/ 1998، وبها نظر، وقررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم، وبها صدر، وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به


المحكمة

بعد الإطلاع على الأوراق وسماع الايضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص فى أن السيد/ .......... أقام أمام محكمة القضاء الإدارى (دائرة الترقيات) الدعوى رقم 1970 لسنة 41ق ضد السادة/ وزير التربية والتعليم، ومحافظ المنيا، ووكيل وزارة التربية والتعليم بالمنيا، بصحيفة أودعت قلم كتاب المحكمة بتاريخ 17/ 1/ 1987 طلب فى ختامها الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء القرار رقم 48 لسنة 1985 والصادر به الأمر التنفيذى رقم 8 لسنة 1985، وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية المصروفات ومقابل أتعاب المحاماه، استنادا إلى أنه حصل على دبلوم المدارس الثانوية التجارية سنة 1970، وعين بوظفية كاتب بتاريخ 8/ 9/ 1970 بإدارة سمالوط التعليمية بمديرية التربية والتعليم بالمنيا، ثم رقى إلى وظيفة كاتب ثان بالدرجة الثانية إعتبارا من 23/ 1/ 1985 بقرار السيد/ محافظ المنيا الصادر به قرار مديرية التربية والتعليم بالمنيا رقم 4 بتاريخ 31/ 1/ 1985، بيد أنه فوجئ بتاريخ 22/ 10/ 1986 بصدور القرار رقم 48 بتاريخ 21/ 4/ 1985 بسحب القرار رقم 4 بتاريخ 31/ 1/ 1985، فتظلم منه، وأخطر بتاريخ 30/ 11/ 1986 برفض تظلمه، تأسيساً على أن سبب سحب قرار الترقية هو اتهامه فى القضية رقم 554 لسنة 1980، فى حين أن هذا الإتهام لازال فى دور التحقيق، ولم تتم إحالته إلى المحاكمة الجنائية، ولا يجوز من ثم وطبقا للمادة (87) من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة رقم 47 لسنة 1978، حرمانه من الترقية، هذا إلى أن قرار الترقية قد تحصن بفوات ميعاد السحب أو الإلغاء، ويكون القرار رقم 48 لسنة 1985، والأمر التنفيذى رقم 8 لسنة 1985، مخالفين للقانون، لذلك فهو يقيم دعواه بغية الحكم له بطلبه - وتنفيذاً لقرار رئيس مجلس الدولة رقم 121 لسنة 1989، بإنشاء دائرة لمحكمة القضاء الإدارى بمدينة أسيوط أحيلت الدعوى إلى هذه الدائرة وقيدت برقم 463 لسنة 1ق، وبجلسة 27/ 11/ 1990 قضت المحكمة "بإلغاء القرار المطعون فيه، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وألزمت الجهة الإدارية المصروفات".
وشيدت المحكمة قضاءها بقبول الدعوى شكلا، الوارد فى الأسباب، على أساس أن القرار المطعون فيه صدر بتاريخ 21/ 4/ 1985، وعلم به المدعى، حسبما قرر فى صحيفة الدعوى فى 22/ 10/ 1986 ولم تنازع الإدارة فى ذلك، وتظلم بذات التاريخ، وأخطر بتاريخ 30/ 11/ 1986 برفض تظلمه، وأقام دعواه بتاريخ 17/ 1/ 1987، فإن الدعوى تكون مقامه خلال الميعاد، وإستوفت كافة أوضاعها الشكلية، ويتعين الحكم بقبولها شكلا. أما قضاء المحكمة بإلغاء القرار المطعون فيه فقد بنى على سند من القول بأن الثابت من أوراق الدعوى أن المدعى كان محالا للمحاكمة الجنائية فى القضية رقم 2225 لسنة 1981 جنايات سمالوط، ثم صدر القرار رقم 4 لسنة 1985 بتاريخ 31/ 1/ 1985 بترقيته لوظيفة كاتب ثان بالدرجة الثانية الكتابية. وبتاريخ 21/ 2/ 1985 استفسرت الإدارة التعليمية من شئون العاملين بالمديرية عما تم فى إحالته للمحاكمة الجنائية، وردت شئون العاملين بكتابها رقم 