مجلس الدولة - المكتب الفنى لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثالثة والأربعون - الجزء الثانى (من أول مارس سنة 1998 إلى آخر سبتمبر سنة 1998) - صــ 1199

(130)
جلسة 3 من مايو سنة 1998

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد يسرى زين العابدين نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الاساتذة المستشارين/ أحمد شمس الدين عبد الحليم خفاجى، وفتحى محمد محمد عبد السلام، ومصطفى عبد المنعم صالح، ود. عبد الله إبراهيم فرج ناصف نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 4922 لسنة 42 قضائية عليا

ـ طوائف خاصة من العاملين - عاملون بالمحاكم - مجلس التأديب - أحكامه - البطلان لعدم علانية النطق بالحكم.
ـ المادة رقم 169 من الدستور، المادة 18 من قانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1972، المادة 174 من قانون المرافعات رقم 13 لسنة 1968، المادة رقم 303 من قانون الإجراءات الجنائية.
ـ قانون السلطة القضائية لم يتضمن ما يقضى بأن يكون النطق بالحكم فى مجالس تأديب العاملين بالمحاكم فى جلسة غير علنية وإنما اقتصر فقط على النص بأن تجرى المحاكمة فى جلسة سرية - أثر ذلك: أنه يتعين إصدار الأحكام (القرارات) من مجالس تأديب العاملين بالمحاكم فى جلسة علنية أى الالتزام بعلانية النطق بقرارات مجالس التأديب - تطبيق.


