مجلس الدولة - المكتب الفنى لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثالثة والأربعون - الجزء الثانى (من أول مارس سنة 1998 إلى آخر سبتمبر سنة 1998) - صــ 1111

(120)
جلسة 12 من ابريل سنة 1998

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ على فؤاد الخادم رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الاساتذة المستشارين/ جودة عبد المقصود فرحات، ومحمد عبد الرحمن سلامة، وسامى أحمد محمد الصباغ، وأحمد عبد العزيز أبو العزم نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 3347 لسنة 40 قضائية عليا

استيلاء - استيلاء على العقارات لصالح المجهود الحربى - أحكامه.
المواد 1، 2، 24 من القانون رقم 87 لسنة 1960 من شأن التعبئة العامة - لوزير الدفاع أن يصدر قراراً بكل أو بعض التدابير اللازمه للمجهود الحربى - ومنها الاستيلاء على العقارات - سواء كانت حالة التعبئة معلنة أم غير معلنة - اساس ذلك أن انتهاء - حالة الحرب وإن جاز أن يكون سبباً لإنهاء التعبئة العامة وفقاً لتقدير الجهة المختصة إلا أنها لا تعنى أن المجهود الحربى قد فقد دواعيه واستنفذ أغراضه، فالمجهود الحربى مطلوب فى جميع الظروف والأوقات سلما وحربا، فالدول لا تستغنى عن الجيوش والقوات التى تحمى أمنها وسلامتها فى جميع هذه الأوقات ولابد أن تكون على أهبة الاستعداد تدريبا وتسليحا وسهرا على حماية حدودها براً وجواً وبحراً وذلك كله يفترض أن المجهود الحربى هو جهد دائم وشغل شاغل للقائمين على هذا المرفق الحيوى لأى بلد من البلاد وهو غير مرتبط بقيام حالة حرب أو إعلان التعبئة العامة - يتعين لقيام القرار الصادر بأحد التدابير اللازمة للمجهود الحربى والمتصلة أن تكون هناك حالة ضرورة تدعو إلى اتخاذه وينتهى هذا التدبير بحكم اللزوم بانتهاء حالة الضرورة التى كانت المسوغ القانونى لبقائه - تطبيق.


إجراءات الطعن

فى يوم الأحد الموافق 3/ 7/ 1994 أودعت هيئة قضايا الدولة بصفتها نائبة عن الطاعنين، قلم كتاب هذه المحكمة تقرير الطعن الماثل فى الحكم المشار إليه، والقاضى بقبول الدعوى رقم 8874 لسنة 47ق شكلاً، وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وإلزام الجهة الإدارية المصروفات، وبعدم جواز نظر طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه فى الدعوى رقم 1521 لسنة 48ق لسابقة الفصل فيه وإلزام المدعى المصروفات، والأمر بإحالة الدعويين إلى هيئة مفوضى الدولة لتحضيرهما، وإعداد تقرير بالرأى القانونى فى طلب الإلغاء.
وطلبت هيئة قضايا الدولة للأسباب المبينة فى تقرير الطعن تحديد أقرب جلسة أمام دائرة فحص الطعون لتأمر أولاً - بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه - ثانياً: بإحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا للحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وإلزام المطعون ضده بالمصروفات.
