مجلس الدولة - المكتب الفنى لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الواحدة والأربعون - الجزء الثانى (من أول إبريل سنة 1996 إلى آخر سبتمبر سنة 1996) - صـ 1023

(115)
جلسة 14 من إبريل سنة 1996

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ رائد جعفر النفراوى نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة/ محمد عبد الرحمن سلامة، ومصطفى محمد المدبولى أبو صافى، والسيد محمد السيد الطحان، وأحمد عبد العزيز أبو العزم نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 2149 لسنة 35 القضائية

استثمار - الترخيص للمشروعات الاستثمارية بمزاولة نشاطها فى المناطق الحرة (تراخيص).
المادة 25 والمادة 31 من قانون نظام استثمار المال العربى والأجنبى والمناطق الحرة رقم 43 لسنة 1974 معدلا بالقانون رقم 32 لسنة 1977 والمادة 24 من اللائحة التنفيذية لقانون نظام استثمار المال العربى والأجنبى والمناطق الحرة. أناط المشرع بمجلس إدارة الهيئة الموافقة على إنشاء المشروع الاستثمارى وعلى إنشاء منطقة حرة عامة وإنشاء منطقة حرة خاصة للمشروع وخول هذا المجلس إصدار القرارات اللازمة لذلك الأمر الذى يسبغ عليه اختصاصاً أصيلاً سواء فى منح الترخيص ابتداء أو مراقبة تنفيذه بعدئذ أو إلغائه انتهاءً على أساس من الغرض الذى قام على المشروع الاستثمارى وفقا للسياسة النى رسمتها الهيئة العامة للاستثمار عامة وللمناطق الحرة خاصة تحقيقاً لأهداف التنمية فى إطار السياسة العامة للدولة وخطتها القومية - فكما لمجلس الإدارة حق إصدار الترخيص ابتداءً فإن له أيضاً حق إلغاء هذا الترخيص انتهاءً تبعاًَ لتخلف هذا المناط، إذ حرص القانون رقم 43 لسنة 1974 فى المادة (25) منه على إطلاق سلطة مجلس الإدارة فى إصدار القرارات اللازمة لتحقيق أغراض الهيئة بصفة عامة، كما حرص فى 31 منه على تخويلها سلطة إصدار القرارات اللازمة لتحقيق الأغراض المستهدفة من المناطق الحرة بصفة خاصة كما قضت المادة 24 من اللائحة التنفيذية بأنه فى حالة عدم الالتزام بالشروط والأهداف الأساسية التى تضمنها طلب الاستثمار وحصلت الموافقة بناءً عليها يعرض الأمر على مجلس الإدارة لإصدار القرارات اللازمة حياله، وهو قرار قد يصل إلى حد إلغاء الترخيص برمته إذا ثبت أن المشروع الاستثمارى تنكب الأغراض المحددة له أو الأهداف المنشودة من الهيئة. تطبيق.


إجراءات الطعن

فى يوم الخميس الموافق 4/ 5/ 1989 أودع الاستاذ ......... المحامى بصفته وكيلاً عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد برقم 2149 لسنة 35 قضائية عليا فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بجلسة 9/ 3/ 1989 فى الدعوى رقم 1455 لسنة 39 ق والقاضى بقبول الدعوى شكلاً ورفضها موضوعاً وإلزام المدعى المصروفات، وطلب الطاعن للأسباب الواردة بتقرير الطعن - بإلغاء الحكم المطعون فيه وإلغاء القرار المطعون فيه والحكم بطلبات الشركة الطاعنة مع إلزام جهة الإدارة بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وقد أعلن الطعن إلى المطعون ضدهما على النحو المبين بالأوراق.
قدمت هيئة مفوضى الدولة تقريراً مسبباً رأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً مع إلزام الطاعن بالمصروفات.
تحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 7/ 8/ 1995 وبجلسة 18/ 12/ 1995 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى هذه المحكمة والتى نظرته بجلسة 4/ 2/ 1996 وبهذه الجلسة قررت المحكمة إصدار الحكم فى الطعن بجلسة اليوم (7/ 4/ 1996) وبها صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتمله على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تتحصل - حسبما يبين من الأوراق - فى أن الطاعن أقام الدعوى رقم 1455 لسنة 39 ق بإيداع صحيفتها قلم كتاب محكمة القضاء الإدارى بتاريخ 19/ 12/ 1984 طلب فى ختامها الحكم بقبول الدعوى شكلاً وفى الموضوع:
أولاً: بإلغاء القرار الصادر من الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة (المنطقة الحرة العامة بمدينة نصر) والمبلغ للشركة بكتابها المؤرخ 23/ 10/ 1984 بإلغاء الموافقة لمشروع الشركة واعتباره كأن لم يكن.