إجراءات الطعن

فى يوم الاثنين الموافق 24/ 6/ 1996، أودع الاستاذ ......... المحامى المقبول أمام هذه المحكمة بصفته وكيلا عن الطاعنة قلم كتاب المحكمة تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 4922 لسنة 42ق عليا فى الحكم الصادر من مجلس تأديب محكمة شمال القاهرة الابتدائية فى الدعوى رقم 5 لسنة 1996 تأديب شمال القاهرة الابتدائية بالجلسة غير العلنية المنعقدة بتاريخ 24/ 4/ 1996 ضد الطاعنة وآخر والقاضى فى خصوص الطاعنة بمجازاتها بالوقف عن العمل لمدة شهر مع صرف نصف الأجر.
وطلبت الطاعنة للأسباب الواردة بعريضة الطعن الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بإلغاء حكم مجلس تأديب العاملين بمحكمة شمال القاهرة الابتدائية الصادر بجلسة 24/ 4/ 1996 فى الدعوى التأديبية رقم 5 لسنة 1996 المطعون فيه، والحكم ببرءة الطاعنة من الإتهام المسند إليها.
وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريرا بالرأى القانونى ارتأت فيه للأسباب الواردة به الحكم بعدم قبول الطعن شكلا وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 9/ 4/ 1997 وتدوول على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، وبجلسة 25/ 6/ 1997 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الرابعة) وحددت لنظره جلسة 9/ 8/ 1997.
وتدوول نظر الطعن على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، وبجلسة 4/ 10/ 1997 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى الدائرة الخامسة بالمحكمة الإدارية العليا للاختصاص.
وتدوول نظر الطعن أمام المحكمة على النحو الثابت بالمحاضر وقررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 26/ 4/ 1998 وتأجل إصداره لجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إنه عن شكل الطعن، فإن الثابت من الأوراق أن تقرير الطعن أودع قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا فى يوم الاثنين 24/ 6/ 1996 والحكم المطعون فيه صدر بتاريخ 24/ 4/ 1996 من مجلس تأديب العاملين بمحكمة شمال القاهرة الابتدائية فى الدعوى التأديبية رقم 5 لسنة 1996.
ومن حيث إن المادة 44 من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 تنص على أن "ميعاد رفع الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا ستون يوما من تاريخ صدور الحكم المطعون فيه......"
وتنص المادة 48 منه على أنه مع مراعاة ما هو منصوص عليه بالنسبة إلى المحكمة الإدارية العليا، يعمل أمامها بالقواعد والإجراءات والمواعيد المنصوص عليها فى الفصل الثالث أولاً: من الباب الأول من هذا القانون.
وتنص المادة 24 منه على أن "ميعاد رفع الدعوى أمام المحكمة فيما يتعلق بطلبات الإلغاء ستون يوما من تاريخ نشر القرار الإدارى....... وينقطع سريان هذا الميعاد بالتظلم إلى الهيئة الإدارية التى أصدرت القرار أو الهيئات الرئاسية........ ويكون ميعاد رفع الدعوى بالطعن فى القرار الخاص بالتظلم ستين يوما من تاريخ انقضاء الستين يوما المذكورة"
ومن حيث إن مفاد النصوص سالفة الذكر وما استقر عليه قضاء هذه المحكمة أن ميعاد رفع الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا ستون يوما من تاريخ صدور الحكم المطعون فيه.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن الحكم المطعون فيه صدر من مجلس تأديب العاملين بمحكمة شمال القاهرة الابتدائية فى 4/ 4/ 1996 وأن آخر موعد للطعن فى هذا الحكم هو يوم 23/ 6/ 1996، وإذ أقامت الطاعنة أمام المحكمة التأديبية لرئاسة الجمهورية طعنا فى الحكم المطعون فيه الصادر من مجلس تأديب العاملين بمحكمة شمال القاهرة الابتدائية بتاريخ 14/ 5/ 1996 وقيد بجدولها برقم 449 لسنة 43ق بالطلبات الآتية:
أولاً: بقبول الدعوى شكلا، ثانياً: فى الشق المستعجل، تحديد أقرب جلسة لنظر الشق المستعجل بوقف تنفيذ الحكم رقم 5 لسنة 1996 الصادر من مجلس تأديب العاملين بمحكمة شمال القاهرة الابتدائية والصادر بجلسة 24/ 4/ 1996،
ثالثا: وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار مع إلزام المدعى عليه بصفته المصاريف، وقدمت الطاعنة شهادة من واقع جدول المحكمة التأديبية لرئاسة الجمهورية تفيد ذلك مرفقا بها صحيفة الطعن.
ومن حيث إن قضاء المحكمة الإدارية العليا استقر على أن رفع الدعوى الإداريه أمام محكمة غير مختصة يقطع هذا الميعاد - كما يقطع التقادم - ويظل هذا الأثر قائما حتى يصدر الحكم بعدم الإختصاص لأن رفع الدعوى بالفعل إلى محكمة غير مختصة أبلغ فى الدلالة على رغبة صاحب الحق فى اقتضائه وبالتالى يقطع الميعاد.
