مجلس الدولة - المكتب الفنى لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الواحدة والأربعون -الجزء الثانى (من أول إبريل سنة 1996 إلى آخر سبتمبر سنة 1996) - صـ 989

(111)
جلسة 6 من إبريل سنة 1996

برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور/ محمد جودت أحمد الملط نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الاساتذة/ محمد مجدى محمد خليل، وعويس عبد الوهاب عويس، والسيد محمد العوضى، ومحمود اسماعيل رسلان نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 4576 لسنة 35 القضائية

بنك التسليف الزراعى - الطبيعة القانونية - شركة من شركات القطاع العام - أثر ذلك - الاختصاص بنظر المنازعات الخاصة بالعاملين بها للمحاكم العمالية.
المادة (1) من القانون رقم 105 لسنة 1964 بإنشاء المؤسسة المصرية العامة للائتمان الزراعى والتعاونى.
بنوك التسليف الزراعى والتعاونى فى المحافظات تعتبر - بقوة القانون - شركات مساهمة - من شركات القطاع العام بحكم تبعيتها للمؤسسة العامة.
شركات القطاع العام تظل مع تملك الدولة لها شركات تجارية لكل منها شخصيتها الاعتبارية الخاصة وميزانيتها المستقله وبهذه المثابة تعتبر من أشخاص القانون الخاص وينتفى عن العاملين بتلك الشركات صفة الموظف العام وينتفى عن القرارات الصادرة منها صفة القرارات الادارية وينعقد الاختصاص بنظر المنازعات الخاصة بالعاملين بها للمحاكم العمالية دون محاكم مجلس الدولة. تطبيق.