200 بتاريخ 23/ 2/ 1985 بأنه محال للنيابة العامة فى القضية رقم 1467 لسنة 1981 وطلبت من الإدارة عدم تنفيذ قرار المديرية رقم 4 لسنة 1985، وأن المديرية ستوافى الادارة بقرار الإلغاء فور الإنتهاء منه، وبتاريخ 21/ 4/ 1985 صدر القرار رقم 48 لسنة 1985 المطعون فيه، وهذا يفيد أن المدعى كان محالا للمحاكمة الجنائية و من ثم لا يجوز، طبقا للمادة (87) من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة، ترقيته أثناء فترة الإحالة، وكان على جهة الإدارة أن تسارع فى سحب ذلك القرار خلال الميعاد المقرر قانونا لسحب القرارات الإدارية المخالفة للقانون وهو ستون يوما من تاريخ صدور القرار المخالف للقانون، إلا أنها خالفت وأصدرت القرار المطعون فيه بعد الميعاد المقرر لسحب القرارات الإدارية المخالفة المبنية على سلطة تقديرية، ومن ثم يكون قرارها مخالفا للقانون جديراً بالإلغاء.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن الحكم المطعون فيه خالف القانون، وأخطأ فى تطبيقه وتأويله، وذلك لما يلى:
(1) لأنه: قضى بقبول الدعوى شكلا، فى حين أن المدعى تظلم من القرار المطعون فيه فى 3/ 10/ 1986، بعد الميعاد المنصوص عليه بالمادة (24) من قانون مجلس الدولة، ومن المتيقن أنه قد علم بهذا القرار فور صدوره، حين صرف له مرتبه ناقصا عما إعتاد أن - يقبضه شهرياً.
(2) ولأنه قضى بقبول الدعوى بالنسبة إلى كل من السيد/ وزير التربية والتعليم، والسيد وكيل وزارة التربية والتعليم بالمنيا، فى حين أنه طبقا لقانون الإدارة المحلية رقم 43 لسنة 1979، فإن المحافظ هو وحده صاحب الصفة فى الدعوى.
(3) ولأنه قضى بإلغاء القرار المطعون فيه، على الرغم من أن الثابت أن المدعى رقى بالقرار رقم 4 فى 31/ 1/ 1985 إلى وظيفة كاتب ثان من الدرجة الثانية بالمجموعة النوعية للوظائف المكتبية إعتبارا من 23/ 1/ 1985، ثم تبين لشئون العاملين أن المدعى محالا للنيابة العامة لاتهامه فى القضية رقم 1467 لسنة 1981 وأحيل للمحاكمة الجنائية، فمن ثم يتعين إعمالا للمادة (87) من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة، عدم ترقيته، وعليه فإن القرار رقم 4 لسنة 1985 بترقية المدعى يكون قد خالف القانون مخالفة جسيمة تنحدر به إلى درجة العدم، هذا إلى أن هذا القرار قد صدر فاقدا لركن النية، لأن الجهة الإدارية أصدرته على فهم منها بأن المدعى لا يقوم به مانع من موانع الترقية، كما أنه صدر بناء على تدليس من المدعى الذى كان يعلم أنه محال إلى المحاكمة الجنائية، ومن ثم فإنه يجوز سحبه فى أى وقت دون التقيد بميعاد.
ومن حيث إنه عن الدفع بعدم قبول الدعوى، لرفعها على غير ذى صفة بالنسبة إلى السيدين/ وزير التربية والتعليم، ووكيل وزارة التربية والتعليم بمحافظة المنيا، فإنه لما كان الثابت أن المدعى من العاملين بمديرية التربية والتعليم بمحافظة المنيا، فمن ثم فإن صاحب الصفة فى الدعوى يكون محافظ المنيا وحده، إعمالا لما تقضى به المادة (4) من قانون الإدارة المحلية رقم 43 لسنة 1979، من أن يمثل المحافظة محافظها، كما يمثل كل وحدة من وحدات الإدارة المحلية الأخرى رئيسها أمام القضاء وفى مواجهة الغير، وبناء على ذلك فإنه يتعين الحكم بإخراج كل من السيدين/ وزير التربية والتعليم، ووكيل وزارة التربية والتعليم من الدعوى بلا مصروفات.