ومن حيث إن الطاعنة تداركت الأمر فأقامت طعنها أمام هذه المحكمة أثناء تداول الطعن أمام المحكمة التأديبية لرئاسة الجمهورية، فمن ثم يكون الطعن مقاما فى الميعاد القانونى مما يتعين معه قبول الطعن شكلا.
ومن حيث إنه عن موضوع الطعن، فإن عناصر المنازعة تتحصل - حسبما يبين من الأوراق.. فى أن التحقيقات أسفرت عن أن الطاعنة/ ........ الموظفة بقلم الجدول بمحكمة شمال القاهرة الابتدائية، قامت بإعطاء شهادة بعدم حصول استئناف فى القضية رقم 694 لسنة 1992 عمال جزئى والمحكوم فيها بجلسة 23/ 6/ 1994 رغم أنها مطعون عليها بالاستئناف رقم 133 لسنة 1994 عمال مستأنف وذلك لعدم تحريها الدقة فى قيد أسماء الخصوم فى الفهرست، وقام المحال الثانى........ بقلم الصور بمحكمة شئون العمال الجزئية بإعطاء الطالب صورة تنفيذية من ذلك الحكم بناء على الشهادة سالفة الذكر دون تحرى الدقة فى أسماء الخصوم وقد أحيل المذكوران إلى مجلس تأديب العاملين بمحكمة شمال القاهرة الابتدائية وبجلسة 24/ 4/ 1996 قرر مجلس التأديب المذكور وقف المحالين أنفى الذكر عن العمل لمدة شهر مع صرف نصف الأجر، وقد أقام مجلس التأديب قضاءه على أن المخالفة المنسوبة للمحالين ثابتة فى حقهما وما أتاه المذكور وما أتته الطاعنة المذكورة يعتبر خروجا على مقتضى الواجب الوظيفى يستوجب مساءلتها عنه.
ومن حيث إن مبنى الطعن فى القرار المطعون فيه أنه جاء مشوبا بعيب القصور فى التسبيب إذ جاء القرار المطعون فيه قائما على أسباب مجملة ولم يشر إلى أوجه دفاع الطاعنة كما شاب القرار الفساد فى الاستدلال، وأن الطاعنة تحرت الدقة عند إعطاء الشهادة الخاصة بعدم حصول استئناف إذ أن المدعى عليه رفعت عليه الدعوى باسمه وليس بصفته وبالتالى لم تقيد اسمه فى حرف (ش)، كما أن الطلب المقدم لم يذكر صفة المدعى عليه وكان يتعين على المحال الثانى التأكد من أسماء الخصوم.
ومن حيث إن المادة 167 من القانون رقم 46 لسنة 1972 بشأن السلطة القضائية تقضى بأن يشكل مجلس التأديب فى محكمة النقض وفى كل محكمة من محاكم الاستئناف من مستشار تنتخبه الجمعية العامة ومن المحامى العام وكبير كتاب المحكمة وفى المحاكم الابتدائية والنيابات من رئيس المحكمة أو رئيس النيابة أو من يقوم مقامهما وكبير الكتاب ويستبدل كبير المحضرين عند محاكمة أحد المحضرين ورئيس القلم الجنائى عند محاكمة أحد كتاب النيابات، وتقضى المادة 169 من هذا القانون بأن تجرى المحاكمة فى جلسة سرية.
ومن حيث إن علانية الجلسات من المبادئ الأساسية التى يقوم عليها النظام القضائى المصرى، وقد نصت المادة 169 من الدستور على أن جلسات المحاكم علنية إلا إذا قررت المحكمة جعلها سرية مراعاة للنظام العام أو الآداب وفى جميع الأحوال يكون النطق بالحكم فى جلسة علنية.
وتنص المادة 174 من قانون المرافعات على أن ينطبق القاضى بالحكم بتلاوة منطوقه أو بتلاوة منطوقه مع أسبابه، ويكون النطق به علانية وإلا كان الحكم باطلا.
وأخيرا تنص المادة 303 من قانون الإجراءات الجنائية على أن يصدر الحكم فى جلسة علنية ولو كانت الدعوى نظرت فى جلسة سرية.
ومن حيث إن قانون السلطة القضائية لم يتضمن من النصوص ما يقضى بأن يكون النطق بالحكم فى مجالس تأديب العاملين بالمحاكم فى جلسة غير علنية، واقتصر فقط على النص بأن تجرى المحاكمة فى جلسة سرية.
ومن حيث إنه لما تقدم فإنه يتعين إصدار الأحكام (القرارات) من مجالس تأديب العاملين بالمحاكم فى جلسة علنية أى الالتزام بعلانية النطق بقرارات مجالس التأديب.
وقد ذهبت هذا المذهب دائرة توحيد المبادئ بالمحكمة الإدارية العليا المنصوص عليها فى المادة 54 مكررا من القانون رقم 47 لسنة 1972 معدلا بالقانون رقم 136 لسنة 1984، وذلك فى الحكم الصادر فى الطعن رقم 2402 لسنة 34ق والذى قضى بوجوب صدور قرار مجلس تأديب العاملين بالمحاكم والنيابات فى جلسة علنية وإلا كان باطلا.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن القرار الصادر من مجلس تأديب العاملين بمحكمة شمال القاهره قد صدر فى جلسة غير علنية. ومن ثم يكون قرار مجلس التأديب المطعون عليه قد جاء باطلا مما يتعين معه إلغاء القرار المطعون فيه، وعلى الجهة المختصة إعادة محاكمة الطاعنة بهيئة أخرى على وجه يتفق وصحيح حكم القانون.

فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بإلغاء قرار مجلس التأديب المطعون فيه واعادة الدعوى إلى مجلس تأديب العاملين المختص للفصل مجددا من هيئة أخرى.