مجلس الدولة - المكتب الفنى لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثالثة والأربعون - الجزء الثانى (من أول مارس سنة 1998 إلى آخر سبتمبر سنة 1998) - صــ 1173

(127)
جلسة 26 من ابريل سنة 1998

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ رائد جعفر النفراوى نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ جوده عبد المقصود فرحات، وادوارد غالب سيفين، وسامى أحمد محمد الصباغ، وأحمد عبد العزيز أبو العزم نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 5366 لسنة 42 قضائية عليا

استيلاء - الاستيلاء على الأراضى الزراعية التى تقرر لزومها للمنفعة العامة - القيد الوارد عليه. المادة (14) من القانون رقم 10 لسنة 1990 بشأن نزع ملكية العقارات للمنفعة العامة والمادة (152) من قانون الزراعة رقم 53 لسنة 1966 المعدل بالقانون رقم 116 لسنة 1983.
لرئيس الجمهورية أو من يفوضه إصدار قرار بالاستيلاء بطريق التنفيذ المباشر على العقارات التى تقرر لزومها للمنفعة العامة - حظر المشرع إقامة أية مبانى أو منشئات على الأراضى الزراعية أو اتخاذ أية إجراءات لتقسيمها بغرض البناء عليها إلا فى الحدود التى أشارت إليها المادة (152) المشار إليها ومنها ضرورة موافقة وزير الزراعة على المشروعات ذات المنفعة العامة إذا شرع فى إقامتها على أرض زراعية - أثر ذلك - يترتب على اغفال تلك الموافقة المسبقة بطلان القرار والصادر بإقامة المشروعات المذكورة - تطبيق.