ومن حيث إنه عن الدفع بعدم قبول الدعوى شكلا، لرفعها بعد الميعاد المنصوص عليه بالمادة (24) من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972، فإن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن العلم اليقينى الذى يقوم مقام نشر القرار الإدارى اللائحى أو إعلان صاحب الشأن به إذا كان قرارا إداريا فرديا، يقوم بحسب تكييف المحكمة وإقتناعها بحصوله، على ركنين، الأول: أن يكون يقينا لا ظنيا، وثابتا لا إفتراضيا، لا يكفى إذن لبدء ميعاد رفع الدعوى الأخذ بالظن أو إفتراض قيام علم صاحب الشأن بالقرار، ويجب فى العلم الذى يقوم مقام النشر أو الإعلان، أن يكون إيجابيا ومؤكدا لا مستنتجا من قرائن تقبل العكس، وثانياً: أن يكون شاملا لجميع عناصر القرار بما يمكن صاحب الشأن من تحديد مركزه القانونى بالنسبة إلى هذا القرار ويستطيع أن يحدد على مقتضى ذلك طريقه فى الطعن فيه، فإذا تخلف أحد هذين الركنين فقد العلم المنتج أثره فى بدء سريان ميعاد دعوى الإلغاء، ومن ثم لا يعتبر من قبيل العلم اليقينى قيام الجهة الإدارية بتنفيذ القرار دون أن يثبت إحاطة ذوى الشأن علما بهذا التنفيذ أو بالقرار وأسبابه، فمن ثم وإذ لم تقدم الجهة الإدارية، بحسبان أن عبء الإثبات يقع على عاتقها، ما يثبت أن المدعى قد علم بالقرار المطعون فيه قبل التاريخ الذى ذكره فى عريضة دعواه، وهو 22/ 10/ 1986، بل اقتصرت فى إقامة دفعها بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد، على القول بأنه من المتيقن أن المدعى علم بالقرار المطعون فيه فور صدوره وذلك حين صرف له مرتبه ناقصا عما كان قد اعتاد أن يقبضه شهريا، بل إن المدعى قدم بجلسة 28/ 7/ 1997 حافظة مستندات بها ما يثبت أن خصم علاوة الترقية رقم 48 لسنة 1985، لم يجر إلا إعتبارا من مرتب شهر نوفمبر سنة 1986، بناء على الخطاب الوارد لمدرسة أطسا الإعدادية، حيث يعمل المدعى، من إدارة سمالوط التعليمية بتاريخ 22/ 10/ 1986، والمقيد بوارد المدرسة تحت رقم 252 بتاريخ 22/ 10/ 1986، وإذ لم تجحد الجهة الإدارية كذلك ما ذكره المدعى بصحيفة الدعوى من أنه تظلم من القرار الساحب للترقية المطعون فيه، وأخطر برفض تظلمه بتاريخ 22/ 11/ 1986، فإن المدعى وإذ أقام دعواه بتاريخ 17/ 1/ 1987 يكون قد أقامها فى الميعاد المقرر لدعوى الإلغاء، وإذ قضى الحكم المطعون فيه بقبولها شكلا، فإنه يكون قد أصاب صحيح حكم القانون، ويغدو النعى عليه فى هذا الخصوص غير قائم على سند من القانون حريا بالرفض.
ومن حيث إن المادة (87) من قانون نظام العاملين المدنين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978، تنص على أن "لا تجوز ترقية عامل محال إلى المحاكمة التأديبية أو المحاكمة الجنائية أو موقوف عن العمل فى مدة الإحالة أو الوقف، وفى هذه الحالة تحجز للعامل الوظيفة لمدة سنة فإذا إستطالت المحاكمة لأكثر من ذلك وثبت عدم إدانته أو وقع عليه جزاء الإنذار أو الخصم أو الوقف عن العمل لمدة خمسة أيام فأقل وجب عند ترقيته إحتساب أقدميته فى الوظيفة المرقى إليها من التاريخ الذى كانت تتم فيه لو لم يحل إلى المحاكمة التأديبية أو المحاكمة الجنائية ويمنح أجرها من هذا التاريخ.