إجراءات الطعن

بتاريخ 26/ 8/ 1989 أودع الأستاذ/ ......... المحامى بصفته وكيلا عن السيد/ رئيس مجلس إدارة البنك الرئيسى للتنمية والائتمان الزراعى بالقاهرة بصفته قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن قيد برقم 4576 لسنة 35 ق عليا فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى دائرة التسويات فى الدعوى رقم 3035 لسنة 37 ق بجلسة 28/ 6/ 1989 والقاضى بقبول الدعوى شكلا وفى الموضوع بأحقية المدعى فى تسوية حالته طبقاً لقوانين التسويات باعتبار إنهاء خدمته فى 14/ 2/ 1975 مع ما يترتب على ذلك من آثار منها إعادة تسوية معاشه وصرف الفروق المالية مع إلزام الجهة الإدارية (البنك الرئيسى للتنمية والائتمان الزراعى) المصروفات.
وانتهى تقرير الطعن إلى طلب الحكم بقبول الطعن شكلا وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه لحين الفصل فى الموضوع، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به بكامل أجزائه والقضاء أصلياً بعدم اختصاص محكمة القضاء الادارى ولائيا بنظر الدعوى واحتياطياً بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذى صفة بالنسبة للبنك الطاعن ومن باب الاحتياط الكلي:
أولاً: بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها.
ثانياً: رفض الدعوى مع إلزام المدعى المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وأودعت هيئة مفوضى الدولة تقريراً مسبباً بالرأى القانونى فى الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإحالة الدعوى إلى محكمة أسيوط الابتدائية وإلزام المطعون ضده مصروفات الطعن.
وقد نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة التى قررت بجلسة 27/ 11/ 1995 إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا - الدائرة الثانية - لنظره بجلسة 6/ 1/ 1996 حيث قررت المحكمة بهذه الجلسة حجز الطعن للنطق بالحكم بجلسة اليوم، حيث أودعت مسودة الحكم المشتملة على أسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الإطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات و بعد مداولة.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية المقررة.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص - حسبما يبين من الأوراق - فى أن المدعى ........ أقام الدعوى رقم 3035 لسنة 37 ق أمام محكمة القضاء الإدارى وذلك بإيداع عريضة دعواه بتاريخ 3/ 3/ 1983 طالباً فى ختامها بالحكم بتسوية حالته بتدرج مرتبه بالعلاوات والترقيات وإعادة تسوية معاشه على النحو المبين بعريضة الدعوى وأحقيته فى الفروق المالية المستحقة له فى صندوق ترك الخدمة طبقا للائحة البنك.
وقال المدعى شرحاً لدعواه أنه التحق بالعمل بالبنك الرئيسى للتنمية والائتمان الزراعى فى عام 1936 واستمر بخدمة البنك وفى شهر سبتمبر 1963 قدم استقالته ثم عدل عنها إلا أن البنك أصدر قراراً بقبول استقالة المدعى وقامت هيئة التأمينات بتسوية معاشه على أساس إنهاء خدمته فى 15/ 9/ 1963 وقد طعن المدعى على هذا القرار لعدم مشروعيته ولوروده على غير محل وبجلسة 16/ 9/ 1978 قضت المحكمة الإدارية بأسيوط بقبول الدعوى شكلا وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه وأحقيته فى تعويض قدرة ألف جنيه وتأيد هذا الحكم من محكمة القضاء الإدارى الدائرة الإستئنافية - بحكمها الصادر بجلسة 22/ 1/ 1963 فى الطعون أرقام 4، 8، 142 لسنة 11ق وقد قام المدعى عليه الأول بتنفيذ الحكم فيما قضى به من تعويض إلا أنه لم يقم بتنفيذ الحكم فى شقه الخاص بإلغاء القرار الصادر بقبول الاستقالة، وأضاف المدعى أن الحكم الصادر بإلغاء القرار المطعون عليه يترتب عليه أن يعد المدعى من عداد العاملين بالبنك إلى حين بلوغه السن القانونية للإحالة للمعاش فى 14/ 2/ 1975 وأحقيته تبعاً لذلك فى تدرج مرتبه بالعلاوات والترقيات لحين بلوغه السن القانونية للمعاش وتسوية حالته طبقاً للقوانين 10، 11 لسنة 1975، 83 لسنة 1973 وتسوية معاشه على أساس مرتب السنتين الأخيرتين وإعادة تسوية معاشه على هذا الأساس وصرف الفروق المالية المستحقة للمدعى فى صندوق ترك الخدمة على أساس أن خدمته تنتهى قانوناً فى 14/ 2/ 1975 وعلى أساس آخر مرتب يصل إليه فى التاريخ المذكور وبجلسة 28/ 2/ 1989 قضت المحكمة بقبول الدعوى شكلاً وفى الموضوع بأحقية المدعى فى تسوية حالته طبقاً لقوانين التسويات باعتبار إنهاء خدمته فى 14/ 2/ 1975 مع ما يترتب على ذلك من
أثار منها إعادة تسوية معاشه وصرف الفروق المالية مع الجهة الإدارية (البنك الرئيسى للتنمية والائتمان الزراعى) المصروفات.
وشيدت المحكمة قضاءها على أن الثابت من ملف خدمة المدعى أن جهة الإدارة قد عاملته على أساس اعتباره مستقيلا من 30/ 6/ 1962 وحرمته مما يترتب على بقاء مدة خدمته بالبنك إلى تاريخ بلوغ السن القانونية فى 14/ 2/ 1975 إعمالاً للقانون وللحكم النهائى الصادر لصالحه بتاريخ 16/ 9/ 1978 مما يتعين معه عدم الإعتداد بقرار الإدارة فى هذا الشأن وإعادة تسوية حالته وتقدير معاشه على أساس امتداد مدة خدمته إلى 14/ 2/ 1975 مع أحقيته فيما تخوله قوانين التسويات التى صدرت فى خلال هذه المدة من حقوق.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن الحكم المطعون فيه قد اخطأ فى تطبيق القانون وتفسيره وتأويله لأسباب حاصلها: -