ثانياً: الحكم على المدعى عليهم بصفاتهم بالتعويضات عن تجميد الهيئة للمشروع والغائها الموافقة الصادرة له والتى يقدرها المدعى مؤقتاً بمبلغ نصف مليون دولار أمريكى بخلاف ما يستجد من تعويضات وإلزام الجهة الإدارية المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وقال المدعى شرحاً لدعواه إنه سبق أن وافق مجلس إدارة الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة بجلسته المعقودة بتاريخ 13/ 11/ 1976 على إنشاء منطقة حرة خاصة مؤقتة والترخيص بشغلها لشرك كيب إنتر ناشيونال (المدعية) لمزاولة نشاط إنتاج الملابس طبقاً لأحكام القانون رقم 43 لسنة 1974 الخاص باستثمار المال العربى والأجنبى والمناطق الحرة وبتاريخ 16/ 3/ 1981 صدر القرار رقم 4 لسنة 1981 بنقل نشاط المشروع إلى داخل المنطقة الحرة العامة بمدينة نصر، وتنفيذاً لذلك صدر للشركة ترخيص الشغل رقم 3 لسنة 1981 بشغل مبنى المصنع الجاهز المقام على القطعة رقم 2 بلوك (د/ 5) فى المصانع النمطية بالمنطقة الحرة العامة بمدينة نصر بمساحة قدرها 2250 متراً مربعاً بمقابل انتفاع سنوى قدره 36000 دولار (ستة وثلاثون ألف دولار أمريكى) لتزاول نشاطها منه، وقد استمرت الشركة فى مزاولة نشاطها على أحسن وجه وفى سداد مطلوبات الهيئة فى مواعيدها إلى أن اصطدمت بإجراءات تعسفية من قبل الهيئة وذلك عندما طلبت من الهيئة استخراج تصريح دخول زيارة السيد/ ...... بالسيارة رقم 129091 ملاكى القاهرة حيث جاء رد المنطقة يتضمن عدم التصريح نظراً لتجميد نشاط الشركة، وهو ما لم تكن تعلم به وباستفسارها استبان لها صدور قرار بالتجميد من مجلس إدارة المنطقة الحرة العامة بمدينة نصر بجلسته السابعة والعشرين بتاريخ 21/ 4/ 1983 وبرقم 7/ 27/ 1983 وذلك بحجة عدم استيفاء بعض البيانات المطلوبة من محاسب المشروع لإدارة المنطقة وهى بيانات روتينية لا تدعو على الإطلاق إلى ذلك القرار الخطير بتجميد نشاط الشركة وضياع مصالحها، ولم تعلن به الشركة فى حينه على الرغم من سدادها مستحقات الهيئة بالنسبة إلى قيمة مقابل الانتفاع الربع سنوى للمبنى المقام به المشروع عن المدة من 15/ 3/ 1983 حتى 14/ 6/ 1983 بموجب شيك بمبلغ 9435 دولار على البنك العربى المحدود لحساب المنطقة أى أن تجميد النشاط الحاصل فى 21/ 4/ 1983 حدث فى فترة كانت الشركة قد سددت التزاماتها المادية للهيئة الأمر الذى يقطع بالتعسف وسوء استعمال السلطة كما أنه على الرغم من صدور قرار التجميد المشار إليه فقد قامت المنطقة الحرة العامة بمدينة نصر بإصدار تصاريح الإفراج عن بضائع مصدرة من الشركة إلى المملكة العربية السعودية ولبنان والكويت. وعلى الرغم من موافقتها إلا أن الشركة فوجئت بوقف تصديرها بحجة أن هناك قراراً بتجميد نشاط المشروع وهو الأمر الذى أدى إلى عدم توصيل البضائع المذكورة خلال المدة المحددة للشركات المتعاقدة مع الشركة وقد ترتب على ذلك إلحاق أضرار جسيمة بالشركة وتحميلها بالشروط الجزائية الواجبة لعدم قيامها بتنفيذ التزاماتها التعاقدية فضلاً عن تعرض البضائع الموقوف تصديرها للتلف حيث تجاوز مجموع خسائر الشركة من جراء تلك الإجراءات التعسفية من قبل الهيئة نصف مليون دولار أمريكى، وقد أنذرت الشركة المدعى عليه الرابع على يد محضر لإلغاء قرار تجميد نشاط الشركة خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ استلامه ذلك الإنذار وحفظ حقها فى المطالبة بجميع التعويضات، وكان ذلك رداً على ما جاء بكتاب الهيئة بتاريخ 1/ 10/ 1984 المتضمن أن مجلس إدارة المنطقة بجلسته الثلاثين التى عقدت فى 2/ 8/ 1984 أصدر القرار رقم 3/ 30 - 1984 بإنذار المشروع للوفاء بالتزاماته المالية قبل المنطقة واستيفاء النواحى التنظيمية والمالية خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ إخطاره تسقط بعدها الموافقة الصادرة للمشروع. ثم قامت الهيئة بإصدار القرار المطعون فيه بإلغاء الموافقة الصادرة للمشروع بعد أن جمدت نشاطه على النحو سالف البيان، وهو الأمر الذى حدا بالشركة إلى إقامة الدعوى الحالية وبجلسة 9/ 3/ 1989 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه بقبول الدعوى شكلاً ورفضها موضوعاً وإلزام المدعى المصروفات. وأقامت المحكمة قضاءها على أنه طبقاً لأحكام قانون استثمار المال العربى والأجنبى والمناطق الحرة رقم 43 لسنة 1974 المعدل بالقانون رقم 32 لسنة 1977 ولائحته التنفيذيه الصادرة بقرار وزير الاقتصاد والتعاون الاقتصادى رقم 375 لسنة 1977 يجوز لمجلس إدارة الهيئة إنشاء مناطق حرة عامة بدون موافقة مجلس الوزراء وذلك لإقامة المشروعات التى يرخص بها طبقاً لأحكام القانون، وتكون لكل منطقة حرة عامة شخصية إعتبارية، وقد جعل القانون مجلس إدارة الهيئة السلطة المهيمنة على شئون المناطق الحرة، كما أناط بمجلس إدارة المنطقة الحرة العامة تنفيذ أحكامه ولوائحه التنفيذية فى كل ما يتعلق بهذه المناطق وخوله إصدار الترخيص فى شغل الأراضى والعقارات بالمنطقة الحرة، وقد أوجب القانون أن يتضمن الترخيص فى شغل المناطق الحرة أو أى جزء منها بياناً بالأغراض التى منح من أجلها ومدة سريانه ومقدار الضمان المالى الذى يؤديه المرخص له، هذا وقد أوجبت اللائحة التنفيذية على المشروعات الموافق عليها من الهيئة الإلتزام بالشروط التى تضمنتها طلبات الاستثمار التى حصلت على الموافقة بناءً عليها، وخولت نائب رئيس الهيئة أو رئيس مجلس الإدارة المختص بحسب الأحوال إصدار ترخيص مزاولة النشاط متضمناً تحديداً مفصلاً لأغراض المشروع والشكل القانونى ورأس المال وحدود الموقع ومدة سريان الترخيص ومقدار الضمان المالى الذى يؤديه المرخص له.
وترتيباً على ما تقدم ولما كان القانون قد أناط بمجلس إدارة المنطقة الحرة العامة تنفيذ أحكام قانون نظام استثمار المال العربى والأجنبى والمناطق الحرة ولائحته التنفيذية فى كل ما يتعلق بهذه المنطقة، وله إصدار الترخيص فى شغل الأراضى والعقارات وفى مزاولة النشاط بها وهو الأمر الذى يسبغ عليه اختصاصاً أصيلاً سواء فى منح الترخيص ابتداءً أو مراقبة تنفيذه بعدئذ أو إلغائه انتهاء على أساس من مخالفته الغرض الذى منح الترخيص من أجله وذلك وفقاً للسياسة إلى رسمتها الهيئة العامة للاستثمار عامة، وللمناطق الحرة خاصة، تحقيقاً لأهداف التنمية فى إطار السياسة العامة للدولة وخطتها القومية فكما أن لمجلس إدارة المنطقة الحرة العامة حق إصدار الترخيص إبتداء صدوراً عن تحقق مناطه فإن له أيضاً حق إلغاء هذا الترخيص انتهاءً تبعاً لتخلف هذا المناط وهو ما يترخص مجلس الإدارة فى وزنه بمحض سلطته التقديرية فى هذا الشأن. ولا يقدح فى هذا أن اللائحة التنفيذية لم تقض فى المادة 53 منها بإلغاء الموافقة على المشروع إلا فى حالة عدم إنجاز خطوات جدية بتنفيذه خلال ستة أشهر من صدوره ما لم يقرر مجلس الإدارة تجديدها للمدة التى يراها، لأن هذه المادة تناولت حالة عدم تنفيذ الترخيص على هذا النحو وقررت إلغاءه بما يتسق وعدم التنفيذ أصلاً، وبذلك لا تنبسط - ولو دلالة - إلى ما قد يعرض بعد التنفيذ من دواعى إلغاء الترخيص قانوناً، وعلى ذلك فإن مجلس إدارة المنطقة الحرة العامة يملك إلغاء الموافقة السابق صدورها بالنسبة إلى المشروع إذا ثبت ارتكابه مخالفة أو مخالفات لأحكام القانون أو لائحته التنفيذية أو لشروط الترخيص الصادر له، وذلك بمحض سلطته التقديرية فى وزن جسامتها تلمساً لتحقيق الصالح العام، ومتى كان الأمر متعلقاً بسلطة تقديرية للجهة الإدارية فى هذا الصدد فإنه لا يجوز للقضاء أن يترجم عنها إحساسها واقتناعها بتحقق أو عدم تحقق الاعتبارات الموضوعية التى تبنى عليها تصرفها التقديرى ولا أن يصادر حريتها فى اختيار الأسباب التى يقوم عليها قرارها لأن هذا المسلك من شأنها وحدها ولا يجوز قيام القضاء مقامها فيما هو جرى بتقديرها ووزنها، وعلى ذلك يقتصر دور القضاء الإدارى على مراقبة صحة السبب الذى تذرعت به الجهة الإدارية فى إصدار قرارها فى هذا الشأن.