وبعد إعلان الطعن على النحو المبين قانوناً، أودعت هيئة المفوضين تقريراً مسببا بالرأى القانونى انتهت فيه إلى أنها ترى الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه، مع إلزام المطعون ضده بالمصروفات. وتحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 5/ 6/ 1995، وجرى تداوله على النحو المبين بمحاضر الجلسات، وبجلسة 21/ 8/ 1995 حضر الاستاذ ....... المحامى عن الاستاذ ...... المحامى بتوكيل سابق إثباته عن المطعون ضده وقدم حافظة مستندات وطلب تكليف الجهة الإدارية بتقديم الخريطة المساحية المرفقة بقرار الاستيلاء، وقررت الدائرة التأجيل لجلسة 5/ 2/ 1996 للاطلاع وتقديم المستندات والمذكرات لمن يشاء، وفى الجلسة المشار إليها حضر الأستاذ الدكتور ......... المحامى، والأستاذ...... المحامى عن المطعون ضده وصرح الحاضر الأول بأن ما يصدر عن الجمعية العمومية فى النزاع المعروض عليها لا يمس المطعون ضده وطلب انتقال المحكمة أو هيئة المفوضين للمعاينة على الطبيعة وبيان ما إذا كان هناك مطار يعمل بكامل طاقته من عدمه، وقررت الدائرة التأجيل لجلسة 3/ 6/ 1996 بناء على طلب الحاضر عن المطعون ضده للاطلاع وتقديم مذكرات، ثم لجلسة 7/ 10/ 1996 بناء على طلب الحاضر عن الحكومة للتعقيب على المذكرة المقدمة من الحكومة، وبجلسة 16/ 12/ 1996 للقرار السابق ولتعقيب المطعون ضده على المذكرة المقدمة من الحكومة، ولجلسة 21/ 4/ 1996 للقرار السابق، ولجلسة 1/ 9/ 1997 بناء على طلب الحاضر عن الحكومة للتعقيب على المذكرة وحافظة المستندات المقدمتين من المطعون ضده، ولجلسة 1/ 12/ 1997 للتعقيب على مذكرة المطعون ضده المقدمة بالجلسة ثم تقرر إصدار الحكم بجلسة 5/ 1/ 1998، وفى هذه الجلسة تقرر احالة الطعن إلى دائرة الموضوع لنظره بجلسة 8/ 2/ 1998، وفيها قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم، حيث صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة قانوناً.
وحيث إن الطعن قد استوفى جميع عناصره الشكلية.
وحيث إنه عن الموضوع فإنه يتلخص - حسبما يبين من الأوراق - فى أن المطعون ضده كان قد أقام الدعوى رقم 8874/ 47ق أمام محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة بتاريخ 8/ 9/ 1993 طالبا الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء القرار رقم 59 لسنة 1993 فيما تضمنه من الاستيلاء على قطعة الأرض المملوكة له والكائنة بحوض سيرابيوم رقم 2 مركز فايد بمحافظة الإسماعيلية، وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام المدعى عليهما بالمصروفات، كما أقام الدعوى رقم 1100 لسنة 2 ق أمام محكمة القضاء الإدارى ببور سعيد بتاريخ 31/ 7/ 1993 طالباً فيها الحكم له بذات الطلبات، وقضت محكمة بور سعيد بجلسة 8/ 11/ 1993 بعدم اختصاصها محليا بنظرها وبإحالتها إلى محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة، حيث تم قيدها برقم 1521 لسنة 48ق.
وقال المدعى شرحا لدعواه أنه بتاريخ 17/ 7/ 1993 أصدر المدعى عليه الثانى القرار المطعون فيه الذى تضمن فى مادته الأولى الاستيلاء بطريق التنفيذ المباشر على قطعة الأرض التى تشغلها القوات المسلحة والبالغ مساحتها 7س 7ق 12ف تقريبا الموضحة معالمها بالخريطة المرفقة ونص فى المادة الثانية على تكليف رئيس هيئة العمليات بالقوات المسلحة بالتنسيق مع قيادة القوات الجوية وقيادة الجيش الثانى الميدانى لتنفيذ هذا القرار فور صدوره.
وذكر المدعى بأن القرار المطعون فيه، قد خالف أحكام القانون للأسباب الآتية: -
أولاً: إن حيازته للأرض مستقرة بعد شرائها، وأنه فوجئ سنة 1991 باستيلاء القوات المسلحة عليها وإتلاف معظم المزروعات والمنشآت، وأقام دعوى مستعجلة صدر فيها حكم نهائى فى الاستئناف رقم 6 لسنة 1992 الإسماعيلية برد الأطيان التى استولت عليها القوات المسلحة، استناداً إلى ما ثبت من أن الأرض تم غصبها وسلبها بالقوة رغم شرائه للأرض بعقود، وقيامه بالحيازة والزراعة ووضع اليد عليها منذ 16/ 3/ 1991 حيازة هادئة ومستقرة دون اعتراض من أحد، وأنه بادر بإعلان هذا الحكم النهائى للمدعى عليه الثانى أكثر من مرة، وأخيراً تم تنفيذه بتاريخ 17/ 7/ 1993 وتم تسليم الأرض إليه بواسطة لجنة عسكرية، إلا أنها قامت فى نفس اليوم بتسليم قسم شرطة فايد صورة من القرار المطعون فيه، وقامت بالاستيلاء على الأرض مرة أخرى فى نفس اليوم الأمر الذى يكشف التحايل على تنفيذ الحكم القضائى النهائى.