إجراءات الطعن

فى يوم السبت الموافق 20/ 7/ 1996 أودعت هيئة قضايا الدولة نيابة من الطاعنين قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 5366 لسنة 42ق فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة فى الدعوى رقم 2845 لسنة 50ق جلسة 2/ 6/ 1996 والقاضى بقبول الدعوى شكلاً وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام جهة الإدارة المصروفات.
وطلب الطاعنون للأسباب الواردة فى تقرير الطعن الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه بإحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا لتقضى بقبوله شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وإلزام المطعون ضدهم المصروفات.
وجرى إعلان الطعن للمطعون ضدهم على النحو الثابت بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضى الدولة تقريراً انتهت فيه إلى قبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه بإلزام المطعون ضدهم المصروفات.
وعينت جلسة 19/ 8/ 1996 لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون. وتداولت نظره بالجلسات التالية على النحو الثابت بمحاضرها وبجلسة 5/ 1/ 1988 قررت الدائرة إحالة الطعن للمحكمة الإدارية العليا "الدائرة الأولى موضوع "لنظره بجلسة 8/ 2/ 1998. وبهذه الجلسة قررت حجز الطعن ليصدر فيه الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع المرافعة وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية المقررة قانونا.
ومن حيث إن عناصر النزاع الماثل تنحصر فى أن المطعون ضدهم أقاموا الدعوى رقم 2845 لسنة 50ق أمام محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة طالبين الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 3061 لسنة 1995 فيما تضمنه من اعتبار مشروع إقامة محطة الصرف الصحى بقرية العجميين مركز أبشواى محافظة الفيوم من أعمال المنفعة العامة "والاستيلاء بطريق التنفيذ المباشر على الأراضى اللازمة لتنفيذ المشروع المشار إليه ومساحتها 4س 9ط 5ف المبين موقعها وحدودها وأسماء ملاكها بالكشف والرسم التخطيطى الإجمالى.
وقال المدعون شرحاً لدعواهم بأنه بتاريخ 2/ 12/ 1995 صدر القرار المطعون فيه وقبل صدوره كان محافظ الفيوم أصدر القرار رقم 102 لسنة 1993 بالاستيلاء المؤقت على الأرض المذكورة فأقاموا الدعوى رقم 6352 لسنة 37ق طعناً عليه لوجود أماكن أخرى تصلح لاقامة المشروع "وقد أصدرت محكمة القضاء الإدارى حكمها بوقف تنفيذ القرار الطعين إلا أن جهة الإدارة عادت. وأصدرت القرار رقم 127 لسنة 1994 بالاستيلاء المؤقت مرة أخرى على ذات الأرض لإقامة ذات المشروع فأقاموا الدعوى رقم 4490 لسنة 49ق حيث صدر فيها الحكم بجلسة 24/ 8/ 1995 بوقف تنفيذ القرار المذكور فأقامت الجهة الإدارية إشكالاً فى تنفيذه أمام القضاء العادى بغية تعطيل التنفيذ ثم فاجأتهم بإصدار القرار المطعون فيه.
ونعى المدعون على هذا القرار بمخالفته لأحكام القانون وانحرافه فى استعمال السلطة بسبب عدم اختيار الإدارة للمكان المناسب لتنفيذ المشروع وإصرارها على هذه المساحة بعينها رغم فقدانها للشروط الصحية المتطلبة حيث أن الموقع لا يبعد عن الكتلة السكنية من القرية إلا بمسافة 350 متراً بينما أن المشترط ألا تقل المسافة عن 500 متر، فضلاً عن أن القرار صدر بشأن أرض زراعية لم يأخذ موافقة وزير الزراعة بشأن إقامة منشآت عليها على النحو الذى يقضى به القانون.
وبجلسة 2/ 6/ 1996 أصدرت محكمة القضاء الإدارى حكمها بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وألزمت الجهة الإدارية مصروفات هذا الطلب.......
وأقامت المحكمة قضاءها على أساس أن القانون رقم 116 لسنة 1983 حظر المساس بالرقعة الزراعية وفى سبيل ذلك نص فى المادة (152) منه على أنه "يحظر إقامة أية مبانٍ أو منشآت فى الأرض الزراعية أو اتخاذ أية إجراءات فى شأن تقسيم هذه الأراضى لإقامة مبانٍ عليها .......
ويستثنى من هذا الحظر...... الأراضى التى تقيم عليها الحكومة مشروعات ذات نفع عام بشرط موافقة وزير الزراعة.
وحيث إنه وقد ثبت من المذكرات المقدمة من المدعين أن الأراضى المخصصة للمنفعة العامة هى من الأراضى الزراعية ولكن لم يصدر بشأنها موافقة من وزير الزراعة طبقاً لما يقضى به القانون "كما أن الجهة الإدارية لم تقدم ما يناقض هذا الدفاع فمن ثم يكون القرار المطعون فيه صدر مفتقداً لأحد شرائطه الجوهرية التى يترتب على إغفالها بطلانه مما يرجح معه الحكم بإلغائه. ويتوافر بذلك ركن الجدية فى طلب وقف تنفيذه إلى جانب توافر ركن الاستعجال لما يترتب على تنفيذ القرار من اتلاف لأراضى المدعين وحرمانهم من الانتفاع بها
وخلصت المحكمة من ذلك إلى قضائها السابق.
ومن حيث إن هذا الطعن يقوم على أساس مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والخطأ فى تطبيقه وتأويله ذلك لأن القرار الطعين لم يصدر إلا بعد اتخاذ كافة الإجراءات واستيفاء كافة الاشتراطات التى يتطلبها القانون لإقامة المشروعات ذات النفع العام على الأراضى الزراعية ومنها موافقة وزير الزراعة والصحة والمحليات وأن الحكم أخذ بأقوال المدعين المرسلة أساساً لما قضى به مما يجعله مخالفاً للواقع وللتطبيق الصحيح لحكم القانون.