وأضافت المحكمة أن البين من الأوراق أن مجلس إدارة الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة قد وافق بجلسته المنعقدة بتاريخ 23/ 11/ 1976 على إنشاء منطقة حرة خاصة مؤقته والترخيص فى شغلها للشركة المدعية لمزاولة نشاط إنتاج الملابس وذلك طبقاً لأحكام قانون الاستثمار سالف البيان ثم صدر القرار رقم 4 لسنة 1981 بتاريخ 16/ 3/ 1981 بنقل نشاط المشروع إلى داخل المنطقة الحرة العامة بمدينة نصر - وبناءً على ذلك صدر ترخيص الشغل رقم 3 لسنة 1981 فى شغل مبنى المصنع النمطى للملابس الجاهزة والواقع على المسطح رقم 2 بلوك 5 فى المنطقة الحرة العامة بمدينة نصر. وإذ لم يلتزم المشروع بشروط الترخيص الممنوح له فى شغل المبنى المقام بالمنطقة الحرة العامة بمدينة نصر سواء بالنسبة إلى أداء مقابل الإنتفاع خلال المدة المحددة فى المادة 2 منه، أو بالنسبة إلى آداء التأمين المالى على النحو الذى ورد فى المادة (3) منه، كما خالف أحكام المواد 79، 80، 96، 97 من الائحة التنفيذية لقانون الاستثمار بعدم تمكين المنطقة من إجراء الجرد على السلع المخزنة بمخازنه وعلى الخامات الصناعية، وعدم إخطاره المنطقة بصورة من ميزانيته وحساباته الختامية، وعدم قيامه بفتح حساب تشغيل بالعملة الأجنبية، كما لم يقدم للمنطقة البيانات المتعلقة بالمصروفات المحلية وهو الأمر الذى يشكل فى مجموعه مخالفة لشروط الترخيص الممنوح للمشروع فى شغل المبنى المقام بالمنطقة الحرة وإخلالاً بأحكام اللائحة التنفيذية لقانون الاستثمار وأنه على الرغم من إخطار المنطقة له أكثر من مرة وتجميد نشاطه وإنذاره بموجب تلافى هذه المخالفات واتخاذ الإجراءات المالية والتنظيمية المنصوص عليها قانوناً إلا أنه لم يقم بتنفيذ التزاماته فى هذا الشأن وهو الأمر الذى تفصح عنه بجلاء الكتب المتبادلة بين الطرفين فى هذا الصدد والمودعة ملف الدعوى، ومن ثم يكون قرار مجلس إدارة المنطقة بإلغاء الموافقة على المشروع الصادر له الترخيص رقم 3 لسنة 1981 قد بنى على سببه الصحيح ولا تشوب تصرفه على هذا النحو أية شائبة من إساءة استعمال السلطة، ويكون الطعن على هذا القرار على غير أساس حرياً بالرفض ويضحى طلب التعويض عنه فى غير محله، كما أنه لا وجه للمطالبة بالتعويض عن الأضرار الناجمة من قرار الجهة الإدارية بتجميد نشاط المشروع فى المنطقة المشار إليها، إذ أنه بفرض حدوث الضرر المدعى به من جراء هذا القرار فإن مرده إلى خطأ المشروع نفسه الذى لم يقم بتنفيذ التزاماته المقررة فى الترخيص ومخالفته للشروط الواردة به وأحكام اللائحة التنفيذية المشار إليها.
ومن حيث إن مبنى الطعن مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والقصور فى التسبيب فى أكثر من وجه للأسباب الآتية:
أولاً: مخالفة القانون وإغفال الثابت بالأوراق والإخلال بدفاع جوهرى، ذلك أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه تأسيساً على أن المشروع لم يلتزم بشروط الترخيص الممنوح له فى شغل المبنى المقام بالمنطقة الحرة بمدينة نصر سواء بالنسبة إلى أداء مقابل الإنتفاع خلال المدة المحددة فى المادة (2) منه أو بالنسبة إلى أداء التأمين المالى على النحو الوارد بالمادة (3)، أو مخالفة أحكام المواد 79، 80، 96، 97 من اللائحة التنفيذية وبالرغم من إخطار المنطقة له أكثر من مرة وتجميد نشاطه وإنذاره للعمل على تلافى هذه المخالفات إلا أنه لم يقم بتنفيذ التزاماته فى هذا الشأن على النحو الوارد بأسباب الحكم... وذلك رغم أن الثابت أن الدفاع عن الشركة الطاعنة قد نبه بصحيفة الدعوى وكذا بمذكرة الدفاع المقدمة بجلسة 2/ 2/ 1989 أما م المحكمة إلى أن مجلس إدارة المنطقة الحرة العامة بمدينة نصر فى جلسته رقم 27 بتاريخ 21/ 4/ 1983 أصدر قراراً بتجميد نشاط المشروع وذلك بالمخالفة لنص المادة (7) من القانون رقم 43 لسنة 1974 والتى حظرت تأميم المشروعات أو تجميدها إلا بحكم قضائى، ومن ثم فإن قرار التجميد لا يجوز إصداره عن غير الطريق القضائى مما يعيب القرار بعيب جسيم ينحدر به إلى العدم وهو الأمر الذى أكدته المادة 48 من قانون الاستثمار، ولا جدال فى أن تصرف الإدارة المذكور الذى انطوى على مخالفة واضحة للقانون قد غل يد الشركة الطاعنة عن تلافى المخالفات المنسوبة للمشروع (بفرض صحتها) فالشركة لم تستطع تلافى المخالفات للأسباب الآتية:
أولاً: إن تجميد نشاط المشروع الحاصل فى 21/ 4/ 1983 قد حدث فى فترة كانت الشركة مسددة فيها كافة مستحقات الهيئة بالنسبة لمقابل الانتفاع عن شغلها للمصنع عن المدة حتى نهاية 14/ 6/ 1983.