ثانيا: لم يتضمن القرار المطعون فيه الإشارة إلى حالة التعبئة العامة التى تبرر إصداره أو مدى حالة الاحتياج المتصلة بالمجهود الحربى للاستيلاء على الأرض، علما بأنه لا توجد حاجة حقيقية لهذه الأرض بعد أن قامت القوات المسلحة بإلغاء المطار الحربى القريب منها تنفيذا لأحكام معاهدة السلام مع إسرائيل، بدليل أنها تقوم بتأجير الأرض التى كانت تابعة للمطار للفلاحين ويقومون بزراعتها.
ثالثاً: تناقض القوات المسلحة فى تبرير الاستيلاء على الأرض، إذ تدعى مرة بأنها أموال خاصة مملوكة للدولة، ومرة أخرى تقول بأنها من الأموال العامة، وهذا الإدعاء يتناقض مع إصدار قرار الاستيلاء إذ كيف يتم الاستيلاء إذا كانت الأرض على ملك الدولة.
وخلص المدعى من ذلك إلى طلب الحكم له بالطلبات المبينة فى الدعويين المشار إليهما، خاصة وأنه يترتب على استمرار تنفيذ القرار المطعون فيه آثار لا يمكن تداركها.
وبجلسة 5/ 5/ 1994 قضت المحكمة بما يلي: -
أولاً: بقبول الدعوى رقم 8874/ 47ق شكلاً وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وألزمت الجهة الإدارية المصروفات.
ثانياً: بعدم جواز نظر طلب وقف التنفيذ فى الدعوى رقم 1521/ 48ق لسابقة الفصل فيه، وألزمت المدعى المصروفات.
وأمرت بإحالة الدعويين إلى هيئة مفوضى الدولة لتحضيرهما، وإعداد تقرير بالرأى القانونى فى طلب الالغاء.
وشيدت المحكمة قضاءها السالف على أساس أن الثابت من ظاهر الأوراق، وبالقدر اللازم للفصل فى طلب وقف التنفيذ، ومع عدم المساس بأصل طلب الإلغاء، أن بعض تابعى المدعى عليه الثانى قاموا بالاستيلاء على الأرض محل التداعى، وأقام المدعى دعوى استرداد حيازة، وصدر الحكم فيها برد حيازة الأطيان محل النزاع (الدعوى رقم 6 لسنة 1992 مستعجل مستأنف الإسماعيلية) وهى بذاتها الأرض التى صدر بشأنها القرار المطعون فيه، فقام المدعى بإعلان المدعى عليه الثانى لتنفيذ الحكم وتكررت المحاولات من جانبه دون جدوى، وبتاريخ 17/ 7/ 1993 قامت لجنة من القوات المسلحة بتنفيذ الحكم وتسليم الأرض للمدعى، ثم قامت بإبلاغ نائب مأمور قسم شرطة فايد بصدور القرار المطعون فيه، وقامت بتنفيذه بالقوة، مما يكون القصد من ذلك الإلتفاف حول الحكم الصادر لصالح المدعى، وأن تسليم الأرض لم يكن إلا تسليما صوريا، الأمر الذى مفاده أنه لم تكن هناك مصلحة عامة لإصدار القرار المطعون فيه، مما يصمه بعيب مخالفة القانون وإساءة استعمال السلطة، وبالتالى يكون مرجحاً إلغاؤه عند الفصل فى طلب الإلغاء، ويتوافر بذلك ركن الجدية أو المشروعية فى المطالبة بإيقاف تنفيذ القرار، فضلاً عن توافر ركن الاستعجال، إذ إنه يترتب على الإستمرار فى تنفيذ القرار المطعون فيه، حرمان المدعى من الانتفاع بأملاكه بالمخالفة لأحكام الدستور والقانون ويلحق به ضررا يتعذر تداركه. وحيث إن الطعن فى الحكم المطعون فيه، يقوم على أن الحكم أخطأ فى تطبيق القانون وتأويله إذ الثابت من وقائع النزاع أن الأرض موضوع النزاع كانت تابعة لمطار حربى وقامت القوات المسلحة بتأجيرها للفلاحين كأرض زراعية، وأن المطار لا يزال قائماً ويستخدم حتى الآن، ولا صحة لما زعمه المطعون ضده من أن الهدف من القرار المطعون عليه هو تعطيل تنفيذ الحكم القضائى النهائى الصادر لمصلحته، كما أن ما استند إليه المطعون ضده من أن التسليم كان صوريا فى غير محله، لأن الهدف الحقيقى هو احتياجات القوات المسلحة لهذا المطار، ومن ثم صدر القرار المطعون فيه وإن كان فى نفس التوقيت الذى تم فيه تنفيذ الحكم، فذلك لا يعنى أنه هناك إساءة لاستعمال السلطة، إذ من المعلوم أن الإدارة تتمتع بسلطة تقديرية واسعة فى تقدير لزوم الاستيلاء للمجهود الحربى، وأن قانون التعبئة هو قانون دائم، والمجهود الحربى والأمن القومى للبلاد بمعناه الشامل ينطوى على تأمين حدود البلاد وضمان سلامة الجبهة الداخلية فى السلم والحرب سواء بسواء وليس بسائغ القول بأن إنهاء الحالة الحرب بين مصر وإسرائيل ينهى ضرورة تأمين البلاد واستمرار المجهود الحربى ومد القوات المسلحة باحتياجاتها.