أولاً: أن مجلس الدولة غير مختص ولائياً بنظر الدعوى ذلك أن المدعى كان يعمل بفرع أسيوط وقت أن كان بنك التسليف الزراعى و التعاونى فى ذلك الوقت مركزه الرئيسى بالقاهرة وفروعه بالمحافظات شخصية اعتبارية واحدة ولم يكن بنك التسليف حتى صدور القانون رقم 105 لسنة 1964 الخاص بإنشاء المؤسسة المصرية العامة للائتمان الزراعى شخصاً اعتبارياً عاماً بل كان شخصاً من أشخاص القانون الخاص وبالتالى فإن موظفيه ليسوا من الموظفين العموميين مما يختص مجلس الدولة بنظر الدعاوى الخاصة بهم، فضلاً عن أن المدعى بفرع أسيوط الذى تحول إلى شركة من شركات القطاع العام وفقاً لأحكام القانون رقم 105 لسنة 1964 والذى نصت المادة الخامسة منه على أن تحول فروع بنك التسليف الزراعى والتعاونى فى المحافظات إلى بنوك للائتمان الزراعى والتعاونى فى شكل شركات مساهمة تابعة للمؤسسة.
ثانياً: أن توجيه الدعوى إلى البنك الرئيسى للتنمية والائتمان الزراعى يعتبر توجيهاً لمن ليس له فى النزاع حيث أن المدعى وفقاً لما جاء بصحيفة دعواه يعتبر تابعاً لبنك التنمية والائتمان الزراعى لمحافظة أسيوط.
ثالثاً: أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ عندما اعتبر الحكم الصادر فى الدعوى رقم 194 لسنة 4 ق والصادر بجلسة 16/ 9/ 1978 والمؤيد استئنافياً من محكمة القضاء الإدارى هو أساس المطالبة التى ينشأ الحق عنها وبالتالى لا يتقادم إلا بمرور خمسة عشر عاماً.
رابعاً: أن الحكم الصادر من محكمة أسيوط الإدارية حين ألغى القرار قرر التعويض المناسب لأن الحكم الصادر فى الدعوى كان عام 1978 أى بعد إنتهاء خدمة المدعى ببلوغه السن القانونية فى عام 1975.
ومن حيث إن القانون رقم 105 لسنة 1964 بإنشاء المؤسسة المصرية العامة للائتمان الزراعى والتعاونى والبنوك التابعة لها بالمحافظات نص فى المادة الأولى منه على أن "يحول بنك التسليف الزراعى إلى مؤسسة عامة تسمى (المؤسسة المصرية العامة للائتمان الزراعى والتعاونى ........)" وتنص المادة الخامسة على أن "تحول فروع بنك التسليف الزراعى والتعاونى فى المحافظات إلى بنوك الائتمان الزراعى والتعاونى ويباشر كل من هذه البنوك نشاطه بدائرة المحافظة........".
ومقتضى ذلك أن بنوك التسليف الزراعى والتعاونى فى المحافظات تعتبر - بقوة القانون شركات مساهمه - من شركات القطاع العام بحكم تبعيتها للمؤسسة العامة المشار إليها.ومن حيث إنه من المقرر أن شركات القطاع العام تظل مع تملك الدولة لها شركات تجارية لكل منها شخصيتها الإعتبارية الخاصة وميزانيتها المستقلة وبهذه المثابة فإنها تعتبر من أشخاص القانون الخاص وتمارس نشاطها بحسب الأصل فى نطاق هذا القانون ومن ثم فإنه ينتفى عن العاملين بتلك الشركات صفة الموظف العام وينتفى عن القرارات الصادرة منها صفة القرارات الإدارية وينعقد الاختصاص بنظر المنازعات الخاصة بالعاملين بها للمحاكم العمالية دون محاكم مجلس الدولة.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن المدعى كان يعمل وقت تقديم استقالته وعند طلبه سحب هذه الاستقالة بفرع أسيوط ببنك التسليف الزراعى وقبل تحول هذا البنك من شركة مساهمة إلى مؤسسة عامة هى المؤسسة العامة للائتمان الزراعى والتعاونى وتحول فروعها بالمحافظات إلى بنوك الائتمان الزراعى تأخذ شكل شركات مساهمة، فإن المدعى تبعاً لذلك سواء عند تقديم استقالته أو على مقتضى الحكم الصادر بإلغاء القرار الصادر بفصله من الخدمة والقانون رقم 105 لسنة 1964 الذى حول فروع بنك التسليف الزراعى والتعاونى بالمحافظات ومنها فرع أسيوط الذى يعمل به المدعى - إلى بنوك الائتمان الزراعى والتعاونى يعد عاملاً لدى شخص من أشخاص القانون الخاص لا موظفاً عاماً يساهم فى عمل دائم فى مرفق تديره الدولة أو أحد أشخاص القانون العام الأخرى بأسلوب الاستغلال المباشر ومن ثم ينحسر عن مجلس الدولة بهيئة قضاء إدارى النظر فى المنازعة التى أقام بها دعواه وينعقد الاختصاص بنظرها لمحكمة أسيوط الابتدائية (الدائرة العمالية).
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه لم يذهب هذا المذهب فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ فى تأويله وتفسيره مما يتعين معه الحكم بإلغائه - دون التطرق إلى أسباب الطعن الأخرى - والحكم بعدم اختصاص محاكم مجلس الدولة ولائياً بنظر الدعوى وإحالتها بحالتها إلى محكمة أسيوط الابتدائية (دائرة عمالية) لنظرها بجلسة تحدد للخصوم مع الإبقاء على الفصل فى المصروفات.

فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبعدم اختصاص محاكم مجلس الدولة بنظر الدعوى وأمرت بإحالتها بحالتها إلى محكمة أسيوط الابتدائية (دائرة شئون العمال) وأبقت الفصل فى المصروفات.