ثانياً: بالرغم من صدور قرار التجميد بتاريخ 21/ 4/ 1983 قامت المنطقة الحرة بإصدار تصاريح الإفراج عن بضائع مصدرة من الشركة إلى السعودية ولبنان والكويت، إلا أنه بالرغم من صدور تصاريح الإفراج على ما سبق بيانه فقد فوجئت الشركة فى آخر لحظه بوقف تصديرها بأمر الهيئة بحجة صدور قرار تجميد نشاط المشروع الأمر الذى أدى إلى عدم تصدير البضائع المذكورة المتعاقد عليها بالخارج مما سبب أضرارا جسيمه للشركة الطاعنة، وهكذا يتضح أن قرار التجميد قد أعجز الشركة الطاعنة عن أداء مقابل الانتفاع عن الفترة اللاحقة لصدوره فضلا عن عدم أداء التأمين المالى بسبب نقص السيولة النقدية الناتج عن قرار التجميد المنعدم.
ثالثاً: أنه من المستحيل على المشروع المجمد بموجب القرار آنف البيان الصادر فى 21/ 4/ 1983 أن يباشر نشاطه على وجه يسمح له بتنفيذ أحكام المواد 79، 80، 96، 97 من اللائحة التنفيذية لقانون الاستثمار وبالتالى لا يصح أن ينسب إلى المشروع خلال الفترة من تاريخ التجميد فى 21/ 4/ 1983 حتى 23/ 10/ 1984 (تاريخ إلغاء الموافقة الصادرة للمشروع) أنه خالف أحكام المواد المذكورة أو أنه تقاعس عن تلافى مخالفة أحكامها وإذ لم يناقش الحكم المطعون فيه مدى مشروعية قرار التجميد وأثره فى غل يد الشركة الطاعنة عن تلافى المخالفات المنسوبة لها، بل اعتد بقرار التجميد نفسه للتدليل على أن قرار الإلغاء المطعون فيه برئ من إساءة استعمال السلطة فإنه يكون فوق مخالفته للقانون قاصر التسبيب مخلاً بحق الدفاع مغفلا للواقع الثابت بالأوراق.
ثانياً: مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون: ذلك أنه فيما عدا الحالتين الواردتين فى المادتين 53، 54 من اللائحة التنفيذية سالفة الذكر فلا يجوز المساس بالمشروعات المشار إليها وإلا أعتبر اعتداءً غير مشروع على حق مكتسب، وإذ لم تتوافر أيٌّ من الحالتين الواردتين فى المادتين المشار إليهما فى حالة الشركة الطاعنة، وما دامت الموافقة على مشروع الشركة قد صدرت صحيحة بعد استيفاء الشروط القانونية وإعمال سلطتها التقديرية فيكون تغييرها أو سحبها نهائيا أو إلغاؤها من اختصاص القضاء وحده دون الجهة الإدارية وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون مخالفاً للقانون مخطئاً فى تطبيقه.ولا يغير منه ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من أن المادة 53 من اللائحة التنفيذية قد تناولت حالة عدم تنفيذ الترخيص ولا تنبسط إلى ما قد يعرض بعد التنفيذ من دواعى إلغاء الترخيص قانوناً بما للإدارة من سلطة تقديرية فى وزن جسامة تلك المخالفات تلمساً لتحقيق الصلح العام، ذلك أن المشرع لو أراد منح الجهة الإدارية هذا الحق لما أعوزه النص على ذلك صراحة حسبما فعل فى المادة 53 المشار إليها ومما يؤكد خطأ ما ذهب إليه الحكم أن مسألة إلغاء الموافقة إذا لم يتخذ المشروع خطوات تنفيذية خلال ستة أشهر من تاريخ صدورها، أهون وأيسر من إلغاء هذه الموافقة للمشروعات التى استمرت تباشر نشاطها لأعوام عديدة، فإذا كانت الحالة الأولى قد ورد بها نص خاص على ما سلف بيانه يخول للجهة الإدارية إلغاء الموافقة فإن ذلك يقطع بأن المشرع لو أراد الحكم بالنسبة لهذه الحالة الأخيرة لنص عليه صراحة.
ثالثاً: مخالفة القانون والقصور فى التسبيب: ذلك أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ فيما تضمنه من أن مجلس إدارة المنطقة الحرة يملك إلغاء الموافقة السابق صدورها بالنسبة إلى المشروع إذا ثبت ارتكابه مخالفة أو مخالفات لأحكام القانون - ذلك أنه لو تم التسليم جدلاً بأن مجلس إدارة المنطقة الحرة يملك ويختص قانوناً بإلغاء الموافقة على إنشاء مشروع منطقة حرة، فإن مناط ممارسة هذا الاختصاص حسبما استقرت عليه أحكام مجلس الدولة أن تتحقق الدواعى الموجبة لإلغاء تلك الموافقة حتى يقع قرار المجلس بالإلغاء قائماً على سببه ومشروعاً فى سنده وفى هذا الخصوص فإنه لا يصلح سبباً لإلغاء الموافقة مجرد ارتكاب المشروع مخالفة أو مجموعة مخالفات لا تصل إلى حد اعتباره مخلاً إخلالاً خطيراً بالأهداف والأوضاع التى حصل بمقتضاها على الموافقة بإنشائه والتى لا تشكل انحرافاً تاماً عن الأغراض التى تغياها المشرع عندما أجاز إقامة مناطق حرة خاصة وإنما يلزم ليكون قرار إلغاء الموافقة مبرراً، أن يخرج المشروع عليه فى مجموع نشاطه أو غالبيته عن أهداف وأوضاع قيامه أو أن يتخذ لنفسه مساراً معاكساً ومنقطع الصلة بأغراض وجود المناطق الحرة الخاصة، أما المخالفات التى تقع من المشروع أو تصدر عنه والتى تندرج فى نطاق الأخطاء العادية المتوقع حدوثها من مختلف المنشآت التى تماثل حجم المشروع دون أن يتحول بها عن مجموع الأهداف والأغراض المعنية عند الموافقة على إنشائه فهى مخالفات وأن استأهلت القرع بجزاءات القوانين التى خالفتها إلا أنها لا تصلح مسوغاً لإلغاء الموافقة على المشروع، وبالرجوع إلى المخالفات المنسوبة لمشروع الشركة الطاعنة والتى عول عليها الحكم المطعون فيه يتضح بلا شبهة أنها لا تبرر إلغاء الموافقة على المشروع.