ومن حيث إن المادة (1) من القانون رقم 87 لسنة 1960 فى شأن التعبئة العامة تنص على أنه: - "تعلن التعبئة العامة بقرار من رئيس الجمهورية فى حالة توتر العلاقات الدولية أو قيام خطر الحرب أو نشوب الحرب، ويعلن رئيس الجمهورية انتهاء التعبئة بقرار منه عند زوال الحاجة التى أوجبت إعلانها، ويجوز فى غير هذه الأحوال اتخاذ بعض التدابير اللازمة للمجهود الحربى المبينة فى هذا القانون."
وتنص المادة (2) من هذا القانون على أنه: -
"يترتب على إعلان التعبئة العامة: أولا: الانتقال بالقوات المسلحة من حالة السلم إلى حالة الحرب ويشمل ذلك استدعاء الضباط الاحتياطيين 1 - ......... 2 - ....... 3 - ........ ثانيا: إلزام عمال المرافق العامة التى يصدر بتعيينها قرار من مجلس الدفاع الوطنى بالاستمرار فى أداء أعمالهم ..........
ثالثاً: إخضاع المصانع والورش والمعامل التى تعين بقرار من الجهة الإدارية المختصة للسلطة التى تحددها وذلك فى تشغيلها .........
رابعا............ الخ"
تنص المادة 42 فقرة رابعاً من القانون على أنه: -
"للجهة المختصة أن تصدر قرارا بكل أو بعض التدابير الآتية اللازمة للمجهود الحربى: ......... الاستيلاء على العقارات أو شغلها."
ومفاد ما تقدم أن التدابير المنصوص عليها فى المادة 24 من القانون، ومنها الاستيلاء على العقارات لا يلزم لاتخاذها إعلان حالة التعبئة العامة، خلافاً للإجراءات والتدابير المنصوص عليها فى المواد 2و 4و 5و 6و 7 من القانون، ومن ثم فاللجنة الإدارية المختصة (وزير الدفاع) أن يصدر قرارا بكل أو بعض التدابير اللازمة للمجهود الحربى سواء كانت حالة التعبئة معلنة أم غير معلنة.
ومتى استبان ذلك فلا وجه لما ذهب إليه المطعون ضده - وسايره فى ذلك الحكم المطعون فيه من أن انتهاء حالة الحرب بين مصر وإسرائيل بتوقيع معاهدة السلام بينهما، لا تجعل ثمة مبرراً للتذرع بالمجهود الحربى للاستيلاء على العقارات أو شغلها، ذلك لأن انتهاء الحرب وإن جاز أن يكون سببا لإنهاء التعبئة العامة وفقاً لتقدير الجهة المختصة، إلا إنها لا تعنى أن المجهود الحربى قد فقد دواعيه واستنفد أغراضه، فالمجهود الحربى مطلوب فى جميع الظروف والأوقات سلماً وحرباً، فالدول لا تستغنى عن الجيوش التى تحمى أمنها وسلامتها فى جميع الأوقات ولابد أن تكون على أهبة الاستعداد تدريبا وتسليحاً وسهراً على حماية حدودها براً وجواً وبحراًً وذلك كله يفترض أن المجهود الحربى هو جهد دائم وشغل شاغل للقائمين على هذا المرفق الحيوى لأى بلد من البلاد، وهو غير مرتبط بقيام حالة حرب أو إعلان التعبئة العامة.