ويعتبر العامل محالا للمحاكمة التأديبية من تاريخ طلب الجهة الإدارية أو الجهاز المركزى للمحاسبات من النيابة الإدارية إقامة الدعوى التأديبية "والواضح من هذا النص أن المشرع حظر ترقية العامل المحال إلى المحاكمة التأديبية أو المحاكمة الجنائية أو الموقوف عن العمل فى مدة الإحالة أو الوقف، إذا استحق الترقية خلال تلك المدة، وأوجب فى هذه الحالة حجز الوظيفة له لمدة سنة، فإذا أمتدت المحاكمة لأكثر من سنة، تحللت جهة الإدارة من واجب حجز الوظيفة بل لها شغلها بغيره، وتسوى حالة العامل تبعا لنتيجة محاكمته، وقد حدد المشرع متى يعتبر العامل محالا إلى المحاكمة التأديبية، فى تطبيق حكم هذا النص، وسكت عن تحديد التاريخ الذى يعد العامل محالا فيه إلى المحاكمة الجنائية. لذلك ذهبت المحكمة الإدارية العليا إلى أنه يتعين لتحديد مفهوم الإحالة إلى المحاكمة الجنائية الرجوع للقواعد العامة المعمول بها فى قانون الإجراءات الجنائية والتى مؤداها أن الإحالة إلى المحاكمة الجناية تتم بصدور أمر الإحالة من قاضى التحقيق أو بتكليف المتهم بالحضور أمام المحكمة المختصة من قبل النيابة العامة أو المدعى بالحق المدنى، وبالتالى فإن مجرد إحالة العامل إلى النيابة العامة للتحقيق معه فيما نسب إليه من مخالفات تخالطها شبهة الجريمة الجنائية لا تعتبر إحالة للمحاكمة الجنائية بما يستتبع تطبيق حكم المادة المذكورة حتى لا يترتب الترك فى الترقية على مجرد شبهات تحوم حول العامل تستدعى سؤاله أمام سلطات التحقيق وقبل أن توجه إليه أى إتهام.
ومن حيث إنه بناء على ما تقدم، ولما كان الثابت من الأوراق المودعة ملف الدعوى أن الجهة الإدارية أصدرت القرار رقم 4 بتاريخ 31/ 1/ 1985، بترقية المدعى إلى وظيفة كاتب ثان من الدرجة الثانية إعتبارا من 23/ 1/ 1985، ثم تبين لها أنه أحيل إلى النيابة العامة فى القضية رقم 554 لسنة 1980، ولم يكن قد بت فيها، وعليه قامت بإصدار القرار رقم 48 فى 21/ 4/ 1985، بحسب قرار ترقية المدعى، لإحالته للنيابة العامة، ولصدور القرار بالمخالفة لنص المادة (87) من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978، الآنف ذكرها، ثم ورد إلى مديرية التربية والتعليم بالمنيا بأن القضية عدلت من رقم 1467 لسنة 1981 إلى رقم 2225 لسنة 1981 جنايات أسيوط وأنها قد أحيلت إلى محكمة أمن الدولة فى 18/ 4/ 1987 وقيدت برقم 223 لسنة 1981 كلى المنيا، ومؤدى ذلك أن المدعى كان عند حلول ترقيته محال للنيابة العامة للتحقيق معه، ولم تكن النيابة العامة قد تصرفت فى التحقيق، ومن ثم فما كان يجوز تركه مؤقتا فى الترقية، وإذ صدر القرار رقم 4 بتاريخ 31/ 1/ 1985، بترقيته إلى وظيفة كاتب ثان من الدرجة الثانية إعتبارا من 23/ 1/ 1985، فإنه يكون قد صدر وفقا لأحكام القانون.
ولما كان من المقرر أن القرارات التى تصدر سليمة لا يجوز سحبها، فعليه فإن القرار رقم 48 فى 21/ 4/ 1985، بسحب قرار ترقية المدعى، يكون قد قام على غير سبب يبرره، ويخالف القانون، الأمر الذى يستوجب الحكم بإلغائه، وإذ إنتهى الحكم المطعون فيه إلى هذه النتيجة فإنه يكون قد صدر طبقا لأحكام القانون، محمولا على الأسباب الواردة فى هذا الحكم لذلك يتعين رفض الطعن، وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.

فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، ورفضه موضوعا، وألزمت الجهة الإدارية المصروفات.