رابعاً: وجه آخر لمخالفة القانون: ذلك أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ فى تطبيق القانون حين اعتبر عدم وجود وجه للمطالبة بالتعويض تأسيساً على أنه بفرض حدوث الضرر المدعى به من جراء هذا القرار فإن ذلك مرده إلى خطأ المشروع نفسه الذى لم يقم بتنفيذ التزاماته المقررة فى الترخيص ومخالفته للشروط الواردة به وأحكام اللائحة التنفيذية المشار إليها. وهذا الذى ذهب إليه الحكم مردود بأن قرار التجميد المشار إليه يشكل خطأ جسيماً فى حق الجهة الإدارية وينطوى على غصب لسلطة القضاء وإذ ثبت خطأ الجهة الإدارية وترتب على ذلك ضرر للشركة نتيجة هذا القرار فقد كان من المتعين تعويض الشركة الطاعنة عن الأضرار الجسيمة التى أصابتها من جرائه مما يوجب إلغاء الحكم المطعون فيه.
خامساً: القرار المطعون فيه - عديم الفائدة ولا يحقق الصالح العام حيث إن الدولة تعانى معاناة شديد من ضيق المجال أمام الاستثمارات العربية والأجنبية والشركة الطاعنة تمارس نشاطها على أحسن وجه منذ عام 1976 وإلغاء الموافقة غلى مشروعها يضر بالمصلحة العامة ضررا بالغا.
ومن حيث إن المادة الثالثة من قانون نظام استثمار المال العربى والأجنبى والمناطق الحرة رقم 43 لسنة 1974 المعدل بالقانون رقم 32 لسنة 1977 تنص على أن "يكون استثمار المال العربى والأجنبى فى جمهورية مصر العربية لتحقيق أهداف التنمية الاقتصادية والاجتماعية فى إطار السياسة العامة للدولة وخطتها القومية على أن يكون ذلك فى المشروعات التى تتطلب خبرات عالمية فى مجالات التطوير الحديثة أو تحتاج إلى رؤوس أموال أجنبية وفى نطاق القوائم التى تعدها الهيئة - ويعتمدها مجلس الوزراء وذلك فى المجالات الآتية........" وتنص المادة (25) على أن "تنشأ هيئة عامة عليها ويرأس مجلس إدارتها وزير الاقتصاد والتعاون الاقتصادى وتسمى الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة...... ويكون للهيئة شخصية اعتبارية ومجلس إدارة يصدر بتشكيله قرار من رئيس الجمهورية ويكون مجلس الإدارة هو السلطة المهيمنة على شئون الهيئة وتصريف أمورها ووضع السياسة العامة التى تسير عليها، وله أن يتخذ ما يراه لازماً من القرارات لتحقيق الغرض الذى قامت من أجله الهيئة.. ويتولى نائب رئيس مجلس الإدارة إدارة الهيئة وتصريف شئونها ويمثلها أمام القضاء وأمام الغير...... وتنص المادة (27) على أن "تقدم طلبات الاستثمار إلى الهيئة ويوضح فى الطلب المال المراد استثماره وطبيعته وسائر البيانات الأخرى التى من شأنها إيضاح كيان المشروع المقدم بشأنه الطلب ولمجلس إدارة الهيئة سلطة الموافقة على طلبات الاستثمار التى تقدم إليها وتسقط هذه الموافقة إذا لم يقم المستثمر باتخاذ خطوات جدية بتنفيذها خلال ستة أشهر من صدورها ما لم يقرر المجلس تجديدها للمدة التى يراها. "وتنص المادة 30 على أن لمجلس إدارة الهيئة أن ينشئ مناطق حرة عامة بعد موافقة مجلس الوزراء وذلك لإقامة المشروعات التى يرخص بها طبقاً لأحكام هذا القانون. وتكون لكل منطقة حرة عامة شخصية اعتبارية. ويحوز بقرار من مجلس إدارة الهيئة إنشاء مناطق حرة خاصة تكون مقصورة على مشروع واحد..." وتنص المادة (31) على أن "مجلس إدارة الهيئة هو السلطة العليا المهيمنة على شئون المناطق الحرة ويضع السياسات العامة التى تسير عليها وله أن يتخذ ما يراه لازماً من القرارات لتحقيق الغرض الذى تنشأ من أجله هذه المناطق. وذلك فى حدود هذا القانون وله على الأخص: (1)................
وتنص المادة (33) على أن "يتولى إدارة كل منطقة حرة عامة مجلس إدارة يصدر بتشكيله وتعيين رئيسه قرار من مجلس إدارة الهيئة ويختص مجلس إدارة المنطقة الحرة العامة بتنفيذ أحكام هذه القانون ولوائحه التنفيذية فى كل ما يتعلق بهذه المنطقة وله على الأخص ما يلي:
(1) الترخيص فى شغل الأراضى والعقارات أو استئجار عقارات مملوكة للغير بالمنطقة الحرة.
(2)..... "وتنص المادة (34) على أنه "يجب أن يتضمن الترخيص فى شغل المناطق الحرة أو أى منها بياناً بالأغراض التى منح من أجلها ومدة سريانه ومقدار الضمان المالى الذى يؤديه المرخص له. ولا يتمتع المرخص له بالإعفاءات أو المزايا المنصوص عليها فى هذا الفصل إلا فى حدود الأغراض المبينة فى ترخيصه. ويكون الترخيص بشغل المنطقة الحرة شخصياً ولا يجوز لمن صدر له الترخيص التنازل عنه كلياً أو جزئياً أو إشراك الغير فيه إلا بموافقة الجهة التى أصدرت الترخيص".