وإنه ولئن كان ما تقدم إلا أنه قد سبق لهذه المحكمة أن قضت بأنه يتعين لقيام القرار الصادر بأحد التدابير اللازمة للمجهود الحربى والمتصلة أن تكون هناك حالة ضرورة تدعو إلى اتخاذه، وينتهى هذا التدبير بحكم اللزوم بانتهاء حالة الضرورة التى كانت المسوغ القانونى لبقائه "راجع حكمها فى الطعن رقم 906 لسنة 27ق الصادر بجلسة 15 من يونيه سنة 1985".
وبتطبيق ما سلف على واقعة النزاع المعروض، ولما كان المطعون ضده تقدم بمذكرة بدفاعه بتاريخ 5/ 11/ 1997 التمس فيها ما يلي: -
أصليا: رفض الطعن وتأييد الحكم المطعون فيه للأسباب المبينة تفصيلاً فى المذكرات المقدمة بالجلسات 3/ 6/ 1996و 16/ 12/ 1996و 29/ 6/ 1997و 1/ 9/ 1997 وحوافظ المستندات المقدمة بجلسات 21/ 8/ 1995 و 5/ 2/ 1996 و 2/ 6/ 1997 تعقيباً على قرار هيئة المفوضين.
واحتياطيا: إعادة الدعوى للمرافعة لمواجهة الإدارة بالحافظة، المرافقة، وتكليف جهة الإدارة بتقديم الخريطة محل القرار موضوع الدعوى. ومن باب الاحتياط الكلى: وقف الدعوى وإحالة الدفع بعدم الدستورية إلى المحكمة الدستورية العليا أو الإذن برفع الدعوى به طبقا لنص المادة 29 من قانون المحكمة الدستورية العليا.
وحيث إن الثابت من الاطلاع على حافظة مستندات الحكومة المقدمة بجلسة 1/ 12/ 1997 أنها تضمنت صورة القرار المطعون فيه، وهو القرار رقم 59 لسنة 1993 الصادر من وزير الدفاع بناء على القانون رقم 87 لسنة 1960 فى شأن التعبئة العامة، وقرار رئيس الجمهورية رقم 442 لسنة 1992 بتفويض وزير الدفاع فى بعض اختصاصات رئيس الجمهورية المنصوص عليها بالقانون رقم 131 لسنة 1962 وقد حددت ا لمادة الأولى من القرار الأرض المستولى عليها وهى قطعة الأرض الكائنة بحوض سرابيوم الشرقى رقم (2) مركز فايد بمحافظة الإسماعلية البالغ مساحتها 51683.42 متراً مربعاً (7 سهم 7 قيراط 12 فدان) تقريبا الموضح معالمها وحدودها بالخريطة المرفقة التى تشغلها حاليا القوات المسلحة، كما تضمنت الحافظة صورة الخريطة التى يطلب المطعون ضده تكليف جهة الإدارة بتقديمها.