وأودعت هيئة قضايا الدولة تأييداً لطعنها حافظة مستندات اشتملت على كتاب نائب رئيس الوزراء ووزير الزراعة رقم 6675 المؤرخ فى 26/ 10/ 1994 الموجه لمحافظ الفيوم بالموافقة على إقامة محطة صرف صحى بناحية العجميين بمساحة قدرها 4س 9ط 5ف طبقاً للحدود المبينة بمحضر معاينة الإدارة الزراعية بأبشواى، وخطاب مدير عام الشئون الصحية بالفيوم فى 9/ 9/ 1992 الموجه لرئيس قرية العجميين بما تضمنه محضر معاينة الموقع من أنه يبعد عن عزبة زهير من الجهة البحرية بمسافة 800 متر ويبعد عن المعهد الأزهرى والكتلة السكنية من الجهة القبلية بمسافة 550 متر، وعلى ذلك فإن مديرية الصحة توافق مبدئيا على إنشاء المحطة بهذا الموقع بعد موافقة الجهات المعنية الأخرى.
كما أودعت الرد على ما أشار إليه المطعون ضدهم من عدم مراعاة شرط المسافة طبقاً للشروط الصحية التى تتطلب أن يكون الموقع على بعد 500 متر على الأقل من الكتلة السكنية ببيانها أن المدعين اعتدوا بمنزلين متناثرين أقيما على خلاف نظم البناء كأساس لحساب هذه المسافة واختتمت الجهة الطاعنة طلباتها بالحكم بسابق طلباتها.
ومن حيث إن سلطة وقف تنفيذ القرارات الإدارية فى الأصل مشتقة من سلطة الالغاء وفرع منها مردها إلى رقابة المشروعية التى هى وزن القرار الإدارى بميزان القانون، فوجب على القضاء الإدارى ألا يوقف تنفيذ قرار إدارى إلا إذا تحقق من قيام ركنين أساسيين هما ركن الاستعجال بأن يترتب على تنفيذ القرار نتائج يتعذر تداركها وركن المشروعية بأن يكون ادعاء الطالب فى هذا الشأن قائما بحسب الظاهر على أسباب جدية تحمل على ترجيح إلغاء القرار وكلا الركنين من الحدود القانونية التى تحد سلطة محكمة القضاء الإدارى وتخضع بالتالى لرقابة المحكمة الإدارية العليا.
فبالنسبة لركن الجدية فإن المادة (14) من القانون رقم 10 لسنة 1990 بشأن نزع ملكية العقارات للمنفعة العامة تنص على أن "يكون للجهة طالبة نزع الملكية الاستيلاء بطريق التنفيذ المباشر على العقارات التى تقرر لزومها للمنفعة العامة وذلك بقرار من رئيس الجمهورية أو من يفوضه ينشر فى الجريدة الرسمية ويشمل بيانا إجماليا بالعقار واسم المالك الظاهر مع الإشارة إلى القرار الصادر بتقرير المنفعة العامة.
وتنص المادة (152) من قانون الزراعة رقم 53 لسنة 1966 المعدل بالقانون رقم 116 لسنة 1983 على أنه "يحظر إقامة أية مبانٍ أو منشآت فى الأراضى الزراعية أو اتخاذ أية اجراءات فى شأن تقسيم الأراضى لإقامة مبانٍ عليها.
ويعتبر فى حكم الأراضى الزراعية البور القابلة للزراعة داخل الرقعة الزراعية ويستثنى من هذا الحظر: أ - .......... ب - ...........
جـ - الأراضى التى تقيم عليها الحكومة مشروعات ذات نفع عام بشرط موافقة وزير الزراعة.
ومفاد المادتين السابقتين أن لرئيس الجمهورية أو من يفوضه إصدار قرار بالاستيلاء بطريق التنفيذ المباشر على العقارات التى تقرر لزومها للمنفعة العامة وحرصا على الرقعة الزراعية حظر المشرع إقامة أية مبانٍ أو منشآت على الأراضى الزراعية أو اتخاذ أية إجراءات لتقسيمها بغرض البناء عليها إلا فى الحدود التى أشارت إليها المادة (152) المشار إليها ومنها ما تتطلبه الفقرة (ج) من ضرورة موافقة وزير الزراعة على إقامة المشروعات ذات المنفعة العامة إذا شرع فى إقامتها على أراضى زراعية.
ويترتب على إغفال تلك الموافقة المسبقة بطلان القرار الصادر بإقامة المشروعات المذكورة.
ولما كان من الثابت بالأوراق أن رئيس مجلس الوزراء أصدر القرار رقم 3061 لسنة 1995 باعتبار مشروع إقامة محطة الصرف الصحى بقرية العجميين مركز أبشواى محافظة الفيوم من أعمال المنفعة العامة - والاستيلاء بطريق التنفيذ المباشر على الأراضى اللازمة لتنفيذ هذا المشروع والبالغ مساحتها 4س 9 ط 5ف المبين موقعها وأسماء ملاكها بالكشف والمذكرة المرفقة بالقرار - وقد صدر قرار رئيس مجلس الوزراء استناداً للتفويض الصادر له من رئيس الجمهورية رقم 390 لسنة 1993 بعد الحصول على الموافقات اللازمة ومنها موافقة نائب رئيس الوزراء ووزير الزراعة ومديرية الشئون الصحية بمحافظة الفيوم على الموقع.
ومن حيث إن رقابة القضاء الإدارى للقرارات الإدارية سواء فى مجال وقف تنفيذها أو فى مجال إلغائها هى رقابة قانونية تسلطها المحكمة فى الحالتين على هذه القرارات لتتعرف على مدى مشروعيتها من حيث مطابقتها للقانون نصا وروحاً، فينبغى ألا توقف أو تلغى قراراً إلا إذا كان على حسب الظاهر من الأوراق ومع عدم المساس بأصل طلب الإلغاء عند الفصل فيه متسما بمثل هذا العيب. ولما كانت محكمة القضاء الإدارى أوقفت تنفيذ القرار المطعون فيه على سند من اتسامه بعيب جوهرى يتعلق بالإجراءات وهو عدم حصول الجهة الإدارية على موافقة وزير الزراعة مسبقا قبل صدور القرار فضلاً عما تذرع به المدعون عن مخالفة الموقع لشرط المسافة من الناحية الصحية، ولقد انتفى هذا السبب الذى قام عليه الحكم الطعين بما أودعته الجهة الطاعنة من مستندات رسمية تفيد صدور الموافقات المطلوبة ومنها تلك الصادرة من وزير الزراعة فضلاً عن الالتزام بالإجراءات المتطلبة قانونا، لذا يكون طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه مفتقدا لركن الجدية وهو أحد الركنيين اللذين ينبغى أن يقوم عليها القرار مما يجعل وقف تنفيذه قائما على سند غير صحيح من الواقع وأحكام القانون.
وإذ ذهب الحكم المطعون فيه إلى غير ذلك فإنه يكون صدر على وجه يخالف صحيح أحكام القانون مما يتعين معه القضاء بإلغائه.
ومن حيث إن من يخسر الطعن يلزم بمصروفاته عملاً بحكم المادة (184) من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وألزمت المطعون ضدهم المصروفات.