وتنص المادة (24) من قرار وزير الاقتصاد والتعاون الاقتصادى رقم 375 لسنة 1977 بإصدار اللائحة التنفيذية لقانون نظام استثمار المال العربى والأجنبى والمناطق الحرة على أنه "على المشروعات الموافق عليها من الهيئة الالتزام بالشروط والأهداف السياسية التى تضمنتها طلبات الاستثمار المقدمة منها والتى حصلت على الموافقة بناءاً عليها وفى حالة عدم الالتزام بالشروط أو الخروج على الأهداف المحددة فى الموافقة يعرض الأمر على مجلس الإدارة". وتنص المادة (25) على أنه "يتعين على المستثمر أن يقدم للهيئة سنوياً نسخة من الميزانية والحسابات الختامية مع تقرير مراقب الحسابات وصورة من التقرير السنوى عن نشاط المنشأة". وتنص المادة (53) على أنه "تقدم الطلبات الخاصة بمزاولة الأنشطة المصرح بمزاولتها فى المناطق الحرة العامة وذلك على النموذج الذى تعده الهيئة وتخطر الهيئة بالمشروعات الموافق عليها فور إقرارها وتعتبر نافذة إذا لم يعترض عليها وزير الاقتصاد والتعاون الاقتصادى خلال عشرة أيام من تاريخ وصول الإخطار. ولمجلس إدارة المنطقة إلغاء الموافقة إذا لم يتخذ المشروع خطوات تنفيذية جدية خلال ستة أشهر من تاريخ صدورها ويجوز لمجلس إدارة المنطقة لظروف يقدرها تجديد تلك الفترة للمدة التى يراها". وتنص المادة (55) على أن "يصدر نائب رئيس الهيئة أو رئيس مجلس الإدارة المختص بحسب الأحوال ترخيص مزاولة النشاط ويتضمن الترخيص تحديداً مفصلاً لأغراض المشروع والشكل القانونى ورأس المال وحدود الموقع ومدة سريان الترخيص ومقدار الضمان المالى الذى يؤديه المرخص له بما لا يقل عما يعادل ألف جنيه مصرى لمقابلة ما قد يستحق على هذه المنشآت من التزامات للجهات الحكومية". وتنص المادة (79) على أنه "على المنشآت جرد السلع المخزنة بمخازنها وكذلك الخامات الصناعية مرة واحدة سنوياً على الأقل مع إخطار مندوب الهيئة قبل الجرد بأسبوعين وموافاته بصورة من الجرد ونتيجته، كما يجوز للهيئة إجراء جرد مفاجئ لصنف أو مجموعة من الأصناف مرة واحدة خلال السنة أو إجراء جرد كلى كلما اقتضت الظروف ذلك". وتنص المادة (96) على أن "تلتزم المنشآت المرخص لها بمزاولة النشاط فى المناطق الحرة بالاحتفاظ لدى أحد البنوك المعتمدة فى جمهورية مصر العربية بحساب خاص بالعملة الأجنبية يعرف بحساب التشغيل وذلك بغية الدفع منه لسداد كافة المدفوعات المحلية المتعلقة بنشاط المرخص لهم فى المناطق الحرة. وتحدد الهيئة الحد الأدنى لرصيد هذا الحساب بما لا يقل عن مصروفات التشغيل لمدة شهر وعلى البنك الذى يحتفظ بهذا الحساب أن يحصل على تعهد من صاحب المشروع بعدم تجاوز مسحوباته هذا الحد إلا بموافقة الهيئة". وتنص المادة (98) على أن "تلتزم المنشآت المرخص لها بمزاولة النشاط فى المناطق الحرة بأن تقدم إلى الهيئة كل ستة شهور على النموذج المعد لذلك بياناً بالمصروفات المحلية للمنشأة خلال الفترة المذكورة على أن يرفق بالبيانات كشف من البنك المحلى المحتفظ لديه بحساب التشغيل لهذه المنشآت يوضح حركة هذا الحساب خلال نفس الفترة كما تلتزم المنشآت التى يصرح لها بفتح حساب النقد المحلى بتقديم هذه البيانات عن حركة هذا الحساب".
ومن حيث إن مفاد هذه النصوص أن القانون رقم 43 لسنة 1974 أناط بمجلس إدارة الهيئة الموافقة على إنشاء المشروع الاستثمارى وعلى إنشاء منطقة حرة خاصة للمشروع، وخول هذا المجلس إصدار القرارات اللازمة لذلك، الأمر الذى يسبغ عليه اختصاصاً أصيلاً سواء فى منح الترخيص ابتدءً أو مراقبة تنفيذه بعدئذ أو إلغائه انتهاء على أساس من الغرض الذى قام عليه المشروع الاستثمارى وفقاً للسياسة التى رسمتها الهيئة للاستثمار عامة وللمناطق الحرة خاصة تحقيقاً لأهداف التنمية فى إطار السياسة العامة للدولة وخطتها القومية. فكما أن لمجلس الإدارة حق إصدار الترخيص ابتداءً صدوراً عن تحقق مناطه فإن له أيضاً حق إلغاء هذا الترخيص انتهاءً تبعاً لتخلف هذا المناط، إذ حرص القانون رقم 43 لسنة 1974 سالف البيان فى المادة (25) منه على إطلاق سلطة مجلس الإدارة فى إصدار القرارات اللازمة لتحقيق أغراض الهيئة بصفة عامة، كما حرص فى المادة (31) على تخويله سلطة إصدار القرارات اللازمة لتحقيق الأغراض المستهدفة من المناطق الحرة بصفة خاصة، ومصداقاً لهذا قضت اللائحة التنفيذية له فى المادة 24 بأنه فى حالة عدم الالتزام بالشروط والأهداف السياسية التى تضمنها طلب الاستثمار وحصلت الموافقة بناءً عليها يعرض الأمر على مجلس الإدارة، وهذا العرض يستهدف منه بداهة النظر فى هذا الخروج وإصدار القرار اللازم حياله، وهو قرار قد يصل إلى حد إلغاء الترخيص برمته إذا ثبت أن المشروع الاستثمارى تنكب الأغراض المحددة له أو الأهداف المنشودة من الهيئة أو من المناطق الحرة بأن وقعت منه مخالفة أو مخالفات تأباها هذه الأغراض والأهداف كمناط للترخيص ابتداءً وبقاءً على نحو ما يقدره مجلس الإدارة دون حيف أو عسف، فلا يسوغ القول أن المشروع الاستثمارى - سواء رخص له فى منطقة حرة عامة أو خاصة - إذا تقررت الموافقة عليه من مجلس إدارة الهيئة يظل محتفظاً بهذه الموافقة وتبقى مستمرة أبداً له - ممتنعاً عليه إلغاؤها أو إسقاطها عنه مهما بلغ حجم خروجه عن الشروط والأغراض المرخص بها، ومهما رصد عليه وثبت ضده من إخلال خطير بالأوضاع والأهداف التى حصل بمقتضاها على الموافقة بإنشائه، فالمشروع الاستثمارى إنما يرخص به لضمان تحقيق مصلحة مشتركة للاقتصاد القومى وللمستثمر صاحب المشروع، مع حصوله بموجب الترخيص الصادر له على ضمانات كافية ضد المخاطر غير التجارية وحوافز مناسبة لتشجيع الاستثمار، ولكن ذلك لا يترتب عليه أن يتحول المشروع بمجرد الموافقة عليه إلى مشروع مستقل عن غرضه الذى أنشئ من أجله ومنقطع الصلة بالأهداف التى تغياها القانون من إقامة تلك المشروعات الاستثمارية فلا يتصور أن تكون الموافقة على المشروع موافقة نهائية لا تتيح لمجلس إدارة الهيئة - بحسبانه السلطة العليا المهيمنة على شئون المناطق الحرة والمختص بوضع السياسة العامة التى تسير عليها - سلطة مواجهة الإخلال من جانب المشروع الاستثمارى بأهداف إنشائه سواء بالخروج فى نشاطه عن هذه الأهداف أو فشله فشلاً ذريعاً فى تحقيقها أو عدم جديته تماماً فى الوفاء بأسبابها - وذلك عن طريق إلغاء أو إسقاط موافقة الهيئة على إنشاء المشروع وإلا غدا مجلس إدارة الهيئة عاجزا عن تفادى مثل هذا الموقف بما يشكله من إخلال بالمسيرة الاقتصادية وما قد يؤدى إليه من ضرب لسياسة التنمية واضطراب التوازن بين مصلحة الاقتصاد القومى ومصلحة صاحب المشروع على نحو يجعل المشروع متمتعاً بكل ما تتيحه له الموافقة عليه من مزايا وحوافز وضمانات ويضحى طليقاً من كل قيد فرضه القانون عليه لخدمة الاقتصاد القومى ومن ثم لا تتأتى عودة هذا التوازن إلا بالإقرار لمجلس إدارة الهيئة بممارسة مسئولياته القانونية التى لا يمكنه الوفاء بها إلا بتقرير حقه فى إلغاء أو إسقاط الموافقة على المشروع إذا تحقق مناط هذا الإلغاء أو الإسقاط وتوفر سببه.