وحيث إنه لما كان الثابت من وقائع النزاع والأوراق المرفقة، أنه لم تبين وجه الضرورة المسوغة لإصدار القرار المطعون فيه، ولا يكفى فى ذلك الحجاج بما ورد فى ديباجة ذلك القرار من الإشارة الى قانون التعبئة العامة رقم 87 لسنة 1960، إذ أنه يتعين أن يكون هناك مشروع معد لاستخدام الأرض المستولى عليها للمجهود الحربى، الأمر الذى لم توضحه الحكومة سواء قبل إصدار القرار المطعون فيه، أو أثناء دفاعها عنه فيما عدا ما ذكر من الأرض تعتبر مجاورة للمطار الحربى الموجود فى المنطقة ودون أن تبين الخرائط مدى قرب هذه القطعة أو بعدها من المطار، وما إذا كانت توجد أراض أخرى مجاورة للمطار أو لهذه الأرض، هذا فى حين أن المطعون ضده قدم ضمن حافظة مستنداته بجلسة 5/ 2/ 1996 صورة ضوئية من قرار إدارة المدعى العسكرى العام (نيابة الإسماعيلية العسكرية) الصادر فى نزاع بين أحد المواطنين (..........) وقائد مطار فايد الجوى بشأن تعدى الأخير على أرض المواطن المذكور، والتى تدخل ضمن مساحة القطعة رقم 648 لضمها إلى مصيف عائلات القوات المسلحة، وانتهى قرار النيابة العسكرية إلى أن قطعة الأرض لا تدخل ضمن المطار ولا تخص القوات المسلحة، ويمنع تعرض قائد المطار له فى ذلك، وأرفق صورة خريطة لهذه الأرض والتى توضح أنها مجاورة للأرض محل الاستيلاء، كما أرفق صورة ضوئية من كتاب مديرية المساحة بالإسماعيلية بتاريخ 13/ 5/ 1992 الموجه الى رئيس مركز ومدينة فايد بشأن القطعة رقم 648 ويتضمن أن المطار الحربى يشغل فقط مساحة 56 فدانا و6 قيراط، أما باقى المساحة فقد تم بيعها إلى أفراد وتم تسجيل العقود الخاصة بها، كما أرفق كتاب أمين الشهر العقارى الإسماعيلية المؤرخ 25/ 5/ 1992 إلى رئيس مأمورية الشهر العقارى بفايد الذى يتضمن أن القطعة رقم 648 حسب إفادة السجل العينى بالكتاب رقم 1111 المؤرخ رقم 13/ 5/ 1992، لا ينطبق عليها وصف المال العام بالنسبة للمساحة غير المشغولة بالمطار بل تدرج حسب حالتها الفعلية كأملاك أهالى أو أملاك خاصة، وكذلك أرفق عدد 36 صورة ضوئية لقعود مسجلة بالشهر العقارى بعضها مشهر سنة 1994 وسنة 1995 عن مساحات متفاوتة من القطعة رقم 648 فيما يطلق عليه لسان الوزراء ومتى كان ذلك وكان الظاهر من الأوراق، وبالقدر اللازم للفصل فى طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه، أن بعض تابعى المدعى عليه الثانى فى الدعويين المطعون على الحكم فيهما قاموا بالاستيلاء على الأرض محل النزاع والتى تقع ضمن القطعة رقم 648 أصلية فقام المطعون ضده برفع دعوى استرداد حيازة، وصدر الحكم فيها لصالحه فى القضية رقم 6 لسنة 1992 مستعجل مستأنف الإسماعيلية الابتدائية وقضى برد حيازة الأطيان محل النزاع وهى ذات الأرض الصادر بشأنها القرار المطعون فيه ولم يقم المدعى عليه الثانى بتنفيذ الحكم رغم تكرار محاولة المدعى تنفيذه بموجب مسودته، وأخيراً وبتاريخ 17/ 7/ 1993 قامت لجنة من القوات المسلحة بتنفيذ الحكم وتسليم الأرض للمحكوم له، إلا أن هذه اللجنة عادت وقامت باستلام الأرض مرة أخرى بعد إبلاغ مركز شرطة فايد بصدور القرار المطعون فيه بالاستيلاء عليها، وهذا يكشف عن أن الهدف من القرار تعطيل تنفيذ الحكم القضائى المشار إليه، مما يجعل ذلك القرار مخالفا للقانون، مشوبا بعيب إساءة استعمال السلطة، مما يرجح معه إلغاؤه عند الفصل فى طلب إلغائه.
ويتأكد ذلك من الاطلاع على القرار المطعون فيه المرفق ضمن حافظة مستندات الحكومة المقدمة بجلسة 1/ 12/ 1997 فقد خلا هذا القرار من تاريخ محدد لإصداره ولم يرد به سوى سنة 1413هـ 1993م وذكر فى ديباجة القرار أنه بناء على ما عرضه رئيس هيئة عمليات القوات المسلحة، دون أن يوضح مضمون ما تم عرضه أو فحواه، والذى قد يكون إعادة الاستيلاء على الأرض بعد فشل القوات المسلحة فى الحصول عليها عن طريق القضاء
وفى ضوء ما سلف بيانه، ولما كان الحكم المطعون فيه، قد انتهى إلى وقف تنفيذ القرار المطعون فيه، فأنه يكون قد وافق أحكام القانون، مما يتعين معه القضاء برفض الطعن لعدم قيامه على أسانيد صحيحة من الواقع أو القانون.

فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وبرفضه موضوعا والزمت الطاعنين المصروفات.