ومن حيث إنه لا يغير مما تقدم أن القانون رقم 43 لسنة 1974 لم يقض فى المادة 27 بسقوط الموافقة على طلب الاستثمار إلا فى حالة عدم اتخاذ خطوات جدية بتنفيذها خلال ستة أشهر من صدورها ما لم يقرر مجلس الإدارة تجديدها للمدة التى يراها، لأن هذه المادة - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - تناولت حالة عدم تنفيذ الترخيص على هذا النحو وقررت سقوطه بما يتسق وعدم التنفيذ أصل، وبهذا لا تنبسط ولو دلالة إلى ما قد يعرض بعد التنفيذ من دواعى إلغاء الترخيص قانوناً، وعلى هذا فإن مجلس إدارة الهيئة يملك إلغاء الترخيص السابق صدوره بإنشاء المشروع الاستثمارى إذا ثبت ارتكابه مخالفة أو مخالفات للأغراض المحددة للمشروع أو للمنطقة الحرة وبالتالى لأهداف الهيئة فى مجال الاستثمار والمناطق الحرة، على أنه لا يكفى لإصدار هذا القرار بإلغاء الترخيص مجرد مخالفة المشروع لأية أحكام قانونية بصرف النظر عن مجالها، وإنما يلزم نيلها من ذات الاستثمار بما يناقض مبتغاه ممثلاً فى أغراض الهيئة عامة وأهداف المشروع أو المنطقة الحرة خاصة وذلك حتى تستوى المخالفة سبباً قانونياً فى مجال الاستثمار لطى مظلته وحسر مزيته، وهو ما يترخص مجلس الإدارة فى وزنه بمحض سلطته التقديرية التى لا معقب عليها إلا فى حالة إساءة استعمالها.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أنه بناءً على مجلس إدارة الهيئة العامة للاستثمار فى اجتماعها بتاريخ 29/ 2/ 1976 صدر ترخيص شغل رقم 3 لسنة 1980 لشركة كيب إنتر ناشيونال ليمتد بشغل مبنى المصنع النمطى الجاهز والواقع على المسطح رقم 2 بلوك بمساحة قدرها 2250 م2 بالمنطقة الحرة العامة بمدينة نصر وقد نصت المادة الأولى على أن الغرض من الترخيص هو شغل مبنى المصنع لمشروع الشركة، ونصت المادة (2) على أن يكون مقابل الانتفاع السنوى لمبنى المصنع المرخص به طبقاً للأسس التى أقرها مجلس إدارة الهيئة بالجلسة رقم 62 بتاريخ 29/ 4/ 1989، ونصت المادة الثالثة على أن يؤدى المرخص له تأميناً مالياً قدره ربع مقابل الانتفاع نقداً وذلك لتغطية الالتزامات الناشئة عن هذا الترخيص ويلتزم المرخص له باستكمال هذا التأمين عند انتقاصه بسبب ما قد يخصم منه من قبل المنطقة الحرة وذلك فى ظرف خمسة عشر يوماً من تاريخ إخطار الشركة بذلك وإلا جاز للمنطقة اعتبار هذا الترخيص لاغياً ويكون للمرخص الحق فى استرداد هذا التأمين عند إنتهاء الترخيص وتسليم المصنع لإدارة المنطقة بالحالة التى سلم بها مع أخذ الإهلاك العادى والتقادم فى الاعتبار، وتضمنت المادة (4) من الترخيص تحديد مدته من 15/ 3/ 1980 وتنتهى فى 22/ 11/ 2001 وهى الفترة المتبقية من ترخيص مباشرة النشاط الممنوح للشركة فى 23/ 11/ 1976 لمزاولة النشاط فى منطقة حرة خاصة، وتضمنت المادة (9) التزام المرخص له بالتأمين على المبانى والآلات والمعدات ضد جميع المخاطر على نفقته ويجب أن يظل التأمين سارياً حتى انتهاء مدة الترخيص وتنفيذ شروطه، على أن يكون التأمين على المبانى لصالح المنطقة الحرة العامة، وتضمنت المادة (10) بأنه يترتب على مخالفة أى شرط من شروط الترخيص اعتبار الترخيص لاغياً دون حاجة إلى تنبيه أو إنذار ولا يجوز للمرخص له إسترداد أى مبلغ يكون سدده من مقابل الانتفاع أو المطالبة بأى تعويض دون الإخلال بحق المنطقة فى إقتضاء التعويض من قيمة التأمين.
وإذ نسبت الهيئة إلى المشروع ارتكاب عدة مخالفات وبناءً على هذه المخالفات قرر مجلس إدارة الهيئة إلغاء الموافقة لمشروع الشركة، وباستعراض المخالفات المنسوبة للمشروع المشار إليه يبين أنها تتمثل فى عدم سداد أقساط مقابل الانتفاع للمبنى الجاهز حتى 14/ 6/ 1984 وعدم تقديم ضمان مالى بدلاً من الضمان الذى قامت المنطقة بتسييله سداداً لبعض من المستحقات السابقة للمنطقة وعدم الالتزام بحكم المادة 96 من اللائحة التنفيذية بشأن فتح حساب تشغيل بالعملة الأجنبية وعدم الالتزام بحكم المادة 98 من اللائحة التنفيذية بشأن تقديم كشوف تحليلية للمصروفات المحلية كل ستة أشهر وعدم الالتزام بحكم المادة 79 من اللائحة التنفيذية بشأن القيام بالجرد السنوى وعدم الالتزام بحكم المادة 80 من اللائحة التنفيذية بشأن تقديم صور من الميزانيات العمومية والحسابات الختامية وتكرار ارتداد الشيكات المقدمة من المشروع لدى إرسالها للبنك - وقد أرسلت الهيئة العديدة من المكاتبات للطاعن بصفته الممثل القانونى للشركة لاستيفاء المطلوب، وبتاريخ 31/ 8/ 1982 أرسل الممثل القانونى للشركة كتاباً إلى رئيس مجلس إدارة المنطقة الحرة طلب فيه المهلة الممنوحة له لمدة شهر لسداد الالتزامات المالية المستحقة على الشركة والإفراج عن الرسائل المعدة للتصدير وقد وافق رئيس إدارة المنطقة على طلبه، وتوالت كتب الهيئة لاستعجال المشروع لاستيفاء المطلوب وفى 12/ 5/ 1984 أرسل الممثل القانونى للشركة (الطاعن) كتاباً إلى مدير عام المتابعة بالهيئة العامة للاستثمار أشار فيه إلى أن الشركة سوف تقوم باستيفاء النواحى التنظيمية والمالية المنصوص عليها فى قانون الاستثمار والمناطق الحرة واللائحة التنفيذية، وقرر أنه سوف يجتمع بمجلس إدارة الشركة فى غضون شهر يونيو بعد عودة أعضاء مجلس الإدارة من الخارج لتحديد موقف الشركة وإخطار الهيئة بما سيتم فى الاجتماع. ورغم ذلك استمرت الشركة فى عدم تنفيذ المطلوب حتى عرض الأمر على مجلس إدارة المنطقة الحرة فى 2/ 8/ 1984 فأصدر قراره رقم 9/ 30/ 1984 بإنذار المشروع بسداد التزاماته المالية واستيفاء الإجراءات المالية والتنظيمية وذلك خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ إخطاره وتسقط بعدها الموافقة الصادرة له وقد تم إبلاغه بذلك فى 1/ 10/ 1984 ولكنه لم يتخذ أية خطوات تنفيذية لاستيفاء المطلوب حتى أعيد العرض على مجلس الإدارة الذى قرر إلغاء الموافقة الصادرة للمشروع.
ومن حيث إنه وقد خلت الأوراق مما يفيد المشروع بتلافى المخالفات المنسوبة إليه رغم تكرار مطالبة الهيئة له بذلك، كما لم يقدم طوال مراحل التقاضى ما يفيد قيامه بتسوية الأعمال المخالفة وعلاجها، وإنما اكتفى بإرجاع تلك المخالفات إلى ما قرره مجلس إدارة المنطقة الحرة بجلسته السابعة والعشرين المنعقدة بتاريخ 21/ 4/ 1983 بتجميد نشاط المشروع لحين تلافى المخالفات، وإذ لم تفصح الأوراق عن تنفيذ هذا القرار بتجميد النشاط على نحو يصل إلى إيقافه عن العمل ومنعه من مزاولة النشاط بما يؤدى إليه من حرمانه من استغلال المشروع وما ينتجه من دخل يستخدم لأداء التزاماته بل الثابت أن نشاط المشروع ظل قائماً وظلت الهيئة تحاول مساعدته ومساندته فى استمراره بالعمل الأمر الذى حدا بالممثل القانونى للشركة أن يرسل كتابه المؤرخ 12/ 5/ 1984 بأنه سوف يقوم باستيفاء المطلوب منه وسداد الالتزامات المالية فى 15/ 6/ 1984 وسوف يجتمع مجلس إدارة الشركة فور عودة أعضائه من الخارج لتحديد موقف الشركة بما يقطع باستمرار المشروع فى مزاولة نشاطه رغم قرار تجميده والذى يعد فى حقيقته مجرد إنذار للمشروع ضمن الإنذارات العديدة الموجهة إليه لحثه على تلافى المخالفات والتى يندرج معظمها كمخالفات لقانون الاستثمار مرتبطة بالغرض من قيام المشروعات الاستثمارية خاصة ما كان من تلك المخالفات متعلقاًَ بامتناع المشروع عن فتح حساب تشغيل بالعملة الأجنبية وما يرتبط به من ضمانة قررتها المادة 96 من اللائحة التنفيذية لسداد كافة المدفوعات المحلية المتعلقة بنشاط المرخص لهم فى المناطق الحرة، كذلك مخالفة نص المادة (98) بعدم تقديم بيان للهيئة كل ستة أشهر بالمصروفات المحلية للمنشأة وكشف بحركة حساب التشغيل خلال نفس الفترة، وعدم القيام بالجرد السنوى وتقديم صور من الميزانيات العمومية والحسابات الختامية وما يرتبط بذلك من نظام تحويل الأرباح للخارج ونسبة هذا التحويل، وانعكاس ذلك على مدى مساهمة المشروع الاستثمارى فى مجال خدمة الاقتصاد القومى والهدف من المشروع، هذا بالإضافة إلى عدم تقديم الضمان المالى فى حالة نقصانه وارتداد الشيكات من البنوك ومخالفة تصريح نص المادتين الثانية والعاشرة من ترخيص المشروع والتى تكفى بذاتها وأخذاً بصريح نصوصها لإلغاء الترخيص.
ومن حيث إنه إعمالاً لما تقدم ولثبوت المخالفات المنسوبة للمشروع بما تشكل - فى حدها الأدنى - تراجعاً أو نكوصاً عن توفير عناصر وجود المشروع واستمراره فى ممارسة نشاطه مما يعد إخلالا بالأغراض التى من أجلها يرخص للمشروعات الاستثمارية بمزاولة نشاطها فى المناطق الحرة ومن ثم يكون قرار مجلس إدارة المنطقة بإلغاء الموافقة على المشروع الصادر له الترخيص رقم 3 لسنة 1980 فى شغل المبنى المقام بالمنطقة الحرة العامة بمدينة نصر قائماً على صحيح سببه وعلى سنده من القانون دون عسف أو حيف، ويكون الطعن عليه على غير أساس حريا بالرفض، ومن ثم يضحى طلب التعويض عنه فى غير محله لعدم ثبوت الخطأ فى جانب جهة الإدارة، وهو ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه، ويكون الطعن على الحكم على غير أساس جديراً بالرفض.
وومن حيث إن من يخسر يُلزم بالمصروفات عملاً بحكم المادة (184) مرافعات.

فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا وألزمت الطاعن المصروفات.